دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العام للمفسر > منتدى المسار الثاني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 شعبان 1443هـ/24-03-2022م, 04:34 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة آل عمران

مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 113-132)



س: حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {ليسوا سواء}.



تعليمات الإجابة:
هذا التطبيق مطلوب تقديمه في صورة خطوات منفصلة كالتالي:
أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
ثانيا:
استخلاص الأقوال وتصنيفها ونسبتها.
ثالثا: تخريج الأقوال.
رابعا: توجيه الأقوال.
خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.



تعليمات:
- دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا.
- لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.

- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 محرم 1444هـ/17-08-2022م, 11:06 PM
صلاح الدين محمد صلاح الدين محمد غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 1,868
افتراضي

س: حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {ليسوا سواء}.
ذكر في معنى الآية أقوال:
الأول: ليس اليهود كلهم سواء، بل فيهم من هو قائم بأمر الله. وهو قول ابن عباس, وقتادة, وابن جريج. ذكره ابن عطية, وابن كثير.
الثاني: ليس أهل الكتاب وأمة محمّدٍ القائمة بحقّ اللّه سواءً عند اللّه. وهو قول ابن مسعود, والسدي. ذكره ابن عطية, وابن كثير.

التخريج:
- قول ابن عباس: أخرجه ابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره, والهيثمي في مجمع الزوائد, والطبراني في الكبير, والبيهقي في الدلائل, وابن عساكر في تاريخه من طرق عنه, قال: لمّا أسلم عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيدٍ، ومن أسلم من يهود معهم، فآمنوا وصدّقوا ورغبوا في الإسلام وتنحوا فيه، قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمّدٍ ولا تبعه إلاّ أشرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم، وذهبوا إلى غيره، فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك من قولهم: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه} إلى قوله: {وأولئك من الصّالحين}.
- قول قتادة: أخرجه ابن جرير في تفسيره عن بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} الآية، يقول: ليس كلّ القوم هلك، قد كان للّه فيهم بقيّةٌ.
- قول ابن جريج: أخرجه ابن جرير في تفسيره عن القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌّ، قال: قال ابن جريجٍ: {أمّةٌ قائمةٌ} عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سلامٍ أخوه، وسعية، ومبشّرٌ، وأسيدٌ وأسدٌ ابنا كعبٍ.
- قول ابن مسعود: أخرجه ابن جرير في تفسيره, وابن أبي حاتم في تفسيره, وابن المنذر في تفسيره, والطبراني في الكبير عن الحسن بن يزيد العجليّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، أنّه كان يقول في قوله: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} قال: لا يستوي أهل الكتاب، وأمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- قول السدي: أخرجه ابن جرير في تفسيره عن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} الآية، يقول: ليس هؤلاء اليهود كمثل هذه الأمّة الّتي هي قائمةٌ.
توجيه الأقوال:
القول الأول مبناه على أمرين:
1 - سبب نزول الآية وهو ما روي عن ابن عباس قال: لمّا أسلم عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيدٍ، ومن أسلم من يهود معهم، فآمنوا وصدّقوا ورغبوا في الإسلام وتنحوا فيه، قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمّدٍ ولا تبعه إلاّ أشرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم، وذهبوا إلى غيره، فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك من قولهم: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه} إلى قوله: {وأولئك من الصّالحين}.
2 - مرجع الضمير في "ليسوا", وأنه عائد على أهل الكتاب.
القول الثاني: مبناه على مرجع الضمير في "ليسوا", وأنه عائد على اليهود وعلى هذ الأمة؛ إذ تقدم ذكرهما في قوله تعالى: (كنتم خير أمة).

الدراسة:
اختلف أهل العلم في معنى قوله تعالى: (ليسوا سواء) إلى قولين الأول منهم: أن المراد به اليهود, وأن مرجع الضمير في (ليسوا) راجع إلى أهل الكتاب من اليهود وأنهم ليسوا سواء فمنهم القائم بأمر الله تعالى وهم المؤمنون ومنهم الكافر, وأن الوقف على ليسوا سواء وقف تام؛كما ذكر ذلك ابن جرير فقال: يعني بقوله جلّ ثناؤه: {ليسوا سواءً} ليس فريقا أهل الكتاب، أهل الإيمان منهم والكفر سواءً، يعني بذلك: أنّهم غير متساوين، يقول: ليسوا متعادلين، ولكنّهم متفاوتون في الصّلاح والفساد والخير والشّرّ.
وإنّما قيل: ليسوا سواءً؛ لأنّ فيه ذكر الفريقين من أهل الكتاب اللّذين ذكرهما اللّه في قوله: {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرًا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}، ثمّ أخبر جلّ ثناؤه عن حال الفريقين، عنده، المؤمنة منهما والكافرة، فقال: {ليسوا سواءً} أي ليس هؤلاء سواءً، المؤمنون منهم والكافرون، ثمّ ابتدأ الخبر جلّ ثناؤه عن صفة الفرقة المؤمنة من أهل الكتاب ومدحهم وأثنى عليهم بعدما وصف الفرقة الفاسقة منهم بما وصفها به من الهلع ونخب الجنان، ومحالفة الذّلّ والصّغار، وملازمة الفاقة والمسكنة، وتحمّل خزي الدّنيا وفضيحة الآخرة، فقال: {من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون} الآيات الثّلاث، إلى قوله: {واللّه عليمٌ بالمتّقين}.
وقال ابي حيان: والواو في ليسوا هي لأهل الكتاب السابق ذكرهم في قوله : (وَلَوْ ءامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ مّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ).
والثاني: أن المراد هم أهل الكتاب وأمة محمد صلى الله عليه وسلم, وأن مرجع الضمير في (ليسوا) راجع إليهما إذ تقدم ذكرهما في الآيات قبل.
الراجح:
والراجح هو القول الأول أن المراد هم أهل الكتاب كما ذكر ذلك ابن جرير فقال: أولى القولين بالصّواب في ذلك قول من قال: قد تمّت القصّة عند قوله: {ليسوا سواءً} عن إخبار اللّه بأمر مؤمني أهل الكتاب، وأهل الكفر منهم، وأنّ قوله: {من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} خبرٌ مبتدأٌ عن مدح مؤمنيهم، ووصفهم بصفتهم، على ما قاله ابن عبّاسٍ، وقتادة، وابن جريجٍ.
وقال ابو حيان: والأصح أن الواو ضمير عائد على أهل الكتاب ، وسواء خبر ليس . والمعنى : ليس أهل الكتاب مستوين ، بل منهم من آمن بكتابه وبالقرآن ممن أدرك شريعة الإسلام ، أو كان على استقامة فمات قبل أن يدركها .
وقال: والظاهر عود الضمير على أهل الكتاب المذكورين في قوله : (وَلَوْ ءامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ) لتوالي الضمائر عائدة عليهم فكذلك ضمير ليسوا .
وقال السمين الحلبي: قوله تعالى: {لَيْسُواْ سَوَآءً} : الظاهرُ في هذه الآية أن الوقف على «سواء» تامٌ، فإنَّ الواوَ اسمُ «ليس» ، و «سواءً» خبر، والواو تعودُ على أهل الكتاب المتقدِّم ذكرُهم، والمعنى: أنهم منقسمون إلى مؤمن وكافر لقولِهِ: {مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون} [آل عمران: 110] فانتفى استواؤُهم. و «سواء» في الأصلِ مصدرٌ فلذلك وُحِّد.

المراجع:
- تفسير ابن جرير.
- معاني القرآن للزجاج.
- تفسير ابن أبي حاتم.
- تفسير ابن أبي حاتم.
- مجمع الزوائد للهيثمي.
- المحرر الوجيز لابن عطية.
- الكبير للطبراني.
- الدلائل للبيهقي.
- التاريخ الكبير لابن عساكر.
- البحر المحيط لأبي حيان.
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
- الدر المصون للسمين الحلبي.
والله أعلم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 صفر 1444هـ/3-09-2022م, 05:09 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة آل عمران

صلاح الدين محمد أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
فاتك ذكر ما روي عن ابن مسعود فيما يخصّ نزول الآية، وهو مهمّ في دراسة المسألة، خاصّة وهي رواية صحيحة.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 ربيع الأول 1444هـ/22-10-2022م, 10:41 PM
إيمان جلال إيمان جلال غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 380
افتراضي

المجلس الثامن
س: حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {ليسوا سواء}.
بعد الاطلاع ما على جمهرة العلوم، فإنه يمكن القول بأن المسألة تتعلق بأسباب النزول، والوقف والابتداء، ومرجع الضمير في "ليسوا".
أولا: ذكر مراجع البحث مرتّبة على مراتب مراجع الأقوال في التفسير.
فالمسألة لغوية تفسيرية بيانية ولها تعلق في علوم القرآن مثل: غريب القرآن، وإعراب القرآن، والوقف والابتداء، وأسباب النزول.
المرتبة الأولى: كتب التفسير في دواوين السنة
- كتاب تفسير القرآن من جامع عبد الله بن وهب المصري(ت:197هـ).
- كتاب التفسير من سنن سعيد بن منصور الخراساني(ت:226هـ).
- مسند ابن أبي شيبة (235 هـ)
- مسند الإمام أحمد (241 هـ)
- كتاب تفسير القرآن من صحيح البخاري(ت:256هـ).
- كتاب التفسير من صحيح مسلم(ت:261هـ).
- كتاب تفسير القرآن من سنن النسائي (303 هـ)
- كتاب التفسير من مستدرك أبي عبد الله الحاكم النيسابوري(ت:405هـ).

المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث
- جامع الأصول في أحاديث الرسول لأبي السعادات (606 ه)
- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لابن الهيثمي (807 ه)
- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر (852 ه)
- الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي (911 ه).

المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة
- تفسير القرآن العزيز عبد الرزاق الصنعاني (211 ه)
- جامع البيان في تأويل آي القرآن لا بن جرير الطبري (310 ه).
- تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم الرازي (327 ه)
- الكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعلبي (427 ه)
- معالم التنزيل للبغوي (516).

المرتبة الرابعة: التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها
- ما طبع من تفسير سفيان الثوري (161 ه)
- ما طبع من تفسير عبد بن حميد (249 ه)
- ما طبع من كتاب أحكام القرآن لأبي إسحاق الجهضمي (282 ه)
- ما طبع من تفسير ابن المنذر (318 ه)
- وما كان من تفسير بعض جماعة المحدثين كأمثال: ابن أبي شيبة.

المرتبة الخامسة: أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة، ومنها:
- تفسير عطاء بن أبي مسلم الخراساني (135هـ).
- تفسير نافع بن أبي نعيم (169هـ).
- تفسير مسلم بن خالد الزنجي (179هـ).
- تفسير يحيى بن اليمان (188هـ).
- تفسير آدم بن أبي إياس العسقلاني (220هـ).
- تفسير مجاهد برواية الهمذاني (352 ه).


المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير
- الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي (437هـ)
- النكت والعيون للماوري (450هـ).
- المحرر الوجيز لابن عطية (542هـ).
- زاد المسير لابن الجوزي (597هـ).
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (671هـ).
- تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي (774هـ).

المرتبة السابعة: كتب تخريج أحاديث التفسير، ومنها:
- الكاف الشاف بتخريج أحاديث الكشاف للحافظ ابن حجر العسقلاني (852هـ).

المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث، ومنها:
شروح في صحيح البخاري
- كابن بطال.
- وابن رجب في فتح الباري.
- والعيني في عمدة القاري.

• وبحسب تصنيف مسألتنا: فإن من المصادر التي تعنى بالمصادر اللغوية:
** في معاني المفردات والأساليب اللغوية:
- معاني القرآن للفراء (207 ه).
- مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى (210 ه).
- معاني القرآن للأخفش الأوسط للبلخي (215 ه)
- تأويل مشكل القرآن للدينوري (276 ه).
- معاني القرآن وإعرابه للزجاج (311 ه).
- معاني القرآن للنحاس (338 ه).

** في غريب القرآن:
- تفسير غريب القرآن لابن قتيبة (276 ه).
- تهذيب اللغة لأبي منصور الهروي (370 ه)
- المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني (502 ه).

** في التفسير البياني:
- لباب التأويل في معاني التنزيل لعلاء الدين الخازن (741 ه).
- البحر المحيط لأبي حيان (754 ه).
- الدر المصون للسمين الحلبي (756 ه).
- نظم الدرر للبقاعي (885 ه).
- تفسير أبي السعود (951 ه).
- روح المعاني للألوسي (1270 ه).
- التحرير والتنوير لابن عاشور (1393 ه).

** وفي إعراب القرآن:
- إعراب القرآن للنحاس (338 ه).

** وفي أسباب النزول:
- أسباب النزول للواحدي (468 ه).
- العجاب في بيان الأسباب لابن حجر (852 ه).
- لباب النقول في بيان أسباب النزول لجلال الدين السيوطي (911 ه).
- مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ (1423هـ)
- الاستيعاب في بيان الأسباب لسليم الهلالي (1425 ه).

ثانيا: استخلاص المسائل وتصنيفها ونسبتها.
1. مرجع الضمير في "ليسوا":
فقد ذكر المفسرون فيها ثلاثة أقوال، هي:
القول الأول: هم أهل الكتاب من يهود ونصارى. قاله ابن عباس وقتادة وابن جريج وأبو الأشهب، ورواه عبد بن حميد واختاره ابن جرير، كما رواه ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
كما أخرجه ابن إسحاق، وعبد بن حميد كما ذكره السيوطي في الدر المنثور.
والمعنى: لا يستوي أهل الكتاب المؤمنون منهم والكافرون، فهم غير متعادلين، ولكنهم متفاوتون في الصلاح والفساد والخير والشر.

فيكون عود الضمير إما:
• على ما جاء في الآية السابقة: "ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون، لن يضروكم إلا أذى، وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون، ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة، ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون".

الأدلة والشواهد:
- قال ابن عباس ومقاتل: لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من اليهود قالت أحبار اليهود: ما آمن لمحمد إلا شرارنا ولو كانوا من أخيارنا لما تركوا دين آبائهم وقالوا لهم: لقد خسرتم حين استبدلتم بدينكم دينًا غيره فأنزل الله تعالى: {لَيسوا سَواءً} الآية. ذكره الواحدي في أسباب النزول.

• وإما على "أهل الكتاب" فيما يلي "ليسوا سواء" وهم الممدوحون: "من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون، يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات، وأولئك من الصالحين". قاله الفراء.
والمعنى: من أهل الكتاب أمة قائمة، وأمة غير قائمة.

ثالثا: تخريج الأقوال:
في القول الأول:
أما قول ابن عباس:
- فقد رواه ابن جرير (من عدة طرق) وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في المعجم الكبير والبيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عنه أنه قال: لمّا أسلم عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيدٍ، ومن أسلم من يهود معهم، فآمنوا وصدّقوا ورغبوا في الإسلام وتنحوا فيه، قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمّدٍ ولا تبعه إلاّ أشرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم، وذهبوا إلى غيره، فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك من قولهم: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه} إلى قوله: {وأولئك من الصّالحين}.
- وأخرجه ابن إسحاق عنه كما جاء في الدر المنثور.
- وأخرج الطبراني بسند حسن عن ابن عباس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أخر صلاة العشاء ثم خرج فقال: ما يحبسكم هذه الساعة قالوا: يا نبي الله انتظرناك لنشهد الصلاة معك فقال لهم: ما صلى صلاتكم هذه أمة قط قبلكم وما زلتم في صلاة بعد.
وأخرج الطبراني بسند حسن عن عبد الله بن المستورد قال: احتبس النّبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة حتى لم يبق في المسجد إلا بضعة عشر رجلا فخرج إليهم فقال: ما أمسى أحد ينتظر الصلاة غيركم. كما جاء في الدر المنثور، غير أني لم أجده فيه بعد البحث، ولكن ابن الهيثمي ذكره في مجمع الزوائد.

أما قول قتادة:
- فقد رواه ابن جرير من طريق بشر عن يزيد عن سعيد عنه أنه قال: ليس كلّ القوم هلك، قد كان للّه فيهم بقيّةٌ.
- ورواه عبد بن حميد عنه كما جاء في الدر المنثور.

أما قول ابن جريج: فقد رواه ابن جرير من طريق القاسم عن الحسين عن حجاج عنه أنه قال: {أمّةٌ قائمةٌ} عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سلامٍ أخوه، وسعية، ومبشّرٌ، وأسيدٌ وأسدٌ ابنا كعبٍ.

أما قول أبي الأشهب:
- فقد رواه ابن المنذر من طريق شيبان عنه أنه قال: وتلا الحسن هَذِهِ الآيَة: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} "هؤلاء أَهْل الهدى، لَيْسَ كُلّ الْقَوْم هلك، فقرأ حَتَّى بلغ: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} قَالَ: فزعوا إِلَى أنفسهم حين تفرقت أمتهم".
- ورواه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن سليمان النشيطي عنه أنه قال: ليس كل القوم هلك. على الحسن: ليسوا سواءً من أهل الكتاب قال: هؤلاء أهل الهدى.



القول الثاني: هم أهل الكتاب (اليهود)، وأمة النبي صلى الله عليه وسلم. قاله معاذ بن جبل وابن مسعود وعائشة وابن عمر والسدي والربيع، ورواه ابن وهب، وبكر بن بكار وابن أبي شيبة في المسند، وأحمد في مسنده والدارمي في مسنده، والبخاري ومسلم وأبو داوود، والنسائي، وأبو يعلى في مسنده، وابن جرير، وابن خزيمة وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان في صحيحه، والطبراني في معجمه، والبيهقي في سننه.
كما أخرجه الفريابي والبخاري في تاريخه وعبد بن حميد كما جاء في الدر المنثور.
والمعنى: لا يستوي المسلمون مع أهل الكتاب قطعا.

الأدلة والشواهد:
- أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الغازي قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري قال: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال: ((إنه ليس من أهل الأديان أحد يذكر الله تعالى في هذه الساعة غيركم)) قال: فأنزلت هذه الآيات: {لَيسوا سَواءً مِّن أَهلِ الكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتلونَ آيات الله} إلى قوله: {وَاللهُ عَليمٌ بِالمُتَّقينَ}.. ذكره الواحدي في أسباب النزول.

تخريج الأقوال في القول الثاني:
أما قول معاذ بن جبل: فقد رواه بكر بن بكار وأبو داوود والبيهقي في سننه من طريق حريز بن عُثْمَانَ الرَّحَبِيُّ الْحِمْصِيُّ، عن رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْه أنه قَالَ: رَقَبْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ، حَتَّى ظَنَّ الظَّانُّ مِنَّا أَنَّهُ قَدْ صَلَّى وَلَيْسَ بِخَارِجٍ، قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ ظَنَّ الظَّانُّ مِنَّا أَنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ وَلَسْتَ بِخَارِجٍ، وَالْقَائِلُ قَدْ صَلَّيْتَ وَلَسْتَ بِخَارِجٍ، قَالَ: فَقَالَ: ‌‌«أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ يُصَلِّهَا أَحَدٌ قَبْلَكُمْ».

أما قول ابن مسعود:
- فقد رواه ابن وهب وابن جرير والطبراني في معجمه من طريق يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن سليمان عن زر بن حبيش عنه أنه قال: احتبس علينا رسول اللّه ذات ليلةٍ عند بعض أهله أو نسائه [فلم يأتنا لصلاة العشاء] حتّى ذهب ليلٌ، فجاء، ومنّا المصلّي ومنّا المضطجع، فبشّرنا وقال: إنّه لا [يصلّي هذه الصّلاة أحدٌ من أهل الكتاب]، فأنزلت: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمةٌ قائمةٌ [يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون]}.
- ورواه ابن أبي شيبة في مسنده، وأحمد في مسنده والنسائي في السنن الكبرى، وأبو يعلى في مسنده، وابن المنذر وابن أبي حاتم (من طريقين) وابن حبان في صحيحه من طريق أبي معاوية شَيْبَانَ بن عبد الرحمن النحوي، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَإِذَا النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأَدْيَانِ أَحَدٌ يَذْكُرُ اللَّهَ هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ» ، قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {‌لَيْسُوا ‌سَوَاءً ‌مِنْ ‌أَهْلِ ‌الْكِتَابِ ‌أُمَّةٌ ‌قَائِمَةٌ} إِلَى قَوْلِهِ {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ}.
كما أخرجه البزار في مسنده دونما إسناد.
- وكذلك رواه ابن جرير من طريق عليّ بن معبدٍ، عن أبي يحيى الخراسانيّ، عن نصر بن طريفٍ، عن عاصمٍ، عن زرّ بن حبيشٍ، عنه أنه قال: خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونحن ننتظر العشاء يريد العتمة فقال لنا: ما على الأرض أحدٌ من أهل الأديان ينتظر هذه الصّلاة في هذا الوقت غيركم قال: فنزلت: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون}.
- ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح عن الحسن بن أبي يزيد العجلي عنه أنه قال: لا يستوي أهل الكتاب، وأمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
ورواه ابن المنذر بذات الإسناد بزيادة: " صَلاةُ الْعَتَمَةِ، هُمْ يُصَلُّونَهَا، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لا يُصَلُّونَهَا "
كما أخرجه بذات اللفظ كلا من الفريابي والبخاري في تاريخه وعبد بن حميد عنه كما جاء في الدر المنثور.

أما قول عائشة:
- فقد رواه عنها أحمد والدرامي والبخاري ومسلم والنسائي وابن حبان من طريق عروة بن الزبير عنها أنها قالت: أَعْتَمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَهِيَ الَّتِي تُدْعَى الْعَتَمَةَ، فَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم حَتَّى قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: نَامَ ‌النِّسَاءُ ‌وَالصِّبْيَانُ! فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، فَقَالَ لأَهْلِ الْمَسْجِدِ حِينَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ: "مَا يَنْتَظِرُهَا ‌أَحَدٌ ‌مِنْ ‌أَهْلِ ‌الأَرْضِ غَيْرُكُمْ"، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشُو الإِسْلَامُ فِي النَّاسِ.

وبذات الإسناد بلفظ: أَعْتَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعِشَاءِ، حَتَّى نَادَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَدْ نَامَ ‌النِّسَاءُ ‌وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَقَالَ: " إِنَّهُ لَيْسَ ‌أَحَدٌ ‌مِنْ ‌أَهْلِ ‌الْأَرْضِ يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ غَيْرَكُمْ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُصَلِّي يَوْمَئِذٍ غَيْرَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ "

أما قول ابن عمر:
- فقد رواه النسائي في سننه وابن خزيمة في صحيحه من طريق معمر عن الزهري عن سالم عنه أنه قال: أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَنَادَاهُ عُمَرُ، فَقَالَ: نَامَ ‌النِّسَاءُ ‌وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «مَا يَنْتَظِرُ هَذِهِ الصَّلَاةَ ‌أَحَدٌ ‌مِنْ ‌أَهْلِ ‌الْأَرْضِ غَيْرُكُمْ»، وَلَمْ تَكُنْ تُصَلَّى يَوْمَئِذٍ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ " خَالَفَهُ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى.
- ورواه ابن خزيمة من طريق يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَلَا نَدْرِي أَيُّ شَيْءٍ شَغَلَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ حِينَ خَرَجَ: «إِنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلَاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ، وَلَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ» ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى.
- كما أخرج ابن أبي شيبة والبزار بسند حسن عن ابن عمر كما جاء في الدر المنثور.

أما قول السدي: فقد رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط عنه أنه قال: ليس هؤلاء اليهود كمثل هذه الأمّة الّتي هي قائمةٌ (ولفظ ابن أبي حاتم: قانتة لله).

أما قول الربيع: فقد رواه ابن أبي حاتم عنه دونما إسناد أنه قال: قال بعضهم: صلاة العتمة تصلّيها أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ولا يصلّيها غيرهم من أهل الكتاب.


القول الثالث: الواو هي واو جمع الفعل الناقص "ليس"، وهذا كقول العرب: أكلوني البراغيث. قاله أبو عبيدة ورواه ابن المنذر.
والمعنى: ليسوا أمة قائمة من أهل الكتاب وأمة كافرة سواء: بل تختلف الأمة القائمة من أهل الكتاب والأمة الكافرة منها.
الأدلة والشواهد:
- روى ابن المنذر قول أبي عبيدة أنه قال: " العرب تجوز فِي كلامهم مثل ذا أن يقول: أكلوني البراغيث " قَالَ أبو عبيدة: سمعتها من أبي عمرو الهذلي فِي منطقه، وَكَانَ وجه الْكَلام أن يقول: أكلني البراغيث، وفي الْقُرْآن: {عَمُوا وَصَمُّوا} وقد يجوز أن يجعله كلامين، وكأنك قلت: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} ثُمَّ قلت: {أُمَّةٌ قَائِمَةٌ}.
- قول الشاعر: يلومونني أهلي.

2. مواضع الوقف والابتداء في الآية:
لأهل العلم قولان في هذه المسألة:
القول الأول: أن الوقف تام عند "ليسوا سواء"، حيث اكتملت أركان الجملة من الفعل الناقص "ليس" واسمها "الضمير واو الجماعة"، وخبرها: "سواء".
على أن يستأنف "من أهل الكتاب أمة قائمة.."، وهي بمثابة تفصيل ل "ليسوا سواء".
قاله الزجاج والنحاس وابن الأنباري، وأبو عمر الداني، والسجاوندي، والأشموني، وهو اختيار ابن جرير.

القول الثاني: لا وقف بعد "ليسوا سواء" بل جملة تامة دونما التوقف فتقرأ "ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة".
والمعنى: لا تستوي أمة صالحة وأخرى كافرة منها أمّة كذا وأمّة كذا.
قاله الفراء، وأضاف: وقد تستجيز العرب إضمار أحد الشيئين إذا كان في الكلام دليل عليه، قال الشاعر:
عصيت إليها القلب إني لأمرها * سميع فما أدري أرشد طلابها
ولم يقل: أم غيّ، ولا: أم لا؛ لأن الكلام معروف والمعنى.

رابعا: توجيه الأقوال:
فعلى القول الأول:
** أن مرجع الضمير في "ليسوا" يعود إلى أهل الكتاب، فيكون الوقف على "ليسوا سواء"، على أن تستأنف ما بعدها، فيعود الضمير في "ليسوا" إلى أقرب مذكور وهم أهل الكتاب، فقد ذكر تعالى قبلها أن أهل الكتاب فريقين: منهم المؤمنة وهي الأقل، وأكثرهم الفاسقون وأسهبت الآيات في وصف حال الفاسقين، ثم دفع توهم السامع إن غلب على ظنه أنهما سواء، فنفى تعالى تساويهما في الإيمان، فقال تعالى: "ليسوا سواء"، ثم بعدها وصف حال الأمة المؤمنة منهم.
قال ابن عطية: لما مضت الضمائر في الكفر والقتل والعصيان والاعتداء عامة في جميع أهل الكتاب، عقب ذلك بتخصيص الذين هم على خير وإيمان، وذلك أن أهل الكتاب لم يزل فيهم من هو على استقامة، فمنهم من مات قبل أن يدرك الشرائع فذلك من الصالحين، ومنهم من أدرك الإسلام فدخل فيه.
** أما قول ابن عباس الذي فيه (عبد الله بن سلام) الذي قال عنه مقبل بن هادي الوادعي: رواه الطبراني ورجاله ثقات. ولكن سليم الهلالي ضعفه، وذكر الوادعي قول أحد الإخوة أنه قال عن قول ابن عباس: أخرجه الطبراني [4/52] وابن أبي حاتم [2/485] والطبراني [2/87] وأبو نعيم في [معرفة الصحابة:2/276]، والبيهقي في [الدلائل 2/533-534] والاستيعاب لابن عبد البر [1/96] وابن إسحاق في [السيرة: 1/557]، وقال الهيثمي في [المجمع: 6/327] رواه الطبراني ورجاله ثقات قلت: كلهم رووه من طريق محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس فذكره.
ومحمد بن أبي محمد هذا مجهول وكذا قلت في تحقيقي لتفسير ابن كثير قال: في سنده محمد بن أبي محمد وهو مجهول. وفي سند الطبري: محمد بن حميد وقد كُذّب.
** وقد جاء الإظهار فيما محله الإضمار في قوله تعالى: "من أهل الكتاب" ولم يقل: منهم، ليمتدح المؤمنون من اليهود والنصارى، وليس مؤمني اليهود فقط.
وقد ذكر الماتريدي في تفسيره: وفي حرف حفصة: "ليس أهل الكتاب ليسوا منهم قائمة"، كقوله تعالى: " (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ. . .) كذا: (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ. . .) الآية

أما القول الثاني:
** ويقال بالوقف التام في هذا القول أيضا على "ليسوا سواء" على أن يعود الضمير على المسلمين من هذه الأمة، والكفار من أهل الكتاب، وهو حاصل قول الخازن.
** وقول ابن مسعود رجاله ثقات وهو مقطوع أو موقوف كما ذكر ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب، وقد ذكر مقبل بن هادي الوادعي أن: الحديث حسن كما قال الشوكاني [1 /375] نقلا عن السيوطي لأن عاصما في حفظه شيء وقال الهيثمي في [مجمع الزوائد: 1 /312]: رجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود وهو مختلف في الاحتجاج به وأخرجه ابن حبان في صحيحه كما في [موارد الظمآن: 91] وابن جرير [4 /55] وأبو نعيم في [الحلية: 4 /187]. وأبو يعلى كما في [المقصد العلي: 1 /276].
فحديث ابن مسعود حسنه سليم الهلالي، بينما ضعف حديث ابن عباس.
** أن مرجع الضمير في "ليسوا" يعود إلى: مسلمي هذه الأمة – الذين ذكرهم تعالى في قوله: "كنتم خير أمة أخرجت للناس" - واليهود. قال ابن عطية: فمن حيث تقدم ذكر هذه الأمة في قوله كنتم خير أمّةٍ، وذكر أيضا اليهود قال الله لنبيه ليسوا سواءً والكتاب على هذا جنس كتب الله وليس بالمعهود من التوراة والإنجيل فقط، والمعنى: من أهل الكتاب وهم أهل القرآن أمة قائمة.

أما القول الثالث: فقد قال ابن عطية: وما قال أبو عبيدة من أن الآية نظيرة قول العرب أكلوني البراغيث خطأ مردود، وكذلك أيضا ما حكي عن الفراء أن أمّةٌ مرتفعة ب سواءً على أنها فاعلة كأنه قال: لا تستوي أمة كذا وإن في آخر الكلام محذوفا معادلا تقديره وأمة كافرة، فأغنى القسم الأول عن ذكرها ودل عليه كما قال أبو ذؤيب:
عصيت إليها القلب إنّي لأمرها = سميع فما أدري أرشد طلابها؟
المعنى أم غيّ، فاقتصر لدلالة ما ذكر عليه.

خامسا: دراسة الأقوال ونقدها وبيان الراجح منها.
على الرغم من تضعيف الوادعي لقول ابن عباس إلا أنه قال: وأقول: لا مانع من نزول الآية في الجميع أو أنه تعدد نزولها.
وقد رجحه ابن جرير فقال: أنّ أولى القولين بالصّواب في ذلك قول من قال: قد تمّت القصّة عند قوله: {ليسوا سواءً} عن إخبار اللّه بأمر مؤمني أهل الكتاب، وأهل الكفر منهم، وأنّ قوله: {من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} خبرٌ مبتدأٌ عن مدح مؤمنيهم، ووصفهم بصفتهم، على ما قاله ابن عبّاسٍ، وقتادة، وابن جريجٍ. وأولى هذه الأقوال بالصّواب في تأويل ذلك ما قاله ابن عبّاسٍ، وقتادة، ومن قال بقولهما على ما روينا عنهم، وإن كان سائر الأقوال الأخر متقاربة المعنى من معنى ما قاله ابن عبّاسٍ وقتادة في ذلك، وذلك أنّ معنى قوله: {قائمةٌ} مستقيمةٌ على الهدى، وكتاب اللّه وفرائضه، وشرائع دينه، بالعدل والطّاعة، وغير ذلك من أسباب الخير من صفة أهل الاستقامة على كتاب اللّه وسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ونظير ذلك الخبر الّذي رواه النّعمان بن بشيرٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: مثل القائم على حدود اللّه والواقع فيها، كمثل قومٍ ركبوا سفينةً، ثمّ ضرب لهم مثلاً فالقائم على حدود اللّه هو الثّابت على التّمسّك بما أمر اللّه به واجتناب ما نهاه اللّه عنه
فتأويل الكلام: من أهل الكتاب جماعةٌ معتصمةٌ بكتاب اللّه، متمسّكةٌ به، ثابتةٌ على العمل بما فيه، وبما سنّ له رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم).


وعليه: فإن كلا القولين تؤيدهما النصوص، فيكون كما قال الوادعي: لا مانع من نزول الآية في الجميع، على صحة القولين الأول والثاني، أو أن الآية نزلت مرتين. والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 ربيع الثاني 1444هـ/28-10-2022م, 11:40 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم


إيمان جلال أ+
أحسنت بارك الله ونفع بك.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 جمادى الآخرة 1444هـ/8-01-2023م, 07:25 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

معنى قول الله تعالى: {ليسوا سواء}




المراجع:

المرتبة الأولى: دواوين السنّة
1. كتاب تفسير القرآن من صحيح البخاري(ت:256هـ). (لم أجد فيه)*
2. كتاب التفسير من صحيح مسلم(ت:261هـ). (لم أجد فيه)*
3. أبواب تفسير القرآن من جامع الترمذي(ت:279هـ). (لم أجد فيه)*
4. كتاب تفسير القرآن من جامع عبد الله بن وهب المصري(ت:197هـ).
5. كتاب التفسير من سنن سعيد بن منصور الخراساني(ت:226هـ). (لم أجد فيه)*
6. مسند الإمام أحمد بن حنبل (ت:241 هـ)
7. كتاب تفسير القرآن من سنن النسائي الكبرى. (ت:303 هـ)
8. كتاب التفسير من مستدرك أبي عبد الله الحاكم النيسابوري(ت:405هـ). (لم أجد فيه)*




المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث

1. جامع الأصول في أحاديث الرسول. (لم أجد فيه)*
2. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد.
3. المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية.(لم أجد فيه)*
4. إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة. (لم أجد فيه)*
5. الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني. (لم أجد فيه)*
6. الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ). (لم أجد فيه)*



المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة


1. تفسير القرآن العزيز، لمحدّث اليمن عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211هـ).
2: وجامع البيان عن تأويل آي القرآن، لإمام المفسّرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ).
3. وتفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت: 327هـ).
4: الكشف والبيان عن تفسير القرآن، لأبي إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي (ت: 427هـ).
5. معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ).

المرتبة الرابعة: التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها

1. ما طبع من تفسير سفيان الثوري(ت:161هـ).
2. وما طبع من تفسير عبد بن حميد(ت:249هـ). (لم أبحث فيه)*
3. وما طبع من كتاب أحكام القرآن لأبي إسحاق الجهضمي(ت:282هـ) (لم أبحث فيه وموضوعه خارج مجال بحثي)*
2. وما طبع من تفسير ابن المنذر النيسابوري(ت:318هـ).


المرتبة الخامسة: أجزاء وصحف تفسيرية مطبوعة، ومنها:

1. تفسير عطاء بن أبي مسلم الخراساني(ت:135هـ).
2. تفسير نافع بن أبي نعيم(ت:169هـ).
3. تفسير مسلم بن خالد الزنجي، (ت: 179هـ).
4. تفسير يحيى بن اليمان(ت:188هـ).
5. تفسير آدم بن أبي إياس العسقلاني(ت:220هـ)،.

المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير

1. الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي(ت:437هـ)
2. النكت والعيون للماوري(ت:450هـ).
3. المحرر الوجيز لابن عطية(ت:542هـ).
4. زاد المسير لابن الجوزي (ت:597هـ).
5. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(ت:671هـ).
6. تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي(ت:774هـ)

المرتبة السابعة: كتب تخريج أحاديث التفسير

1. تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف، للحافظ عبد الله بن يوسف الزيلعي (ت: 762هـ).
2. الفتح السماوي بتخريج أحاديث البيضاوي، زين الدين عبد الرؤوف بن علي المناوي (ت: 1031هـ). ( لم أجد فيه)*
3. موسوعة الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور للأستاذ الدكتور حكمت بن بشير بن ياسين.

المرتبة الثامنة: شروح الأحاديث:
(لم أجد في شروح النسائي التي توفرت لي شرحًا للحديث الوارد في سنن النسائي)*
شرح سنن النسائي لمحمد مختار الشنقيطي وعبد العزيز الراجحي.*


تحرير معنى قوله تعالى: {ليسوا سواء}

اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى: {ليسوا سواء} تبعا لاختلافهم في مرجع الضمير في الآية، وذلك على قولين:
القول الأول: لا يستوى فريق المؤمنين من أهل الكتاب والفاسقين منهم، ومرجع الضمير على هذا القول هو أهل الكتاب في قوله تعالى: {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرًا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}
ثم فصّل بعدها ببيان صفة فريق الفاسقين وعاقبتهم، ثم بيّن بعدها أنهم ليسوا متساوين ولا متعادلين مع فريق المؤمنين منهم، ثم فصّل ببيان صفة فريق المؤمنين: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون…} الآيات.
وقال بهذا القول ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة وابن جريج، واختاره من المفسرين ابن جرير الطبري.
واحتج المفسرون على هذا بقول ابن عباس -رضي الله عنهما- في سبب نزول هذه الآية، حيث قال:
( لما أسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سَعْية، وأسَيْد بن سعية، وأسد بن عُبيد، ومن أسلم من يهود معهم، فآمنوا وصدَّقوا ورغبوا في الإسلام، ورسخوا فيه، قالت: أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمد ولا تبعه إلا أشرارنا! ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم، وذهبوا إلى غيره، فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم:"ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله" إلى قوله:"وأولئك من الصالحين") اهـ. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في المعجم الكبير والبيهقي في الدلائل من طريق محمد بن إسحاق، قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به.
وقال قتادة: (ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة" الآية، يقول: ليس كل القوم هلك، قد كان لله فيهم بقية). رواه ابن جرير عن بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، ورواه عبد بن حميد كما في الدر المنثور.
وقال ابن جريج:
("أمة قائمة"، عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سلام أخوه، وسعية، ومبشر، وأسَيْد وأسد ابنا كعب). رواه ابن جرير عن القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج عن ابن جريج به.

القول الثاني: لا يستوي أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأهل الكفر ومنهم الكفار من أهل الكتاب، ومرجع الضمير على هذا القول هو المخاطب في قوله تعالى: {كُنتم خير أمة أُخرجت للناس}، والمقصود بهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، واختاره ابن كثير.
ويكون تعريف الكتاب في قوله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة} للجنس، ويُقصد به القرآن.
وقال بهذا القول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، والسدي.
قال عبد الله بن مسعود:
("ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة"، قال: لا يستوي أهل الكتاب وأمةُ محمد صلى الله عليه وسلم) اهـ. رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح، عن الحسن بن يزيد العجلي، عن عبد الله بن مسعود، به.
ولعل ابن مسعود - رضي الله عنه - فهم هذا القول بما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (احتبس علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات ليلةٍ كان عند بعض أهله ونسائه، فلم يأتنا لصلاة العشاء حتّى ذهب ليلٌ، فجاء ومنّا المصلّي ومنّا المضطجع، فبشّرنا وقال: إنّه لا يصلّي هذه الصّلاة أحدٌ من أهل الكتاب، فأنزل اللّه: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه آناء اللّيل وهم يسجدون}) اهـ.
رواه عبد الله بن وهب في جامعه وابن جرير من طريق سليمان عن زر بن حبيش عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
ورواه النسائي في السنن الكبرى وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عاصم عن زر عن ابن مسعود مرفوعًا، إلا أن فيه: (أما أنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله في هذه الساعة غيركم).

وقال السدي:
(ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمة قائمة يقول هؤلاء اليهود ليسوا كمثل هذه الأمّة الّتي هي قانتةٌ للّه). رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ به.

الدراسة والترجيح:
قال الله عز وجل: {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}
ثم جاءت الآيات بعدها في بيان صفات الفاسقين وبعض أخبارهم، ثم قال الله عز وجل: {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل}
فسياق الآيات يرُجح القول الأول، وحمل معنى التعريف في " الكتاب " على العهد أقرب من حمله على الجنس، والله أعلم.
ويمكن توجيه قول ابن مسعود -رضي الله عنه- بأنه على تخصيص الزمان بزمان النبي صلى الله عليه وسلم؛ فحينئذ يكون من آمن من أهل الكتاب بالفعل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يقبل من أحد من أهل الكتاب عمل إلا إذا آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم.
كما يمكن توجيهه بأن فيه بيان لتفضيل أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصلاة العشاء على غيرهم من الأمم.
أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه وأبو داود في سننه والطبراني في المعجم الكبير والبيهقي في "سننه" - بألفاظ متقاربة- من طريق عاصم بن حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ عن معاذ بن جبل-رضي الله عنه- قال: (أبقينا النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العتمة فأخر حتى ظن الظان أنه ليس بخارج والقائل منا يقول: صلى، فإنا لكذلك حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا له كما قالوا، فقال لهم: «‌أعتموا بهذه الصلاة، فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم، ولم تصلها أمة قبلكم»). اهـ، واللفظ لأبي داوود.

وأما إذا أريد عموم الزمان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيدخل في معنى الآية المؤمنون بموسى عليه السلام والثابتين على إيمانهم حتى وفاتهم أو حتى بعثة عيسى عليه السلام ثم آمنوا به، ويدخل في معناها المؤمنون بموسى وعيسى عليهما السلام والثابتين على إيمانهم كذلك؛ ومن عاش حتى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقبل منه عمل حتى يؤمن به، فإذا آمن فهو إذا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 جمادى الآخرة 1444هـ/11-01-2023م, 10:16 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم


صفية الشقيفي أ

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
من المراجع التي يحسن الاستفادة منها كتب أسباب النزول، والوقف والابتداء، وكذلك يستفاد من المراجع اللغوية، فغياب هذه المراجع كان سببا في اختصار تحرير المسألة.

من الجيد التقديم لتحرير المسألة بذكر السياق الذي وردت فيه أولا.

ولا يظهر أن ابن كثير اختار القول الثاني، وإنما ذكر أن الأول هو المشهور.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 ربيع الأول 1445هـ/2-10-2023م, 10:10 AM
رولا بدوي رولا بدوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 341
افتراضي

حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {ليسوا سواء}.
المصادر و مراتبها:
المرتبة الأولى: المصادر الأصلية في استخراج أقوال السلف في التفسير :
-تفسير عبد الرزاق الصنعانى
- قطعة من تفسيرعبد بن حميد
-تفسير ابن جرير الطبري
- تفسير ابن أبي حاتم
- تفسير ابن المنذر
-الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب
التفسير من كتب السنة:
كتاب تفسير القرآن من صحيح البخاري،
مسند الإمام أحمد
السنن الكبرى للنسائي
وكتاب التفسير من جامع الترمذي
ومستدرك الحاكم
المعجم الكبيرللطبراني في معجمه الكبير
دلائل النبوة للبيهقي
تاريخ دمشق لابن عساكر
أبو نعيم الأصفهاني في معرفة الصحابة
ابن أبي شيبة في المصنف
أبو داود في السنن
الهيثمي في كتابه موارد الظمآن في زوائد بن حبان
مسند أبو يعلى
ابن وهب في الجامع في علوم القرآن
-المصادر البديلة:
1- مصادر ناقلة بإسناد:
- تفسير ابن كثير
- الدر المنثور للسيوطي
- الشوكاني( في كتابه في فتح القدير
2- المصادر الناقلة للأقوال دون إسناد:
- تفسير المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» ابن عطية
- زاد المسير لابن الجوزي
- مفاتيح الغيب في التفسير الكبير لفخر الدين الرازي
- التحرير و التنوير للطاهر ابن عاشور
كتب التفسير اللغوى:
- معاني القرآن للفراء.
- ومجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى.
- ومعاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج .
- ومعاني القرآن لأبي جعفر النحاس.
-- إعراب القرآن للنحاس
كتب في أسباب النزول:
- العجاب في بيان الأسباب لابن حجر
- لباب النقول في بيان أسباب النزول لجلال الدين السيوطي
الصحيح المسند في أسباب النزول مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ
المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة دراسة الأسباب رواية ودراية لخالد بن سليمان المزيني
كتب الوقف والابتداء:
إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري
المكتفي لأبي عمرو الداني
أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ ف ( منار الهدى في بيان الوقف و الابتداء )
البحث في المسألة:
تحرير القول في معنى( ليسوا سواء) له ارتباط بمسائل عدة، تتعلق بالآية ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)؛ من وقف و ابتداء و أسباب نزول، و سياق، وما يتعلق باللغة و الإعراب.
نذكر الأقوال بداية، و ما قيل فيها من حيث الصنعة الحديثية، ثم نعرض لبيان ما يتعلق بها من مسائل و وجه تأثيرها في المعنى، ثم نخلص لبيان ما يترجح من الأقوال.
الأقوال في المعنى المراد من(ليسوا سواء)
أ‌. لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ و الحسن، أبو الأشهب.
ب‌. لَيْسَت أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، هَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، والسُّدِّيِّ.
تخريج الأقوال ، و ما قيل فيها:
1- القول الأول: لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ و الحسن.
- قول ابن عباس
رواه محمّد بن إسحاق في معرفة الصحابة، قال: حدّثني محمّد بن محمّدٍ، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا أسلم عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيدٍ، ومن أسلم من يهود معهم، فآمنوا وصدّقوا ورغبوا في الإسلام وتنحوا فيه، قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمّدٍ ولا تبعه إلاّ أشرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم، وذهبوا إلى غيره، فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك من قولهم: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه} إلى قوله: {وأولئك من الصّالحين}، رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم و الطبراني في معجمه الكبيرو البيهقي في دلائل النبوة،ابن عساكر في تاريخ دمشق ، ابن المنذر في تفسيره (إلى محمد ابن اسحق) .
ما ذكر في الحديث:
- قال المحقق أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد :رجاله ثقات.
- قال الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول مبينًا الضعف في الحديث: كلهم رووه من طريق محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس فذكره، ومحمد بن أبي محمد هذا مجهول وكذا قلت في تحقيقي لتفسير ابن كثير قال: في سنده محمد بن أبي محمد وهو مجهول. وفي سند الطبري: محمد بن حميد وقد كُذّب.
قول قتادة:
رواه ابن جرير فقال :حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} الآية، يقول: ليس كلّ القوم هلك، قد كان للّه فيهم بقيّةٌ.
قول الحسن:
و روى ابن المنذر في تفسيره عن الحسن: حدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا شيبان، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الأشهب، قَالَ: وتلا الحسن هَذِهِ الآيَة: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} " هؤلاء أَهْل الهدى، لَيْسَ كُلّ الْقَوْم هلك، فقرأ حَتَّى بلغ: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} قَالَ: فزعوا إِلَى أنفسهم حين تفرقت أمتهم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}
2- القول الثاني: لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، هَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، والسُّدِّيِّ.
- قول ابن مسعود:
- رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق ابن أبي نجيحٍ عن الحسن بن يزيد العجليّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، أنّه كان يقول في قوله: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} قال: لا يستوي أهل الكتاب، وأمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- قول السدي
- رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} الآية، يقول: ليس هؤلاء اليهود كمثل هذه الأمّة الّتي هي قائمةٌ
و في لفظ ابن أبي حاتم قانتة لله بدل قائمة.
ذكره القرطبي و اختاره
مناقشة الأقوال:
القول الأول: لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ و الحسن.
- نسبه فخر الدين الرازي إلى جمهور المفسرين.
1- مما يؤيد هذا القول أن مقالة ابن عباس ذكرت كسبب لنزول الآية، و التي قال فيها ابن كثير : والمشهور عن كثيرٍ من المفسّرين -كما ذكره محمّد بن إسحاق وغيره، ورواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ-أنّ هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب، كعبد اللّه بن سلام وأسد بن عبيد وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وغيرهم.
2- و يؤيده أيضًا، ما روي عن ابن عباس و قتادة و ابن جريج و الحسن و أبو الأشهب، في المراد بالأمة القائمة، و الذي يظهر منه استثناء فريق من أهل الكتاب، ممن آمن بمحمد صلى الله عليه و سلم.
- قول ابن عباس:
رواه ابن جرير في تفسيره : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنَّى أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: ١١٣] يَقُولُ: «أُمَّةٌ مُهْتَدِيَةٌ قَائِمَةٌ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لَمْ تَنْزِعْ عَنْهُ وَتَتْرُكْهُ كَمَا تَرَكَهُ الْآخَرُونَ وَضَيَّعُوهُ» وَقَالَ آخَرُونَ. بَلْ مَعْنَى قَائِمَةٍ: مُطِيعَةٌ
- قول ابن جريج:
رواه ابن جرير فقال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌّ، قال: قال ابن جريجٍ: {أمّةٌ قائمةٌ} عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سلامٍ أخوه، وسعية، ومبشّرٌ، وأسيدٌ وأسدٌ ابنا كعبٍ
- قول الحسن:
و روى عبد بن حميد مثله عن الحسن قال ثنا روح ثنا بن الأشهب عن الحسن
- قول أبو الأشهب
رواه ابن أبي حاتم عن أبو الأشهب، قال :حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان النّشيطيّ، ثنا أبو الأشهب قال: ليس كلّ القوم هلك.
- و قال ابن جرير أن قول ابن عباس و قول قتادة أصح الأقوال عنده في معنى قائمة، و وَإِنْ كَانَ سَائِرُ الْأَقْوَالِ الْأُخَرِ مُتَقَارِبَةَ الْمَعْنَى مِنْ مَعْنَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {قَائِمَةٌ} [آل عمران: ١١٣] مُسْتَقِيمَةٌ عَلَى الْهُدَى، وَكِتَابِ اللَّهِ وَفَرَائِضِهِ، وَشَرَائِعِ دِينِهِ، بِالْعَدْلِ وَالطَّاعَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ مِنْ صِفَةِ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم بنى ابن جرير عليه َتَأْوِيلُ الْكَلَامِ فقال: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ جَمَاعَةٌ مُعْتَصِمَةٌ بِكِتَابِ اللَّهِ، مُتَمَسِّكَةٌ بِهِ، ثَابِتَةٌ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا فِيهِ، وَمَا سَنَّ لَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3- و مما يؤيده ما قيل في مرجع الضمير في ليسوا:
يعود على من سبق ذكرهم في الآية ( مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون )، و هذا مفهوم كلام مكي في كتاب الهداية الى بلوغ النهاية،عبر عنه فقال: هذا مردود على [قوله] {مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون، و هو قول ابن جرير في تفسيره، و فخر الدين الرازين و الطاهر ابن عاشور.
4- مقصد الآية:
ذكر في مقصد الآية أقوال مختلفة كلها تعود إلى الإخبار عن أهل الإيمان من أهل الكتاب و تفضيلهم:
قال ابن جرير أنها لبيان حال الفريقين عند الله ؛المؤمنة منهما والكافرة، فقال: {ليسوا سواءً} أي ليس هؤلاء سواءً، المؤمنون منهم والكافرون.
قال فخر الدين الرازي أنها تقرير لما تقدم مِنْ قَوْلِهِ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ، من آمن ليس كمن لم يؤمن.
و قيل: أن هذه الآية جاءت بتخصيص و بيان ان هناك من أهل الكتاب من هو على استقامة و ليسوا كذلك، فمنهم من مات قبل أن يدرك الشرائع فذلك من الصالحين، ومنهم من أدرك الإسلام فدخل فيه و ذلك بعد ذكر ووصف أهل الكتاب بصفات مذمومة، من كفر و عصيان و أفعال من قتل و اعتداء،
و هذا الكلام حاصل كلام فخر الدين الرازي و ابن عطية (بتصرف )الذي لم ينسباه، و عقب عليه ابن عطية بقوله:ويعترض هذا النظر أن جميع اليهود على عوج من وقت عيسى، وتجيء الآية إشارة إلى من أسلم فقط، أو يكون اليهود في معنى الأمة القائمة إلى وقت عيسى، ثم ينتقل الحكم في النصارى، ولفظ أهل الكتاب يعم الجميع، والضمير في ليسوا لمن تقدم ذكره في قوله منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون [آل عمران: 110]
و قال الشوكاني في فتح القدير 1250 : أن الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ، سِيقَتْ لِبَيَانِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَقَوْلُهُ: أُمَّةٌ قائِمَةٌ هُوَ اسْتِئْنَافٌ أَيْضًا، يَتَضَمَّنُ بَيَانَ الْجِهَةِ الَّتِي تَفَاوَتُوا فِيهَا، مِنْ كَوْنِ بَعْضِهِمْ أُمَّةً قَائِمَةً إِلَى قَوْلِهِ: مِنَ الصَّالِحِينَ
و قال الطاهر بن عاشور عن هذا القول أن المقصد هوِ إنْصافُ طائِفَةٍ مِن أهْلِ الكِتابِ، بَعْدَ الحُكْمِ عَلى مُعْظَمِهِمْ بِصِيغَةٍ تَعُمُّهم، تَأْكِيدًا لِما أفادَهُ قَوْلُهُ ﴿مِنهُمُ المُؤْمِنُونَ وأكْثَرُهُمُ الفاسِقُونَ﴾ [آل عمران: ١١٠] فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ لَيْسُوا لِأهْلِ الكِتابِ المُتَحَدَّثِ عَنْهم آنِفًا، وهُمُ اليَهُودُ.
5- يبينه ما ذكر من الوقف و الابتداء و توجيه القول فيه:
1- الوقف على ليسوا سواء: وقف تام، و ما بعدها جملة مستأنفة، قاله الزجاج، النحاس،و مكي في كتاب الهداية الى بلوغ ،ابن الأنباري في إيضاح الوقف و الابتداء،و أبوعمرو الداني في المكتفي،فخر الدين الرازي في تفسيره،و قال السمين الحلبي أنه الظاهر من الآية، و ذكره أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ ف ( منار الهدى في بيان الوقف و الابتداء )و قال أنه الأصح عنده، و نسبه إلى نافع و يعقوب و الأخفش و أبي حاتم.
و يكون رفع أمة بالابتداء، كما قال الفراء و النحاس و الداني في المكتفي، و بين ابن الأنباري سبب الرفع أنه بـ(من(
توجيه المعنى :
على هذا القول يرجع الضمير في ليسوا على من سبق ذكرهم في الآيات من أهل الكتاب في قوله تعالى(منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون)، أنهم غير متساويين، قاله الزجاج وابن جرير، مكي و ابن عطية، و ابن كثير و ابن عاشور، السمين الحلبيو غيرهم، من أهل اللغة و التفسير.
قال ابن عطية رحمه الله: وهو أصح التأويلات.
قال السمين الحلبي والمعنى: أنهم منقسمون إلى مؤمن وكافر لقولِهِ: {مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون} [آل عمران: 110] فانتفى استواؤُهم. و «سواء» في الأصلِ مصدرٌ فلذلك وُحِّد.
و قال ابن عاشور : هَذِهِ الجُمْلَةُ تَتَنَزَّلُ مِنَ الَّتِي بَعْدَها مَنزِلَةَ التَّمْهِيدِ، وجُمْلَةُ ﴿مِن أهْلِ الكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ﴾ إلَخْ، مُبَيِّنَةٌ لِإبْهامِ ﴿لَيْسُوا سَواءً﴾ .
2- أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسُوا سَواءً كلام غير تام ولا يجوز الوقف عِنْدَهُ، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ، قاله أبو عبيدة معمر المثني ىفي مجاز القرآن، و قاله الفراء.
قال المثني: وقد يجوز أن يجعله كلامين، فكأنك قلت: «لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ» ، ثم قلت:أمّة قائمة»،
- قول معمر المثني على لغة من قال: أكلوني البراغيث، و الواو عنده في» ليسوا «علامةٌ جمعٍ وليست ضميراً، و أمة اسم ليس و سواء خبرها، و يقدر محذوفًا، هو ذكر الكفار من أهل الكتاب؛ ذكر ذلك عنه مكي في تفسيره و النحاس في كتابه إعراب القرآن، و قد ردوه؛ قال مكي عنه أنه بعيد، و ذكر كلًا من مكي و النحاس سبب الرد و هو؛أن ذكر أهل الكتاب قد تقدم، فليس [هو] مثل أكلوني البراغيت لأنه لم يتقدم [له] ذكر
- نقل فخر الدين الرازي إنكار أكثر النحويين لهذا القول، و ذلك بسبب اتفاق أكثرهم على ركاكة لغة ( أكلوني البراغيث) وَاللَّهُ أَعْلَمُ
- ذكره ابن الأَنباريِّ في إيضاح الوقف و الابتداء و قال: أن عندها الرفع لأمة سيكون بمعنى سواء، و تمام الكلام عندها سيكون على( يسجدون)، ولا يتم الكلام على سواء من هذا الوجه لأن الأمة مرتفعة بمعنى (سواء) والوقف على الرافع دون المرفوع قبيح.
- نقل السمين الحلبي في الدر عن قوم أنها لغةٌ ضعيفةٌ و ذكر أن السهيلي نازع النحويين في كونها ضعيفةً، و قال: نَسبَها بعضُهم لأزدِ شنوءة، وكثيراً ما جاء عليها الحديث، وفي القرآنِ مثلُها.
- و قد خطأ ابن عطية مقالة أبو عبيدةَ و قال : خطأٌ مردودٌ، ذكر ذلك عنه السمين الحلبي و عقب عليه فقال: ولم يُبَيِّن وجهَ الخطأ، وكأنه تَوَهَّم أنَّ اسم «ليس» هو «أمة قائمة» فقط، وأنه لا محذوف ثمَّ، إذ ليس الغرضُ تفاوتَ الأمةِ القائمة التالية، فإذا قُدِّر ثَمَّ محذوفٌ لم يكن قول أبي عبيدة خطأ مردوداً، إلا أن بعضهم رَدَّ قوله بأنها لغة ضعيفة، وقد تقدم ما فيها والتقدير الذي يَصِحُّ به المعنى، أي: ليس سواءً من أهل الكتاب أمةٌ قائمةٌ موصوفةٌ بما ذُكِر وأمةٌ كافرة، فهذا تقديرٌ يَصِحُّ به المعنى الذي نحا إليه أبو عبيدة.
- بين الاشموني في منار الهدى خطأ اختيارأبو عبيدة معمر بن المثنى بعدم جواز الوقف عليه أنه جمع الفعل على اللغة المرجوحة، و أن الواو ضمير على من تقدم ذكرهم و ليست علامة جمع.
- و ما قاله الفراء( ﴿لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ﴾ ذَكَر أمّه ولم يذكر بعدها أخرى، والكلام مبنىّ على أخرى يراد؛ لأن سواء لا بدّ لها من اثنين فما زاد.
و ذكر وجهين لرفع أمة، أحدهما أنك تَكُرُّه على سواء، و قال أن المعنى عندها: كأنك قلت: لا تستوى أمة صالحة وأخرى كافرة منها أمّة كذا وأمّة كذا، وقد تستجيز العرب إضمار أحد الشيئين إذا كان فى الكلام دليل عليه.
و نقل السمين الحلبي عن الفراء: «إنَّ الوقف لا يَتِمُّ على» سواء «، فجعل الواوَ اسمَ» ليس «و» سواءً «خبرها، كما قال الجمهور، و» أمة «مرتفعة ب» سواء «ارتفاعَ الفاعل، أي: ليس أهلُ الكتاب مستوياً منهم أمةٌ قائمةٌ موصوفةٌ بما ذُكِر وأمةٌ كافرة، فَحُذِفَتِ الجملةُ المعادِلة لدلالةِ القسمِ الأولِ عليها و ذكر امثلة لذلك و قال وهو كثيرٌ، و قال الفراء:» لأنَّ المساواة تقتضي شيئين كقولِهِ {سَوَآءً العاكف فِيهِ والباد} [الحج: 25] ، وقوله {سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} [الجاثية:.
و قد رد الطبري هذا القول و بين خطأه فقال: وهذا القول خطأ من جهات: إحداها أنه يرفع أمة بسواء فلا يعود على اسم ليس شيء يرفع بما ليس جاريا على الفعل، ويضمر ما لا يحتاج إليه لأنه قد تقدم ذكر الكافرين فليس لاضمار هذا وجه.
و وصف ابن جرير بالوهم من يقولون ( جماعة من نحوي الكوفة و البصرة و المقدمين منهم) أنّ ما بعد سواءٍ في هذا الموضع من قوله: {أمّةٌ قائمةٌ} ترجمةٌ عن سواءٍ، وتفسيرٌ عنه بمعنى: لا يستوي من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه آناء اللّيل، وأخرى كافرةٌ، وزعموا أنّ ذكر الفرقة الأخرى ترك اكتفاءً بذكر إحدى الفرقتين، وهي الأمّة القائمة، و ذكر الطبري حجتهم، ثم ذكر أن القاعدة عندهم منع الإجازة ( تقدير ) في سواءٍ من أجل نقصانه، وأنّه غير مكتفٍ بواحدٍ، ثم أجازوا في هذه الآية، وأخطئوا تأويل الآية، فسواءٌ في هذا الموضع بمعنى التّمام والاكتفاء، لا بالمعنى الّذي تأوّله من حكينا قوله.
نسب الزجاج إلى بعض أهل اللغة: المعنى منهم أمة قائمة وامة على غير ذلك، و ذكر استشهادهم بقول الشاعر:
عصائي إليها القلب أني لأمره... سميع فيما أدري أرشد طلابها
ولم يقل أم هو في غي لأن في الكلام دليلا عليه، قال: والعرب تضمر هذا إذا عرفت مثل هذا - عرفت المعنى.
ثم بين وجه الخطًا في هذا القول: و وصفه بأنه خطأ فاحش، و ذلك لأن ذكر أهل الكتاب قد جرى في هذه القصة بأنهم كانوا يكفرون بآيات اللّه، ويقتلون الأنبياء بغير حق، فأعلم اللّه جلّ وعزّ أن منهم المؤمنين الذين هم أمّة قائمة، فما الحاجة إلى أن يقال غير قائمة وإنما المبدوء به ههنا ما كان من فعل أكثرهم من الكفر والمشاقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر من كان مباينا هؤلاء.
قال السمين الحلبي: وقد ضُعِّف قولُ الفراء من حيث الحذفُ ومن حيث وَضْعُ الظاهرِ موضِعَ المضمر، إذ الأصل: منهم أمةٌ قائمة، فَوُضِعَ «أهلِ الكتابِ» موضعَ الضمير.
و وصف الشوكاني (في كتابه في فتح القدير) ما قاله الفراء: أنه قَوِيٌّ قَوِيمٌ، و بين ما قاله؛ وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَسْتَوِي أُمَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ شَأْنُهَا كَذَا وَأُمَّةٌ أُخْرَى شَأْنُهَا كَذَا، وَلَيْسَ تَقْدِيرُ هَذَا الْمَحْذُوفِ مِنْ بَابِ تَقْدِيرِ مَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ كَمَا قَالَ النَّحَّاسُ، فَإِنَّ تَقَدُّمَ ذِكْرِ الْكَافِرَةِ لَا يُفِيدُ مَفَادَ تَقْدِيرِ ذِكْرِهَا هُنَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَى اسْمِ لَيْسَ شَيْءٌ، فَيَرُدُّهُ: أَنَّ تَقْدِيرَ الْعَائِدِ شَائِعٌ مُشْتَهِرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْفَنِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ بِمَا لَيْسَ جَارِيًا عَلَى الْفِعْلِ، فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ.
و يظهر مما سبق و الله أعلم أن الوقف على سواء تام و المعنى ليسوا من ذكروا فيما سبق من الآيات من المؤمنين و الفاسقين، من أهل الكتاب سواء.
القول الثاني: لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، هَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، والسُّدِّيِّ.
يؤيده ما روي من سبب النزول عن ابن مسعود:
1- أخرج أحمد في مسنده وأبو بكر البزار في مسنده، و النسائي في السنن الكبرى، و أبو يعلى في مسنده،وصححه ابن خزيمة ، و أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، الواحدي في أسباب النزول، و ابن المنذر في تفسيره من طريق عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال أخر النبي ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم قال ونزلت هذه الآيات من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله إلى قوله بالمتقين.
ما قيل فيه:
- قال البزار هَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عَاصِمٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا شَيْبَانُ
- قال الهيثمي في كتابه موارد الظمآن في زوائد بن حبان: إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود فإن حديثه لا ينهض إلى مرتبة الصحيح. وصفوان بن صالح، وشيخه الوليد بن مسلم مدلسان لكنهما صرحا بالتحديث، وشيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي.
- قال المحقق شعيب الأرناؤطي في رواية أحمد: صحيح لغيره، وهذا إسناده حسن لأجل عاصم -وهو ابن أبي النجود-، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وحسن بن موسى: هو الأشيب، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن أبو معاوية النحْوي، وزِر: هو ابن حبيش الأسدي.
- قال حسين سليم أسد محقق مسند أبو يعلى: إسناده حسن.
- قال السيوطي في الدر المنثوربعد ذكر رواية من ذكرنا للحديث: بسند حسن عن ابن مسعود
- بين البقاعي في الصحيح المسند من أسباب النزول، سبب قول السيوطي أنه حسن الإسناد: لأن عاصما في حفظه شيء .
- وكما استند إلى ما قاله الهيثمي في مجمع الزوائد : رجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود وهو مختلف في الاحتجاج به.
* رواه عن ابن مسعود بلفظ آخركلًا من؛ ابن وهب في الجامع في علوم القرآن، رواه ابن جرير، و الواحدي و الطبراني في المعجم الكبير، من طريق يحيى بن أيّوب عن عبيد اللّه بن زحرٍ عن سليمان عن زرّ بن حبيشٍ عن عبد [اللّه بن مسعودٍ] قال: احتبس علينا رسول اللّه ذات ليلةٍ عند بعض أهله أو نسائه [فلم يأتنا لصلاة العشاء] حتّى ذهب ليلٌ، فجاء، ومنّا المصلّي ومنّا المضطجع، فبشّرنا وقال: إنّه لا [يصلّي هذه الصّلاة أحدٌ من أهل الكتاب]، فأنزلت: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمةٌ قائمةٌ [يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون).
- وأخرجه الفريابي عن قيس بن الربيع عن عاصم وقال فيه لا أعلم أحدا من أهل الأديان إلى آخره.
- قال ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب: في سياق آخر أخرج الطبري من طريق منصور بن المعتمر بلغني أنها نزلت في قوم يصلون فيما بين المغرب والعشاء رجاله ثقات وهو مقطوع أو موقوف.
- و مما قد يؤيد أن الآية في تفضيل أمة محمد صلى الله عليه و سلم ما رواه ابن المنذر في تفسيره عن ابن مسعود بإسنادين مختلفين من طريق ابن نجيح عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْعِجْلِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} قَالَ: لا يَسْتَوِي أَهْلُ الْكِتَابِ وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ {يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ} قَالَ: " صَلاةُ الْعَتَمَةِ، هُمْ يُصَلُّونَهَا، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لا يُصَلُّونَهَا "
- رواه البخاري دون ( و من سواهم من أهل الكتاب لا يصلونها)
- و ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف( و صححه الألباني)، و رواه أبو داود في السنن و البيهقي في السنن الكبرى عن معاذ ابن جبل من طريق حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قوله عندما تأخر بالخروج عليهم و أخر صلاة العتمة ( أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فَقَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ يُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ»
و رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن الربيع ، قال حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّبِيعِ وْلَهُ: يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ:
صَلاةُ الْعَتَمَةِ تُصَلِّيهَا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا يُصَلِّيهَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
3- سياق الآيات ، ذكر ابن عطية وجهًا لسياق الكلام بما يؤيد هذا القول فقال: فمن حيث تقدم ذكر هذه الأمة في قوله كنتم خير أمّةٍ [آل عمران: 110] وذكر أيضا اليهود قال الله لنبيه ليسوا سواءً والكتاب على هذا جنس كتب الله وليس بالمعهود من التوراة والإنجيل فقط، والمعنى: من أهل الكتاب وهم أهل القرآن أمة قائمة.
و ما ذكرنا في القول الأول من الأقوال في مقصد الآية و الوقف و الابتداء، يجوز فيه هذا المعنى على هذا السياق الذي ذكره ابن عطية.
و قد قال المزيني في كتابه المحرر تعقيبًا على حديث ابن مسعود: أن الحديث الذي سيقت في ثناياه الآية ليس هو سبب نزولها لضعف سنده، ومخالفته لسياق القرآن وأقوال المفسرين، فلعل لها سبباً آخر لم يخرجه أصحاب الكتب التسعة.
و قد بينا فيما سبق ما أجد انه يرد على ما قرره المزيني.
و قال الوادعي في كتابه( [الصحيح المسند في أسباب النزول) : وأقول لا مانع من نزول الآية في الجميع أو أنه تعدد سبب نزولها والله أعلم
و نقل فخر الدين الرازي ما قاله الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ :في تفسيره للآية و الذي يظهر منه أنه يستند لسبب النزول الذي يجمع بين ما روي عن ابن مسعود و ابن عباس، و إلى أن الوقف على سواء لا يجوز، وأنقل مقالته:
قال : وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: أُولَئِكَ الْحَاضِرُونَ كَانُوا نَفَرًا مِنْ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقِيلَ لَيْسَ يَسْتَوِي مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَامُوا صَلَاةَ الْعَتْمَةِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي يَنَامُ فِيهَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا، وَلَمْ يَبْعُدْ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ حَالُهُمْ وَصِفَتُهُمْ تِلْكَ الْخِصَالُ الذَّمِيمَةُ وَالْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ حَالُهُمْ وَصِفَتُهُمْ هَكَذَا، يَسْتَوِيَانِ؟
فَيَكُونُ الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ تَقْرِيرَ فَضِيلَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ تَأْكِيدًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قوله كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ [آل عمران: ١١٠] وَهُوَ كَقَوْلِهِ أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ [السَّجْدَةِ: ١٨]
و مما سبق يظهر أن معنى ( ليسوا سواء) يحتمل القولين؛ لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ و لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، و الله أعلم.
و مبنى ذلك:
1- أسباب النزول و قول الوادعي أنه لا مانع من نزول الآية في الجميع أو أنه تعدد سبب نزولها والله أعلم .
2- أن سياق الآية و مناسبتها لما قبلها يحتمل المعنيين.
3- أن أهل الكتاب من المؤمنين، هم من آمنوا بمحمد صلى الله عليه و سلم، فيدخلوا في أمة محمد، فيجوز أن يكون المعنى لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ.
4- أن مقصد الآية في فضيلة أهل الإيمان من أهل الكتاب خاصة و المؤمنين عامة.
هذا و الله أعلم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24 ربيع الثاني 1445هـ/7-11-2023م, 07:10 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رولا بدوي مشاهدة المشاركة
حرّر القول في معنى قول الله تعالى: {ليسوا سواء}.
المصادر و مراتبها:
المرتبة الأولى: المصادر الأصلية في استخراج أقوال السلف في التفسير :
-تفسير عبد الرزاق الصنعانى
- قطعة من تفسيرعبد بن حميد
-تفسير ابن جرير الطبري
- تفسير ابن أبي حاتم
- تفسير ابن المنذر
-الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب
التفسير من كتب السنة:
كتاب تفسير القرآن من صحيح البخاري،
مسند الإمام أحمد
السنن الكبرى للنسائي
وكتاب التفسير من جامع الترمذي
ومستدرك الحاكم
المعجم الكبيرللطبراني في معجمه الكبير
دلائل النبوة للبيهقي
تاريخ دمشق لابن عساكر
أبو نعيم الأصفهاني في معرفة الصحابة
ابن أبي شيبة في المصنف
أبو داود في السنن
الهيثمي في كتابه موارد الظمآن في زوائد بن حبان
مسند أبو يعلى
ابن وهب في الجامع في علوم القرآن
-المصادر البديلة:
1- مصادر ناقلة بإسناد:
- تفسير ابن كثير
- الدر المنثور للسيوطي
- الشوكاني( في كتابه في فتح القدير
2- المصادر الناقلة للأقوال دون إسناد:
- تفسير المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» ابن عطية
- زاد المسير لابن الجوزي
- مفاتيح الغيب في التفسير الكبير لفخر الدين الرازي
- التحرير و التنوير للطاهر ابن عاشور
كتب التفسير اللغوى:
- معاني القرآن للفراء.
- ومجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى.
- ومعاني القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج .
- ومعاني القرآن لأبي جعفر النحاس.
-- إعراب القرآن للنحاس
كتب في أسباب النزول:
- العجاب في بيان الأسباب لابن حجر
- لباب النقول في بيان أسباب النزول لجلال الدين السيوطي
الصحيح المسند في أسباب النزول مُقْبِلُ بنِ هَادِي الوَادِعِيُّ
المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة دراسة الأسباب رواية ودراية لخالد بن سليمان المزيني
كتب الوقف والابتداء:
إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري
المكتفي لأبي عمرو الداني
أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ ف ( منار الهدى في بيان الوقف و الابتداء )
البحث في المسألة:
تحرير القول في معنى( ليسوا سواء) له ارتباط بمسائل عدة، تتعلق بالآية ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)؛ من وقف و ابتداء و أسباب نزول، و سياق، وما يتعلق باللغة و الإعراب.
نذكر الأقوال بداية، و ما قيل فيها من حيث الصنعة الحديثية، ثم نعرض لبيان ما يتعلق بها من مسائل و وجه تأثيرها في المعنى، ثم نخلص لبيان ما يترجح من الأقوال.
الأقوال في المعنى المراد من(ليسوا سواء)
أ‌. لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ و الحسن، أبو الأشهب.
ب‌. لَيْسَت أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، هَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، والسُّدِّيِّ.
تخريج الأقوال ، و ما قيل فيها:
1- القول الأول: لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ و الحسن.
- قول ابن عباس
رواه محمّد بن إسحاق في معرفة الصحابة، قال: حدّثني محمّد بن محمّدٍ، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا أسلم عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيدٍ، ومن أسلم من يهود معهم، فآمنوا وصدّقوا ورغبوا في الإسلام وتنحوا فيه، قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم: ما آمن بمحمّدٍ ولا تبعه إلاّ أشرارنا، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم، وذهبوا إلى غيره، فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك من قولهم: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه} إلى قوله: {وأولئك من الصّالحين}، رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم و الطبراني في معجمه الكبيرو البيهقي في دلائل النبوة،ابن عساكر في تاريخ دمشق ، ابن المنذر في تفسيره (إلى محمد ابن اسحق) .
ما ذكر في الحديث:
- قال المحقق أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد :رجاله ثقات.
- قال الوادعي في الصحيح المسند في أسباب النزول مبينًا الضعف في الحديث: كلهم رووه من طريق محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس فذكره، ومحمد بن أبي محمد هذا مجهول وكذا قلت في تحقيقي لتفسير ابن كثير قال: في سنده محمد بن أبي محمد وهو مجهول. وفي سند الطبري: محمد بن حميد وقد كُذّب.
قول قتادة:
رواه ابن جرير فقال :حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} الآية، يقول: ليس كلّ القوم هلك، قد كان للّه فيهم بقيّةٌ.
قول الحسن:
و روى ابن المنذر في تفسيره عن الحسن: حدَّثَنَا موسى، قَالَ: حَدَّثَنَا شيبان، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الأشهب، قَالَ: وتلا الحسن هَذِهِ الآيَة: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} " هؤلاء أَهْل الهدى، لَيْسَ كُلّ الْقَوْم هلك، فقرأ حَتَّى بلغ: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} قَالَ: فزعوا إِلَى أنفسهم حين تفرقت أمتهم
قوله جَلَّ وَعَزَّ: {يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}
2- القول الثاني: لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، هَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، والسُّدِّيِّ.
- قول ابن مسعود:
- رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق ابن أبي نجيحٍ عن الحسن بن يزيد العجليّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، أنّه كان يقول في قوله: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} قال: لا يستوي أهل الكتاب، وأمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- قول السدي
- رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ} الآية، يقول: ليس هؤلاء اليهود كمثل هذه الأمّة الّتي هي قائمةٌ
و في لفظ ابن أبي حاتم قانتة لله بدل قائمة.
ذكره القرطبي و اختاره
مناقشة الأقوال:
القول الأول: لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ و الحسن.
- نسبه فخر الدين الرازي إلى جمهور المفسرين.
1- مما يؤيد هذا القول أن مقالة ابن عباس ذكرت كسبب لنزول الآية، و التي قال فيها ابن كثير : والمشهور عن كثيرٍ من المفسّرين -كما ذكره محمّد بن إسحاق وغيره، ورواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ-أنّ هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب، كعبد اللّه بن سلام وأسد بن عبيد وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وغيرهم.
2- و يؤيده أيضًا، ما روي عن ابن عباس و قتادة و ابن جريج و الحسن و أبو الأشهب، في المراد بالأمة القائمة، و الذي يظهر منه استثناء فريق من أهل الكتاب، ممن آمن بمحمد صلى الله عليه و سلم.
- قول ابن عباس:
رواه ابن جرير في تفسيره : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنَّى أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: ١١٣] يَقُولُ: «أُمَّةٌ مُهْتَدِيَةٌ قَائِمَةٌ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لَمْ تَنْزِعْ عَنْهُ وَتَتْرُكْهُ كَمَا تَرَكَهُ الْآخَرُونَ وَضَيَّعُوهُ» وَقَالَ آخَرُونَ. بَلْ مَعْنَى قَائِمَةٍ: مُطِيعَةٌ
- قول ابن جريج:
رواه ابن جرير فقال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌّ، قال: قال ابن جريجٍ: {أمّةٌ قائمةٌ} عبد اللّه بن سلامٍ، وثعلبة بن سلامٍ أخوه، وسعية، ومبشّرٌ، وأسيدٌ وأسدٌ ابنا كعبٍ
- قول الحسن:
و روى عبد بن حميد مثله عن الحسن قال ثنا روح ثنا بن الأشهب عن الحسن
- قول أبو الأشهب
رواه ابن أبي حاتم عن أبو الأشهب، قال :حدّثنا أبي، ثنا سعيد بن سليمان النّشيطيّ، ثنا أبو الأشهب قال: ليس كلّ القوم هلك.
- و قال ابن جرير أن قول ابن عباس و قول قتادة أصح الأقوال عنده في معنى قائمة، و وَإِنْ كَانَ سَائِرُ الْأَقْوَالِ الْأُخَرِ مُتَقَارِبَةَ الْمَعْنَى مِنْ مَعْنَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {قَائِمَةٌ} [آل عمران: ١١٣] مُسْتَقِيمَةٌ عَلَى الْهُدَى، وَكِتَابِ اللَّهِ وَفَرَائِضِهِ، وَشَرَائِعِ دِينِهِ، بِالْعَدْلِ وَالطَّاعَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ مِنْ صِفَةِ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم بنى ابن جرير عليه َتَأْوِيلُ الْكَلَامِ فقال: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ جَمَاعَةٌ مُعْتَصِمَةٌ بِكِتَابِ اللَّهِ، مُتَمَسِّكَةٌ بِهِ، ثَابِتَةٌ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا فِيهِ، وَمَا سَنَّ لَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3- و مما يؤيده ما قيل في مرجع الضمير في ليسوا:
يعود على من سبق ذكرهم في الآية ( مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون )، و هذا مفهوم كلام مكي في كتاب الهداية الى بلوغ النهاية،عبر عنه فقال: هذا مردود على [قوله] {مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون، و هو قول ابن جرير في تفسيره، و فخر الدين الرازين و الطاهر ابن عاشور.
4- مقصد الآية:
ذكر في مقصد الآية أقوال مختلفة كلها تعود إلى الإخبار عن أهل الإيمان من أهل الكتاب و تفضيلهم:
قال ابن جرير أنها لبيان حال الفريقين عند الله ؛المؤمنة منهما والكافرة، فقال: {ليسوا سواءً} أي ليس هؤلاء سواءً، المؤمنون منهم والكافرون.
قال فخر الدين الرازي أنها تقرير لما تقدم مِنْ قَوْلِهِ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ، من آمن ليس كمن لم يؤمن.
و قيل: أن هذه الآية جاءت بتخصيص و بيان ان هناك من أهل الكتاب من هو على استقامة و ليسوا كذلك، فمنهم من مات قبل أن يدرك الشرائع فذلك من الصالحين، ومنهم من أدرك الإسلام فدخل فيه و ذلك بعد ذكر ووصف أهل الكتاب بصفات مذمومة، من كفر و عصيان و أفعال من قتل و اعتداء،
و هذا الكلام حاصل كلام فخر الدين الرازي و ابن عطية (بتصرف )الذي لم ينسباه، و عقب عليه ابن عطية بقوله:ويعترض هذا النظر أن جميع اليهود على عوج من وقت عيسى، وتجيء الآية إشارة إلى من أسلم فقط، أو يكون اليهود في معنى الأمة القائمة إلى وقت عيسى، ثم ينتقل الحكم في النصارى، ولفظ أهل الكتاب يعم الجميع، والضمير في ليسوا لمن تقدم ذكره في قوله منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون [آل عمران: 110]
و قال الشوكاني في فتح القدير 1250 : أن الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ، سِيقَتْ لِبَيَانِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ.
وَقَوْلُهُ: أُمَّةٌ قائِمَةٌ هُوَ اسْتِئْنَافٌ أَيْضًا، يَتَضَمَّنُ بَيَانَ الْجِهَةِ الَّتِي تَفَاوَتُوا فِيهَا، مِنْ كَوْنِ بَعْضِهِمْ أُمَّةً قَائِمَةً إِلَى قَوْلِهِ: مِنَ الصَّالِحِينَ
و قال الطاهر بن عاشور عن هذا القول أن المقصد هوِ إنْصافُ طائِفَةٍ مِن أهْلِ الكِتابِ، بَعْدَ الحُكْمِ عَلى مُعْظَمِهِمْ بِصِيغَةٍ تَعُمُّهم، تَأْكِيدًا لِما أفادَهُ قَوْلُهُ ﴿مِنهُمُ المُؤْمِنُونَ وأكْثَرُهُمُ الفاسِقُونَ﴾ [آل عمران: ١١٠] فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ لَيْسُوا لِأهْلِ الكِتابِ المُتَحَدَّثِ عَنْهم آنِفًا، وهُمُ اليَهُودُ.
5- يبينه ما ذكر من الوقف و الابتداء و توجيه القول فيه:
1- الوقف على ليسوا سواء: وقف تام، و ما بعدها جملة مستأنفة، قاله الزجاج، النحاس،و مكي في كتاب الهداية الى بلوغ ،ابن الأنباري في إيضاح الوقف و الابتداء،و أبوعمرو الداني في المكتفي،فخر الدين الرازي في تفسيره،و قال السمين الحلبي أنه الظاهر من الآية، و ذكره أحمدُ بنُ عبد الكريمِ بنِ محمَّدٍ الأَشْمُونِيُّ ف ( منار الهدى في بيان الوقف و الابتداء )و قال أنه الأصح عنده، و نسبه إلى نافع و يعقوب و الأخفش و أبي حاتم.
و يكون رفع أمة بالابتداء، كما قال الفراء و النحاس و الداني في المكتفي، و بين ابن الأنباري سبب الرفع أنه بـ(من( [على أنها مبتدأ، و(من أهل الكتاب) جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف]
توجيه المعنى :
على هذا القول يرجع الضمير في ليسوا على من سبق ذكرهم في الآيات من أهل الكتاب في قوله تعالى(منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون)، أنهم غير متساويين، قاله الزجاج وابن جرير، مكي و ابن عطية، و ابن كثير و ابن عاشور، السمين الحلبيو غيرهم، من أهل اللغة و التفسير.
قال ابن عطية رحمه الله: وهو أصح التأويلات.
قال السمين الحلبي والمعنى: أنهم منقسمون إلى مؤمن وكافر لقولِهِ: {مِّنْهُمُ المؤمنون وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون} [آل عمران: 110] فانتفى استواؤُهم. و «سواء» في الأصلِ مصدرٌ فلذلك وُحِّد.
و قال ابن عاشور : هَذِهِ الجُمْلَةُ تَتَنَزَّلُ مِنَ الَّتِي بَعْدَها مَنزِلَةَ التَّمْهِيدِ، وجُمْلَةُ ﴿مِن أهْلِ الكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ﴾ إلَخْ، مُبَيِّنَةٌ لِإبْهامِ ﴿لَيْسُوا سَواءً﴾ .
2- أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسُوا سَواءً كلام غير تام ولا يجوز الوقف عِنْدَهُ، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ، قاله أبو عبيدة معمر المثني ىفي مجاز القرآن، و قاله الفراء.
قال المثني [معمر بن المثنى] : وقد يجوز أن يجعله كلامين، فكأنك قلت: «لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ» ، ثم قلت:أمّة قائمة»،
- قول معمر المثني [معمر بن المثنى] على لغة من قال: أكلوني البراغيث، و الواو عنده في» ليسوا «علامةٌ جمعٍ وليست ضميراً، و أمة اسم ليس و سواء خبرها، و يقدر محذوفًا، هو ذكر الكفار من أهل الكتاب؛ ذكر ذلك عنه مكي في تفسيره و النحاس في كتابه إعراب القرآن، و قد ردوه؛ قال مكي عنه أنه بعيد، و ذكر كلًا من مكي و النحاس سبب الرد و هو؛أن ذكر أهل الكتاب قد تقدم، فليس [هو] مثل أكلوني البراغيت لأنه لم يتقدم [له] ذكر
- نقل فخر الدين الرازي إنكار أكثر النحويين لهذا القول، و ذلك بسبب اتفاق أكثرهم على ركاكة لغة ( أكلوني البراغيث) وَاللَّهُ أَعْلَمُ
- ذكره ابن الأَنباريِّ في إيضاح الوقف و الابتداء و قال: أن عندها الرفع لأمة سيكون بمعنى سواء، و تمام الكلام عندها سيكون على( يسجدون)، ولا يتم الكلام على سواء من هذا الوجه لأن الأمة مرتفعة بمعنى (سواء) والوقف على الرافع دون المرفوع قبيح.
- نقل السمين الحلبي في الدر عن قوم أنها لغةٌ ضعيفةٌ و ذكر أن السهيلي نازع النحويين في كونها ضعيفةً، و قال: نَسبَها بعضُهم لأزدِ شنوءة، وكثيراً ما جاء عليها الحديث، وفي القرآنِ مثلُها.
- و قد خطأ ابن عطية مقالة أبو عبيدةَ و قال : خطأٌ مردودٌ، ذكر ذلك عنه السمين الحلبي و عقب عليه فقال: ولم يُبَيِّن وجهَ الخطأ، وكأنه تَوَهَّم أنَّ اسم «ليس» هو «أمة قائمة» فقط، وأنه لا محذوف ثمَّ، إذ ليس الغرضُ تفاوتَ الأمةِ القائمة التالية، فإذا قُدِّر ثَمَّ محذوفٌ لم يكن قول أبي عبيدة خطأ مردوداً، إلا أن بعضهم رَدَّ قوله بأنها لغة ضعيفة، وقد تقدم ما فيها والتقدير الذي يَصِحُّ به المعنى، أي: ليس سواءً من أهل الكتاب أمةٌ قائمةٌ موصوفةٌ بما ذُكِر وأمةٌ كافرة، فهذا تقديرٌ يَصِحُّ به المعنى الذي نحا إليه أبو عبيدة.
- بين الاشموني في منار الهدى خطأ اختيارأبو عبيدة معمر بن المثنى بعدم جواز الوقف عليه أنه جمع الفعل على اللغة المرجوحة، و أن الواو ضمير على من تقدم ذكرهم و ليست علامة جمع.
- و ما قاله الفراء( ﴿لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ﴾ ذَكَر أمّه ولم يذكر بعدها أخرى، والكلام مبنىّ على أخرى يراد؛ لأن سواء لا بدّ لها من اثنين فما زاد.
و ذكر وجهين لرفع أمة، أحدهما أنك تَكُرُّه على سواء، و قال أن المعنى عندها: كأنك قلت: لا تستوى أمة صالحة وأخرى كافرة منها أمّة كذا وأمّة كذا، وقد تستجيز العرب إضمار أحد الشيئين إذا كان فى الكلام دليل عليه.
و نقل السمين الحلبي عن الفراء: «إنَّ الوقف لا يَتِمُّ على» سواء «، فجعل الواوَ اسمَ» ليس «و» سواءً «خبرها، كما قال الجمهور، و» أمة «مرتفعة ب» سواء «ارتفاعَ الفاعل، أي: ليس أهلُ الكتاب مستوياً منهم أمةٌ قائمةٌ موصوفةٌ بما ذُكِر وأمةٌ كافرة، فَحُذِفَتِ الجملةُ المعادِلة لدلالةِ القسمِ الأولِ عليها و ذكر امثلة لذلك و قال وهو كثيرٌ، و قال الفراء:» لأنَّ المساواة تقتضي شيئين كقولِهِ {سَوَآءً العاكف فِيهِ والباد} [الحج: 25] ، وقوله {سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ} [الجاثية:.
و قد رد الطبري هذا القول و بين خطأه فقال: وهذا القول خطأ من جهات: إحداها أنه يرفع أمة بسواء فلا يعود على اسم ليس شيء يرفع بما ليس جاريا على الفعل، ويضمر ما لا يحتاج إليه لأنه قد تقدم ذكر الكافرين فليس لاضمار هذا وجه.
و وصف ابن جرير بالوهم من يقولون ( جماعة من نحوي الكوفة و البصرة و المقدمين منهم) أنّ ما بعد سواءٍ في هذا الموضع من قوله: {أمّةٌ قائمةٌ} ترجمةٌ عن سواءٍ، وتفسيرٌ عنه بمعنى: لا يستوي من أهل الكتاب أمّةٌ قائمةٌ يتلون آيات اللّه آناء اللّيل، وأخرى كافرةٌ، وزعموا أنّ ذكر الفرقة الأخرى ترك اكتفاءً بذكر إحدى الفرقتين، وهي الأمّة القائمة، و ذكر الطبري حجتهم، ثم ذكر أن القاعدة عندهم منع الإجازة ( تقدير ) في سواءٍ من أجل نقصانه، وأنّه غير مكتفٍ بواحدٍ، ثم أجازوا في هذه الآية، وأخطئوا تأويل الآية، فسواءٌ في هذا الموضع بمعنى التّمام والاكتفاء، لا بالمعنى الّذي تأوّله من حكينا قوله.
نسب الزجاج إلى بعض أهل اللغة: المعنى منهم أمة قائمة وامة على غير ذلك، و ذكر استشهادهم بقول الشاعر:
عصائي إليها القلب أني لأمره... سميع فيما أدري أرشد طلابها
ولم يقل أم هو في غي لأن في الكلام دليلا عليه، قال: والعرب تضمر هذا إذا عرفت مثل هذا - عرفت المعنى.
ثم بين وجه الخطًا في هذا القول: و وصفه بأنه خطأ فاحش، و ذلك لأن ذكر أهل الكتاب قد جرى في هذه القصة بأنهم كانوا يكفرون بآيات اللّه، ويقتلون الأنبياء بغير حق، فأعلم اللّه جلّ وعزّ أن منهم المؤمنين الذين هم أمّة قائمة، فما الحاجة إلى أن يقال غير قائمة وإنما المبدوء به ههنا ما كان من فعل أكثرهم من الكفر والمشاقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر من كان مباينا هؤلاء.
قال السمين الحلبي: وقد ضُعِّف قولُ الفراء من حيث الحذفُ ومن حيث وَضْعُ الظاهرِ موضِعَ المضمر، إذ الأصل: منهم أمةٌ قائمة، فَوُضِعَ «أهلِ الكتابِ» موضعَ الضمير.
و وصف الشوكاني (في كتابه في فتح القدير) ما قاله الفراء: أنه قَوِيٌّ قَوِيمٌ، و بين ما قاله؛ وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: لَا يَسْتَوِي أُمَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ شَأْنُهَا كَذَا وَأُمَّةٌ أُخْرَى شَأْنُهَا كَذَا، وَلَيْسَ تَقْدِيرُ هَذَا الْمَحْذُوفِ مِنْ بَابِ تَقْدِيرِ مَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ كَمَا قَالَ النَّحَّاسُ، فَإِنَّ تَقَدُّمَ ذِكْرِ الْكَافِرَةِ لَا يُفِيدُ مَفَادَ تَقْدِيرِ ذِكْرِهَا هُنَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَا يَعُودُ عَلَى اسْمِ لَيْسَ شَيْءٌ، فَيَرُدُّهُ: أَنَّ تَقْدِيرَ الْعَائِدِ شَائِعٌ مُشْتَهِرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْفَنِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ بِمَا لَيْسَ جَارِيًا عَلَى الْفِعْلِ، فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ.
و يظهر مما سبق و الله أعلم أن الوقف على سواء تام و المعنى ليسوا من ذكروا فيما سبق من الآيات من المؤمنين و الفاسقين، من أهل الكتاب سواء.
القول الثاني: لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، هَذا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، والسُّدِّيِّ.
يؤيده ما روي من سبب النزول عن ابن مسعود:
1- أخرج أحمد في مسنده وأبو بكر البزار في مسنده، و النسائي في السنن الكبرى، و أبو يعلى في مسنده،وصححه ابن خزيمة ، و أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، الواحدي في أسباب النزول، و ابن المنذر في تفسيره من طريق عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال أخر النبي ليلة صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم قال ونزلت هذه الآيات من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله إلى قوله بالمتقين.
ما قيل فيه:
- قال البزار هَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عَاصِمٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَّا شَيْبَانُ
- قال الهيثمي في كتابه موارد الظمآن في زوائد بن حبان: إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود فإن حديثه لا ينهض إلى مرتبة الصحيح. وصفوان بن صالح، وشيخه الوليد بن مسلم مدلسان لكنهما صرحا بالتحديث، وشيبان هو ابن عبد الرحمن النحوي.
- قال المحقق شعيب الأرناؤطي في رواية أحمد: صحيح لغيره، وهذا إسناده حسن لأجل عاصم -وهو ابن أبي النجود-، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وحسن بن موسى: هو الأشيب، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن أبو معاوية النحْوي، وزِر: هو ابن حبيش الأسدي.
- قال حسين سليم أسد محقق مسند أبو يعلى: إسناده حسن.
- قال السيوطي في الدر المنثوربعد ذكر رواية من ذكرنا للحديث: بسند حسن عن ابن مسعود
- بين البقاعي في الصحيح المسند من أسباب النزول، سبب قول السيوطي أنه حسن الإسناد: لأن عاصما في حفظه شيء .
- وكما استند إلى ما قاله الهيثمي في مجمع الزوائد : رجال أحمد ثقات ليس فيهم غير عاصم بن أبي النجود وهو مختلف في الاحتجاج به.
* رواه عن ابن مسعود بلفظ آخركلًا من؛ ابن وهب في الجامع في علوم القرآن، رواه ابن جرير، و الواحدي و الطبراني في المعجم الكبير، من طريق يحيى بن أيّوب عن عبيد اللّه بن زحرٍ عن سليمان عن زرّ بن حبيشٍ عن عبد [اللّه بن مسعودٍ] قال: احتبس علينا رسول اللّه ذات ليلةٍ عند بعض أهله أو نسائه [فلم يأتنا لصلاة العشاء] حتّى ذهب ليلٌ، فجاء، ومنّا المصلّي ومنّا المضطجع، فبشّرنا وقال: إنّه لا [يصلّي هذه الصّلاة أحدٌ من أهل الكتاب]، فأنزلت: {ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمةٌ قائمةٌ [يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون).
- وأخرجه الفريابي عن قيس بن الربيع عن عاصم وقال فيه لا أعلم أحدا من أهل الأديان إلى آخره.
- قال ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب: في سياق آخر أخرج الطبري من طريق منصور بن المعتمر بلغني أنها نزلت في قوم يصلون فيما بين المغرب والعشاء رجاله ثقات وهو مقطوع أو موقوف. [المقطوع ما كان من كلام التابعي، والموقوف ما كان من كلام الصحابي، ومنصور بن المعتمر من التابعين، لكنه هنا يرفعه لزمن النبوة فيقول: "بلغني أنها نزلت في ..."؛ فهو مرسل، لأنه لم يبين عمن بلغه]
- و مما قد يؤيد أن الآية في تفضيل أمة محمد صلى الله عليه و سلم ما رواه ابن المنذر في تفسيره عن ابن مسعود بإسنادين مختلفين من طريق ابن نجيح عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْعِجْلِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ: " {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} قَالَ: لا يَسْتَوِي أَهْلُ الْكِتَابِ وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ {يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ} قَالَ: " صَلاةُ الْعَتَمَةِ، هُمْ يُصَلُّونَهَا، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لا يُصَلُّونَهَا "
- رواه البخاري دون ( و من سواهم من أهل الكتاب لا يصلونها)
- و ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف( و صححه الألباني)، و رواه أبو داود في السنن و البيهقي في السنن الكبرى عن معاذ ابن جبل من طريق حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قوله عندما تأخر بالخروج عليهم و أخر صلاة العتمة ( أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فَقَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ يُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ»
و رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن الربيع ، قال حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّبِيعِ وْلَهُ: يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ:
صَلاةُ الْعَتَمَةِ تُصَلِّيهَا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا يُصَلِّيهَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
3- سياق الآيات ، ذكر ابن عطية وجهًا لسياق الكلام بما يؤيد هذا القول فقال: فمن حيث تقدم ذكر هذه الأمة في قوله كنتم خير أمّةٍ [آل عمران: 110] وذكر أيضا اليهود قال الله لنبيه ليسوا سواءً والكتاب على هذا جنس كتب الله وليس بالمعهود من التوراة والإنجيل فقط، والمعنى: من أهل الكتاب وهم أهل القرآن أمة قائمة.
و ما ذكرنا في القول الأول من الأقوال في مقصد الآية و الوقف و الابتداء، يجوز فيه هذا المعنى على هذا السياق الذي ذكره ابن عطية.
و قد قال [خالد] المزيني في كتابه المحرر تعقيبًا على حديث ابن مسعود: أن الحديث الذي سيقت في ثناياه الآية ليس هو سبب نزولها لضعف سنده، ومخالفته لسياق القرآن وأقوال المفسرين، فلعل لها سبباً آخر لم يخرجه أصحاب الكتب التسعة.
و قد بينا فيما سبق ما أجد انه يرد على ما قرره المزيني.
و قال الوادعي في كتابه( [الصحيح المسند في أسباب النزول) : وأقول لا مانع من نزول الآية في الجميع أو أنه تعدد سبب نزولها والله أعلم
و نقل فخر الدين الرازي ما قاله الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ :في تفسيره للآية و الذي يظهر منه أنه يستند لسبب النزول الذي يجمع بين ما روي عن ابن مسعود و ابن عباس، و إلى أن الوقف على سواء لا يجوز، وأنقل مقالته:
قال : وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: أُولَئِكَ الْحَاضِرُونَ كَانُوا نَفَرًا مِنْ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقِيلَ لَيْسَ يَسْتَوِي مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَامُوا صَلَاةَ الْعَتْمَةِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي يَنَامُ فِيهَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا، وَلَمْ يَبْعُدْ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِأَهْلِ الْكِتَابِ حَالُهُمْ وَصِفَتُهُمْ تِلْكَ الْخِصَالُ الذَّمِيمَةُ وَالْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ حَالُهُمْ وَصِفَتُهُمْ هَكَذَا، يَسْتَوِيَانِ؟
فَيَكُونُ الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ تَقْرِيرَ فَضِيلَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ تَأْكِيدًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قوله كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ [آل عمران: ١١٠] وَهُوَ كَقَوْلِهِ أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ [السَّجْدَةِ: ١٨]
و مما سبق يظهر أن معنى ( ليسوا سواء) يحتمل القولين؛ لَيْسَ اليَهُودُ كُلُّهم سَواءً، بَلْ فِيهِمْ مَن هو قائِمٌ بِأمْرِ اللَّهِ و لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ، و الله أعلم.
و مبنى ذلك:
1- أسباب النزول و قول الوادعي أنه لا مانع من نزول الآية في الجميع أو أنه تعدد سبب نزولها والله أعلم .
2- أن سياق الآية و مناسبتها لما قبلها يحتمل المعنيين.
3- أن أهل الكتاب من المؤمنين، هم من آمنوا بمحمد صلى الله عليه و سلم، فيدخلوا في أمة محمد، فيجوز أن يكون المعنى لَيْسَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ واليَهُودُ سَواءٌ.
4- أن مقصد الآية في فضيلة أهل الإيمان من أهل الكتاب خاصة و المؤمنين عامة.
هذا و الله أعلم.

أحسنتِ، بارك الله فيكِ وزادكِ إحسانًا وتوفيقًا وسدادًا.
- يتضح من تطبيقكِ أنكِ بذلتِ مجهودًا كبيرًا في إعداده، أسأل الله أن يتقبله منكِ وينفعكِ به، ويحتاج القليل من العمل لمزيد إحسان فيه:
1. التنسيق يبرز مجهودك وييسر القراءة.
2. تلخيص أقوال العلماء بأسلوبك ولا يشترط الإكثار من نقل نص كلامهم، إلا ما يحتاج إليه للاستشهاد به، ونسبة كل قول لقائله.
3. ترتيب القائلين حسب تاريخ وفاتهم.
4. الاعتناء بالإعراب خاصة في الأسماء الخمسة فقد تكرر عندك رفع المجرور.
- الهداية لمكي بن أبي طالب من المصادر الناقلة، ويفضل اعتماد التصنيف الذي ذكره الشيخ في المهارات المتقدمة عند ذكر المصادر.
المصادر الأصلية كل ما كان فيه رواية القول بإسناده من المصنف إلى قائل القول وقد تكون بذلك تفاسير أو كتب السنة أو كتب أخرى مصنفة في علوم القرآن أو السيرة أو التاريخ أو غير ذلك.
- قولكِ أن معنى الآية يحتمل القولين ينبغي بيانه بتخصيص اليهود -على القول الثاني- بالكفار منهم؛ فلا يدخل فيهم اليهود الذين آمنوا زمن موسى عليه السلام.
- بعض الملحوظات اليسيرة تجدينها خلال الاقتباس أعلاه.

التقويم: أ+
زادكِ الله توفيقًأ وسدادًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:00 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir