دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > الوجوه والنظائر > تحصيل الوجوه والنظائر للحكيم الترمذي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ربيع الثاني 1432هـ/11-03-2011م, 11:05 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي الصلاة


17- الصلاة

وأما قوله: الصلاة على كذا وجه، فالصلاة: هي تصلية العبد بين يدي ربه، يدعوه: افتقارا، ومنه قوله: «صلى فلان بنار فلان» أي قام فقابل بجسده تلك النار، ليصل إليه حرها، فيتسخن بها، ويستدفئ بها من البرد، فقال: صلى، على قالب افتعل، يقال: اصطلى به، وهو قوله تعالى: {...بشهاب قبس لعلكم تصطلون}.
وإنما سمى الوقود: صلى، لأنه يصطلي به، ومنه قوله تعالى:
{لا يصلها إلى الأشقى الذي كذب وتولى}.
فإنما قوله «صلى» مثل قوله جمع، وكذلك يقال لكل فعل مردود مكرر، ليعلم أنه مرات، لا مرة واحدة، فإنما صلى العبد، أي: وقف وقابل بجسده قبالة عظمته وجلاله، ومجده وكرمه، وعطف ورأفته ورحمة، بما في قلبه من التوحيد له، والحب له، والإجلال والتعظيم له، وبذل النفس، والانقياد، والخوف والرجاء؛ فقابل العبد يما في قلبه وصدره من هذه الأشياء كلها، التي هي حشو معرفته ربه، وقابل بجسده
[تحصيل نظائر القرآن: 71]
وجميع أركانه عظمته وإلهيته: عبودة وتذللا، يستعطف بذلك ربه عليه، ويستجلب رحمته وجوده وكرمه، ويتضرع كالضرع الذي يحلب حتى يدر عليه اللبن، فهو يتملقه كي يدر عليه من جوده وكرمه، فوصل إليه من ربه هذه الأشياء، كما وصل إليه من حر النار حتى صلى بها، حتى سخن واستدفأ بها من البرد ن واستدفأ العبد بالنور الذي وصل إليه من وقوفه بين يديه من حر النار وزمهريرها.
فالصلاة دخول الله في مأمنه وهو كالحرم للعبد، وإذا كبر فقد صار كهيئة المحرم، ألا ترى انه رفض جميع أعمال النفس من الكلام والنظر، والمشي، والأخذ والإعطاء، والأكل والشرب: فإحرامه في صلاته أكثر من أحرامه ف الحج، فالحج: دخول في مأمن حرمه، والصلاة: دخول في مأمن قربته، ألا ترى إلى قوله تعالى: {واسجد واقترب}.
ولذلك قال: الساجد يسجد على ظهر قدم الرحمن، ولذلك أمر أن يتوجه إلى الكعبة، لأنها معلم القدم، ولذلك جاء في الحديث الذي روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- من قوله
[تحصيل نظائر القرآن: 72]
((سبحان الذي في الأرض موطئه)).
فهذا صلاة العبد يقف بين يدي ربه، يدعو ليستنير بنوره الذي أمله من القربة، كما وقف المصطلي بالنار ليصل إليه حرها، فيسخن بدنه، ويستدفئ بها من البرد، ويستجيب له دعاءه، ويسعفه حاجته، فإنه جوب للعباد محل الحوائج، وطرق لهم السبيل إلى دعائه ومسألته فلذلك جاز للصلاة أن تفسر فيقال هي: دعاء، لأنه إنما وقف ليدعوه بأسمائه، ويناجيه بمعالم الأسماء، ويقدسه بآلائه، ويثني عليه بصفاته ومحاسن أفعاله التي خرجت من صفاته، وإنما سمى «ثناء» لأنه فرد توحد بالأحدية، وتفرد بالواحدنية، وليس هاهنا صفة، فإذا ذكره بصفاته فإنما يذكر مثاني عندنا لا عنده، مأخوذ من الثنية، وإنما صار عندنا مثاني لاختلاف المعاني عندنا، أما عنده: فهو واحد المعنى، فلذلك قيل: ثناء عليه جلال وعظمة، وبهاء وسلطان، وكبرياء وعزة، وبهجة ورحمة؛ فهذا منا: ثناء عليه، وهو فرد منفرد عن هذه الأسماء، متوحد لأنا ذكرنا صفات كالمثاني، ولذلك يقال للثوب ثوب مثنى، لأنهما ثوبان متظاهران، وللثوب الواحد يقال: طاق، لأنه لم يثن عليه ثوب ثان فيلزق به، ولذلك يقال للرجل إذا صعد مكانا ما «ثنائي على كذا وكذا» يريد به الارتفاع والصعود، وإنما لزمه هذا الاسم لا من
[تحصيل نظائر القرآن: 73]
قبل الصعود، ولكن من قبل أن المكان رفيع، وقامته رفيعة، فصارت الرفعتين مثنى، كالشيء الذي قد ثنى بشيء.
وأما صلاة الرب: فهي إقباله على عبده بالدعاء له، وهو أن يسأل لعبده من نفسه فيقول: لتسبق رحمتي على فلان غضبي عليه.
حدثن سعيد بن يحيي بن سعيد الأموي، قال حدثنا هوذة ابن خليفة، عن عوف، عن الحسن: قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «قالت بنو إسرائيل لموسى: أيصلى ربك؟ قال: اتقوا الله يا بني إسرائيل، فأوحى الله إليه، إنما بعثتك لتبلغني عنهم، وتبلغهم عني، فماذا قالوا لك؟ قال: قالوا: أيصلى ربك؟ قال: فأخبرهم أني أصلى، وإن صلاتي: لتسبق رحمتي غضبي».
حدثنا سعيد قال حدثني أبي، قال حدثنا ابن جريج عن
[تحصيل نظائر القرآن: 74]
عطاء، قال: لما أسرى برسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى السماء السابعة، قال له جبريل «رويدك يا محمد فإن ربك يصلى»، قال: وما يقول يا جبريل؟ قال: يقول: «سبوح قدوس سبقت رحمتي غضبي». فهذه صلاته.
1- المغفرة: وإنما صار في مكان آخر تأويلها «المغفرة» فإن هذا فرع من الأصل الذي ذكرناه، بمنزلة غضن شجرة، فمرجع هذا التأويل، حيث قال: صلاته المغفرة راجع إلى الأصل، إذا قلنا إن صلاته أن يسأل من نفسه لعبده، فإذا كان العبد من ربه على بال عظيم- حتى يتولى بنفسه تبارك اسمه وتعالى الطلب والاقتضاء له نفسه- فقد دخل فيه المغفرة والرحمة والعفو والإفضال وكل مرغوب فيه.
[تحصيل نظائر القرآن: 75]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الصلاة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir