23/51 - وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْهُ) أَيْ: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ) تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ قَدْرِهِ (وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ) وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ؛ وَلِذَا قَالَ: (إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ) كَأَنَّهُ قَالَ: بِأَرْبَعَةِ أَمْدَادٍ إلَى خَمْسَةِ أمدادٍ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ أَقَلُّ مَا قُدِّرَ بِهِ مَاءُ وُضُوئِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ؛ وَلَوْ أَخَّرَ المُصَنِّفُ ذَلِكَ الحَدِيثَ إلَى هُنَا، أَوْ قَدَّمَ هَذَا، لَكَانَ أَوْفَقَ لِحُسْنِ التَّرْتِيبِ.
وَظَاهِرُ هَذَا الحَدِيثِ أَنَّ هَذَا غَايَةُ مَا كَانَ يَنْتَهِي إلَيْهِ وُضُوءُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَسْلُهُ، وَلا يُنَافِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ يُقَالُ لَهُ: الفَرَقُ. بِفَتْحِ الفَاءِ وَالرَّاءِ، وَهُوَ إنَاءٌ يَسَعُ تِسْعَةَ عَشَرَ رِطْلاً؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِهَا أَنَّهُ كَانَ مَلْآناً مَاءً، بَلْ قَوْلُهَا: مِنْ إنَاءٍ. يَدُلُّ عَلَى تَبْعِيضِ مَا تَوَضَّأَ مِنْهُ.
وَحَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا، وَالحَدِيثُ الَّذِي سَلَفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، يُرْشِدَانِ إلَى تَقْلِيلِ مَاءِ الوُضُوءِ، وَالِاكْتِفَاءِ بِاليَسِيرِ مِنْهُ، وَقَدْ قَالَ البُخَارِيُّ: وَكَرِهَ أَهْلُ العِلْمِ فِيهِ- أَيْ في مَاءِ الوُضُوءِ- أَنْ يَتَجَاوَزَ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.