دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الجنائز

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 ذو القعدة 1429هـ/22-11-2008م, 06:01 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي ما يسن عمله للمحتضر

وإذا نَزَلَ به سُنَّ تَعاهُدُ بَلِّ حَلْقِه بماءٍ أو شَرابٍ وتُنَدَّى شَفتَيْهِ بقُطْنَةٍ وتَلْقِينُه " لا إلهَ إلا اللهُ " مَرَّةً ولم يَزِدْ على ثلاثٍ إلا أن يَتَكَلَّمَ بعدَه فيُعيدَ تَلقينَه برِفْقٍ، ويَقرأُ عندَه ( يس ) ويُوَجِّهُه إلى القِبلةِ.


  #2  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 08:37 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

..................

  #3  
قديم 25 ذو القعدة 1429هـ/23-11-2008م, 08:38 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(وَإِذَا نَزَلَ بِهِ)؛ أي: نَزَلَ بهِ المَلَكُ لقَبْضِ رُوحِه, (سُنَّ تَعَاهُدُ) أَرْفَقِ أَهْلِه وأَتْقَاهُم لرَبِّه (ببَلِّ حَلْقِهِ بمَاءٍ أو شَرَابٍ وتَنَدِّي شَفَتَيْهِ) بقُطْنَةٍ؛ لأنَّ ذلكَ يُطْفِئُ مَا نزَلَ به مِن الشِّدَّةِ, ويُسَهِّلُ عليهِ النُّطْقَ بالشَّهَادَةِ، (وتَلْقِينِه لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)؛لقَوْلِه عليه السَّلامُ: ((لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَن أَبِي سَعِيدٍ. (مَرَّةً, ولَم يَزِدْ علَى ثَلاثٍ)؛ لئَلاَّ يُضْجِرَه, (إلاَّ أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ, فيُعِيدُ تَلْقِينَهُ) إلى ثَلاثٍ؛ ليَكُونَ آخِرَ كَلامِه: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، ويَكُونُ (برِفْقٍ)؛ أي: بلُطْفٍ ومُدَارَاةٍ؛ لأنَّه مَطْلُوبٌ في كُلِّ مَوْضِعٍ, فهنا أَوْلَى.
(ويَقْرَأُ عِنْدَهُ) سُورَةَ (يس)؛ لقَوْلِه عليه السَّلامُ: ((اقْرَؤُوا عَلَى مَوْتَاكُم سُورَةَ يس)) رواهُ أَبُو دَاوُدَ.
ولأنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ، ويَقْرَأُ عندَهُ الفَاتِحَةَ، (ويُوَجِّهُه إلى القِبْلَةِ)؛ لقَوْلِه عليهِ السَّلامُ عَن البَيْتِ الحَرَامِ: ((قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وأَمْوَاتاً)) رواهُ أَبُو دَاوُدَ. وعَلَى جَنْبِه الأَيْمَنِ أَفْضَلُ إن كانَ المَكَانُ وَاسِعاً, وإلاَّ فعَلَى ظَهْرِه مُسْتَلْقِياً, ورِجْلاهُ إلَى القِبْلَةِ قَلِيلاً، ويَرْفَعُ رَأْسَهُ؛ ليَصِيرَ وَجْهُهُ إلى القِبْلَةِ.


  #4  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 09:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وإذا نُزل به) أي نزل به ملك الموت لقبض روحه([1])(سن تعاهد) أرفق أهله وأتقاهم لربه بـ(بل حلقه بماءٍ أو شراب([2]) وندي شفتيه) بقطنة([3]) لأن ذلك يطفئُ ما نزل به من الشدة([4]) ويسهل عليه النطق بالشهادة([5]) (ولقنه لا إله إلا الله)([6]).
لقوله عليه السلام ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)) رواه مسلم عن أبي سعيد([7]) (مرة، ولم يزد على ثلاث) لئلا يضجره([8]).
(إلا أن يتكلم بعده فيعيد تلقينه) ليكون آخر كلامه لا إله إلا الله([9]) ويكون (برفق) أي بلطف ومداراة([10]) لأنه مطلوب في كل موضع، فهنا أولى([11]) (ويقرأُ عنده) سورة (يس)([12]) لقوله عليه السلام ((اقرؤا على موتاكم سورة يس)) رواه أبو داود([13]).
ولأَنه يسهل خروج الروح([14]) ويقرأُ عنده أيضًا الفاتحة([15]) (ويوجهه إلى القبلة)([16]) لقوله عليه السلام عن البيت الحرام ((أَحياءً وأَمواتًا)) رواه أبو داود([17]) وعلى جنبه الأّيمن أَفضل إن كان المكان واسعًا([18]) وإلا فعلى ظهره مستلقيًا، ورجلاه إلى القبلة([19]).
ويرفع رأسه قليلاً، ليصير وجهه إلى القبلة([20])



([1]) وأيس من حياته، وظهر عليه علامات الموت، وخروج الروح، والروح هنا في النفس الناطقة المستعدة للبيان، وفهم الخطاب، ولا تفني بفناء الجسد.
([2]) أي تعاهد ورعاية ألطف أهله، من والد وولد وقريب، وأتقاهم وأحناهم، وأعرفهم بمداراة المريض، فيجرع الماء أو الشراب ندبًا، بل وجوبًا إن ظهرت أمارة تدل على احتياجه له، كأن يهش إذا فعل به ذلك، لأن العطش يغلب حينئذ، لشدة النزع، وأجمع العلماء على وجوب الحضور عنده، لتذكيره وتأنيسه، وتغميضه والقيام بحقوقه، ويستحب لأهل المريض ومن يخدمه الرفقُ به، واحتمال الصبر على ما يشق من أمره، وكذا من قرب موته بسبب حد أو قصاص أو نحوهما، لقوله عليه الصلاة والسلام لولي التي زنت «أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها».
([3]) أي بل شفتيه عند نشافهما بقطنة.
([4]) أي لأن تعاهد بل حلقه وشفتيه يبرد ما نل به من شدة النزع، قال في الإنصاف: بلا نزاع.
([5]) لأن تعاهده بذلك يسهل عليه التلفظ بلا إله إلا الله.
([6]) أي ويسن إجماعًا لقنه، بفتح فسكون، يعني أي تذكيره عند الاحتضار بكلمة الإخلاص ليموت عليها فتنفعه بحصول ما وعده الله عليها، ولأن تلك الحالة يتعرض فيها الشيطان لإفساد اعتقاد الإنسان، فيحتاج إلى مذكر له ومنبه على التوحيد، ولفعله صلى الله عليه وسلم، والمراد ختم كلامه بلا إله إلا الله،
فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا أنجاه الله من النار، وروي من حديث عطاء عن أبيه عن جده «من لقن عند الموت لا إله إلا الله. دخل الجنة»، واقتصر عليها لأنه يلزم من قولها الاعتراف بأن محمدًا رسول الله.
([7]) ورواه أحمد وأهل السنن، ولمسلم عن أبي هريرة بمثل حديث أبي سعيد، وصرح المناوي وغيره بتواتره، والتلقين سنة مأثورة لهذا الخبر وغيره، عمل بها المسلمون، وأجمعوا عليها، وعلى جميع القيام بحقوقه، وعن معاذ مرفوعًا «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» رواه أحمد وغيره، ولمسلم «من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة» وله أيضًا: «ما من عبد قال: لا إله إلا الله؛ ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنة» وروى غيره نحو ذلك من طرق كثيرة، وروى سعيد عن معاذ بن جبل مرفوعًا «من كان آخر قوله عند الموت: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له. هدمت ما كان قبلها من الخطايا والذنوب، فلقنوها موتاكم» فقيل: فكيف هي للأحياء؟ قال «أهدم وأهدم» واستفاض من غير وجه في الصحيحين وغيرهما، أن قول لا إله إلا الله من موجبات دخول الجنة، من غير تقييد بحال الموت، فبالأولى أن توجب ذلك إذا كان في وقت لا تعقبه معصية، وقوله «موتاكم» أي من قرب منه الموت، سماه ميتًا باعتبار ما يؤول إليه، كقوله «من قتل له قتيل».
([8]) ولا يقال له: قل، بل يتشهده عنده، ولا يكثر التكرار، وكره أهل العلم الإكثار عليه، والموالاة، لئلا يضجره، فيقول: لا أقول. أو يتكلم بغيرها مما لا يليق، لضيق حاله، وشدة كربه، أو يكره ذلك بقلبه، وقال ابن المبارك مع ورعه لمن أكثر عليه: إذا قلت مرة فأنا على ذلك ما لم أتكلم. والجمهور على تلقينه مرة، وذكره في الفروع اتفاقًا.
([9]) وتقدم «أن من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» وكذا إن لم يجب أعاد تلقينه، ليكون آخر كلامه الشهادة، وفي قصة وفاة أبي طالب: فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه.
([10]) لئلا ينفر، ذكره النووي وغيره إجماعًا.
([11]) أي اللطف والمداراة لما نزل به، ويسره برفق، لأنه مشغول بما هو فيه، فربما حصل له التأذي به إذا كان بعنف، وينبغي أن لا يلقنه من يتهمه، لكونه وارثًا، أو عدوًا أو حاسدًا ونحوهم، واستحب الشيخ وغيره تطهير ثيابه قبل موته.
([12]) بسكون النون على الحكاية، واستحب شيخ الإسلام وغيره قراءتها عند المحتضر.
([13]) ورواه ابن ماجه، وصححه ابن حبان، وقال: أراد من حضرته المنية، لا أن الميت يقرأ عليه كذلك. وذكر ابن القيم رواية «عند موتاكم» أي من حضره الموت منهم، لأن الميت لا يقرأ عليه، وقال الشيخ: القراءة على الميت بعد موته بدعة، بخلاف القراءة على المحتضر، فإنها تستحب بـ(يس) وقيل: الحكمة في قراءتها اشتمالها على أحوال القيامة وأهوالها، وتغير الدنيا وزوالها، ونعيم الجنة وعذاب جهنم، فيتذكر بقراءتها تلك الأحوال الموجبة للثبات، قال الشيخ: وعرض الأديان عند الموت، ليس عامًا لكل أحد، ولا منفيًا عن كل أحد، بل من الناس من تعرض عليه الأديان، ومنهم من لا تعرض عليه، وذلك كله من فتنة المحيا، والشطيان أحرص ما يكون على إغواء بني آدم وقت الموت.
([14]) أي لأن قراءة (يس) عند المحتضر يسهل عليه خروج الروح، لما فيها من ذكر تغير الدنيا، وزوالها وغير ذلك.
([15]) لفضلها، و{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}لفضلها أيضًا، وورد أنها المنجية من عذاب القبر. وقال أحمد: يقرأ عند الميت إذا حضر، ليخفف عنه بالقرآن.
([16]) قبل النزول به وتيقن موته، لأنه الذي عليه الناس، خلفًا عن سلف، وقال بعضهم: لا يوجه قبل النزول به، وتيقن موته، وبعد تيقن الموت يوجه إجماعًا.
([17]) ولحديث أبي قتادة أخرجه البيهقي وغيره، وأوضح منه قصة البراء بن معرور في إيصائه أن يوجه إلى القبلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أصاب السنة)) رواه الحاكم والبيهقي وغيرهما، وروي عن حذيفة أنه أمر أصحابه عند موته أن يوجهوه إلى القبلة، وكذا روي عن فاطمة وغيرها.
([18]) أي لتوجيهه على جنبه، للأدلة على توسد اليمين عند النوم، فإنه ينبغي أن يكون المحتضر كذلك، وهو مذهب الجمهور مالك وأبي حنيفة ووجه للشافعية.
([19]) أي وإن لم يكن المكان واسعًا لتوجيهه على جنبه، بل ضاق عن ذلك، فعلى ظهره مستلقيًا، ورجلاه إلى القبلة، كوضعه على مغتسله، وعنه: يوجه مستلقيًا على قفاه، سواء كان المكان واسعًا أو ضيقًا، اختاره أكثر أصحاب الأئمة وغيرهم، لأنه أيسر لخروج الروح، ولتغميضه، وشد لحييه، وأمنع من تقويس أعضائه، قال الموفق وغيره: ويحتمل أن يجعل على ظهر بكل حال.
([20]) دون السماء، قاله جماعة، ولعله ما لم يشق.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 11:44 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَإِذَا نُزِلَ بِهِ سُنَّ تَعَاهُدُ بَلِّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ،............
قوله: «وإذا نزل به» ، أي: نزل به الملك لقبض روحه، والملك الذي يقبض الروح هو ملك واحد يسمى «ملك الموت» لقوله تعالى: {قُلْ يَتَوفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ}[السجدة: 11] ، وتسميته (عزرائيل) لم تثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما هي من أخبار بني إسرائيل، ولم يثبت من أسماء الملائكة إلا خمسة أسماء، وهي: جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، ومالك، ورضوان، فهذه هي الأسماء الثابتة فيمن يتولون أعمال العباد، فأما (منكر ونكير) اللّذان يسألان الميت في قبره، فقد أنكرهما كثير من أهل العلم، ولكن وردت فيهما آثار.
والمهم: أن ملك الموت لا يسمى عزرائيل؛ لأنه لم يثبت عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهذا من الأمور الغيبية التي يتوقف إثباتها ونفيها على ما ورد به الشرع.
ثم إن ملك الموت له أعوان يعينونه على إخراج الروح من الجسد حتى يوصلوها إلى الحلقوم، فإذا أوصلوها إلى الحلقوم قبضها ملك الموت، وقد أضاف الله تعالى الوفاة إلى نفسه، وإلى رسله أي: الملائكة، وإلى ملك واحد، فقال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] ، وأضافها إلى ملك واحد في قوله تعالى: {قُلْ يَتَوفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: 11] ، وإلى الملائكة في قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ}[الأنعام: 61] ، ولا معارضة بين هذه الآيات، فأضافه الله إلى نفسه؛ لأنه واقع بأمره، وأضافه إلى الملائكة؛ لأنهم أعوان لملك الموت، وأضافه إلى ملك الموت؛ لأنه هو الذي تولى قبضها من البدن.
قوله: «سُنَّ تعاهد بلّ حلقه بماء أو شراب» ، أي: يسن أن يتعاهد الإِنسان بلَّ حلق المحتضَر بماء أو شراب، ولكن ليس بالماء الكثير؛ لأن الماء الكثير ربما يشرقه ويتضرر به، ولكن بماء قليل نقط تنقط بحلقه، وذلك من أجل أن يسهل عليه النطق بالشهادة؛ لأن المقام مقام رأفة بهذا المريض الذي بين يديك، فاسلك كل طريق يكون به أرفق.
وقول المؤلف: «بماء أو شراب» الماء معروف، والشراب: ما سوى الماء مثل العصير أو شبهه، المهم الشيء الذي يصل إلى حلقه ويبلّه.

وَتندَّى شَفَتَاه بِقُطْنَةٍ وَتَلْقِينُهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ مَرَّةً ............
قوله: «وتندّى شفتاه بقطنة» ، أي: أن الحاضر ينبغي له مع تنقيط الماء في حلق المحتضَر أن يندي شفتيه بقطنة؛ لأن الشفة يابسة، والحلق يابس فيحتاجان إلى تندية.
قوله: «وتلقينه لا إله إلا الله مرة» ، أي: تعليمه إياها كما يلقن التلميذ.
وهل يقولها بلفظ الأمر، فيقول: قل: «لا إله إلا الله» أو يقولها بدون لفظ الأمر بأن يذكر الله عنده حتى يسمعه؟
الجواب: ينبغي في هذا أن ينظر إلى حال المريض، فإن كان المريض قوياً يتحمل، أو كان كافراً فإنه يؤمر فيقال: قل: لا إله إلا الله، اختم حياتك بلا إله إلا الله، وما أشبه ذلك.
وإن كان مسلماً ضعيفاً فإنه لا يؤمر، وإنما يذكر الله عنده حتى يسمع فيتذكر، وهذا التفصيل مأخوذ من الأثر، والنظر..
- أما الأثر: فلأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((أمر عمه أبا طالب عند وفاته أن يقول: لا إله إلا الله، قال: يا عم قل: لا إله إلا الله)).
- وأما النظر: فلأنه إن قالها فهو خير، وإن لم يقلها فهو كافر، فلو فرض أنه ضاق صدره بهذا الأمر ولم يقلها فهو باق على حاله لم يؤثر عليه شيئاً، وكذا إذا كان مسلماً وهو ممن يتحمل فإن أمرناه بها لا يؤثر عليه، وإن كان ضعيفاً فإن أمرناه بها ربما يحصل به رد فعل بحيث يضيق صدره، ويغضب فينكر وهو في حال فِراق الدنيا، فبعض الناس في حال الصحة إذا قلت له قل: لا إله إلا الله، قال: لن أقول: لا إله إلا الله، فعند الغضب يغضب بعض الناس حتى ينسى، فيقول: لا أقول: لا إله إلا الله، فما بالك بهذه الحال؟
قوله: «تلقينه لا إله إلا الله» ولم يقل: محمداً رسول الله؛ لأن هذا هو الذي ورد فيه الحديث: ((لقّنوا موتاكم لا إله إلا الله))، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة)). فكلمة التوحيد مفتاح الإِسلام، وما يأتي بعدها فهو من مكملاتها وفروعها.
ولو جمع بين الشهادتين؛ فقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا يمنع هذا من أن يكون آخر كلامه من الدنيا «لا إله إلا الله» ؛ لأن الشهادة للنبي صلّى الله عليه وسلّم بالرسالة تابع لما قبلها ومتممٌ له، ولهذا جعلها النبي صلّى الله عليه وسلّم مع الشهادة لله بالألوهية ركناً واحداً، فلا يعاد تلقينه، وظاهر الأدلة أنه لا يكفي قول المحتضَر: أشهد أن محمداً رسول الله، بل لا بد أن يقول: لا إله إلا الله.
وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلاَثٍ إِلاَّ أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ، فَيُعِيدُ تَلْقِينَهُ بِرِفْقٍ، وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ «يَس»......
قوله: «ولم يزد على ثلاث» أي: لم يلقنه أكثر من ثلاث؛ لأنه لو زاد على ذلك ضجر؛ لأنه سيقول: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ثم يسكت، فلو كرر ربما يتضجر المريض؛ لأنه بحال صعبة لا يدركها إلا من كان على هذه الحال، ولأن من عادة النبي صلّى الله عليه وسلّم غالباً أنه إذا تكلم تكلم ثلاثاً، وإذا سلم سلم ثلاثاً، وإذا استأذن استأذن ثلاثاً، فالثلاث عدد معتبر في كثير من الأشياء.
قوله: «إلا أن يتكلم بعده فيعيد تلقينه برفق» .
«إلا أن يتكلم» الفاعل المريض المحتضَر، فإذا تكلم بعد أن قال: لا إله إلا الله فإنه يعيد تلقينه، لكن برفق كالأول.
قوله: «فيعيدُ» بالرفع على الاستئناف؛ لأنها لا تصلح للعطف، والاستئناف بالفاء كثير، ومنه قوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 284] .
والمعنى يفسد فيما لو قلنا: «فيعيدَ» بالنصب عطفاً على «يتكلم»؛ لأن المعنى يكون إلا أن يتكلم فإنه يعيد، وهذا ليس هو المقصود؛ لأن المقصود إلا أن يتكلم فإذا تكلم أعاد تلقينه برفق.
قوله: «ويقرأ عنده {يس}» ، أي: يقرأ القارئ عند المحتضَر سورة {يس} لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((اقرؤوا على موتاكم يس))، هذا الحديث مختلف فيه، وفيه مقال، ومن كان عنده هذا الحديث حسناً أخذ به. وقوله عليه الصلاة والسلام: ((اقرؤوا على موتاكم)) ، أي: من كان في سياق الموت، وسمي ميتاً باعتبار ما يؤول إليه، وتسمية الشيء بما يؤول إليه وارد في اللغة العربية، ومنه قول الرائي ليوسف: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] ، وهو لا يعصر خمراً، وإنما يعصر عنباً يكون خمراً.
وقد ذكر بعض العلماء أن من فائدة قراءة يس تسهيل خروج الروح؛ لأن فيها تشويقاً، مثل قوله تعالى: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ} [يس: 26] ، والتشويق للجنة فيه تسهيل لخروج الروح، ولهذا إذا بُشّر ـ نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن تبشّر روحه بالجنة ـ إذا بشّر بالجنة سهل عليه، وأحب لقاء الله فأحب الله لقاءه. وفيها: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ *هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ *} [يس] ، وفي آخرها إثبات قدرة الله -عز وجل- على إحياء الموتى.
ولكن هل يقرؤها سراً أو جهراً، أو في ذلك تفصيل؟
الجواب: قوله: «اقرؤوا على موتاكم»، يقتضي أن تكون قراءتها جهراً، ولا سيما إذا قلنا: إن العلة تشويق الميت لما يسمعه في هذه السورة، ولكن إذا كان يخشى على المريض من الانزعاج، وأنه إذا سمع القارئ يقرأ سورة {يس}، أو كان في شك في كون الإِنسان في النزع فلا يرفع صوته بها، وإن كان جازماً، فالإِنسان الذي يكثر حضور المحتضَرين يعرف أنه احتُضِر أو لا، فإذا عرف أنه في سياق الموت فإنه يقرؤها بصوت مرتفع، ولا حرج في هذا، لأن الرجل يُحْتَضَر.
وهذه القراءة لا يكون معها نفث على المحتضَر؛ لأنه لم يرد.
وَيُوَجِّهُهُ إِلَى القِبْلَةِ ....
قوله: «ويوجّهه إلى القبلة» أي: من حضر الميت يوجّه الميت إلى القبلة، أي: يجعل وجهه نحو القبلة، وذلك أن المحتضَر إما أن يستدبر القبلة، أو يكون رأسه نحو القبلة أو بالعكس، أو يستقبلها، والأخيرة أفضل الأحوال. وهذا يقتضي أن يكون على جنبه الأيمن، أو الأيسر حسب ما هو متيسر؛ لأن المجلس الذي يستقبل فيه الإنسان القبلة هو أفضل المجالس، كما يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ((أشرف مجالسكم ما استقبلتم به القبلة))؛ ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ((البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتاً))، وهذا يشمل الميت المحتضر والميت بعد دفنه في القبر، وكلا الحديثين ضعيف، لكن يشهد له ما أخرجه الحاكم والبيهقي عن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن: البراء بن معرور أوصى عند موته أن يستقبل به القبلة فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ((أصاب الفطرة)). فهذا يشهد للحديثين السابقين، وإلا فإن الذي يظهر من عمل النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة أنهم لا يتقصدون أن يوجّه المحتضَر إلى القبلة، ومن ذلك ما حصل للنبي صلّى الله عليه وسلّم عند موته حيث مات في حجر عائشة، ولم يُذْكر أنها استقبلت به القبلة، وإنما هذه الأحاديث، وإن كانت ضعيفة فربما تصل إلى درجة الحسن فتكون مقبولة.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, حسن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir