قولُهُ:
فأمَّا الأوَّلُ - وهو التوحيدُ في الصفاتِ - فالأصلُ في هذا البابِ أنْ يُوصَفَ اللهُ بِمَا وَصَفَ بهِ نفسَهُ، وبِمَا وَصَفَتْهُ بهِ رسُلُهُ نفياً وإثباتاً، فَيُثْبَتَ للهِ ما أَثْبَتَهُ لنفسِهِ، ويُنْفَى عنهُ ما نَفَاهُ عن نَفْسِهِ.
الشرحُ: - قولُهُ (فأمَّا الأوَّلُ) – يعني مِن الأصلَيْنِ، وهو توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ - فالأصلُ فيهِ أنْ يُوصَفَ اللهُ بما وَصَفَ بهِ نفسَهُ في كتابِهِ العزيزِ، وبِمَا وَصَفَهُ بهِ رسولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما صَحَّ عنْهُ، وَيُنْفَى عنهُ ما نَفَاهُ عن نفسِهِ، وما نَفَاهُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ الإمامُ أحمدُ: (لاَ يُوصَفُ اللهُ إلا بِمَا وَصَفَ بهِ نفسَهُ أو وَصَفَهُ بهِ رسولُهُ، لا يُتَجَاوَزُ القرآنُ والحديثُ)، وَيُعْلَمَ أنَّ ما وَصَفَ بهِ نفسَهُ، أو وَصَفَهُ بهِ رسولُهُ، لا يَتَجَاوَزُ القرآنَ والحديثَ، ويُعْلَمَ أنَّ ما وَصَفَ اللهُ بهِ نفسَهُ من ذلكَ فهو حَقٌّ, ليسَ فيهِ لُغْزٌ, ولا أَحَاجِيُّ، بلْ معناهُ يُعْرَفُ مِن حيثُ يُعْرَفُ مقصودُ المُتَكَلِّمِ بكلامِهِ، لاَ سِيَّمَا إذا كانَ المُتَكَلِّمُ أَعْلَمَ الخَلْقِ بما يقولُ، وأَنْصَحَ الخَلْقِ في بيانِ العِلْمِ، وَأَفْصَحَ الخَلْقِ في البيانِ، والتعريفِ، والدلالةِ، والإرشادِ، وهو سبحانَهُ مع ذلكَ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لا في نفسِهِ المُقَدَّسَةِ المَذْكُورةِ بأسمائِهِ وصفاتِهِ، ولا في أفعالِهِ، فكما نَسْتَيْقِنُ أنَّ اللهَ سبحانَهُ لهُ ذاتٌ حَقِيقَةً، ولهُ أفعالٌ حقيقةً، فكذلكَ له صفاتٌ حقيقةً، وهو {ليسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لاَ فِي ذَاتِهِ, وَلاَ فِى صِفَاتِهِ، وَلاَ فِي أَفْعَالِهِ، وَقَوْلُ الإمامِ أحمدَ: (لا يُتَجَاوَزُ القرآنُ والحديثُ) معناهُ أنَّ الأسماءَ والصفاتِ تَوْقِيفِيَّةٌ، فَمَصْدَرُهَا الكتابُ والسُنَّةُ.