حل المجلس الثالث عشرالجزء الثانى من دورة مسائل الإيمان بالقرآن
السؤال العام : بيّن ما استفدّته من خبر محنة الإمام أحمد
1- من أسباب الفتن الجهل بالقران والسنة والانشغال بعلم الكلام والاخذ عن المبتدعة واهل الضلال .
2-المحن والابتلاءات من سنن الله تعالى في العباد؛ليميز الخبيث من الطيب .
3-الصبر والثبات من اهل الفضل والعلم عامل قوى لثبات الدعاةوالشباب عند الازمات
4-كلما زاد نصيب العبد من العلم النافع والعمل الصالح كلما ازداد ثباته ويقينه- بعد فضل الله تعالى – عند الفتن والشدائد.
س1: ما سبب تصريح أهل السنة بأنّ القرآن غير مخلوق؟
هو وقوع البعض من أهل الأهواء في القول بخلق القرآن ،وفتنتهم لعامة الناس وبعض الولاة والقضاه بذلك ، فبسبب هذه الفتنة صرح أهل السنة بأن القرآن كلام الله غير مخلوق ،بعد ما كانوا يكتفون بقولهم أنه كلام الله ،فزادوا "أنه غير مخلوق " بياناً للحق ودفعاً للبس .
-قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (لم يقل أحد من السلف :إن القرآن مخلوق أو قديم ،بل الآثار
متواترة عنهم بأنهم يقولون :القرآن كلام الله ،ولما ظهر من قال إنه مخلوق قالوا :رداً لكلامه إنه غير مخلوق.)
إنكارهم على من توقف في فتنة كون القرآن مخلوق أو غير مخلوق ،وعدوه واقفياً وهجروه؛لان من أصول الإيمان بالقرآن إعتقاد أنه كلام الله تعالى غير مخلوق ،وكلام الله صفة من صفاته ،وصفات الله تعالى غير مخلوقة.
-قال أبو داوود السجستيانى:سمعت أحمد يُسأل:هل لهم رخصة أن يقول الرجل القرآن كلام الله ثم يسكت ؟ فقال:ولِمَ يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس يسعه السكوت ،ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأى شيءلايتكلمون!!
س2: اعرض بإيجاز أقوال الفرق المخالفة لأهل السنة في القرآن ؟
من المسائل المهمة التي ينبغي لطالب العلم الاهتمام بها مسألة الكلام والقرآن، وما قيل فيها من أقوال للفرق التي ضلت و خالفت أهل السنة، وما تبع ذلك من فتن ومحن عظيمة ،ليكون على بينة ولا يغتر بأقوال هؤلاء المخالفين؛ والذين من أشهرهم الفرق الآتية:-
** الرافضة:- وهم فرق كثيرة:
منهم من قال: القرآن محرف ؛وهم الاثنى عشرية.
ومنهم من قال: القرآن ناقص ؛سقط منه فضائل على ّوإمامته ،وأن علىّ انفرد بجمعه وما لدى الناس قليل بالنسبة لما جمعه.
ومنهم من قال : إن القرآن له ظاهر يعلمه عامة الناس ، وباطن لايعلمه إلا أئمتهم وبعض معظميهم.
أتباع :جهم ابن صفوان ؛ قالوا بخلق القرآن لانكارهم صفة الكلام لله تعالى،وانكارهم لجميع الصفات والاسماء. وهم ايضاً كفار بإجماع السلف.
زعموا: أن كلام الله مخلوق ، منفصل عنه وأنه إذا شاء أن يتكلم خلق كلاماً في بعض الاجسام يسمعه من يشاء ،لذلك قالوا:بخلق القرآن. وهم كفار بالجماع.
أتباع :زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب ، الذى تتلمذ على يد واصل بن عطاء المعتزلى- وانكر ذلك ابن الوزير- وأكثر النقل عن أئمة الزيدية أنهم ينكرون القول بخلق القرآن .
هم اتباع محمد بن كُرّام :زعموا أن كلام الله تعالى حادث بعد أن لم يكن ،وأن الله كان ممتنع عنه الكلام لامتناع حوادث لا أول لها عندهم ،ثم حدث له صفة الكلام .
** الأشاعرة والماتردية والكُلّابية:-
زعموا :أن كلام الله هو المعنى النفسى القائم بالله تعالى ،وأنه قديم بقدمه ،وأنه ليس بحرف ولا بصوت ولا يتعلق بالقدرة ولا المشيئة ،ولا يتجزأ ولا يتبعض ولايتفاضل، وأول من زعم ذلك ابن كُلاب البصر
س3: عدد مما درست من امتحن من أهل الحديث في مسألة خلق القرآن مبيّنا أنواع الأذى الذي لحق بهم.
اُمتحن العلماء من أهل السنة في زمن المأمون ،عندما أرسل إلى الولاة بامتحانهم في القول بخلق القرآن ؛فمن يرفض منهم يهدد بالعزل أو الحبس أو القتل ، فمنهم من ثبت ومنهم من خاف وهاب فأجاب .
وأول من اُمتحن و ثبت : 1- غفار بن مسلم الصفّار:
وهو شيخ الإمام أحمد ،كان كبير السن فقير،يُصرف له من بيت المال فلما دُعى إلى هذه الفتنة أبى وثبت فمنع عنه ما كان يُصرف له من بيت المال .
الناسك العابد، كان يُعرف في دمشق باهتمامه بتزكية النفس والسلوك ،وعالما بحال العباد والزهاد،وكان أمير دمشق يحبه ويجله ويرفق به في فتنة المأمون ،لذلك لما رفض أحمد القول بخلق القرآن سجنه بدار الحجارة ،ثم احضرله زوجته وأولاده ليبكوا له حتى يرجع عن رأيه ،وقال له:قل ما في القرآن من الجبال والشجرمخلوق فأجاب على هذا ،وكتب امير دمشق بإجابته الى المأمون .
3-أبو مسهر عبد الأعلى الغسّانى:
قاضى دمشق ،ومن شيوخ الإمام أحمد ،موصوف بالعلم والفقه ،أُدخل على المأمون وبين يديه رجل مقطوع الرأس ليرهبه به؛فقال له المأمون :ما تقول في القرآن ؟ قال : كما قال الله تعالى:(وإن أحدٌ من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ) فأخذ المأمون يجادله على طريقة المعتزله ،فأبى أبو مسهر أن يجيبه الى ما قال ،فدعا المأمون بالنطع والسيف فلما رأى ذلك أجابه مترخصاً برخصة الإكراه ،لكن رفض المأمون إجابته وأمر بحبسه ببغداد ،فلم يلبس إلا قليلا حتى مات في حبسه سنة 218هـ .
اُمتحن هو ومحمد بن نوح ومعهم جماعة من أهل الحديث فأجابوا جميعاً مصانعةًوترخصاً بالإكراه لقوله تعالى(إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان) إلا الإمام أحمد ومحمد بن نوح رفضا ان يقولا بخلق القرآن ،حتى أمر المأمون أن يحملا إليه فحملا مقيدين إلى الانبار ،فلما وصلا الرقة حبسا فيها حتى يقدم المأمون .
ودخل عليه في الحبس كبار أهل الحديث فجعلوا يذكرونه باحاديث التُقية ،فقال :فكيف تصنعون بحديث خباب:(( إن من كان قبلكم كان يُنشر أحدهم بالمنشار ثم لا يصده ذلك عن دينه)) حتى يئسوا منه .
ولما اشتد اسرار المأمون على اجبار الامام احمد وصاحبه بالقول بخلق القرآن حين قال:"وقرابتى من رسول الله صلى الله عليه وسلم لادافعت عن أحمد وصاحبه حتى يقولا القرآن مخلوق "؛ فبرك الامام أحمد على ركبتيه ورفع بصره إلى السماء وقال :" يا سيدى غرّهذا الفاجر حلمك ،حتى تجرأعلى أوليائك بالضرب والقتل ،اللهم فإن يكن القرآن كلامك غيرمخلوق فاكفنا مؤونته"
فما مضى ثلث الليل الأول حتى سمعوا صيحة وضجة وإذا رجاء الحضارى قد أقبل وقال " صدقت يا أبا عبد الله القرآن غير مخلوق، مات والله أمير المؤمنين"