وقالَ المُتَلَمِّسُ
يُعاتِبُ خالَه الحارِثَ بنَ التَّوْءَمِ اليَشْكُرِيَّ:
تُعَيِّرُني أُمِّي رِجالٌ ولنْ تَرَى = أخَا كَرَمٍ إلا بِأَنْ يَتَكَرَّما
وَمَنْ يَكُ ذا عِرْضٍ كَريمٍ فلَمْ يَصُنْ = لهُ حَسَبًا كانَ اللَّئِيمَ المُذَمَّمَا
وهلْ ليَ أُمٌّ غيْرُها إنْ ترَكْتُها = أبى اللهُ إلا أَنْ أكُونَ لها ابْنَمَا
أَحارِثُ إنَّا لوْ تُسَاطُ دِماؤُنا = تَزَايَلْنَ حَتَّى لا يَمَسَّ دمٌ دمًا
أمُنْتَفِلاً منْ نَصْر بُهْثَةَ خِلْتَنِي = إلاَّ إنَّني منْهُمْ وإنْ كنْتُ أيْنَمَا
ألا إنَّنَي منْهُمْ وعِرْضيَ عِرْضُهُمْ = كَذي الأَنْفِ يَحْمِي أنْفَهُ أنْ يُصَلَّمَا
لذي الحِلْمِ قبْلَ اليْومِ ما تُقْرَعُ العَصَا = وما عُلِّمَ الإنسانُ إلا لِيَعْلَما
فإنَّ نِصَابي إنْ سأَلْتَ ومَنْصِبِي = مِنَ الناسِ قوْمٌ يَقْتَنُونَ المُزَنَّمَا
وكُنَّا إذَا الجَبَّارُ صَعَّرَ خدَّهُ = أَقَمْنا لهُ مِنْ مَيْلِهِ فتَقَوَّما
فلَوْ غيْرُ أَخْوَالِي أَرَادُوا نَقِيصَتي = جَعَلْتُ لهُمْ فُوْقَ العَرَانينِ مِيسَمَا
وما كنْتُ إلا مِثْلَ قاطِعِ كَفِّهِ = بكفٍّ لَهُ أخْرَى فأَصْبَحَ أَجْذَمَا
فلمَّا استَقَادَ الكفَّ بالكفِّ لمْ يَجِدْ = لهُ دَرَكًا في أنْ تَبِينَا فأَحْجَما
فأَطْرْقَ إطْرَاقَ الشُّجَاعِ ولوْ يَرَى = مَسَاغًا لِنَابَيْهِ الشُّجاعُ لَصَمَّمَا
إذا ما أَديمُ القومِ أَنْهَجَهُ البِلَى = تَفَرَّى ولَوْ كَتَّبْتَهُ وتَخَرَّمَا
إذا لمْ يَزَلْ حَبْلُ القَرينَيْنِ يَلْتَوِي = فلا بُدَّ يوْمًا للقُوَى أنْ تُجَذَّمَا
وقدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أكونَ لِخَلْفِكُمْ = زَعِيمًا فَما أُحْرِزْتُ أنْ أتَكَلَّمَا
لِأُورِثَ بَعْدي سُنَّةً يُهْتَدَى بها = وأجْلوَ عنْ ذي شُبْهَةٍ أَنْ يُفَهَّمَا
أَرَى عُصَمًا في نَصْرٍ بُهْثَةَ دَائِبًا = وتَعْذُلُنِي في نَصْرِ زَيْدٍ فبِئْسَ مَا