وَمَنْ سَرَقَ شَيْئاً مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ ثَمَراً كَانَ أَوْ كَثَراً أَوْ غَيْرَهُمَا أُضْعِفَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلاَ قَطْعَ.
قوله: «وَمَنْ سَرَقَ شَيْئاً مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ ثَمَراً كَانَ أَوْ كَثَراً أَوْ غَيْرَهُمَا أُضْعِفَتْ عَلَيْهِ القِيمَةُ وَلاَ قَطْعَ» أضعفت بمعنى زيدت بمثلها، وأما كونه لا قطع فظاهر؛ لأنه يشترط للقطع أن تكون السرقة من حرز.
مثال ذلك: رجل سرق دراهم، أو دنانير من دكان مفتوح، فهنا سرق من غير حرز فليس عليه قطع؛ لأن من شروط القطع أن تكون السرقة من حرز، ولكن يقول المؤلف: إن القيمة تضاعف عليه، فإذا كان هذا المسروق يساوي مائة جعلناه بمائتين.
ودليل ذلك أنه ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن من سرق ثمراً من غير حرز فإنه يضاعف عليه الغرم[(198)].
والمؤلف ـ رحمه الله ـ يقول: إنه لا فرق بين أن يكون المسروق ثمراً أو كَثَراً أو غيرها، فالثمر كالتمر، والكثر قيل: إنه جُمَّار النخل، وقيل: إنه طلع النخل، والذي جاءت به السنة الثمر والكثر، وما عداهما فإنها لم تأتِ به السنة، فألحق بعض العلماء ما عداهما بهما، كما ذهب إليه المؤلف ـ رحمه الله ـ، والمذهب أن غيرهما لا يلحق بهما، فإذا سرق من غير حرز فلا قطع، ولا يجب عليه إلا القيمة إن كان متقوماً، أو المثل إن كان مثلياً.
أما الذين قالوا بالتضعيف فقالوا: إنه ثبت في السنة تضعيف الغرم في الثمر والكثر، ولا نعلم لذلك أصلاً إلا لأنه سرق من غير حرز، وعلى هذا فتكون العلة أنه سرق من غير حرز، فكل ما سرق من غير حرز ضوعفت عليه القيمة، وأما الذين قالوا: لا تضاعف عليه القيمة، قالوا: لأن الأصل في الضمان ضمان الشيء بمثله، فخرج الثمر والكَثَر إذا سُرق بالنص، فبقي ما عداهما على الأصل.
مثال ذلك: رجل صعد إلى نخلة فجذ منها قنواً أو قنوين وذهب به، وجب عليه أن يضمنه بمثله مرتين، وأما القطع فلا قطع.
مثال آخر: رجل سرق دراهم من غير حرز، وذهب بها فلا قطع عليه؛ لأنه من غير حرز، ولكن يجب أن يضمنه ـ على كلام المؤلف ـ بمثله مرتين فيضمن المائة بمائتين، والمذهب لا يضمنه إلا بمثله، فلا يضمن إلا المائة فقط.
وكلام المؤلف ـ رحمه الله ـ أقرب؛ لما في ذلك من الردع والزجر؛ ولأنه سقطت عنه العقوبة مراعاة لحاله ولمصلحته.
[198] سبق تخريجه ص(340).