قناة عبد العزيز الداخل العلمية
#منتقى_السؤالات |أسئلة_العقيدة
السؤال: إذا كان طالب العلم يحاول أن يخلص نيته لله, لكنه أحيانا يكتب بحثا أو يحفظ متنا أو ما أشبه ذلك ابتغاء التقرب إلى شيخه و أن يصطفيه الشيخ بزيادة عناية على سائر الطلبة, فهل هذا يقدح في إخلاصه مع أن أصل نيته لله؟
الجواب: هذا سؤال مهم ، ومن الناس من يوفق فيه للمقاصد الحسنة، ومنهم من تنحرف نيته، ومنهم من يشوب نيته ما يشوبها من خفي الشرك.
فمن المقاصد الحسنة: أن يجوّد بحثه ليستدل بإعجاب معلّمه به على إتقانه ، أو ليدخل السرور على نفس معلّمه بأن تلميذه قد أحسن تعلّم ما ألقاه إليه، ونحو ذلك من المقاصد الحسنة لا تقدح في الإخلاص بل هي إما مما يحتاجه طالب العلم ليتبيّن له حسن تحصيله من عدمه، وإما من المقاصد التي يثاب عليها العبد ثواباً إضافيا على ثواب أصل العمل.
وعلى هذا يحمل قول أبي موسى الأشعري رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم لما أبلغه أنه استمع إلى تلاوته: (لو علمت لحبرته لك تحبيراً) رواه أبو يعلى وابن حبان والبيهقي وأصله في صحيح مسلم.
فإن إدخال السرور على نفس النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم ما يُتقرب به إلى الله تعالى، وقال رضي الله عنه نحو هذا القول لأمهات المؤمنين لما علم أنهن يستمعن إلى تلاوته، ويحمل على نيّة التشويق للقرآن، كما صح عنه أنه قال: (ولشوّقت تشويقا).
وكذلك كان ابن عباس يتحرى إحسان الإجابة؛ فإذا رأى أنها أعجبت عمر كان ذلك أطيب لنفسه وأشرح لصدره، وإذا رأى أنها لم تعجبه اغتم لذلك حتى ربما عاده بعض أهله يظنونه مريضاً.
وهذا لأجل استدلاله بموافقة عمر على صواب قوله، وزيادة مبلغه من العلم، وليس لأجل مراءاة عمر وطلب إعجابه المجرد أو لينال به عرضا من الدنيا كما يفعله المنافقون.
فالحاصل أن تعدد المقاصد الحسنة في العمل الواحد مما يضاعف الله بها المثوبة ويرفع به الدرجة.
وأما من كانت نيته لأجل أن يثني عليه شيخه فيترفع بذلك على أقرانه أو لأجل أن يصرف وجوه الناس إليه ، أو لينال بذلك عرضا من الدنيا ؛ ونحو ذلك من المقاصد المذمومة فهذا مما اشتد النهي عنه في النصوص وورد فيه الوعيد الشديد.
فأصحاب المقام الأول من أهل الإحسان، وأصحاب المقام الثاني من أهلها الإساءة، وبينهما مخلّطون.