المجموعة الخامسة:
س1: كم عدد آيات سورة الفاتحة؟ وهل تعدّ البسملة آية منها؟ وما موقفنا من اختلاف القرّاء في العدد؟
عدد آيات الفاتحة سبعة باجماع العلماء،لكن حصل اختلاف في عد البسملة آية من الفاتحة أو لا،فانقسموا الى قولين :
القول الاول :أن البسملة آية من الفاتحة وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس ،وهو القول المعتمد في العد المكي والعد الكوفي، واختاره الشافعي وأحمد في رواية عنه.
القول الثاني: أن البسملة ليست آية من الفاتحة ،وهو قول باقي أصحاب العدد ،وأبو حنيفة والأوزاعي ومالك ،وأحمد في رواية عنه.
وهؤلاء يعدون ( أنعمت عليهم ) رأس آية.
الصواب هو أن الخلاف في اعتبار البسملة آية من الفاتحة كالاختلاف في القراءات ،ومن اختار أحد القولين فهو كمن اختار احدى القراءاتين. فقد قال ابن الجزري رحمه الله في النشر : (والذي نعتقده أن كليهما صحيح،وأن كل ذلك حق ،فيكون الاختلاف فيهما كاختلاف القراءات).
س2: بيّن حِكمة الأمر بالاستعاذة من الشيطان الرجيم؟
الحكمة من الأمر بالاستعاذة من الشيطان الرجيم هي النجاة من شر الشيطان وكيده ،إذ قال تعالى : (وإماينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)
وقوله : (إنه عدو مضل مبين)
وقوله تعالى : ( قل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب،أن يحضرون)
فمن الحكمة الاستعاذة من الشيطان الرجيم عند بداية كل عمل مثل قراءة القرآن ،حتى لا يحول بين المرء والاستفادة مما قرأ.
س3: هل يٌجهر بالبسملة في الصلاة؟
مسألة الجهر بالبسملة في الصلاة أمر فيه خلاف بين الفقهاء ،وانقسموا الى اربعة أقوال في الجهر بها في الصلاة الجهرية.
القول الاول : يقرأ بها سرا ولا يقرأ بها جهرا
ولأحمد قول يستحب الجهر بالبسملة احيانا .
القول الثانى :لا يقرأ بها سرا ولا جهرا ،
وهو قول مالك وإحدى الروايتين عن الأوزاعي.
القول الثالث :يستحب أن يجهر بها وهو قول الشافعى.
القول الرابع :إن شاء جهر بها وإن شاء اسر بها .
والقول الراجح هو القول الاول وهو قول الجمهور
ودليله قول أنس بن مالك رضي الله عنه:( صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكانوا يستفتحون القراءة ب(الحمد لله رب العالمين ) لا يذكرون { بسم الله الرحمن الرحيم } في أول القراءة ولا في آخرها.
س4: ما المراد بيوم الدين؟ وما معنى الإضافة في قوله تعالى: ( مالك يوم الدين)
يوم الدين هو يوم القيامة دون خلاف بين المفسرين والدليل قوله تعالى المفسر لمراد يوم الدين (وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله)
وقال قتاده في تفسير مالك يوم الدين: يوم يدين الله العباد بأعمالهم.
أما معنى الإضافة في قوله تعالى: {مالك يوم الدين}؟
فالإضافة لها معنيان هما:
المعنى الاول:إضافة على معنى (في) أي هو المالك في يوم الدين ففي يوم الدين لا يملك أحد سواه شيئا.
المعنى الثانى :إضافة على معنى اللام أي هو المالك ليوم الدين.
وكلا اإضافتين تقتضيان الحصر،والأفضل الجمع بينهما.
س5: كيف يكون تحقيق الاستعانة؟
تتحقق الإستعانة بأمرين:
الأمر الاول : التضرع الى الله تعالى بصدق نية ،والايمان الجزم بأن الله هو المسؤول عن كل شيء وأنه لا يخفى عليه شيء أويعجزه.
الأمر الثاني : اتباع هدى الله تعالى ببذل الأسباب المشروعة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)رواه مسلم
س6: ما المراد بالمغضوب عليهم والضالين؟ وما الحكمة من تمييزهما بوصفين متلازمين؟
المراد بالمغضوب عليهم هم اليهود أما الضالين فهم النصاري
وفي ذلك نذكر حديث عدى بن حاتم الطائى عن النبى صل الله عليه وسلم قال(اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال)رواه أحمد.
وكما فى تفسير ابن كثير عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم، قال: (اليهود) ، قلت: الضالين؟ قال: (النصارى)
والحكمة من تمييزهما بوصفين متلازمين؟
لعدة وجوه هي كالتالي:
الاول: أن الله تعالى وسم كل طائفة بما تعرف به، حتى صارت كل صفة كالعلامة التي تعرف بها تلك الطائفة ،وهذا قول بن جرير .
الثاني :أن افعال اليهود من التعنت وقتل الانبياء والاعتداء عليهم اوجبت، عليهم غضبا خاصا، والنصارى ضلوا من أول كفرهم ،ولم يقع منهم ما وقع من اليهود ،وهذا قول بن عطيه .
الثالث :أن اليهود أخص بالغضب لأنهم أمة عناد ،والنصارى أخص بالضلال لأنهم أمة جهل ،وهذا كلام بن القيم وتبعه تلميذه ابن كثير رحمهما الله تعالى .
الرابع :هو أن من ترك العمل بالعلم استحق سلب نعمة الهداية، لانه قابل نعمة الله بما يغضب الله ،فاستحق غضب الله عليه كما فعلت اليهود.ومن اعرض عن العلم الذى جاء به من عند الله سبحانه وتعالى، وضل الطريق المستقيم ،وابتدع فى دين الله ،كما فعلت النصارى استحق الضلال .
س7: متى يقول المأموم "آمين"؟
فى حديثين عن النبى صلى الله عليه وسلم قال« إذا أمَّن الإمام فأمّنوا» ويفسرالحديث ،قوله صلى الله عليه وسلم: ( وإذا قال:{ ولا الضالين} فقولوا: آمين)
وقال أبو سليمان الخطابي: (وقوله: (إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين) معناه؛ قولوا مع الإمام حتى يقع تأمينكم وتأمينه معا.
وقال ابن رجب: (ويكون تأمين المأمومين مع تأمين الإمام، لا قبله ولا بعده )
وذهب بعض الفقهاء إلى أن المأموم يؤمن بعد تأمين الإمام تمسكا بظاهر لفظ "إذا أمّن الإمام فأمّنوا" ، وهو قول مرجوح ذكره ابن مفلح عن بعض أصحاب الإمام أحمد.
وهذا قول جمهور أهل العلم، يقولون إنّ المأموم يؤمّن إذا قال الإمام: {ولا الضالين} فيقع تأمين المأموم مع تأمين إمامه.
س8: ما هي الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لتفسير سورة الفاتحة؟
1- يستحب بدء كل عمل مندوب ( بالبسملة ) ،للتبريك والمصاحبة و السلامة من الوقوع في الخطأ او النقص ،واقتداء بالقرآن وبهديه صلى الله عليه وسلم.
2-الاستعانة بالله وحده عبادة تتحقق بالتجاء القلب الى الله وحده، مع استشعار عظمته و قدرته واتباع أوامره وتجنب نواهيه، مع الأخذ بالأسباب المشروعة لبلوغ المقاصد المشروعة ،وأن غير ذلك لا يصح.
3. بدء الدعاء ( وهو عبادة) بالحمد والثناء على الله وتمجيده بصدق واخلاص وخشوع وخضوع ادعى للإجابة ، سورة الفاتحة دعاء عظيم لا بد من اتيانه على الوجه المطلوب لتحقيق المسألة ،انطلاقا من الحديث القدسي: ( هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل).
4-استحضار معاني الآيات والتفاسير والمقاصد اثناء القراءة يعين على الخشوع في الصلاة وخارجها.
5. سؤال الله الهداية عامة، وهداية الذين أنعم عليهم خاصة من الأنبياء والشهداء و الصديقين.
6-طلب التثبيت من الله على الصراط المستقيم والعمل بالالتزام باتباع سبل اهله، والزيادة من فضله.
7-قراءة الفاتحة كرقية شرعية ،مع اليقين وصدق التوكل على الله والايمان بأن الله هو النافع الضار.أمر أقره النبي صلى الله عليه وسلم.
8-الحرص على الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم قبل البدء في قراءة القرآن، لقوله تعالى: ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم).
9-الاستعانة بالله في كل امور حياتنا وافضلها الاستعانة بالله على طاعة الله فلا يصيب الانسان فتنة أو غرور.
10-الحرص على الاهتمام بالعلم والعمل معا، لأن الهداية قائمة عليهما معا، فلا نغلو ولا نقصر فنصبح كاليهود والنصارى.
11-تطبيق ما جاء في هذه السورة من السنن في القراءة كالاستعاة و البسملة و المداومة على قراءتها كما يجب بالشكل الصحيح، لما لها من فضل عظيم في الصلاة وخارجها.