دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 صفر 1441هـ/15-10-2019م, 10:26 PM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي المجلس السابع: مجلس مذاكرة القسم الثالث من تفسير سورة النساء

مجلس مذاكرة القسم الثالث من تفسير سورة النساء من الآية 13 إلى الآية 21

-
لخص أحد الدروس التالية مطبقا ما درسته سابقا في دورة المهارات الأساسية والمهارات المتقدمة في التفسير .


- تفسير سورة النساء [ من الآية (13) إلى الآية (14) ]
- تفسير سورة النساء [ من الآية (15) إلى الآية (16) ]
- تفسير سورة النساء [ من الآية (17) إلى الآية (18) ]
- تفسير سورة النساء [ من الآية (19) إلى الآية (21) ]



- ثم صحح أحد تلخيصات زملائك.


قواعد مجالس مذاكرة سورة النساء:

١. يفتح المجلس في بداية كل أسبوع بإذن الله.
٢. ‏يختار كل طالب أحد الموضوعات المقررة في مقرر الأسبوع، ويمنع التكرار حتى تستوعب كل الدروس.
٣. يعمل الطالب على تلخيص الدرس من خلال تطبيق المهارات التي تعلمها في المهارات الأساسية والمتقدمة في التفسير، وطلاب مستوى الامتياز يجدر بهم تقديم عمل جيد يناسب مستواهم وما مارسوه من تطبيقات سابقة.
٤. يحبذ تسليم التلخيص يوم الخميس من كل أسبوع كحد أقصى.
٥. يومي الجمعة والسبت:
يختار الطالب أحد تلخيصات زملائه ويعمل على تصحيحه، مبينا ما فاته من مسائل وما قصر فيه من أدوات التحرير العلمي و الصياغة والعرض ونحو هذا؛ وحتى يحقق هذا المطلوب سيحتاج الطالب قراءة جيدة للدرس ربما تفوق قراءته الشخصية لعمل واجبه، وهذا المطلوب سينمي لديكم عدة مهارات منها التصحيح، والتفطن لمواضع الخطأ ومن ثم تجنبها فيما يستقبل من أعمالكم، والتوسع في فهم بعض المسائل حتى تتمكنوا من شرحها للآخرين.
٦. تقوم هيئة التصحيح بتصحيح جميع أعمالكم في الأسبوع التالي بإذن الله، بما فيها إرشادات على تصحيحكم على نماذج زملائكم.
٧. في النهاية يفتح كل منكم ملفا في حاسوبه، يحتفظ فيه بتلخيص كامل دروس القسم ويفضل تعديل التلخيص وفق ملحوظات التصحيح، ليكتمل له في نهاية هذا المقرر بإذن الله أصلا علميا في تفسير سورة النساء.


وبهذا فإن المطلوب الأسبوعي منكم باختصار:
١. دراسة مقرر كل أسبوع.
٢. تلخيص أحد الدروس.
٣. تصحيح عمل واحد من أعمال زملائكم.
- يمنع التكرار في كل الأحوال حتى تستوعب جميع الأعمال.
زادكم الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 صفر 1441هـ/18-10-2019م, 12:50 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)}
علوم الاية :
الوقف :
الوقف في قوله ( وتلك حدود الله ) :
وقف تام ، وذكرذلك الأشموني والأنباري وأبو عمرو الداني .
وذكر السجاوندي تمام المعنى ، لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( خالدين فيها ) :
وقف حسن ، وذكر ذلك الأشموني .
وذكر السجاوندي تمام المعنى هنا أيضا ، لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( عظيم ) :
(تام) للابتداء بعده بالشرط.، وذكر ذلك الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله ( وندخله ) :
القراءة الأولى : القراءة بنون العظمة ، وهي قراءة نافع وابن عمر ، ذكره ابن عطية .
وهو مبني على استعمالاته في القرآن في مواضع أخرى ، كقوله تعالى : ( والذين كفروا بآيات الله ولقائه ) فجرى الكلام على الغيبة ، ثم قال ( أولئك يئسوا من رحمتي ) كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب .
وبهذا يكون المعنى على أنه اخبار الله تعالى عن نفسه ، ذكر ذلك بن زنجلة .
القراءة الثانية : قراءة الياء ، وهذا ما قرأه الباقون .
وهذه القراءة على أن الياء للغيبة ، وحجتهم هو قول الله تعالى : {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا}.
الراجح : أن هذه القراءات صحيحة ، فالقراءة الثانية ، حسنه أبو علي ( الحجة في علل القراءات السبع )، وكلا القراءاتين متواترة وثابتة ، وكلا القراءتين عن فعل الله ، فلا تعارض بالمعنين ،فقال أبو منصور : قال أبو منصور: من قرأ بالنون وبالياء فهو كله فعل الله عزَّ وجلَّ.

مناسبة الآية :
هذه الآية اشارة إلى قسمة المواريث التي كانت في الآيات السابقة ، وهذا خلاصة ما ذكره ابن عطية .

مقصد الاية :
بيان الوعد ، وذكر ذلك ابن عطية .

المسائل التفسيرية :
المراد باسم الإشارة ( تلك ) :
اشارة إلى القسمة المتقدمة في المورايث ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير وغيرهم .

ضابط مقادير قسمة المواريث :
بحسب قربهم وفقدهم له عند عدمه ، ذكر ذلك ابن كثير .

معنى الحدود :
الحدود في اللغة جمع حد .
قال الخليل أحمد : (حد: فَصلُ ما بينَ كُلِّ شيئين حَدٌّ بينهما. ومُنْتَهَى كُلِّ شيءٍ حدُّه.).
وهو الحجز المانع لأمر ما أن يدخل على غيره أو يدخل عليه غيره، ومن هذا قولهم للبواب حداد لأنه يمنع، ومنه إحداد المرأة وهو امتناعها عن الزينة، ذكره ابن عطية.

المراد بحدود الله :
اختلفوا في المراد بحدود الله على أقوال :
القول الأول : شروط الله ، وهو قول السدي .
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 8/96) وابن المنذر في تفسيره (2/596)عن أسباط عن السدي .
ووجه هذا القول على أن الآيات السابقة تكلمت عن شروط دفع الأموال لليتامى أو للورث .
القول الثاني :سنة الله ، وهو قول سعيد .
وقول سعيد أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/890) عن عطاء عن سعيد .
وهذا القول من معانيها التي تتضمنها في اللغة ، فما سنه الله هو شرعه وهو الحد الفاصل بين الحلال والحرام ، كقوله تعالى : (سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )
القول الثالث : فرائض الله ، وهو قول أبي عبيدة .
وقول أبي عبيدة أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/577)عن الأثرم، عَنْ أبي عبيدة.
وهذا القول مبني على أن الآية متعلقة بالآية التي قبلها عن أحكام الفرائض ، فيكون الحدود هنا هو الفرائض والقسمة فيها ،وقد ذكر ذلك ابن جرير .
القول الرابع: طاعة الله ، وهو قول ابن عباس .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 8/96)وابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/890) عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .
ووجه هذا القول على أنها الحدود التي يكون فيها طاعة الله ، ومن جهة أخرى أنه عطف القول على طاعة الله في قوله ( وتلك حدود الله ومن يطع الله ) ، فهي الطاعة فيما أمر وما حده من حدود .
الراجح :
أنها كلها صحيحة وكلها من اختلاف التنوع ، لأنها كلها تدل على معنى واحد ، وقد ذكر ابن عطية أيضا ذلك .
فالحدود هو ما وضعه الشارع لبيان أوامر الله ونواهيه وما يمكن فعله وما يمنع من فعله ،
فقال ابن منظور في لسان العرب : وأَصل الحَدِّ الْمَنْعُ وَالْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فكأَنَّ حُدودَ الشَّرْعِ فَصَلَت بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ .
وقال الزمخشري في الكشاف : وسماها حدوداً، لأن الشرائع كالحدود المضروبة الموقتة للمكلفين، لا يجوز لهم أن يتجاوزوها ويتخطوها إلى ما ليس لهم بحق.

فائدة ( من ) :
شرطية تفيد العموم ، ذكر ذلك الرزاي .

معنى الطاعة :
الطاعة في اللغة : هو الانقياد ، كما ذكر ذلك الخليل أحمد وابن فارس وغيرهم من أهل اللغة .
واصطلاحا : فعل المأمورات وترك المنهيات ، وهذا خلاصة ما ذكره الكفوي وابن حجر وأبو البقاء وغيرهم .

المراد بطاعة الله :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :طاعة عامة لكل ما ذكر في الآيات السابقة عن أموال الأيتام وأحكام الأنكحة وقسمة الموريث ، وذكره الزمخشري .
وحجة هذا القول أن ( تلك ) يرجع إلى المذكور الأبعد مادام أنه لايوجد ما يمنع ذلك .
القول الثاني : الطاعة في قسمة المواريث ، وهو قول ابن جريج وذكر ذلك القول أيضا ابن عطية وابن كثيروغيرهم .
وقول ابن جريج أخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 2/597) عن ابن ثور عن ابن جريج .
وابن جريج قال عنه الذهبي أنه ثقة لكنه يدلس .
وحجة هذا القول أن ( تلك ) يعود على أقرب مذكور .
الراجح :
أنها عامة تشمل الاية السابقة والآيات التي قبلها ، لعدم وجود مخصص ، وتشمل أيضا كل أنواع الطاعات .
قال الرزاي : قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: بَلْ هُوَ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ هَذَا وَغَيْرُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ فَوَجَبَ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْكُلَّ. أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا الْعَامَّ إِنَّمَا ذُكِرَ عَقِيبَ تَكَالِيفَ خَاصَّةٍ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْعُمُومِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَالِدَ قَدْ يُقْبِلُ عَلَى وَلَدِهِ وَيُوَبِّخُهُ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ، ثُمَّ يَقُولُ: احْذَرْ مُخَالَفَتِي وَمَعْصِيَتِي وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ مَنْعَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي جَمِيعِ الأمور، فكذا هاهنا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الغرض من العطف في قوله ( ومن يطع ) :
للاستئناف ، ذكره النحاس .

دلالة العطف في قوله ( ومن يطع الله ورسوله ) :
يدل على أن طاعة الرسول مساوية لطاعة الله ؛ لأن الرسول مبلغ عن الله ، ذكره ابن عاشور .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( رسوله ):
مرجعه إلى لفظ الجلالة ( الله ) ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية والزجاج .

دلالة صيغة المضارع في قوله ( يدخله ):
تدل الفعل على التجدد والحدوث ، ذكر ذلك السيوطي .

معنى جنات :
في اللغة: الجنات وهي البساتين ، وذكر ذلك الزجاج ( سورة البقرة ،ج1 ) .

سبب تسمية الجنة :
وسميت بذلك لأنها تجن من دخلها أي تستره، ومنه المجن والجنن وجن الليل نذكر ذلك ابن عطية ( سورة البقرة ،1/108).

دلالة تنكير ( جنات ) :
لأن الجنة اسم لدار الثواب ، وهي مشتملة على جنان كثيرة ، مرتبة مراتب على حسب استحقاقها للعاملين ، ذكره الزمخشري .

المراد ب(تحتها ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : تحت بناءها وأشجارها ، وهو قول سعيد جبير ،وذكر ذلك أيضا ابن عطية
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/ 891)عن عطاء بن دينار عن سعيد جبير
وعطاء بن دينار ضعيف ، فقد قيل أنه لم يسمع من سعيد بن جبير ( ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ).
القول الثاني : بإزائها كما تقول داري تحت دار فلان،وهذا القول ذكره ابن عطية في تفسيره للبقرة .
وهذا القول لم أجده .
و ضعفه ابن عطية .
الراجح : رجح ابن عطية وبقية المفسرين القول الأول ، ولدلالة اللغة على التحت وهو الأسفل .
فقال ابن منظور : تحت نقيض الفوق .

المراد بالأنهار :
أنهار الجنة ، ذكر ذلك ابن عطية .

نوع أل تعريف ( الأنهار ) :
فيه قولان :
القول الأول : أل للجنس ، وذكره البيضاوي .
وهذا القول على أنه العهد الذهني الذي يتبادر في الذهن عن سماع كلمة أنهار ، فيدل على الاستغراق .
القول الثاني : أل للعهد ، وذكره البيضاوي .
وعلى هذا القول يقصد بالأنهار التي ورد ذكرها في سورة محمد .

الراجح :
أن القولان محتملان ، ويعتمد القول الأول على نزول السورة هل هي مدنية أو مكية ، فيصح إن كانت السورة مدنية ، ويصح القول الثاني إن كانت السورة مكية ، وقد صح أن السورة مدنية ، وهذا قد ذكره شهاب الدين في حاشيته للبيضاوي ، فقد روى البخاري في صحيحه ، عن عائشة أنها قالت : " ما نزلت سورة النساء إلا وأنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ،ولكن القول الثاني أيضا محتمل من جهة أخرى وهو أن القرآن يفسر بعضه بعضا فما جاء مجملا في جهة يأتي مفصلا من موضع آخر منه أو في السنة ، فقد جاء تحديده هذه الأنهار في سورة محمد .

معنى الخلود :
في اللغة : من دوام البقاء والثبوت .
قال ابن فارس : (خَلَدَ) الْخَاءُ وَاللَّامُ وَالدَّالُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الثَّبَاتِ وَالْمُلَازَمَةِ، فَيُقَالُ: خَلَدَ: أَقَامَ.

الفائدة البلاغية في جمع ( خالدين ) بعد الإفراد:
مراعاة للفظ مَنْ وعكس ذلك لايجوز ، ذكره ابن عطية .
وذكر النحاس (اعراب القرآن وبيانه ) سبب آخر فقال : لأن كل من دخل الجنة كان خالدا فيها أبدا أو لتفاوت درجات الخالدين. أما أهل النار فبينهم الخالدون وغير الخالدين من عصاة المؤمنين، فساغ الجمع هناك ولم يسغ هنا. لأن الخالدين في النار فرقة واحدة أما الخالدون في الجنان فهم طبقات بحسب تفاوت درجاتهم.

الغرض من الواو في قوله ( وذلك الفوز العظيم ) :
حالية أو اسئنافية ، وذكر ذلك النحاس .

معنى (الفوز) :
الْفَوْزُ النجاة والخلاص، ذكر ذلك ابن عطية ( تفسير سورة التوبة ).

معنى( العظيم) :
قال الخليل أحمد : العِظم: مصدر الشيء العظيم. عَظُم الشيء عِظَماً فهو عظيم.

والسبب في و صف الفوز بالعظيم :
وصف الفوز بالعظيم اعتبارًا بفوز الدنيا ،ذكر ذلك الراغب الأصفهاني .

تفسير قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)}
الوقف :
الوقف في قوله ( خالدافيها ) :
وقف جائز ، وذكر ذلك الأشموني .
وذكر السجاوندي سبب جوازه فقال : لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( مهين ) :
تام ، لأنه آخر القصة ، وذكر ذلك الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله ( يدخله ) :
القراءة الأولى : القراءة بنون العظمة ، وهي قراءة نافع وابن عمر ، ذكره ابن عطية .
وهو مبني على استعمالاته في القرآن في مواضع أخرى ، كقوله تعالى : ( والذين كفروا بآيات الله ولقائه )، فجرى الكلام على الغيبة ، ثم قال ( أولئك يئسوا من رحمتي ) كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب .
وبهذا يكون المعنى على أنه اخبار الله تعالى عن نفسه ، ذكر ذلك بن زنجلة .
القراءة الثانية : قراءة الياء ، وهذا ما قرأه الباقون .
وهذه القراءة على أن الياء للغيبة ، وحجتهم هو قول الله تعالى : {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا}.
الراجح : أن هذه القراءات صحيحة ، فالقراءة الثانية ، حسنه أبو علي ( الحجة في علل القراءات السبع )، وكلا القراءاتين متواترة وثابتة ، وكلا القراءتين عن فعل الله ، فلا تعارض بالمعنين ،فقال أبو منصور : قال أبو منصور: من قرأ بالنون وبالياء فهو كله فعل الله عزَّ وجلَّ.

مناسبة الآية :
رجّى الله تعالى على التزام هذه الحدود في قسمة الميراث، وتوعد على العصيان فيها بحسب إنكار العرب لهذه القسمة، ذكره ابن عطية.

مقصد الآية :
الوعيد ، ذكر ذلك ابن عطية .

معنى العصيان :
عصا في اللغة لها معنيان متباينان فيطلق على الإجتماع ويطلق على الافتراق ، وقد تكلم عن ذلك بن فارس القزويني في مقاييس اللغة .
وقال ابن فارس في مجمل اللغة : العصيان: خلاف الطاعة.
واصطلاحا: مخالفة الأمر ، وذكر ذلك القاضي أبو يعلى .

المراد بنوع المعصية في الآية :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : الكفر ، وهو قول ذكره ابن جرير و القرطبي
وهذا القول مبني على استحلال تعدي حدود الله في قسمة المورايث أو رده ولم يرض بقسمته ، وهذا قول الكلبي ذكره علاء الدين في تفسير الخازن ، وخلاصة ما ذكره ابن جرير أيضا .
القول الثاني :الكبائر ، وهو قول ابن عباس وذكره ايضا القرطبي
وقول ابن عباس أخرجه النسائي في السنن الكبرى ( 10/60)و ابن المنذر في تفسيره ( 2/598)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/891 ) عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وهذا الأثر صححه ابن حجر .
وهذا القول مبني على الأدلة التي فيها تدل على الإضرار بالوصية من الكبائر ،ويؤيد هذا أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد وغيره عن شهر ابن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنةً، فإذا أوصى حاف في وصيّته، فيختم بشرّ عمله، فيدخل النار؛ وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنةً، فيعدل في وصيّته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة». قال: ثمّ يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {تلك حدود اللّه} إلى قوله: {عذابٌ مهينٌ}.( وهذا الحديث صححه أحمد شاكر ) .
ومبني على شدة الوعيد في الآية فيدل على أنها في الكبائر وليس في الصغائر ، فقال تعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) .
والراجح : أنها تشمل القولين وتحتملها اية الوعيد ، فمن رد قسمة المواريث ولم يرضا بها فهو رد حكم حكم الله وهذا كفر ، لدلالة قوله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) وقوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ومن جهة أخرى اضرار الآخرين في الوصية من الكبائر التي توعد الله عليها كما صح ذلك في الأثر .
وقال السعدي : اسم المعصية الكفر فما دونه من المعاصي.

المراد بالعصيان :
القول الأول : عصيان عام ، وهذا قول للمحققون وذكره الرازي .
وحجة هذ القول أن اللفظ عام فيدخل فيه المواريث وغيرها .
القول الثاني : في قسمة المواريث ،وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير وابن جريج خلاصة ما ذكره ابن عطية و ابن كثير.
وقول ابن عباس أخرجه بن جرير في تفسيره (6/491)عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/891) وابن المنذر في تفسيره (2/598)عن عكرمة عن ابن عباس بألفاظ مختلفة . .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 2/218) عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير .
وقول مجاهد أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 2/218)عن عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ.
وهذا القول مبني على حديث النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من الظلم في الوصية والإضرار فيها ،من حديث ابي هريرة ، فقد أخرج الإمام أحمد عن شهر ابن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنةً، فإذا أوصى حاف في وصيّته، فيختم بشرّ عمله، فيدخل النار؛ وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنةً، فيعدل في وصيّته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة». قال: ثمّ يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {تلك حدود اللّه} إلى قوله: {عذابٌ مهينٌ}.
القول الثالث : في عصيان في كل ما ذكر في الآيات السابقة ، وهذا قول ذكره الرزاي .

الراجح :
الراجح أن الوعيد يشمل لكل أنواع العصيان غير أن الوعيد بالخلود في النار الأبدي خاص بالكفار ، كما قال تعالى : ( إن الله لا يعفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، وقال تعالى أيضا ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) . والقول بأنه عام رجحه الرازي ، من جهة استعمالات العرب في الكلام .
فقال الرزاي : أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَالِدَ قَدْ يُقْبِلُ عَلَى وَلَدِهِ وَيُوَبِّخُهُ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ، ثُمَّ يَقُولُ: احْذَرْ مُخَالَفَتِي وَمَعْصِيَتِي وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ مَنْعَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي جَمِيعِ الأمور، فكذا هاهنا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وقال ابن عاشور : آيَاتِ الْوَعِيدِ لَفْظُهَا عُمُومٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ فِي الْكَفَرَةِ، وَفِيمَنْ سَبَقَ عِلْمُهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُعَذِّبُهُ مِنَ الْعُصَاةِ. وَآيَةُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ جَلَتِ الشَّكَّ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ:
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ مُبْطِلٌ لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَقَوْلَهُ: لِمَنْ يَشاءُ رادّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ غُفْرَانَ مَا دُونُ الشِّرْكِ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ».

فائدة العطف في قوله ( يعص الله ورسوله ):
دليل على المساواة في الحكم في معصية الرسول ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عاشور من خلال تفسيره للآية السابقة .

معنى (يتعد):
أي تجاوز الحد ، ذكر ذلك الزجاج و ابن كثير .

معنى الحدود :
سبق ذكره في الآية السابقة .

المراد بالحدود :
سبق ذكره في الآية السابقة .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( حدوده ):
على لفظ الجلالة ( الله ) ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

فائدة صيغة المضارع في قوله ( يدخله ) :
سبق ذكره في تفسير الآية السابقة .

دلالة تنكير قوله ( نارا ) :
للتعظيم والتهويل ، وذكره وليد قاصب في علم المعاني .

معنى ( خالدا ) :
سبق ذكره في الآية السابقة.

موضع ( خالدا ) في الإعراب :
اختلفوا فيه على قولين :
الأول : نعت لجنات ، ذكره الزجاج .
الثاني : منصوب على الحال ، ذكره الزجاج .
وهذا القول على بمعنى : يدخله مقدَّراً له الخلود فيها.
وهو مبني على اعتبار اللفظ والمعنى وهي مقدرة ، لأن الخلود بعد الدخول .
الراجح : أجاز الزجاج القولين ، لكن ابن عادل رجح القول الثاني ، فقال ابن عادل : أنَّ الصِّفة إذا جَرَتْ على غير مَنْ هي له وجب إبرازُ الضَّمير مطلقاً على مذهب البصريين ألْبسَ أو لم يُلْبَسْ.

المراد بالخلود :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :خلود أبدي لا خروج منها ، وهو حاصل ماذكره النحاس وابن جرير والقرطبي وابن عاشور وغيرهم .
القول الثاني : خلود مؤقت لعصاة المؤمنين ،وهو حاصل ما ذكره النحاس والقرطبي و ابن عاشور وغيرهم .
الراجح :
الراجح أن الخلود الأبدي لمن يرد حكم الله في المورايث ، فيكفر بسبب ذلك ، ويكون مخلدا في النار لايخرج منها إن مات على ذلك دون توبة ، وأما من لم يرد حكم الله في القسمة فيكون من الكبائر ، ويكون الخلود هنا مستعارا ، كما ذكر ذلك القرطبي وغيره .
قال ابن الجوزي : قوله تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ فلم يرض بقسمه يُدْخِلْهُ ناراً، فان قيل: كيف قطع للعاصي بالخلود؟ فالجواب: أنه إِذا ردَّ حكم الله، وكفر به، كان كافرا مخلدا في النار.

مرجع الضمير في قوله ( فيها ) :
يرجع الضمير على النار ، وهو حاصل ما ذكره الزجاج والنحاس وغيرهم .

معنى مهين :
الإهانة والعذاب الأليم والمقيم ، ذكر ذلك ابن كثير .
وفي اللغة : من المَهانة الحَقَارة والصُّغْر، ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب .

دلالة عصيان أمر الله في تقسيم الورث :
عَدَمِ الرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ وَحَكَمَ بِهِ، ذكره ابن كثير .

السبب في المجازاة بالإهانة :
لِكَوْنِهِ غَيَّرَ مَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ وَضَادَّ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ، ذكره ابن كثير .

مناسبة ختم الآية ( وله عذاب مهين ) :
لأن منع النساء والأطفال استهانة بهم ، ناسب ختمها بالعذاب المهين ، وذكر ذلك البقاعي ، وهذا مبني على أن المعصية المراد بها هنا في إيتاء حق الورثة .
وأما لو كان المعصية تدل على لفظ عام وتشمل جميع المعاصي ، فقد ذكر أبو حيان مناسبة أخرى .
فقال أبو حيان : لأن العاصي المتعدّي للحدود برز في صورة من اغتر وتجاسر على معصية الله.
وقد تقل المبالاة بالشدائد ما لم ينضم إليها الهوان، ولهذا قالوا: المنية ولا الدنية.

مسألة لغوية:
الوجه البلاغي في الآيتين :
مساواة ، ذكره مصطفى الصاوي .

الوجه البلاغي في قوله :(ومن يطع )( ومن يعص ):
طباق ، ذكره أبو حيان .

مسألة عقدية استطرادية :
خروج العصاة من النار :
فيه قولان :
القول الأول : خروج العصاة الموحدين ، وهو الذي عليه مذهب أهل السنة والجماعة ، وقول شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره .
وحجة هذا القول أدلة القرآن والسنة ، كقوله تعالى : ( إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) ، فدل على أن أهل المعاصي من أهل التوحيد يغفر الله لهم ، وقوله تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا . ثم ننجي الذين اتقوا ) دليل على نحاة عصاة الموحدين من النار ، ومن جهة أخرى من جهة اللغة ، فالخلود لا يلزم منه عدم الخروج لأنه يأتي بمعنى طول البقاء والمكث ، كما ذكر ذلك ابن منظور وابن فارس وغيرهم من أهل اللغة .
القول الثاني : الخلود الأبدي وعدم الخروج من النار ، وهذا قول المعتزلة وفرق الخوارج .
الراجح :
القول الأول هو الأرجح وهو الصحيح ،لدلالة الكتاب والسنة ، ومنها أحاديث الشفاعة لعصاة الموحدين .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 صفر 1441هـ/18-10-2019م, 06:34 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً

-الأقوال في نسخ إحدى الآيتين الاخرى :
القول الاول :أن الآية الثانية ناسخة للآية الأولى أى نسخ الحبس بالأذى ثم نسخ ذلك فصار حكم البكر من الرّجال والنّساء إذا زنا أن يجلد مائة جلدةٍ وينفى عامًا وحكم الثّيّب من الرّجال والنّساء أن يجلد مائةً ويرجم حتّى يموت وهو قول عبادة بن الصامت و الحسن ومجاهد، كما ذكر ابن عطية ولم أقف عليه مرويا عنهم
وهذا القول مذهب عكرمة وهو مرويٌّ عن الحسن عن حطّان بن عبد اللّه الرّقاشيّ عن عبادة بن الصّامت،ذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ
ولا أدرى ما الذي يقصده النحاس بنسبة القول لعبادة بن الصامت نفسه غير مرفوع

ذكر أبو جعفر النحاس :أن هذا القول وإن كان محتملا إلا ان حديث عبادة بن الصامت يرده ويدل على أن الآية لم تنسخ قبله ،وفيه{ خذوا عنّي قد جعل اللّه لهنّ سبيلًا البكر بالبكر جلد مائةٍ ونفي سنةٍ، والثّيّب بالثّيّب جلد مائةٍ والرّجم } فتبيّن بقول رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قد جعل اللّه لهنّ سبيلًا أنّ الآية لم تنسخ قبل هذا
وروى أبو جعفر النحاس من طريق مجاهد عن ابن عباس قوله في شأن الآية : فكانت المرأة إذا زنت حبست ماتت أو عاشت حتّى نزلت في سورة النّور وقال : ونزلت سورة الحدود فكان من عمل سوءًا جلد وأرسل
فيفهم من هذا أن حكم الحبس كان مستمرا حتى نزلت سورة النور بالحدود

القول الثانى :أن الآية الأولى ناسخة للآية الثانية وفيها القول بالأذى منسوخ بالحبس وأن التلاوة أخرت وقدمت ،قول ابن فورك وذكره ابن عطية ولم أقف على تفسير سورة النساء في تفسير ابن فورك وذكره أيضا يحيى بن سلام في التفسيرولم ينسبه
وروى محمد بن كثير العبدي عن همام البصري في الناسخ والمنسوخ لقتادة ،عن قتادة القول :(كان هذا بدء عقوبة الزنا كانت المرأة تحبس فيؤذيان جميعا فيعيران بالقول جميعا في الشتيمة بعد ذلك ) فيفهم من ذلك أن الآيتين لم تنسخ واحدة منهما الأخرى بل إن العقوبة كانت الحبس للنساء والأذى بالسب والشتيمة للرجال والنساء معا حتى نسخ ذلك بآية سورة النور .
خلاصة المسألة :لم يثبت نسخ إحدى الآيتين الأخرى بل كل واحدة كان لها حكم كما سيأتى إن شاء الله

الأقوال في ثبوت النسخ في الآيتين :
[
u]- القول الأول [/u]:قيل بأنه لا نسخ في الآيتين ، وإنما ذكر الله تعالى أجلا بقوله {أو يجعل الله لهن سبيلا} فالحكم كان منتظرا ،ذكره علم الدين السخاوى ولم ينسبه
وقال ابن تيمية عن الحكم المؤقت بغاية مجهولة عند بيان غايته :بعض الناس يسميه نسخا وبعضهم لايسميه وهو خلاف لفظى (موسوعة التفسير بالمأثور )ولم أقف عليه في مجموع الفتاوى ولا أعلم المصدر الأصلى المنقول عنه
- القول الثانى :قيل: الأذى والتعيير باق مع الجلد لأنهما لا يتعارضان بل يتحملان على شخص واحد، وأما الحبس فمنسوخ بإجماع، وآية الجلد عامة في الزناة محصنهم وغير محصنهم ،ذكره ابن عطية وأشار إليه الزجاج

- القول الثالث وهو الصحيح الثابت وعليه جمهور العلماء
أن حكم الحبس والأذى في الآيتين نسخ جميعا ،وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك وابن زيد كلهم رواه ابن جرير من طرق
ومن ذلك مارواه أبو جعفر النحاس من طريق معمر وابن جرير الطبري في تفسيره من طريق سعيد عن قتادة:نسختها الحدود
قال ابن كثير :وكذا روي عن عكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وعطاء الخراساني، وأبي صالحٍ، وقتادة، وزيد بن أسلم، والضّحّاك: أنّها منسوخةٌ. وهو أمرٌ متّفقٌ عليه
-اتفق العلماء على نسخ حكم الحبس والأذى بآية سورة النور {والزانى والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة ،وهذا فيه حكم الجلد فقط


واختلفوا في كيفية ثبوت حكم الرجم على الثيب الزانى أبالقرآن ثبت أم بالسنة ؟

-قيل ثبت الرجم بقرآن {والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة} نزل ثم رفع رسمه وبقي حكمه وظاهر حديث عبادة يدل على ذلك لأن فيه {قد جعل الله لهن سبيلا }والظاهر أنه كان بوحي لم تستقر تلاوته ( كما ذكر ابن عطية )على فرض ثبوت هذا النص ،وهذا على قول من لايرى نسخ القرآن بالسنة

الإعتراض على هذا القول:أن الناسخ من شروطه أن يستقل في البيان بنفسه، وإذا لم يستقل فليس بناسخ، وآية الرجم بعد أن يسلم ثبوتها لا تستقل في النسخ بنفسها، بل تنبني مع الجلد وتجتمع، كما تضمن حديث عبادة بن الصامت، لكن إسقاط الرسول الجلد هو الناسخ، لأن فعله في ذلك هو بمنزلة قوله: لا تجلدوا الثيب،ذكره ابن عطية
وروى البخاري ، ومسلم واللفظ له عَنِ عَبْد اللهِ بْن عَبَّاسٍ، قال: " قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ، أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَوِ الِاعْتِرَافُة

- وقيل إن حكم الجلد مع الرجم على الثيب ثبت بالسنة من حديث عبادة بن الصامت ويعترض على هذا القول بأن حديث عبادة من الآحاد وأحاديث الآحاد لاتنسخ القرآن

روى ابن جرير عن ابن عباس من طريق على بن أبي طلحة: كانت المرأة إذا زنت تحبس في البيت حتّى تموت ثمّ أنزل اللّه جلّ وعزّ بعد ذلك {والزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } فإن كانا محصنين رجما فهذا السبيل الذي جعل الله لهما قال وقوله {واللذان يأتيانها منكم }كان الرّجل إذا زنى أوذي بالتّعيير وضرب النّعال فأنزل اللّه عزّ وجلّ بعد هذا{والزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}فإن كانا محصنين رجما في سنّة رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ،فهذا فيه تصريح من ابن عباس بأن حكم الرجم بالسنة كان .
وثبت حكم الرجم (بالسنة )من وجه آخر :فقد روى ابن حجر من طريق الشعبي يحدث عن على بن أبي طالب حين رجم المرأة يوم الجمعة وقال قد رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن حجر في الفتح :وجزم الدار قطنى أن الشعبي سمع من على ولم يسمع عنه غيره

قال مكى بن أبي طالب في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه : جعل الله السبيل بالرّجم المتواتر نقله الثابت حكمه المنسوخ تلاوته
وهذا القول من ابن أبي طالب قول جامع مانع فقوله مفسرا للسبيل الذي جعله الله تعالى وبه رفع الحكم الأول :الرجم المتواتر نقله والتواتر يقصد في السنة بالقول والفعل وقوله الثابت حكمه فلم ينسخ حكم الرجم كما نسخ لفظه بل حكمه ثابت لا شك في ذلك ولذا قال المنسوخ تلاوته أي أنه ثبت أيضا بقرآن تلي ثم رفعت تلاوته وثبت حكمه ومعنى كلامه رحمه الله أن ثبوت حكم الرجم بالقرآن المنسوخ تلاوته وبالسنة المتواتر نقلها فيخرج من ذلك حديث عبادة بن الصامت وهو من أحاديث الآحاد.


-الأقوال في حكم الجلد مع الرجم على الثيب الزانى :
-القول الأول :أنه غير منسوخ وأنه يجب على الثيبين من الزناة جلد مائة والرجم لحديث عبادة بن الصامت
وهو أيضا قول على وفعله لا خلاف في ذلك أنه جلد شراحة مائة ورجمها وقال :جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله
وقال به من الفقهاء الحسن بن صالح بن حى والحسن البصري وإسحاق بن راهويه كما ذكر النحاس
وحجة هذا القول ما قاله على رضي الله عنه
-القول الثانى : البكران إذا زنيا يجلدان وينفيان، والثّيّبان يرجمان، والشّيخان يجلدان ويرجمان،وهو قول أبي بن كعب رواه سعيد بن منصور في سننه من طريق مسروق عنه ،
ورواه ابن مردويه من طريق مسروق عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ا{لبكران يجلدان وينفيان، والثّيّبان يجلدان ويرجمان، والشّيخان يرجمان،}
وفي الإسناد عمرو بن عبد الغفار وهو متروك الحديث وهو مخالف في متنه لما روى عن أبي بن كعب موقوفا
فهذا الخبر ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما موقوف على كلام الصحابي
قال ابن حجر في الفتح : وقال عياض : شذت فرقة من أهل الحديث فقالت : الجمع على الشيخ الثيب دون الشاب ولا أصل له
وجماهير اهل العلم على خلاف هذا القول
.
-القول الثالث :أن الجلد منسوخ على الثيب الزانى وعليه الرجم فقط وهو قول مروى عن عمر وقول الزهري والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي والشافعى وأحمد وأصحاب الرأي وأبي ثور،ذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ وقال النووى في شرح مسلم هو قول جماهير أهل العلم وهو الراجح

وقال ابن عباس : الرجم للثيب والجلد للبكر رواه البخاري معلقا ووصله عبد بن حميد كما ذكر ابن حجر في تغليق التعليق
قال الشعبي : وقال أبي بن كعب مثل ذلك ، قال الحازمي ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن المنذر قال ابن حجر في الفتح: إلى أن الزاني المحصن يجلد ثم يرجم ، وقال الجمهور - وهي رواية عن أحمد أيضا - لا يجمع بينهما ، وذكروا أن حديث عبادة منسوخ يعني الذي أخرجه مسلم بلفظ والبكر بالبكر جلد مائة والنفي الثيب بالثيب جلد مائة والرجم ، والناسخ له ما ثبت في قصة ماعز أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجمه ولم يذكر الجلد .
وقال ابن المنذر : عارض بعضهم الشافعي فقال : الجلد ثابت في كتاب الله والرجم ثابت بسنة رسول الله كما قال علي ، وقد ثبت الجمع بينهما في حديث عبادة وعمل به علي ووافقه أبي ، وليس في قصة ماعز ومن ذكر معه تصريح بسقوط الجلد عن المرجوم لاحتمال أن يكون ترك ذكره لوضوحه ولكونه الأصل فلا يرد ما وقع التصريح به بالاحتمال ، وقد احتج الشافعي بنظير هذا حين عورض إيجابه العمرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من سأله أن يحج على أبيه ولم يذكر العمرة ، فأجاب الشافعي بأن السكوت عن ذلك لا يدل على سقوطه ، قال فكذا ينبغي أن يجاب هنا .
قال النووي رحمه الله تعالى:
واختلفوا في جلد الثيب مع الرجم؛ فقالت طائفة: يجب الجمع بينهما فيجلد ثم يرجم، وبه قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والحسن البصري، وإسحاق بن راهويه، وداود، وأهل الظاهر، وبعض أصحاب الشافعي.
وقال جماهير العلماء: الواجب الرجم وحده ...
وحجة الجمهور: أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على رجم الثيب في أحاديث كثيرة، منها قصة ماعز، وقصة المرأة الغامدية، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها .
قالوا: وحديث الجمع بين الجلد والرجم منسوخ؛ فإنه كان في أول الأمر " انتهى من "شرح صحيح مسلم
قال ابن جرير :وأولى الأقوال بالصحة قول من قال السّبيل الّتي جعلها اللّه جلّ ثناؤه للثّيّبين المحصنين الرّجم بالحجارة، وللبكرين جلد مائةٍ ونفي سنةٍ لصحّة الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه رجم ولم يجلد؛ وإجماع الحجّة الّتي لا يجوز عليها فيما نقلته مجمعةً عليه الخطأ والسّهو والكذب؛ وصحّة الخبر عنه أنّه قضى في البكرين بجلد مائةٍ، ونفي سنةٍ، فكان في الّذي صحّ عنه من تركه جلد من رجم من الزّناة في عصره دليلٌ واضحٌ على وهي الخبر الّذي روي عن الحسن، عن حطّان، عن عبادة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم


مسألة :هل السنة المتواترة تنسخ القرآن ؟
القول الاول :والذي عليه الأئمة أن السنة المتواترة تنسخ القرآن وذلك أن كلاهما وحي إلا أن السنة نقص منها الإعجازكما وذكره ابن عطية وهو قول ابن سلامة المقري
ومن ذلك هذه الآية نسخت بالسنة كما في حديث ماعز وحديث أنيس
القول الثانى :أن السنة المتواترة لاتنسخ القرآن وإنما يكون حكم القرآن موقفا ثم تأتى السنة مستأنفة من غير أن تتناول نسخا وهذا تخيل لايستقيم كما ذكر ابن عطية ، كما أن الواقع يشهد بخلاف هذا وإنما هو اختلاف التعبير والحقيقة واحدة

-الأقوال في ثبوت التغريب مع الجلد في حق البكر الزانى:
-قيل يجلد ولاينفى وهو قول حمّاد بن أبي سليمان، وأبو حنيفة، ومحمّد بن الحسن
وحجتهم أن العبد إذا زنى فإنه لاينفى فالجواب عنه بأنه ليس بلازم ،ذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ
- قال الخلفاء الأربعة وابن عمر ومالك والشافعي وجماعة: لا نفي اليوم ،ذكره ابن عطية
-وقيل يجلد وينفى وهو قول الخلفاء الراشدين وقول ابن عمر ومن الفقهاء عطاءٌ، وطاوسٌ، وسفيان، ومالكٌ، وابن أبي ليلى والشّافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثورٍ
وحجة هذا القول:- كثرة من قال به وجلالة قدرهم
و الحديث المسند المتفق عليه وفيه {وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام} فمن قال بعدم التغريب وأنه منسوخ فعليه أن يأتى بالتوقيف بذلك
-وقيل نفيه سجنه ،ذكره ابن عطية

-وقيل أمره إلى الإمام على حسب مايرى ،ذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ


المسائل التفسيرية :
قوله تعالى {واللاتي يأتين الفاحشة}
-المراد بالمشار إليه في الآية {اللاتى}
[
u]القول الأول [/u]:أنها في عموم الزناة رجالا ونساء وكان هذا الفرض قبل أن ينزل حكم الجلد والرجم فيحبسان جميعا حتى الموت ،ذكره الزجاج
ونسب ابن عطية هذا القول للسدى وقتادة وغيرهما ولايصح عنهما
وقال( الآية الأولى في المحصنات من النساء يريد ويدخل معهن من أحصن من الرجال بالمعنى) وبالرجوع إلى قولى قتادة والسدى لم أجد هذا المعنى بل روى عن قتادة قوله عنهكانا يؤذيان بالقول جميعًا، وبحبس المرأة وأما قول السدى فهو صريح في أنها تخص المرأة الثيب
ومما يؤيد هذا القول ويستأنس به قراءة ابن مسعود {والذين يفعلونه منكم }
وقال ابن عطية :معنى هذا القول تام ولكن لفظ الآية لايعين عليه
وقد قال ابن جرير قولا يفهم منه أن المراد (باللاتى ) النساء الثيبات ويدخل فيهن الرجال وذلك أنه رجح أن يكون المعنى بالآية التى بعدها {اللذان }الأبكار رجالا ونساء وقال أن قوله تعالى {واللاتى يأتين }في الثيبات من النساء فأين عقوبة الرجال الثيبين ؟فقد سكت عنها ولم يشر إليها فيبقى أنه يرى أن الرجال الثيب يدخلن تحت حكم النساء الثيبات في الآية وهو الحبس حتى الموت وأن الآية التى بعدها في حكم الأبكار من الرجال والنساء إذا زنوا بالأذية لهما خاصة

القول الثانى :النساء عموما محصنات أو أبكارا وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وقال مكى بن أبي طالب اللاتى لاتكون إلا للنساء وهو اختيار علم الدين السخاوى في جمال القراء وابن الجوزى في المصفى وهو قول ابن حزم في الناسخ والمنسوخ وقال النحاس وهو أصح الأقوال
،فقول ابن عباس رواه النحاس وابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه فكانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتّى تموت،
وقول مجاهد رواه ابن جرير من طرق وابن المنذر عن ابن جريج عنه أمر بحبسهنّ في البيوت حتّى يمتن
وقول قتادة رواه ابن جرير من طريق سعيد عنهكانا يؤذيان بالقول جميعًا، وبحبس المرأة
فالملاحظ من أقوالهم (المرأة ) على العموم بلا تخصيص
ووجه هذا القول صيغة العموم في الاسم الموصول {اللاتى }فتعم كل النساء الزناة بكرا أو ثيبا
وهذا القول يؤيده قوله تعالى في الآية الأولى {من نسائكم} وفي الآية التالية لها {منكم} للرجال كما ذكرابن عطية

القول الثالث:أنها في المرأة الثيب (المحصنات خاصة ) وهو قول سعيد بن جبير والسدي

فقول سعيد بن جبير أخرجه ابن ابي حاتم من طريق عطاء بن دينار (في قوله من نسائكم )قال :المرأة الثيب من المسلمين
وقول السدى رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه: اللاّتي قد نكحن وأحصنّ، إذا زنت المرأة فإنّها كانت تحبس في البيت ويأخذ زوجها مهرها فهو له

-المراد ب{الفاحشة}
ا
لفاحشة هى كل معصية ويراد بها الزنا في هذا الموضع كما ذكر الزجاج وابن عطية وابن كثير

-نوع اللام في {الفاحشة}
ال للعهد ، كما ذكر ابن عطية

-دلالة كاف الخطاب في قوله {نسائكم }
إضافة في معنى الإسلام لأن الكافرة قد تكون من نساء المسلمين بنسب ولايلحقها هذا الحكم ،ذكره ابن عطية

قوله تعالى {فاستشهدوا عليهن أربعة منكم}
-الحكمة من كون الشهداء أربعة في الزنا خاصة
ذلك تغليظا على المدعي وسترا على العباد ،ذكره ابن عطية
وقيل ليترتب شاهدان على كل واحد من الزانيين ،وضعف هذا القول ابن عطية


-مرجع كاف الخطاب {منكم}
أي من المسلمين الرجال ،ذكره الزجاج

قوله تعالى {فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت}
-معنى قوله {أمسكوهن في البيوت}
المراد به الحبس في البيت وهو قول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم من طريق مجاهد
وقيل الحبس في السجن وهو قول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار

-دلالة قوله تعالى {حتى يتوفاهن الموت}
أي احبسوهما حبسا مخلدا حتى الموت ،ذكرمعناه الزجاج

-المراد ب السبيل في قوله تعالى {أو يجعل الله لهن سبيلا}
السبيل :مخرجا بأمر من أوامر الشرع ،ذكره ابن عطية
-قيل هو الحد الذي نسخ التخليد في الحبس والأذى ،ذكره الزجاج قولا ولم ينسبه
-قيل هو قوله تعالى {والزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} قال ابن زيد فهذا للبكرين وكان للثيب الرجم ،ذكره ابن وهب المصرى عنه ولم يسنده
-روى مسلم وأصحاب السنن الأربعة من طرق عن قتادة عن الحسن عن حطان عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلمقال خذوا عنّي خذوا عنى قد جعل اللّه لهنّ سبيلًا البكر بالبكر جلد مائةٍ وتغريب عامٍ والثّيّب بالثّيّب جلد مائةٍ والرّجم والمراد الإشارة إلى قوله تعالى {حتى يتوفاهن الموت او يجعل الله لهن سبيلا}
-وروى الإمام أحمد في مسنده وسعيد بن منصور في سننه وأبو داوود من طريق الحسن عن حطان عن عبادة بألفاظ متقاربة
-ورواه الإمام أحمد وأبو داوود من حديث الفضل بن دلهم وقال أبو داوود وليس هو بالحافظ كان قصابا بواسط
-وقيل السبيل :الجلد والرجم ،رواه عبد بن حميد من طريق محمد عن ابن عباس كما ذكر ابن حجر في الفتح

-دلالة الآية على عقوبة الزنا أول الإسلام
قال الزجاج :كان هذا الفرض في الزنا قبل أن ينزل الجلد ويأمر النبي بالرجم


تفسير قوله تعالى: {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
قوله تعالى {واللذان يأتيانها منكم}
-المعنى بقوله {واللذان يأتيانها}
فيه أقوال :أحدهما أنه عام في الزانيين الأبكار والثيب من الرجال والنساء وهو قول الحسن البصرى وعكرمة وعطاء وعبد الله بن كثير رواه ابن جرير من طرق عنهم

الثانى:أنه خاص في البكرين إذا زنيا، وهو قول السدى وابن زيد ،قول السدى رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه (ذكر الجواري والفتيان الّذين لم ينكحوا )
وقول ابن زيد رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه( البكران فآذوهما)
قال القاضي أبو يعلى: والأول أصح، لأن هذا تخصيص بغير دلالة.،ذكره ابن الجوزى

قال ابن جرير مرجحا هذا القول :فمعلومٌ أنّهما غير اللّواتي تقدّم بيان حكمهنّ في قوله: {واللاّتي يأتين الفاحشة} لأنّ هذين اثنان وأولئك جماعةٌ، وإذا كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أنّ الحبس كان للثّيّبات عقوبةً حتّى يتوفّين من قبل أن يجعل لهنّ سبيلاً، لأنّه أغلظ في العقوبة من الأذى الّذي هو تعنيفٌ وتوبيخٌ أو سبٌّ وتعييرٌ، كما كان السّبيل الّتي جعلت لهنّ من الرّجم أغلظ من السّبيل الّتي جعلت للأبكار من جلد المائة ونفي السّنة

الثالث:هى في الرجلان الزانيان ،وهو قول مجاهد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح ومن طريق ابن جريج عنه (الرّجلان الفاعلان لايكنى) وقال ابن كثير كأنه يريد اللواط والله أعلم

قال ابن جرير معترضا على هذا القول :العرب إذا أرادت البيان على الوعيد على فعلٍ أو الوعد عليه، أخرجت أسماء أهله بذكر الجمع أو الواحد، وذلك أنّ الواحد يدلّ على جنسه، ولا تخرجها بذكر اثنين، فتقول: الّذين يفعلون كذا فلهم كذا، والّذي يفعل كذا فله كذا، ولا تقول: اللّذان يفعلان كذا فلهما كذا، إلاّ أن يكون فعلاً لا يكون إلاّ من شخصين مختلفين كالزّنا لا يكون إلاّ من زان وزانيةٍ، فإذا كان ذلك كذلك، قيل بذكر الاثنين، يراد بذلك الفاعل والمفعول به، فإمّا أن يذكر بذكر الاثنين والمراد بذلك شخصان في فعلٍ قد ينفرد كلّ واحدٍ منهما به أو في فعلٍ لا يكونان فيه مشتركين فذلك ما لا يعرف في كلامها

الراجح :

قال ابن عاشور:-وأما قوله والذان يأتيانها فهو مقتض نوعين من الذكور فإنه تثنية الذي وهو اسم موصول للمذكر، وقد قوبل به اسم موصول النساء الذي في قوله: واللاتي يأتين الفاحشة ولا شك أن المراد ب الذان صنفان من الرجال: وهما صنف المحصنين، وصنف غير المحصنين منهم، وبذلك فسره ابن عباس في رواية مجاهد، وهو الوجه في تفسير الآية، وبه يتقوم معنى بين غير متداخل ولا مكرر. ووجه الإشعار بصنفي الزناة من الرجال التحرز من التماس العذر فيه لغير المحصنين.(لم أقف عليه مرويا عن ابن عباس)

-ويجوز أن يكون أطلق على صنفين مختلفين أي الرجال والنساء على طريقة التغليب الذي يكثر في مثله، وهو تفسير السدي وقتادة، لم أقف عليه كما ذكر

-فعلى الوجه الأول تكون الآية قد جعلت للنساء عقوبة واحدة على الزنى وهي عقوبة الحبس في البيوت، وللرجال عقوبة على الزنى، هي الأذى سواء كانوا محصنين بزوجات أم غير محصنين، وهم الأعزبون.

-وعلى الوجه الثاني تكون قد جعلت للنساء عقوبتين: عقوبة خاصة بهن وهي الحبس، وعقوبة لهن كعقوبة الرجال وهي الأذى، فيكون الحبس لهن مع عقوبة الأذى. وعلى كلا الوجهين يستفاد استواء المحصن وغير المحصن من الصنفين في كلتا العقوبتين، فأما الرجال فبدلالة تثنية اسم الموصول المراد بها صنفان اثنان، وأما النساء فبدلالة عموم صيغة نسائكم.

-المراد بقوله تعالى {منكم}
يعنى من المسلمين ،سعيد بن جبير وأخرجه الطبري


-المراد بالإيذاء في قوله تعالى {فآذوهما}

أي بالشتم والتعيير والضرب بالنعال وهو قول ابن عباس و سعيد بن جبيرومجاهد وقتادة
أما قول ابن عباس فقد أخرجه ابن أبي حاتم من طريق على عنه:فكان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير وضرب بالنعال
وقول ابن جبير أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عنه
قول قتادة أخرجه ابن جرير من طريق سعيد عنه :كانا يؤذيان بالقول جميعا
قول مجاهد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عنه يعنى سبا
تبين من الأقوال أنها ترجع إلى قولين :الأذى بالقول وحده أو الأذى بالقول والفعل ضربا
والراجح:قال ابن جرير والأذى قد يقع بكلّ مكروهٍ نال الإنسان من قولٍ سيّئٍ باللّسان أو فعلٍ، وليس في الآية بيان أى ذلك كان أمر به المؤمنون يومئذٍ، ولا خبر به عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من نقل الواحد ولا نقل الجماعة الموجب مجيئها قطع العذر. وأهل التّأويل في ذلك مختلفون، وجائزٌ أن يكون ذلك أذًى باللّسان اواليد، وجائزٌ أن يكون كان أذًى بهما، وليس في العلم بأيّ ذلك كان من أيّ نفعٍ في دينٍ ولا دنيا ولا في الجهل به مضرّةٌ

-الحكمة من عقوبة الإيذاء
إرادة أن يتوب الزناة ويرجعوا عن الإصرار عليه ،ذكره ابن عطية

-معنى قوله تعالى {فإن تابا وأصلحا}
تابا:أي أقلعا ونزعا عما كانا عليه من الزنا ،ذكره ابن كثير
وأصلحا:أي صلحت سائر أعمالهم وحسنت ،ذكره ابن كثير وابن عطية


-معنى قوله تعالى {فأعرضوا عنهما}

هو أمر من الله بكف الأذى عنهما إذا تابا والمعنى لاتعنفوهما بكلام قبيح بعد ذلك

-الحكمة من الإعراض عنهما في هذه الحال
وذلك أن التائب من الذنب كمن لاذنب له ،ذكره ابن كثير

-دليل من السنة على وجوب كف الأذى بعد التوبة أو إقامة الحد
ثبت في الصحيحين: {إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها} أي لا يعيرها بما صنعت بعد الحد الذي هو كفارة لما صنعت،ابن كثير


-معنى قوله تعالى {توابا}
راجع بعباده عن المعاصي إلى تركها ولزوم الطاعة،ابن عطية


مسألة لغوية :
-الحكمة من التعبير بالإعراض
فيه غض من الزناة واحتقار لهم وإن تابوا ،ابن عطية
ولا أرى هذا التعليل مناسبا خاصة مع ختام الآية بقوله تعالى {إن الله كان توابا رحيما}فإنه يتوب على عباده ويحب منهم التوبة ويفرح بها ويعود عليهم بعد توبتهم بالرحمة والإحسان وأما الإعراض عن شىء فتركه أى ترك المعايرة والتكلم فيه بعد توبتهم وصلاحهم والله أعلم بمراده
قال ابن جرير تعقيبا على معنى قوله تعالى {إن الله كان توابا رحيما}أنّ اللّه لم يزل راجعًا لعبيده إلى ما يحبّون إذا هم راجعوا ما يحبّ منهم من طاعته رحيمًا بهم، يعني: ذا رحمةٍ ورأفةٍ

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 20 صفر 1441هـ/19-10-2019م, 01:06 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)
-سبب النزول :
قال الربيع: «الآية الأولى قوله: {إنّما التّوبة على اللّه هي في المؤمنين}، والآية الثانية قوله: {وليست التّوبة} الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة ».ذكره ابن عطية
قول الربيع رواه عنه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي .
مقصد الآية :
بيان رحمة الله عز وجل بعباده بقبول توبتهم إذا أنابوا إليه ورجعوا إلى طريقه وهديه وإرشادهم إلى المسارعة بالتوبة قبل حضور الأجل وإغلاق باب التوبة ووعدهم بقبول توبتهم إن حققوا شروط التوبة الصحيحة .
المسائل التفسيرية :
-معنى (إنما):
هي حاصرة، وهو مقصد المتكلم بها أبدا، فقد تصادف من المعنى ما يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله تعالى: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ} وقد تصادف من المعنى ما لا يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله: إنما الشجاع عنترة فيبقى الحصر في مقصد المادح، ويتحصل من ذلك لكل سامع تحقيق هذه الصفة للموصوف بمبالغة. ذكره ابن عطية
-دلالة إنما في قوله تعالى (إنما التوبة )
هي حاصرة، وهي في عرف الشرع:الرجوع من شر إلى خير.ذكره ابن عطية .
-حد التوبة :
حد التوبة: الندم على فارط فعل، من حيث هو معصية الله عز وجل، وإن كان الندم من حيث أضر ذلك الفعل في بدن أو ملك فليس بتوبة.ذكره ابن عطية
-حكم التوبة :
التوبة فرض على المؤمنين بإجماع الأمة، والإجماع هي القرينة التي حمل بها قوله تعالى: {وتوبوا إلى اللّه جميعاً } على الوجوب.ذكره ابن عطية
-شروط صحة التوبة:
من شروطها:
1- العزم على ترك الفعل الذي تاب منه في المستقبل
2-الندم على الذنب الذي تاب منه
وإن كان ذلك الفعل لا يمكنه، مثل أن يتوب من الزنا فيجب بأثر ذلك ونحو ذلك، فهذا لا يحتاج إلى شرط العزم على الترك، وتصح التوبة من ذنب من الإقامة على غيره من غير نوعه، خلافا للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائبا من أقام على ذنب، وتصح التوبة وإن نقضها التائب في ثاني حال بمعاودة الذنب، فإن التوبة الأولى طاعة قد انقضت وصحت، وهو محتاج بعد موافقة الذنب إلى توبة أخرى مستأنفة.
.ذكره ابن عطية
-وقت قبول التوبة :
بعد عمل الذنب مباشرة إلى قبل الغرغرة وحضور الآجل وفي هذا بيان لعفو الله وكرمه ورحمته بعباده ،روى بشير بن كعب والحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ويغلب على عقله».ذكره ابن كثير .

- معنى توبة الكافر :
توبته هي ندمه على سالف كفره.ذكره ابن عطية
-معنى على في قوله تعالى (إنما التوبة على الله )
(على ) هُنا حَرْفٌ لِلِاسْتِعْلاءِ المَجازِيِّ بِمَعْنى التَّعَهُّدِ والتَّحَقُّقِ كَقَوْلِكَ: عَلَيَّ لَكَ كَذا، فَهي تُفِيدُ تَحَقُّقَ التَّعَهُّدِ.
والمعنى : التَّوْبَةُ تَحِقُّ عَلى اللَّهِ، وهَذا مَجازٌ في تَأْكِيدِ الوَعْدِ بِقَبُولِها حَتّى جُعِلَتْ كالحَقِّ عَلى اللَّهِ، ولا شَيْءَ بِواجِبٍ عَلى اللَّهِ إلّا وُجُوبُ وعْدِهِ بِفَضْلِهِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إخْبارُهُ تَعالى عَنْ أشْياءَ أوْجَبَها عَلى نَفْسِهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ تِلْكَ الأشْياءِ سَمْعًا ولَيْسَ وُجُوبًا.ذكره ابن عاشور .
-معنى الجهالة :
الجَهالَةُ هاهُنا جَهالَةُ العَمَلِ، وإنْ كانَ عالِمًا بِالتَّحْرِيمِ،، قالَ قَتادَةُ: أجْمَعَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى أنَّ كُلَّ ما عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فَهو جَهالَةٌ، عَمْدًا كانَ أوْ لَمْ يَكُنْ، وكُلَّ مَن عَصى اللَّهَ فَهو جاهِلٌ.ذكره ابن القيم
قول قتادة رواه عبد الرزاق و ابن جريرمن طريق عبد الرزاق عنه .
-المراد بالجهالة في الآية :
ورد في ذلك عدة أقوال :
أحَدُها: أنَّ كُلَّ ذَنْبٍ أصابَهُ الإنْسانُ فَهو بِجَهالَةٍ، وكُلَّ عاصٍ عَصى فَهو جاهِلٌ، وهو قَوْلُ أبِي العالِيَةِ.
والثّانِي: يُرِيدُ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ عَمْدًا، والجَهالَةُ العَمْدُ، وهو قَوْلُ الضَّحّاكِ، ومُجاهِدٍ.
والثّالِثُ: الجَهالَةُ عَمَلُ السُّوءِ في الدُّنْيا، وهو قَوْلُ عِكْرِمَةَ.هذا حاصل ماذكره المفسرون .
وقال الفراء أن معناه: أنهم جهلوا كُنْه ما فيه من العقاب، فلم يعلموه كعلم العالم، وإن علموه ذنبًا، فلذلك قيل:"يعملون السوء بجهالة".
هذا حاصل ماذكره المفسرون من الأقوال .

-التخريج :
أما قول أبي العالية فرواه عنه ابن جرير من طريق قتادة .
وأما قول الضحاك فرواه عنه ابن جرير من طريق جويبر
وأما قول مُجاهِد فرواه عنه ابن جرير من طريق الثوري
وأما قول عكرمة فرواه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان .
-الترجيح :
رجح الطبري القول بأن معناها هو :إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء، وعملهم السوء هو الجهالة التي جهلوها، عامدين كانوا للإثم، أو جاهلين بما أعدّ الله لأهلها ،
ووجه ذلك كما قال أنه غير موجود في كلام العرب تسمية العامد للشيء:"الجاهل به"، إلا أن يكون معنيًّا به أنه جاهل بقدر منفعته ومضرّته، فيقال:"هو به جاهل"، على معنى جهله بمعنى نفعه وضره،وضعف ابن عطية قول عكرمة وذلك لأنه جعل «الجهالة اسم للحياة الدنيا»، كما ضعف ابن جرير وابن عطية قول الفراء ،
لأنه كما الطبري لو كان الأمر على ما قال صاحب هذا القول، لوجب أن لا تكون توبة لمن علم كُنْه ما فيه، وهذا مخالف لما جاء في الكتاب والسنة ،قال تعالى :(إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا﴾ [سورة الفرقان: 70]
-معنى قوله (يتوبون من قريب )
أي :يتوقفون قبل الموت، لأن ما بين الإنسان وبين الموت قريب، فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت).ذكره الزجاج .
-المراد بقوله ( من قريب )
ورد فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: ثُمَّ يَتُوبُونَ في صِحَّتِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِمْ، وقَبْلَ مَرَضِهِمْ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، والسُّدِّيِّ.
والثّانِي: قَبْلَ مُعايَنَةِ مَلَكِ المَوْتِ، وهو قَوْلُ ابن عباس و الضَّحّاكِ، وأبِي مِجْلَزٍ ومحمد بن قيس .
والثّالِثُ: قَبْلَ المَوْتِ، قالَ عِكْرِمَةُ: الدُّنْيا كُلُّها قَرِيبٌ.و قاله ابن زيد والضحاك .هذا حاصل ماذكره المفسرون من الأقوال في هذه المسألة .
التخريج :
القول الأول :
أما قول ابن عباس فرواه عنه ابن جرير من طريق أبي صالح
وأما قول السدي فرواه عنه ابن جرير من طريق أسباط
القول الثاني :
أما قول ابن عباس فرواه عنه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة
وأما قول الضحاك فرواه عنه ابن جرير من طريق جويبر
وأما قول أبي مجلز فرواه عنه ابن جرير من طريق عمران بن حيدر
وأما قول محمد بن قيس فرواه عنه ابن جرير من طريق أبي معثر
القول الثالث :
قول عكرمة رواه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان
وقول زيد رواه عنه ابن جريرته طريق ابن وهب
وقول الضحاك رواه عنه الثوري وابن جرير من طريق رجل ولَم يسمياه.
ورواه عنه ابن أبي حاتم من طريق النضر بن طهمان ،ورواه عنه أيضًا سعيد بن منصور من طريق شيخ من أهل الكوفة ،فلا أدري هل الرجل الذي سماه ابن أبي حاتم هو نفس الرجل الذي لم يسميه ابن جرير وهو الشيخ الكوفي أو غيره .
الترجيح :
الراجح من هذه الأقوال هو ما رجحه الطبري رحمه الله فقال : يتوبون قبل مماتهم، في الحال التي يفهمون فيها أمر الله تبارك وتعالى ونهيَه، وقبل أن يُغلبوا على أنفسهم وعقولهم، وقبل حال اشتغالهم بكرب الحَشْرجة وغمّ الغرغرة، ويؤيد صحة هذا القول ما روي عنه صلى الله عليه وسلم :إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ" رواه الترمذي وأحمد ، ويدخل في معنى قوله تعالى (من قريب ) القولين الآخرين أيضًا ولا منافاة بين الأقوال ،فهو كما قال ابن عطية ابن عباس اختار أحسن الأوقات للتوبة والآخرون حددوا وقت قبولها .هذا والله أعلم بالصواب .
-معنى قوله ( فأولئك يتوب الله عليهم ) :
أي :يرزقهم إنابةً إلى طاعته، ويتقبّل منهم أوبتهم إليه، وتوبتهم الّتي أحدثوها من ذنوبهم.ذكره ابن كثير
-معنى (إن الله كان عليمًا حكيمًا )
أي بمن يتوب وييسره هو للتوبة حكيما فيما ينفذه من ذلك، وفي تأخير من يؤخر حتى يهلك).ذكره ابن عطية
-مسألة عقدية :
دلالة على في قوله تعالى :(على الله )
اختلف المفسرون في ذلك على قولين :
1-أن على تقتضي الوجوب سمعا لإخبار الله تعالى عنها ، ولا يكون وجوبها عقلًا لأنه لا يجب( على) الله شيء عقلًا ،ولا شَيْءَ بِواجِبٍ عَلى اللَّهِ إلّا وُجُوبُ وعْدِهِ بِفَضْلِهِ.
ومن هذه الأشياء تخليد الكفار في النار وقبول التوبة وغير ذلك .
2-أن (على) تقتضي غلبة الظن
قال أبو المعالي وغيره: فهذه الظواهر إنما تعطي غلبة ظن لا قطعا على الله بقبول التوبة.وأبو المعالي يجعل تلك الأخبار ظواهر مشروطة بالمشيئة.
ذكرهذين القولين ابن عطية ورجح منها الأول .
وبين شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – موقف السلف في مسألة الوجوب على الله، حيث يقول:
"وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى، والتحريم بالقياس على خلقه، فهذا قول القدرية – أي المعتزلة – وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول. وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا.
ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب قال: إنه كتب على نفسه الرحمة، وحرم الظلم على نفسه، لا أن العبد نفسه مستحق على الله شيئا كما يكون للمخلوق على المخلوق، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير فهو الخالق لهم وهو المرسل إليهم الرسل، وهو الميسر لهم الإيمان والعمل الصالح" اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم .
قال تعالى :(ولَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰۤ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٔـٰنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أليمًا )(18)﴾
-سبب النزول :
ذكر المارودي أن في سبب نزولها قولان :
أحَدُهُما: وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ أنَّها نَزَلَتْ في عُصاةِ المُسْلِمِينَ.
والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ، وهو قَوْلُ الرَّبِيعِ.
قال الربيع: «الآية الأولى قوله: {إنّما التّوبة على اللّه هي في المؤمنين}، والآية الثانية قوله: {وليست التّوبة} الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة ».ذكره ابن عطية
قول الربيع رواه عنه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي .
الراجح هو قول الجمهور والله أعلم ، قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب ما ذكره الثّوريّ أنّه بلغه أنّه في الإسلام، وذلك أنّ المنافقين كفّارٌ، فلو كان معنيًّا به أهل النّفاق لم يكن لقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} معنًى مفهومٌ، لأنّهم إن كانوا هم والّذين قبلهم في معنًى واحدٍ من أنّ جميعهم كفّارٌ، فلا وجه لتفريق أحكامهمٍ والمعنى الّذي من أجله بطل أن تكون توبة واحدٍ مقبولةً، وفي تفرقة اللّه جلّ ثناؤه بين أسمائهم وصفاتهم بأن سمّى أحد الصّنفين كافرًا، ووصف الصّنف الآخر بأنّهم أهل سيّئاتٍ، ولم يسمّهم كفّارًا ما دلّ على افتراق معانيهم، وفي صحّة كون ذلك كذلك صحّة ما قلنا، وفساد ما خالفه).
-حكم النسخ في الآية :
قال قومٌ: هذه الآية منسوخةٌ عن أهل التوحيد، نسخها الله بقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48]. حرّم الله المغفرة على من مات وهو مشرك. وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته. وهذا قول ينسب إلى ابن عباس.
واحتجوا بأنّ المراد من قوله عليه الصلاة والسلام (إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر بنفسه)) أهل الكفر دون أهل الذنوب من الموحدين - والله أعلم بذلك.)
أخرج قول ابن عباس ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه .
وقيل أنها محكمة : 
واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر بنفسه)) والغرغرة: هي عند حضور الموت ومعاينة الرسل لقبض الروح، فعند ذلك لا تقبل التّوبة على هذا الحديث فيكون، كالآية.ذكره الأنباري وابن عطية .
-الترجيح :
رجح ابن عطية القول بأنها محكمة ، ووجه ذلك من حيث أن الآيتين منبنيتان ولا يحتاج فيهما إلى تقرير نسخ، لأن هذه الآية لم تنف أن يغفر للعاصي الذي لم يتب من قريب، فنحتاج أن نقول، إن قوله: {ويغفر ما دون ذلك} نسخها وإنما نفت هذه الآية أن يكون تائبا من لم يتب إلا مع حضور الموت. ذكره ابن عطية .
المسائل التفسيرية :
-المعنى الإجمالي للآية :
لفظ هذه الآية عامٌ يوجب الإياس من قبول توبة من عاين الرّسل عند الموت وحضره الموت مؤمنًا كان أو كافرًا.ذكره أبو طالب القيسي.
--سبب عدم قبول التوبة عند الغرغرة :
لأنهم تابوا في وقت لا يمكن الإقلاع بالتصرف فيما يحقق التوبة
ولأنهم صاروا في حيز اليأس، وحضور الموت هو غاية قربه، كما كان فرعون حين صار في غمرة الماء والغرق، فلم ينفعه ما أظهر من الإيمان، وبهذا قال ابن عباس وابن زيد وجماعة المفسرين. هذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية
-فأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن جرير من طريق أبي صالح
وأما قول ابن زيد فأخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن وهب
-المراد بالسيئات :
ورد في ذلك ثلاثة أقوال :
أحَدُها: الشِّرْكُ، قالَهُ أبو العالية وسفيان الثوري .
والثّانِي: أنَّها النِّفاقُ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.والربيع بن أنس.
والثّالِثُ: أنَّها سَيِّئاتُ المُسْلِمِينَ، قالَهُ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ، واحْتَجَّ بِقَوْلِهِ ﴿وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهم كُفّارٌ﴾ .خلاصة ما ذكره المفسرون .
-تخريج الأقوال :
فأما قول أبي العالية فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الربيع
وأما قول الثوري فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن جحادة
القول الثاني :
فأما قول أبو العالية فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق الربيع
وأما قول الربيع فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي
القول الثالث :
قول سفيان الثوري أخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن المبارك .
-الترجيح :
الراجح والله أعلم هو قول الثّوريّ أنّ المراد بهاسيئات المسلمين ، وذلك أنّ المنافقين كفّارٌ، فلو كان معنيًّا به أهل النّفاق لم يكن لقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} معنًى مفهوم ،كما ذكر الطبري رحمه الله .
-معنى حتى في قوله ( حتى إذا حضر أحدهم الموت ):
حتى حرفُ ابتداء، والجملةُ الشرطية بعدها غايةٌ لِما قبلها أي: ليست التوبةُ لقومٍ يعملون السيئات، وغاية عَمِلهم إذا حضرهم الموتُ قالوا: كيت وكيت، وهذا وجه حسن.ذكره السمين الحلبي
-معنى الآن في قوله ( إني تبت الآن ):
يعني وقت الغرغرة ومعاينة الموت لأن باب التوبة يغلق في هذا الوقت .
-إعراب (الذين ) ومعناها :
قوله: {وَلاَ الذين يَمُوتُونَ} «الذين» مجرورُ المحل عطفاً على قوله «للذين يعملون» أي ليست التوبةُ لهؤلاء ولا لهؤلاء، فَسَوَّى بين مَنْ مات كافراً وبين مَنْ لم يتب إلا عند معاينةِ الموتِ في عدم قبول توبتِه. ذكره السمين الحلبي
إعراب ( أولئك ) و مرجع الإشارة فيه :
قوله: «أولئك» مبتدأ، و «أَعْتَدْنا» خبرُه، و «أولئك» يجوز أن يكونَ إشارةً إلى «الذين يموتون وهم كفار/، لأنَّ اسم الإِشارة يَجْري مَجْرى الضميرِ فيعودُ لأقربِ مذكور، ويجوزُ أَنْ يُشارَ به إلى الصِّفتين: الذين يعملون السيئات والذين يَمُوتون وهم كفار.ذكره السمين الحلبي
بيان نوع العذاب في الآية :
قال ابن عطية :إن كانت الإشارة إلى الذين يموتون وهم كفار فقط، فالعذاب عذاب خلود، وإن كانت الإشارة إليهم وإلى من ينفذ عليه الوعيد، ممن لا يتوب إلا مع حضور الموت من العصاة فهو في جهة هؤلاء، عذاب ولا خلود معه.
-معنى ( أعتدنا):
معناه: يسرناه وأحضرناه.ذكره ابن عطية
-معنى (أليما ):
أي: مؤلما موجعا مقيما ، والمؤلم الذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ). ذكره الزجاج وابن كثير
-مسائل عقدية :
-وقت خلق النار :
ظاهر هذه الآية أن النار مخلوقة بعد.ذكره ابن عطية
والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار لا تفنيان. كما قال الطحاوي في عقيدته المشهورة: والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان ولاتبيدان .
-حال الكفار في الآخرة :
أعلم الله تعالى أيضا أن الّذين يموتون وهم كفّارٌ فلا مستعتب لهم ولا توبة في الآخرة.ذكره ابن عطية
-حال العصاة من المسلمين في الآخرة :
إن كان مؤمنا عاصيًا ولم يتب قبل موته فهو عاص في المشيئة، لكن يغلب الخوف عليه، ويقوي الظن في تعذيبه، ويقطع من جهة السمع أن من هذه الصنيفة من يغفر الله له تعالى تفضلا منه ولا يعذبه.ذكره ابن عطية

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 صفر 1441هـ/19-10-2019م, 10:24 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تكملة مساعد الأخت بدرية ، فأخذت الآية 21:

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21)}
علوم الآية :
النسخ في الآية :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : أنا محكمة ، وهو قول ذكره ابن عطية .
القول الثاني : أنها منسوخة ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/542) عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعيف ،فقد ضعفه النسائي والبخاري وغيرهم .[ الدرر الملتقط في تبيين الغلط ويليه :24]
الراجح :
أنها محكمة كما ذكر ذلك ابن عطية ، لأن تنبي على بعضها البعض ، ولم يصح فيها نسخ ، وذكر ابن جرير أيضا صحة حديث ثابت بن قيس بن شمّاسٍ بأخذ ما كان ساق إلى زوجته وفراقها أن طلبت فراقه، وكان النّشوز من قبلها ، وهذا يؤيد القول بأنها محكمة ، وعليها رجح ابن جرير القول بأنها محكمة .

مناسبة الاية :
هذه الآية مرتبطة بالآية التي قبلها ، فاستنكر على الزوج طلبه المهر وقد طلب فراقها ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

مقصد الآية :
استنكار ووعظ للزوج وتذكيره بالمودة بينهما ، وهذا حاصل ماذكره ابن عطية وابن كثير .

المسائل التفسيرية :
نوع الواو في قوله ( وكيف ) :
عاطفة ، ذكره النحاس والدعاس وغيرهم .

موضع كيف :
نصب على الحال ، ذكره ابن عطية .

الغرض من الاستفهام :
استنكار، ذكره ابن عطية .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( تأخذونه ) :
المهر ، وهو من خلاصة ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

الغرض من الواو في قوله ( وقد ):
للحال ، ذكره ابن السمين .

معنى قد :
حرف تحقيق ، ذكره النحاس .

معنى الافضاء في اللغة :
أصله الغشيان ، ذكره الزجاج .
وقال ابن عطية : معناه: باشر وجاوز أقصى المجاوزة ومنه قول الشاعر: [الطويل]
بلى وثأى أفضى إلى كلّ كثبة ...... بدا سيرها من ظاهر بعد باطن
وفي مثل الناس، فوضى فضا، أي مختلطون يباشر أمر بعضهم بعضا وتقول أفضت الحال إلى كذا أي صارت إليه.

المراد بالإفضاء :
اختلفوا فيه على اقوال :
القول الأول : كناية عن الجماع ، وهو قول ابن عباس ومجاهد والسدي وأبي عبيدة وغيرهم .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/542)وابن المنذر في تفسيره (2/616 ) من طريقين عن سفيان، عن عاصمٍ، عن بكر بن عبد اللّه، عن ابن عبّاسٍ ، وأخرجه ابن جرير (6/542) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/908) من طريق عبد اللّه المزنيّ، عن ابن عبّاسٍ .
وقول مجاهد أخرجه الرملي في تفسيره (81])وابن جرير في تفسيره (6/540)وابن المنذر في تفسيره ( 2/616) وعبد الرحمن الهمداني في تفسيره (150)عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ ، وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد عن مجاهد .
وطريق ابن نجيح في اسناده ورقاء وهو ضعيف ، قال الذهبي :قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : ورقاء من أهل خراسان ، يصحف في غير حرف . وكان أبو عبد الله ضعفه في التفسير.
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/540)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/908 ) عن أسباط عن السدي .
والسدي ضعيف ، جرحه أحمد في رواية وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي وشعبة وغيرهم . واتهمه بالكذب الحافظ السعدي.
وقول أبي عبيدة أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/617 ) عن الأثرم عن أبي عبيدة .
القول الثاني :كناية عن الخلو ، وذكر ذلك الزجاج .
ووجه هذا القول هو من معناه اللغوي ، فالإفضاء من فضاء المكان واتساعه ، فهو الخلو بها سواء بجماع أو بدونه .
وفي معجم متن اللغة : فضا- فضاء وفضوا المكان: اتسع: خلأ، فهو فاض.
الراجح :
رجح الفراء القول الثاني ، ولكن القول الأول هو الأصح لأن التعجب في الآية لا يكون لمجرد الخلوة ، ولأن ( إلى) تشير إلى منتهى الغاية ، وهذا لا يحصل بمجرد الخلوة ، وقد ذكر ذلك الرزاي ورجح عليه القول الأول ، ورجحه أيضا ابن جرير وغيره .

المراد بقوله( بعضكم إلى بعض ) :
المودة بين الزوجين ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية .

فائدة ( إلى) :
تفيد الغاية ، ذكره الرزاي .

مرجع الضمير النون في قوله ( وأخذن ) :
على الزوجات ، وهو خلاصة ما ذكره ابن عطية وابن كثير.

المراد بالميثاق الغليظ :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول : الإمساك أو تسريح بإحسان ، وهو قول ابن عباس و الحسن وابن سيرين وقتادة والضحاك والسدي وغيرهم.
وقول ابن عباس أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/463)عن عَنْ جُهَيْنَةَ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وقول قتادة أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/542 ) عن سعيد عن قتادة .
وقول ابن سيرين أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/542 ) أبو بكرٍ الهذليّ عن الحسن ومحمّد بن سيرين.
وأبو بكر الهذلي ضعيف .
وقول الضحاك أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/463 ) وابن جرير في تفسيره ( 6/542)عن جويبرٌ عن الضّحّاك.
والضحاك ضعيف ، قال عنه القطان : والضحاك عندنا ضعيف . ( سير أعلام النبلاء) .
ووجه هذا القول على أن الزواج هوامساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، كما قال تعالى في موضع آخر من القرآن : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) ،فحين يأخذ مهرها لا يكون تسريح بإحسان .
القول الثاني : عقد النكاح ، وهو قول مجاهد وابن زيد ومحمد بن كعب القرظي .
وقول مجاهد أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/463 ) و ابن جرير في تفسيره( 6/542) من طرق عن سفيان عن سالمٌ الأفطس عن مجاهدٍ ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/542) عن عن أبي هاشمٍ المكّيّ عن مجاهدٍ.
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/542) عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعيف ، فقد ضعفه النسائي والبخاري وغيرهم .[ الدرر الملتقط في تبيين الغلط ويليه :24]
وقول محمد بن كعب القرظي أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/542) عن عنبسة عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ.
ووجه هذا القول أن الميثاق في اللغة تطلق على العهود والمواثيق التي تكون بالاتفاق ، قال تعالى : (إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ).
القول الثالث : الأمانة ،وهو قول الربيع وعكرمة .
وقول الربيع أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/542) و ابن أبي حاتم في تفسيره (3/908 ) عن أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ.
وقول عكرمة أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/463)و ابن جرير في تفسيره ( 6/542) عن جابرٍ عن عكرمة، وأخرجه ابن شيبة فقط من طريق جابر عن مجاهد .
وهذا القول مبني على الأحاديث التي توصي بالنساء وأنهن أمانة في أعناق الأزواج .
قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "وَاستَوصُوا بِالنِّسَاء خَيْرًا، فَإنَّكُمْ أخَذْتُمُوهُنَّ بِأمَانَةِ الله وَاستَحْلَلتُمْ فرُوجَهُن بِكَلِمَةِ الله والحديث حسن صحيح .
القول الرابع : الولد ، ، ذكره ابن عطية .
وهذا القول لم أجده .
وهذا القول ضعفه ابن عطية أيضا .
الراجح : أن الأقوال كلها لا تعارض بينها إلا القول الأخير فلا وجه له من الصحة ، لأنه لا دليل على استرجاع المهر أو عدمه في حالة وجود الولد أو عدمه .

معنى غليظ :
شديد ، وهو قول أبي مالك .
وقول أبي مالك أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/908 ) عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ.
والسدي ضعيف .
وهذا القول مبني على معناه اللغوي ، فالغلظة في اللغة تطلق للشدة ، وجعلها بمنزلة اليمين مجاز ، كما ذكر ذلك النحاس .
وقال الخليل أحمد : التَّغليظُ: الشِّدَّةُ في اليَمين.
وقال ابن عاشور : الْغَلِيظُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ غَلُظَ- بِضَمِّ اللَّامِ- إِذَا صَلُبَ، وَالْغِلْظَةُ فِي الْحَقِيقَةِ صَلَابَةُ الذَّوَاتِ، ثُمَّ اسْتُعِيرَتْ إِلَى صُعُوبَةِ الْمَعَانِي وَشِدَّتِهَا فِي أَنْوَاعِهَا، قَالَ تَعَالَى: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً [التَّوْبَة: 123].

المسألة اللغوية :
الوجه البلاغي في قوله ( أفضى ) :
كناية ، ذكره الزجاج وغيره .
متعلق الجار والمحرور في قوله ( منكم ) :
فيه قولان :
الأول : يجوز أنه متعلق بأخذن ، وذكر ذلك العبكري .
الثاني : ويجوز أن يكون متلق بالميثاق ، وذكر ذلك العبكري .

المسألة الفقهية :
حكم المختلعة :
على قولين :
القول الأول : يجوز الأخذ منها ،وهو القول الذي ذهب إليه ابن عطية وقول الجمهور .
القول الثاني : لايجوز الأخذ من المختلعة اطلاق ، لا قليله ولا كثيره ، وهو قول بكر بن عبد الله المزني ، ذكره ابن عطية .
وذكر ابن عطية شذوذ هذا القول .
الترجيح :
الراجح والصحيح أنه يجوز الأخذ من المختلعة ، لقوله تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾


مسألة استطرادية :
أحوال جواز وعدم جواز مهر المرأة بعد فراقها :

1) لايجوز الأخذ في حالة المتلاعنين لثبوت الحديث عن ذلك ، ذكره ابن كثير .
2) يجوز الأخذ إن تزوجها وهي حامل بالزنا ، ذكره ابن كثير .
3) يجوز الأخذ في المختلعة ، وهو خلاصة ماذكره ابن عطية .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 صفر 1441هـ/20-10-2019م, 10:22 AM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

]تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21)}
مقصد الآية
نفي الظلم عن النساء وعدم الإضرار بهن ، ومعاشرتهن بالمعروف .
قال ابن عاشور : هذه الآية اسْتِئْنَافُ تَشْرِيعٍ فِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ الَّتِي كَانَ سِيَاقُ السُّورَةِ لِبَيَانِهَا وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَزَلْ آيُهَا مُبَيِّنَةً لِأَحْكَامِهَا تَأْسِيسًا وَاسْتِطْرَادًا، وَبَدْءًا وَعَوْدًا، وَهَذَا حُكْمٌ تَابِعٌ لِإِبْطَالِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ جَعْلِ زَوْجِ الْمَيِّتِ مَوْرُوثَةً عَنْهُ .
اختلف المتأولون في معنى قوله تعالى: {لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرهاً } على أقوال :.
-القول الأول ، أقوال عن ابن عباس
-روى البخاري وأخرجه أبو داوود والنسائي وابن مردويه وابن المنذر في تفسيره من طرق عن ابن عباس: «كانوا في الجاهلية إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته من أهلها، إن شاؤوا تزوجها أحدهم، وإن شاؤوا زوجوها من غيرهم، وإن شاؤوا منعوها الزواج» ، فنزلت الآية.
-وقول ثاني لابن عباس ، روى ابن المنذر وابن جرير الطبري في تفسيرهما فقال : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ " {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} قَالَ ابْنُ جريج: قَالَ عطاء: عَنِ ابْن عَبَّاس، كَانَ الرجل إذا مات أبوه أو حميمه كَانَ أحق بامرأة الميت إن شاء أمسكها أو يحسبها حَتَّى تفتدي منه بصداقها أو تموت فيذهب بمالها ..
وقول آخر ، وروى سفيان الثوري في تفسيره : قال وكيع عن سفيان، عن عليّ بن بذيمة، عن مقسم، عن ابن عبّاسٍ: « كانت المرأة في الجاهليّة إذا توفّي عنها زوجها فجاء رجلٌ فألقى عليها ثوبًا، كان أحقّ بها، فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرهًا}».
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره قولاً عن مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
-وَقَالَ عكرمة مولى ابْن عَبَّاس، نزلت فِي كبيشة ابنة معمر بْن عاصم، كانت عند الأسلت، فتوفي عنها، فجنح عليها أَبُو قيس بْن الأسلت، فجاءت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: يَا رَسُولَ اللهِ، لا أنا ورثت زوجي، ولا أنا تركت فأنكح، فأنزل الله جَلَّ وَعَزَّ: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}
واخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن طريق عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ...
وكذلك اخرجه ابن أبي حاتم فقال :حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ…
-وقول مجاهد ، روى ابن المنذر في تفسيره قولاً عن مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ " {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} قَالَ: كَانَ إذا توفي الرجل، كَانَ ابنه أحق بامرأته أن ينكحها إن شاء، أو ينكحها من شاء، أخاه أو ابْن أخيه "
-قول أبي المجلز ، روى ابن المنذر قولاً عن يزيد بْن هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان، عَنْ أبي مجلز، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ " {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} قَالَ: كانت الأنصار إذا مات رجل منهم كَانَ وليه أولى بامرأته من وليها، فنهى الله عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ "
وفي رواية عن وكيع عن سفيان عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ ..تفسير سفيان الثوري .
-وقول سعيد ، روى ابن المنذر عن طريق عَبْد اللهِ، عَنْ شريك، عَنْ سالم، عَنْ سعيد، قوله جل ثناؤه " {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} قَالَ: كَانَ الرجل إذا كانت فِي حجره اليتيمة ولها مال، منعها أن تتزوج، يحبسها عَلَى ولده حَتَّى يتزوجها، أو تموت، فيرثها .
-قول زيد بن أسلم ، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره فقال : قُرِئَ عَلَى يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19] كَانَ أَهْلُ يَثْرِبَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَرِثَ امْرَأَتَهُ مَنْ يَرِثُ مَالَهُ، فَكَانَ يَعْضِلُهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا، أَوْ يُزَوِّجَهَا مَنْ أَرَادَ، وَكَانَ أَهْلُ تِهَامَةَ يُسِئُ الرَّجُلُ صُحْبَةَ الْمَرْأَةِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهَا أَلَّا تَنْكِحَ إِلَّا مَنْ أَرَادَ حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِبَعْضِ مَا أَعْطَاهَا، فَنَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ ذَلِكَ…
قال الزجاج :وهذه نزلت لأنهم كانوا إذا مات زوج المرأة وله ولد من غيرها ضرب ابنه عليها حجابا، وقال: أنا أحقّ بها، فتزوجها على العقد الذي كان عقده أبوه من تزوجها ليرثها ما ورثت من أبيه، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن ذلك حرام.
وقال ابن زيد: «هذا العضل المنهي عنه في هذه الآية هو من سير الجاهلية في قريش بمكة، إذا لم يتوافق الزوجان طلقها على ألا تتزوج إلا بإذنه، ويشهد عليها بذلك، فإذا خطبت فإن أعطته ورشته وإلا عضل»، ففي هذا نزلت الآية.
وقال أبو داود: حدّثنا أحمد بن محمّد بن ثابتٍ المروزي، حدّثني عليّ بن حسين، عن أبيه، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: «{لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرهًا ولا تعضلوهنّ لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبيّنةٍ} وذلك أنّ الرّجل كان يرث امرأة ذي قرابته، فيعضلها حتّى تموت أو ترد إليه صداقها، فأحكم اللّه تعالى عن ذلك، أي نهى عن ذلك».
قال ابن عطية : والروايات في هذا كثيرة بحسب السير الجاهلية، ولا منفعة في ذكر جميع ذلك، إذ قد أذهبه الله بقوله: لا يحلّ لكم …
القراءات
قراءة قوله (كرهاً )
قرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير: «كرها» بفتح الكاف حيث وقع في النساء وسورة التوبة وفي الأحقاف .
وقرأ حمزة والكسائي وخلف جميع ذلك بضم الكاف
وقرأ عاصم وابن عامر في النساء والتوبة بفتح الكاف .ذكره ابن عطيه وابن عاشور في تفسيرهما .
توجيه القول : قال الكسائي : والكره والكره لغتان كالضعف والضعف، والفقر والفقر، وقال الفراء وابن قتيبة : هو بضم الكاف المشقة وبفتحها إكراه غير. ذكره ابن عطية في تفسيره.
القراءة في قوله ( لاتعضلوهن ).
احتمال أن يكون جزما، فتكون الواو عاطفة جملة كلام مقطوعة من الأولى ، فيكون الجزم نهياً .
ويحتمل أن يكون تعضلوهنّ نصبا عطفا على ترثوا فتكون الواو مشركة عاطفة فعل على فعل وهي قراءة ابن مسعود .
قال ابن عطية : قرأ ابن مسعود: «ولا أن تعضلوهن». فهذه القراءة تقوي احتمال النصب.
خلاصة ماذكره الزجاج وابن عطية.
القراءة في قوله ( إلا أن يأتين. )
قرأ ابن مسعود: «إلا أن يفحشن وعاشروهن».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا خلاف مفرط لمصحف الإمام، وكذلك ذكر أبو عمرو عن ابن عباس وعكرمة وأبيّ بن كعب، وفي هذا نظر،
القراءة في مبينة
قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر «مبينّة» و «آيات مبيّنات» بفتح الياء فيهما..
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص والمفضل عن عاصم: «مبيّنة»، و «مبيّنات» - بكسر الياء فيهما .
وقرأ نافع وأبو عمرو: «مبيّنة» بالكسر، و «مبيّنات» بالفتح.
وقرأ ابن عباس: «بفاحشة مبينة» بكسر الباء وسكون الياء، من أبان الشيء.
وهذه القراءات كلها لغات فصيحة، يقال: بين الشيء وأبان: إذا ظهر، وبان الشيء وبينته. ذكره ابن عطية
#المسائل التفسيرية
لماذا افتحت الآية بالنداء للذين آمنوا
قال ابن عاشور : لِلتَّنْوِيهِ بِمَا خُوطِبُوا بِهِ.
لماذا خص الذين آمنوا بهذا النداء
دلالة أهمية هذا النداء وتخصيص الامة المؤمنة به ، ليهتم بهذا الأمر لخير يؤمر به أو لشر ينهى عنه .
قال ابن عاشور : وَخُوطِبَ الَّذِينَ آمَنُوا لِيَعُمَّ الْخِطَابُ جَمِيعَ الْأُمَّةِ، فَيَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحَظِّهِ مِنْهُ.
واخرج ابن أبي حاتم في تفسيره ، حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَ مِسْعَرٌ، ثنا مَعْنٌ، وَعَوْنٌ، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيَّ، فَقَالَ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [النساء: 19] فَارْعَهَا سَمْعَكَ فَهُوَ خَيْرٌ يَأْمُرُ بِهِ أَوْ شَرٌّ يَنْهَى عَنْهُ .
دلالة النهي في قوله لايحل
وصيغة لايحل نهي صريح ، لأنه في الشريعة ولسان العرب الحل هو الإباحة ، فنفيه يرادف معنى التحريم ، خلاصة ماقاله ابن عاشور.
معنى كرهاً
قال الفراء: يذهب إلى أن معنى كرها أن تكره على الشيء والكره من قبله يذهب إلى أنه بمعنى المشقة. ذكره النحاس
إعراب ( أن) ،( وكرهاً )
وأن مصدريّة. وقوله: (كرها) مصدر في موضع الحال،ذكره العيني
حقيقة الإرث
وَالْإِرْثُ حَقِيقَتُهُ مَصِيرُ الْكَسْبِ إِلَى شَخْصٍ عَقِبَ شَخْصٍ آخَرَ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَصِيرِ الْأَمْوَالِ، وَيُطْلَقُ الْإِرْثُ مَجَازًا عَلَى تَمَحُّضِ الْمِلْكِ لِأَحَدٍ بَعْدَ الْمُشَارَكِ فِيهِ، ذكره ابن عاشور ..
معنى العضل في اللغة.
العضل في اللغة الحبس في شدة ومضرة، والمنع من الفرج في ذلك فمن ذلك قولهم: أعضلت الدجاجة وعضلت إذا صعب عليها وضع البيضة، ومنه أعضل الداء إذا لحج ولم يبرأ، ومنه داء عضال. ذكره ابن عطية .
المراد بالعضل
قال ابن عطية : عرف الفقهاء على أن العضل من الأولياء في حبس النساء عن التزويج. ذكره الزجاج وابن عطية وابن عاشور.
الخطاب في قوله لاتعضلوهن.
قال السدي: «هذه الآية خطاب للأولياء، كالعضل المنهي عنه في سورة البقرة. ذكره ابن عطية .
العطف في قوله :{ ولا تعضلوهنّ }
قال ابن عاشور : عُطِفَ النَّهْيُ عَنِ الْعَضْلِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ إِرْثِ النِّسَاءِ كَرْهًا لِمُنَاسَبَةِ التَّمَاثُلِ فِي الْإِكْرَاهِ وَفِي أَنَّ مُتَعَلِّقَهُ سُوءُ مُعَامَلَةِ الْمَرْأَةِ، وَفِي أَنَّ الْعَضْلَ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالٍ مِنْهُنَّ.
الأقوال في معنى قوله تعالى: {ولا تعضلوهنّ }
-اختلف المفسرون فيها على أقوال .
القول الأول : من الحبس والمسك والممانعة .قول ابن عباس والحسن لبصري وعكرمة
اخرج ابن أبي حاتم قولاً عن مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «هي أيضا في أولئك الأولياء الذين كانوا يرثون المرأة لأنهم كانوا يتزوجونها إذا كانت جميلة، ويمسكونها حتى تموت إذا كانت دميمة » ، وقال نحوه الحسن وعكرمة.
وفي رواية أخرى أخرج ابن أبي حاتم قولاً عن طريق أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19] قَالَ: يَقُولُ: لَا تَمْنَعُوهُنَّ، تَحْبِسُوهُنَّ ..
القول الثاني : أي لاتقهروهن .
اخرج ابن أبي حاتم قولاً عن مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19] يَعْنِي: لَا تَقْهَرُوهُنَّ
القول الثالث : القاء الضرر عليهن ليفتدين بكم .
اخرج ابن أبي حاتم قولاً عَنْ طريق إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19] قَالَ: لَا تَضُرَّ بِامْرَأَتِكَ لِتَفْتَدِيَ مِنْكَ وَرُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ، وَالضَّحَّاكِ نَحْوُ ذَلِكَ ..خلاصة ماذكره ابن عطية والطبري وابن ابي حاتم.
مسألة حكم العضل في الإسلام.
العضل فمنهي عنه كل من يتصور في نازلة عاضلا ..
-في أمر الزوجة وزوجها ينظر القاضي لها ولايلتفت.
-في أمر الأب مع بناته ، فإنه إن كان في أمره إشكال فلا يعترض قولا واحدا، وإن صح عضله ففيه قولان في مذهب مالك: أحدهما أنه كسائر الأولياء: يزوج القاضي من شاء التزويج من بناته وطلبه، والقول الآخر إنه لا يعرض له. خلاصة قول ابن عطية.
مرجع الضمير في قوله لتذهبوا
يرجع لمن يتوقع منه من المؤمنين وهم الأزواج خاصة .ذكره ابن عاشور
التعدية في قوله :( لتذهبوا ببعض
اللام متعلقة بتعضلوهن ، والباء للتعدية المرادفة لهمزتها أو للمصاحبة فالجار في محل نصب على الحال ويتعلق بمحذوف أي لتذهبوا مصحوبين ببعض {ما آتيتموهن ...ذكره القسطلاني
ماتفيده ما.
ما موصولة بمعنى الذي أو نكرة موصوفة وعلى التقديرين فالعائد محذوف وسقط ولا تعضلوهن إلى آتيتموهن. ذكره القسطلاني
معنى ( آتيتموهنّ ) .
قال ابن عطية : أي ما أعطيتموهم من قبل .
معنى إلا الاستثناء في قوله (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة
الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا اسْتِثْنَاءً مِنْ عُمُومِ أَحْوَالِ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ فِي تَعْلِيلِ النَّهْيِ ، وَهُوَ إِرَادَةُ الْإِذْهَابِ بِبَعْضِ مَا آتَوْهُنَّ.
هو استثناء منقطع بمعنى الاستدراك ، أَيْ لَكِنْ إِتْيَانُهُنَّ بِفَاحِشَةٍ يُحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ . ذكره ابن عاشور
معنى الفاحشة :
اختلف في معنى الفاحشة هنا على أقوال.
-القول الأول : قيل الزنا قولاً عن ابن عباس وعطاء والضحاك وأبي قلابة وابن سيرين.
قول ابن عباس ، روى ابن أبي حاتم عن طريق إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] قَالَ: الزِّنَا .
قول عطاء ،روى ابن المنذر في تفسيره قولاً عن عَبْد الرزاق، عَنْ معمر، عَنْ عطاء الخراساني، قَالَ " إن الرجل إذا أصابت امرأته فاحشة، أخذ مَا ساق إليها وأخرجها، فنسخ ذَلِكَ الحدود "، وهذا قول ضعيف»،
قول الضحاك ، روى ابن المنذر في تفسيره عن طريق مطرف، عَنْ خالد السجستاني، عَنْ الضحاك …
روى ابن المنذر في تفسيره عن طريق معتمر بْن سليمان التيمي، عَنْ أبيه، عَنْ أبي قلابة، وابن سيرين، قالا: " لا يحل الخلع حَتَّى يوجد رجل عَلَى بطنها، لأن الله جَلَّ وَعَزَّ يَقُول: {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} "وقال أبو قلابة:«إذا زنت امرأة الرجل فلا بأس أن يضارها ويشق عليها حتى تفتدي منه».
قال الحسن بن أبي الحسن:«هو الزنا، وإذا زنت البكر فإنها تجلد مائة وتنفى سنة، وترد إلى زوجها ما أخذت منه »،
القول الثاني : البغض والنشوز ،وهو البذاء باللسان وسوء العشرة قولا وفعلا، قاله ابن عباس
اخرجه ابن أبي حاتم من طريق زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا صَالِحٌ الدَّهَّانُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، : «الفاحشة» في هذه الآية البغض والنشوز.
ماقاله أهل العلم في الناشز.
ومن أهل العلم من يجيز أخذ المال من الناشز على جهة الخلع، إلا أنه يرى ألا يتجاوز ما أعطاها ركونا إلى قوله تعالى: {لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ} وقال مالك وأصحابه وجماعة من أهل العلم: للزوج أن يأخذ من الناشز جميع ما تملك ، وعقب عليه ابن عطية بأنه لايحفظ له نصاً في معنى الفاحشة. ذكره ابن عطية
توجيه القول :
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والزنا أصعب على الزوج من النشوز والأذى.
قال ابن جرير : أنّه يعم ذلك كلّه: الزّنا، والعصيان، والنّشوز، وبذاء اللّسان، وغير ذلك.
المتلبس بالخطاب بقوله وعاشروهن
والمتلبس بالخطاب أولياء النساء وأزواجهن، ذكره ابن عطية والطبري وابن أبي حاتم.
معنى العشرة في اللغة :
قال ابن عاشور : مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْعِشْرَةِ وَهِيَ الْمُخَالَطَةُ .
قال ابن عطية :والعشرة المخالطة والممازجة، وأصل الاشتقاق من الاسم الجامد وهو عدد العشرة وفيه نظر ، وانا أراها مشتقة من العشيرة اي الأهل ، ومنه قول طرفة: [الرمل]
فلئن شطّت نواها مرّة ..... لعلى عهد حبيب معتشر
فيقال : عاشره معاشرة، وتعاشر القوم واعتشروا، وأرى اللفظة من أعشار الجزور، لأنها مقاسمة ومخالطة ومخالقة جميلة .
المراد بالعشرة في قوله ( وعاشروهنّ بالمعروف}
هي المخالطة والصحبة ، والكسوة، والرزق المعروف " قول عكرمة والسدي ومقاتل
قول عكرمة ، رواه ابن المنذر في تفسيره عَنْ طريق يَحْيَى بْن قيس، قَالَ: سمعت عكرمة،
قول السدي اخرجه ابن أبي حاتم فقال : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ …
قول مقاتل ، اخرجه ابن أبي حاتم فقال :قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ …
قال ابن عاشور أي: بالنصفة في المبيت والنفقة، والإجمال في القول).
معنى المعروف
ضد المنكر ، وهو ماحدده الشرع ووصفه العرف .ذكره ابن عاشور
لماذ أعقب النهي عن إضرار النساء بالمعاشرة بالمعروف.
قال ابن عاشور : لِأَنَّ حُسْنَ الْمُعَاشَرَةِ جَامِعٌ لِنَفْيِ الْإِضْرَارِ وَالْإِكْرَاهِ، وَزَائِدٌ بِمَعَانِي إِحْسَانِ الصُّحْبَةِ.
فائدة التفريع في قوله فإن كرهتموهن.
النهي عن سوء المعاشرة ، إن وجدت الكراهة. ذكره ابن عاشور
ماتفيده جُمْلَةُ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا
قال ابن عاشور : نَائِبَةٌ مَنَابَ جَوَابِ الشَّرْط، وَهِي عَلَيْهِ لَهُ فَعُلِمَ الْجَوَابُ مِنْهَا. وَتَقْدِيرُهُ: فَتَثَبَّتُوا وَلَا تَعْجَلُوا بِالطَّلَاقِ .
ماتفيده عسى
هي من الواجب والترجي قولاً عن ابن عباس
روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن طريق مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {عَسَى} [النساء: 19] قَالَ: عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ …
قال ابن عاشور : فَعَسى هُنَا لِلْمُقَارَبَةِ الْمَجَازِيَّةِ أَوِ التَّرَجِّي .
دلالة الآية في فصلها الأول والثاني في النهي والخطاب.
في النهي الأول كان خطاب في أمر كان في الجاهلية ، وفي النهي الثاني في الإسلام.
روى ابن المنذر وعبدالرزاق وابن جرير عَنْ طريق معمر، عَنْ سالم بْن الفضل، عَنْ ابْن البيلماني، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ " {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ} قَالَ: نزلت هاتان الآيتان، إحداهما فِي أمر الجاهلية، والآخرى فِي أمر الإسلام إِلا أن الَّتِي فِي الإسلام: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} والتي فِي الجاهلية ولا {تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} "ذكره ابن جرير وابن عطية وابن ابي حاتم وابن كثير .
الأقوال في الخير الكثير ، في قوله ( ويجعل الله فيه خيراًكثيراً
القول الأول : يقصد به الخير الكثير في الولد قول ابن عباس والسدي
قول ابن عباس : أخرجه ابن أبي حاتم قولاً عن مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ……
قول السدي : أخرجه ابن أبي حاتم فقال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ …
القول الثاني : يجعل في الكراهة الخير الكثير ، قول مجاهد
أخرجه ابن أبي حاتم عَنِ طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ …
القول الثالث : يجعل في تزويجها الخير الكثير ، قول مقاتل
أخرجه ابن أبي حاتم عَنِ طريق بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ …
المقصد العام بقوله (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا
قال ابن عاشور : الْإِرْشَادُ إِلَى إِعْمَاقِ النَّظَرِ وَتَغَلْغُلِ الرَّأْيِ فِي عَوَاقِبِ الْأَشْيَاءِ، وَعَدَمِ الِاغْتِرَارِ بِالْبَوَارِقِ الظَّاهِرَةِ. وَلَا بِمَيْلِ الشَّهَوَاتِ إِلَى مَا فِي الْأَفْعَالِ مِنْ مُلَائِمٍ، حَتَّى يَسْبِرَهُ بِمِسْبَارِ الرَّأْيِ، فَيَتَحَقَّقَ سَلَامَةَ حُسْنِ الظَّاهِرِ مِنْ سُوءِ خَفَايَا الْبَاطِنِ.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:« ومن فصاحة القرآن العموم الذي في لفظة شيء لأنه يطرد هذا النظر في كل ما يكرهه المرء مما يجمل الصبر عليه، فيحسن الصبر، إذ عاقبته إلى خير، إذا أريد به وجه الله»).

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21 صفر 1441هـ/20-10-2019م, 04:07 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا أبوداهوم مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)}
علوم الاية :
الوقف :
الوقف في قوله ( وتلك حدود الله ) :
وقف تام ، وذكرذلك الأشموني والأنباري وأبو عمرو الداني .
وذكر السجاوندي تمام المعنى ، لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( خالدين فيها ) :
وقف حسن ، وذكر ذلك الأشموني .
وذكر السجاوندي تمام المعنى هنا أيضا ، لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( عظيم ) :
(تام) للابتداء بعده بالشرط.، وذكر ذلك الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله ( وندخله ) :
القراءة الأولى : القراءة بنون العظمة ، وهي قراءة نافع وابن عمر ، ذكره ابن عطية .
وهو مبني على استعمالاته في القرآن في مواضع أخرى ، كقوله تعالى : ( والذين كفروا بآيات الله ولقائه ) فجرى الكلام على الغيبة ، ثم قال ( أولئك يئسوا من رحمتي ) كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب .
وبهذا يكون المعنى على أنه اخبار الله تعالى عن نفسه ، ذكر ذلك بن زنجلة .
القراءة الثانية : قراءة الياء ، وهذا ما قرأه الباقون .
وهذه القراءة على أن الياء للغيبة ، وحجتهم هو قول الله تعالى : {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا}.
الراجح : أن هذه القراءات صحيحة ، فالقراءة الثانية ، حسنه أبو علي ( الحجة في علل القراءات السبع )، وكلا القراءاتين متواترة وثابتة ، وكلا القراءتين عن فعل الله ، فلا تعارض بالمعنين ،فقال أبو منصور : قال أبو منصور: من قرأ بالنون وبالياء فهو كله فعل الله عزَّ وجلَّ.
لو أجلت المعنى التفسيري للقراءتين إلى المسائل التفسيرية لكان أفضل ، ويكون تحت مسألة ( مرجع الضمير في قوله تعالى :(ندخله )
مناسبة الآية :
هذه الآية اشارة إلى قسمة المواريث التي كانت في الآيات السابقة ، وهذا خلاصة ما ذكره ابن عطية .
لو قلت هنا مرجع اسم الإشارة في قوله تعالى (تلك حدود الله )
مقصد الاية :
بيان الوعد ، وذكر ذلك ابن عطية .

المسائل التفسيرية :
المراد باسم الإشارة ( تلك ) :
اشارة إلى القسمة المتقدمة في المورايث ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير وغيرهم .

ضابط مقادير قسمة المواريث :
بحسب قربهم وفقدهم له عند عدمه ، ذكر ذلك ابن كثير .
ياليت لو قلت : بحسب قربهم للميت وفقدهم له
لأن الضمائر التي ذكرت في الجملة لاندري على من تعود


معنى الحدود :
الحدود في اللغة جمع حد .
قال الخليل أحمد : (حد: فَصلُ ما بينَ كُلِّ شيئين حَدٌّ بينهما. ومُنْتَهَى كُلِّ شيءٍ حدُّه.).
وهو الحجز المانع لأمر ما أن يدخل على غيره أو يدخل عليه غيره، ومن هذا قولهم للبواب حداد لأنه يمنع، ومنه إحداد المرأة وهو امتناعها عن الزينة، ذكره ابن عطية.

المراد بحدود الله :
اختلفوا في المراد بحدود الله على أقوال :
القول الأول : شروط الله ، وهو قول السدي .
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 8/96) وابن المنذر في تفسيره (2/596)عن أسباط عن السدي .
ووجه هذا القول على أن الآيات السابقة تكلمت عن شروط دفع الأموال لليتامى أو للورث .
القول الثاني :سنة الله ، وهو قول سعيد .
وقول سعيد أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/890) عن عطاء عن سعيد .
وهذا القول من معانيها التي تتضمنها في اللغة ، فما سنه الله هو شرعه وهو الحد الفاصل بين الحلال والحرام ، كقوله تعالى : (سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )
القول الثالث : فرائض الله ، وهو قول أبي عبيدة .
وقول أبي عبيدة أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/577)عن الأثرم، عَنْ أبي عبيدة.
وهذا القول مبني على أن الآية متعلقة بالآية التي قبلها عن أحكام الفرائض ، فيكون الحدود هنا هو الفرائض والقسمة فيها ،وقد ذكر ذلك ابن جرير .
القول الرابع: طاعة الله ، وهو قول ابن عباس .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 8/96)وابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/890) عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .
ووجه هذا القول على أنها الحدود التي يكون فيها طاعة الله ، ومن جهة أخرى أنه عطف القول على طاعة الله في قوله ( وتلك حدود الله ومن يطع الله ) ، فهي الطاعة فيما أمر وما حده من حدود .
الراجح :
أنها كلها صحيحة وكلها من اختلاف التنوع ، لأنها كلها تدل على معنى واحد ، وقد ذكر ابن عطية أيضا ذلك .
فالحدود هو ما وضعه الشارع لبيان أوامر الله ونواهيه وما يمكن فعله وما يمنع من فعله ،
فقال ابن منظور في لسان العرب : وأَصل الحَدِّ الْمَنْعُ وَالْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فكأَنَّ حُدودَ الشَّرْعِ فَصَلَت بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ .
وقال الزمخشري في الكشاف : وسماها حدوداً، لأن الشرائع كالحدود المضروبة الموقتة للمكلفين، لا يجوز لهم أن يتجاوزوها ويتخطوها إلى ما ليس لهم بحق.

فائدة ( من ) :
شرطية تفيد العموم ، ذكر ذلك الرزاي .

معنى الطاعة :
الطاعة في اللغة : هو الانقياد ، كما ذكر ذلك الخليل أحمد وابن فارس وغيرهم من أهل اللغة .
واصطلاحا : فعل المأمورات وترك المنهيات ، وهذا خلاصة ما ذكره الكفوي وابن حجر وأبو البقاء وغيرهم .

المراد بطاعة الله :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :طاعة عامة لكل ما ذكر في الآيات السابقة عن أموال الأيتام وأحكام الأنكحة وقسمة الموريث ، وذكره الزمخشري .
وحجة هذا القول أن ( تلك ) يرجع إلى المذكور الأبعد مادام أنه لايوجد ما يمنع ذلك .
القول الثاني : الطاعة في قسمة المواريث ، وهو قول ابن جريج وذكر ذلك القول أيضا ابن عطية وابن كثيروغيرهم .
وقول ابن جريج أخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 2/597) عن ابن ثور عن ابن جريج .
وابن جريج قال عنه الذهبي أنه ثقة لكنه يدلس .
وحجة هذا القول أن ( تلك ) يعود على أقرب مذكور .
الراجح :
أنها عامة تشمل الاية السابقة والآيات التي قبلها ، لعدم وجود مخصص ، وتشمل أيضا كل أنواع الطاعات .
قال الرزاي : قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: بَلْ هُوَ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ هَذَا وَغَيْرُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ فَوَجَبَ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْكُلَّ. أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا الْعَامَّ إِنَّمَا ذُكِرَ عَقِيبَ تَكَالِيفَ خَاصَّةٍ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْعُمُومِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَالِدَ قَدْ يُقْبِلُ عَلَى وَلَدِهِ وَيُوَبِّخُهُ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ، ثُمَّ يَقُولُ: احْذَرْ مُخَالَفَتِي وَمَعْصِيَتِي وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ مَنْعَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي جَمِيعِ الأمور، فكذا هاهنا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الغرض من العطف في قوله ( ومن يطع ) :
للاستئناف ، ذكره النحاس .

دلالة العطف في قوله ( ومن يطع الله ورسوله ) :
يدل على أن طاعة الرسول مساوية لطاعة الله ؛ لأن الرسول مبلغ عن الله ، ذكره ابن عاشور .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( رسوله ):
مرجعه إلى لفظ الجلالة ( الله ) ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية والزجاج .

دلالة صيغة المضارع في قوله ( يدخله ):
تدل الفعل على التجدد والحدوث ، ذكر ذلك السيوطي .

معنى جنات :
في اللغة: الجنات وهي البساتين ، وذكر ذلك الزجاج ( سورة البقرة ،ج1 ) .

سبب تسمية الجنة :
وسميت بذلك لأنها تجن من دخلها أي تستره، ومنه المجن والجنن وجن الليل نذكر ذلك ابن عطية ( سورة البقرة ،1/108).

دلالة تنكير ( جنات ) :
لأن الجنة اسم لدار الثواب ، وهي مشتملة على جنان كثيرة ، مرتبة مراتب على حسب استحقاقها للعاملين ، ذكره الزمخشري .

المراد ب(تحتها ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : تحت بناءها وأشجارها ، وهو قول سعيد جبير ،وذكر ذلك أيضا ابن عطية
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/ 891)عن عطاء بن دينار عن سعيد جبير
وعطاء بن دينار ضعيف ، فقد قيل أنه لم يسمع من سعيد بن جبير ( ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ).
القول الثاني : بإزائها كما تقول داري تحت دار فلان،وهذا القول ذكره ابن عطية في تفسيره للبقرة .
وهذا القول لم أجده .
و ضعفه ابن عطية .
الراجح : رجح ابن عطية وبقية المفسرين القول الأول ، ولدلالة اللغة على التحت وهو الأسفل .
فقال ابن منظور : تحت نقيض الفوق .

المراد بالأنهار :
أنهار الجنة ، ذكر ذلك ابن عطية .

نوع أل تعريف ( الأنهار ) :
فيه قولان :
القول الأول : أل للجنس ، وذكره البيضاوي .
وهذا القول على أنه العهد الذهني الذي يتبادر في الذهن عن سماع كلمة أنهار ، فيدل على الاستغراق .
القول الثاني : أل للعهد ، وذكره البيضاوي .
وعلى هذا القول يقصد بالأنهار التي ورد ذكرها في سورة محمد .

الراجح :
أن القولان محتملان ، ويعتمد القول الأول على نزول السورة هل هي مدنية أو مكية ، فيصح إن كانت السورة مدنية ، ويصح القول الثاني إن كانت السورة مكية ، وقد صح أن السورة مدنية ، وهذا قد ذكره شهاب الدين في حاشيته للبيضاوي ، فقد روى البخاري في صحيحه ، عن عائشة أنها قالت : " ما نزلت سورة النساء إلا وأنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ،ولكن القول الثاني أيضا محتمل من جهة أخرى وهو أن القرآن يفسر بعضه بعضا فما جاء مجملا في جهة يأتي مفصلا من موضع آخر منه أو في السنة ، فقد جاء تحديده هذه الأنهار في سورة محمد .

معنى الخلود :
في اللغة : من دوام البقاء والثبوت .
قال ابن فارس : (خَلَدَ) الْخَاءُ وَاللَّامُ وَالدَّالُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الثَّبَاتِ وَالْمُلَازَمَةِ، فَيُقَالُ: خَلَدَ: أَقَامَ.

الفائدة البلاغية في جمع ( خالدين ) بعد الإفراد:
مراعاة للفظ مَنْ وعكس ذلك لايجوز ، ذكره ابن عطية .
وذكر النحاس (اعراب القرآن وبيانه ) سبب آخر فقال : لأن كل من دخل الجنة كان خالدا فيها أبدا أو لتفاوت درجات الخالدين. أما أهل النار فبينهم الخالدون وغير الخالدين من عصاة المؤمنين، فساغ الجمع هناك ولم يسغ هنا. لأن الخالدين في النار فرقة واحدة أما الخالدون في الجنان فهم طبقات بحسب تفاوت درجاتهم.

الغرض من الواو في قوله ( وذلك الفوز العظيم ) :
حالية أو اسئنافية ، وذكر ذلك النحاس .

معنى (الفوز) :
الْفَوْزُ النجاة والخلاص، ذكر ذلك ابن عطية ( تفسير سورة التوبة ).

معنى( العظيم) :
قال الخليل أحمد : العِظم: مصدر الشيء العظيم. عَظُم الشيء عِظَماً فهو عظيم.

والسبب في و صف الفوز بالعظيم :
وصف الفوز بالعظيم اعتبارًا بفوز الدنيا ،ذكر ذلك الراغب الأصفهاني .

تفسير قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)}
الوقف :
الوقف في قوله ( خالدافيها ) :
وقف جائز ، وذكر ذلك الأشموني .
وذكر السجاوندي سبب جوازه فقال : لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( مهين ) :
تام ، لأنه آخر القصة ، وذكر ذلك الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله ( يدخله ) :
القراءة الأولى : القراءة بنون العظمة ، وهي قراءة نافع وابن عمر ، ذكره ابن عطية .
وهو مبني على استعمالاته في القرآن في مواضع أخرى ، كقوله تعالى : ( والذين كفروا بآيات الله ولقائه )، فجرى الكلام على الغيبة ، ثم قال ( أولئك يئسوا من رحمتي ) كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب .
وبهذا يكون المعنى على أنه اخبار الله تعالى عن نفسه ، ذكر ذلك بن زنجلة .
القراءة الثانية : قراءة الياء ، وهذا ما قرأه الباقون .
وهذه القراءة على أن الياء للغيبة ، وحجتهم هو قول الله تعالى : {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا}.
الراجح : أن هذه القراءات صحيحة ، فالقراءة الثانية ، حسنه أبو علي ( الحجة في علل القراءات السبع )، وكلا القراءاتين متواترة وثابتة ، وكلا القراءتين عن فعل الله ، فلا تعارض بالمعنين ،فقال أبو منصور : قال أبو منصور: من قرأ بالنون وبالياء فهو كله فعل الله عزَّ وجلَّ.

مناسبة الآية :
رجّى الله تعالى على التزام هذه الحدود في قسمة الميراث، وتوعد على العصيان فيها بحسب إنكار العرب لهذه القسمة، ذكره ابن عطية.

مقصد الآية :
الوعيد ، ذكر ذلك ابن عطية .

معنى العصيان :
عصا في اللغة لها معنيان متباينان فيطلق على الإجتماع ويطلق على الافتراق ، وقد تكلم عن ذلك بن فارس القزويني في مقاييس اللغة .
وقال ابن فارس في مجمل اللغة : العصيان: خلاف الطاعة.
واصطلاحا: مخالفة الأمر ، وذكر ذلك القاضي أبو يعلى .

المراد بنوع المعصية في الآية :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : الكفر ، وهو قول ذكره ابن جرير و القرطبي
وهذا القول مبني على استحلال تعدي حدود الله في قسمة المورايث أو رده ولم يرض بقسمته ، وهذا قول الكلبي ذكره علاء الدين في تفسير الخازن ، وخلاصة ما ذكره ابن جرير أيضا .
القول الثاني :الكبائر ، وهو قول ابن عباس وذكره ايضا القرطبي
وقول ابن عباس أخرجه النسائي في السنن الكبرى ( 10/60)و ابن المنذر في تفسيره ( 2/598)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/891 ) عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وهذا الأثر صححه ابن حجر .
وهذا القول مبني على الأدلة التي فيها تدل على الإضرار بالوصية من الكبائر ،ويؤيد هذا أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد وغيره عن شهر ابن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنةً، فإذا أوصى حاف في وصيّته، فيختم بشرّ عمله، فيدخل النار؛ وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنةً، فيعدل في وصيّته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة». قال: ثمّ يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {تلك حدود اللّه} إلى قوله: {عذابٌ مهينٌ}.( وهذا الحديث صححه أحمد شاكر ) .
ومبني على شدة الوعيد في الآية فيدل على أنها في الكبائر وليس في الصغائر ، فقال تعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) .
والراجح : أنها تشمل القولين وتحتملها اية الوعيد ، فمن رد قسمة المواريث ولم يرضا بها فهو رد حكم حكم الله وهذا كفر ، لدلالة قوله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) وقوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ومن جهة أخرى اضرار الآخرين في الوصية من الكبائر التي توعد الله عليها كما صح ذلك في الأثر .
وقال السعدي : اسم المعصية الكفر فما دونه من المعاصي.

المراد بالعصيان :
القول الأول : عصيان عام ، وهذا قول للمحققون وذكره الرازي .
وحجة هذ القول أن اللفظ عام فيدخل فيه المواريث وغيرها .
القول الثاني : في قسمة المواريث ،وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير وابن جريج خلاصة ما ذكره ابن عطية و ابن كثير.
وقول ابن عباس أخرجه بن جرير في تفسيره (6/491)عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/891) وابن المنذر في تفسيره (2/598)عن عكرمة عن ابن عباس بألفاظ مختلفة . .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 2/218) عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير .
وقول مجاهد أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 2/218)عن عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ.
وهذا القول مبني على حديث النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من الظلم في الوصية والإضرار فيها ،من حديث ابي هريرة ، فقد أخرج الإمام أحمد عن شهر ابن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنةً، فإذا أوصى حاف في وصيّته، فيختم بشرّ عمله، فيدخل النار؛ وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنةً، فيعدل في وصيّته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة». قال: ثمّ يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {تلك حدود اللّه} إلى قوله: {عذابٌ مهينٌ}.
القول الثالث : في عصيان في كل ما ذكر في الآيات السابقة ، وهذا قول ذكره الرزاي .

الراجح :
الراجح أن الوعيد يشمل لكل أنواع العصيان غير أن الوعيد بالخلود في النار الأبدي خاص بالكفار ، كما قال تعالى : ( إن الله لا يعفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، وقال تعالى أيضا ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) . والقول بأنه عام رجحه الرازي ، من جهة استعمالات العرب في الكلام .
فقال الرزاي : أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَالِدَ قَدْ يُقْبِلُ عَلَى وَلَدِهِ وَيُوَبِّخُهُ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ، ثُمَّ يَقُولُ: احْذَرْ مُخَالَفَتِي وَمَعْصِيَتِي وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ مَنْعَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي جَمِيعِ الأمور، فكذا هاهنا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وقال ابن عاشور : آيَاتِ الْوَعِيدِ لَفْظُهَا عُمُومٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ فِي الْكَفَرَةِ، وَفِيمَنْ سَبَقَ عِلْمُهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُعَذِّبُهُ مِنَ الْعُصَاةِ. وَآيَةُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ جَلَتِ الشَّكَّ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ:
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ مُبْطِلٌ لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَقَوْلَهُ: لِمَنْ يَشاءُ رادّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ غُفْرَانَ مَا دُونُ الشِّرْكِ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ».

فائدة العطف في قوله ( يعص الله ورسوله ):
دليل على المساواة في الحكم في معصية الرسول ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عاشور من خلال تفسيره للآية السابقة .

معنى (يتعد):
أي تجاوز الحد ، ذكر ذلك الزجاج و ابن كثير .

معنى الحدود :
سبق ذكره في الآية السابقة .

المراد بالحدود :
سبق ذكره في الآية السابقة .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( حدوده ):
على لفظ الجلالة ( الله ) ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

فائدة صيغة المضارع في قوله ( يدخله ) :
سبق ذكره في تفسير الآية السابقة .

دلالة تنكير قوله ( نارا ) :
للتعظيم والتهويل ، وذكره وليد قاصب في علم المعاني .

معنى ( خالدا ) :
سبق ذكره في الآية السابقة.

موضع ( خالدا ) في الإعراب :
اختلفوا فيه على قولين :
الأول : نعت لجنات ، ذكره الزجاج .
الثاني : منصوب على الحال ، ذكره الزجاج .
وهذا القول على بمعنى : يدخله مقدَّراً له الخلود فيها.
وهو مبني على اعتبار اللفظ والمعنى وهي مقدرة ، لأن الخلود بعد الدخول .
الراجح : أجاز الزجاج القولين ، لكن ابن عادل رجح القول الثاني ، فقال ابن عادل : أنَّ الصِّفة إذا جَرَتْ على غير مَنْ هي له وجب إبرازُ الضَّمير مطلقاً على مذهب البصريين ألْبسَ أو لم يُلْبَسْ.

المراد بالخلود :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :خلود أبدي لا خروج منها ، وهو حاصل ماذكره النحاس وابن جرير والقرطبي وابن عاشور وغيرهم .
القول الثاني : خلود مؤقت لعصاة المؤمنين ،وهو حاصل ما ذكره النحاس والقرطبي و ابن عاشور وغيرهم .
الراجح :
الراجح أن الخلود الأبدي لمن يرد حكم الله في المورايث ، فيكفر بسبب ذلك ، ويكون مخلدا في النار لايخرج منها إن مات على ذلك دون توبة ، وأما من لم يرد حكم الله في القسمة فيكون من الكبائر ، ويكون الخلود هنا مستعارا ، كما ذكر ذلك القرطبي وغيره .
قال ابن الجوزي : قوله تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ فلم يرض بقسمه يُدْخِلْهُ ناراً، فان قيل: كيف قطع للعاصي بالخلود؟ فالجواب: أنه إِذا ردَّ حكم الله، وكفر به، كان كافرا مخلدا في النار.

مرجع الضمير في قوله ( فيها ) :
يرجع الضمير على النار ، وهو حاصل ما ذكره الزجاج والنحاس وغيرهم .

معنى مهين :
الإهانة والعذاب الأليم والمقيم ، ذكر ذلك ابن كثير .
وفي اللغة : من المَهانة الحَقَارة والصُّغْر، ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب .

دلالة عصيان أمر الله في تقسيم الورث :
عَدَمِ الرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ وَحَكَمَ بِهِ، ذكره ابن كثير .

السبب في المجازاة بالإهانة :
لِكَوْنِهِ غَيَّرَ مَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ وَضَادَّ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ، ذكره ابن كثير .

مناسبة ختم الآية ( وله عذاب مهين ) :
لأن منع النساء والأطفال استهانة بهم ، ناسب ختمها بالعذاب المهين ، وذكر ذلك البقاعي ، وهذا مبني على أن المعصية المراد بها هنا في إيتاء حق الورثة .
وأما لو كان المعصية تدل على لفظ عام وتشمل جميع المعاصي ، فقد ذكر أبو حيان مناسبة أخرى .
فقال أبو حيان : لأن العاصي المتعدّي للحدود برز في صورة من اغتر وتجاسر على معصية الله.
وقد تقل المبالاة بالشدائد ما لم ينضم إليها الهوان، ولهذا قالوا: المنية ولا الدنية.

مسألة لغوية:
الوجه البلاغي في الآيتين :
مساواة ، ذكره مصطفى الصاوي .

الوجه البلاغي في قوله :(ومن يطع )( ومن يعص ):
طباق ، ذكره أبو حيان .

مسألة عقدية استطرادية :
خروج العصاة من النار :
فيه قولان :
القول الأول : خروج العصاة الموحدين ، وهو الذي عليه مذهب أهل السنة والجماعة ، وقول شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره .
وحجة هذا القول أدلة القرآن والسنة ، كقوله تعالى : ( إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) ، فدل على أن أهل المعاصي من أهل التوحيد يغفر الله لهم ، وقوله تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا . ثم ننجي الذين اتقوا ) دليل على نحاة عصاة الموحدين من النار ، ومن جهة أخرى من جهة اللغة ، فالخلود لا يلزم منه عدم الخروج لأنه يأتي بمعنى طول البقاء والمكث ، كما ذكر ذلك ابن منظور وابن فارس وغيرهم من أهل اللغة .
القول الثاني : الخلود الأبدي وعدم الخروج من النار ، وهذا قول المعتزلة وفرق الخوارج .
الراجح :
القول الأول هو الأرجح وهو الصحيح ،لدلالة الكتاب والسنة ، ومنها أحاديث الشفاعة لعصاة الموحدين .
بارك الله فيك وأحسن إليك ، تلخيصك كان شاملا ووافيًا وأحسنت في كل جوانبه ، زادك الله توفيقًا وعلما وفهما .

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21 صفر 1441هـ/20-10-2019م, 04:39 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا أبوداهوم مشاهدة المشاركة
تكملة مساعد الأخت بدرية ، فأخذت الآية 21:

تفسير قوله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21)}
علوم الآية :
النسخ في الآية :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : أنا محكمة ، وهو قول ذكره ابن عطية .
هنا يجب نقول :قاله ابن عطية لأن ذكره توحي أنه عزاه لغيره
القول الثاني : أنها منسوخة ، وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/542) عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعيف ،فقد ضعفه النسائي والبخاري وغيرهم .[ الدرر الملتقط في تبيين الغلط ويليه :24]
الراجح :
أنها محكمة كما ذكر ذلك ابن عطية ، لأن تنبي على بعضها البعض ، ولم يصح فيها نسخ ، وذكر ابن جرير أيضا صحة حديث ثابت بن قيس بن شمّاسٍ بأخذ ما كان ساق إلى زوجته وفراقها أن طلبت فراقه، وكان النّشوز من قبلها ، وهذا يؤيد القول بأنها محكمة ، وعليها رجح ابن جرير القول بأنها محكمة .

مناسبة الاية :
هذه الآية مرتبطة بالآية التي قبلها ، فاستنكر على الزوج طلبه المهر وقد طلب فراقها ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

مقصد الآية :
استنكار ووعظ للزوج وتذكيره بالمودة بينهما ، وهذا حاصل ماذكره ابن عطية وابن كثير .
لوقلت وتذكيره بالمودة التي كانت بينه وبين زوجته لكان أفضل ،لأن استخدام الضمائر وحدها دون ذكر على من تعود يبقي الجملة ناقصة .

المسائل التفسيرية :
نوع الواو في قوله ( وكيف ) :
عاطفة ، ذكره النحاس والدعاس وغيرهم .

موضع كيف :
نصب على الحال ، ذكره ابن عطية .

الغرض من الاستفهام :
استنكار، ذكره ابن عطية .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( تأخذونه ) :
المهر ، وهو من خلاصة ما ذكره ابن عطية وابن كثير .

الغرض من الواو في قوله ( وقد ):
للحال ، ذكره ابن السمين .

معنى قد :
حرف تحقيق ، ذكره النحاس .

معنى الافضاء في اللغة :
أصله الغشيان ، ذكره الزجاج .
وقال ابن عطية : معناه: باشر وجاوز أقصى المجاوزة ومنه قول الشاعر: [الطويل]
بلى وثأى أفضى إلى كلّ كثبة ...... بدا سيرها من ظاهر بعد باطن
وفي مثل الناس، فوضى فضا، أي مختلطون يباشر أمر بعضهم بعضا وتقول أفضت الحال إلى كذا أي صارت إليه.

المراد بالإفضاء :
اختلفوا فيه على اقوال :
القول الأول : كناية عن الجماع ، وهو قول ابن عباس ومجاهد والسدي وأبي عبيدة وغيرهم .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/542)وابن المنذر في تفسيره (2/616 ) من طريقين عن سفيان، عن عاصمٍ، عن بكر بن عبد اللّه، عن ابن عبّاسٍ ، وأخرجه ابن جرير (6/542) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/908) من طريق عبد اللّه المزنيّ، عن ابن عبّاسٍ .
وقول مجاهد أخرجه الرملي في تفسيره (81])وابن جرير في تفسيره (6/540)وابن المنذر في تفسيره ( 2/616) وعبد الرحمن الهمداني في تفسيره (150)عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ ، وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد عن مجاهد .
وطريق ابن نجيح في اسناده ورقاء وهو ضعيف ، قال الذهبي :قال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : ورقاء من أهل خراسان ، يصحف في غير حرف . وكان أبو عبد الله ضعفه في التفسير.
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/540)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/908 ) عن أسباط عن السدي .
والسدي ضعيف ، جرحه أحمد في رواية وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والشعبي وابن مهدي وشعبة وغيرهم . واتهمه بالكذب الحافظ السعدي.
وقول أبي عبيدة أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/617 ) عن الأثرم عن أبي عبيدة .
القول الثاني :كناية عن الخلو ، وذكر ذلك الزجاج .
ووجه هذا القول هو من معناه اللغوي ، فالإفضاء من فضاء المكان واتساعه ، فهو الخلو بها سواء بجماع أو بدونه .
وفي معجم متن اللغة : فضا- فضاء وفضوا المكان: اتسع: خلأ، فهو فاض.
الراجح :
رجح الفراء القول الثاني ، ولكن القول الأول هو الأصح لأن التعجب في الآية لا يكون لمجرد الخلوة ، ولأن ( إلى) تشير إلى منتهى الغاية ، وهذا لا يحصل بمجرد الخلوة ، وقد ذكر ذلك الرزاي ورجح عليه القول الأول ، ورجحه أيضا ابن جرير وغيره .
والقول الثاني يدخل في الأول لأنه لا يمكن يحصل جماع دون خلوة

المراد بقوله( بعضكم إلى بعض ) :
المودة بين الزوجين ، وهو حاصل ماذكره ابن عطية .

فائدة ( إلى) :
تفيد الغاية ، ذكره الرزاي .

مرجع الضمير النون في قوله ( وأخذن ) :
على الزوجات ، وهو خلاصة ما ذكره ابن عطية وابن كثير.

المراد بالميثاق الغليظ :
اختلفوا فيه على أقوال :
القول الأول : الإمساك أو تسريح بإحسان ، وهو قول ابن عباس و الحسن وابن سيرين وقتادة والضحاك والسدي وغيرهم.
وقول ابن عباس أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/463)عن عَنْ جُهَيْنَةَ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وقول قتادة أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/542 ) عن سعيد عن قتادة .
وقول ابن سيرين أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/542 ) أبو بكرٍ الهذليّ عن الحسن ومحمّد بن سيرين.
وأبو بكر الهذلي ضعيف .
وقول الضحاك أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/463 ) وابن جرير في تفسيره ( 6/542)عن جويبرٌ عن الضّحّاك.
والضحاك ضعيف ، قال عنه القطان : والضحاك عندنا ضعيف . ( سير أعلام النبلاء) .
ووجه هذا القول على أن الزواج هوامساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، كما قال تعالى في موضع آخر من القرآن : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) ،فحين يأخذ مهرها لا يكون تسريح بإحسان .
القول الثاني : عقد النكاح ، وهو قول مجاهد وابن زيد ومحمد بن كعب القرظي .
وقول مجاهد أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/463 ) و ابن جرير في تفسيره( 6/542) من طرق عن سفيان عن سالمٌ الأفطس عن مجاهدٍ ، وأخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/542) عن عن أبي هاشمٍ المكّيّ عن مجاهدٍ.
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/542) عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعيف ، فقد ضعفه النسائي والبخاري وغيرهم .[ الدرر الملتقط في تبيين الغلط ويليه :24]
وقول محمد بن كعب القرظي أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 6/542) عن عنبسة عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ.
ووجه هذا القول أن الميثاق في اللغة تطلق على العهود والمواثيق التي تكون بالاتفاق ، قال تعالى : (إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ).
القول الثالث : الأمانة ،وهو قول الربيع وعكرمة .
وقول الربيع أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/542) و ابن أبي حاتم في تفسيره (3/908 ) عن أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ.
وقول عكرمة أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/463)و ابن جرير في تفسيره ( 6/542) عن جابرٍ عن عكرمة، وأخرجه ابن شيبة فقط من طريق جابر عن مجاهد .
وهذا القول مبني على الأحاديث التي توصي بالنساء وأنهن أمانة في أعناق الأزواج .
قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "وَاستَوصُوا بِالنِّسَاء خَيْرًا، فَإنَّكُمْ أخَذْتُمُوهُنَّ بِأمَانَةِ الله وَاستَحْلَلتُمْ فرُوجَهُن بِكَلِمَةِ الله والحديث حسن صحيح .
القول الرابع : الولد ، ، ذكره ابن عطية .
وهذا القول لم أجده .
وهذا القول ضعفه ابن عطية أيضا .
الراجح : أن الأقوال كلها لا تعارض بينها إلا القول الأخير فلا وجه له من الصحة ، لأنه لا دليل على استرجاع المهر أو عدمه في حالة وجود الولد أو عدمه .


معنى غليظ :
شديد ، وهو قول أبي مالك .
وقول أبي مالك أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/908 ) عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ.
والسدي ضعيف .
وهذا القول مبني على معناه اللغوي ، فالغلظة في اللغة تطلق للشدة ، وجعلها بمنزلة اليمين مجاز ، كما ذكر ذلك النحاس .
وقال الخليل أحمد : التَّغليظُ: الشِّدَّةُ في اليَمين.
وقال ابن عاشور : الْغَلِيظُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ غَلُظَ- بِضَمِّ اللَّامِ- إِذَا صَلُبَ، وَالْغِلْظَةُ فِي الْحَقِيقَةِ صَلَابَةُ الذَّوَاتِ، ثُمَّ اسْتُعِيرَتْ إِلَى صُعُوبَةِ الْمَعَانِي وَشِدَّتِهَا فِي أَنْوَاعِهَا، قَالَ تَعَالَى: قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً [التَّوْبَة: 123].

المسألة اللغوية :
الوجه البلاغي في قوله ( أفضى ) :
كناية ، ذكره الزجاج وغيره .
متعلق الجار والمحرور في قوله ( منكم ) :
فيه قولان :
الأول : يجوز أنه متعلق بأخذن ، وذكر ذلك العبكري .
الثاني : ويجوز أن يكون متلق بالميثاق ، وذكر ذلك العبكري .

المسألة الفقهية :
حكم المختلعة :
على قولين :
القول الأول : يجوز الأخذ منها ،وهو القول الذي ذهب إليه ابن عطية وقول الجمهور .
القول الثاني : لايجوز الأخذ من المختلعة اطلاق ، لا قليله ولا كثيره ، وهو قول بكر بن عبد الله المزني ، ذكره ابن عطية .
وذكر ابن عطية شذوذ هذا القول .
الترجيح :
الراجح والصحيح أنه يجوز الأخذ من المختلعة ، لقوله تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾


مسألة استطرادية :
[color="blue"] أحوال جواز وعدم جواز مهر المرأة بعد فراقها : [
من الأفضل يكون عنوان المسألة : بيان أحوال مهر المرأة عند الفراق :

1) لايجوز الأخذ في حالة المتلاعنين لثبوت الحديث عن ذلك ، ذكره ابن كثير .
2) يجوز الأخذ إن تزوجها وهي حامل بالزنا ، ذكره ابن كثير .
3) يجوز الأخذ في المختلعة ، وهو خلاصة ماذكره ابن عطية .
بارك الله فيك وأحسن إليك

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21 صفر 1441هـ/20-10-2019م, 05:39 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء احمد مشاهدة المشاركة
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)

باقي مسائل الوقف ؟؟!!
-سبب النزول :
قال الربيع: «الآية الأولى قوله: {إنّما التّوبة على اللّه هي في المؤمنين}، والآية الثانية قوله: {وليست التّوبة} الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة ».ذكره ابن عطية
قول الربيع رواه عنه ابن جرير في تفسيره و ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع .
مقصد الآية :
بيان رحمة الله عز وجل بعباده بقبول توبتهم إذا أنابوا إليه ورجعوا إلى طريقه وهديه وإرشادهم إلى المسارعة بالتوبة قبل حضور الأجل وإغلاق باب التوبة ووعدهم بقبول توبتهم إن حققوا شروط التوبة الصحيحة .
المسائل التفسيرية :
-معنى (إنما):
هي حاصرة، وهو مقصد المتكلم بها أبدا، فقد تصادف من المعنى ما يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله تعالى: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ} وقد تصادف من المعنى ما لا يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله: إنما الشجاع عنترة فيبقى الحصر في مقصد المادح، ويتحصل من ذلك لكل سامع تحقيق هذه الصفة للموصوف بمبالغة. ذكره ابن عطية
-دلالة إنما في قوله تعالى (إنما التوبة )
هي حاصرة، وهي في عرف الشرع:الرجوع من شر إلى خير.ذكره ابن عطية .في عرف الشرع يقصد به تعريف التوبة في الشرع .فضعي مسألة أخرى وهو تعريف التوبة في الشرع
-حد التوبة :
حد التوبة: الندم على فارط فعل، من حيث هو معصية الله عز وجل، وإن كان الندم من حيث أضر ذلك الفعل في بدن أو ملك فليس بتوبة.ذكره ابن عطية
-حكم التوبة :
التوبة فرض على المؤمنين بإجماع الأمة، والإجماع هي القرينة التي حمل بها قوله تعالى: {وتوبوا إلى اللّه جميعاً } على الوجوب.ذكره ابن عطية
-شروط صحة التوبة:
من شروطها:
1- العزم على ترك الفعل الذي تاب منه في المستقبل
2-الندم على الذنب الذي تاب منه
وإن كان ذلك الفعل لا يمكنه، مثل أن يتوب من الزنا فيجب بأثر ذلك ونحو ذلك، فهذا لا يحتاج إلى شرط العزم على الترك، وتصح التوبة من ذنب من الإقامة على غيره من غير نوعه، خلافا للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائبا من أقام على ذنب، وتصح التوبة وإن نقضها التائب في ثاني حال بمعاودة الذنب، فإن التوبة الأولى طاعة قد انقضت وصحت، وهو محتاج بعد موافقة الذنب إلى توبة أخرى مستأنفة.
.ذكره ابن عطية
-وقت قبول التوبة :
بعد عمل الذنب مباشرة إلى قبل الغرغرة وحضور الآجل وفي هذا بيان لعفو الله وكرمه ورحمته بعباده ،روى بشير بن كعب والحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ويغلب على عقله».ذكره ابن كثير .

- معنى توبة الكافر : ممكن أن تكتبي :الفرق بيت توبة المسلم والكافر :
توبته هي ندمه على سالف كفره.ذكره ابن عطية
-معنى على في قوله تعالى (إنما التوبة على الله )
(على ) هُنا حَرْفٌ لِلِاسْتِعْلاءِ المَجازِيِّ بِمَعْنى التَّعَهُّدِ والتَّحَقُّقِ كَقَوْلِكَ: عَلَيَّ لَكَ كَذا، فَهي تُفِيدُ تَحَقُّقَ التَّعَهُّدِ.
والمعنى : التَّوْبَةُ تَحِقُّ عَلى اللَّهِ، وهَذا مَجازٌ في تَأْكِيدِ الوَعْدِ بِقَبُولِها حَتّى جُعِلَتْ كالحَقِّ عَلى اللَّهِ، ولا شَيْءَ بِواجِبٍ عَلى اللَّهِ إلّا وُجُوبُ وعْدِهِ بِفَضْلِهِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إخْبارُهُ تَعالى عَنْ أشْياءَ أوْجَبَها عَلى نَفْسِهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ تِلْكَ الأشْياءِ سَمْعًا ولَيْسَ وُجُوبًا.ذكره ابن عاشور .

وهنا مسألة : دلالة أل التعريف في قوله ( السوء ) :
العموم ، وهو من حاصل ماذكره ابن عطية .


المراد بالسوء :
....، ذكره ابن عطية .


-معنى الجهالة :(يحسن هنا أن يقال المراد بالجهالة وليس معنى الجهالة لأن معنى الجهالة هذا مسألة أخرى فتأتي بمسألة معنى الجهل في اللغة لم تذكريها أيضا وهو الذي ذكره الزجاج .أما هذه المسألة تجعليها مع المسألة التي بعدها التي وضعتيها )
الجَهالَةُ هاهُنا جَهالَةُ العَمَلِ، وإنْ كانَ عالِمًا بِالتَّحْرِيمِ،، قالَ قَتادَةُ: أجْمَعَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى أنَّ كُلَّ ما عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فَهو جَهالَةٌ، عَمْدًا كانَ أوْ لَمْ يَكُنْ، وكُلَّ مَن عَصى اللَّهَ فَهو جاهِلٌ.ذكره ابن القيم
قول قتادة رواه عبد الرزاق ( في تفسيره أو مصنفه ؟؟!!) و ابن جريرفي تفسيره من طريق عبد الرزاق عنه .
-المراد بالجهالة في الآية :
ورد في ذلك عدة أقوال :
أحَدُها: أنَّ كُلَّ ذَنْبٍ أصابَهُ الإنْسانُ فَهو بِجَهالَةٍ، وكُلَّ عاصٍ عَصى فَهو جاهِلٌ، وهو قَوْلُ أبِي العالِيَةِ وقول مجاهد .
أين وجه هذا القول ؟؟!!
والثّانِي: يُرِيدُ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ عَمْدًا، والجَهالَةُ العَمْدُ، وهو قَوْلُ الضَّحّاكِ، ومُجاهِدٍ.
أين وجه هذا القول ؟؟!!
والثّالِثُ: الجَهالَةُ عَمَلُ السُّوءِ في الدُّنْيا، وهو قَوْلُ عِكْرِمَةَ.( وعطاء ين أبي رباح )هذا حاصل ماذكره المفسرون .
وقال الفراء أن معناه: أنهم جهلوا كُنْه ما فيه من العقاب، فلم يعلموه كعلم العالم، وإن علموه ذنبًا، فلذلك قيل:"يعملون السوء بجهالة".
هذا حاصل ماذكره المفسرون من الأقوال .

-التخريج :( أفضل وأرتب أن تجعلي التخريج تحت كل قول ، أي تحت القول الأول ثم تحت القول الثاني ...)
أما قول أبي العالية فرواه عنه ابن جرير من طريق قتادة . التخريج ناقص أخرجه ابن جرير في تفسيره وابن المنذر عن قتادة عن أبي العالية .
( يخص القول الأول ) وقول مجاهد أخرجه ابن المنذر في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره عن عُثْمَان بْن الأسود عَنْ مجاهد، وأخرجه عبد الرحمن الهمذاني في تفسير مجاهد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد
وأما قول الضحاك فرواه عنه ابن جرير من طريق جويبر أخرجه ابن جرير في تفسيره عن جويبير عن الضحاك
وأما قول مُجاهِد فرواه عنه ابن جرير من طريق الثوري ( التخريج ناقص !!)أخرجه الثوري في تفسيره عن عثمان بن الأسود عن مجاهدٍ و أخرجه ابن جرير في تفسيره عن الثوري عن مجاهد ،وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق جابر و خصيفٍ عن مجاهدٍ.
وأما قول عكرمة فرواه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة .
وقول عطاء بن رباح أخرجه ابن وهب في جامعه عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح.
-الترجيح :
رجح الطبري القول بأن معناها هو :إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء، وعملهم السوء هو الجهالة التي جهلوها، عامدين كانوا للإثم، أو جاهلين بما أعدّ الله لأهلها ،
ووجه ذلك كما قال أنه غير موجود في كلام العرب تسمية العامد للشيء:"الجاهل به"، إلا أن يكون معنيًّا به أنه جاهل بقدر منفعته ومضرّته، فيقال:"هو به جاهل"، على معنى جهله بمعنى نفعه وضره،وضعف ابن عطية قول عكرمة وذلك لأنه جعل «الجهالة اسم للحياة الدنيا»، كما ضعف ابن جرير وابن عطية قول الفراء ،
لأنه كما الطبري لو كان الأمر على ما قال صاحب هذا القول، لوجب أن لا تكون توبة لمن علم كُنْه ما فيه، وهذا مخالف لما جاء في الكتاب والسنة ،قال تعالى :(إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا﴾ [سورة الفرقان: 70]
-معنى قوله (يتوبون من قريب )(أرى أنه مسألة زائدة ، فبدل من هذه المسألة يكفي المراد من قريب )
أي :يتوقفون قبل الموت، لأن ما بين الإنسان وبين الموت قريب، فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت).ذكره الزجاج .
-المراد بقوله ( من قريب )
ورد فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: ثُمَّ يَتُوبُونَ في صِحَّتِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِمْ، وقَبْلَ مَرَضِهِمْ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، والسُّدِّيِّ.
هنا يذكر التخريج
التوجيه

والثّانِي: قَبْلَ مُعايَنَةِ مَلَكِ المَوْتِ، وهو قَوْلُ ابن عباس و الضَّحّاكِ، وأبِي مِجْلَزٍ ومحمد بن قيس .
التخريج
التوجيه

والثّالِثُ: قَبْلَ المَوْتِ، قالَ عِكْرِمَةُ: الدُّنْيا كُلُّها قَرِيبٌ.و قاله مجاهد وابن زيد والضحاك .هذا حاصل ماذكره المفسرون من الأقوال في هذه المسألة .
التخريج
التوجيه

التخريج :
القول الأول :
أما قول ابن عباس فرواه عنه ابن جرير من طريق أبي صالح
وأما قول السدي فرواه عنه ابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره من طريق أسباط عن أسباط عن السدي .
القول الثاني :
أما قول ابن عباس فرواه عنه ابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره من طريق علي بن أبي طلحة
وأما قول الضحاك أخرجه عبد الرزاق وسعيد بن منصور في تفسيره عن رجل عن الضحاك و فرواه عنه ابن جرير من طريق جويبر
وأما قول أبي مجلز فرواه عنه ابن جرير من طريق عمران بن حيدر ( أخرجه ابن جرير في تفسيره عن عمران بن حيدر عن أبي مجلز .)
وأما قول محمد بن قيس فرواه عنه ابن جرير من طريق أبي معثر ( أخرجه ابن جرير في تفسيره عن أبي معثر عن محمد بن قيس )
القول الثالث :
قول عكرمة رواه عنه ابن أبي شيبة ( المصنف أو التفسير ؟؟؟!!)وابن جريرفي تفسيره وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة
وقول زيد رواه عنه ابن جريرته طريق ابن وهب ( وقول ابن زيد أخرجه ابن زيد عن ابن وهب عن ابن زيد .
وقول الضحاك رواه عنه الثوري وابن جرير من طريق رجل ولَم يسمياه.
ورواه عنه ابن أبي حاتم من طريق النضر بن طهمان ،ورواه عنه أيضًا سعيد بن منصور من طريق شيخ من أهل الكوفة ،فلا أدري هل الرجل الذي سماه ابن أبي حاتم هو نفس الرجل الذي لم يسميه ابن جرير وهو الشيخ الكوفي أو غيره .
وقول مجاهد أخرجه ابن المنذر في تفسيره .....؟؟!!
الترجيح :
الراجح من هذه الأقوال هو ما رجحه الطبري رحمه الله فقال : يتوبون قبل مماتهم، في الحال التي يفهمون فيها أمر الله تبارك وتعالى ونهيَه، وقبل أن يُغلبوا على أنفسهم وعقولهم، وقبل حال اشتغالهم بكرب الحَشْرجة وغمّ الغرغرة، ويؤيد صحة هذا القول ما روي عنه صلى الله عليه وسلم :إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ" رواه الترمذي وأحمد ، ويدخل في معنى قوله تعالى (من قريب ) القولين الآخرين أيضًا ولا منافاة بين الأقوال ،فهو كما قال ابن عطية ابن عباس اختار أحسن الأوقات للتوبة والآخرون حددوا وقت قبولها .هذا والله أعلم بالصواب .
-معنى قوله ( فأولئك يتوب الله عليهم ) :
أي :يرزقهم إنابةً إلى طاعته، ويتقبّل منهم أوبتهم إليه، وتوبتهم الّتي أحدثوها من ذنوبهم.ذكره ابن كثير
-معنى (إن الله كان عليمًا حكيمًا ) ( معنى عليما حكيما )
أي بمن يتوب وييسره هو للتوبة حكيما فيما ينفذه من ذلك، وفي تأخير من يؤخر حتى يهلك).ذكره ابن عطية
-مسألة عقدية :
دلالة على في قوله تعالى :(على الله )
اختلف المفسرون في ذلك على قولين :
1-أن على تقتضي الوجوب سمعا لإخبار الله تعالى عنها ، ولا يكون وجوبها عقلًا لأنه لا يجب( على) الله شيء عقلًا ،ولا شَيْءَ بِواجِبٍ عَلى اللَّهِ إلّا وُجُوبُ وعْدِهِ بِفَضْلِهِ.
ومن هذه الأشياء تخليد الكفار في النار وقبول التوبة وغير ذلك .
2-أن (على) تقتضي غلبة الظن
قال أبو المعالي وغيره: فهذه الظواهر إنما تعطي غلبة ظن لا قطعا على الله بقبول التوبة.وأبو المعالي يجعل تلك الأخبار ظواهر مشروطة بالمشيئة.
ذكرهذين القولين ابن عطية ورجح منها الأول .
وبين شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – موقف السلف في مسألة الوجوب على الله، حيث يقول:
"وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى، والتحريم بالقياس على خلقه، فهذا قول القدرية – أي المعتزلة – وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول. وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا.
ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب قال: إنه كتب على نفسه الرحمة، وحرم الظلم على نفسه، لا أن العبد نفسه مستحق على الله شيئا كما يكون للمخلوق على المخلوق، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير فهو الخالق لهم وهو المرسل إليهم الرسل، وهو الميسر لهم الإيمان والعمل الصالح" اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم .
قال تعالى :(ولَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰۤ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٔـٰنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أليمًا )(18)﴾
-سبب النزول :
ذكر المارودي أن في سبب نزولها قولان :
أحَدُهُما: وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ أنَّها نَزَلَتْ في عُصاةِ المُسْلِمِينَ.( يحسن أن تذكري هنا قول من ومن ومن ثم تخرجي الأقوال وتذكري توجيه كل قول )
والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ، وهو قَوْلُ الرَّبِيعِ.
قال الربيع: «الآية الأولى قوله: {إنّما التّوبة على اللّه هي في المؤمنين}، والآية الثانية قوله: {وليست التّوبة} الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة ».ذكره ابن عطية
قول الربيع رواه عنه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع
الراجح هو قول الجمهور والله أعلم ، قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب ما ذكره الثّوريّ أنّه بلغه أنّه في الإسلام، وذلك أنّ المنافقين كفّارٌ، فلو كان معنيًّا به أهل النّفاق لم يكن لقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} معنًى مفهومٌ، لأنّهم إن كانوا هم والّذين قبلهم في معنًى واحدٍ من أنّ جميعهم كفّارٌ، فلا وجه لتفريق أحكامهمٍ والمعنى الّذي من أجله بطل أن تكون توبة واحدٍ مقبولةً، وفي تفرقة اللّه جلّ ثناؤه بين أسمائهم وصفاتهم بأن سمّى أحد الصّنفين كافرًا، ووصف الصّنف الآخر بأنّهم أهل سيّئاتٍ، ولم يسمّهم كفّارًا ما دلّ على افتراق معانيهم، وفي صحّة كون ذلك كذلك صحّة ما قلنا، وفساد ما خالفه).
-حكم النسخ في الآية :
قال قومٌ: هذه الآية منسوخةٌ عن أهل التوحيد، نسخها الله بقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48]. حرّم الله المغفرة على من مات وهو مشرك. وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته. وهذا قول ينسب إلى ابن عباس.
واحتجوا بأنّ المراد من قوله عليه الصلاة والسلام (إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر بنفسه)) أهل الكفر دون أهل الذنوب من الموحدين - والله أعلم بذلك.)
أخرج قول ابن عباس ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه .
وقيل أنها محكمة : 
واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر بنفسه)) والغرغرة: هي عند حضور الموت ومعاينة الرسل لقبض الروح، فعند ذلك لا تقبل التّوبة على هذا الحديث فيكون، كالآية.ذكره الأنباري وابن عطية .
-الترجيح :
رجح ابن عطية القول بأنها محكمة ، ووجه ذلك من حيث أن الآيتين منبنيتان ولا يحتاج فيهما إلى تقرير نسخ، لأن هذه الآية لم تنف أن يغفر للعاصي الذي لم يتب من قريب، فنحتاج أن نقول، إن قوله: {ويغفر ما دون ذلك} نسخها وإنما نفت هذه الآية أن يكون تائبا من لم يتب إلا مع حضور الموت. ذكره ابن عطية .
المسائل التفسيرية :
-المعنى الإجمالي للآية :
لفظ هذه الآية عامٌ يوجب الإياس من قبول توبة من عاين الرّسل عند الموت وحضره الموت مؤمنًا كان أو كافرًا.ذكره أبو طالب القيسي.
هنا مسألة : معنى ( ليست ) :
تفيد النفي ، ذكره ابن عطية .

دلالة أل التعريف في قوله ( التوبة ) :
تفيد العموم ،فنفى دخوله عموم التائبين ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية .

--سبب عدم قبول التوبة عند الغرغرة :
لأنهم تابوا في وقت لا يمكن الإقلاع بالتصرف فيما يحقق التوبة
ولأنهم صاروا في حيز اليأس، وحضور الموت هو غاية قربه، كما كان فرعون حين صار في غمرة الماء والغرق، فلم ينفعه ما أظهر من الإيمان، وبهذا قال ابن عباس وابن زيد وجماعة المفسرين. هذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية
-فأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن جرير( في تفسيره ) من طريق أبي صالح ( عن أبي صالح عن ابن عباس )
وأما قول ابن زيد فأخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد
-المراد بالسيئات :
ورد في ذلك ثلاثة أقوال :
أحَدُها: الشِّرْكُ، قالَهُ أبو العالية وسفيان الثوري .
والثّانِي: أنَّها النِّفاقُ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.والربيع بن أنس.
والثّالِثُ: أنَّها سَيِّئاتُ المُسْلِمِينَ، قالَهُ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ، واحْتَجَّ بِقَوْلِهِ ﴿وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهم كُفّارٌ﴾ .خلاصة ما ذكره المفسرون .
وهنا له توجيه آخر من أل التعريف التي تفيد العموم .
أين توجيه القول الأول والثاني ؟؟!!
-تخريج الأقوال :
فأما قول أبي العالية فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الربيع عن أبي العالية .
وأما قول الثوري فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن جحادة عن سفيان الثوري
القول الثاني :
فأما قول أبو العالية فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق الربيع عن أبي العالية .
وأما قول الربيع فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع
القول الثالث :
قول سفيان الثوري أخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن المبارك عن سفيان الثوري
-الترجيح :
الراجح والله أعلم هو قول الثّوريّ أنّ المراد بهاسيئات المسلمين ، وذلك أنّ المنافقين كفّارٌ، فلو كان معنيًّا به أهل النّفاق لم يكن لقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} معنًى مفهوم ،كما ذكر الطبري رحمه الله .
-معنى حتى في قوله ( حتى إذا حضر أحدهم الموت ):
حتى حرفُ ابتداء، والجملةُ الشرطية بعدها غايةٌ لِما قبلها أي: ليست التوبةُ لقومٍ يعملون السيئات، وغاية عَمِلهم إذا حضرهم الموتُ قالوا: كيت وكيت، وهذا وجه حسن.ذكره السمين الحلبي
المراد بحضور الموت :
أي غاية قربه من الموت ويأسه، وعند معاينته ، وهو حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير .


-معنى الآن في قوله ( إني تبت الآن ):
يعني وقت الغرغرة ومعاينة الموت لأن باب التوبة يغلق في هذا الوقت . وهذا حاصل قول من؟؟!!اذكريه
-إعراب (الذين ) ومعناها :
قوله: {وَلاَ الذين يَمُوتُونَ} «الذين» مجرورُ المحل عطفاً على قوله «للذين يعملون» أي ليست التوبةُ لهؤلاء ولا لهؤلاء، فَسَوَّى بين مَنْ مات كافراً وبين مَنْ لم يتب إلا عند معاينةِ الموتِ في عدم قبول توبتِه. ذكره السمين الحلبي
إعراب ( أولئك ) و مرجع الإشارة فيه : هذه مسألتان منفصلتان ، فالاعراب مسألة لغوية تكتب بالأخير ، ومرجع الإشارة مسألة أخرى تفسيرية .
قوله: «أولئك» مبتدأ، و «أَعْتَدْنا» خبرُه، و «أولئك» يجوز أن يكونَ إشارةً إلى «الذين يموتون وهم كفار/، لأنَّ اسم الإِشارة يَجْري مَجْرى الضميرِ فيعودُ لأقربِ مذكور، ويجوزُ أَنْ يُشارَ به إلى الصِّفتين: الذين يعملون السيئات والذين يَمُوتون وهم كفار.ذكره السمين الحلبي
بيان نوع العذاب في الآية :
قال ابن عطية :إن كانت الإشارة إلى الذين يموتون وهم كفار فقط، فالعذاب عذاب خلود، وإن كانت الإشارة إليهم وإلى من ينفذ عليه الوعيد، ممن لا يتوب إلا مع حضور الموت من العصاة فهو في جهة هؤلاء، عذاب ولا خلود معه.
-معنى ( أعتدنا):
معناه: يسرناه وأحضرناه.ذكره ابن عطية
-معنى (أليما ):
أي: مؤلما موجعا مقيما ، والمؤلم الذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ). ذكره الزجاج وابن كثير
مناسبة ختم الآية بقوله ( أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما ) :
ذكر عن ذلك ابن عطية ومن خلاصة ما ذكر ابن كثير في آخره .

-مسائل عقدية :
-وقت خلق النار :
ظاهر هذه الآية أن النار مخلوقة بعد.ذكره ابن عطية
والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار لا تفنيان. كما قال الطحاوي في عقيدته المشهورة: والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان ولاتبيدان .
-حال الكفار في الآخرة :
أعلم الله تعالى أيضا أن الّذين يموتون وهم كفّارٌ فلا مستعتب لهم ولا توبة في الآخرة.ذكره ابن عطية
-حال العصاة من المسلمين في الآخرة :
إن كان مؤمنا عاصيًا ولم يتب قبل موته فهو عاص في المشيئة، لكن يغلب الخوف عليه، ويقوي الظن في تعذيبه، ويقطع من جهة السمع أن من هذه الصنيفة من يغفر الله له تعالى تفضلا منه ولا يعذبه.ذكره ابن عطية
أحسنت أختي زهراء ، وبارك الله فيك ، كانت تلك ملاحظاتي على التخريج والتوجيه وبعض المسائل ، وقد أصيب وقد أخطأ .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 24 صفر 1441هـ/23-10-2019م, 09:24 AM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

تلخيص تفسير قوله تعالى :(وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (20)
علوم الآية
*مناسبة الآية لما قبلها
عطف الشرط على الذي قبله استطراداً واستيفاءً للأحكام. ذكره ابن عاشور
*مقصد الآية
لاجرم أن الكراهية يعقبها إرادة استبدال بضده ، فلاحرج من ذلك إن بلغ المكره الضرر ، فالدين يسر لاعسر. بتصرف من ابن عاشور
*معنى الآية
لما تقدم في الآية السابقة عند نشوز المرأة أو اتيانها بفاحشة وفراقها بسبب منها ، فللزوج أخذ المال منها ، وهذه الآية بيان لعكس ذلك فليس لك أيها الزوج أ ن تأخذ مما أعطيتها شيئاً زوراً وبهتاناً وافتراءاً وظلماً ، فتنعتها بما ليس فيها لتفتدي بمالها عنك ،فهذا من البهتان والأثم الموجب للعقاب ، بتصرف من تفسير الطبري وابن أبي حاتم وابن عطية وابن كثير .
*معنى استبدال
هو التبديل . ذكره ابن عاشور
*المراد بالاستبدال
طلاق المرأة السابقة وتبديلها بأخرى ذكره ابن عاشور
أخرجه ابن المنذر في تفسيره عن طريق مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد ..
وأخرجه كذلك عن طريق أَبُو عاصم، عَنْ عيسى، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد…
&المراد بقوله { وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ…
هو أن تطلق أمرأتك وتستبدلها بغيرها ، إذا لحقك ضرر من ذلك من كره أو قدرة على التعدد أو غيره ، خلاصة ماذكره ابن جرير وابن أبي حاتم ، قولاً عن ابن عباس ومجاهد
قول ابن عباس ، أخرجه أبن أبي حاتم عن طريق عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ …
قول مجاهد ، أخرجه ابن جرير عن طريق عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
*معنى آتيتم
أي اعطيتم ووهبتم ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية وابن كثير
*لمن يعود الضمير في قوله ( إِحْداهُنَّ)
وَضَمِيرُ: إِحْداهُنَّ رَاجِعٌ إِلَى النِّسَاءِ. ذكره ابن عاشور
*معنى القنطار
هو المال الكثير. ذكره ابن جريرالطبري والزجاج وابن أبي حاتم وابن كثير ..
ووجه الدلالة على الكثرة وصيغة المبالغة هو مااخرجه ابن ابي حاتم في تفسيره عن طريق مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ يُحَنِّسَ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَرَأَ خَمْسِينَ آيَةً فِي لَيْلَةٍ أَصْبَحَ لَهُ قِنْطَارٌ مِنَ الْأَجْرِ، وَالْقِنْطَارُ مِثْلُ التَّلِّ الْعَظِيمِ "
فوصف النبي الكريم القنطار بالتل العظيم وجه من صيغ المبالغة لعظم الأجر ..
*الأقوال في القنطار
&قيل أنه سبعون ألف دينار .قول مجاهد وابن عباس
أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن طريق فضيل بن عياض عن ليث، عن مجاهدٍ قال: « القنطار سبعون ألف دينار».
&وقيل دية الحر قول الحسن وابن عباس
أخرجه سعيد بن منصور في سننه من طريق خالد بن عبد اللّه، عن عوفٍ، عن الحسن قال: «القنطار: دية الحرّ»).
وأخرجه ابن أبي حاتم عن طريق عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ عنه..
&وقيل الفا دينار
أخرجه ابن أبي حاتم عن حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَرْقِيِّ، ثنا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ أَبِي سَلَمَةَ، أَنْبَأَ زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، ثنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَرَجُلٌ آخَرُ سَمَّاهُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] يَعْنِي أَلْفَا دِينَارٍ …
&وقيل الف دينار
أخرجه ابن أبي حاتم حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْعَلَاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ وَرْدَانَ ، ثنا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْقِنْطَارُ: أَلْفُ دِينَارٍ خرجيه
& وقيل ألف ومائتا أوقية
أخرجه ابن أبي حاتم عَنْ طريق عَيَّاشٍ، ثنا أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: الْقِنْطَارُ: أَلْفُ وَمِائَتَا أُوقِيَّةٍ وَرُوِيَ عَنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُ ذَلِكَ
&وقيل ثمانون الفاً
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن طريق يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَعَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: الْقِنْطَارُ: ثَمَانُونَ أَلْفًا.
& وقيل ملء مسك ثور ذهباً
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن حمّادٍ، عن سعيدٍ الجريريّ، عن أبى نضرة، عن أبى سعيدٍ الخدريّ قال: «القنطار ملء مسك ثورٍ ذهباً »...
& وقيل سبعون ألفاً
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ عمر بن حوشبٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ أنّ ابن عمر سئل عن قوله: «القنطار، قال: سبعون ألفاً ».
- وروي عن سعيد بن المسيّب في إحدى قوليه، ومجاهدٍ وطاوسٍ مثل ذلك.[الوجه الثّامن]:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا مسدّدٌ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن يونس، عن الحسن في هذه الآية: {وآتيتم إحداهنّ قنطاراً} قال: « القنطار: ألفٌ ومائتا دينارٍ ».
&وقيل ألف ومائتا دينار
- أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره حدّثنا أبو زرعة، ثنا مسدّدٌ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن يونس، عن الحسن في هذه الآية: {وآتيتم إحداهنّ قنطاراً} قال: « القنطار: ألفٌ ومائتا دينارٍ ».
& وقيل مائة رطل
-أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ قال: « القنطار: مائة رطلٍ».
- وروي عن عمرو الشعبي والسّدّيّ، وقتادة نحو ذلك.
& وقيل من العرب من قال ألف ومن قال اثنا عشر ألف.
- أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو معاوية، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله:{ قنطاراً } قال: « من العرب من يقول: القنطار: ألف دينارٍ، ومنهم من يقول، اثنا عشر ألفًا ».
- وروي عن الحسن في إحدى الرّوايات أنّه قال: «اثنا عشر ألفاً».
& ومن قال. خمسة عشرألف.
-أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره حدّثنا أبي، ثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة الحارثيّ، ثنا زافرٌ، ثنا حبّان، عن سعد بن طريفٍ، عن أبي جعفرٍ قال: «القنطار: خمسة عشر ألفا مثقالٍ، والمثقال: أربعةٌ وعشرون قيراطًا، أصغرها مثل أحدٍ، وأكبرها ما بين السّماء إلى الأرض». وهذه الأقوال ذكرها الطبري وابن أبي حاتم وابن كثير .
*مسألة دلالة جواز المغالاة في المهور .
لايمثل الله إلا في مباح فجعل القنطار مثال مقدار العطاء ، وسردنا فوق الأقوال فيه وجميعها تبين معنى الكم والكثرة وإن تغير مقدار ذلك ، فديننا دين الوسطية من كانت لديه القدرة فليعطي ، ومن لم يجد فلاعسر ولاضرار في ذلك .
ودلالة وجه ذلك خطبة عمر رضي الله عنه ، أخرجه عبد الرزاق، وابن المنذر عن قيس بن ربيعٍ، عن أبي حصينٍ عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال عمر بن الخطاب: « لا تغالوا في مهور النساء، فقالت امرأة ليس ذلك لك يا عمر إن يقول {وآتيتم إحداهن قنطارا} من ذهب، قال: وكذلك هي في قراءة ابن مسعود فقال عمر: إن امرأة خاصمت عمر فخصمته ».
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن مصعب عن جده قال: قال عمر: «لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال، فقالت امرأة: ما ذاك لك، قال: ولم، قالت: لأن الله يقول {وآتيتم إحداهن قنطارا} الآية، فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ ».قيل هذا فيه انقطاع .
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن بكر بن عبد الله المزني قال: قال عمر: « خرجت وأنا أريد أن أنهاكم عن كثرة الصداق فعرضت لي آية من كتاب الله{وآتيتم إحداهن قنطارا}».ذكره ابن عطية و السيوطي .
قال السعدي : ووجه الدلالة أن الله أخبر عن أمر يقع منهم، ولم ينكره عليهم، فدل على عدم تحريمه "لكن قد ينهي عن كثرة الصداق إذا تضمن مفسدة دينية وعدم مصلحة تقاوم".
وقال قوم : لا تعطي الآية جواز المغالاة بالمهور ؛ لأن التمثيل بالقنطار إنما هو على جهة المبالغة . ذكره القرطبي
*معنى قوله تعالى ( فلا تأخذوا منه شيئاً )
أي لاتأخذوا من مالها الذي اعطيتموه إياها وإن صار كثيراً ...
أخرجه ابن أبي حاتم عن طريق وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلَهُ: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] قَالَ: فَلَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ مَالِ الْمُطَلَّقَةِ شَيْءٌ وَإِنْ كَثُرَ
قال ابن جرير : فلا تضرّوا بهنّ إذا أردتم طلاقهنّ ليفتدين منكم بما آتيتموهنّ ».
معنى قوله تعالى ( أتأخذونه}
هو أخذ المال الذي آتيتموهن مهراً وصداقاً.
قال ابن جرير : أتأخذون ما آتيتموهنّ من مهورهنّ .
*الاستفهام في قوله (أتأخذونه
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَتَأْخُذُونَهُ إِنْكَارِيٌّ وتوبيخ . ذكره ابن عاشور والطبري وابن كثير
*معنى البهتان في اللغة
هو الباطل الذي يتحير من بطلانه ومنه بهت الرجل إذا تحير.ذكره الزجاج والنحاس
قال ابن عاشور : وَالْبُهْتَانُ مَصْدَرٌ كَالشُّكْرَانِ وَالْغُفْرَانِ، مَصْدَرُ بَهَتَهُ كَمَنَعَهَ إِذَا قَالَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَفْعَلْ .
*المراد بالبهتان
هو الظلم والأثم والكذب والافتراء بغير حق .ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عطية وابن كثير
أخرجه ابن المنذر في تفسيره عَنْ طريق أبي عاصم، عَنْ عيسى، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد .
وأخرجه ابن المنذر في تفسيره "أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْدِ العزيز، قَالَ: حَدَّثَنَا الأثرم، عَنْ أبي عبيدة " {بُهْتَانًا} أي: ظلما "
قال ابن جرير : ظلمًا بغير حقٍّ.
وقال ابن حيان : أصْلُ البُهْتانِ: الكَذِبُ الَّذِي يُواجِهُ بِهِ الإنْسانُ صاحِبَهُ عَلى جِهَةِ المُكابَرَةِ فَيُبْهَتُ المَكْذُوبُ عَلَيْهِ.
*وجه انتصاب البهتان .
قال الزجاج : وبهتان حال موضوعة في موضع المصدر.
وقال صاحب الكشاف : يحتمل أنه انتصب لأنه مفعول له وإن لم يكن غرضا في الحقيقة ، كقولك : قعد عن القتال جبنا .
وقال ابن عاشور : وَانْتُصِبَ بُهْتاناً عَلَى الْحَالِ مِنَ الْفَاعِلِ فِي (تَأْخُذُونَهُ) بِتَأْوِيلِهِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ، أَيْ مُبَاهِتِينَ . وذكر الزمخشري مثل ذلك
وقال البغوي : انْتِصَابُهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَالثَّانِي بِالْإِضْمَارِ تَقْدِيرُهُ: تُصِيبُونَ فِي أَخْذِهِ بُهْتَانًا وَإِثْمًا .
&وجوه جعل هذا الأخذ من البهت
قال فخر الدين الرازي :
-لأنه كان من عاداتهم إذا كرهوا المرأة وأرادوا طلاقها ،رموها بسوء واختلقوا عليها ، لكي تخشى سوء السمعة فتبذل مالا فداءً ليطلقها.
-وبأخذ المال منها مظنة بأنها فعلت مالا يرضي الزوج ، فبذلك يصد الراغبين في التزوج بها وهذا ضرر .
-ولذلك لما أذن للأزواج بأخذ المال منهن إذا أتت بفاحشة ،صار أخذه منهن بدون ذلك إيهام بأخذه محل الأذن بأخذه . ذكره ابن عاشور
&معنى {وإثمًا مبينًا}
قال ابن جرير يعني: وإثمًا قد أبان أمر آخذه أنّه بأخذه إيّاه لمن أخذه منه ظالمٌ.
قال ابن عاشور : وَأَمَّا كَوْنُهُ إِثْمًا مُبِينًا فَقَدْ جُعِلَ هُنَا حَالًا بَعْدَ الْإِنْكَارِ.
&معنى مبيناً
أخرجه ابن أبي حاتم حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مُبِينًا} [النساء: 20] يَعْنِي: الْبَيِّنَ .
تحرير المسألة :
كما حدد الشرع عند نكاح المرأة إقرار صداق ومهر لها وهذا المهر حق لها لايجوز لك أيها الزوج أخذه ، إلا بشروط حددها الشرع من نشوز وعصيان منها أو طلب فراق منها ، فليس لك أيها الزوج أن تضر بها وترميها بالفحش وغيره لتجعلها تفتدي بهذا المال لتستر على نفسها
قال السعدي : لا يحل ولو تحيلتم عليه بأنواع الحيل، فإن إثمه واضح.
وقال مالك رضي الله عنه : للزوج أن يأخذ منها إذا تسببت في الفراق ولا يراعى تسببه هو .ومقصده في ذلك حال النشوز والعصيان وطلبها هي للطلاق دون سبب .
فأجمع العلماء على ألا تحديد في أكثر الصداق ، وكل من حسب قدرته واستطاعته .
اعتذر ع التأخير جداً. وتم التواصل مع الإدارة بذلك.
…………………

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 14 ذو القعدة 1441هـ/4-07-2020م, 03:59 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا أبوداهوم مشاهدة المشاركة
اشتراك مع الأخت بدرية في تكملة هذه الآية :
(وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)}

الوقف :
الوقف في قوله ( غير مضار ):
القراءة الأولى : «غير مضار وصية» بالإضافة، وهي قراءة ابن عباس والحسن .
وقراءة ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/884-890)عن عكرمة عن ابن عباس .
ووجه وصلها : قال أبو الفتح: أي غير مضار من جهة الوصية، أو عند الوصية، كما قال طرفة:
بَضَّةُ المتجرَّد، أي: بضة عند تجردها.
ولكن هذا القول ضعف مكي بن أبي طالب من جهة اللغة ، فقال : (لحن في ذلك لأن اسم الفاعل لا يضاف إلى المصدر) .
القراءة الثانية : بالوقف ، وهو قول الأشموني وذكر ابن كثير هذه القراءة . .
حكمه وقف حسن ، ويكون الذي بعده نصب بفعل مضمر ، بمعنى : يوصيكم الله وصية .
الراجح : ذكر ابن كثير قول ابن جريج في أن الصواب هو الموقوف .

القراءات :
القراءة في قوله ( يورث ) :
القراءة الأولى : بفتح الراء ، وهي قراءة الجمهور وذكره الزجاج وابن عطية .
القراءة الثانية : بكسر الراء والتشديد ، وهي قراءة الأعمش وأبو الرجاء، وذكره الزجاج وابن عطية .

القراءة في قوله (وله أخ أو أخت) :
القراءة الأولى : وله أخ أو أخت فلأمه ، وهذه القراءة الصحيحة المعتمدة. [لعلكِ تقصدين: {وله أخ أو أخت فلكل واحد} ؟]
القراءة الثانية : وله أخ أو أخت لأمه ، وهي قراءة سعد بن أبي وقاص ، ذكره ابن عطية وابن كثير .
وقراءة سعد بن أبي وقاص أخرجه سعيد بن منصور ( 3/1178) والدارمي في سننه ( 4/1945)وأخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار(9/113)والسنن الكبرى (6/366)عن يعلى بن عطاء عن القاسم بن ربيعة عن سعد بن أبي وقاص .
وهذه قراءة شاذة قيلت على وجه التفسير وليست قراءة قرآنية .
[يفضل صياغة العبارة بهذه الطريقة:
وهي من القراءات الشاذة؛ يُستفاد منها في التفسير، ولا يصح القراءة بها.
لأنها إن صح عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقرأ بها فهي من الأحرف السبعة التي نسخت القراءة بها بالجمع العثماني]


المسائل التفسيرية :
سبب نزول آية الكلالة :
نزلت في قصة جابر بن عبد الله حين مرض وسأل عن كيف يقضي ماله ، وهذا من حديث الذي أخرجه البخاري ( 1/22)و مسلم ( 3/1234 )و ابن ماجة في سننه (4/30)والإمام أحمد في مسنده وابن أبي داود في سننه ( 3/119) والترمذي في سننه (4/417)والنسائي في السنن الكبرى ( 1/87)والبيهقي في السنن الكبرى (6/367) وصححه الألباني ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ وَهُمَا مَاشِيَانِ، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ، كَيْفَ أَقْضِي فِي مَالِي؟ «حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فِي آخِرِ النِّسَاءِ» : {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] الْآيَةَ. وَ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] الْآيَةَ "


دلالة تنكير( رجل ) :
يدل على الاستغراق والشمول .( علم المعاني ، وليد قصاب).

الكلالة في اللغة :
في اللغة من تكلل النسب : أي أحاط ، ومنه اكليل الرأس ،كما ذكر ذلك الزجاج وابن عطية وابن كثير .
وذكر ابن عطية وجه هذا فقال : أي أحاط، لأن الرجل إذا لم يترك والدا ولا ولدا فقد انقطع طرفاه، وبقي أن يرثه من يتكلله نسبه، أي يحيط به من نواحيه كالإكليل، وكالنبات إذا أحاط بالشيء، ومنه: روض مكلل بالزهر، والإكليل منزل القمر يحيط به فيه كواكب.

المراد بالكلالة : [هنا عندنا مسألتان، الأولى: تعيين الذي سيورث كلالة، ويعبر عنها المفسرون كثيرًا بمسألة معنى الكلالة وهي المسألة الأهم لأنه ينبني عليها الحكم الفقهي، والخلاف فيها على ثلاثة أقوال، الراجح منها من ليس له والد ولا ولد.
المسألة الثانية: المسمّى بالكلالة، من الذي يقع عليه الكلالة، وهي المسألة التي قمتِ بتحريرها هنا]

اختلفوا فيه على أقوال
القول الأول :الميت ، وهو قول ابن عباس وعمر وقتادة والزهري و أبي اسحاق وأبي عبيدة وسعيد بن جبير وغيرهم .
وقول ابن عباس أخرجه سعيد بن منصور في تفسيره (3/1178-1188) ابن جرير في تفسيره (6/474-482) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/884-890 ) وابن المنذر في تفسيره ( 3/788) عن طاووس عن ابن عباس ، وأخرجه ابن جرير من طرق أخرى عن الحسن بن محمد وعلي بن أبي طلحة وعبد السلولي وسليم بن عبد والحكم عن عباس .
وقول عمر وأبي بكر أخرجه سعيد بن منصور ( 3/1185)وابن جرير في تفسيره (6/474-482) وابن المنذر ( 3/592) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (9/113)عن الشعبي عن أبي بكر وعمر .
وقول قتادة والزهري وأبي اسحاق أخرجه ابن جرير (6/474-482) عن معمرٌعن قتادة والزّهريّ وأبي إسحاق.
ومعمر ضعيف ، قال يحيى بن معين : معمر عن قتادة ضعيف.
وقول أبي عبيدة اخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 2/595) عن الأثرم عن أبي عبيدة .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 3/788) عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير .
وعطاء بن دينار ضعيف ، فقد قيل أنه لم يسمع من سعيد بن جبير ( ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ).

وعلى هذا القول يكون كلالة منصوبة على الحال .
وهذا القول مبني على قراءة الفتح .
القول الثاني : الورثة ، أحياء وأموات ،وهو قول ابن زيد .
وقول ابن زيد أخرجه ابن جرير في تفسيره (6/474-482)عن ابن وهب عن ابن زيد .
وابن زيد ضعيف ،قال النسائي: ضعيف مدني، وقال ابن حزم ضعيف، ومرة قال ساقط ضعيف, وقال الذهبي: ضعفه أحمد والدارقطني.
وعلى هذا القول يكون منصوب على الحال من ضمير ويورث ولكن على حذف مضاف .( البرهان في علوم القرآن ).
وهذا القول مبني على قراءة الكسر .
وحجة هذا القول هو حديث جابر بن عبد الله المذكور في سبب النزول .
القول الثالث: المال ، وهو قول عطاء ذكره ابن عطية و( ضميل بن شميل)ذكره الثعلبي.
وعلى هذا القول يكون كلالة مَفْعُولٌ ثَانٍ ليورث كَمَا تَقُولُ وَرَّثْتُ زَيْدًا مَالًا وَقِيلَ تَمْيِيزٌ وليس بشيء.( البرهان في علوم القرآن).
وقول عطاء وضميل بن شميل لم أجده .
وهذا القول مبني على قراءة الكسر .
الراجح : أن القول الثالث ضعفه ابن عطية؛ لأن الاشتقاق في معنى الكلالة يفسد تسمية المال بها ، وضعف ذلك أيضا الثعلبي لعدم موافقتها كلام العرب سماعا ولا قياسا .
أما القول الأول والثاني صحيح ، لكن رجح ابن عطية وابن جرير والنحاس القول الأول ، لأن الأب والابن هما عمودا النسب، وسائر القرابة يكللون ، ولصحة الأثر عن جابر بن عبد الله .

موضع ( أو) :
حرف عطف ، عطف على الرجل ، ذكره ابن عطية .
الأخت باللغة :
أصل الأخت : الإخوة ،ذكره ابن عطية .
وقال ابن عطية : أصل أختٌ: أخوة، كما أصل بنت: بنية، فضم أول أخت إذ المحذوف منها واو، وكسر أول بنت إذ المحذوف ياء، وهذا الحذف والتعليل على غير قياس.

المراد بالإخوة :
الإخوة لأم ، وهو ما أجمع عليه العلماء ، وذكره ابن عطية .

العلة في اعتبار الإخوة هنا إخوة لأم :
لأن حكمهم منصوص في هذه الآية على صفة، وحكم سائر الإخوة مخالف له، ذكره ابن عطية .

أوجه مخالفة الإخوة من الأم بقية الورثة:
ذكر ابن كثير أربعة أوجه لذلك :
الأول :أنّهم يرثون مع من أدلوا به وهي الأمّ.
الثاني : أنّ ذكرهم وأنثاهم سواءٌ.
الثالث : أنّهم لا يرثون إلّا إذا كان ميّتهم يورث كلالةً، فلا يرثون مع أبٍ، ولا جدٍّ، ولا ولدٍ، ولا ولد ابنٍ.
الرابع : أنّهم لا يزادون على الثّلث، وإن كثر ذكورهم وإناثهم.

مرجع الضمير الهاء في قوله ( له ) :
الضمير يرجع على الرجل ، ذكره ابن عطية .

العلة في رجوع الضمير( له ) على الرجل دون المرأة :
لأن المعنى واحد ، والحكم قد ضبطه العطف الأول ، ذكره ابن عطية .

الغرض من الفاء في قوله ( فلكل ) :
حرف عطف رابطة ، ذكره النحاس .

الغرض من الفاء في قوله ( فإن كانوا ) :
استئنافية ، ذكره النحاس .

شروط الوصية :
- العدل في الوصية ، ذكره ابن كثير .
-بعد قضاء الدين ، لدلالة الآية .
-عدم الجور والحيف وحرمان أحد منهم أو النقصان في حق أحد أو الزيادة فيه ، ذكره ابن كثير .

شروط تقسيم الورث من الآية:
أولا : اعطاء ما أوصى به وسدداد الدين
ثانيا : اعطاء بقية الورثة .
وذكر الماوردي حق تقديم الوصية والدين على حق ورثته .

المراد بشركاء :
أي الذكر والأنثى في هذه النازلة متساويين ، ذكره ابن عطية .

المراد بالمضار : [معنى مضار ]
الحيف والجور ، ذكره ابن كثير.

عامل ( غير مضار ):
صح فيها قولان :
الأول : العامل " يوصيكم "، وذكره ابن عطية .
الثاني : يصح أن يعمل فيها مضار والمعنى أن يقع الضرر بها أو بسببها فأوقع عليها تجوزا، ذكره ابن عطية . [هنا خلطٌ بين مسألتين:
إعراب " غير " في قوله {غيرَ مضار} لبيان سبب نصبها وبالتالي معنى الآية.
وإعراب " وصية " في قوله { يوصى بها أو دينٍ غير مضارٍّ وصيّةً من الله}]

حكم الضرار في الوصية :
من الكبائر ، وهو قول ابن عباس ، ذكره ابن عطية وابن كثير .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره(6/485-488) ابن أبي حاتم في تفسيره (3/884-890)من طرق عكرمة عن ابن عباس بألفاظ متقاربة وبزيادة بعض الألفاظ في بعض الروايات .

أحوال عدم المضار والمضار في الوصية : [هذه مسألة فقهية " حكم رد الضرر الواقع في الوصية "، وبحثها في كتاب الفقه وكتب أحكام القرآن، ويستفاد الحكم من تفسير آيات أخرى]
-الموصي لا يعد فعله مضارّة ما دام في الثلث، فإن ضارّ الورثة في ثلثه مضى ذلك، وهو قول المشهور من مذهب ابن مالك والقاسم ، وذكره ابن عطية . [مالك وابن القاسم]
- إن المضارة ترد وإن كانت في الثلث، إذا علمت بإقرار أو قرينة، وهو الذي عليه المذهب الذي ذكره ابن عطية .

أوجه الضرار في الوصية :
أوجه كثيرة للمضار في الوصية وذكر منها ابن عطية :
- يقر بحق ليس عليه.
- ويوصي بأكثر من ثلثه، أو لوارثه، أو بالثلث فرارا عن وارث محتاج.


دلالة إضافة الوصية لله :
للدلالة على أن منع المضار في الوصية من الله ، وهذا خلاصة ما ذكره الزجاج .
الغرض من الواو في ختام الآية ( والله عليم حليم ) :
استئنافية، ذكره النحاس .

معنى عليم :
أي : عليم ما دبر من هذه الفرائض، ذكر ذلك الزجاج .

حليم :
حليم عمّن عصاه بأن أخرّه وقبل توبته، ذكر ذلك الزجاج .

مناسبة ختم الآية باسم الله (عليم حليم ):
لأنه عليم ما دبر من هذه الفرائض، حليم عمّن عصاه بأن أخرّه وقبل توبته، وهذا حاصل ماذكره الزجاج .
وذكر ابن عاشور أن هذا ابطال لكثير من أحكام الجاهلية .

مسائل لغوية :
نوع ( إن ) :
شرطية ، ذكره النحاس .

نوع كان :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :تامة ، وذكره النحاس والسمين الحلبي وغيرهم .
القول الثاني : ناقصة ، وذكره النحاس والسمين الحلبي وغيرهم .
الراجح : كلا القولين جائز كما ذكر ذلك ابن عطية .

اختلفوا في اعراب كلالة :
القول الأول : نصب خبر كان ، وهو قول الأخفش ، وذكره ابن عطية .
وفي هذه الحالة لا يكون الموروث كلالةً، وإنّما الوارث الكلالة.
القول الثاني : نصب على الحال ، ذكره ابن عطية .
وهذا على أن كلالة هو الميت .
القول الثالث: نصب نعت لمصدر محذوف ، ذكره ابن عطية
القول الرابع : نصب على المفعول الثاني ، وذكره ابن عطية .
وهذا القول على قول إن كلالة هو المال .
الراجح : ضعف ابن عطية القول الرابع ، ورجح ابن عطية القول الثاني ، على اعتبار أن الكلالة هو الميت ، لأن الأب والابن هما عمودا النسب، وسائر القرابة يكللون، فيكون

اعراب وصية :
فيه قولان :
القول الأول : نصب على المصدر في موضع الحال ،ذكره ابن عطية .
القول الثاني : نصب على الخروج من قوله: فلكلّ واحدٍ منهما السّدس أو من قوله فهم شركاء في الثّلث ، ذكره ابن عطية.

موضع ( غير) في الإعراب :

منصوب على الحال ، والمعنى يوصي بها غير مضار، ذكره الزجاج.


مسائل فقهية :

حكم الإقرار للوارث :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :لا يصح ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالكٍ، وأحمد بن حنبلٍ، والقول القديم للشّافعيّ، رحمهم اللّه، وهو اختيار عبد الله البخاري في صحيحه ذكره ابن كثير .
وهذا القول مبني على أنه مظنة التهمة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إنّ اللّه قد أعطى كلّ ذي حق حقّه، فلا وصيّة لوارثٍ »
القول الثاني : يصح الإقرار ، وهو مذهب طاوسٍ، وعطاءٍ، والحسن، وعمر بن عبد العزيز.
وحجة هذا القول بأنّ رافع بن خديجٍ أوصى ألّا تكشف الفزارية عمّا أغلق عليه بابها.
الراجح : رجح ابن كثير جواز القول الأول إن كان الإقرار صحيحا ، وذكر حرمة القول الثاني إن كان ذلك حيلة وزيادة بعض الورثة ونقصان الآخر .
مسألة ( ماتت امرأة وتركت زوجا وأما وإخوة أشقاء) :
فللزوج النصف، وللأم السدس وما بقي فللإخوة، فإن كانوا لأم فقط، فلهم الثلث ، وذكر ذلك ابن عطية .

مسألة :( إن تركت الميتة زوجا وأما وأخوين لأم وإخوة لأب وأم):
فيه قولان :
القول الأول: قال قوم: فيها للإخوة للأم الثلث، ولا شيء للإخوة الأشقاء،وهي المسألة الحمارية ، ذكره ابن عطية .
القول الثاني : وقال قوم: الأم واحدة وهب أباهم كان حمارا، وأشركوا بينهم في الثلث، وتسمى المشتركة ، وذكره ابن عطية .
الراجح :
قال ابن عطية : ولا تستقيم هذه المسألة ان لو كان الميت رجلا، لأنه يبقى للأشقاء، ومتى بقي لهم شيء فليس لهم إلا ما بقي، والثلث للإخوة للأم »

المراد الحمارية :
لأن الأشقاء عندما لم يبق لهم شيء ، وهو خلاصة ما ذكره ابن عطية .

المراد بالمشتركة :
تسمى بالمشتركة لاشتراك الشقيق مع الإخوة لأم في فرضهم، وهي خلاصة ماذكره ابن عطية .

الفرق بين الحمارية والمشتركة :

ذكر الزجاج أن الحمارية تسمى المشتركة .
وذكر ابن عطية اختلاف معنى كل منهما ، فالحمارية عندما لا يكون للإخوة الأشقاء شيء ، وأما المشتركة عندما أشركوا بينهم في الثلث . [من أين فهمتِ التفريق؟،
قال ابن عطية: " وقال قوم: الأم واحدة وهب أباهم كان حمارا، وأشركوا بينهم في الثلث وسموها أيضا المشتركة "
فلكل تسمية علةٌ مختلفة، لنفس المسألة]
بارك الله فيكِ أختي الفاضلة
أثني على اجتهادكِ وحرصكِ وأرجو الاستفادة من الملحوظات العامة التالية:
1. اجتهدي في البداية أن تحددي مقصد الآية، حتى تحددي أهم المسائل التي لا يصح إغفال بيان تفسيرها في الدرس ولابد وأن تجدي تفسير هذه المسألة في كل التفاسير التي ستقفين عليها.
وهنا نريد تعيين الذي سيورث كلالة، ومن سيرثه؟، ومقدار الميراث، هذه أهم المسائل التي نستفيدها من الآية.
2. ترتيب المسائل بحيث تبدو مترابطة وتؤدي بنا إلى هذه المسائل المهمة، وغالبًا يستفاد الترتيب من ترتيب ألفاظ الآية.
3. الاستفادة من المسائل التي تبدو استطرادية في فهم معنى الآية، وحينئذ لن تكون كذلك
مثل الاستفادة من إعراب ( غير ) لبيان أن الضرر المنفي هو على الوصية.
التقويم:ب+
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 17 ذو القعدة 1441هـ/7-07-2020م, 12:53 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيا أبوداهوم مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)}
علوم الاية :
الوقف :
الوقف في قوله ( وتلك حدود الله ) :
وقف تام ، وذكر ذلك الأشموني والأنباري وأبو عمرو الداني .
وذكر السجاوندي تمام المعنى ، لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( خالدين فيها ) :
وقف حسن ، وذكر ذلك الأشموني .
وذكر السجاوندي تمام المعنى هنا أيضا ، لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( عظيم ) :
(تام) للابتداء بعده بالشرط.، وذكر ذلك الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله ( وندخله ) :
القراءة الأولى : القراءة بنون العظمة ، وهي قراءة نافع وابن عمر ، ذكره ابن عطية .
وهو مبني على استعمالاته في القرآن في مواضع أخرى [هذه العبارة غير واضحة؛ فإن قصدتِ الالتفات من ضمير الغيبة للمتكلم كما هو واضح في المثال، فيفضل توضيح ذلك ] ، كقوله تعالى : ( والذين كفروا بآيات الله ولقائه ) فجرى الكلام على الغيبة ، ثم قال ( أولئك يئسوا من رحمتي ) كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب .
وبهذا يكون المعنى على أنه اخبار الله تعالى عن نفسه ، ذكر ذلك بن زنجلة .
القراءة الثانية : قراءة الياء ، وهذا ما قرأه الباقون .
وهذه القراءة على أن الياء للغيبة ، وحجتهم هو قول الله تعالى : {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا}.
الراجح : أن هذه القراءات صحيحة ، فالقراءة الثانية ، حسنه أبو علي ( الحجة في علل القراءات السبع )، وكلا القراءاتين متواترة وثابتة ، وكلا القراءتين عن فعل الله ، فلا تعارض بالمعنين ،فقال أبو منصور : قال أبو منصور: من قرأ بالنون وبالياء فهو كله فعل الله عزَّ وجلَّ.
[فلا معنى هنا لوضع عنوان " الراجح " بل يكفي التعليق الذي وضعتيه بأن كلا القراءتين صحيحتين متواترتين]

مناسبة الآية :
هذه الآية اشارة إلى قسمة المواريث التي كانت في الآيات السابقة ، وهذا خلاصة ما ذكره ابن عطية .

مقصد الاية :
بيان الوعد [لمن أطاع الله عز وجل] ، وذكر ذلك ابن عطية .

المسائل التفسيرية :
المراد باسم الإشارة ( تلك ) :
اشارة إلى القسمة المتقدمة في المورايث ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير وغيرهم .

ضابط مقادير قسمة المواريث :
بحسب قربهم وفقدهم له عند عدمه ، ذكر ذلك ابن كثير .
[مرجع الضمير في قولكِ " له " غير واضح فجعل العبارة غامضة]
معنى الحدود :
الحدود في اللغة جمع حد .
قال الخليل أحمد : (حد: فَصلُ ما بينَ كُلِّ شيئين حَدٌّ بينهما. ومُنْتَهَى كُلِّ شيءٍ حدُّه.).
وهو الحجز المانع لأمر ما أن يدخل على غيره أو يدخل عليه غيره، ومن هذا قولهم للبواب حداد لأنه يمنع، ومنه إحداد المرأة وهو امتناعها عن الزينة، ذكره ابن عطية.

المراد بحدود الله :
اختلفوا في المراد بحدود الله على أقوال :
القول الأول : شروط الله ، وهو قول السدي .
وقول السدي أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 8/96) وابن المنذر في تفسيره (2/596)عن أسباط عن السدي .
ووجه هذا القول على أن الآيات السابقة تكلمت عن شروط دفع الأموال لليتامى أو للورث .
القول الثاني :سنة الله ، وهو قول سعيد .
وقول سعيد أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/890) عن عطاء عن سعيد .
وهذا القول من معانيها التي تتضمنها في اللغة ، فما سنه الله هو شرعه وهو الحد الفاصل بين الحلال والحرام ، كقوله تعالى : (سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )
القول الثالث : فرائض الله ، وهو قول أبي عبيدة .
وقول أبي عبيدة أخرجه ابن المنذر في تفسيره (2/577)عن الأثرم، عَنْ أبي عبيدة.
وهذا القول مبني على أن الآية متعلقة بالآية التي قبلها عن أحكام الفرائض ، فيكون الحدود هنا هو الفرائض والقسمة فيها ،وقد ذكر ذلك ابن جرير .
القول الرابع: طاعة الله ، وهو قول ابن عباس .
وقول ابن عباس أخرجه ابن جرير في تفسيره ( 8/96)وابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/890) عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .
ووجه هذا القول على أنها الحدود التي يكون فيها طاعة الله ، ومن جهة أخرى أنه عطف القول على طاعة الله في قوله ( وتلك حدود الله ومن يطع الله ) ، فهي الطاعة فيما أمر وما حده من حدود .
الراجح :
أنها كلها صحيحة وكلها من اختلاف التنوع ، لأنها كلها تدل على معنى واحد ، وقد ذكر ابن عطية أيضا ذلك .
فالحدود هو ما وضعه الشارع لبيان أوامر الله ونواهيه وما يمكن فعله وما يمنع من فعله ،
فقال ابن منظور في لسان العرب : وأَصل الحَدِّ الْمَنْعُ وَالْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فكأَنَّ حُدودَ الشَّرْعِ فَصَلَت بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ .
وقال الزمخشري في الكشاف : وسماها حدوداً، لأن الشرائع كالحدود المضروبة الموقتة للمكلفين، لا يجوز لهم أن يتجاوزوها ويتخطوها إلى ما ليس لهم بحق.

فائدة ( من ) :
شرطية تفيد العموم ، ذكر ذلك الرزاي .

معنى الطاعة :
الطاعة في اللغة : هو الانقياد ، كما ذكر ذلك الخليل أحمد وابن فارس وغيرهم من أهل اللغة .
واصطلاحا : فعل المأمورات وترك المنهيات ، وهذا خلاصة ما ذكره الكفوي وابن حجر وأبو البقاء وغيرهم .

المراد بطاعة الله :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :طاعة عامة لكل ما ذكر في الآيات السابقة عن أموال الأيتام وأحكام الأنكحة وقسمة الموريث ، وذكره الزمخشري .
وحجة هذا القول أن ( تلك ) يرجع إلى المذكور الأبعد مادام أنه لايوجد ما يمنع ذلك .
القول الثاني : الطاعة في قسمة المواريث ، وهو قول ابن جريج وذكر ذلك القول أيضا ابن عطية وابن كثيروغيرهم .
وقول ابن جريج أخرجه ابن المنذر في تفسيره ( 2/597) عن ابن ثور عن ابن جريج .
وابن جريج قال عنه الذهبي أنه ثقة لكنه يدلس .
وحجة هذا القول أن ( تلك ) يعود على أقرب مذكور .
الراجح :
أنها عامة تشمل الاية السابقة والآيات التي قبلها ، لعدم وجود مخصص ، وتشمل أيضا كل أنواع الطاعات .
قال الرزاي : قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: بَلْ هُوَ عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ هَذَا وَغَيْرُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ فَوَجَبَ أَنْ يَتَنَاوَلَ الْكُلَّ. أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا الْعَامَّ إِنَّمَا ذُكِرَ عَقِيبَ تَكَالِيفَ خَاصَّةٍ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْعُمُومِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَالِدَ قَدْ يُقْبِلُ عَلَى وَلَدِهِ وَيُوَبِّخُهُ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ، ثُمَّ يَقُولُ: احْذَرْ مُخَالَفَتِي وَمَعْصِيَتِي وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ مَنْعَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي جَمِيعِ الأمور، فكذا هاهنا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الغرض من العطف في قوله ( ومن يطع ) :
للاستئناف ، ذكره النحاس .

دلالة العطف في قوله ( ومن يطع الله ورسوله ) :
يدل على أن طاعة الرسول مساوية لطاعة الله ؛ لأن الرسول مبلغ عن الله ، ذكره ابن عاشور .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( رسوله ):
مرجعه إلى لفظ الجلالة ( الله ) ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية والزجاج .

دلالة صيغة المضارع في قوله ( يدخله ):
تدل الفعل على التجدد والحدوث ، ذكر ذلك السيوطي .

معنى جنات :
في اللغة: الجنات وهي البساتين ، وذكر ذلك الزجاج ( سورة البقرة ،ج1 ) .

سبب تسمية الجنة :
وسميت بذلك لأنها تجن من دخلها أي تستره، ومنه المجن والجنن وجن الليل نذكر ذلك ابن عطية ( سورة البقرة ،1/108).

دلالة تنكير ( جنات ) :
لأن الجنة اسم لدار الثواب ، وهي مشتملة على جنان كثيرة ، مرتبة مراتب على حسب استحقاقها للعاملين ، ذكره الزمخشري .

المراد ب(تحتها ) :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : تحت بناءها وأشجارها ، وهو قول سعيد جبير ،وذكر ذلك أيضا ابن عطية
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 3/ 891)عن عطاء بن دينار عن سعيد جبير
وعطاء بن دينار ضعيف ، فقد قيل أنه لم يسمع من سعيد بن جبير ( ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ).
القول الثاني : بإزائها كما تقول داري تحت دار فلان،وهذا القول ذكره ابن عطية في تفسيره للبقرة .
وهذا القول لم أجده .
و ضعفه ابن عطية .
الراجح : رجح ابن عطية وبقية المفسرين القول الأول ، ولدلالة اللغة على التحت وهو الأسفل .
فقال ابن منظور : تحت نقيض الفوق .

المراد بالأنهار :
أنهار الجنة ، ذكر ذلك ابن عطية .

نوع أل تعريف ( الأنهار ) :
فيه قولان :
القول الأول : أل للجنس ، وذكره البيضاوي .
وهذا القول على أنه العهد الذهني الذي يتبادر في الذهن عن سماع كلمة أنهار ، فيدل على الاستغراق .
القول الثاني : أل للعهد ، وذكره البيضاوي .
وعلى هذا القول يقصد بالأنهار التي ورد ذكرها في سورة محمد .

الراجح :
أن القولان محتملان ، ويعتمد القول الأول على نزول السورة هل هي مدنية أو مكية ، فيصح إن كانت السورة مدنية ، ويصح القول الثاني إن كانت السورة مكية ، وقد صح أن السورة مدنية ، وهذا قد ذكره شهاب الدين في حاشيته للبيضاوي ، فقد روى البخاري في صحيحه ، عن عائشة أنها قالت : " ما نزلت سورة النساء إلا وأنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ،ولكن القول الثاني أيضا محتمل من جهة أخرى وهو أن القرآن يفسر بعضه بعضا فما جاء مجملا في جهة يأتي مفصلا من موضع آخر منه أو في السنة ، فقد جاء تحديده هذه الأنهار في سورة محمد .

معنى الخلود :
في اللغة : من دوام البقاء والثبوت .
قال ابن فارس : (خَلَدَ) الْخَاءُ وَاللَّامُ وَالدَّالُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الثَّبَاتِ وَالْمُلَازَمَةِ، فَيُقَالُ: خَلَدَ: أَقَامَ.

الفائدة البلاغية في جمع ( خالدين ) بعد الإفراد:
مراعاة للفظ مَنْ وعكس ذلك لايجوز ، ذكره ابن عطية .
وذكر النحاس (اعراب القرآن وبيانه ) سبب آخر فقال : لأن كل من دخل الجنة كان خالدا فيها أبدا أو لتفاوت درجات الخالدين. أما أهل النار فبينهم الخالدون وغير الخالدين من عصاة المؤمنين، فساغ الجمع هناك ولم يسغ هنا. لأن الخالدين في النار فرقة واحدة أما الخالدون في الجنان فهم طبقات بحسب تفاوت درجاتهم.

الغرض من الواو في قوله ( وذلك الفوز العظيم ) :
حالية أو اسئنافية ، وذكر ذلك النحاس .

معنى (الفوز) :
الْفَوْزُ النجاة والخلاص، ذكر ذلك ابن عطية ( تفسير سورة التوبة ).

معنى( العظيم) :
قال الخليل أحمد : العِظم: مصدر الشيء العظيم. عَظُم الشيء عِظَماً فهو عظيم.

والسبب في و صف الفوز بالعظيم :
وصف الفوز بالعظيم اعتبارًا بفوز الدنيا ،ذكر ذلك الراغب الأصفهاني .

تفسير قوله تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)}
الوقف :
الوقف في قوله ( خالدافيها ) :
وقف جائز ، وذكر ذلك الأشموني .
وذكر السجاوندي سبب جوازه فقال : لأن ما بعده من تتمة الجزاء.

الوقف في قوله ( مهين ) :
تام ، لأنه آخر القصة ، وذكر ذلك الأشموني .

القراءات :
القراءة في قوله ( يدخله ) :
القراءة الأولى : القراءة بنون العظمة ، وهي قراءة نافع وابن عمر ، ذكره ابن عطية .
وهو مبني على استعمالاته في القرآن في مواضع أخرى ، كقوله تعالى : ( والذين كفروا بآيات الله ولقائه )، فجرى الكلام على الغيبة ، ثم قال ( أولئك يئسوا من رحمتي ) كما ذكر ذلك مكي بن أبي طالب .
وبهذا يكون المعنى على أنه اخبار الله تعالى عن نفسه ، ذكر ذلك بن زنجلة .
القراءة الثانية : قراءة الياء ، وهذا ما قرأه الباقون .
وهذه القراءة على أن الياء للغيبة ، وحجتهم هو قول الله تعالى : {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا}.
الراجح : أن هذه القراءات صحيحة ، فالقراءة الثانية ، حسنه أبو علي ( الحجة في علل القراءات السبع )، وكلا القراءاتين متواترة وثابتة ، وكلا القراءتين عن فعل الله ، فلا تعارض بالمعنين ،فقال أبو منصور : قال أبو منصور: من قرأ بالنون وبالياء فهو كله فعل الله عزَّ وجلَّ.
[نفس الملحوظة]
مناسبة الآية :
رجّى الله تعالى على التزام هذه الحدود في قسمة الميراث، وتوعد على العصيان فيها بحسب إنكار العرب لهذه القسمة، ذكره ابن عطية.

مقصد الآية :
الوعيد [على ..] ، ذكر ذلك ابن عطية .

معنى العصيان :
عصا في اللغة لها معنيان متباينان فيطلق على الإجتماع ويطلق على الافتراق ، وقد تكلم عن ذلك بن فارس القزويني في مقاييس اللغة .
وقال ابن فارس في مجمل اللغة : العصيان: خلاف الطاعة.
واصطلاحا: مخالفة الأمر ، وذكر ذلك القاضي أبو يعلى .

المراد بنوع المعصية في الآية :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول : الكفر ، وهو قول ذكره ابن جرير و القرطبي
وهذا القول مبني على استحلال تعدي حدود الله في قسمة المورايث أو رده ولم يرض بقسمته ، وهذا قول الكلبي ذكره علاء الدين في تفسير الخازن ، وخلاصة ما ذكره ابن جرير أيضا .
القول الثاني :الكبائر ، وهو قول ابن عباس وذكره ايضا القرطبي
وقول ابن عباس أخرجه النسائي في السنن الكبرى ( 10/60)و ابن المنذر في تفسيره ( 2/598)وابن أبي حاتم في تفسيره (3/891 ) عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وهذا الأثر صححه ابن حجر .
وهذا القول مبني على الأدلة التي فيها تدل على الإضرار بالوصية من الكبائر ،ويؤيد هذا أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد وغيره عن شهر ابن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنةً، فإذا أوصى حاف في وصيّته، فيختم بشرّ عمله، فيدخل النار؛ وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنةً، فيعدل في وصيّته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة». قال: ثمّ يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {تلك حدود اللّه} إلى قوله: {عذابٌ مهينٌ}.( وهذا الحديث صححه أحمد شاكر ) .
ومبني على شدة الوعيد في الآية فيدل على أنها في الكبائر وليس في الصغائر ، فقال تعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) .
والراجح : أنها تشمل القولين وتحتملها اية الوعيد ، فمن رد قسمة المواريث ولم يرضا بها فهو رد حكم حكم الله وهذا كفر ، لدلالة قوله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) وقوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ومن جهة أخرى اضرار الآخرين في الوصية من الكبائر التي توعد الله عليها كما صح ذلك في الأثر .
وقال السعدي : اسم المعصية الكفر فما دونه من المعاصي.

المراد بالعصيان :
القول الأول : عصيان عام ، وهذا قول للمحققون [للمحققين] وذكره الرازي .
وحجة هذ القول أن اللفظ عام فيدخل فيه المواريث وغيرها .
القول الثاني : في قسمة المواريث ،وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير وابن جريج خلاصة ما ذكره ابن عطية و ابن كثير.
وقول ابن عباس أخرجه بن جرير في تفسيره (6/491)عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/891) وابن المنذر في تفسيره (2/598)عن عكرمة عن ابن عباس بألفاظ مختلفة . .
وقول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 2/218) عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير .
وقول مجاهد أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ( 2/218)عن عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ.
وهذا القول مبني على حديث النبي صلى الله عليه وسلم في التحذير من الظلم في الوصية والإضرار فيها ،من حديث ابي هريرة ، فقد أخرج الإمام أحمد عن شهر ابن حوشب، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ الرّجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنةً، فإذا أوصى حاف في وصيّته، فيختم بشرّ عمله، فيدخل النار؛ وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشّرّ سبعين سنةً، فيعدل في وصيّته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنّة». قال: ثمّ يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {تلك حدود اللّه} إلى قوله: {عذابٌ مهينٌ}.
القول الثالث : في عصيان في كل ما ذكر في الآيات السابقة ، وهذا قول ذكره الرزاي .
[لماذا فرقتِ بين هذه المسألة والتي قبلها]
الراجح :
الراجح أن الوعيد يشمل لكل أنواع العصيان غير أن الوعيد بالخلود في النار الأبدي خاص بالكفار ، كما قال تعالى : ( إن الله لا يعفر [يغفر] أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، وقال تعالى أيضا ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) . والقول بأنه عام رجحه الرازي ، من جهة استعمالات العرب في الكلام .
فقال الرزاي : أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَالِدَ قَدْ يُقْبِلُ عَلَى وَلَدِهِ وَيُوَبِّخُهُ فِي أَمْرٍ مَخْصُوصٍ، ثُمَّ يَقُولُ: احْذَرْ مُخَالَفَتِي وَمَعْصِيَتِي وَيَكُونُ مَقْصُودُهُ مَنْعَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ فِي جَمِيعِ الأمور، فكذا هاهنا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وقال ابن عاشور : آيَاتِ الْوَعِيدِ لَفْظُهَا عُمُومٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ فِي الْكَفَرَةِ، وَفِيمَنْ سَبَقَ عِلْمُهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُعَذِّبُهُ مِنَ الْعُصَاةِ. وَآيَةُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ جَلَتِ الشَّكَّ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ:
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ مُبْطِلٌ لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَقَوْلَهُ: لِمَنْ يَشاءُ رادّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ غُفْرَانَ مَا دُونُ الشِّرْكِ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ».

فائدة العطف في قوله ( يعص الله ورسوله ):
دليل على المساواة في الحكم في معصية الرسول ، وهذا حاصل ما ذكره ابن عاشور من خلال تفسيره للآية السابقة .

معنى (يتعد):
أي تجاوز الحد ، ذكر ذلك الزجاج و ابن كثير .

معنى الحدود :
سبق ذكره في الآية السابقة .

المراد بالحدود :
سبق ذكره في الآية السابقة .

مرجع الضمير الهاء في قوله ( حدوده ):
على لفظ الجلالة ( الله ) ، وهذا حاصل ماذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

فائدة صيغة المضارع في قوله ( يدخله ) :
سبق ذكره في تفسير الآية السابقة .

دلالة تنكير قوله ( نارا ) :
للتعظيم والتهويل ، وذكره وليد قاصب في علم المعاني .

معنى ( خالدا ) :
سبق ذكره في الآية السابقة.

موضع ( خالدا ) في الإعراب :
اختلفوا فيه على قولين :
الأول : نعت لجنات ، ذكره الزجاج . [يدخله نارًا خالدًا فيها]
الثاني : منصوب على الحال ، ذكره الزجاج .
وهذا القول على بمعنى : يدخله مقدَّراً له الخلود فيها.
وهو مبني على اعتبار اللفظ والمعنى وهي مقدرة ، لأن الخلود بعد الدخول . [يفضل هنا التفصيل، لفظ ماذا، ومعنى ماذا وربما اتضحت هذه المسألة ولله الحمد بعد دورة السبيل إلى فهم القرآن]
الراجح : أجاز الزجاج القولين ، لكن ابن عادل رجح القول الثاني ، فقال ابن عادل : أنَّ الصِّفة إذا جَرَتْ على غير مَنْ هي له وجب إبرازُ الضَّمير مطلقاً على مذهب البصريين ألْبسَ أو لم يُلْبَسْ.

المراد بالخلود :
اختلفوا فيه على قولين :
القول الأول :خلود أبدي لا خروج منها ، وهو حاصل ماذكره النحاس وابن جرير والقرطبي وابن عاشور وغيرهم .
القول الثاني : خلود مؤقت لعصاة المؤمنين ،وهو حاصل ما ذكره النحاس والقرطبي و ابن عاشور وغيرهم .
الراجح :
الراجح أن الخلود الأبدي لمن يرد حكم الله في المورايث ، فيكفر بسبب ذلك ، ويكون مخلدا في النار لايخرج منها إن مات على ذلك دون توبة ، وأما من لم يرد حكم الله في القسمة فيكون من الكبائر ، ويكون الخلود هنا مستعارا ، كما ذكر ذلك القرطبي وغيره .
قال ابن الجوزي : قوله تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ فلم يرض بقسمه يُدْخِلْهُ ناراً، فان قيل: كيف قطع للعاصي بالخلود؟ فالجواب: أنه إِذا ردَّ حكم الله، وكفر به، كان كافرا مخلدا في النار.

مرجع الضمير في قوله ( فيها ) :
يرجع الضمير على النار ، وهو حاصل ما ذكره الزجاج والنحاس وغيرهم .

معنى مهين :
الإهانة والعذاب الأليم والمقيم ، ذكر ذلك ابن كثير .
وفي اللغة : من المَهانة الحَقَارة والصُّغْر، ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب .

دلالة عصيان أمر الله في تقسيم الورث :
عَدَمِ الرِّضَا بِمَا قَسَمَ اللَّهُ وَحَكَمَ بِهِ، ذكره ابن كثير .

السبب في المجازاة بالإهانة :
لِكَوْنِهِ غَيَّرَ مَا حَكَمَ اللَّهُ بِهِ وَضَادَّ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ، ذكره ابن كثير .

مناسبة ختم الآية ( وله عذاب مهين ) :
لأن منع النساء والأطفال استهانة بهم ، ناسب ختمها بالعذاب المهين ، وذكر ذلك البقاعي ، وهذا مبني على أن المعصية المراد بها هنا في إيتاء حق الورثة .
وأما لو كان المعصية تدل على لفظ عام وتشمل جميع المعاصي ، فقد ذكر أبو حيان مناسبة أخرى .
فقال أبو حيان : لأن العاصي المتعدّي للحدود برز في صورة من اغتر وتجاسر على معصية الله.
وقد تقل المبالاة بالشدائد ما لم ينضم إليها الهوان، ولهذا قالوا: المنية ولا الدنية.

مسألة لغوية:
الوجه البلاغي في الآيتين :
مساواة ، ذكره مصطفى الصاوي .

الوجه البلاغي في قوله :(ومن يطع )( ومن يعص ):
طباق ، ذكره أبو حيان .

مسألة عقدية استطرادية :
خروج العصاة من النار :
فيه قولان : [أفضل هنا أن تكون الصياغة بهذه الطريقة: اختلفت الفرق في هذه المسألة؛ فكان قول أهل السنة والجماعة ....
وأما قول المعتزلة و ....
وذلك حتى لا يظهر الأمر على أنها مسألة خلافية معتبرة نبحث فيها عن الترجيح، وإنما هو خلافٌ بين الحق والباطل نظهر أدلة الحق، وبطلان الباطل]

القول الأول : خروج العصاة الموحدين ، وهو الذي عليه مذهب أهل السنة والجماعة ، وقول شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره .
وحجة هذا القول أدلة القرآن والسنة ، كقوله تعالى : ( إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ) ، فدل على أن أهل المعاصي من أهل التوحيد يغفر الله لهم ، وقوله تعالى : ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا . ثم ننجي الذين اتقوا ) دليل على نحاة عصاة الموحدين من النار ، ومن جهة أخرى من جهة اللغة ، فالخلود لا يلزم منه عدم الخروج لأنه يأتي بمعنى طول البقاء والمكث ، كما ذكر ذلك ابن منظور وابن فارس وغيرهم من أهل اللغة .
القول الثاني : الخلود الأبدي وعدم الخروج من النار ، وهذا قول المعتزلة وفرق الخوارج .
الراجح :
القول الأول هو الأرجح وهو الصحيح ،لدلالة الكتاب والسنة ، ومنها أحاديث الشفاعة لعصاة الموحدين .

التقويم: أ+
أثني على مجهودك في التلخيص واستيعابكِ للمصادر والمسائل وأرجو أن تفيدكِ الملحوظات اليسيرة أعلاه، وأشكر للأستاذة فاطمة الزهراء مجهودها في التعليق.
وهناك ملحوظة عامة أستاذة هيا على تلخيصاتك عمومًا بالنسبة للحكم على الآثار
لا نتعجل في الحكم على الأثر بالصحة والضعف لمجرد وجود ضعف ما في أحد رواة الإسناد، فللأمر تفاصيل أخرى
وفي التفسير إن كان القول للمفسر نفسه فربما لا يقدح فيه ضعفه عند أهل الحديث فقد يكون الضعف من جهة الضبط، لكن للراوي أقوال حسنة في التفسير.
فإذا أردتِ نقل فائدة في قول العلماء في الرواي كإضافة لتلخيصكِ تستفيدين منها بعد ذلك فيمكنكِ تلوينها بلون خافت، تمييزًا لها أنها ليست أصلا في التلخيص ولا حكمًا على الأثر، ولكن خشية أن تضيع منكِ، حتى تمتلكين معرفة أسانيد التفسير وعلله بإذن الله.
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 17 ذو القعدة 1441هـ/7-07-2020م, 01:15 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء احمد مشاهدة المشاركة
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)
-سبب النزول :
قال الربيع: «الآية الأولى قوله: {إنّما التّوبة على اللّه هي في المؤمنين}، والآية الثانية قوله: {وليست التّوبة} الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة ».ذكره ابن عطية
قول الربيع رواه عنه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي . [هذا ليس بيانًا لسبب النزول بقدر ما هو بيان لما يدخل فيه تفسير الآية، والمسألة فيها خلاف.
وفي الكلام مسألة أخرى وهي مسألة النسخ وفيها تفصيل آخر ينبغي بيانه طالما تطرقت إليه]

مقصد الآية :
بيان رحمة الله عز وجل بعباده بقبول توبتهم إذا أنابوا إليه ورجعوا إلى طريقه وهديه وإرشادهم إلى المسارعة بالتوبة قبل حضور الأجل وإغلاق باب التوبة ووعدهم بقبول توبتهم إن حققوا شروط التوبة الصحيحة .
المسائل التفسيرية :
-معنى (إنما):
هي حاصرة، وهو مقصد المتكلم بها أبدا، فقد تصادف من المعنى ما يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله تعالى: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ} وقد تصادف من المعنى ما لا يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله: إنما الشجاع عنترة فيبقى الحصر في مقصد المادح، ويتحصل من ذلك لكل سامع تحقيق هذه الصفة للموصوف بمبالغة. ذكره ابن عطية
-دلالة إنما في قوله تعالى (إنما التوبة )
هي حاصرة [هذا نفس ما ذكرتيه في المسألة السابقة وهنا يمكنك بيان معنى الحصر في الآية، أي ما يقع عليه الحصر] وهي في عرف الشرع:الرجوع من شر إلى خير.ذكره ابن عطية . [هذا تعريف التوبة شرعًا]
-حد التوبة :
حد التوبة: الندم على فارط فعل، من حيث هو معصية الله عز وجل، وإن كان الندم من حيث أضر ذلك الفعل في بدن أو ملك فليس بتوبة.ذكره ابن عطية
-حكم التوبة :
التوبة فرض على المؤمنين بإجماع الأمة، والإجماع هي القرينة التي حمل بها قوله تعالى: {وتوبوا إلى اللّه جميعاً } على الوجوب.ذكره ابن عطية
-شروط صحة التوبة:
من شروطها:
1- العزم على ترك الفعل الذي تاب منه في المستقبل
2-الندم على الذنب الذي تاب منه
وإن كان ذلك الفعل لا يمكنه، مثل أن يتوب من الزنا فيجب بأثر ذلك ونحو ذلك، فهذا لا يحتاج إلى شرط العزم على الترك، [والعزم على ألا يعود إلى الذنب] لوتصح التوبة من ذنب من الإقامة على غيره من غير نوعه، خلافا للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائبا من أقام على ذنب، وتصح التوبة وإن نقضها التائب في ثاني حال بمعاودة الذنب، فإن التوبة الأولى طاعة قد انقضت وصحت، وهو محتاج بعد موافقة الذنب إلى توبة أخرى مستأنفة. [ومن الشروط أيضًا الإخلاص، وإصلاح المفسدة ما أمكن إن كان الذنب متعلق بحق الناس، وأن يكون في وقت التوبة - الذي ذكرتيه في المسألة التالية-]
.ذكره ابن عطية
-وقت قبول التوبة :
بعد عمل الذنب مباشرة إلى قبل الغرغرة وحضور الآجل وفي هذا بيان لعفو الله وكرمه ورحمته بعباده ،روى بشير بن كعب والحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ويغلب على عقله».ذكره ابن كثير .

- معنى توبة الكافر :
توبته هي ندمه على سالف كفره.ذكره ابن عطية [والرجوع من الكفر إلى التوحيد - وهذا مفهوم من مجموع كلام ابن عطية في هذه المسألة- ]
-معنى على في قوله تعالى (إنما التوبة على الله )
(على ) هُنا حَرْفٌ لِلِاسْتِعْلاءِ المَجازِيِّ بِمَعْنى التَّعَهُّدِ والتَّحَقُّقِ كَقَوْلِكَ: عَلَيَّ لَكَ كَذا، فَهي تُفِيدُ تَحَقُّقَ التَّعَهُّدِ.
والمعنى : التَّوْبَةُ تَحِقُّ عَلى اللَّهِ، وهَذا مَجازٌ في تَأْكِيدِ الوَعْدِ بِقَبُولِها حَتّى جُعِلَتْ كالحَقِّ عَلى اللَّهِ، ولا شَيْءَ بِواجِبٍ عَلى اللَّهِ إلّا وُجُوبُ وعْدِهِ بِفَضْلِهِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إخْبارُهُ تَعالى عَنْ أشْياءَ أوْجَبَها عَلى نَفْسِهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ تِلْكَ الأشْياءِ سَمْعًا ولَيْسَ وُجُوبًا.ذكره ابن عاشور . [هذه من المسائل العقدية، فمصدرها تفاسير أهل السنة، لأنها من المسائل الدقيقة التي حصل فيها خلاف بين الفرق، رحم الله ابن عطية وابن كثير وابن عاشور وأسكنهم فسيح جناته]
-معنى الجهالة :
الجَهالَةُ هاهُنا جَهالَةُ العَمَلِ، وإنْ كانَ عالِمًا بِالتَّحْرِيمِ،، قالَ قَتادَةُ: أجْمَعَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى أنَّ كُلَّ ما عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فَهو جَهالَةٌ، عَمْدًا كانَ أوْ لَمْ يَكُنْ، وكُلَّ مَن عَصى اللَّهَ فَهو جاهِلٌ.ذكره ابن القيم
قول قتادة رواه عبد الرزاق و ابن جريرمن طريق عبد الرزاق عنه .
-المراد بالجهالة في الآية :
ورد في ذلك عدة أقوال :
أحَدُها: أنَّ كُلَّ ذَنْبٍ أصابَهُ الإنْسانُ فَهو بِجَهالَةٍ، وكُلَّ عاصٍ عَصى فَهو جاهِلٌ، وهو قَوْلُ أبِي العالِيَةِ.
والثّانِي: يُرِيدُ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ عَمْدًا، والجَهالَةُ العَمْدُ، وهو قَوْلُ الضَّحّاكِ، ومُجاهِدٍ.
والثّالِثُ: الجَهالَةُ عَمَلُ السُّوءِ في الدُّنْيا، وهو قَوْلُ عِكْرِمَةَ.هذا حاصل ماذكره المفسرون .
وقال الفراء أن معناه: أنهم جهلوا كُنْه ما فيه من العقاب، فلم يعلموه كعلم العالم، وإن علموه ذنبًا، فلذلك قيل:"يعملون السوء بجهالة".
هذا حاصل ماذكره المفسرون من الأقوال .

-التخريج :
أما قول أبي العالية فرواه عنه ابن جرير من طريق قتادة .
وأما قول الضحاك فرواه عنه ابن جرير من طريق جويبر
وأما قول مُجاهِد فرواه عنه ابن جرير من طريق الثوري
وأما قول عكرمة فرواه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان .
-الترجيح :
رجح الطبري القول بأن معناها هو :إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء، وعملهم السوء هو الجهالة التي جهلوها، عامدين كانوا للإثم، أو جاهلين بما أعدّ الله لأهلها ،
ووجه ذلك كما قال أنه غير موجود في كلام العرب تسمية العامد للشيء:"الجاهل به"، إلا أن يكون معنيًّا به أنه جاهل بقدر منفعته ومضرّته، فيقال:"هو به جاهل"، على معنى جهله بمعنى نفعه وضره،وضعف ابن عطية قول عكرمة وذلك لأنه جعل «الجهالة اسم للحياة الدنيا»، كما ضعف ابن جرير وابن عطية قول الفراء ،
لأنه كما الطبري لو كان الأمر على ما قال صاحب هذا القول، لوجب أن لا تكون توبة لمن علم كُنْه ما فيه، وهذا مخالف لما جاء في الكتاب والسنة ،قال تعالى :(إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا﴾ [سورة الفرقان: 70]
-معنى قوله (يتوبون من قريب )
أي :يتوقفون قبل الموت، لأن ما بين الإنسان وبين الموت قريب، فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت).ذكره الزجاج .
-المراد بقوله ( من قريب )
ورد فِيهِ ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ:
أحَدُها: ثُمَّ يَتُوبُونَ في صِحَّتِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِمْ، وقَبْلَ مَرَضِهِمْ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، والسُّدِّيِّ.
والثّانِي: قَبْلَ مُعايَنَةِ مَلَكِ المَوْتِ، وهو قَوْلُ ابن عباس و الضَّحّاكِ، وأبِي مِجْلَزٍ ومحمد بن قيس .
والثّالِثُ: قَبْلَ المَوْتِ، قالَ عِكْرِمَةُ: الدُّنْيا كُلُّها قَرِيبٌ.و قاله ابن زيد والضحاك .هذا حاصل ماذكره المفسرون من الأقوال في هذه المسألة .
التخريج :
القول الأول :
أما قول ابن عباس فرواه عنه ابن جرير من طريق أبي صالح
وأما قول السدي فرواه عنه ابن جرير من طريق أسباط
القول الثاني :
أما قول ابن عباس فرواه عنه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة
وأما قول الضحاك فرواه عنه ابن جرير من طريق جويبر
وأما قول أبي مجلز فرواه عنه ابن جرير من طريق عمران بن حيدر
وأما قول محمد بن قيس فرواه عنه ابن جرير من طريق أبي معثر
القول الثالث :
قول عكرمة رواه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان
وقول زيد رواه عنه ابن جريرته طريق ابن وهب
وقول الضحاك رواه عنه الثوري وابن جرير من طريق رجل ولَم يسمياه.
ورواه عنه ابن أبي حاتم من طريق النضر بن طهمان ،ورواه عنه أيضًا سعيد بن منصور من طريق شيخ من أهل الكوفة ،فلا أدري هل الرجل الذي سماه ابن أبي حاتم هو نفس الرجل الذي لم يسميه ابن جرير وهو الشيخ الكوفي أو غيره .
الترجيح :
الراجح من هذه الأقوال هو ما رجحه الطبري رحمه الله فقال : يتوبون قبل مماتهم، في الحال التي يفهمون فيها أمر الله تبارك وتعالى ونهيَه، وقبل أن يُغلبوا على أنفسهم وعقولهم، وقبل حال اشتغالهم بكرب الحَشْرجة وغمّ الغرغرة، ويؤيد صحة هذا القول ما روي عنه صلى الله عليه وسلم :إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ" رواه الترمذي وأحمد ، ويدخل في معنى قوله تعالى (من قريب ) القولين الآخرين أيضًا ولا منافاة بين الأقوال ،فهو كما قال ابن عطية ابن عباس اختار أحسن الأوقات للتوبة والآخرون حددوا وقت قبولها .هذا والله أعلم بالصواب . [من المفترض أن تبدأي بهذا قبل بيان قول ابن جرير، وهو تقرير إمكانية الجمع بين الأقوال، بأسلوبك، وبيان وجه الجمع، ثم بيان كلام المفسرين]
-معنى قوله ( فأولئك يتوب الله عليهم ) :
أي :يرزقهم إنابةً إلى طاعته، ويتقبّل منهم أوبتهم إليه، وتوبتهم الّتي أحدثوها من ذنوبهم.ذكره ابن كثير
-معنى (إن الله كان عليمًا حكيمًا )
أي بمن يتوب وييسره هو للتوبة حكيما فيما ينفذه من ذلك، وفي تأخير من يؤخر حتى يهلك).ذكره ابن عطية
-مسألة عقدية :
دلالة على في قوله تعالى :(على الله )
اختلف المفسرون في ذلك على قولين :
1-أن على تقتضي الوجوب سمعا لإخبار الله تعالى عنها ، ولا يكون وجوبها عقلًا لأنه لا يجب( على) الله شيء عقلًا ،ولا شَيْءَ بِواجِبٍ عَلى اللَّهِ إلّا وُجُوبُ وعْدِهِ بِفَضْلِهِ.
ومن هذه الأشياء تخليد الكفار في النار وقبول التوبة وغير ذلك .
2-أن (على) تقتضي غلبة الظن
قال أبو المعالي وغيره: فهذه الظواهر إنما تعطي غلبة ظن لا قطعا على الله بقبول التوبة.وأبو المعالي يجعل تلك الأخبار ظواهر مشروطة بالمشيئة.
ذكرهذين القولين ابن عطية ورجح منها الأول .
وبين شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – موقف السلف في مسألة الوجوب على الله، حيث يقول:
"وأما الإيجاب عليه سبحانه وتعالى، والتحريم بالقياس على خلقه، فهذا قول القدرية – أي المعتزلة – وهو قول مبتدع مخالف لصحيح المنقول وصريح المعقول. وأهل السنة متفقون على أنه سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن العباد لا يوجبون عليه شيئا.
ولهذا كان من قال من أهل السنة بالوجوب قال: إنه كتب على نفسه الرحمة، وحرم الظلم على نفسه، لا أن العبد نفسه مستحق على الله شيئا كما يكون للمخلوق على المخلوق، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير فهو الخالق لهم وهو المرسل إليهم الرسل، وهو الميسر لهم الإيمان والعمل الصالح" اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم . [هذه تُذكر ضمن المسائل التفسيرية، فهي أساسية في تفسير الآية ومعنى قوله تعالى: {إنما التوبة على الله} ]

قال تعالى :(ولَيۡسَتِ ٱلتَّوۡبَةُ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰۤ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ إِنِّي تُبۡتُ ٱلۡـَٔـٰنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمۡ كُفَّارٌۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أليمًا )(18)﴾
-سبب النزول :
ذكر المارودي أن في سبب نزولها قولان :
أحَدُهُما: وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ أنَّها نَزَلَتْ في عُصاةِ المُسْلِمِينَ.
والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ، وهو قَوْلُ الرَّبِيعِ.
قال الربيع: «الآية الأولى قوله: {إنّما التّوبة على اللّه هي في المؤمنين}، والآية الثانية قوله: {وليست التّوبة} الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى: {إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فحتم أن لا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته لم ييئسهم من المغفرة ».ذكره ابن عطية
قول الربيع رواه عنه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي .
الراجح هو قول الجمهور والله أعلم ، قال الطبري : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب ما ذكره الثّوريّ أنّه بلغه أنّه في الإسلام، وذلك أنّ المنافقين كفّارٌ، فلو كان معنيًّا به أهل النّفاق لم يكن لقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} معنًى مفهومٌ، لأنّهم إن كانوا هم والّذين قبلهم في معنًى واحدٍ من أنّ جميعهم كفّارٌ، فلا وجه لتفريق أحكامهمٍ والمعنى الّذي من أجله بطل أن تكون توبة واحدٍ مقبولةً، وفي تفرقة اللّه جلّ ثناؤه بين أسمائهم وصفاتهم بأن سمّى أحد الصّنفين كافرًا، ووصف الصّنف الآخر بأنّهم أهل سيّئاتٍ، ولم يسمّهم كفّارًا ما دلّ على افتراق معانيهم، وفي صحّة كون ذلك كذلك صحّة ما قلنا، وفساد ما خالفه).
[ولم لا نقول بالعموم؟
وينبني عليها تحديد المراد بـ {لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ }
فليس معنى قول المفسرين " نزلت في كذا " أنه تعبير عن سبب النزول بقدر ما هو بيان لتفسير الآية، وهو لفظ يحتمل سبب النزول والتفسير، لكن قولهم حصل كذا فنزلت الآية صريح في سبب النزول]

-حكم النسخ في الآية :
قال قومٌ: هذه الآية منسوخةٌ عن أهل التوحيد، نسخها الله بقوله: {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48]. حرّم الله المغفرة على من مات وهو مشرك. وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته. وهذا قول ينسب إلى ابن عباس.
واحتجوا بأنّ المراد من قوله عليه الصلاة والسلام (إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر بنفسه)) أهل الكفر دون أهل الذنوب من الموحدين - والله أعلم بذلك.)
أخرج قول ابن عباس ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه .
وقيل أنها محكمة : 
واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر بنفسه)) والغرغرة: هي عند حضور الموت ومعاينة الرسل لقبض الروح، فعند ذلك لا تقبل التّوبة على هذا الحديث فيكون، كالآية.ذكره الأنباري وابن عطية .
-الترجيح :
رجح ابن عطية القول بأنها محكمة ، ووجه ذلك من حيث أن الآيتين منبنيتان ولا يحتاج فيهما إلى تقرير نسخ، لأن هذه الآية لم تنف أن يغفر للعاصي الذي لم يتب من قريب، فنحتاج أن نقول، إن قوله: {ويغفر ما دون ذلك} نسخها وإنما نفت هذه الآية أن يكون تائبا من لم يتب إلا مع حضور الموت. ذكره ابن عطية .
المسائل التفسيرية :
-المعنى الإجمالي للآية :
لفظ هذه الآية عامٌ يوجب الإياس من قبول توبة من عاين الرّسل عند الموت وحضره الموت مؤمنًا كان أو كافرًا.ذكره أبو طالب القيسي.
--سبب عدم قبول التوبة عند الغرغرة :
لأنهم تابوا في وقت لا يمكن الإقلاع بالتصرف فيما يحقق التوبة
ولأنهم صاروا في حيز اليأس، وحضور الموت هو غاية قربه، كما كان فرعون حين صار في غمرة الماء والغرق، فلم ينفعه ما أظهر من الإيمان، وبهذا قال ابن عباس وابن زيد وجماعة المفسرين. هذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية
-فأما قول ابن عباس فأخرجه عنه ابن جرير من طريق أبي صالح
وأما قول ابن زيد فأخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن وهب
-المراد بالسيئات :
ورد في ذلك ثلاثة أقوال :
أحَدُها: الشِّرْكُ، قالَهُ أبو العالية وسفيان الثوري .
والثّانِي: أنَّها النِّفاقُ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.والربيع بن أنس.
والثّالِثُ: أنَّها سَيِّئاتُ المُسْلِمِينَ، قالَهُ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ، واحْتَجَّ بِقَوْلِهِ ﴿وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهم كُفّارٌ﴾ .خلاصة ما ذكره المفسرون .
-تخريج الأقوال :
فأما قول أبي العالية فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الربيع
وأما قول الثوري فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن جحادة
القول الثاني :
فأما قول أبو العالية فأخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق الربيع
وأما قول الربيع فأخرجه عنه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي
القول الثالث :
قول سفيان الثوري أخرجه عنه ابن جرير من طريق ابن المبارك .
-الترجيح :
الراجح والله أعلم هو قول الثّوريّ أنّ المراد بهاسيئات المسلمين ، وذلك أنّ المنافقين كفّارٌ، فلو كان معنيًّا به أهل النّفاق لم يكن لقوله: {ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ} معنًى مفهوم ،كما ذكر الطبري رحمه الله .
[وعند التأمل وإعمال قواعد التفسير يمكن الجمع بين الأقوال]
-معنى حتى في قوله ( حتى إذا حضر أحدهم الموت ):
حتى حرفُ ابتداء، والجملةُ الشرطية بعدها غايةٌ لِما قبلها أي: ليست التوبةُ لقومٍ يعملون السيئات، وغاية عَمِلهم إذا حضرهم الموتُ قالوا: كيت وكيت، وهذا وجه حسن.ذكره السمين الحلبي
-معنى الآن في قوله ( إني تبت الآن ):
يعني وقت الغرغرة ومعاينة الموت لأن باب التوبة يغلق في هذا الوقت .
-إعراب (الذين ) ومعناها :
قوله: {وَلاَ الذين يَمُوتُونَ} «الذين» مجرورُ المحل عطفاً على قوله «للذين يعملون» أي ليست التوبةُ لهؤلاء ولا لهؤلاء، فَسَوَّى بين مَنْ مات كافراً وبين مَنْ لم يتب إلا عند معاينةِ الموتِ في عدم قبول توبتِه. ذكره السمين الحلبي
إعراب ( أولئك ) و مرجع الإشارة فيه :
قوله: «أولئك» مبتدأ، و «أَعْتَدْنا» خبرُه، و «أولئك» يجوز أن يكونَ إشارةً إلى «الذين يموتون وهم كفار/، لأنَّ اسم الإِشارة يَجْري مَجْرى الضميرِ فيعودُ لأقربِ مذكور، ويجوزُ أَنْ يُشارَ به إلى الصِّفتين: الذين يعملون السيئات والذين يَمُوتون وهم كفار.ذكره السمين الحلبي
بيان نوع العذاب في الآية :
قال ابن عطية :إن كانت الإشارة إلى الذين يموتون وهم كفار فقط، فالعذاب عذاب خلود، وإن كانت الإشارة إليهم وإلى من ينفذ عليه الوعيد، ممن لا يتوب إلا مع حضور الموت من العصاة فهو في جهة هؤلاء، عذاب ولا خلود معه.
-معنى ( أعتدنا):
معناه: يسرناه وأحضرناه.ذكره ابن عطية
-معنى (أليما ):
أي: مؤلما موجعا مقيما ، والمؤلم الذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ). ذكره الزجاج وابن كثير
-مسائل عقدية :
-وقت خلق النار :
ظاهر هذه الآية أن النار مخلوقة بعد.ذكره ابن عطية
والذي عليه أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار لا تفنيان. كما قال الطحاوي في عقيدته المشهورة: والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان ولاتبيدان .
-حال الكفار في الآخرة :
أعلم الله تعالى أيضا أن الّذين يموتون وهم كفّارٌ فلا مستعتب لهم ولا توبة في الآخرة.ذكره ابن عطية
-حال العصاة من المسلمين في الآخرة :
إن كان مؤمنا عاصيًا ولم يتب قبل موته فهو عاص في المشيئة، لكن يغلب الخوف عليه، ويقوي الظن في تعذيبه، ويقطع من جهة السمع أن من هذه الصنيفة من يغفر الله له تعالى تفضلا منه ولا يعذبه.ذكره ابن عطية

بارك الله فيكِ أختي الفاضلة ونفع بكِ.
ما زال تلخيصكِ بحاجة لإعادة ترتيب وتنظيم لتحرير بعض المسائل، وأرجو أن تستفيدي منه في كتابة رسالة في تفسير هذه الآيات أو درس في التفسير.
وأرجو الاعتناء بتحديد مخرج الأثر عند تعدد الطرق، وأرجو أن تستفيدي من ملحوظات أستاذة هيا بارك الله في جهدها وعلمها.
التقويم: ب
وفقكِ الله وسددكِ.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 17 ذو القعدة 1441هـ/7-07-2020م, 10:45 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بدرية صالح مشاهدة المشاركة
]تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا (21)}
مقصد الآية
نفي الظلم عن النساء وعدم الإضرار بهن ، ومعاشرتهن بالمعروف .
قال ابن عاشور : هذه الآية اسْتِئْنَافُ تَشْرِيعٍ فِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ الَّتِي كَانَ سِيَاقُ السُّورَةِ لِبَيَانِهَا وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَزَلْ آيُهَا مُبَيِّنَةً لِأَحْكَامِهَا تَأْسِيسًا وَاسْتِطْرَادًا، وَبَدْءًا وَعَوْدًا، وَهَذَا حُكْمٌ تَابِعٌ لِإِبْطَالِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ جَعْلِ زَوْجِ الْمَيِّتِ مَوْرُوثَةً عَنْهُ .
اختلف المتأولون في معنى قوله تعالى: {لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرهاً } على أقوال :.
[لعلكِ تقصدين " سبب النزول "]
-القول الأول ، أقوال عن ابن عباس
-روى البخاري وأخرجه أبو داوود والنسائي وابن مردويه وابن المنذر في تفسيره من طرق عن ابن عباس: «كانوا في الجاهلية إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته من أهلها، إن شاؤوا تزوجها أحدهم، وإن شاؤوا زوجوها من غيرهم، وإن شاؤوا منعوها الزواج» ، فنزلت الآية.
-وقول ثاني لابن عباس ، روى ابن المنذر وابن جرير الطبري في تفسيرهما فقال : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ " {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} قَالَ ابْنُ جريج: قَالَ عطاء: عَنِ ابْن عَبَّاس، كَانَ الرجل إذا مات أبوه أو حميمه كَانَ أحق بامرأة الميت إن شاء أمسكها أو يحسبها حَتَّى تفتدي منه بصداقها أو تموت فيذهب بمالها ..
وقول آخر ، وروى سفيان الثوري في تفسيره : قال وكيع عن سفيان، عن عليّ بن بذيمة، عن مقسم، عن ابن عبّاسٍ: « كانت المرأة في الجاهليّة إذا توفّي عنها زوجها فجاء رجلٌ فألقى عليها ثوبًا، كان أحقّ بها، فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرهًا}».
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره قولاً عن مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
-وَقَالَ عكرمة مولى ابْن عَبَّاس، نزلت فِي كبيشة ابنة معمر بْن عاصم، كانت عند الأسلت، فتوفي عنها، فجنح عليها أَبُو قيس بْن الأسلت، فجاءت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: يَا رَسُولَ اللهِ، لا أنا ورثت زوجي، ولا أنا تركت فأنكح، فأنزل الله جَلَّ وَعَزَّ: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}
واخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن طريق عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ...
وكذلك اخرجه ابن أبي حاتم فقال :حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ…
-وقول مجاهد ، روى ابن المنذر في تفسيره قولاً عن مسلم، عَنْ ابْن أبي نجيح، عَنْ مجاهد، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ " {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} قَالَ: كَانَ إذا توفي الرجل، كَانَ ابنه أحق بامرأته أن ينكحها إن شاء، أو ينكحها من شاء، أخاه أو ابْن أخيه "
-قول أبي المجلز ، روى ابن المنذر قولاً عن يزيد بْن هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا سليمان، عَنْ أبي مجلز، فِي قوله عَزَّ وَجَلَّ " {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} قَالَ: كانت الأنصار إذا مات رجل منهم كَانَ وليه أولى بامرأته من وليها، فنهى الله عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ "
وفي رواية عن وكيع عن سفيان عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ ..تفسير سفيان الثوري .
-وقول سعيد ، روى ابن المنذر عن طريق عَبْد اللهِ، عَنْ شريك، عَنْ سالم، عَنْ سعيد، قوله جل ثناؤه " {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} قَالَ: كَانَ الرجل إذا كانت فِي حجره اليتيمة ولها مال، منعها أن تتزوج، يحبسها عَلَى ولده حَتَّى يتزوجها، أو تموت، فيرثها .
-قول زيد بن أسلم ، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره فقال : قُرِئَ عَلَى يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19] كَانَ أَهْلُ يَثْرِبَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَرِثَ امْرَأَتَهُ مَنْ يَرِثُ مَالَهُ، فَكَانَ يَعْضِلُهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا، أَوْ يُزَوِّجَهَا مَنْ أَرَادَ، وَكَانَ أَهْلُ تِهَامَةَ يُسِئُ الرَّجُلُ صُحْبَةَ الْمَرْأَةِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهَا أَلَّا تَنْكِحَ إِلَّا مَنْ أَرَادَ حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِبَعْضِ مَا أَعْطَاهَا، فَنَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ ذَلِكَ…
قال الزجاج :وهذه نزلت لأنهم كانوا إذا مات زوج المرأة وله ولد من غيرها ضرب ابنه عليها حجابا، وقال: أنا أحقّ بها، فتزوجها على العقد الذي كان عقده أبوه من تزوجها ليرثها ما ورثت من أبيه، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن ذلك حرام.
وقال ابن زيد: «هذا العضل المنهي عنه في هذه الآية هو من سير الجاهلية في قريش بمكة، إذا لم يتوافق الزوجان طلقها على ألا تتزوج إلا بإذنه، ويشهد عليها بذلك، فإذا خطبت فإن أعطته ورشته وإلا عضل»، ففي هذا نزلت الآية.
وقال أبو داود: حدّثنا أحمد بن محمّد بن ثابتٍ المروزي، حدّثني عليّ بن حسين، عن أبيه، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: «{لا يحلّ لكم أن ترثوا النّساء كرهًا ولا تعضلوهنّ لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبيّنةٍ} وذلك أنّ الرّجل كان يرث امرأة ذي قرابته، فيعضلها حتّى تموت أو ترد إليه صداقها، فأحكم اللّه تعالى عن ذلك، أي نهى عن ذلك».
قال ابن عطية : والروايات في هذا كثيرة بحسب السير الجاهلية، ولا منفعة في ذكر جميع ذلك، إذ قد أذهبه الله بقوله: لا يحلّ لكم …
[ورجح ابن كثير العموم
والأولى أن تصنفي الأقوال وتنظمي عرضها]

القراءات
قراءة قوله (كرهاً )
قرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير: «كرها» بفتح الكاف حيث وقع في النساء وسورة التوبة وفي الأحقاف .
وقرأ حمزة والكسائي وخلف جميع ذلك بضم الكاف
وقرأ عاصم وابن عامر في النساء والتوبة بفتح الكاف .ذكره ابن عطيه وابن عاشور في تفسيرهما .
توجيه القول : قال الكسائي : والكره والكره لغتان كالضعف والضعف، والفقر والفقر، وقال الفراء وابن قتيبة : هو بضم الكاف المشقة وبفتحها إكراه غير. ذكره ابن عطية في تفسيره.
القراءة في قوله ( لاتعضلوهن ).
احتمال أن يكون جزما، فتكون الواو عاطفة جملة كلام مقطوعة من الأولى ، فيكون الجزم نهياً . [هذا إعراب للكلمة ]
ويحتمل أن يكون تعضلوهنّ نصبا عطفا على ترثوا فتكون الواو مشركة عاطفة فعل على فعل وهي قراءة ابن مسعود .
قال ابن عطية : قرأ ابن مسعود: «ولا أن تعضلوهن». فهذه القراءة تقوي احتمال النصب.
خلاصة ماذكره الزجاج وابن عطية.
القراءة في قوله ( إلا أن يأتين. )
قرأ ابن مسعود: «إلا أن يفحشن وعاشروهن».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا خلاف مفرط لمصحف الإمام، وكذلك ذكر أبو عمرو عن ابن عباس وعكرمة وأبيّ بن كعب، وفي هذا نظر،
[إن كانت القراءة شاذة وضحي ذلك]
القراءة في مبينة
قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر «مبينّة» و «آيات مبيّنات» بفتح الياء فيهما..
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص والمفضل عن عاصم: «مبيّنة»، و «مبيّنات» - بكسر الياء فيهما .
وقرأ نافع وأبو عمرو: «مبيّنة» بالكسر، و «مبيّنات» بالفتح.
وقرأ ابن عباس: «بفاحشة مبينة» بكسر الباء وسكون الياء، من أبان الشيء.
وهذه القراءات كلها لغات فصيحة، يقال: بين الشيء وأبان: إذا ظهر، وبان الشيء وبينته. ذكره ابن عطية
#المسائل التفسيرية
لماذا افتحت الآية بالنداء للذين آمنوا
قال ابن عاشور : لِلتَّنْوِيهِ بِمَا خُوطِبُوا بِهِ.
لماذا خص الذين آمنوا بهذا النداء
دلالة أهمية هذا النداء وتخصيص الامة المؤمنة به ، ليهتم بهذا الأمر لخير يؤمر به أو لشر ينهى عنه .
قال ابن عاشور : وَخُوطِبَ الَّذِينَ آمَنُوا لِيَعُمَّ الْخِطَابُ جَمِيعَ الْأُمَّةِ، فَيَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحَظِّهِ مِنْهُ.
واخرج ابن أبي حاتم في تفسيره ، حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَ مِسْعَرٌ، ثنا مَعْنٌ، وَعَوْنٌ، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيَّ، فَقَالَ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [النساء: 19] فَارْعَهَا سَمْعَكَ فَهُوَ خَيْرٌ يَأْمُرُ بِهِ أَوْ شَرٌّ يَنْهَى عَنْهُ .
دلالة النهي في قوله لايحل
وصيغة لايحل نهي صريح ، لأنه في الشريعة ولسان العرب الحل هو الإباحة ، فنفيه يرادف معنى التحريم ، خلاصة ماقاله ابن عاشور.
معنى كرهاً
قال الفراء: يذهب إلى أن معنى كرها أن تكره على الشيء والكره من قبله يذهب إلى أنه بمعنى المشقة. ذكره النحاس
إعراب ( أن) ،( وكرهاً )
وأن مصدريّة. وقوله: (كرها) مصدر في موضع الحال،ذكره العيني [إن لم تكن المسألة الإعرابية مرتبطة بالمعنى فتوضع في نهاية المسائل، ويمكنكِ هنا أن توظفي الإعراب خاصة " إعراب كرهًا " في بيان معنى الآية]
حقيقة الإرث
وَالْإِرْثُ حَقِيقَتُهُ مَصِيرُ الْكَسْبِ إِلَى شَخْصٍ عَقِبَ شَخْصٍ آخَرَ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَصِيرِ الْأَمْوَالِ، وَيُطْلَقُ الْإِرْثُ مَجَازًا عَلَى تَمَحُّضِ الْمِلْكِ لِأَحَدٍ بَعْدَ الْمُشَارَكِ فِيهِ، ذكره ابن عاشور ..
معنى العضل في اللغة.
العضل في اللغة الحبس في شدة ومضرة، والمنع من الفرج في ذلك فمن ذلك قولهم: أعضلت الدجاجة وعضلت إذا صعب عليها وضع البيضة، ومنه أعضل الداء إذا لحج ولم يبرأ، ومنه داء عضال. ذكره ابن عطية .
المراد بالعضل
قال ابن عطية : عرف الفقهاء على أن العضل من الأولياء في حبس النساء عن التزويج. ذكره الزجاج وابن عطية وابن عاشور. [هذا في سياق تحرير المسألة وفيها أقوال ينبغي ذكرها]
الخطاب في قوله لاتعضلوهن.
قال السدي: «هذه الآية خطاب للأولياء، كالعضل المنهي عنه في سورة البقرة. ذكره ابن عطية .[هذا أحد الأقوال]
العطف في قوله :{ ولا تعضلوهنّ }
قال ابن عاشور : عُطِفَ النَّهْيُ عَنِ الْعَضْلِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ إِرْثِ النِّسَاءِ كَرْهًا لِمُنَاسَبَةِ التَّمَاثُلِ فِي الْإِكْرَاهِ وَفِي أَنَّ مُتَعَلِّقَهُ سُوءُ مُعَامَلَةِ الْمَرْأَةِ، وَفِي أَنَّ الْعَضْلَ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالٍ مِنْهُنَّ.
الأقوال في معنى قوله تعالى: {ولا تعضلوهنّ }
-اختلف المفسرون فيها على أقوال .
القول الأول : من الحبس والمسك والممانعة .قول ابن عباس والحسن لبصري وعكرمة
اخرج ابن أبي حاتم قولاً عن مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «هي أيضا في أولئك الأولياء الذين كانوا يرثون المرأة لأنهم كانوا يتزوجونها إذا كانت جميلة، ويمسكونها حتى تموت إذا كانت دميمة » ، وقال نحوه الحسن وعكرمة.
وفي رواية أخرى أخرج ابن أبي حاتم قولاً عن طريق أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19] قَالَ: يَقُولُ: لَا تَمْنَعُوهُنَّ، تَحْبِسُوهُنَّ ..
القول الثاني : أي لاتقهروهن .
اخرج ابن أبي حاتم قولاً عن مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19] يَعْنِي: لَا تَقْهَرُوهُنَّ
القول الثالث : القاء الضرر عليهن ليفتدين بكم .
اخرج ابن أبي حاتم قولاً عَنْ طريق إِسْرَائِيلَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19] قَالَ: لَا تَضُرَّ بِامْرَأَتِكَ لِتَفْتَدِيَ مِنْكَ وَرُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ، وَالضَّحَّاكِ نَحْوُ ذَلِكَ ..خلاصة ماذكره ابن عطية والطبري وابن ابي حاتم.
مسألة حكم العضل في الإسلام.
العضل فمنهي عنه كل من يتصور في نازلة عاضلا ..
-في أمر الزوجة وزوجها ينظر القاضي لها ولايلتفت.
-في أمر الأب مع بناته ، فإنه إن كان في أمره إشكال فلا يعترض قولا واحدا، وإن صح عضله ففيه قولان في مذهب مالك: أحدهما أنه كسائر الأولياء: يزوج القاضي من شاء التزويج من بناته وطلبه، والقول الآخر إنه لا يعرض له. خلاصة قول ابن عطية.
مرجع الضمير في قوله لتذهبوا
يرجع لمن يتوقع منه من المؤمنين وهم الأزواج خاصة .ذكره ابن عاشور
التعدية في قوله :( لتذهبوا ببعض
اللام متعلقة بتعضلوهن ، والباء للتعدية المرادفة لهمزتها أو للمصاحبة فالجار في محل نصب على الحال ويتعلق بمحذوف أي لتذهبوا مصحوبين ببعض {ما آتيتموهن ...ذكره القسطلاني
ماتفيده ما.
ما موصولة بمعنى الذي أو نكرة موصوفة وعلى التقديرين فالعائد محذوف وسقط ولا تعضلوهن إلى آتيتموهن. ذكره القسطلاني
معنى ( آتيتموهنّ ) .
قال ابن عطية : أي ما أعطيتموهم من قبل .
معنى إلا الاستثناء في قوله (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة
الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا اسْتِثْنَاءً مِنْ عُمُومِ أَحْوَالِ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ فِي تَعْلِيلِ النَّهْيِ ، وَهُوَ إِرَادَةُ الْإِذْهَابِ بِبَعْضِ مَا آتَوْهُنَّ.
هو استثناء منقطع بمعنى الاستدراك ، أَيْ لَكِنْ إِتْيَانُهُنَّ بِفَاحِشَةٍ يُحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ . ذكره ابن عاشور
معنى الفاحشة :
اختلف في معنى الفاحشة هنا على أقوال.
-القول الأول : قيل الزنا قولاً عن ابن عباس وعطاء والضحاك وأبي قلابة وابن سيرين.
قول ابن عباس ، روى ابن أبي حاتم عن طريق إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] قَالَ: الزِّنَا .
قول عطاء ،روى ابن المنذر في تفسيره قولاً عن عَبْد الرزاق، عَنْ معمر، عَنْ عطاء الخراساني، قَالَ " إن الرجل إذا أصابت امرأته فاحشة، أخذ مَا ساق إليها وأخرجها، فنسخ ذَلِكَ الحدود "، وهذا قول ضعيف»،
قول الضحاك ، روى ابن المنذر في تفسيره عن طريق مطرف، عَنْ خالد السجستاني، عَنْ الضحاك …
روى ابن المنذر في تفسيره عن طريق معتمر بْن سليمان التيمي، عَنْ أبيه، عَنْ أبي قلابة، وابن سيرين، قالا: " لا يحل الخلع حَتَّى يوجد رجل عَلَى بطنها، لأن الله جَلَّ وَعَزَّ يَقُول: {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} "وقال أبو قلابة:«إذا زنت امرأة الرجل فلا بأس أن يضارها ويشق عليها حتى تفتدي منه».
قال الحسن بن أبي الحسن:«هو الزنا، وإذا زنت البكر فإنها تجلد مائة وتنفى سنة، وترد إلى زوجها ما أخذت منه »،
القول الثاني : البغض والنشوز ،وهو البذاء باللسان وسوء العشرة قولا وفعلا، قاله ابن عباس
اخرجه ابن أبي حاتم من طريق زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ، ثنا صَالِحٌ الدَّهَّانُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، : «الفاحشة» في هذه الآية البغض والنشوز.
ماقاله أهل العلم في الناشز.
ومن أهل العلم من يجيز أخذ المال من الناشز على جهة الخلع، إلا أنه يرى ألا يتجاوز ما أعطاها ركونا إلى قوله تعالى: {لتذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ} وقال مالك وأصحابه وجماعة من أهل العلم: للزوج أن يأخذ من الناشز جميع ما تملك ، وعقب عليه ابن عطية بأنه لايحفظ له نصاً في معنى الفاحشة. ذكره ابن عطية
توجيه القول :
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والزنا أصعب على الزوج من النشوز والأذى.
قال ابن جرير : أنّه يعم ذلك كلّه: الزّنا، والعصيان، والنّشوز، وبذاء اللّسان، وغير ذلك.
المتلبس بالخطاب بقوله وعاشروهن
والمتلبس بالخطاب أولياء النساء وأزواجهن، ذكره ابن عطية والطبري وابن أبي حاتم.
معنى العشرة في اللغة :
قال ابن عاشور : مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْعِشْرَةِ وَهِيَ الْمُخَالَطَةُ .
قال ابن عطية :والعشرة المخالطة والممازجة، وأصل الاشتقاق من الاسم الجامد وهو عدد العشرة وفيه نظر ، وانا أراها مشتقة من العشيرة اي الأهل ، ومنه قول طرفة: [الرمل]
فلئن شطّت نواها مرّة ..... لعلى عهد حبيب معتشر
فيقال : عاشره معاشرة، وتعاشر القوم واعتشروا، وأرى اللفظة من أعشار الجزور، لأنها مقاسمة ومخالطة ومخالقة جميلة .
المراد بالعشرة في قوله ( وعاشروهنّ بالمعروف}
هي المخالطة والصحبة ، والكسوة، والرزق المعروف " قول عكرمة والسدي ومقاتل
قول عكرمة ، رواه ابن المنذر في تفسيره عَنْ طريق يَحْيَى بْن قيس، قَالَ: سمعت عكرمة،
قول السدي اخرجه ابن أبي حاتم فقال : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ …
قول مقاتل ، اخرجه ابن أبي حاتم فقال :قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ …
قال ابن عاشور أي: بالنصفة في المبيت والنفقة، والإجمال في القول).
معنى المعروف
ضد المنكر ، وهو ماحدده الشرع ووصفه العرف .ذكره ابن عاشور
لماذ أعقب النهي عن إضرار النساء بالمعاشرة بالمعروف.
قال ابن عاشور : لِأَنَّ حُسْنَ الْمُعَاشَرَةِ جَامِعٌ لِنَفْيِ الْإِضْرَارِ وَالْإِكْرَاهِ، وَزَائِدٌ بِمَعَانِي إِحْسَانِ الصُّحْبَةِ.
فائدة التفريع في قوله فإن كرهتموهن.
النهي عن سوء المعاشرة ، إن وجدت الكراهة. ذكره ابن عاشور
ماتفيده جُمْلَةُ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا
قال ابن عاشور : نَائِبَةٌ مَنَابَ جَوَابِ الشَّرْط، وَهِي عَلَيْهِ لَهُ فَعُلِمَ الْجَوَابُ مِنْهَا. وَتَقْدِيرُهُ: فَتَثَبَّتُوا وَلَا تَعْجَلُوا بِالطَّلَاقِ .
ماتفيده عسى
هي من الواجب والترجي قولاً عن ابن عباس
روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن طريق مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {عَسَى} [النساء: 19] قَالَ: عَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ …
قال ابن عاشور : فَعَسى هُنَا لِلْمُقَارَبَةِ الْمَجَازِيَّةِ أَوِ التَّرَجِّي .
دلالة الآية في فصلها الأول والثاني في النهي والخطاب.
في النهي الأول كان خطاب في أمر كان في الجاهلية ، وفي النهي الثاني في الإسلام.
روى ابن المنذر وعبدالرزاق وابن جرير عَنْ طريق معمر، عَنْ سالم بْن الفضل، عَنْ ابْن البيلماني، فِي قوله جَلَّ وَعَزَّ " {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ} قَالَ: نزلت هاتان الآيتان، إحداهما فِي أمر الجاهلية، والآخرى فِي أمر الإسلام إِلا أن الَّتِي فِي الإسلام: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} والتي فِي الجاهلية ولا {تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} "ذكره ابن جرير وابن عطية وابن ابي حاتم وابن كثير .
الأقوال في الخير الكثير ، في قوله ( ويجعل الله فيه خيراًكثيراً
القول الأول : يقصد به الخير الكثير في الولد قول ابن عباس والسدي
قول ابن عباس : أخرجه ابن أبي حاتم قولاً عن مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ……
قول السدي : أخرجه ابن أبي حاتم فقال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ …
القول الثاني : يجعل في الكراهة الخير الكثير ، قول مجاهد
أخرجه ابن أبي حاتم عَنِ طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ …
القول الثالث : يجعل في تزويجها الخير الكثير ، قول مقاتل
أخرجه ابن أبي حاتم عَنِ طريق بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ …
المقصد العام بقوله (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا
قال ابن عاشور : الْإِرْشَادُ إِلَى إِعْمَاقِ النَّظَرِ وَتَغَلْغُلِ الرَّأْيِ فِي عَوَاقِبِ الْأَشْيَاءِ، وَعَدَمِ الِاغْتِرَارِ بِالْبَوَارِقِ الظَّاهِرَةِ. وَلَا بِمَيْلِ الشَّهَوَاتِ إِلَى مَا فِي الْأَفْعَالِ مِنْ مُلَائِمٍ، حَتَّى يَسْبِرَهُ بِمِسْبَارِ الرَّأْيِ، فَيَتَحَقَّقَ سَلَامَةَ حُسْنِ الظَّاهِرِ مِنْ سُوءِ خَفَايَا الْبَاطِنِ.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:« ومن فصاحة القرآن العموم الذي في لفظة شيء لأنه يطرد هذا النظر في كل ما يكرهه المرء مما يجمل الصبر عليه، فيحسن الصبر، إذ عاقبته إلى خير، إذا أريد به وجه الله»).

التقويم: د
بارك الله فيكِ، أرجو الاعتناء بتحرير المسائل الخلافية، من ناحية التمييز بين الأقوال وتصنيفها وتوجيهها.
زادكِ الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 19 ذو القعدة 1441هـ/9-07-2020م, 12:58 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمل يوسف مشاهدة المشاركة
تفسير قوله تعالى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً

-الأقوال في نسخ إحدى الآيتين الاخرى :
القول الاول :أن الآية الثانية ناسخة للآية الأولى أى نسخ الحبس بالأذى ثم نسخ ذلك فصار حكم البكر من الرّجال والنّساء إذا زنا أن يجلد مائة جلدةٍ وينفى عامًا وحكم الثّيّب من الرّجال والنّساء أن يجلد مائةً ويرجم حتّى يموت وهو قول عبادة بن الصامت و الحسن ومجاهد، كما ذكر ابن عطية ولم أقف عليه مرويا عنهم
وهذا القول مذهب عكرمة وهو مرويٌّ عن الحسن عن حطّان بن عبد اللّه الرّقاشيّ عن عبادة بن الصّامت،ذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ
ولا أدرى ما الذي يقصده النحاس بنسبة القول لعبادة بن الصامت نفسه غير مرفوع [أعتقد - والله أعلم - أن الإشارة إلى الجزء الذي وضعتُ تحته خط، وليس أصل القول]

ذكر أبو جعفر النحاس :أن هذا القول وإن كان محتملا إلا ان حديث عبادة بن الصامت يرده ويدل على أن الآية لم تنسخ قبله ،وفيه{ خذوا عنّي قد جعل اللّه لهنّ سبيلًا البكر بالبكر جلد مائةٍ ونفي سنةٍ، والثّيّب بالثّيّب جلد مائةٍ والرّجم } فتبيّن بقول رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قد جعل اللّه لهنّ سبيلًا أنّ الآية لم تنسخ قبل هذا
وروى أبو جعفر النحاس من طريق مجاهد عن ابن عباس قوله في شأن الآية : فكانت المرأة إذا زنت حبست ماتت أو عاشت حتّى نزلت في سورة النّور وقال : ونزلت سورة الحدود فكان من عمل سوءًا جلد وأرسل
فيفهم من هذا أن حكم الحبس كان مستمرا حتى نزلت سورة النور بالحدود

القول الثانى :أن الآية الأولى ناسخة للآية الثانية وفيها القول بالأذى منسوخ بالحبس وأن التلاوة أخرت وقدمت ،قول ابن فورك وذكره ابن عطية ولم أقف على تفسير سورة النساء في تفسير ابن فورك وذكره أيضا يحيى بن سلام في التفسيرولم ينسبه
وروى محمد بن كثير العبدي عن همام البصري في الناسخ والمنسوخ لقتادة ،عن قتادة القول :(كان هذا بدء عقوبة الزنا كانت المرأة تحبس فيؤذيان جميعا فيعيران بالقول جميعا في الشتيمة بعد ذلك ) فيفهم من ذلك أن الآيتين لم تنسخ واحدة منهما الأخرى بل إن العقوبة كانت الحبس للنساء والأذى بالسب والشتيمة للرجال والنساء معا حتى نسخ ذلك بآية سورة النور .
خلاصة المسألة :لم يثبت نسخ إحدى الآيتين الأخرى بل كل واحدة كان لها حكم كما سيأتى إن شاء الله

الأقوال في ثبوت النسخ في الآيتين :
[
u]- القول الأول [/u]:قيل بأنه لا نسخ في الآيتين ، وإنما ذكر الله تعالى أجلا بقوله {أو يجعل الله لهن سبيلا} فالحكم كان منتظرا ،ذكره علم الدين السخاوى ولم ينسبه
وقال ابن تيمية عن الحكم المؤقت بغاية مجهولة عند بيان غايته :بعض الناس يسميه نسخا وبعضهم لايسميه وهو خلاف لفظى (موسوعة التفسير بالمأثور )ولم أقف عليه في مجموع الفتاوى ولا أعلم المصدر الأصلى المنقول عنه [تجدينه في كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح]
- القول الثانى :قيل: الأذى والتعيير باق مع الجلد لأنهما لا يتعارضان بل يتحملان على شخص واحد، وأما الحبس فمنسوخ بإجماع، وآية الجلد عامة في الزناة محصنهم وغير محصنهم ،ذكره ابن عطية وأشار إليه الزجاج
[والرد عليه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم من نهيه عن سب المرأة الغامدية ومدح توبتها]
- القول الثالث وهو الصحيح الثابت وعليه جمهور العلماء
أن حكم الحبس والأذى في الآيتين نسخ جميعا ،وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي والضحاك وابن زيد كلهم رواه ابن جرير من طرق
ومن ذلك مارواه أبو جعفر النحاس من طريق معمر وابن جرير الطبري في تفسيره من طريق سعيد عن قتادة:نسختها الحدود
قال ابن كثير :وكذا روي عن عكرمة، وسعيد بن جبير، والحسن، وعطاء الخراساني، وأبي صالحٍ، وقتادة، وزيد بن أسلم، والضّحّاك: أنّها منسوخةٌ. وهو أمرٌ متّفقٌ عليه
-اتفق العلماء على نسخ حكم الحبس والأذى بآية سورة النور {والزانى والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة ،وهذا فيه حكم الجلد فقط


واختلفوا في كيفية ثبوت حكم الرجم على الثيب الزانى أبالقرآن ثبت أم بالسنة ؟

-قيل ثبت الرجم بقرآن {والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة} نزل ثم رفع رسمه وبقي حكمه وظاهر حديث عبادة يدل على ذلك لأن فيه {قد جعل الله لهن سبيلا }والظاهر أنه كان بوحي لم تستقر تلاوته ( كما ذكر ابن عطية )على فرض ثبوت هذا النص ،وهذا على قول من لايرى نسخ القرآن بالسنة

الإعتراض على هذا القول:أن الناسخ من شروطه أن يستقل في البيان بنفسه، وإذا لم يستقل فليس بناسخ، وآية الرجم بعد أن يسلم ثبوتها لا تستقل في النسخ بنفسها، بل تنبني مع الجلد وتجتمع، كما تضمن حديث عبادة بن الصامت، لكن إسقاط الرسول الجلد هو الناسخ، لأن فعله في ذلك هو بمنزلة قوله: لا تجلدوا الثيب،ذكره ابن عطية
وروى البخاري ، ومسلم واللفظ له عَنِ عَبْد اللهِ بْن عَبَّاسٍ، قال: " قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ، أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَوِ الِاعْتِرَافُة

- وقيل إن حكم الجلد مع الرجم على الثيب ثبت بالسنة من حديث عبادة بن الصامت ويعترض على هذا القول بأن حديث عبادة من الآحاد وأحاديث الآحاد لاتنسخ القرآن
[وهذه من المسائل الخلافية بين العلماء، وأنصح بقراءة فصل " حكم نسخ القرآن بالسنة " في مجموع الفتاوى لابن تيمية، وكلام الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان عند تفسير الآية رقم (101) من سورة النحل]
روى ابن جرير عن ابن عباس من طريق على بن أبي طلحة: كانت المرأة إذا زنت تحبس في البيت حتّى تموت ثمّ أنزل اللّه جلّ وعزّ بعد ذلك {والزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } فإن كانا محصنين رجما فهذا السبيل الذي جعل الله لهما قال وقوله {واللذان يأتيانها منكم }كان الرّجل إذا زنى أوذي بالتّعيير وضرب النّعال فأنزل اللّه عزّ وجلّ بعد هذا{والزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}فإن كانا محصنين رجما في سنّة رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ،فهذا فيه تصريح من ابن عباس بأن حكم الرجم بالسنة كان .
وثبت حكم الرجم (بالسنة )من وجه آخر :فقد روى ابن حجر من طريق الشعبي يحدث عن على بن أبي طالب حين رجم المرأة يوم الجمعة وقال قد رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن حجر في الفتح :وجزم الدار قطنى أن الشعبي سمع من على ولم يسمع عنه غيره

قال مكى بن أبي طالب في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه : جعل الله السبيل بالرّجم المتواتر نقله الثابت حكمه المنسوخ تلاوته
وهذا القول من ابن أبي طالب قول جامع مانع فقوله مفسرا للسبيل الذي جعله الله تعالى وبه رفع الحكم الأول :الرجم المتواتر نقله والتواتر يقصد في السنة بالقول والفعل وقوله الثابت حكمه فلم ينسخ حكم الرجم كما نسخ لفظه بل حكمه ثابت لا شك في ذلك ولذا قال المنسوخ تلاوته أي أنه ثبت أيضا بقرآن تلي ثم رفعت تلاوته وثبت حكمه ومعنى كلامه رحمه الله أن ثبوت حكم الرجم بالقرآن المنسوخ تلاوته وبالسنة المتواتر نقلها فيخرج من ذلك حديث عبادة بن الصامت وهو من أحاديث الآحاد.


-الأقوال في حكم الجلد مع الرجم على الثيب الزانى :
-القول الأول :أنه غير منسوخ وأنه يجب على الثيبين من الزناة جلد مائة والرجم لحديث عبادة بن الصامت
وهو أيضا قول على وفعله لا خلاف في ذلك أنه جلد شراحة مائة ورجمها وقال :جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله
وقال به من الفقهاء الحسن بن صالح بن حى والحسن البصري وإسحاق بن راهويه كما ذكر النحاس
وحجة هذا القول ما قاله على رضي الله عنه
-القول الثانى : البكران إذا زنيا يجلدان وينفيان، والثّيّبان يرجمان، والشّيخان يجلدان ويرجمان،وهو قول أبي بن كعب رواه سعيد بن منصور في سننه من طريق مسروق عنه ،
ورواه ابن مردويه من طريق مسروق عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ا{لبكران يجلدان وينفيان، والثّيّبان يجلدان ويرجمان، والشّيخان يرجمان،}
وفي الإسناد عمرو بن عبد الغفار وهو متروك الحديث وهو مخالف في متنه لما روى عن أبي بن كعب موقوفا
فهذا الخبر ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما موقوف على كلام الصحابي
قال ابن حجر في الفتح : وقال عياض : شذت فرقة من أهل الحديث فقالت : الجمع على الشيخ الثيب دون الشاب ولا أصل له
وجماهير اهل العلم على خلاف هذا القول
.
-القول الثالث :أن الجلد منسوخ على الثيب الزانى وعليه الرجم فقط وهو قول مروى عن عمر وقول الزهري والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي والشافعى وأحمد وأصحاب الرأي وأبي ثور،ذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ وقال النووى في شرح مسلم هو قول جماهير أهل العلم وهو الراجح

وقال ابن عباس : الرجم للثيب والجلد للبكر رواه البخاري معلقا ووصله عبد بن حميد كما ذكر ابن حجر في تغليق التعليق
قال الشعبي : وقال أبي بن كعب مثل ذلك ، قال الحازمي ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن المنذر قال ابن حجر في الفتح: إلى أن الزاني المحصن يجلد ثم يرجم ، وقال الجمهور - وهي رواية عن أحمد أيضا - لا يجمع بينهما ، وذكروا أن حديث عبادة منسوخ يعني الذي أخرجه مسلم بلفظ والبكر بالبكر جلد مائة والنفي الثيب بالثيب جلد مائة والرجم ، والناسخ له ما ثبت في قصة ماعز أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجمه ولم يذكر الجلد .
وقال ابن المنذر : عارض بعضهم الشافعي فقال : الجلد ثابت في كتاب الله والرجم ثابت بسنة رسول الله كما قال علي ، وقد ثبت الجمع بينهما في حديث عبادة وعمل به علي ووافقه أبي ، وليس في قصة ماعز ومن ذكر معه تصريح بسقوط الجلد عن المرجوم لاحتمال أن يكون ترك ذكره لوضوحه ولكونه الأصل فلا يرد ما وقع التصريح به بالاحتمال ، وقد احتج الشافعي بنظير هذا حين عورض إيجابه العمرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من سأله أن يحج على أبيه ولم يذكر العمرة ، فأجاب الشافعي بأن السكوت عن ذلك لا يدل على سقوطه ، قال فكذا ينبغي أن يجاب هنا .
قال النووي رحمه الله تعالى:
واختلفوا في جلد الثيب مع الرجم؛ فقالت طائفة: يجب الجمع بينهما فيجلد ثم يرجم، وبه قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والحسن البصري، وإسحاق بن راهويه، وداود، وأهل الظاهر، وبعض أصحاب الشافعي.
وقال جماهير العلماء: الواجب الرجم وحده ...
وحجة الجمهور: أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على رجم الثيب في أحاديث كثيرة، منها قصة ماعز، وقصة المرأة الغامدية، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها .
قالوا: وحديث الجمع بين الجلد والرجم منسوخ؛ فإنه كان في أول الأمر " انتهى من "شرح صحيح مسلم
قال ابن جرير :وأولى الأقوال بالصحة قول من قال السّبيل الّتي جعلها اللّه جلّ ثناؤه للثّيّبين المحصنين الرّجم بالحجارة، وللبكرين جلد مائةٍ ونفي سنةٍ لصحّة الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه رجم ولم يجلد؛ وإجماع الحجّة الّتي لا يجوز عليها فيما نقلته مجمعةً عليه الخطأ والسّهو والكذب؛ وصحّة الخبر عنه أنّه قضى في البكرين بجلد مائةٍ، ونفي سنةٍ، فكان في الّذي صحّ عنه من تركه جلد من رجم من الزّناة في عصره دليلٌ واضحٌ على وهي الخبر الّذي روي عن الحسن، عن حطّان، عن عبادة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم


مسألة :هل السنة المتواترة تنسخ القرآن ؟
القول الاول :والذي عليه الأئمة أن السنة المتواترة تنسخ القرآن وذلك أن كلاهما وحي إلا أن السنة نقص منها الإعجازكما وذكره ابن عطية وهو قول ابن سلامة المقري
ومن ذلك هذه الآية نسخت بالسنة كما في حديث ماعز وحديث أنيس
القول الثانى :أن السنة المتواترة لاتنسخ القرآن وإنما يكون حكم القرآن موقفا ثم تأتى السنة مستأنفة من غير أن تتناول نسخا وهذا تخيل لايستقيم كما ذكر ابن عطية ، كما أن الواقع يشهد بخلاف هذا وإنما هو اختلاف التعبير والحقيقة واحدة

-الأقوال في ثبوت التغريب مع الجلد في حق البكر الزانى:
-قيل يجلد ولاينفى وهو قول حمّاد بن أبي سليمان، وأبو حنيفة، ومحمّد بن الحسن
وحجتهم أن العبد إذا زنى فإنه لاينفى فالجواب عنه بأنه ليس بلازم ،ذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ
- قال الخلفاء الأربعة وابن عمر ومالك والشافعي وجماعة: لا نفي اليوم ،ذكره ابن عطية
-وقيل يجلد وينفى وهو قول الخلفاء الراشدين وقول ابن عمر ومن الفقهاء عطاءٌ، وطاوسٌ، وسفيان، ومالكٌ، وابن أبي ليلى والشّافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثورٍ [هناك تضاد بين هذه العبارة والتي قبلها، فلابد من نسبتها لقائلها أولا، ثم التحقق من صحة النسبة بين كلا الفريقين فأحدهما خطأ]
وحجة هذا القول:- كثرة من قال به وجلالة قدرهم
و الحديث المسند المتفق عليه وفيه {وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام} فمن قال بعدم التغريب وأنه منسوخ فعليه أن يأتى بالتوقيف بذلك
-وقيل نفيه سجنه ،ذكره ابن عطية

-وقيل أمره إلى الإمام على حسب مايرى ،ذكره النحاس في الناسخ والمنسوخ
[بارك الله فيكِ، بعض هذه المسائل التي ذكرتيها في هذه المقدمة مثل تفصيل نسخ القرآن بالسنة، وتفصيل حكم الثيب الزاني والبكر الزاني، من المسائل الاستطرادية، يفضل جعلها في آخر التلخيص، ويُكتفى هنا بمسائل علوم الآية من الناسخ والمنسوخ التي تلزمنا لفهم معنى الآية]

المسائل التفسيرية :
قوله تعالى {واللاتي يأتين الفاحشة}
-المراد بالمشار إليه في الآية {اللاتى}
[
u]القول الأول [/u]:أنها في عموم الزناة رجالا ونساء وكان هذا الفرض قبل أن ينزل حكم الجلد والرجم فيحبسان جميعا حتى الموت ،ذكره الزجاج
ونسب ابن عطية هذا القول للسدى وقتادة وغيرهما ولايصح عنهما [بالنسبة لرواية السدي راجعي تفسير الآية التالية، ربما نسبة هذا القول للسدي بالاستخراج، قوله أن الآية التالية في الفتى والجارية]
وقال( الآية الأولى في المحصنات من النساء يريد ويدخل معهن من أحصن من الرجال بالمعنى) وبالرجوع إلى قولى قتادة والسدى لم أجد هذا المعنى بل روى عن قتادة قوله عنهكانا يؤذيان بالقول جميعًا، وبحبس المرأة وأما قول السدى فهو صريح في أنها تخص المرأة الثيب
ومما يؤيد هذا القول ويستأنس به قراءة ابن مسعود {والذين يفعلونه منكم }
وقال ابن عطية :معنى هذا القول تام ولكن لفظ الآية لايعين عليه
وقد قال ابن جرير قولا يفهم منه أن المراد (باللاتى ) النساء الثيبات ويدخل فيهن الرجال وذلك أنه رجح أن يكون المعنى بالآية التى بعدها {اللذان }الأبكار رجالا ونساء وقال أن قوله تعالى {واللاتى يأتين }في الثيبات من النساء فأين عقوبة الرجال الثيبين ؟فقد سكت عنها ولم يشر إليها فيبقى أنه يرى أن الرجال الثيب يدخلن تحت حكم النساء الثيبات في الآية وهو الحبس حتى الموت وأن الآية التى بعدها في حكم الأبكار من الرجال والنساء إذا زنوا بالأذية لهما خاصة

القول الثانى :النساء عموما محصنات أو أبكارا وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وقال مكى بن أبي طالب اللاتى لاتكون إلا للنساء وهو اختيار علم الدين السخاوى في جمال القراء وابن الجوزى في المصفى وهو قول ابن حزم في الناسخ والمنسوخ وقال النحاس وهو أصح الأقوال
،فقول ابن عباس رواه النحاس وابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه فكانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتّى تموت،
وقول مجاهد رواه ابن جرير من طرق وابن المنذر عن ابن جريج عنه أمر بحبسهنّ في البيوت حتّى يمتن
وقول قتادة رواه ابن جرير من طريق سعيد عنهكانا يؤذيان بالقول جميعًا، وبحبس المرأة
فالملاحظ من أقوالهم (المرأة ) على العموم بلا تخصيص
ووجه هذا القول صيغة العموم في الاسم الموصول {اللاتى }فتعم كل النساء الزناة بكرا أو ثيبا
وهذا القول يؤيده قوله تعالى في الآية الأولى {من نسائكم} وفي الآية التالية لها {منكم} للرجال كما ذكرابن عطية

القول الثالث:أنها في المرأة الثيب (المحصنات خاصة ) وهو قول سعيد بن جبير والسدي

فقول سعيد بن جبير أخرجه ابن ابي حاتم من طريق عطاء بن دينار (في قوله من نسائكم )قال :المرأة الثيب من المسلمين
وقول السدى رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه: اللاّتي قد نكحن وأحصنّ، إذا زنت المرأة فإنّها كانت تحبس في البيت ويأخذ زوجها مهرها فهو له

-المراد ب{الفاحشة}
ا
لفاحشة هى كل معصية ويراد بها الزنا في هذا الموضع كما ذكر الزجاج وابن عطية وابن كثير

-نوع اللام في {الفاحشة}
ال للعهد ، كما ذكر ابن عطية

-دلالة كاف الخطاب في قوله {نسائكم }
إضافة في معنى الإسلام لأن الكافرة قد تكون من نساء المسلمين بنسب ولايلحقها هذا الحكم ،ذكره ابن عطية

قوله تعالى {فاستشهدوا عليهن أربعة منكم}
-الحكمة من كون الشهداء أربعة في الزنا خاصة
ذلك تغليظا على المدعي وسترا على العباد ،ذكره ابن عطية
وقيل ليترتب شاهدان على كل واحد من الزانيين ،وضعف هذا القول ابن عطية


-مرجع كاف الخطاب {منكم}
أي من المسلمين الرجال ،ذكره الزجاج

قوله تعالى {فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت}
-معنى قوله {أمسكوهن في البيوت}
المراد به الحبس في البيت وهو قول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم من طريق مجاهد
وقيل الحبس في السجن وهو قول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار

-دلالة قوله تعالى {حتى يتوفاهن الموت}
أي احبسوهما حبسا مخلدا حتى الموت ،ذكرمعناه الزجاج

-المراد ب السبيل في قوله تعالى {أو يجعل الله لهن سبيلا}
السبيل :مخرجا بأمر من أوامر الشرع ،ذكره ابن عطية
-قيل هو الحد الذي نسخ التخليد في الحبس والأذى ،ذكره الزجاج قولا ولم ينسبه
-قيل هو قوله تعالى {والزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} قال ابن زيد فهذا للبكرين وكان للثيب الرجم ،ذكره ابن وهب المصرى عنه ولم يسنده
-روى مسلم وأصحاب السنن الأربعة من طرق عن قتادة عن الحسن عن حطان عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلمقال خذوا عنّي خذوا عنى قد جعل اللّه لهنّ سبيلًا البكر بالبكر جلد مائةٍ وتغريب عامٍ والثّيّب بالثّيّب جلد مائةٍ والرّجم والمراد الإشارة إلى قوله تعالى {حتى يتوفاهن الموت او يجعل الله لهن سبيلا}
-وروى الإمام أحمد في مسنده وسعيد بن منصور في سننه وأبو داوود من طريق الحسن عن حطان عن عبادة بألفاظ متقاربة
-ورواه الإمام أحمد وأبو داوود من حديث الفضل بن دلهم وقال أبو داوود وليس هو بالحافظ كان قصابا بواسط
-وقيل السبيل :الجلد والرجم ،رواه عبد بن حميد من طريق محمد عن ابن عباس كما ذكر ابن حجر في الفتح

-دلالة الآية على عقوبة الزنا أول الإسلام
قال الزجاج :كان هذا الفرض في الزنا قبل أن ينزل الجلد ويأمر النبي بالرجم


تفسير قوله تعالى: {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
قوله تعالى {واللذان يأتيانها منكم}
-المعنى بقوله {واللذان يأتيانها}
فيه أقوال :أحدهما أنه عام في الزانيين الأبكار والثيب من الرجال والنساء وهو قول الحسن البصرى وعكرمة وعطاء وعبد الله بن كثير رواه ابن جرير من طرق عنهم

الثانى:أنه خاص في البكرين إذا زنيا، وهو قول السدى وابن زيد ،قول السدى رواه ابن جرير من طريق أسباط عنه (ذكر الجواري والفتيان الّذين لم ينكحوا )
وقول ابن زيد رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عنه( البكران فآذوهما)
قال القاضي أبو يعلى: والأول أصح، لأن هذا تخصيص بغير دلالة.،ذكره ابن الجوزى

قال ابن جرير مرجحا هذا القول :فمعلومٌ أنّهما غير اللّواتي تقدّم بيان حكمهنّ في قوله: {واللاّتي يأتين الفاحشة} لأنّ هذين اثنان وأولئك جماعةٌ، وإذا كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أنّ الحبس كان للثّيّبات عقوبةً حتّى يتوفّين من قبل أن يجعل لهنّ سبيلاً، لأنّه أغلظ في العقوبة من الأذى الّذي هو تعنيفٌ وتوبيخٌ أو سبٌّ وتعييرٌ، كما كان السّبيل الّتي جعلت لهنّ من الرّجم أغلظ من السّبيل الّتي جعلت للأبكار من جلد المائة ونفي السّنة

الثالث:هى في الرجلان الزانيان ،وهو قول مجاهد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح ومن طريق ابن جريج عنه (الرّجلان الفاعلان لايكنى) وقال ابن كثير كأنه يريد اللواط والله أعلم

قال ابن جرير معترضا على هذا القول :العرب إذا أرادت البيان على الوعيد على فعلٍ أو الوعد عليه، أخرجت أسماء أهله بذكر الجمع أو الواحد، وذلك أنّ الواحد يدلّ على جنسه، ولا تخرجها بذكر اثنين، فتقول: الّذين يفعلون كذا فلهم كذا، والّذي يفعل كذا فله كذا، ولا تقول: اللّذان يفعلان كذا فلهما كذا، إلاّ أن يكون فعلاً لا يكون إلاّ من شخصين مختلفين كالزّنا لا يكون إلاّ من زان وزانيةٍ، فإذا كان ذلك كذلك، قيل بذكر الاثنين، يراد بذلك الفاعل والمفعول به، فإمّا أن يذكر بذكر الاثنين والمراد بذلك شخصان في فعلٍ قد ينفرد كلّ واحدٍ منهما به أو في فعلٍ لا يكونان فيه مشتركين فذلك ما لا يعرف في كلامها

الراجح :

قال ابن عاشور:-وأما قوله والذان يأتيانها فهو مقتض نوعين من الذكور فإنه تثنية الذي وهو اسم موصول للمذكر، وقد قوبل به اسم موصول النساء الذي في قوله: واللاتي يأتين الفاحشة ولا شك أن المراد ب الذان صنفان من الرجال: وهما صنف المحصنين، وصنف غير المحصنين منهم، وبذلك فسره ابن عباس في رواية مجاهد، وهو الوجه في تفسير الآية، وبه يتقوم معنى بين غير متداخل ولا مكرر. ووجه الإشعار بصنفي الزناة من الرجال التحرز من التماس العذر فيه لغير المحصنين.(لم أقف عليه مرويا عن ابن عباس) [رواه ابن جرير وابن أبي حاتم لكن من طريق عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: {والذان يأتيانها منكم فآذوهما } فكان الرّجل إذا زنا أوذي بالتّعيير وضرب بالنّعال، فأنزل اللّه تعالى بعده الآية:{ الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ } فإن كانا محصنين رجما في سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
فلعلهم استخرجوا من عموم قوله " الرجل " إرادة المحصن وغير المحصن]


-ويجوز أن يكون أطلق على صنفين مختلفين أي الرجال والنساء على طريقة التغليب الذي يكثر في مثله، وهو تفسير السدي وقتادة، لم أقف عليه كما ذكر

-فعلى الوجه الأول تكون الآية قد جعلت للنساء عقوبة واحدة على الزنى وهي عقوبة الحبس في البيوت، وللرجال عقوبة على الزنى، هي الأذى سواء كانوا محصنين بزوجات أم غير محصنين، وهم الأعزبون.

-وعلى الوجه الثاني تكون قد جعلت للنساء عقوبتين: عقوبة خاصة بهن وهي الحبس، وعقوبة لهن كعقوبة الرجال وهي الأذى، فيكون الحبس لهن مع عقوبة الأذى. وعلى كلا الوجهين يستفاد استواء المحصن وغير المحصن من الصنفين في كلتا العقوبتين، فأما الرجال فبدلالة تثنية اسم الموصول المراد بها صنفان اثنان، وأما النساء فبدلالة عموم صيغة نسائكم.

-المراد بقوله تعالى {منكم}
يعنى من المسلمين ،سعيد بن جبير وأخرجه الطبري


-المراد بالإيذاء في قوله تعالى {فآذوهما}

أي بالشتم والتعيير والضرب بالنعال وهو قول ابن عباس و سعيد بن جبيرومجاهد وقتادة
أما قول ابن عباس فقد أخرجه ابن أبي حاتم من طريق على عنه:فكان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير وضرب بالنعال
وقول ابن جبير أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عطاء بن دينار عنه
قول قتادة أخرجه ابن جرير من طريق سعيد عنه :كانا يؤذيان بالقول جميعا
قول مجاهد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عنه يعنى سبا
تبين من الأقوال أنها ترجع إلى قولين :الأذى بالقول وحده أو الأذى بالقول والفعل ضربا
والراجح:قال ابن جرير والأذى قد يقع بكلّ مكروهٍ نال الإنسان من قولٍ سيّئٍ باللّسان أو فعلٍ، وليس في الآية بيان أى ذلك كان أمر به المؤمنون يومئذٍ، ولا خبر به عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من نقل الواحد ولا نقل الجماعة الموجب مجيئها قطع العذر. وأهل التّأويل في ذلك مختلفون، وجائزٌ أن يكون ذلك أذًى باللّسان اواليد، وجائزٌ أن يكون كان أذًى بهما، وليس في العلم بأيّ ذلك كان من أيّ نفعٍ في دينٍ ولا دنيا ولا في الجهل به مضرّةٌ

-الحكمة من عقوبة الإيذاء
إرادة أن يتوب الزناة ويرجعوا عن الإصرار عليه ،ذكره ابن عطية

-معنى قوله تعالى {فإن تابا وأصلحا}
تابا:أي أقلعا ونزعا عما كانا عليه من الزنا ،ذكره ابن كثير
وأصلحا:أي صلحت سائر أعمالهم وحسنت ،ذكره ابن كثير وابن عطية


-معنى قوله تعالى {فأعرضوا عنهما}

هو أمر من الله بكف الأذى عنهما إذا تابا والمعنى لاتعنفوهما بكلام قبيح بعد ذلك

-الحكمة من الإعراض عنهما في هذه الحال
وذلك أن التائب من الذنب كمن لاذنب له ،ذكره ابن كثير

-دليل من السنة على وجوب كف الأذى بعد التوبة أو إقامة الحد
ثبت في الصحيحين: {إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها} أي لا يعيرها بما صنعت بعد الحد الذي هو كفارة لما صنعت،ابن كثير


-معنى قوله تعالى {توابا}
راجع بعباده عن المعاصي إلى تركها ولزوم الطاعة،ابن عطية


مسألة لغوية :
-الحكمة من التعبير بالإعراض [هذه ضمن المسائل التفسيرية]
فيه غض من الزناة واحتقار لهم وإن تابوا ،ابن عطية
ولا أرى هذا التعليل مناسبا خاصة مع ختام الآية بقوله تعالى {إن الله كان توابا رحيما}فإنه يتوب على عباده ويحب منهم التوبة ويفرح بها ويعود عليهم بعد توبتهم بالرحمة والإحسان وأما الإعراض عن شىء فتركه أى ترك المعايرة والتكلم فيه بعد توبتهم وصلاحهم والله أعلم بمراده
قال ابن جرير تعقيبا على معنى قوله تعالى {إن الله كان توابا رحيما}أنّ اللّه لم يزل راجعًا لعبيده إلى ما يحبّون إذا هم راجعوا ما يحبّ منهم من طاعته رحيمًا بهم، يعني: ذا رحمةٍ ورأفةٍ

التقويم: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir