دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > ثلاثة الأصول وأدلتها

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 شوال 1429هـ/28-10-2008م, 07:37 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة

الأَصْلُ الثاَّنِي
مَعْرِفَةُ دِينِ الإسْلاَمِ بالأَدِلَّةِ
وَهُوَ: الاسْتِسْلامُ لِلّهِ بِالتَّوْحِيدِ، والانقيادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَالبَرَاءَةُ والخُلُوصُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ.
وَهُوَ ثَلاثُ مَرَاتبَ: الإسْلاَمُ، وَالايمَانُ، وَالإحْسَانُ.
وَكُلُّ مَرْتَبَةٍ لَهَا أَرْكَانٌ؛ فَأَرْكَانُ الإِسْلاَمِ خَمْسَةٌ، وَالدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ: ((بُنِي الإسْلاَمُ عَلى خَمْسٍ؛ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيْتِ)).
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسْلامُ} ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرينَ} .


  #2  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:24 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح ثلاثة الأصول لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز

(1) هذا هوَ الأصلُ الثاني، وهوَ دينُ الإسلامِ.
وهوَ ثلاثُ مراتبَ بَيَّنَهَا الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فأولُها: الإسلامُ، وهوَ الإخلاصُ للَّهِ وحدهُ: يعني: الاستسلامَ للَّهِ بالعبادةِ، وتخصيصَهُ بها دونَ كلِّ ما سواهُ، والبراءةَ من الشركِ وأهلِهِ، فإذا فعلَ ذلكَ فَقَدْ أسلَمَ، يعني: انقادَ وَذَلَّ وخَضَعَ للَّهِ وحدَهُ بالعبادةِ دونَ كلِّ ما سواه، وتَبَرَّأَ مِنَ الشركِ وأهلهِ.
قالَ تعالى: {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن باللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى} والكفرُ بالطاغوتِ معناهُ: البراءةُ منَ الشركِ وأهلِهِ، وإنكارُ ذلكَ، واعتقادُ بطلانِهِ.
- وهناكَ مرتبةُ الإيمانِ.
- ومرتبةُ الإحسانِ.
وكلُّهَا داخلةٌ في دينِ الإسلامِ، الدينِ الَّذِي شرَعَهُ اللَّهُ لعبادِهِ وأرسلَ بِهِ الرسلَ جميعًا.
ومرتبةُ الإسلامِ تشملُ الأعمالَ الظاهرةَ.

(2) وأركانُهُ خمسةٌ:
- شهادةُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ، وأنَّ محمدًا رسولُ اللَّهِ.
- وإقامُ الصلاةِ.
- وإيتاءُ الزكاةِ.
- وصومُ رمضانَ.
- وحجُّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلاً.
كمَا ثبتَ ذلكَ عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في قولِهِ: ((بُنيَ الإسلامُ علَى خَمْسٍ: شهادةُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللَّهِ وإقامُ الصلاةِ وإيتاءُ الزكاةِ وصومُ رمضانَ وحَجُّ البيتِ)) .


  #3  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:26 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح ثلاثة الأصول للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

(1) أيْ: مِن الأصولِ الثلاثةِ معرفةُ دينِ الإسلامِ بالأدلَّةِ، يعنِي: أنْ يُعْرَفَ دينُ الإسلامِ بأدِلَّتِهِ من الكتابِ والسُّنَّةِ.
(2) دينُ الإسلامِ، وإنْ شِئْتَ فَقُل: الإسلامُ، وهوَ الاستسلامُ لِلَّهِ بالتوحيدِ، والانقيادُ لَهُ بالطاعةِ، والبراءةُ من الشركِ وأهلِهِ؛ فهوَ مُتَضَمِّنٌ لأمورٍ ثلاثةٍ.
(3) أيْ: بأنْ يَسْتَسْلِمَ العبدُ لرَبِّهِ اسْتِسْلاَمًا شَرْعِيًّا، وذلكَ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وإفرادِهِ بالعبادةِ.
وهذا الإسلامُ هوَ الَّذِي يُحْمَدُ عليهِ العَبْدُ ويُثَابُ عليهِ.
أمَّا الاستسلامُ القَدَرِيُّ فلا ثوابَ فيهِ؛ لأنَّهُ لا حِيلَةَ للإنسانِ فيهِ، قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}.
(4) وذلكَ بِفِعْلِ أَوَامِرِهِ، واجْتِنَابِ نواهِيهِ؛ لأنَّ الطاعةَ طاعةٌ في الأمرِ بِفِعْلِهِ، وطاعةٌ في النهيِ بِتَرْكِهِ.
(5) البراءةُ من الشركِ؛ أيْ: أنْ يَتَبَرَّأَ منهُ وَيَتَخَلَّى منهُ، وهذا يَسْتَلْزِمُ البراءةَ منْ أهلِهِ، قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أَُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءاؤا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}.
(6) بَيَّنَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أنَّ الدينَ الإسلاميَّ ثلاثُ مراتبَ، بَعْضُهَا فَوْقَ بعضٍ، وهيَ: الإسلامُ، والإيمانُ، والإحسانُ.
(7) دليلُ ذلكَ قولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديثِ الَّذِي رَوَاهُ أميرُ المؤمنينَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حينَ جاءَ جبريلُ يَسْأَلُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ، وَبَيَّنَ لهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلكَ وقالَ: ((هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ)).
(8) دليلُ ذلكَ حديثُ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرامِ)). (9) شهادةُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللَّهِ، رُكْنٌ واحدٌ.
وإنَّمَا كَانَتَا رُكْنًا واحدًا معَ أنَّهُمَا منْ شِقَّيْنِ؛ لأنَّ العباداتِ تَنْبَنِي على تَحْقِيقِهِمَا مَعًا، فلا تُقْبَلُ العبادةُ إلاَّ بالإخلاصِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وهُوَ ما تَتَضَمَّنُهُ شهادةُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ، واتِّبَاعِ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهُوَ ما تَتَضَمَّنُهُ شهادةُ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللَّهِ.


  #4  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:29 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي حاشية ثلاثة الأصول للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

المتن:

الأَصْلُ الثاَّنِي:
مَعْرِفَةُ دِينِ الإسْلاَمِ بالأَدِلَّةِ(1)
وَهُوَ:

الاسْتِسْلامُ لِلّهِ بِالتَّوْحِيدِ(2)، والانقيادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ(3)، وَالبَرَاءَةُ والخُلُوصُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ(4).
وَهُوَ ثَلاثُ مَرَاتبَ(5): الإسْلاَمُ، وَالإيمَانُ، وَالإحْسَانُ(6).
وَكُلُّ مَرْتَبَةٍ لَهَا أَرْكَانٌ(7)؛ فَأَرْكَانُ الإِسْلاَمِ خَمْسَةٌ(8): شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيْتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ بَيْتِ الله الحَرَامِ(9).
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإسْلامُ}، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرينَ}.




الحاشية :
(1) لَمَّا فَرَغَ المُصَنِّفُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَه، مِن الأَصْلِ الأَوَّلِ، وشَرَحَهُ وبَسَطَه: شَرَعَ في ذِكْرِ الأَصْلِ الثَّانِي مِن أُصُولِ الدِّينِ، الذي لاَ يَنْبَنِي إلاَّ عَلَيْها، وهو: مَعْرِفَةُ دِينِ الإِسْلاَمِ بالأَدِلَّةِ، مِن الكِتَابِ والسُّنَّةِ.
والدِّينُ: الطَّاعَةُ، والتَّوْحيدُ وجَمِيعُ مَا يُتَعَبَّدُ بِهِ.
وقولُه: (بالأَدِلَّةِ) تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّه لاَ يَسُوغُ التَّقْلِيدُ في ذلك، فيَصِيرَ الرَّجُلُ إِمَّعَةً، بَلْ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَه أَدِلَّةٌ، مِن كِتَابِ اللَّهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا خُلِقَ لَهُ، لِيَكُونَ عَلَى نُورٍ، وبُرْهَانٍ وبَصِيرَةٍ مِن دِينِهِ.
فإنَّ مَن لَمْ يَكُنْ عَلَى حَقِيقَةٍ مِن دِينِهِ، فإِنَّه يُخْشَى عَلَيْهِ في حَياتِهِ، وبعدَ مَمَاتِه عندَ سُؤَالِ المَلَكَيْنِ إذَا سَألاَه في القَبْرِ، أنْ يَحْصُلَ له الشَّكُّ، فيُجِيبَ بالْجَوابِ السَّيِّئِ يَقُولُ: (هاه هاه لاَ أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُه).
بِخِلاَفِ مَن يَعْرِفُ أَدِلَّةَ دِينِهِ، مِن الكِتَابِ والسُّنَّةِ، وكَانَ عَلَى القَوْلِ الثَّابِتِ في الدُّنْيَا، فإنَّه حَرِيٌّ بأنْ يَقُولَ عندَ سُؤَالِ المَلَكَيْنِ: (رَبِّيَ اللَّهُ، ودِينِيَ الإِسْلاَمُ، ونَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فإِنَّ مِن أَسْبَابِ الثَّبَاتِ عندَ السُّؤَالِ: مَعْرِفَةَ الدِّينِ، بالحُجَجِ مِن الكِتَابِ والسُّنَّةِ، والعَمَلَ بِهِ.

(2) أي: الذُّلُّ والخُضُوعُ للَّهِ، بإِفْرَادِه بالرُّبُوبِيَّةِ، والخَلْقِ والتَّدْبِيرِ، وإِفْرَادِه بِجَمِيعِ أَنْواعِ العِبَادَةِ؛ مُشْتَقٌّ مِن التَّسْلِيمِ للمَنِيَّةِ، واسْتَسْلَمَ فُلاَنٌ للقَتْلِ: أَسْلَمَ نَفْسَه وانْقَادَ، وذَلَّ وخَضَعَ؛ أو مِن المُسَالَمَةِ، وهو: تَرْكُ المُنَازَعَةِ.

(3) أيْ: بفِعْلِ المَأْمُورَاتِ مِن الطَّاعَاتِ، وفِعْلِ الخَيْرَاتِ، وتَرْكِ المَنْهِيَّاتِ والمُنْكَرَاتِ، طَاعَةً للَّهِ تَعَالَى، وابْتِغَاءَ وَجْهِهِ، ورَغْبَةً فِيمَا عندَه، وخَوْفًا مِن عِقَابِه، وفِعْلُ الأَمْرِ، وتَرْكُ النَّهْيِ، ابْتِغَاءَ وَجْهِ الآمِرِ النَّاهِي، هو الذي جَاءَتْ بِهِ جَمِيعُ الرُّسُلِ.

(4) فَلاَ بُدَّ أنْ يَتَبَرَّأَ مِن الشِّرْكِ، ومِن أَهْلِ الشِّرْكِ، فِي الاعْتِقَادِ والعَمَلِ، والمَسْكَنِ، بل مِن كُلِّ خَصْلَةٍ مِن خِصَالِهِم، ومِن كُلِّ نِسْبَةٍ مِن النِّسَبِ إِلَيْهِم، مُعَادِيًا لَهُم أَشَدَّ مُعَادَاةٍ، غيرَ مُتَشَبِّهٍ بِهِم في قَوْلٍ أو فِعْلٍ.

(5) المَرْتَبَةُ، والرُّتْبَةُ: المَنْزِلَةُ العَالِيَةُ؛ ورَتَّبَ الشَّيْءَ تَرْتِيبًا: نَظَّمَه، وقَرَنَ بَعْضَه بِبَعْضٍ.

(6) أي: الإِسْلاَمُ مَرْتَبَةٌ، والإِيمَانُ مَرْتَبَةٌ، والإِحْسَانُ مَرْتَبَةٌ، وهذه هي: مَرَاتِبُ الدِّينِ، التي بُعِثَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمُصَنِّفُ رَحِمَه اللَّهُ ذَكَرَهُنَّ هنا مُجْمَلَةً، ثُمَّ فَصَّلَهُنَّ وبَيَّنَ أَدِلَّتَهُنَّ.

(7) أيْ: وكُلُّ مَرْتَبَةٍ مِن مَرَاتِبِ الدِّينِ الثَّلاَثِ، لَهَا أَرْكَانٌ لاَ تَقُومُ إِلاَّ عَلَيْهَا، وأَرْكَانُ الشَّيْءِ: أَجْزَاؤُه فِي الوُجُودِ، التي لاَ يَحْصُلُ إلاَّ بِحُصُولِهَا، ودَاخِلَةٌ في حَقِيقَتِه، سُمِّيَتْ بذلك، تَشْبيهًا لَهَا بأَرْكَانِ البَيْتِ، الذي لاَ يَقُومُ إلاَّ بِهَا، فَمَرَاتِبُ الدِّينِ، لاَ تَتِمُّ إلاَّ بأَرْكَانِهَا.
وفي الاصْطِلاَحِ: عِبَارَةٌ عن جُزْءِ الْمَاهِيَّةِ.

(8) لاَ يَسْتَقِيمُ إلاَّ بِهَا، ولاَ يَثْبُتُ بدونِها، ومَا فُقِدَ منها زَالَ الإِسْلاَمُ بِفَقْدِه.

(9) ذَكَرَها المُصَنِّفُ رَحِمَه اللَّهُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ)) أيْ: قَواعِدَ، أو دَعَائِمَ، وفي روايةٍ: ((عَلَى خَمْسَةٍ)) أيْ: أَرْكانٍ، مثَّلَ الإِسْلاَمَ بِبِنَاءٍ أُقِيمَ عَلَى خَمْسَةِ أَعْمِدَةٍ، لاَ يَسْتَقِيمُ إلاَّ بِهَا، وقَدَّمَ الأَهَمَّ فالأَهَمَّ، فبَدَأَ بقُطْبِهَا: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، ثُمَّ ثَنَّى بشَهَادَةِ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وكَثِيرًا ما تُقْرَنُ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: (وإِقَامِ الصَّلاَةِ، وإِيتاءِ الزَّكَاةِ، وصَوْمِ رَمَضَانَ، وحَجِّ بَيْتِ اللَّهِ الحَرَامِ) فهذه مَبَانِي الإِسْلاَمِ التي ابْتَنَى وتَرَكَّبَ منها، وتَأْتِي أَدِلَّتُهَا.
وكُلُّ خَصْلَةٍ مِن خِصَالِ الإِسْلاَمِ، دَاخِلَةٌ في الإِيمانِ، فَمَا كَانَ مِن الأَعْمَالِ البَاطِنَةِ، فَوَصْفُ الإيمانِ عَلَيْهِ أَغْلَبُ مِن وَصْفِ الإِسْلاَمِ.
ومَا كَانَ مِن الأَعْمَالِ الدِّينِيَّةِ الظَّاهِرَةِ، كالشَّهَادَتَيْنِ والصَّلاَةِ، وأَنْواعِ العِبَادَاتِ، التي تَظْهَرُ ويَطَّلِعُ عَلَيْهَا النَّاسُ، فَوَصْفُ الإِسْلاَمِ عَلَيْهَا أَغْلَبُ مِن وَصْفِ الإيمَانِ؛ فَدَائِرَةُ الإِسْلاَمِ: أَوْسَعُ مِن دَائِرَةِ الإيمانِ، كَمَا أنَّ دَائِرَةَ الإيمانِ: أَوْسَعُ مِن دَائِرَةِ الإحسانِ.


  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:30 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي حصول المأمول لفضيلة الشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان

الأصلُ الثاني:
(1) قولُهُ: (الأصلُ الثاني: مَعْرِفَةُ دِينِ الإسلامِ بالأدِلَّةِ) لَمَّا فَرَغَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ مِن الكلامِ علَى الأصْلِ الأوَّلِ وهوَ مَعْرِفَةُ العبدِ ربَّهُ، وحَقَّقَهُ تَحقيقًا بَديعًا، وساقَ عليهِ الأَدِلَّةَ الكافيَةَ انْتَقَلَ إلَى الأَصْلِ الثاني: وهوَ مَعْرِفَةُ دِينِ الإسلامِ.
والدِّينُ في اللغةِ: يُطْلَقُ علَى معانٍ عِدَّةٍ مِنها:
- الطاعةُ والانقيادُ.
يُقالُ: دانَ لهُ دِينًا ودِيانةً؛ أيْ: خَضَعَ، وذَلَّ وأَطاعَ.
- ما يَتَدَيَّنُ بهِ الإنسانُ.
يُقالُ: دانَ بكذا؛ أي: اتَّخَذَهُ دِينًا وتَعَبَّدَ بهِ.
والمعنَى الثاني يَدْخُلُ في مَفهومِهِ المعنَى الأَوَّلُ؛ لأنَّ مَنْ دانَ بدِينٍ خَضَعَ لتعاليمِهِ وانْقَادَ لها.
والدينُ الإسلاميُّ: هوَ الدِّينُ الذي بَعَثَ اللهُ بهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، جَعَلَهُ خاتِمَةَ الأديانِ، وأَكْمَلَهُ لعِبادِهِ، وأَتَمَّ بهِ عليهم النِّعمةَ، وتَقَدَّمَ ذِكْرُ ذلكَ.
وقدْ أشارَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ بقولِهِ: (مَعْرِفَةُ دِينِ الإسلامِ بالأَدِلَّةِ) إلَى أنَّ مَعْرِفَةَ الدِّينِ لا بدَّ أنْ تكونَ مَقرونةً بالدليلِ، إمَّا مِنْ كتابٍ وإمَّا مِنْ سُنَّةٍ.
فيَجِبُ علَى الإنسانِ أنْ يكونَ عالِمًا بالدليلِ علَى ما يَقومُ بهِ مِنْ عِبادةِ اللهِ تعالَى، ليَكونَ علَى بصيرةٍ مِنْ أَمْرِ دينِهِ؛ لأنَّ ذلكَ مِنْ أسبابِ الثباتِ عندَ السؤالِ في القَبْرِ بتوفيقِ اللهِ تعالَى، وتَقَدَّمَ هذا في أَوَّلِ الرسالةِ.

(2) قولُهُ: (وَهُوَ) أيْ: دِينُ الإسلامِ - الذي بَعَثَ اللهُ بهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - يَقومُ علَى ثلاثةِ أُسُسٍ:
الأساسُ الأوَّلُ: الاستسلامُ للهِ بالتوحيدِ.
الأساسُ الثاني: الانقيادُ للهِ تعالَى بالطاعةِ.
الأساسُ الثالثُ: الْبَراءةُ مِن الشرْكِ ومِنْ أَهْلِ الشرْكِ.
فهذه الأمورُ الثلاثةُ هيَ التي يَنتظِمُها دِينُ الإسلامِ.

(3) أمَّا الأَوَّلُ: فهوَ (الاستسلامُ للهِ) بمعنَى: الخضوعِ والذلِّ لهُ سُبحانَهُ ؛
لأنَّ مِنْ معاني مادَّةِ (أَسْلَمَ) في اللغةِ: الطاعةَ والإذعانَ، وقدْ وَرَدَ هذا في قولِ اللهِ تعالَى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ}، والْمُسْلِمُ سُمِّيَ بذلكَ لخضوعِ جوارحِهِ لطاعةِ ربِّهِ.

(4) وقولُهُ: (بالتوحيدِ) هذا شامِلٌ لتوحيدِ الربوبيَّةِ وتوحيدِ الأُلوهيَّةِ
والمعنَى: أن يَستسلمَ ويَخْضَعَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وأنْ يُفرِدَهُ برُبوبيَّتِهِ وأُلوهيَّتِهِ.

(5) الثاني: (والانقيادُ لهُ بالطاعةِ) الطاعةُ تَشملُ المأمورَ والمحظورَ، الطاعةُ في المأمورِ بالفِعْلِ، والطاعةُ في المحظورِ بالتَّرْكِ.

(6) الثالثُ: (والْخُلوصُ مِن الشرْكِ) أي: البراءةُ مِن الشرْكِ وأهلِهِ، فلا يَتِمُّ دِينُ الإنسانِ إلاَّ إذا تَبَرَّأَ مِن المشرِكينَ، وتَبَرَّأَ مِن الشرْكِ؛ فلا يُشاركُهم في اعتقادٍ، لا في قولٍ، ولا في عملٍ، ولا يُشاركُهم في مَسْكَنٍ، ولا يَتَشَبَّهُ بهم أوْ يَأْخُذُ شيئًا مِنْ عاداتِهم أوْ مِنْ تقالِيدِهم كما مَرَّ.
قالَ تعالَى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءاؤا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ} .

(7) قولُهُ: (وهوَ ثلاثُ مَراتبَ) يعني: الدينُ ثلاثُ مَراتبَ: الإسلامُ، والإيمانُ، والإحسانُ، كما في حديثِ عمرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، وسيأتي إن شاءَ اللهُ.
والْمَراتِبُ: جَمْعُ مَرتبةٍ، والْمَرتبةُ والرُّتبةُ: هيَ الْمَنْزلةُ، والْمَكانةُ، ورَتَّبَ الشيءَ تَرتيبًا: أَثْبَتَهُ وجَعَلَهُ في مَرتبتِهِ، أيْ: مَنْزِلَتِهِ.

(8) قولُهُ: (وكلُّ مَرتبةٍ لها أركانٌ، فأَركانُ الإسلامِ خَمسةٌ: شَهادةُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، وإقامُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكاةِ، وصَوْمُ رَمضانَ، وحَجُّ بيتِ اللهِ الحرامِ)
الأركانُ: جمعُ رُكنٍ، وهوَ جانِبُ الشيءِ الأَقْوَى الذي لا يَقومُ ولا يَتِمُّ إلاَّ بهِ.

(9) ودليلُ هذه الأركانِ الخمسةِ: حديثُ ابنِ عمرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ)).
قالَ الحافظُ ابنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ: (والْمُرَادُ مِنْ هذا الحديثِ أنَّ الإسلامَ مَبْنِيٌّ علَى هذه الْخَمْسِ، فهيَ كالأركانِ والدعائمِ لبُنيانِهِ، والمقصودُ تَمثيلُ الإسلامِ ببُنيانٍ، ودَعائمُ البُنيانِ هذه الخمسُ، فلا يَثْبُتُ البُنيانُ بدونِها، وبَقِيَّةُ خِصالِ الإسلامِ كتَتِمَّةِ البنيانِ، فإذا فُقِدَ مِنها شيءٌ نَقَصَ البنيانُ وهوَ قائمٌ، لا يُنْقَضُ بنقصِ ذلكَ، بخِلافِ نَقْصِ هذه الدعائمِ، فإنَّ الإسلامَ يَزولُ بفَقْدِها جميعًا بغيرِ إشكالٍ، وكذلكَ يَزولُ بفَقْدِ الشهادتينِ.
وأمَّا إقامُ الصلاةِ: فقدْ وَرَدَتْ أحاديثُ مَقصودةٌ تَدُلُّ علَى أنَّ مَنْ تَرَكَها فقدْ خَرَجَ مِن الإسلامِ... وذَهَبَ إلَى هذا القولِ جماعةٌ مِن السلَفِ والخلَفِ... وذَهَبَتْ طائفةٌ مِنهم إلَى أنَّ مَنْ تَرَكَ شيئًا مِنْ أركانِ الإسلامِ الخمسةِ عَمْدًا أنَّهُ كافرٌ بذلكَ...).
فالرُّكْنُ الأَوَّلُ: هوَ الشهادةُ.
ومعناها: الاعتقادُ الجازمُ، والذي يُنْبِئُ عنْ هذا الاعتقادِ هوَ اللسانُ،
فالشهادةُ: هيَ الاعتقادُ الجازِمُ الذي يُعَبِّرُ عنه اللسانُ.
وأُطْلِقَ علَى الاعتقادِ لفظُ الشهادةِ؛ لبيانِ أنَّهُ لا بُدَّ مِن الاعتقادِ الجازِمِ، والشهادةُ تكونُ مَقرونةً برُؤيَةِ المشهودِ عليهِ أوْ بسَماعِهِ مَثَلاً، فلَمَّا أُريدَ أنَّ هذا الاعتقادَ يَكونُ جَازِمًا عَبَّرَ عنه بلَفْظٍ يَدُلُّ علَى الْجَزْمِ وهوَ لفظُ الشهادةِ.
هذه هيَ الْحِكمةُ - واللهُ أَعْلَمُ - مِنْ أنَّهُ يُقالُ: شَهادةُ أنْ (لا إلهَ إلاَّ اللهُ) وأنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، ولا يُقالُ: اعتقادٌ، فاخْتِيرَ لفظُ الشَّهادةِ دونَ لفظِ الاعتقادِ مِنْ بابِ التوكيدِ والجزْمِ حتَّى كأنَّ هذا الذي تَعتقِدُهُ كأنَّكَ تُشاهِدُهُ، والذي تُشاهِدُهُ تَشْهَدُ بهِ، هذا معنَى شَهادةِ: أن (لا إلهَ إلاَّ اللهُ) وأنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ.
ثمَّ هنا مسألةٌ أُخْرَى وهيَ أنَّهُ في هذا الحديثِ جُعِلَت الشهادتانِ رُكْنًا واحدًا، فلم تُجْعَلْ شَهادةُ: (أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ) رُكْنًا، وتُجْعَلْ شَهادةُ: (أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ) رُكْنًا؛ لأنَّ المشهودَ بهِ مُتَعَدِّدٌ..
والجوابُ عنْ هذا السؤالِ مِنْ وجهينِ:
الأوَّلُ: أنَّ هاتينِ الشهادتينِ أساسُ صِحَّةِ الأعمالِ وقَبولِها؛ إذ لا يُقْبَلُ العملُ ولا يكون صَحيحًا إلاَّ بأمرينِ:
1- الإخلاصُ للهِ سُبحانَهُ وتعالَى.
2- المتابَعَةُ للرسولِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ.
فإذا وُجِدَ الإخلاصُ تَحَقَّقَت شَهادةُ: أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ.
وإذا وُجِدَت الْمُتابَعَةُ تَحَقَّقَت شَهادةُ: أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ.
فإذا كانت الشهادتانِ هما أَساسَ الأعمالِ صَحَّ أنْ يكونا رُكْنًا واحدًا.
الثاني: أنَّ الرسولَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ مُبَلِّغٌ عن اللهِ، فالشهادةُ لهُ بالرسالةِ والعُبوديَّةِ مِنْ تَمَامِ شَهادةِ: أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ، فكأنَّ الثانيَةَ تَكْمِلَةٌ للأُولَى.
أمَّا بَقِيَّةُ الأركانِ فيَأْتِي الكلامُ عليها - إنْ شاءَ اللهُ - عندَ سِياقِ الْمُصَنِّفِ أَدِلَّتَها.


  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:32 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح معالي الشيخ :صالح بن عبدالعزيزبن محمد آل الشيخ (مفرغ)



[أهمية معرفة دين الإسلام بالأدلة]
العبد يسأله منكر ونكير عن دينه: (ما دينك؟) فلهذا كان لزاماً أن يتعلم العبد دينه بأدلة ذلك حتى يخرج عن التقليد، ويكون اعتقاده بهذا عن علم، ومعرفة، وبصيرة، لا على وجه المتابعة للناس، ولهذا جاء في بعض طرق السؤال: ((وأما المنافق أو قال الفاجر فيقول: هاه هاه لا أدري! سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته)).
وهذا يدل على أنه جرى معهم على التقليد، وأن التقليد لا يسوغ في أصول الدين (هذه الأصول الثلاثة) التقليد في دين الإسلام، التقليد في العبادة، التقليد في الشهادة بأن محمداً رسول الله لا يكفي.
فإذا قال قائل: أنا مسلم بحكم أني في بلد إسلام، وهو لم يعتقد هذه الأمور اعتقاداً عن علمٍ، ولو لمرة في حياته، ولو كانت قبل البلوغ، فإنه لا يخلص من التبعة، فلا بد أن يعتقد ما يجب اعتقاده عن معرفة، وهي هذه الأصول الثلاثة، وعن معرفة وعلم ودليل، ولهذا الشيخ رحمه الله - كما ترى - توسع في الأدلة، كل مسألة يذكرها يذكر دليلاً عليها؛ لأن المتعلم لهذا يخرج به عن ربقة التقليد لمن عَلَّمه، فيكون اعتقاده عن دليل.
ولهذا ينبغي تعليم الصغار المميِّزين هذه الرسالة، أو الكبار يعلَّمونها بأدلتها لا على وجه التفصيل كما نذكر في هذا الشرح، لكن يتعلم أن العبادة معناها كذا ودليلها كذا، فيعتقدها بدليلها، يعلم أن الله -جل وعلا- هو الذي فرض هذا الشيء، وهذا دليل المسألة فيخرج عن ربقة التقليد في هذه المسائل العظام.
[الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة]
قال هنا - رحمه الله تعالى -: (الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة) ، ما هو الإسلام؟
قال: (وهو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك) وهذه العبارة - وهي الأخيرة - (والخلوص من الشرك) الصواب أنها (والبراءة من الشرك وأهله) هذا هو الموجود في النسخ المعتمدة، وأما (والخلوص من الشرك) فهذه ليست في النسخ المعتمدة، وهي في هذه الطبعة التي بين يدي، والصحيح في النسخ المعتمدة أن الإسلام: (هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله). ومن المعلوم أن البراءة من الشرك وأهله أدل على المراد من لفظ الخلوص من الشرك؛ لأن الخلوص من الشرك إنما هو خروج عن الشرك، وليس فيه معنى البراءة من الشرك وأهله، ولهذا كان الأصح أن يُجعل بدل (الخلوص من الشرك) - في هذه النسخة - ما هو في النسخ المعتمدة الأخرى وهي: أن الإسلام: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، وهذا هو الذي يناسب الاستدلال الذي استدل به الشيخ وهو قوله تعالى في سورة الزخرف: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} فذكر البراءة وهو الذي يناسب هذا التعريف.
[تعريف الإسلام بمعنييه العام والخاص]
- والإسلام يراد به تارة الإسلام العام.
- ويراد به تارة الإسلام الخاص.
يأتي هذا في القرآن وهذا، فالإسلام العام يراد به الإسلام الذي خوطب به جميع الناس من لدن آدم عليه السلام إلى أن يرث الله -جل وعلا- الأرض ومن عليها، بل خوطب به جميع المخلوقات، كما قال جل وعلا: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} أسلم له كل شيء كما قال ورقة بن نفيل - فيما أحسب - قال:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت له المُزن تحمل عذباً زُلالاً
فالإسلام - هذا - العام: الاستسلام لله، استسلامٌ لله عن طواعية واختيار، هذا الإسلام العام هو الذي خوطب به جميع الخلق، حصل التكليف على آدم وبنيه، قال جل وعلا: {وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ} يعني: حمل الإنسان الأمانة، وهي أمانة التكليف - التكليف بالإسلام - قال جل وعلا: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} وهذا هو الإسلام العام الذي دعا إليه كل رسول، وكل نبي من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم، الجميع يدعو إلى الإسلام، وهذا الإسلام يسميه العلماء الإسلام العام الذي يشترك فيه جميع الرسل.
أما الإسلام الخاص: فهو القسم الثاني وهو المراد هاهنا، فمعرفة دين الإسلام لا يريد به دين الإسلام العام، وإنما بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، صار المقصود بالإسلام الذي طُلب من الناس أن يدينوا به، وأن يعتقدوه، هو الإسلام الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، وهو دين الإسلام الخاص حتى صار الإطلاق إذا أُطلِق الإسلام لا يراد به إلا دين الإسلام الذي بُعث به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يشمل عقيدة الإسلام وشريعة الإسلام.
ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا أكبه الله في النار)) ((لا يسمع بي)) : يعني ببعثتي، برسالتي وبما أُرسلت به، ((ثم لا يؤمن بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني)) ، وفي الرواية الأخرى: ((أحدٌ من هذه الأمة يهودي أو نصراني)) المراد: أمة الدعوة، ((ثم لا يؤمن بي إلا أكبه الله في النار)).
فمن كان على دين الإسلام العام، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يقبل منه، لا يقبل بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من أحد إلا أن يتبع دين الإسلام الخاص، يعني: الذي بعث به النبي عليه الصلاة والسلام، وهو المراد هاهنا، وهو الذي يحصل به الابتلاء في القبر والفتنة في القبر، يحصل الابتلاء والفتنة بدين الإسلام الذي بعث به محمدٌ صلى الله عليه وسلم.
[شرح قوله: (الاستسلام لله بالتوحيد) ]
قال: (هو الاستسلام لله بالتوحيد) الاستسلام أن يكون فاعله - فاعل الاستسلام - كهيئة المستسلم، والمستسلم لغيره تابعٌ له لا يفعل إلا ما يريد، خَلُص قلبه إلا من رغبة من استسلم له، ولو قال: وهو الإسلام لله بالتوحيد، لصح أيضاً، فالاستسلام هنا بمعنى الإسلام: {وَلَهُ أَسْلَمَ}، {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} كلها بمعنى، الاستسلام والإسلام، الإسلام لله والاستسلام لله بمعنىَ واحد، قيدها في هذا الموضع بقوله: (بالتوحيد) والتوحيد: اسم يشمل توحيد الله -جل وعلا- في ربوبيته وفي إلهيته وفي أسمائه وصفاته، والمقصود الأخص من هذه الثلاثة توحيد العبادة؛ لأن الخصومة وقعت فيه، ومعلوم أن توحيد العبادة متضمن لتوحيد الربوبية ولتوحيد الأسماء والصفات.
[شرح قوله: (والانقياد له بالطاعة) ]
ثم قال: (والانقياد له بالطاعة) انقيادٌ لله -جل وعلا- بالطاعة، يعني: أن يكون منقاداً غير ممانع ولا متولٍ عن طاعة الله جل وعلا، وإنما ينقاد ويذعن، كما قال جل وعلا: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} أمر بطاعة الله وطاعة رسوله، يعني الانقياد لله وللرسول فيما أمر الله -جل وعلا- به، وفيما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} : أعرضوا ولم يذعنوا ولم ينقادوا، {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ}: يعني: على الرسول {مَا حُمِّلَ} إياه وهو الرسالة، {وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ}، وهو الاستجابة لله وللرسول.
فإذاً هنا: الانقياد له بالطاعة، لله -جل وعلا- بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم الذي بعث بهذا الإسلام الأخير.
[شرح قوله: (البراءة من الشرك وأهله) ]
قال: (والبراءة من الشرك وأهله) البراءة من الشرك وأهله، فسرت البراءة بعدة تفسيرات، أصلٌ وفروعه.
أصل البراءة: البغض بالقلب، يعني: بغض الشرك وأهله، ويتبع ذلك - يتبع بغضَهم - معاداتُهم، وتكفير من كفره الله -جل وعلا- ورسوله، تكفير المشركين ومقاتلتهم عند مشروعية ذلك، وهذا هو معنى الكفر بالطاغوت أيضاً، فإن الكفر بالطاغوت هو بغضه، ومعاداة أهله، وتكفير أهل الطاغوت وهم أهل عبادة غير الله جل وعلا، وقتالهم عند مشروعية ذلك.
فالبراءة من الشرك أصلها البغض، يتبع البغض أشياء:
أولاً: المعاداة.
ثانياً: التكفير، ومعلوم أن التكفير تبع للعلم.
ثم قتالهم عند مشروعية ذلك، وذلك أيضاً مستلزمٌ للعلم.
فتلخص: أن على العامة - وهم من ليسوا علماء - البراءة أصلها وهو البغض، وأما فروعها فإنما هي بحسب درجات العلم.
البغض لابد أن يوجد، فإن لم يبغض الشرك، فإنه ليس بمسلم، إذا كان يحب الإسلام وأهله، ويحب التوحيد وأهله، ولكن لا يبغض الشرك وأهله، فإنه ليس بمسلم، لكن قد يبغض الشرك وأهل الشرك باعتبار الأصل، لكنه يحب بعض المشركين لغرض من أغراض الدنيا، فهذا ليس بمشرك، وإنما ناقصٌ إسلامه، كما أوضحت لكم فيما سبق في تقسيم الموالاة إلى موالاةٍ وتولٍ.
المقصود من هذا: أن مسألة البراءة هذه من الشرك وأهله، أصل البراءة البغض، يتبعها أشياء:
- المعاداة.
- التكفير.
- المقاتلة.
وكلها تبع للعلم ويتنوع ذلك بحسب الناس، وأسهل ما يكون عند الموحدين - عند عامتهم - معاداة المشركين ولو لم يكن عنده من الحجة أو من بيان تكفيرهم، ومن إقامة الدلائل على مشروعية مقاتلة أهل الشرك، فإنه قائم في قلبه بغضهم ومعاداتهم وهذا به يحصل الإسلام.
[بيان مراتب الدين]
هذا الدين - دين الإسلام - الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث مراتب، قال الشيخ رحمه الله: (وهو ثلاث مراتب: الإسلام) هذه مرتبة في دين الإسلام، نتيجة هذه المرتبة أن يحكم لأهلها بأنهم مسلمون.(والإيمان) ونتيجة هذه المرتبة أن يحكم لأهلها بأنهم مؤمنون.(والإحسان) ونتيجتها أن يحكم لأهلها بأنهم محسنون، فالمحسن والمؤمن والمسلم الجميع من أهل دين الإسلام، لكن لكلٍ مرتبته الخاصة به {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ}
فالإسلام: هو إقامة الأعمال الظاهرة، الشهادتين مع الأركان الأربعة المعروفة، إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، مع بعض الإيمان الذي يصحح هذا العمل الظاهر.
والإيمان: هو الإيمان بأركانه الستة: بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، مع بعض الإسلام الظاهر، بعض العمل الظاهر الذي به يصح هذا الإيمان الباطن.
والإحسان: وهو مقام المراقبة لله جل وعلا.
قال: (وكل مرتبة لها أركان) .


  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:34 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي العناصر


بيان الأصل الثاني
- بيان إطلاقات الدين في اللغة
بيان معنى الإسلام
- شرح تعريف الإسلام
- معنى الدين الإسلامي
بيان مراتب دين الإسلام
- لابد أن تقرن معرفة الدين بالدليل
- الأسس التي يقوم عليها دين الإسلام
- بيان معنى المرتبة
بيان أن لكل مرتبة من مراتب الدين أركاناً
- بيان معنى الركن
- كلام لابن رجب رحمه الله عن أهمية أركان الإسلام
بيان أركان الإسلام


  #8  
قديم 16 ذو القعدة 1429هـ/14-11-2008م, 02:35 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الأسئله

الأسئلة
س1: اذكر تعريف المؤلف للإسلام، مع التوضيح.
س2: ما الفرق بين الاستسلام الشرعي والاستسلام القدري ؟
س3: عدد مراتب الدين.
س4: عدد أركان الإسلام مع الاستدلال لكل ركن.
س5: بين معنى شهادة (أن لا إله إلا الله).
س6: أعرب كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله).
س7: ما معنى شهادة أن محمداً رسول الله؟ مع التوضيح.
س8: ما معنى المرتبة ؟
س9: ما هي شروط لا إله إلا الله ؟
س10: استدل من النقل والعقل على أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسولُ الله.
س11: ما معنى إقامة الصلاة ؟
س12: عرف الصيام لغة وشرعاً.
س13: عرف الحج لغة وشرعاً.
س14: فسر باختصار الآيات التالية :-
أ. {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط}.
ب. {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون ...} الآيات.
ج. {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم …} الآية .
د. {لقد جاءكم رسول من أنفسكم …} الآية .
هـ. {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين …} الآية .
و. {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم …} الآية .
ز. {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا …} الآية .


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأصل, الثاني

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir