89 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ)). رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَلِلْحَاكِمِ: ((أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ)). وهو صحيحُ الإسنادِ.
درجةُ الحديثِ: الحديثُ صحيحٌ.
وله شاهدٌ في الصحيحيْن في تعذيبِ أحدِ صاحِبَيِ القبريْن بسببِ عَدَمِ تَنَزُّهِهِ مِن البوْلِ، وأمَّا زيادةُ الحاكِمِ فقالَ المصنِّفُ: صحيحُ الإسنادِ. وصَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ والنوويُّ والشوكانيُّ.
مفرداتُ الحديثِ:
- اسْتَنْزِهُوا مِنَ الْبَوْلِ: يُقالُ: نَزُهَ يَنْزُهُ نَزْهاً: بَاعَدَ نفسَه ونَحَّاها عن القَبيحِ، فالمعنى: اطْلُبُوا النَّزَاهَةَ بابتعادِكُم عن البوْلِ، فالنزاهَةُ: هي البُعْدُ عمَّا يُسْتَكْرَهُ.
- عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ: مُؤَنَّثُ عامٍّ؛ أي: أكثرُ عذابِ القبرِ سَبَبُه عَدَمُ التنَزُّهِ مِن البوْلِ، كما جاءَ في روايةِ الحاكِمِ: ((أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنَ الْبَوْلِ)).
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- الحِرْصُ على التَّنَزُّهِ والابتعادِ من البوْلِ؛ بأنْ لا يُصِيبَه في بَدَنِه ولا ثَوْبِهِ.
2- الأفضلُ المبادرةُ بغَسْلِه والطهارةِ منه بعدَ إصابتِه؛ لئلاَّ تُصاحِبَه النجاسةُ، أمَّا وجوبُ إزالتِها: فيكونُ عندَ الصلاةِ.
3- أنَّ البوْلَ نَجِسٌ، فإذا أصابَ بَدَناً أو ثَوْباً أو بُقْعَةً نَجَّسَها، فلا تَصِحُّ بذلكَ الصلاةُ؛ لأنَّ الطهارةَ من النجاسةِ أحدُ شروطِها.
4- أنَّ أكثرَ عذابِ القبْرِ من عدمِ التحرُّزِ من البولِ، كما جاءَ في الصحيحيْن، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ، فقالَ: ((إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ بِكَبِيرٍ؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَبْرِئُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ)).
5- إثباتُ عذابِ القبْرِ، وأنه حقٌّ؛ ففي البُخَارِيِّ (1372)، ومسلمٍ (586) عن عائشةَ قالَتْ: سَأَلْتُ النبيَّ عن عذابِ القبْرِ, قالَ: ((نَعَمْ، عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ)).
ومَذْهَبُ أهلِ السنَّةِ: أنَّ عذابَ القبرِ على الرُّوحِ والبَدَنِ.
قالَ شيخُ الإسلامِ: العذابُ والنعيمُ على النفسِ والبدنِ جميعاً، باتِّفاقِ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ.
6- إثباتُ الجزاءِ في الآخرةِ؛ فأوَّلُ مَرَاحِلِ الآخرةِ هي القبورُ، فالقبرُ إما رَوْضَةٌ مِن رِياضِ الجنَّةِ، أو حُفْرَةٌ مِن حُفَرِ النارِ.
7- قالَ شيخُ الإسلامِ: الصحيحُ جوازُ ملامسةِ النجاسةِ للحاجةِ إذا طَهُرَ بَدَنُه وثِيابُه عندَ الصلاةِ، ولا يُكْرَهُ ذلكَ في أصحِّ الروايتيْنِ، وهو قولُ أكثرِ الفقهاءِ.
8- قالَ الشيخُ: قولُه عليه الصلاةُ والسلامُ: ((فَإِنَّهُ لاَ يَتَنَزَّهُ مِنْ بَوْلِهِ)). الاستبراءُ لا يكونُ إلاَّ مِن بوْلِ نفسِه الذي يُصِيبُه غالباً في فَخِذَيْهِ وساقَيْهِ، ورُبَّما اسْتَهانَ بإنقائِه ولم يُحْكِمْ الاسْتِنجاءَ منه.