ومِن أسمائِه تَعَالَى القديرُ والعزيزُ ، والقُدرةُ صفتُه وقُدرتُه تَعَالَى شامِلةٌ لكلِّ شيءٍ ، كما قَالَ :{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
والعِزَّةُ صفةٌُ ثابتةٌ لِلَّهِ لا تُماثِلُها عِزَّةُ مخلوقٍ .
ومعنى العزَّةِ في اللُّغَةِ : القوَّةُ والغَلَبةُ والامتِناعُ .
يُقالُ :"عَزَّ يَعَُِزُّ بالفتحِ في المضارعِ إذا اشتدَّ وقَوِيَ ، وبالكسرِ في المضارعِ إذا قَوِي وامتنَعَ ، وبالضمِّ إذا غَلَبَ وقَهَرَ" .
فالعزَّةُ تتضمَّنُ القُوَّةَ . ولِلَّهِ القُوَّةُ جميعاً .
يُقالُ : عَزَّ يَعَزُّ بالفتحِ إذا اشتدَّ وقَوِيَ ، ومنه الأرضُ العِزازُ الصُّلْبةُ الشَّديدةُ . وعَزَّ يَعِزُّ بكسرِ العَينِ إذا امتنَعَ ممَّن يَرومُه ، وعَزَّ يَعُزُّ بضمِّ العَينِ إذا غَلَبَ وقَهَرَ ، فأعْطَوْا أقوَى الحركاتِ وهي الضمَّةُ ، لأقوى المعاني وهو الغلَبةُ والقهْرُ للغيْرِ ، وأضعَفَها وهي الفتحةُ لأضعفِ المعاني ، وهو كونُ الشَّيءِ في نفْسِه صُلْباً ، ولا يلْزَمُ مِن ذلك أنْ يمتَنِعَ عمَّن يَرومُه ، والحركةَ المتوسِّطةَ وهي الكسرةُ للمعنى المتوسِّطِ ، وهو القويُّ الممتنِعُ عن غيرِه ، ولا يلْزَمُ منه أنْ يَقْهَرَ غيرَه ويغْلِبَه . فأعْطَوُا الأقوى للأقوى ، والأضْعفَ للأضْعفِ ، والمتوسِّطَ للمتوسِّطِ .
ولا ريبَ أنَّ قَهْرَ المَربُوبِ عمَّا يريدُه مِن أقوى أوصافِ القادِرِ . فإنَّ قهْرَه عن إرادَتِه وجعْلَه غيرَ مُريدٍ كان أقوى أنواعِ القَهْرِ ،
والعِزُّ ضِدُّ الذُّلِّ ؛ والذُّلُّ أصْلُه الضَّعفُ والعجزُ ؛ فالعِزُّ يقتضي كمالَ القُدرةِ ؛ ولهذا يُوصفُ به المؤمنُ ؛ ولا يكونُ ذمًّا له بخلافِ الكِبْرِ .
قَالَ رجلٌ للحَسَنِ البَصْريِّ : إنَّكَ متكبِّرٌ ! فَقَالَ : لستُ بمتكبِّرٍ ، ولكنِّي عزيزٌ ،
وقَالَ ابنُ مسعودٍ : ما زِلْنا أعِزَّةً منذُ أسْلَمَ عُمَرُ ,
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ : عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ أَوْ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ "
وفي بعضِ الآثارِ : إن النَّاسَ يطلبُونَ العِزَّةَ في أبوابِ الملوكِ ولا يَجِدونَها إلا في طاعةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ وفي الحديثِ : " اللَّهُمَّ أَعِزَّنَا بِطَاعَتِكَ ، وَلاَ تُذِلَّنَا بِمَعْصِيَتِكَ "
وقَالَ بعضُهم : مَن أرادَ عِزًّا بلا سلطانٍ ، وكَنْزاً بلا عَشيرةٍ ؛ وغِنًى بلا مالٍ ، فلينتَقِلْ مِن ذُلِّ المَعْصيةِ إلى عِزِّ الطَّاعةِ . فالعِزَّةُ مِن جِنْسِ القُوَّةِ .
وقد ثَبَتَ في الصَّحيحِ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : " الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ"