فصلٌ
في نَفَقَةِ الرقيقِ
(و) يَجِبُ (عليه)- أي: على السيِّدِ- (نَفَقَةُ رَقِيقِهِ)، ولو آبقاً أو ناشِزاً (طعاماً) من غالِبِ قُوتِ البلدِ (وكِسْوَةٌ وسُكْنَى) بالمعروفِ، (وأنْ لا يُكَلِّفَهُ مَشَقًّا كثيراً)؛ لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلاَ يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ مَا لاَ يُطِيقُ) رَوَاهُ الشافعيُّ في مُسْنَدِهِ، (وإنِ اتَّفَقَا على المُخارَجَةِ)، وهي جَعْلُه على الرقيقِ كلَّ يومٍ أو كلَّ شهرٍ شيئاً معلوماً له، (جازَ) إنْ كانَتْ قَدْرَ كَسْبِهِ فأقلَّ بعدَ نَفَقَتِهِ.
رُوِيَ أنَّ الزُّبَيْرَ كانَ له أَلْفُ مملوكٍ، على كلِّ واحدٍ كلَّ يومٍ دِرْهَمٌ، (ويُرِيحُهُ) سَيِّدُهُ (وقتَ القائلةِ)، وهي وَسَطُ النهارِ، (و) وقتَ (النومِ، و) وقتَ الصلاةِ (المفروضةِ)؛ لأنَّ عليهم في تَرْكِ ذلك ضَرَراً، وقد قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ). (وإنْ طَلَبَ) الرقيقُ (نِكاحاً زَوَّجَه) السيِّدُ (أو بَاعَهُ)؛ لقولِهِ تعالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}. (وإنْ طَلَبَتْه) - أي: التزويجَ - أَمَةٌ (وَطِئَها) السيِّدُ، (أو زَوَّجَها، أو باعَها)؛ إزالةً لضررِ الشهوةِ عنها، ويُزَوِّجُ أَمَةَ صَبِيٍّ أو مجنونٍ مَن يَلِي مالَه، إذا طَلَبَتْه. وإنْ غابَ سيِّدٌ عن أمِّ ولدِهِ، زُوِّجَتْ لحاجةِ نَفَقَةٍ أو وَطْءٍ، وله تأديبُ رقيقِه وزَوْجَتِهِ ووَلَدِهِ، ولو مُكَلَّفاً مُزَوَّجاً، بضربٍ غيرِ مُبَرِّحٍ، ويُقَيِّدُهُ إنْ خافَ إباقَه، ولا يَشْتِمُ أَبَوَيْهِ، ولو كَافِرَيْنِ، ولا يَلْزَمُهُ بيعُه بطَلَبِه معَ القيامِ بحقِّه، وحَرُمَ أنْ تُسْتَرْضَعَ أَمَةٌ لغيرِ وَلَدِها إلاَّ بعدَ رِيِّهِ، ولا يُتَسَرَّى عبدٌ مُطْلَقاً.