دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير اللغوي > معاني القرآن للزجاج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 شوال 1431هـ/30-09-2010م, 06:18 PM
علي بن عمر علي بن عمر غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 1,654
افتراضي من الاية 52 الى اخر السورة

وقوله: (يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنّون إن لبثتم إلّا قليلا (52)
أي يعيدكم يوم القيامة.
ومعنى تستجيبون بحمده. تستجيبون مقرين بأنه خالقكم.
وقوله: (وربّك أعلم بمن في السّماوات والأرض ولقد فضّلنا بعض النّبيّين على بعض وآتينا داوود زبورا (55)
معنى ذكر داود ههنا أن اللّه - جل ثناؤه - أعلم أنه قد فضل بعض النبيين على بعض، أي فلا ينكروا تفضيل محمد - صلى الله عليه وسلم - وإعطاءه القرآن، فقد أعطى الله داود الزبور.
وقوله: (قل ادعوا الّذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضّرّ عنكم ولا تحويلا (56)
أي ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهتكم.
وجاء في التفسير أشياء في هذه الآية، منها أنه قيل: قل ادعوا العزير وعيسى لأن النصارى واليهود زعموا أن هؤلاء آلهتهم، فأعلمهم اللّه - عزّ وجلّ - أنهم لا يملكون كشف ضر عنهم ولا تحويلا من واحد إلى آخر، وقيل إنه يعنى به الملائكة لأن منهم من كان يعبد الملائكة.
وقيل إن قوما من
[معاني القرآن: 3/245]
العرب كانوا يعبدون نفرا من الجنّ، فأسلم أولئك النفر من الجن ولم يعلم بهم من كان يعبدهم، فقيل فادعوا هؤلاء فإنهم لا يملكون ضرا ولا نفعا.
وقوله: (أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إنّ عذاب ربّك كان محذورا (57)
بالياء والتاء.
(أولئك) رفع بالابتداء، و (الذين) رفع صفة لهم، و (يبتغون) خبر الابتداء، المعنى الجماعة الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة، والوسيلة والسّؤال، والسّؤل والطلبة، في معنى واحد.
(أيّهم أقرب).
إن شئت " أيّهم " كان رفعا بالابتداء، والخبر (أقرب)، ويكون المعنى يطلبون إلى ربهم الوسيلة - ينظرون أيهم أقرب إليه فيتوسلون به.
فإن قال قائل: فالذي أنكر عليهم هو التوسل بغير عبادة اللّه إلى اللّه، لأنهم قالوا: (ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى)، فالفرق بين المتوسلين إلى اللّه بمحبّة أنبيائه وملائكته وصالحي عباده أنهم يتوسلون بهم موحّدين اللّه عزّ وجلّ، لا يجعلون له شريكا في العبادة، والكفار يتوسلون بعبادة غير اللّه، فجعلوا الكفر وسيلتهم.
ويجوز أن يكون (أيّهم أقرب) بدلا من الواو في (يبتغون) فالمعنى يبتغي أيهم هو أقرب الوسيلة إلى اللّه، أي يتقرب إليه بالعمل الصالح.
(ويرجون رحمته ويخافون عذابه).
أي الذين يزعمون أنهم آلهة يرجون ويخافون.
[معاني القرآن: 3/246]
قوله: (وإن من قرية إلّا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذّبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا (58)
أي ما من أهل قرية ألا سيهلكون، إما بموت وإما بعذاب يستأصلهم.
(كان ذلك في الكتاب مسطورا).
أي مكتوبا.
(وما منعنا أن نرسل بالآيات إلّا أن كذّب بها الأوّلون وآتينا ثمود النّاقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلّا تخويفا (59)
(أن) الأولى نصب، و (أن) الثانية رفع.
المعنى ما منعنا الإرسال ألا تكذيب الأولين.
والتأويل أنهم سألوا الآيات التي استوجب بها الأولون العذاب، لمّا كذبوا بها، فنزل عليهم العذاب، والدليل على أنهم سألوا تلك الآيات قولهم: (لولا أوتي مثل ما أوتي موسى)، فأعلم اللّه - جل ثناؤه - أن موعد كفار هذه الأمة الساعة، فقال: (بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ). فأخّرهم إلى يوم القيامة رحمة منه وتفضلا.
(وآتينا ثمود النّاقة مبصرة).
ويقرأ (مبصرة) فمن قرأ (مبصرة)، فالمعنى تبصرهم، أي تبين لهم، ومن قرأ (مبصرة) فالمعنى مبينة، (فظلموا بها)، أي فظلموا بتكذيبها.
وقوله: (وإذ قلنا لك إنّ ربّك أحاط بالنّاس وما جعلنا الرّؤيا الّتي أريناك إلّا فتنة للنّاس والشّجرة الملعونة في القرآن ونخوّفهم فما يزيدهم إلّا طغيانا كبيرا (60)
جاء في التفسير: أحاط بهم أي كلهم في قبضته، وعن الحسن أحاط بالناس أي حال بينهم وبين أن يقتلوك أو يغلبوك كما قال - عزّ وجلّ - (واللّه يعصمك من النّاس).
[معاني القرآن: 3/247]
وقوله: (وما جعلنا الرّؤيا الّتي أريناك إلّا فتنة للنّاس).
جاء في التفسير أنها رؤيا بيت المقدس حين أسري به، وذلك أنه ارتدّ بعضهم حين أعلمهم قصة الإسراء به، وازداد المؤمنون المخلصون إيمانا.
وجاء في التفسير أنه يرو رأى في منامه قوما يرقون المنابر فساءه ذلك، فأعلم - صلى الله عليه وسلم - أنه عطاء في الدنيا.
(والشّجرة الملعونة في القرآن).
قيل في التفسير الملعون أكلها، وهي شجرة الزقّوم التي ذكرها اللّه في القرآن فقال: (إنّ شجرت الزّقّوم (43) طعام الأثيم (44).
وقال: (فإنّهم لآكلون منها فمالئون منها البطون (66).
وقال: (إنّها شجرة تخرج في أصل الجحيم (64).
فافتتن بها المشركون، فقال أبو جهل: ما نعرف الزقوم إلا أكل التمر بالزبد فتزقموا.
وقال بعض المشركين: النار تأكل الشجر فكيف ينبت فيها الشجر، فلذلك قال جل ثناؤه: (وما جعلنا الرّؤيا الّتي أريناك إلّا فتنة للنّاس والشّجرة الملعونة في القرآن).
فإن قال قائل: ليس في القرآن ذكر لعنها؟
فالجواب في ذلك لعن الكفار وهم آكلوها.
وجواب آخر أيضا أن العرب تقول لكل طعام مكروه
وضارّ: ملعون.
وقوله: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلّا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا (61)
[معاني القرآن: 3/248]
المعنى لمن خلقته طينا، وطينا منصوب على جهتين:
إحداهما التمييز، المعنى لمن خلقته من طين.
ويجوز أن يكون " طينا " منصوب على الحال.
المعنى أنك أنشأته في حال كونه من طين.
وقوله: (قال أرأيتك هذا الّذي كرّمت عليّ لئن أخّرتن إلى يوم القيامة لأحتنكنّ ذرّيّته إلّا قليلا (62)
جاءت " قال " ههنا بغير حرف عطف لأنه على معنى قال اسجد لمن خلقت طينا.
وقوله: (أرأيتك) في معنى أخبرني؛ فالكاف لا موضع لها، لأنها ذكرت في الخطاب توكيدا، وموضع (هذا) نصب بـ (أرأيتك).
والجواب محذوف المعنى أخبرني عن هذا الذي كرمت عليّ لم كرمته عليّ وقد خلقتني من نار وخلقته من طين، فحذف هذا لأن في الكلام دليلا عليه.
ومعنى: (لأحتنكنّ ذرّيّته إلّا قليلا).
لأستأصلنهم بالإغواء لهم، وقيل لأستولين عليهم.
والذي تقول العرب: قد احتنكت السّنة أموالنا إذا استأصلتها.
قال الشاعر:
نشكو إليك سنة قد أجحفت... جهدا على جهد بنا وأضعفت
واحتنكت أموالنا وجلّفت
وقوله: (قال اذهب فمن تبعك منهم فإنّ جهنّم جزاؤكم جزاء موفورا (63)
(جزاء موفورا).
أي موفر، يقال منه وفرته أفره فهو موفور.
قال زهير:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه... يفره ومن لا يتقي الشتم يشتم
[معاني القرآن: 3/249]
وقوله: (واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشّيطان إلّا غرورا (64)
معناه استدعهم استدعاء تستخفهم به إلى إجابتك.
و(بصوتك) تفسيره بدعائك، وقيل (بصوتك) بأصوات الغناء والمزامير.
وقوله: (وأجلب عليهم بخيلك ورجلك).
أي أجمع عليهم كل ما تقدر عليه من مكايدك، وقيل في التفسير: خيله ورجله كل خيل يسعى في معصية اللّه فهي من خيل إبليس، وكل ماش في معصية فهو من - رجال إبليس، ورجل جمع راجل، ويجوز ورجالك فيكون جمع راجل ورجال مثل صاحب وصحاب.
وجائز أن يكون لإبليس خيل ورجال.
وقوله: (وشاركهم في الأموال والأولاد).
أي مرهم أن يجعلوا من أموالهم شيئا لغير اللّه كما قال اللّه سبحانه: (فقالوا هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا).
وما قالوه في السائبة والبحيرة.
والشركة في الأولاد قولهم: عبد العزى، وعبد الحرث.
وقيل شركته في الأولاد يعنى به أولاد الزنا، وهو كثير في التفسير، وكل معصية في ولد أو مال فإبليس اللعين شريكهم فيها.
قوله: (وعدهم وما يعدهم الشّيطان إلّا غرورا).
فإن قال قائل فكيف يجوز أن يؤمر إبليس أن يقال له شاركهم في الأموال والأولاد وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وعدهم بأنهم لا يبعثون؛ فإذا فعل ذلك فهو مطيع؟
فالجواب في ذلك أن الأمر على ضربين:
أحدهما متبع لا
[معاني القرآن: 3/250]
غير، والثاني إذا تقدمه نهي عما يؤمر به فالمعنى في الأمر الوعيد، والتهديد لأنك قد تقول: لا تدخلن هذه الدار، فإذا حاول أن يدخلها قلت: أدخلها وأنت رجل، فلست تأمره بدخولها ولكنك توعده وتهدده وهذا في اللغة والاستعمال كثير موجود، ومثله في القرآن: (اعملوا ما شئتم).
وقد نهوا أن يتبعوا أهواءهم وأن يعملوا بالمعاصي.
وقوله: (إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربّك وكيلا (65)
أي من أخلص فلا حجة لك عليه ولا سلطان.
(وكفى بربّك وكيلا).
أي كفى باللّه وكيلا لأوليائه، يعصمهم من القبول من إبليس.
وقوله: (ربّكم الّذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنّه كان بكم رحيما (66)
تفسير (يزجي) يسيّر، وقد زجّيت قدمت الشيء، وهذا الكلام ذكر معطوفا على قوله: (كونوا حجارة أو حديدا)
وقوله: (قل الّذي فطركم أول مرة) فالمعنى أنه يبعثكم الذي بدأ خلقكم، والابتداء والإنشاء أشد من الإعادة.
ثم أعلمهم أن الذي قدر على تسخير الفلك في البحر – والفلك كالجبال - قادر على إعادتهم، قال اللّه تعالى: (وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) أي كالجبال.
(وكان الإنسان كفورا).
الإنسان ههنا يعنى به الكفار خاصة.
وقوله: (أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البرّ أو يرسل عليكم حاصبا ثمّ لا تجدوا لكم وكيلا (68)
الحاصب التراب الذي فيه الحصباء، والحصباء حصى صغار.
[معاني القرآن: 3/251]
وقوله: (أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الرّيح فيغرقكم بما كفرتم ثمّ لا تجدوا لكم علينا به تبيعا (69)
(ثمّ لا تجدوا لكم علينا به تبيعا)
أي لا تجدوا من يتبعنا بإنكار ما نزل بكم، ولا من يتبعنا بأن يصرفه عنكم.
وقوله: (ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطّيّبات وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا (70)
تأويله أن اللّه - جل ثناؤه - فضلهم بالتمييز، وبأن سخر لهم ما في السّماوات والأرض وبحملهم في البر والبحر.
(وفضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا).
قال: (على كثير) ولم يقل على كلّ من خلقنا، لأن اللّه - جل وعلا - فضل الملائكة، فقال: (ولا الملائكة المقربون).
ولكن ابن آدم مفضل على سائر الحيوان الذي لا يعقل ولا يميز.
وجاء في التفسير أن فضيلة ابن آدم أنه يمشي قائما وأن الدوابّ والإبل والحمير وما أشبهها تمشي منكبّة، وأن ابن آدم
يتناول الطعام بيديه ويرفعه إلى فيه، وأن سائر الحيوان يتناول ذلك بفيه. وهذا الذي في التفسير هو بعض ما فضل به ابن آدم.
وفضله فيما أعطي من التمييز ورزق من الطيبات وبصّر من الهدى مع ما لا يحصى من النعم عليه كثير جدّا.
وقوله: (يوم ندعو كلّ أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا (71)
وتقرأ يوم يدعو - بالياء - (كلّ أناس بإمامهم)، يعنى به يوم القيامة، وهو منصوب على اذكر يوم يدعو كل أناس بإمامهم، ويجوز أن يكون منصوبا بمعنى يعيدكم الذي فطركم يوم يدعو كل أناس بإمامهم، ومعنى بإمامهم
[معاني القرآن: 3/252]
بدينهم الذي ائتموا به، وقيل بكتابهم، والمعنى واحد.
ويدل عليه (فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم).
أي من كان على حق أعطي كتابه بيمينه.
(ولا يظلمون فتيلا).
المعنى ولا يظلمون مقدار فتيل، والفتيل القشرة التي في شق النواة.
(ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا (72)
أي في هذه الدنيا.
(فهو في الآخرة أعمى).
وهذا من عمى القلب، أي هو في الآخرة أشد عمى.
وتأويله أنه إذا عمي في الدنيا، وقد عرّفه - جل وعلا - وجعل له إلى التوبة وصلة، وفسح له في ذلك إلى وقت مماته، فعمي عن رشده ولم يتب ففي الآخرة لا يجد متابا ولا متخلّصا مما هو فيه، فهو في الآخرة أشد عمى (وأضل سبيلا).
أي وأضل طريقا، لأنه لا يجد طريقا إلى الهداية فقد حصل على عمله.
وقوله: (وإن كادوا ليفتنونك عن الّذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتّخذوك خليلا (73)
معنى الكلام كادوا يفتنونك، ودخلت " إن " واللام للتوكيد، وتأويله أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لا نتركك تستلم الحجر حتى تلمّ بآلهتنا، فقال - صلى الله عليه وسلم - في نفسه، وما على أن أفعل ذلك واللّه يعلم ما في نفسي، وأتمكن من استلام الحجر.
هذا مما جاء في التفسير.
[معاني القرآن: 3/253]
وجاء في التفسير أيضا أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اطرد عنك سقاط الناس ومواليهم وهؤلاء الذين رائحتهم رائحة الضأن، وذلك أنهم كانوا يلبسون الصوف، فقالوا: اطرد هؤلاء إن كنت أرسلت إلينا حتى تجلس إلينا ونسمع منك فهمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل في ذلك ما يستدعي به إسلامهم، فتوعده اللّه - عز وجل - فيه أشد الوعيد وعصمه الله من أن يمضي ما عزم عليه، فقال: (وإذا لاتّخذوك خليلا).
أي إن فعلت ما أرادوا لاتخذوك خليلا.
(ولولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا (74)
وحكيت (تركن) بضم الكاف.
يقال ركن يركن، وركن يركن، فتوعده اللّه في ذلك أشد التوعد، فقال:
(إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثمّ لا تجد لك علينا نصيرا (75)
والمعنى لو ركنت إليهم في ذلك الشّيء القليل إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات، أي ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات لأنك أنت نبي ويضاعف لك العذاب على عذاب غيرك لو جنى هذه الجناية كما قال: (يا نساء النّبيّ من يأت منكنّ بفاحشة مبيّنة يضاعف لها العذاب ضعفين) لأن درجة النبي ودرجة آله الذين وصفهم الله فوق درجة غيرهم.
وقوله: (وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلّا قليلا (76)
كانوا قد كادوا أن يخرجوا النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة فأعلمهم الله أنهم لو فعلوا ذلك لم يلبثوا بعده إلا قليلا.
وقيل (ليستفزّونك)، أي ليقتلونك.
[معاني القرآن: 3/254]
وقوله: (سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنّتنا تحويلا (77)
(سنّة) منصوب بمعنى أنا سننّا هذه السنة فيمن أرسلنا قبلك من رسلنا.
أنهم إذا أخرجوا نبيهم من بين أظهرهم أو قتلوه لم يلبثهم العذاب أن ينزل بهم، وكان خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة مهاجرا بأمر اللّه.
وقوله: (أقم الصّلاة لدلوك الشّمس إلى غسق اللّيل وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهودا (78)
دلوك الشمس زوالها وميلها في وقت الظهيرة، وكذلك ميلها إلى الغروب هو دلوكها أيضا، يقال: قد دلكت براح وبراح.
أي قد مالت للزوال حتى صار الناظر يحتاج إذا تبصرها أن يكسر الشعاع عن بصره براحته.
قال الشاعر:
هذا مقام قدمي رباح... للشمس حتى دلكت براح
وقوله: (إلى غسق اللّيل).
أي ظلمة الليل.
(وقرآن الفجر).
أي فأقم قرآن الفجر، وفي هذا الموضع فائدة عظيمة تدل على أن الصلاة لا تكون إلا بقراءة، لأن قوله أقم الصلاة وأقم قرآن الفجر قد أمر أن
[معاني القرآن: 3/255]
نقيم الصلاة بالقراءة حتى سميت الصلاة قرآنا، فلا تكون صلاة إلا بقراءة.
وقوله: (إنّ قرآن الفجر كان مشهودا).
جاء في التفسير أن ملائكة الليل يحضرون قراءة الفجر، وملائكة النهار يحضرونها أيضا.
وقوله: (ومن اللّيل فتهجّد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربّك مقاما محمودا (79)
يقال تهجد الرجل إذا سهر، وهجد إذا نام، وقد هجّدته إذا نوّمته قال لبيد:
قلت هجّدنا فقد طال السّرى... وقدرنا إن خنا الدّهر غفل
وهذه نافلة لك زيادة للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصّة ليست لأحد غيره لأن اللّه - عز وجل - أمره بأن يزداد في عبادته على ما أمر به الخلق أجمعون، لأنه فضله عليهم، ثم وعده أن يبعثه مقاما محمودا.
والذي صحت به الرواية والأخبار في المقام المحمود أنه الشفاعة.
وقوله: (وقل ربّ أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا (80)
(أدخلني مدخل صدق).
ومدخل صدق، (وأخرجني مخرج صدق).
وجاء في التفسير (أدخلني مدخل صدق) الجنّة، (وأخرجني مخرج صدق).
أي وأخرجني من مكة إلى المدينة.
وجاء أيضا مدخل ومخرج صدق دخوله
[معاني القرآن: 3/256]
المدينة وخروجه من مكة.
وجاء مدخل صدق ومخرج صدق الإدخال في الدين والخروج من الدنيا وهو على الحقّ، وجاء أيضا - وهو حسن - دخوله في الرسالة وخروجه مما يجب عليه فيها - صلى الله عليه وسلم - وكل ذلك حسن.
فمن قال مدخل - بضم الميم - فهو مصدر أدخلته مدخلا.
ومن قال مدخل صدق فهو على أدخلته فدخل مدخل صدق.
وكذلك شرح مخرج مثله.
وقوله: (واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا).
أي اجعل نصرتي من عندك بتسليطي بالقدرة والحجة، وقد أجاب اللّه - عزّ وجلّ - دعاءه وأعلمه أنه يعصمه من الناس، فقال: واللّه يعصمك من النّاس)
وقال: (فإن حزب اللّه هم الغالبون).
وقال: (ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون).
وقوله: (قل كلّ يعمل على شاكلته فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا (84)
معناه على طريقته وعلى مذهبه، ويدل عليه: (فربّكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا).
أي أهدى طريقا. ويقال هذا طريق ذو شواكل، أي يتشعّب منه طرق جماعة.
وقوله: (ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا (85)
سألت اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم -عن الروح وهم مقدرون أن يجيبهم بغير ما علم من تفسيرها، فأعلمهم أن الروح من أمر اللّه.
ثم قال:
[معاني القرآن: 3/257]
(وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا)
فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أوتينا التوراة، وفيها الحكمة، وقد تلوت: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا).
فأعلمهم اللّه - عزّ وجلّ - أنّ علم التوراة قليل في علم اللّه.
فقال: (ولو أنّما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه)
أي ما نفدت الحكمة التي يأتي بها اللّه عزّ وجلّ، فالتوراة قليلة بالإضافة إلى كلمات اللّه.
وقليل وكثير لا يصح إلا بالإضافة، فإنما يقل الشيء عندما يعلم أكثر منه، وكذلك يكثر عند معلوم هو أقل منه.
وقد اختلف الناس في تفسير الروح فقيل إن الروح جبريل ومن تأول ذلك فدليله قوله: (نزل به الرّوح الأمين (193) على قلبك).
وقيل إن الروح خلق لخلق بني آدم في السماء.
وقال بعض المفسرين: إن الروح إنما يعنى به القرآن.
قال: ودليل ذلك قوله: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) وكذلك قيل: الروح من أمر ربي، وتأويله تسمية القرآن بالروح أن القرآن حياة القلوب وحياة النفس فيما تصير إليه من الخير عند اللّه عزّ وجلّ.
وقوله: (ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك ثمّ لا تجد لك به علينا وكيلا (86)
أي لو شئنا لمحوناه من القلوب ومن الكتب حتى لا يوجد له أثر.
(ثمّ لا تجد لك به علينا وكيلا).
[معاني القرآن: 3/258]
أي لا تجد من يتوكل في رد شيء منه.
وقوله: (إلّا رحمة من ربّك إنّ فضله كان عليك كبيرا (87)
استثناء ليس من الأول، والمعنى ولكن اللّه رحمك فأثبت ذلك في قلبك وقلوب المؤمنين. ثم احتج اللّه عليهم بعد احتجاجه بقوله (قل كونوا حجارة أو حديدا) بالقرآن فأعلمهم - وهم العرب العاربة أهل البيان، ولهم تأليف الكلام - فقال لهم:
(قل لئن اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (88)
والظهير المعين.
وقوله: (وقالوا لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعا (90)
هذا قولهم بعد أن انقطعت حجتهم ولم يأتوا بسورة من القرآن ولا دفعوا أن يكون معجزة، فاقترحوا من الآيات ما ليس لهم، لأن الذي أتاهم به من القرآن وانشقاق القمر وما دلهم به على توحيد اللّه أبلغ وأعجز في القدرة مما اقترحوا، فقالوا: (حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعا).
والينبوع تقديره تقدير يفعول، من نبع الشيء.
وقوله: (أو تكون لك جنّة من نخيل وعنب فتفجّر الأنهار خلالها تفجيرا (91) أو تسقط السّماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي باللّه والملائكة قبيلا (92)
(كسفا) و (كسفا)، فمن قرأ (كسفا) جعلها جمع كسفة، وهي القطعة.
ومن قرأ (كسفا) فكأنّه قال أو تسقطها طبقا علينا، واشتقاقه من كسفت الشيء إذا غطيته.
وقوله: (أو تأتي باللّه والملائكة قبيلا).
في " قبيل " قولان، جائز أن يكون. تأمر بهم حتى نراهم مقابلة.
وأن يكون قبيلا كفيلا، يقال قبلت به أقبل قبالة، كقولك: كفلت به أكفل كفالة،
[معاني القرآن: 3/259]
وكذلك قول الناس: قد تقبل فلان بهذا أي تكفل به.
وقوله: (أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السّماء ولن نؤمن لرقيّك حتّى تنزّل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربّي هل كنت إلّا بشرا رسولا (93)
جاء في التفسير أن معناه بيت من ذهب، وأصل الزخرف في اللغة والزخرفة الزينة، والدليل على ذلك قوله عزّ وجلّ: (حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها) أي أخذت كمال زينتها.
وزخرفت الشيء إذا أكملت زينته، ولا شيء في تزيين بيت وتحسينه، وزخرفته كالذهب.
فليس يخرج ما فسروه عن الحق في هذا.
وقوله: (أو ترقى في السّماء ولن نؤمن لرقيّك).
يقال في الصعود: رقيت أرقى رقيا، ويقال فيما تداويه بالعوذة: رقيت أرقى رقية ورقيا.
وقوله: (حتّى تنزّل علينا كتابا نقرؤه).
أي حتى تنزّل علينا كتابا يشهد بنبوتك.
فأعلم اللّه - جل ثناؤه - أن ذلك لو نزل عليهم لم يؤمنوا فقال: (ولو نزّلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الّذين كفروا إن هذا إلّا سحر مبين (7).
فإذا كانوا يدعون فيما يعجز عنه أنه سحر فكيف يوصل إلى تبصيرهم والتبيين لهم بأكثر مما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الآية الباقية، وهي القرآن، ومن الأنباء ما يدبرونه بينهم وبما يخبرهم به من أخبار الأمم السالفة، وهو لم يقرأ كتابا ولا خطه بيمينه، وقد أنبأ - صلى الله عليه وسلم - ودل على نبوته كل ما يخطر بالبال.
وقوله: (وما منع النّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلّا أن قالوا أبعث اللّه بشرا رسولا (94)
[معاني القرآن: 3/260]
موضع (أن) نصب.
وقوله: (إلّا أن قالوا).
موضع (أن قالوا) رفع، المعنى ما منعهم من الإيمان إلا قولهم: (أبعث اللّه بشرا رسولا).
فأعلم اللّه أن الأعدل عليهم، والأبلغ في الأداء إليهم بشر مثلهم وأعلمهم أن (لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنّين) أي يمشون مستوطنين الأرض (لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا)، لأنه لا يرسل إلى خلق إلا ما كان من جنسه.
وقوله: (قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم إنّه كان بعباده خبيرا بصيرا (96)
قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - من يشهد لك بأنك رسول اللّه، فقال: اللّه يشهد لي.
و (كفى باللّه شهيدا) في موضع رفع، المعنى كفى اللّه شهيدا.
و (شهيدا) منصوب على نوعين، إن شئت على التمييز، كفى اللّه من الشهداء، وإن شئت على الحال، المعنى كفى اللّه في حال الشهادة.
وقوله: (ومن يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصمّا مأواهم جهنّم كلّما خبت زدناهم سعيرا (97)
(كلّما خبت زدناهم سعيرا).
أي كلما خمدت، ونضجت جلودهم ولحومهم بدلهم اللّه غيرها ليذوقوا العذاب.
وقوله: (قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربّي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا (100)
هذا جواب لقولهم: (لن نؤمن لك حتّى تفجر لنا من الأرض ينبوعا (90).
فأعلمهم اللّه - جل وعلا - أنهم لو ملكوا خزائن الأرزاق لأمسكوا شحّا وبخلا، فقال:
(إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا).
يعنى بالإنسان ههنا الكافر خاصة كما قال - عزّ وجلّ: (إنّ الإنسان لربّه
[معاني القرآن: 3/261]
لكنود (6)
أي لكفور، (وإنّه لحبّ الخير لشديد) أي من أجل حب الخير وهو المال لبخيل.
فأمّا (أنتم) فمرفوع بفعل مضمر، المعنى قل لو تملكون أنتم - لأن لو يقع بها الشيء لوقوع غيره، فلا يليها إلا الفعل، وإذا وليها الاسم عمل فيها الفعل المضمر، ومثل ذلك من الشعر قول المتلمس:
فلو غير أخوالي أرادوا نقيصتي... جعلت لهم فوق العرانين ميسما
المعنى لو أراد غير أخوالي.
والقتور: البخيل.
وقوله: (ولقد آتينا موسى تسع آيات بيّنات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إنّي لأظنّك يا موسى مسحورا (101)
قيل في التفسير إنها أخذ آل فرعون بالسنين وهي الجدب حتى ذهبت ثمارهم، وذهبت من أهل البوادي مواشيهم.
ومنها إخراج موسى يده بيضاء للناظرين، ومنها إلقاؤه عصاه فإذا هي ثعبان مبين، وأنها تلقفت إفك السّحرة.
ومنها إرسال اللّه عليهم الطوفان - نعوذ بالله منه، والجراد والقمّل والضفادع والدّم، فذلك تسع آيات.
وقد قيل إن البحر منها.
ومن آياته انفجار الحجر ولكنه لم يرو في التفسير.
[معاني القرآن: 3/262]
وقوله: (إنّي لأظنّك يا موسى مسحورا)
لم يجد فرعون ما يدفع به الآيات إلا إقراره على نفسه بأنه ظانّ أن موسى مسحور، فأعلمه اللّه أن فرعون قد بين أنها آيات فقال:
(قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلّا ربّ السّماوات والأرض بصائر وإنّي لأظنّك يا فرعون مثبورا (102)
يعنى الآيات.
(إلّا ربّ السّماوات والأرض بصائر).
وقرأ بعضهم لقد علمت - بضم التاء - والأجود في القراءة لقد علمت - بفتح التاء - لأن علم فرعون بأنها آيات من عند اللّه أوكد في الحجة عليه.
ودليل ذلك قوله عزّ وجلّ في فرعون وقومه: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوّا).
وقوله: (وإنّي لأظنّك يا فرعون مثبورا).
أي لأظنك مهلكا، يقال: ثبر الرجل فهو مثبور إذا هلك.
وقوله: (فأراد أن يستفزّهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا (103)
أي فأراد فرعون أن يستفز موسى وقومه من الأرض فجائز أن يكون استفزارهم إخراجهم منها بالقتل أو بالتنحية.
(فأغرقناه ومن معه جميعا)
وقوله: (وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا (104)
(جئنا بكم لفيفا).
أي آتينا بكم من كل قبيلة، واللفيف الجماعات من قبائل شتى.
وقوله: (وقرآنا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكث ونزّلناه تنزيلا (106)
وتقرأ (فرّقناه) - بالتشديد، وقرآنا منصوب بفعل مضمر، المعنى: وما
[معاني القرآن: 3/263]
أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا، تبشر المؤمنين بالجنة وتنذر من عصى اللّه بالنار، وقرآنا فرقناه.
أنزل اللّه " عزّ وجلّ القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في عشرين سنة، فرقه اللّه في التنزيل ليفهمه الناس، فقال: (لتقرأه على النّاس على مكث).
ومكث جميعا، والقراءة بضم الميم.
وقوله: (قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون للأذقان سجّدا (107)
(يخرّون للأذقان سجّدا)
لأن الذي يخر وهو قائم يخر لوجهه، والذّقن مجتمع اللّحيين وهو عضو من أعضاء الوجه، وكما يبتدئ المبتدئ يخر فأقرب الأشياء من وجهه إلى الأرض الذّقن.
و (سجّدا) منصوب على الحال.
وقوله: (ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا (108)
معناه ما كان وعد ربنا إلا مفعولا.
وإن واللام دخلتا للتوكيد.
وقوله: (قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا (110)
لما سمعت العرب ذكر الرحمن قالت: أتدعونا إلى اثنين إلى اللّه وإلى الرحمن.
واسم الرحمن في الكتب الأول المنزلة على الأنبياء.
فأعلمهم اللّه أن دعاءهم الرحمن ودعاءهم اللّه يرجعان إلى شيء واحد فقال: (أيّا ما تدعوا) المعنى أي أسماء اللّه تدعوا (فله الأسماء الحسنى).
(ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها).
المخافتة الإخفاء، والجهر رفع الصوت، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جهر
[معاني القرآن: 3/264]
بالقرآن سب المشركون القرآن، فأمره اللّه - جلّ وعزّ - ألا يعرض القرآن لسبهم، وألا يخافت بها مخافتة لا يسمعها من يصلي خلفه من أصحابه.
(وابتغ بين ذلك سبيلا).
أي اسلك طريقا بين الجهر والمخافتة.
وقوله: (وقل الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذّلّ وكبّره تكبيرا (111)
يعاونه على ما أراد.
(ولم يكن له وليّ من الذّلّ).
أي لم يحتج إلى أن ينتصر بغيره.
(وكبّره تكبيرا).
أي عظّمه عظمة تامّة.
[معاني القرآن: 3/265]


التوقيع :
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المعاني, الواردة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:31 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir