قال المفضل: إن رجلاً من تغلب يقال له أفنون يلقب به واسمه صريم بن معشر بن ذهل بن تيم بن عمرو بن مالك بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب لقي كاهنًا في الجاهلية فقال أما إنك تموت بمكان يقال له إلاهة. فمكث ما شاء الله تعالى ثم إنه سافر في ركبٍ من قومه إلى الشأم فأتوها ثم انصرفوا عنها فضلوا الطريق، فقال لرجلٍ: كيف نأخذ؟ قال: سيروا فإذا أتيتم مكان كذا وكذا حيي لكم الطريق ورأيتم الإلاهة وإلاهة قارة بالسماوة فلما أتوها نزل أصحابه وأبى أن ينزل معهم فبينا ناقته ترتعي عرفجًا إذ لدغتها أفعى في مشفرها فاحتكت بساقه والحية متعلقة بمشفرها فلدغته في ساقه فقال لأخٍ معه: احفر لي قبرًا فإني ميت ثم رفع صوته يقول:
1: ألا لست في شيءٍ فروحًا معاويا.......ولا المشفقات إذ تبعن الحوازيا
(المشفقات): النساء ذوات الشفقة. و(الحوازي): الكواهن. غيره: أي لا أقدر أن أدفع عن نفسي شيئًا كتب علي، وكذا النساء المشفقات إذ تبعن الكواهن يسألنهم لا يغنين عمن أشفقن عليه شيئًا.
2: فلا خير فيما يكذب المرء نفسه.......وتقواله للشيء يا ليت ذا ليا
أبو عكرمة، روى الأصمعي (وتقواله) بكسر التاء وروى في البيت الأول (الحوازيا) وهو جمع حاز وهو الزاجر.
3: فطأ معرضًا إن الحتوف كثيرة.......وإنك لا تبقي بمالك باقيا
غيره: (وإنك لا تبقي بنفسك باقيا)، يقول: إن دفعت عنها وحفظتها لا تبقى.
4: لعمرك ما يدري امرؤ كيف يتقي.......إذا هو لم يجعل له الله واقيا
5: كفى حزنًا أن يرحل الحي غدوة.......وأصبح في أعلى إلاهة ثاويا
ويروى أن يرحل الركب غدوة.
[شرح المفضليات: 522-523]