أسئلة:
[سؤال]:
يقول: شخص ذهب إلى القبر، ولكن لم يدع صاحب القبر، ولكنه التجأ إلى الله بإخلاص وصدق أن يكشف كربته، ولم يكن لصاحب القبر عند الدعاء شيءٌ في قلبه، ولكن دعا الله بصدق، هل هذا العمل جائز؟
[جواب]:
الجواب أن هذا العمل بدعة وخيمة ووسيلة من وسائل الشرك؛ لأن تحري إجابة الدعاء عند قبور الصالحين والأولياء، هذا يفضي إلى اعتقاد أن لهم حرمة، وأن لمكان قبرهم خصوصية، فيؤدي إلى التوسل بهم وإلى الاستغاثة أو الاستشفاع بهم.
فالله -جل وعلا- يُسأل الحاجات في أي مكان، وأعظم الأمكنة التي يدعى الله -جل وعلا- فيها المساجد، فهي أحب البقاع إلى الله، فمن أراد أن يجاب طلبه، وأن يعطى ما سأل:
-فليتحر الأمكنة التي يحبها الله جل وعلا، المساجد وشبه ذلك، وحلق الذكر.
-وليتحر أيضاً أوقات الدعاء التي يجاب فيها.
-ويتحر الدعاء الجامع.
- ويتوسل إلى الله -جل وعلا- بأسمائه وصفاته، ويكون عنده اضطرار، وأشباه ذلك مما هو من أسباب إجابة الدعاء.
أما من دعا عند قبرٍ لنفسه، دعا الله جل وعلا - ولو كان مخلصاً - فإنه مبتدع، آثم على أمر أكبر من الكبائر.
القبر ليست الفائدة منه أن تدعو عنده، القبر الفائدة منه أن تتذكر الآخرة ((زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة))((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)).
والزيارة المشروعة هي التي فيها تذكر، والسلام على الأموات المسلمين، وسؤال الله -جل وعلا- لهم، والدعاء للميت، ويجوز أن يدعو لنفسه عرضاً مع الدعاء للميت دون القصد، فأما أن يتحرى الدعاء عند القبور فهو بدعة، أو أن يقصد الدعاء لنفسه عند القبور فهو بدعة أيضاً، لكن يدعو لنفسه عرضاً مع الدعاء للميت، كما كان -عليه الصلاة والسلام- يقول إذا زار القبور: ((نسأل الله لنا ولكم العافية)) فهذا على جهة العرض لا القصد.
[سؤال]:
هل يجوز التوجه بالدعاء إلى الله بالتوسل بجاه محمد صلى الله عليه وسلم، أو بحق الصالحين من عباد الله؟
[جواب]:
الجواب أن التوجه أو التوسل في الدعاء بالجاه بدعة، ووسيلة من وسائل الشرك، فلا يجوز أن يدعو متوسلاً إلى الله بجاه نبيه، أو بجاه عبدٍ صالح، أو بالحرمة، أو بالمكانة، أو ما أشبه ذلك.
والاعتداء في الدعاء بأن يدعو بما لم يؤذن به، هذا من جهة.
والثانية: أن هذا الدعاء وسيلة إلى الشرك بهؤلاء، باعتقاد عظمتهم أو أنهم يشفعون أو ما أشبه ذلك.
والثالث:أن السؤال بالجاه، بجاه فلان وبحرمته سؤال بأمر أو بشيء أجنبي عن السائل والداعي، والمشروع أن تسأل بشيء لك أو بشيء تملكه، كالسؤال والتوسل بالعمل الصالح، أو أن تسأل بأسماء الله -جل وعلا- وبصفاته، أو أن تسأل الله -جل وعلا- بإيمانك وطاعتك لله، فهذا توسل بأمر لك، وليس بأجنبي عنك، وعمل غيرك وحرمته وجاهه له، وليس لك، ولهذا ترك الصحابة - رضوان الله عليهم - هذا السؤال وهذا الدعاء؛ فإنه اعتداء وبدعة ووسيلة إلى الشرك.
[سؤال]:
هل يمكن لأهل السنة والجماعة أن يستخدموا كلمة (إله) بمعنى محير؟
[جواب]:
لا، لا يمكن؛ لأنها صارت لها معنى شرعي، جاءت في النصوص بمعنى معبود، فلا تستخدم تلك الكلمة في غير ما جاءت في النصوص، لكن نقول: هذا المعنى هم قالوا: إنه وردت في اللغة على شكل شاذ، بمعنى إذا ورد في نص، يعني: في شعر أو خطبة من خطب العرب أونحو ذلك فنفهم المعنى بمراجعة كتب اللغة، أما كلمة (إله) فهي لا نستخدمها إلا بمعنى المعبود، (إله) بمعنى مألوه معبود.
[سؤال]:
يقول: ما الفرق بين أن يدعو أحد الله بأبي بكر أو بعمر أو أن يدعو بواسطة أبي بكر وعمر؟
[جواب]:
أنا نبهتكم على هذا، التوسل بغير الله في الدعاء له قسمان:
الأول:أن يسأل الله بذات فلان، أن يسأل الله بجاهه، يعني يقول: في دعاءه في المسجد أو في بيته أو في أي مكان -، اللهم إني أسألك بمحمد عليه الصلاة والسلام، أسألك برسولك محمد، أسألك بأبي بكر، أسألك بعمر، أسألك اللهم بعثمان أن تعطيني كذا وكذا فيكون هو قد سأل الله، ولكن جعل وسيلته فلاناً، يعني: عمل فلان، وعمل فلان له، عمل النبي صلى الله عليه وسلم له، عمل أبي بكر له، عمل عمر له، فلا مناسبة بين سؤالك وسؤاله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ما أرشد إلى هذا.
بهذا نقول: هذا النوع بدعة ولا يجوز؛ لأنه لا مناسبة بين عمل فلان وعملك، ما بين ما عمله وقدمه وما بين ما عملت.
أو يسأله بجاهه فيقول: أسألك اللهم بجاه نبيك، بحرمة نبيك، بجاه أبي بكر، بجاه فلان من الصالحين، أن تعطيني كذا وكذا، هذا أيضاً بدعة، واعتداء في الدعاء، ووسيلة إلى الشرك، وهو القسم (الأول).
القسم الثاني: وهو شرك أكبر، أن يكون معنى التوسل أن يسأل الله متوسطاً بفلان، ما يقول: اللهم أعطني بفلان، لا، يقول: يا فلان اشفع لي عند الله، اللهم أعطني كذا وكذا بشفاعة فلان لي، هذا التركيب جميعه.
أو يقول: يا نبي الله اسأل الله لي كذا وكذا، يا حسين اشفع لي عند الله بكذا وكذا، يا عبد القادر أسألك أن تسأل الله لي كذا، اشفع لي بكذا، يكون قد صلى - مثلاً - عند قبته، عند قبره ركعتين تقرباً أو طاف أو ذبح أو نذر أو من دون ذلك، فهذا معنى الوساطة، الوساطة: يعني أنه طلب منهم الوساطة، طلب منهم الزلفى، طلب منهم الشفاعة، فرْق بين أن يسأل الله بهم وبين أن يتوسط عند الله بهؤلاء، فالسؤال بهم أن يقول: اللهم أسألك بنبيك، أسألك بأبي بكر، هذا بدعة ووسيلة إلى الشرك واعتداء في الدعاء.
أما لو سأل هذا أن يشفع له عند الله أو تقرب إليه بشيء من العبادات ليشفع له عند الله، فهذا هو الشرك الأكبر الذي عناه الشيخ بما ذكر.
[سؤال]:
ما هي أصول المناظرة مع مدعي الشبهات؟
[جواب]:
طبعاً المحاجة والمجادلة فن، ولها علم خاص بها، علم البرهان وعلم الحجاج، وهي من علوم المنطق، أو من علوم الفلسفة بالعموم، وعلوم المنطق بالخصوص، تحتاج إلى فهم؛ لأنه لا بد من ترتيب المقدمات، يعني تهتم في الجواب سواءً في الفقه، في أي حجة تريد إبطالها، أو تريد مناقشتها.
أولاً:تأتي بالمقدمات جميعاً، وتنظر هل النتيجة بنيت على هذه المقدمات مجتمعة، أو على واحد منها، فإن كانت عليها مجتمعة نظرت في صلة المقدمات بعضها ببعض، فإن وجدت سبيلاً إلى الطعن فيها كان هذا أقوى حجة.
لهذا: شيخ الإسلام مع المتكلمين والفلاسفة يأتي للمقدمة ويطعن فيها، لما بنيت عليه النتيجة، يطعن فيها بالعقل، ويطعن فيها أيضاً بالنقل، إذا كانت المقدمات كل واحدة أنتجت نتيجة، فتناقش كل مقدمة على حدة، إذا كانت هذه المقدمات ظنية ناقشتها مناقشة الظنيات، إذا كانت أنها قطعية أيضاً نظرت في النتيجة التي نتجت عنها وتناقشها، هنا ترتب الحجاج بالأسهل فالأسهل، لا تأتي بالأصعب ثم الأسهل، ثم آخر شيء أسهل، لا، بل تبدأ بالمتفق عليه، بالأسهل قبولاً ثم بما بعده.
فإذا أتيت لمناقشة واحد،حتى عندك في البيت، أو في مجلس، يأتيك مثلاً في كلامك، يأتي إلى جزئية ويمسكها، تأتي أنت تنشغل عن الكلام كله وهو مهم، ويشغلك بجزئية في كلامك تذهب تناقشه في الجزئية وتضيع لب الموضوع.
هذا تكون أنت ضعيفاً في الحجاج وفي النقاش؛ لأنه أضاع عليك الأصل بجعلك تلتفت إلى جزئية، وهذا الآن الذي - مع الأسف - أهل الصحف والمجلات أغرقوا كثيراً من الذين يكتبون كتابات إسلامية بشبهات صغيرة، والتأصيل العام لا يناقش، فيأتي في كلام، يعني في شبهة فرعية من فروع الإسلام، فرع من الفروع، أو كذا، ويستغرقون ويسلطون عليه الضوء ويناقشونه، ويناقشه، وتناظر ورد وأخذ وعطاء ليشغلوا الناس بذلك، لكن أين أصول الإسلام ؟
هناك تحجب؛ لأنها لو نوقشت الأصول صار الكلام فيها أقرب وأوضح، وصارت الحجة فيها من جهة العمل أقوى، وإقامة الحجة على المخالف أوضح، بخلاف الفرعيات.
الفروع كثير الخلاف فيها،والجزئيات قد ما تصل مع المخالف فيها إلى نتيجة واضحة، فينتبه الذي يجيب على الشبهات، أو يحاج أي مخالف، أو أي صاحب شبهة، سواء في الأصول، يعني: في التوحيد، أوفي الفروع، في الفقه، فإنه ينبغي له أن ينتبه كيف يورد الجواب، وكيف يرتب الأجوبة، حتى يكون ذلك أبلغ في التأثير.