دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 11:16 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَيَصِحُّ بِأَلفَاظِ البَيْعِ والسَّلَمِ والسَّلَفِ ...
قوله: «ويصح بألفاظ البيع» يصح السلم بألفاظ البيع بأن يقول: اشتريت منك مائة صاع بر بعد سنة بهذه الدراهم، وإذا أراد المسلَم إليه أن يعقده فقال: بعتك مائة صاع بر تحل بعد سنة بمائة ريال، فيصح بألفاظ البيع.
إذا قال قائل: كيف يصح بألفاظ البيع؟
نقول: نعم؛ لأنه نوع من البيع، فالبيع أعم منه.
قوله: «والسَّلَم والسَّلَف» أي: يصح بألفاظ السلم والسلف مع أن السلف يُطلق أحياناً على القرض، لكن لما كان العقد على هذا الوجه تعين أن يكون سلماً لا قرضاً.
والصواب أن جميع العقود تنعقد بما دل عليه اللفظ عرفاً وأنها لا تتقيد بشيء؛ لأن هذه الأمور لم يرد الشرع بتعيينها وتقييدها، وليست من أمور العبادة التي يتقيد الإنسان فيها باللفظ، ويستثنى من ذلك على المذهب عقد النكاح، فإنه لا يصح إلا بلفظ إنكاح وتزويج، أو قول السيد لأمته: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك، ولكن الصواب ما ذكرناه، وأن جميع العقود تنعقد بكل ما دل عليها من قول أو فعل.
بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ: أحَدُهَا: انْضِبَاطُ صِفاتِهِ بِمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَذْرُوعٍ وَأَمَّا المَعْدُودُ المُخْتَلِفُ كَالفَوَاكِهِ وَالبُقُولِ وَالجُلُودِ والرُّؤُوسِ والأوَانِي المُخْتَلِفَةِ الرُّؤُوسِ والأوْسَاطِ، كالقُماقِمِ والأَسْطَالِ الضَّيِّقَةِ الرُّؤُوسِ، والجَوَاهِرِ وَالحَامِلِ مِن الحَيَوَانِ، وكُلِّ مغْشُوشٍ، .....
قوله: «بشروط سبعة» هذه الشروط قال بعض أهل العلم: إنها زائدة على الشروط التي للبيع؛ لأن هذه الشروط السبعة تشترط مع شروط البيع السابقة، فتكون زائدة على ذلك، ولكن الصحيح أن هذه الشروط بعضها داخل في شروط البيع السابقة وبعضها زائد عليها، وهي شروط للصحة ليست للزوم؛ لأن شروط اللزوم إنما هي الشروط في العقد، وأما شروط العقد فهي شروط لصحته.
قوله: «أحدها انضباط صفاته» أي: أن يكون انضباط صفاته ممكناً، وأما ما لا يمكن انضباطه فلا يصح السلم فيه لوجود الغرر والجهالة، ويحصل الانضباط بما ذكره المؤلف في قوله:
«بمكيل وموزون ومذروع» فقوله: «بمكيل» إما أن نجعل الباء بمعنى الكاف يعنى كمكيل وموزون ومذروع، وإما أن نجعل بمكيل، أي: بكيل مكيل؛ لأن انضباط صفاته بكيل ليس بمكيل، والمكيل هو الذي وقع عليه العقد، وانضباط الصفات يكون بالكيل والوزن والذرع، والظاهر أن المعنى الأول أحسن، وهو أن الباء بمعنى الكاف؛ لأنه سيأتي أن الصفات يمكن أن تنضبط بغير ذلك.
وقوله: «بمكيل» مثل البر.
وقوله:«وموزون» كاللحم، والسكر، وما أشبه ذلك.
وقوله:«ومذروع» كالأقمشة والفرش والحبال وما أشبهها.
وقد تقدم أنه يمكن الانضباط بالكيل وبالوزن وبالذرع؛ لأن المكيال معروف، والصنجة التي يوزن بها معروفة، والذراع الذي يذرع به معروف.
لكن المعدود هل يصح فيه السلم؟
نقول فيه تفصيل: إذا أمكن انضباطه صح وإن لم يمكن فلا، فالبرتقال لا يمكن انضباطه؛ لأن بعضه صغير وبعضه كبير، والبطيخ لا ينضبط، وهلم جرّاً.
قوله: «وأما المعدود المختلف كالفواكه» فلا يصح السلم فيه؛ لأنه مختلف اختلافاً عظيماً، فبعض البرتقال مثل الأترج وبعضه مثل اليوسفي فتختلف اختلافاً عظيماً، فإذا قلت: أسلمت إليك مائة ريال بألف برتقالة فهذا لا يصح، إذ كيف نضبطها؟ لذلك لا يصح.
قوله: «والبقول» جمع بقل وهو الذي ليس له ساق من الزورع، مثل: البصل والكراث وما أشبه ذلك، فهذه ـ أيضاً ـ لا تصح؛ لأنها لا يمكن انضباطها، فأسلمت إليك مائة ريال بمائة حزمة من البصل، فهذا لا يصح؛ لأنه لا يمكن انضباطه، لكن لو جعلتها وزناً صح؛ لأنها لا تختلف.
قوله: «والجلود» أيضاً لا يمكن انضباطها، إذا قلت: أسلمت إليك ألف ريال بمائة جلد شاة فهذا لا يصح؛ لأنها تختلف اختلافاً عظيماً بالكبر والصغر والقوة وحسن السلخ؛ لأن بعض الذين يسلخون يأتي الجلد وكأنه منخل؛ لأنه لا يعرف أن يسلخ؛ وبعضهم يكون سلخه جيداً، وبعضه يُلحِقُ اللحم بالجلد، فالمهم أنه لا يصح في الجلود، وقال بعض الفقهاء: إنه يصح في الجلود، إذا قال مثلاً: جلد رَباعية أو ثنية وعين السن، فإن هذا لا بأس به؛ لأن الاختلاف فيه يسير.
قوله: «والرؤوس» أي: إذا أسلمت إليك ألف ريال بمائة رأس شاة بعد سنة، فهذا لا يصح؛ لأن الرؤوس تختلف لا شك، حتى لو قلت: مائة رأس شاة رباعية ـ مثلاً ـ فهنا لا يصح؛ لأنه يختلف، فبعض الضأن إذا رأيت رأسه تقول: هذا رأس بقرة تقريباً، وبعضه يكون صغيراً جداً، فالمذهب لا يصح، لكن لو بعتها وزناً يجوز؛ لأن الوزن يضبطها.
قوله: «والأواني المختلفة الرؤوس والأوساط كالقُماقم» القُماقم نوع من الأواني يكون أسفلها واسعاً وأعلاها ضيقاً، فالأواني قسمان: قسم مختلف الرؤوس والأوساط وهي التي تكون منتفخة في الوسط ورأسها مضموم، فهذه لا يصح السلم فيها؛ لأن الصناعة فيما سبق صناعة باليد وقل أن تنضبط الصفة، أما الآن فالصناعة بالآلات، فإذا قلت: أسلمت إليك بأوانٍ من طراز كذا وكذا فيمكن ضبطه، بل وأشد ضبطاً من المكيل والموزون، أما فيما سبق فلما كانت الأواني تصنع باليد كان ضبطها صعباً.
وفهم من قوله ـ رحمه الله ـ: «المختلفة الرؤوس والأوساط» أنه لو كانت رؤوسها وأوساطها سواءٌ لجاز عقد السلم عليها؛ لأنه يمكن ضبطها، فمثلاً إذا كانت مثل العمود يمكن ضبطها بالمتر، فإذا ضبطنا أعلاها انضبط أسفلها؛ لأنها لا تختلف، أما التي تختلف فلا يجوز السلم فيها لما سبق.
هذا فيما كان في زمانهم، وأما في زماننا فإنه يمكن ضبطها، لكن يحدد من أي شيء هي.
وقوله: «والأسطال الضيقة الرؤوس» الأسطال جمع سطل، وهو معروف، والأسطال بعضها ضيق الرأس بمعنى أن أسفلها أوسع، وبعضها بالعكس أعلاها أوسع، وبعضها متساوٍ أعلاها وأسفلها، أما التي تساوى أعلاها وأسفلها فالسلم فيها جائز وصحيح؛ لأنها تنضبط بالصفة وليس فيها غرر، وأما ضيقة الرؤوس فلا يصح السلم فيها لعدم انضباطها؛ لأنه قد يكون رأسها ضيقاً والنسبة بينه وبين أسفلها العشر ـ مثلاً ـ وقد يكون الخمس، وقد يكون أكثر فهي مختلفة، فإذا كانت الأسطال متساويةً أعلاها وأسفلها فالسلم فيها جائز، وكل هذا كما قلت فيما كانت الصناعة فيه باليد، أما إذا كانت الصناعة بالآلات كما هو الموجود الآن، فإنه يمكن انضباطها ولو كانت ضيقة الرؤوس، ولهذا فالأباريق المعروفة الآن يمكن أن تحكم عليها بالدقة إذا قلت: من نوع كذا حجم كذا فإنها سوف تنضبط تماماً.
قوله: «والجواهر» وهي ما يلقط من البحر، وهي لا يمكن أن يسلم فيها؛ لأنها لا يمكن انضباطها؛ لأن من الجواهر ما يصل إلى الآلاف، ومنها ما لا يساوي العشرات؛ ولذلك لا تباع بالصفة، فلا يمكن أن تباع الجواهر إلا بالمعاينة؛ لأن انضباطها بالصفة غير ممكن.
قوله: «والحامل من الحيوان» فلا يمكن السلم فيه؛ لأنه يندر جداً أن تجد حاملاً يمكن ضبط صفاتها مع حملها، وإن أطلقت فقلت: حامل فقط فلا صفة؛ لأن الحامل إن أردت أن تصفها وتصف حملها فهذا متعذر، وإن أطلقت فهذا فيه غرر؛ لأن هناك فرقاً بين الحامل الكبير حملها والحامل الصغير حملها.
وعُلمَ من قوله: «والحامل من الحيوان» أنه يصح السلم في الحيوان؛ لأنه يمكن انضباط صفاته، ولهذا أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ: «أن يأخذ على إبل الصدقة البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة» [(1)]، وهذا عكس السلم، لكن يدل على جواز البيع بالصفة بالنسبة للحيوان.
وهل يشمل الحاملُ من الحيوان الأنثى من بني آدم إذا كانت حاملاً؟ نعم يشمل؛ لأن الإنسان يسمى حيواناً، لكنه حيوان ناطق، إذ أن الحيوان ما فيه الروح، لكن لا بد أن تقيّده بالنسبة للآدمي بقولك ناطق، ولهذا يعتبر قول القائل: يا حيوان، لواحد من البشر سبّاً يعزر عليه؛ لأن الإنسان ليس بحيوان مطلقاً.
قوله: «وكل مغشوش» لا يصح السلم فيه، وهذا ـ أيضاً ـ يقال فيما سبق، فإنه كانت توجد فضة مغشوشة وذهب مغشوش، ولا يعلم قدر الغش، أما الآن فإن قدر الغش معلوم يحكم عليه بأدق ما يكون، فيقال: هذا الذهب من عيار كذا، وهذا من عيار كذا، وهذه الفضة فيها غش ونسبته كذا.
لكن إذا وجد مغشوشات أخرى لا يمكن انضباطها فلا يصح السلم فيها.
وَما يَجْمَعُ أخْلاَطاً غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَالغَالِيَةِ وَالمعَاجِينِ فَلاَ يَصحُّ السَّلَمُ فِيهِ، وَيَصِحُّ فِي الحَيَوَانِ والثِّيَابِ المنْسُوجَةِ مِنْ نَوْعَيْنِ، وَمَا خِلْطُهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَالجُبْنِ وَخَلِّ التَّمْرِ والسَّكَنْجَبِينِ وَنَحْوِهَا.
قوله: «وما يجمع أخلاطاً غير متميزة كالغالية» الغالية أنواع من الطيب تخلط وتجمع، وكذلك ما يجمع من الأدوية أخلاطاً غير متميزة، قالوا: لا يصح السلم فيه؛ لأن الخلط غير المتميز مجهول، فإذا كان مجهولاً فإنه لا يصح.
وعلم من كلامه أنه إذا كانت متميزة فلا بأس، مثل أن يقال: هذه الأخلاط عشرة في المائة من كذا، وعشرة في المائة من كذا، وعشرة في المائة من كذا، فهنا تكون متميزة، وكذلك لو تميزت بالرؤية لا بالنسبة، بحيث تكون أخلاطاً لكن معروفٌ أنها متميزة فتظهر حبات وما أشبه ذلك، وكل هذا يعود إلى ما سبق من إمكان انضباط الصفة، فالبيع بالصفة أضيق من البيع بالرؤية.
قوله: «والمعاجين فلا يصح السلم فيه» وهذه المعاجين يستعملها الناس للمرضى، فلا يصح السلم فيها والعلة الجهل؛ لأننا لا ندري ما قدر المخلوط في هذه المعاجين من هذا النوع ومن هذا النوع، فلا يصح السلم فيه؛ لأنه لا يمكن انضباط صفاته، والصحيح أنه يصح السلم فيها؛ لأنه وإن كانت النسبة مجهولة لكنها قليلة والغرض من ذلك منفعتها.
قوله: «ويصح في الحيوان» هذا مطلق، فيشمل أي حيوان من إبل أو بقر أو غنم أو حُمُر أو ظباء أو أرانب، والدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم استسلف من رجل بَكراً[(2)]، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قد أمره النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ على إبل الصدقة البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة[(3)]، فهذا دليل على جواز السلم في الحيوان، لكن لا بد من ضبطه، فيقال: ثني أو رباع أو جذع، سمين، ضعيف، متوسط، فلا بد أن يضبط، بكل وصف يختلف به الثمن.
وهل يستثنى من الحيوان شيء؟ نعم، الحامل كما سبق، فعليه يصح في الحيوان بشرط ألا يكون حاملاً.
قوله: «والثياب المنسوجة من نوعين» يصح السلم فيها مثل الخز منسوج من الحرير ومن القطن أو من الصوف، فيصح؛ لأن هذا معلوم وينضبط بالصفة فيصح السلم فيها.
قوله: «وما خِلطه غير مقصود كالجبن» الجبن فيه خلط وهو الإِنْفِحَّةُ، وهذه الإنفحة توضع في اللبن فيكون جبناً.
والإنفحة هي التي تكون في معدة الرضيع، الذي رضع أول مرة ثم ذبح، فهذا الذي في معدته جُبْن يجبِّن الأشياء، فلو وضعت منه شيئاً قليلاً في ماء وجدته يجمد، فهذا الجبن نقول: لا بأس به؛ لأن ما خلط فيه من الإنفحة غير مقصود.
قوله: «وخل التمر» يعني الماء الذي يوضع فيه التمر ليكون خلاً فيصح السلم فيه، مع أن التمر غير معلوم لكنه غير مقصود، فالذي اشترى خل التمر إنما أراد الشراب (الخل) ولم يرد التمر، لكن قد يكون هناك فرق بين ما إذا كان التمر كثيراً فيزداد حلاوة، أو قليلاً فتنقص حلاوته.
قوله: «والسكنجبين» الظاهر أنه لغة غير عربية[(4)]، وهو نوع من الشراب، وعلى كل حال الضابط: (ما خلطه غير مقصود).
وكذلك ـ مثلاً ـ الخبز فيه الملح غير مقصود، فنأخذ بالضابط، وأما الأمثلة فلا عبرة بها.
قوله: «ونحوها» يعني فهذه السلم فيها صحيح؛ لأن خلطها غير مقصود.



[1] أخرجه الإمام أحمد 2/171، وأبو داود في البيوع/ باب في الرخصة في ذلك (3357)، والحاكم 2/56، والبيهقي (5/287) عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصححه البيهقي، قال الحافظ في الدراية (2/159) في إسناده اختلاف، لكن أخرجه البيهقي من وجه آخر قوي، وحسنه الألباني في الإرواء (5/205).
[2] سيأتي تخريجه ص(94).
[3] سبق تخريجه ص(60).
[4] في المطلع ص(246): «وأما السكنجبين فليس من كلام العرب، وهو معروف مركب من السكر والخل ونحوه».


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
صحة, شروط

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir