دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى الثامن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 جمادى الآخرة 1441هـ/16-02-2020م, 03:30 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي موضوع نشر تطبيق ( فهرسة مسائل جمع القرآن )

موضوع نشر تطبيق ( فهرسة مسائل جمع القرآن )

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 جمادى الآخرة 1441هـ/22-02-2020م, 12:39 PM
فداء حسين فداء حسين غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مستوى الإمتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 955
افتراضي


فهرسة مسائل جمع القرآن : القسم السابع: عدد سور القرآن

تأليف القرآن:
- جمع القرآن زيد بن ثابت رضي الله عنه في عهد أبي بكر , ثم جمعه في عهد عثمان رضي الله عنهما.

ترتيب الآيات في السورة الواحدة:
- قال عثمان رضي الله عنه: «كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم تنزل عليه السّور ذوات العدد فإذا نزلت عليه الآية قال اجعلوها في سورة كذا وكذا ...الحديث»
رواه أبو جعفر النحاس عن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، بسنده عن ابن عبّاسٍ عنه.

عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه ونقطه :
عدد سور القرآن:
الأقوال في عدد سور القرآن:
القول الأول : قال مجاهد: وثلاث عشرة بجعل الأنفال والتوبة سورة واحدة؛ لاشتباه الطرفين وعدم البسملة. ويرده تسمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا منهما. ذكه الزركشي.
القول الثاني : ذكر عن أبي بن كعب رضي الله عنه مائة وست عشرة سورة.
القول الثالث: كان في مصحف ابن مسعود: اثنا عشر , لكونه رضي الله عنه يسقط المعوذتين، فنقصت جملته سورتين عن جملة زيد.
القول الرابع : قال ابن الجوزي : جميع سور القرآن؛ في تأليف زيد بن ثابت على عهد الصديق وذي النورين؛ مائة وأربع عشرة سورة.
قال السخاوي: وهو مائة وأربع عشرة سورة مع فاتحة الكتاب.
قال الزركشي : واعلم أن عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحل والعقد: مائة وأربع عشرة سورة، كما هي في المصحف العثماني: أولها الفاتحة وآخرها الناس.
قال السيوطي: أما سوره: فمائة وأربع عشرة سورة، بإجماع من يعتد به.

أطول سور القرآن وأقصره:
قال الزركشي : أطول سورة في القرآن: هي البقرة، وأقصرها: الكوثر.

عدد آياته:
قال السخاوي: والقرآن كله: ستة آلاف آية ومائتان وأربع آيات.
القول الأول: أن عدد آيات القرآن ستة آلاف آية , وهذا الرقم مجمع عليه , واختلفوا فيما زاد على ذلك.
القول الثاني : ستة آلاف آية ومائتا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة آية.
القول الثالث: ستة آلاف آية ومائتان وتسع عشرة آية.
القول الرابع: ستة آلاف آية ومائتان وخمس وعشرون آية أو ست وعشرون آية.
القول الخامس: ستة آلاف آية و مائتان وست وثلاثون. حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتاب "البيان"
ذكر هذه القوال الزركشي.

عدد كلماته وعدد حروفه:
- قال الزركشي: قال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقرئ: عدد سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة.
- وقال: بعث الحجاج بن يوسف إلى قراء البصرة فجمعهم واختار منهم الحسن البصري وأبا العالية ونصر بن عاصم وعاصماً الجحدري ومالك بن دينار رحمة الله عليهم.
- وقال: عدوا حروف القرآن فبقوا أربعة أشهر يعدون بالشعير، فأجمعوا على أن كلماته سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة، وأجمعوا على أن عدد حروفه ثلاثمائة ألف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا.

تجزئة القرآن:
أنصاف القرآن ثمانية بعدة اعتبارات:
- فنصفه بالحروف: النون من قوله: {نُكْراً} في سورة الكهف، والكاف من نصفه الثاني.
- ونصفه بالكلمات: الدال من قوله: {وَالْجُلُودُ} في سورة الحج، وقوله تعالى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} من نصفه الثاني.
- ونصفه بالآيات:{يَأْفِكُونَ} من سورة الشعراء، وقوله تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ} من نصفه الثاني.
- ونصفه على عدد السور: فالأول الحديد، والثاني من المجادلة.
ذكره الزركشي.

هل المعوذتين من القرآن:
- قال ابن الجوزي في باب عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه ونقطه : كان ابن مسعود رضي الله عنه يسقط المعوذتين.
- قال الزركشي : كان في مصحف ابن مسعود: اثنا عشر، لم يكن فيها المعوذتان لشبهة الرقية.
وجوابه رجوعه إليهم وما كتب الكل.
- قال السيوطي: وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنتا عشرة سورة؛ لأنه لم يكتب المعوذتين.
- وقال: أخرج أبو عبيد عن ابن سيرين قال: كتب أبي بن كعب في مصحفه: فاتحة الكتاب، والمعوذتين، و"اللهم إنا نستعينك"، و"اللهم إياك نعبد"، وتركهن ابن مسعود، وكتب عثمان منهن: فاتحة الكتاب والمعوذتين.
والصواب أنهما من القرآن:
- قال إبراهيم النخعي: قلت للأسود: المعوذتان, من القرآن هما؟ قال: نعم.
رواه مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوبَ بنِ الضُّرَيسِ بسنده عن الأعمش في فضائل القرآن.

سورة براءة:
- من آخر ما نزل بالمدينة ولذلك قلّ المنسوخ فيها.
- من أسمائها : براءة والتوبة.
- نزلت بالسيف.
- كانت تعدل سورة البقرة، أو قريبًا منها.
- هي من المئين .

هل الأنفال وبراءة سورة واحدة:
- قال عثمان رضي الله عنه في شأن سورتي براءة والأنفال : (فظننت أنّها منها قال: وكانتا تدعيان في زمان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم القرينتين فلذلك جعلتهما في السّبع الطّوال).
ذكره أبو جعفرٍ النحاس وقال: ففي هذا الحديث ظنّ عثمان أنّ الأنفال من براءة وتحقيق ابن عبّاسٍ أنّها ليست منها.

- قال الزمخشري : قيل: سورة الأنفال والتوبة سورة واحدة، كلتاهما نزلت في القتال، تعدّان السابعة من الطول وهي سبع وما بعدها المئون، وهذا قول ظاهر، لأنهما معاً مائتان وست، فهما بمنزلة إحدى الطول.

- قال ابن الجوزي : أما سوره فقال أبو الحسين بن المنادي: جميع سور القرآن؛ في تأليف زيد بن ثابت على عهد الصديق وذي النورين؛ مائة وأربع عشرة سورة، فيهن الفاتحة والتوبة والمعوذتان، وذلك هو الذي في أيدي أهل قبلتنا.

- قال مجاهد: وثلاث عشرة بجعل الأنفال والتوبة سورة واحدة؛ لاشتباه الطرفين وعدم البسملة. ويرده تسمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا منهما. ذكره الزركشي.

- قال السيوطي أخرج أبو الشيخ عن أبي روق قال: الأنفال وبراءة سورة واحدة.
- وقال: أخرج عن أبي رجاء قال: سألت الحسن عن الأنفال وبراءة سورتان؟ أم سورة؟. قال: سورتان.

- قال الشوكاني: وقول من جعلهما سورةً واحدةً أظهر، لأنّهما جميعًا في القتال، وتعدّان جميعًا سابعة السّبع الطّوال.

ترك كتابة البسملة في أول براءة:
- قال ابن عباس : قلنا لعثمان بن عفّان رضي اللّه عنه ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ووضعتهما في السّبع الطّوال ما حملكم على هذا؟ فقال:«كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم تنزل عليه السّور ذوات العدد فإذا نزلت عليه الآية قال اجعلوها في سورة كذا وكذا وكانت الأنفال من أوّل ما نزل بالمدينة وكانت براءة من آخر ما نزل وكانت قصّتها تشبه قصّتها ولم يبيّن لنا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في ذلك شيئًا فلذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» .
رواه أبو جعفر النحاس عن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، بسنده عن ابن عبّاسٍ عنه.

قال السيوطي: نقل صاحب الإقناع أن البسملة ثابتة لبراءة في مصحف ابن مسعود، قال: ولا يؤخذ بهذا.

الأقوال في سبب ترك البسملة:
الأول: لأن السورة نزلت بالسيف: كان من شأن العرب إذا كان بينهم وبين قومٍ عهدٌ، فإذا أرادوا نقضه كتبوا إليهم كتابًا، ولم يكتبوا فيه بسملةً وقد نزلت براءةٌ بنقض العهد الّذي كان بين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمشركين.
قال السيوطي: وفي المستدرك عن ابن عباس قال: (سألت علي بن أبي طالب لِمَ لَمْ تكتب في براءة "بسم الله الرحمن الرحيم"؟. قال: لأنها أمان وبراءة نزلت بالسيف).
الثاني : أن سورة براءة كانت تعدل سورة البقرة، أو قريبًا منها، وأنّه لمّا سقط أوّلها سقطت البسملة.
قال مالك بن أنس : أن أولها لما سقط سقط معه البسملة فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها. ذكره السيوطي
الثالث: إن الأنفال وبراءة سورة واحدة لذلك لم تكتب البسملة بينهما.
قال السيوطي: وأخرج أبو الشيخ عن أبي روق قال: الأنفال وبراءة سورة واحدة.
الرابع : إن جبريل عليه السلام لم ينزل بالبسملة.
قال القشيري: الصحيح أن التسمية لم تكن فيها لأن جبريل عليه السلام لم ينزل بها فيها. ذكره السيوطي.
الخامس: اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: الأنفال وبراءة سورة واحدة. وقال بعضهم: هما سورتان، فتركت بينهما فرجة لقول من قال: هما سورتان، وتركت بسم الله الرحمن الرحيم لقول من قال: هما سورة واحدة.
ذكره الزمخشري والشوكاني.

من مصاحف الصحابة:
مصحف أبي بن كعب:
- قال الزركشي: كان في مصحف أبي: ست عشرة، وكان دعاء الاستفتاح والقنوت في آخره كالسورتين. ولا دليل فيه لموافقتهم وهو دعاء كتب بعد الختمة.
- قال السيوطي: في مصحف أُبَيّ ست عشرة لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع .
- وقال: أخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي بن كعب أنه كان يقنت بالسورتين..، فذكرهما، وأنه كان يكتبهما في مصحفه.
- قال السيوطي: كذا نقل جماعة عن مصحف أبيّ أنه ست عشرة سورة، والصواب أنه خمس عشرة؛ فإن سورة "الفيل" وسورة "لإيلاف قريش" فيه سورة واحدة.

هل سورتي الحفد والخلع من القرآن:
والصواب أنهما ليستا من القرآن:
- أخرج أبو عبيد عن ابن سيرين قال: كتب أبي بن كعب في مصحفه: فاتحة الكتاب، والمعوذتين، و"اللهم إنا نستعينك"، و"اللهم إياك نعبد"، وتركهن ابن مسعود، وكتب عثمان منهن: فاتحة الكتاب والمعوذتين. ذكره السيوطي.
قال السيوطي: أخرج البيهقي من طريق سفيان الثوري عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير: أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع، فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى نقمتك، إن عذابك بالكافرين ملحق".

مصحف عبدالله بن مسعود:
قال الزركشي: كان في مصحف ابن مسعود: اثنا عشر، لم يكن فيها المعوذتان لشبهة الرقية. وجوابه رجوعه إليهم وما كتب الكل.
قال السيوطي: في مصحف ابن مسعود مائة واثنتا عشرة سورة؛ لأنه لم يكتب المعوذتين.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 رجب 1441هـ/16-03-2020م, 10:37 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فداء حسين مشاهدة المشاركة

فهرسة مسائل جمع القرآن : القسم السابع: عدد سور القرآن

تأليف القرآن:
- جمع القرآن زيد بن ثابت رضي الله عنه في عهد أبي بكر , ثم جمعه في عهد عثمان رضي الله عنهما.

ترتيب الآيات في السورة الواحدة:
- قال عثمان رضي الله عنه: «كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم تنزل عليه السّور ذوات العدد فإذا نزلت عليه الآية قال اجعلوها في سورة كذا وكذا ...الحديث»
رواه أبو جعفر النحاس عن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، بسنده عن ابن عبّاسٍ عنه.

عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه ونقطه :
عدد سور القرآن:
الأقوال في عدد سور القرآن:
القول الأول : قال مجاهد: [مائة، الكلام عند الزركشي مترابط فمفهوم منه قول مجاهد، أما عند التحرير هنا فينبغي بيانه] وثلاث عشرة بجعل الأنفال والتوبة سورة واحدة؛ لاشتباه الطرفين وعدم البسملة. ويرده تسمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا منهما. ذكه الزركشي.
القول الثاني : ذكر عن أبي بن كعب رضي الله عنه مائة وست عشرة سورة.
القول الثالث: كان في مصحف ابن مسعود: اثنا عشر, لكونه رضي الله عنه يسقط المعوذتين، فنقصت جملته سورتين عن جملة زيد.
القول الرابع : قال ابن الجوزي : جميع سور القرآن؛ في تأليف زيد بن ثابت على عهد الصديق وذي النورين؛ مائة وأربع عشرة سورة.
قال السخاوي: وهو مائة وأربع عشرة سورة مع فاتحة الكتاب.
قال الزركشي : واعلم أن عدد سور القرآن العظيم باتفاق أهل الحل والعقد: مائة وأربع عشرة سورة، كما هي في المصحف العثماني: أولها الفاتحة وآخرها الناس.
قال السيوطي: أما سوره: فمائة وأربع عشرة سورة، بإجماع من يعتد به.

أطول سور القرآن وأقصره:
قال الزركشي : أطول سورة في القرآن: هي البقرة، وأقصرها: الكوثر.

عدد آياته:
قال السخاوي: والقرآن كله: ستة آلاف آية ومائتان وأربع آيات.
القول الأول: أن عدد آيات القرآن ستة آلاف آية , وهذا الرقم مجمع عليه , واختلفوا فيما زاد على ذلك.
القول الثاني : ستة آلاف آية ومائتا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة آية.
القول الثالث: ستة آلاف آية ومائتان وتسع عشرة آية.
القول الرابع: ستة آلاف آية ومائتان وخمس وعشرون آية أو ست وعشرون آية.
القول الخامس: ستة آلاف آية و مائتان وست وثلاثون. حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتاب "البيان"
ذكر هذه القوال الزركشي.

عدد كلماته وعدد حروفه:
- قال الزركشي: قال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقرئ: عدد سور القرآن مائة وأربع عشرة سورة.
- وقال: بعث الحجاج بن يوسف إلى قراء البصرة فجمعهم واختار منهم الحسن البصري وأبا العالية ونصر بن عاصم وعاصماً الجحدري ومالك بن دينار رحمة الله عليهم.
- وقال: عدوا حروف القرآن فبقوا أربعة أشهر يعدون بالشعير، فأجمعوا على أن كلماته سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة، وأجمعوا على أن عدد حروفه ثلاثمائة ألف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا.

تجزئة القرآن:
أنصاف القرآن ثمانية بعدة اعتبارات:
- فنصفه بالحروف: النون من قوله: {نُكْراً} في سورة الكهف، والكاف من نصفه الثاني.
- ونصفه بالكلمات: الدال من قوله: {وَالْجُلُودُ} في سورة الحج، وقوله تعالى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} من نصفه الثاني.
- ونصفه بالآيات:{يَأْفِكُونَ} من سورة الشعراء، وقوله تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ} من نصفه الثاني.
- ونصفه على عدد السور: فالأول الحديد، والثاني من المجادلة.
ذكره الزركشي.

هل المعوذتين من القرآن:
- قال ابن الجوزي في باب عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه ونقطه : كان ابن مسعود رضي الله عنه يسقط المعوذتين.
- قال الزركشي : كان في مصحف ابن مسعود: اثنا عشر، لم يكن فيها المعوذتان لشبهة الرقية.
وجوابه رجوعه إليهم وما كتب الكل.
- قال السيوطي: وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنتا عشرة سورة؛ لأنه لم يكتب المعوذتين.
- وقال: أخرج أبو عبيد عن ابن سيرين قال: كتب أبي بن كعب في مصحفه: فاتحة الكتاب، والمعوذتين، و"اللهم إنا نستعينك"، و"اللهم إياك نعبد"، وتركهن ابن مسعود، وكتب عثمان منهن: فاتحة الكتاب والمعوذتين.
والصواب أنهما من القرآن:
- قال إبراهيم النخعي: قلت للأسود: المعوذتان, من القرآن هما؟ قال: نعم.
رواه مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوبَ بنِ الضُّرَيسِ بسنده عن الأعمش في فضائل القرآن.

سورة براءة:
- من آخر ما نزل بالمدينة ولذلك قلّ المنسوخ فيها.
- من أسمائها : براءة والتوبة.
- نزلت بالسيف.
- كانت تعدل سورة البقرة، أو قريبًا منها.
- هي من المئين .

هل الأنفال وبراءة سورة واحدة:
- قال عثمان رضي الله عنه في شأن سورتي براءة والأنفال : (فظننت أنّها منها قال: وكانتا تدعيان في زمان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم القرينتين فلذلك جعلتهما في السّبع الطّوال).
ذكره [رواه] أبو جعفرٍ النحاس وقال: ففي هذا الحديث ظنّ عثمان أنّ الأنفال من براءة وتحقيق ابن عبّاسٍ أنّها ليست منها. [ويفضل ذكر الإسناد لأن به يحكم على ضعف هذا الأثر ومن ثم بطلان هذا القول]

- قال الزمخشري : قيل: سورة الأنفال والتوبة سورة واحدة، كلتاهما نزلت في القتال، تعدّان السابعة من الطول وهي سبع وما بعدها المئون، وهذا قول ظاهر، لأنهما معاً مائتان وست، فهما بمنزلة إحدى الطول.

- قال ابن الجوزي : أما سوره فقال أبو الحسين بن المنادي: جميع سور القرآن؛ في تأليف زيد بن ثابت على عهد الصديق وذي النورين؛ مائة وأربع عشرة سورة، فيهن الفاتحة والتوبة والمعوذتان، وذلك هو الذي في أيدي أهل قبلتنا.

- قال مجاهد: وثلاث عشرة بجعل الأنفال والتوبة سورة واحدة؛ لاشتباه الطرفين وعدم البسملة. ويرده تسمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا منهما. ذكره الزركشي.

- قال السيوطي أخرج أبو الشيخ عن أبي روق قال: الأنفال وبراءة سورة واحدة.
- وقال: أخرج عن أبي رجاء قال: سألت الحسن عن الأنفال وبراءة سورتان؟ أم سورة؟. قال: سورتان.

- قال الشوكاني: وقول من جعلهما سورةً واحدةً أظهر، لأنّهما جميعًا في القتال، وتعدّان جميعًا سابعة السّبع الطّوال. [لو حررتِ هذه المسألة بفصل القولين؛ القول بأنهما سورة واحدة، والقول بأنهما سورتان، مع بيان القائلين بكل قول ودليل كل منهم ثم بيان الراجح ووجه الترجيح - بحسب ما توفر لديكِ في النقول]

ترك كتابة البسملة في أول براءة:
- قال ابن عباس : قلنا لعثمان بن عفّان رضي اللّه عنه ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ووضعتهما في السّبع الطّوال ما حملكم على هذا؟ فقال:«كان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم تنزل عليه السّور ذوات العدد فإذا نزلت عليه الآية قال اجعلوها في سورة كذا وكذا وكانت الأنفال من أوّل ما نزل بالمدينة وكانت براءة من آخر ما نزل وكانت قصّتها تشبه قصّتها ولم يبيّن لنا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في ذلك شيئًا فلذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» .
رواه أبو جعفر النحاس عن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، بسنده عن ابن عبّاسٍ عنه.

قال السيوطي: نقل صاحب الإقناع أن البسملة ثابتة لبراءة في مصحف ابن مسعود، قال: ولا يؤخذ بهذا.

الأقوال في سبب ترك البسملة:
الأول: لأن السورة نزلت بالسيف: كان من شأن العرب إذا كان بينهم وبين قومٍ عهدٌ، فإذا أرادوا نقضه كتبوا إليهم كتابًا، ولم يكتبوا فيه بسملةً وقد نزلت براءةٌ بنقض العهد الّذي كان بين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمشركين.
قال السيوطي: وفي المستدرك عن ابن عباس قال: (سألت علي بن أبي طالب لِمَ لَمْ تكتب في براءة "بسم الله الرحمن الرحيم"؟. قال: لأنها أمان وبراءة نزلت بالسيف).
الثاني : أن سورة براءة كانت تعدل سورة البقرة، أو قريبًا منها، وأنّه لمّا سقط أوّلها سقطت البسملة.
قال مالك بن أنس : أن أولها لما سقط سقط معه البسملة فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها. ذكره السيوطي
الثالث: إن الأنفال وبراءة سورة واحدة لذلك لم تكتب البسملة بينهما.
قال السيوطي: وأخرج أبو الشيخ عن أبي روق قال: الأنفال وبراءة سورة واحدة.
الرابع : إن جبريل عليه السلام لم ينزل بالبسملة.
قال القشيري: الصحيح أن التسمية لم تكن فيها لأن جبريل عليه السلام لم ينزل بها فيها. ذكره السيوطي.
الخامس: اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: الأنفال وبراءة سورة واحدة. وقال بعضهم: هما سورتان، فتركت بينهما فرجة لقول من قال: هما سورتان، وتركت بسم الله الرحمن الرحيم لقول من قال: هما سورة واحدة.
ذكره الزمخشري والشوكاني.

من مصاحف الصحابة:
مصحف أبي بن كعب:
- قال الزركشي: كان في مصحف أبي: ست عشرة، وكان دعاء الاستفتاح والقنوت في آخره كالسورتين. ولا دليل فيه لموافقتهم وهو دعاء كتب بعد الختمة.
- قال السيوطي: في مصحف أُبَيّ ست عشرة لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع .
- وقال: أخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي بن كعب أنه كان يقنت بالسورتين..، فذكرهما، وأنه كان يكتبهما في مصحفه.
- قال السيوطي: كذا نقل جماعة عن مصحف أبيّ أنه ست عشرة سورة، والصواب أنه خمس عشرة؛ فإن سورة "الفيل" وسورة "لإيلاف قريش" فيه سورة واحدة.

هل سورتي الحفد والخلع من القرآن:
والصواب أنهما ليستا من القرآن:
- أخرج أبو عبيد عن ابن سيرين قال: كتب أبي بن كعب في مصحفه: فاتحة الكتاب، والمعوذتين، و"اللهم إنا نستعينك"، و"اللهم إياك نعبد"، وتركهن ابن مسعود، وكتب عثمان منهن: فاتحة الكتاب والمعوذتين. ذكره السيوطي.
قال السيوطي: أخرج البيهقي من طريق سفيان الثوري عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير: أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع، فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى نقمتك، إن عذابك بالكافرين ملحق".

مصحف عبدالله بن مسعود:
قال الزركشي: كان في مصحف ابن مسعود: اثنا عشر، لم يكن فيها المعوذتان لشبهة الرقية. وجوابه رجوعه إليهم وما كتب الكل.
قال السيوطي: في مصحف ابن مسعود مائة واثنتا عشرة سورة؛ لأنه لم يكتب المعوذتين.
أحسنتِ، وتميزتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- ومن جوانب الإحسان، العزو، وذكر مخرج الآثار، وفي مرحلة متقدمة بإذن الله يمكنكِ الرجوع إلى فهرستكِ هذه والتحقق من تخريج السيوطي وغيره بالرجوع للمصادر الأصلية، وذكر مخرج الأثر، كإضافة لأصلكِ العلمي في هذا الباب.
- مجرد اقتراح في ترتيب المسائل، لو جعلتِ الحديث عن مصاحف الصحابة مباشرة بعد بيانكِ لعدد سور القرآن وآياته وحروفه في المصحف العثماني، ثم بعد ذلك تبينين تفصيل الخلاف في عد سورة الأنفال وبراءة، والمعوذتين.
- ومسألة ترك البسملة في أول براءة من المسائل الاستطرادية لهذا الموضوع، لأنه بالأساس عن عدد سور القرآن.
التقويم: أ+
بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 رمضان 1441هـ/15-05-2020م, 05:20 AM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

القسم السادس:

معنى تأليف القرآن

تأليف القرآن أو جمعه يطلق على ضربين:
الأول: تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبر به جبريل عن أمر ربه عز وجل، فهو توقيفي.
الثاني: تأليف السور كتقديم السبع الطوال، وتعقيبها بالمئين، وهذا النوع وقع فيه الخلاف هل هو توقيفي أم من اجتهاد الصحابة كما سيأتي.

من الآثار الواردة في تأليف القرآن:
- روى أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ عن يوسف بن ماهك، قال: إني لعند عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها إذ جاء أعرابي. فقال: يا أم المؤمنين، أرني مصحفك. فقالت: (لم؟). قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنا نقرؤه غير مؤلف. قالت: (وما يضرك أيه قرأت قبل؟، إنما أنزل أول ما نزل من القرآن سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام. ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر، ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا. ولقد نزل على محمد صلى عليه وسلم - وإني لجارية بمكة ألعب – {والساعة أدهى وأمر} وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده). قال: فأخرج المصحف، فأمليت عليه أنا السور.

- روى مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوبَ بنِ الضُّرَيسِ عن محمد بن سيرين، عن عكرمة، فيما أحسب قال: لما كان بعد بيعة أبي بكر رضي الله عنه، قعد علي بن أبي طالب في بيته. فقيل لأبي بكر: قد كره بيعتك. فأرسل إليه فقال: أكرهت بيعتي؟ .فقال: لا والله .قال: ما أقعدك عني ؟. قال: رأيت كتاب الله يزاد فيه، فحدثت نفسي ألا ألبس ردائي إلا لصلاة حتى أجمعه. فقال أبو بكر: فإنك نعم ما رأيت. قال محمد: فقلت له: ألفوه كما أنزل، الأول فالأول؟ قال: لو اجتمعت الإنس والجن على أن يؤلفوه ذلك التأليف ما استطاعوا. قال محمد: أراه صادقا)

- روى الشاطبي بإسناده إلى ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: (إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم).

مراحل جمع القرآن الثلاثة
ذكر الحاكم في المستدرك أن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة:
فقد جمع بعضه بحضرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
ثم جمع بحضرة أبي بكر الصديق.
والجمع الثالث وهو ترتيب السور كان بحضرة عثمان


الجمع الأول:
وهو كتابة الآيات في الرقاع واللخاف والعسب، وحفظه في الصدور، وذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تعليم النبي أصحابه القرآن على ترتيب المصحف، بتوقيف جبريل إياه على ذلك، وإعلامه بمكان الآية وموضعها.
أخذ الصحابة عن النبي رؤوس الآي.
طريقة تعليم النبي القرآن لأصحابه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا العشر فلا نتجاوزها إلى عشر أخر حتى نتعلم ما فيها من العلم والعمل.
مدارسة جبريل للنبي القرآن في رمضان، وعرضه في العام الذي توفي فيه مرتين.
شهود زيد بن ثابت العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله على جبريل، وهي العرضة التي نسخ فيها ما نسخ، وبقي فيها ما بقي.
الآثار الواردة في الجمع الأول:
- حديث عثمان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))
- وحديث زيد بن ثابت قال: كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن، إذ قال: ((طوبى للشام))، فقيل له: ولم؟ قال: ((إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم، وزاد في "الدلائل" ((نؤلف القرآن في الرقاع)).
- وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت.
من الأدلة على ترتيب السور في عهد النبي:
- حديث أبي رافعٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: ((أعطيت السّبع مكان التّوراة وأعطيت المئين مكان الزّبور وأعطيت المثاني مكان الإنجيل وفضّلت بالمفصّل)).
- أن تأليف القرآن من إعجازه، ولو كان غير مؤلفا عن غير الله ورسوله لكان مدخلا لطعن الملحدين.
الآثار في بيان من حفظ القرآن من الصحابة:
- عن أنسٍ، قال: "جمع القرآن على عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أربعةٌ أبيّ بن كعبٍ، وزيد بن ثابتٍ، وأبو زيدٍ، ومعاذ بن جبلٍ» قال قتادة: قلت لأنسٍ من أبو زيدٍ؟ قال: أحد عمومتي.
- وقال الشّعبيّ: "وأبو الدّرداء حفظ القرآن على عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ومجمّع بن جارية بقيت عليه سورتان أو ثلاثٌ، قال: ولم يحفظ القرآن أحدٌ من الخلفاء إلّا عثمان، وسالمٌ مولى أبي حذيفة بقي عليه منه شيءٌ"
- وفي هذا دليل على أنّ القرآن كان مؤلّفًا في عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فلا يجوز أن يحفظوا ما ليس مؤلّفًا.
سبب عدم جمع القرآن في مصحف واحد في عهد النبي:
- لأن الله تعالى كان قد أمنه من النسيان بقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ}
- ولأن النسخ كان يرد على بعض كما كان ينسخ بعض أحكامه فلو جمع ثم رفعت تلاوة بعض لأدى إلى الاختلاف، واختلاط الدين، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ، ثم وفق لجمعه الخلفاء الراشدين.
- وحين وقع الخوف من نسيان الخلق حدث ما لم يكن، فأحدث بضبطه فيما بعد ما لم يحتج إليه قبل ذلك.
الحكمة من نزول القرآن مفرقا:
- لحاجة الناس إليها حالة بعد حالة؛ ولأن فيه الناسخ والمنسوخ ولم يكن ليجتمعا نزولا، وأبلغ الحكم في تفرقه ما قال سبحانه: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}.

الجمع الثاني
وهو جمعه في عهد أبي بكر الصديق، من الصدور والرقاع واللخاف والعسب في صحف، بإشارة أبي بكر وعمر.
سبب جمع أبي بكر للقرآن:
- بعد أن استحر القتل بالقراء كما في حديث زيد بن ثابت، لأنه كان مفرقا في العسب واللخاف وصدور الرجال، فخافوا ذهاب بعضه بذهاب حفظته.
عرض عمر فكرة الجمع على أبي بكر بعد قتل القراء في اليمامة ورفضها حتى شرح الله صدر أبي بكر لها
استدعاء زيد بن ثابت وعرض أبو بكر وعمر فكرة الجمع عليه ورفضها حتى شرح الله صدره لها
جمع زيد بن ثابت ومن معه للقرآن من العسب واللخاف وصدور الرجال.
المراد بصدور الرجال: تتبعه للوجوه السبعة التي نزل بها القرآن، ليحيط بها علما.
سبب الثقة بأصحاب الرقاع وصدور الرجال: لكونه تأليف معجز، وقد شهدوا تلاوته من النبي عشرين سنة، فكان مأمونا من أن يزاد فيه.
دفع وهم أن أحدا لم يجمع القرآن في عهد النبي مما يفهم من قول زيد بن ثابت " فجمعته من الرقاع والأكتاف وصدور الرجال":
- أن حفظ بعض الصحابة ثابت، وأن طلبهم القرآن متفرقا ليعارض بالمجتمع عن عند من بقي ممن جمع القرآن ليشترك الجميع في علم ما جمع، فلا يغيب عن جمع القرآن أحد عنده منه شيء، ولا يرتاب أحد فيما يودع المصحف ولا يشكو في أنه جمع عن ملأ منهم.
إملاء أبي بن كعب، وكتابة زيد ومن معه للقرآن.
طلبهم لآخر سورة التوبة ووجودها مع أبي خزيمة الأنصاري، ولم يجدوها مع غيره.
توجيه طلبهم آخر التوبة من أبي خزيمة مع علمهم بها:
- ليقفوا على وجوه القراءة، وقيل يعنى ممن كانوا في طبقة خزيمة لم يجمع القرآن، لأنه لا شك في جمع أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل للقرآن والدلائل على ذلك متظاهرة.
جمعهم للقرآن بين الدفتين كما أنزله الله على رسوله من غير أن زادوا فيه أو نقصوا منه شيئا.
الاحتفاظ بالصحف التي جمعت عند أبي بكر حتى توفاه الله تعالى، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر لم تمكن منها.
كتابة المصحف ليست محدثة، فقد كان يكتب في عهد النبي لكن مفرقا.
ثناء الصحابة على فعل أبي بكر:
- عن علي، قال: (أعظم الناس أجراً في المصاحف: أبو بكر، كان أول من جمع بين اللوحين).

الجمع الثالث
كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، فتم نسخ ما جمعه في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان.
كان الناس وقتها متروكين على قراءة ما يحفظون من قراءتهم المختلفة، فكانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن.
سبب الجمع في عهد عثمان:
- خشي عثمان والصحابة الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات والقرآن، فجمعهم على نسخ ووجه مختار للقراءة.
إرسال عثمان إلى حفصة في طلب الصحف ورفضها، حتى عاهدها ليردنها إليها، فبعثت بها إليه حتى نسخها، ثم ردها إليها.
اختيار زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام لكتابة المصحف
أمر عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما أنزل بلسانهم.
التماس زيد بن ثابت لآية من سورة الأحزاب {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} ووجدها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري، وإلحاقها في سورتها.
الحرف الذي كتب عثمان عليه المصحف، اختلف العلماء في ذلك على قولين:
الأول: حرف زيد بن ثابت، وهو اختيار أكثر الرواة، ومعناه: قراءته وطريقته.
الثاني: حرف أبي بن كعب؛ لأنه العرضة الأخيرة التي قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
احتواء جمع عثمان لجميع القرآن الذي أنزله الله تعالى وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ويرفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه.
رد الصحف إلى حفصة، وإرسال إلى كل أفق بمصحف مما نسخ، والأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
إجماع الصحابة على جمع عثمان وعدم إنكارهم: حتى قال علي: "لو وليت ما ولى عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل"
رد شبهة الروافض على حرق عثمان للمصاحف: أنها لو ثبتت، فتحمل على ما يجب إحراقه مما أودع ما لا يحل قراءته.
رد شبة أن جمع عثمان للقرآن هو تأليف القرآن:
- والجواب أنه إنّما أمر بجمعه وإن كان مجموعًا؛ ليزيل الخلاف بينهم، والدليل على ذلك أنّ زيد بن ثابتٍ كان يحفظ القرآن، فلا معنى لجمعه إيّاه إلّا على هذا أو ما أشبهه.
سبب اختيار زيد بن ثابت للجمع وتقديمه على غيره:
- كونه شاب عاقل لا يتهم
- كان يكتب الوحي للنبي
- جمعه للقرآن على عهد النبي
- حضوره للعرضة الأخيرة، وقراءته عليها
توجيه قول النبي عن ابن مسعود: ((من أراد أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أمّ عبدٍ))، على أنه للحض على الترتيل مثله، وليس للقراءة بحرفه.
من مناقب عثمان: أن جمع الله به الكلمة، ورفع الاختلاف.
إحراق مروان للصحف بعد موت حفصة: خوفا أن يخالف بعض الكتاب بعضا.
وصول القرآن إلينا تواترا، ونقله أئمة الأمصار تعليما وسماعا، ولا يزال يتلقى العدول عن مثلهم.

عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه

عدد سور القرآن، على قولين:
الأول: مائة وأربع عشرة سورة، كما هي في المصحف العثماني: أولها الفاتحة وآخرها الناس، وهو إجماع أهل الحل والعقد.
الثاني: مائة وثلاث عشرة بجعل الأنفال والتوبة سورة واحدة؛ لاشتباه الطرفين وعدم البسملة، وهو قول مجاهد.
ويرد القول الثاني تسمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا منهما.

الأقوال في عدد آياته:
ذكر الزركشي اختلاف العلماء في ذلك ونقل أقوالهم كما يلي:
الأول: ستة آلاف آية.
الثاني: ستة آلاف ومائتا آية وأربع آيات، وهو قول راشد.
الثالث: ستة آلاف ومائتا آية وأربع عشرة آية.
الرابع: ستة آلاف ومائتان وتسع عشرة آية
الخامس: ستة آلاف ومائتان وخمس وعشرون آية أو ست وعشرون آية.
السادس: ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون، ذكره أبو عمرو الداني في كتاب "البيان".
السابع: ستة آلاف ومائتان وثمان عشرة، وهو قول علي.
الثامن: ستة آلاف ومائة وسبع وسبعون، وهو قول عطاء.
التاسع: ستة آلاف ومائتان واثنتا عشرة، وهو قول حميد.

سبب اختلاف العلماء في عد الآي:
- أن النبي كان يقف على رءوس الآي؛ للتوقيف فإذا علم محلها وصل للتمام، فيحسب السامع أنها ليست فاصلة.
- أن البسملة نزلت مع السورة في بعض الأحرف السبعة، فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدها، ومن قرأ بغير ذلك لم يعدها.

عدد حروفه وكلماته:
قيل: بعث الحجاج بن يوسف إلى قراء البصرة فجمعهم واختار منهم الحسن البصري وأبا العالية ونصر بن عاصم وعاصماً الجحدري ومالك بن دينار رحمة الله عليهم، وعدوا حروف القرآن فبقوا أربعة أشهر يعدون بالشعير، فأجمعوا على أن كلماته سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة، وأجمعوا على أن عدد حروفه ثلاثمائة ألف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا.

ترتيب الآيات والسور في المصاحف

ترتيب الآيات:
ترتيبها توقيفي من النبي بلا شك ولا خلاف فيه، ولهذا لا يجوز تعكيسها.
الأدلة على ذلك:
- أن النبي لم يأمر بالبسملة في أول براءة، كما قال مكي وغيره.
- والحديث: ((ضعوا آية كذا في موضع كذا)).
- وروى البيهقي أنه قيل لابن مسعود: إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا، فقال: ذاك منكوس القلب.
- نقل الإجماع على ذلك جمع من العلماء، منهم الزركشي في البرهان وأبو جعفر بن الزبير في مناسباته.
- وحديث زيد السابق ذكره: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع"
- وما أخرجه البخاري عن ابن الزبير قال: "قلت لعثمان: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها. قال: يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه".
- وما أخرجه أحمد بإسناد حسن عن عثمان بن أبي العاص قال: "كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره ثم صوبه ثم قال: أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضع من هذه السورة {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى} إلى آخرها".
- وخبر ابن عباس مع عثمان في سورة الأنفال والتوبة.
- وكان آخر الآيات نزولًا {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الربا والدَّين
- بلوغ ذلك مبلغ التواتر، لما ثبت من قراءته صلى الله عليه وسلم لسور عديدة بمشهد من الصحابة، وما كان الصحابة ليرتبوا ترتيبا سمعوا النبي يقرأ على خلافه.
- وحصول اليقين بإجماع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف.

رد ابن حجر على إشكال ما ورد عن عمر في الآيتين من آخر التوبة "لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة فانظروا آخر سورة من القرآن فألحقوها في آخرها": على أن سائر الأخبار تدل على أنهم لم يفعلوا شيئا من ذلك إلا بتوقيف.

ترتيب السور في المصحف:
اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه توقيفي من النبي، وهو قول أبو جعفر النحاس وابن الحصار والزركشي والسيوطي والخازن والكرماني وأبو بكر بن الأنباري والطيبي والبيهقي وابن حجر والأشموني وعَبْدُ الرَّزَّاق عَلِيّ مُوسَى والمُخَلِّلاتِيّ.
القول الثاني: أنه من اجتهاد الصحابة، وهو ظاهر قول مكي ومالك وأبو الحسين أحمد بن فارس والقاضي أبو بكر بن الطيب.
القول الثالث: أن كثيرا من السور علم ترتيبها من النبي كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وما سوى ذلك كان من اجتهاد الصحابة، وهو قول ابن عطية، وتعقبه أبو جعفر بن الزبير بقوله: "الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية، ويبقى منها قليل يمكن أن يجرى فيه الخلاف"، وهو يرجع إلى القول الثاني.

وذكر أبو جعفر بن الزبير والزركشي في البرهان أن الخلاف بين الفريقين لفظي؛ لأن القائل بالثاني يقول: إنه رمز إليهم بذلك، وبعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، استدلالا بقول مالك: "إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم"، فآل الخلاف إلى أنه هل هو بتوقيف قولي؟ أو بمجرد استناد فعلي؟ بحيث بقي لهم فيه مجال للنظر.

أدلة القول الأول:
- الأحاديث المتواترة أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ذكر البقرة وآل عمران وسائر السّور وأنّه كان يقرأ في صلاة كذا بكذا وأنّه قرأ في ركعةٍ بالبقرة وآل عمران
- كقوله: ((اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران)). رواه مسلم.
- وحديث سعيد بن خالد: (صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسبع الطوال في ركعة). رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وفيه: أنه عليه الصلاة والسلام كان يجمع المفصل في ركعة.
- وفي "صحيح البخاري" أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، والمعوذتين.
- وروى أبى داود الطيالسي عن واثلة بن الأسقع، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول وأعطيت مكان الزبور المئين وأعطيت مكان الإنجيل المثاني وفضلت بالمفصل)).
- وحديث زيد بن ثابت: كنا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نؤلف القرآن من الرقاع
- وروى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: (في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي). فذكرها نسقا كما استقر ترتيبها.
- وذكر الزركشي بعض المناسبات في السورة وبين السور التي تبين أن الترتيب توقيفي، وهي كما يلي: أحدها: بحسب الحروف كما في الحواميم، وثانيها: لموافقة أول السورة لآخر ما قبلها كآخر الحمد في المعنى وأول البقرة، وثالثها: للوزن في اللفظ كآخر تبت وأول الإخلاص، ورابعها: لمشابهة جملة السورة لجملة الأخرى مثل: {وَالضُّحَى} و: {أَلَمْ نَشْرَحْ}.
- وفسر البعض قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} أي: اقرأه على هذا الترتيب من غير تقديم ولا تأخير.
- وفسر جماعة من المفسرين قوله تعالى: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ}: مثل البقرة إلى سور هود وهي العاشرة، ومعلوم أن سورة هود مكية، وأن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة مدنيات نزلت بعدها.
- ولما أخرجه أحمد وأبو داود عن أوس بن أبي أوس حذيفة الثقفي قال: "كنت في الوفد الذين أسلموا من ثقيف..." الحديث وفيه: فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طرأ علي حزبي من القرآن فأردت ألا أخرج حتى أقضيه)) فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور وخمس سور وسبع سور وتسع سور وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل من ق حتى نختم".
- ومن أحسن ما استدل به السيوطي: كون الحواميم رتبت ولاء وكذا الطواسين ولم ترتب المسبحات ولاء بل فصل بين سورها وفصل بين طسم الشعراء وطسم القصص بطس مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء وأخرت طس عن القصص
- وأخرج ابن أشته في كتاب المصاحف من طريق ابن وهب عن سليمان ابن بلال قال: سمعت ربيعة يسأل لم قدمت البقرة وآل عمران؟ وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة وإنما أنزلتا بالمدينة. فقال: قدمتا وألف القرآن على علم ممن ألفه به

أدلة القول الثاني:
- ما رواه مسلم في "صحيحه" عن حذيفة قال: (صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة، فافتتح سورة البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلى بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران) الحديث. ورد أصحاب القول الأول أنه ربما فعل النبي هذا إرادة للتوسعة على الأمة وتبيانا لجليل تلك النعمة، ولأن ترتيب السور في القراءة ليس بواجب فلعله فعل ذلك لبيان الجواز.
- اختلاف مصاحف السلف في ترتيب السور.
- وما أخرجه ابن أشته في المصاحف من طريق إسماعيل بن عياش عن حبان ابن يحيى عن أبي محمد القرشي قال: أمرهم عثمان أن يتابعوا الطوال فجعلت سورة الأنفال وسورة التوبة في السبع، ولم يفصل بينهما بـ(بسم الله الرحمن الرحيم).

وعلى القول بالقول الثاني: فقد انعقد الإجماع على هذا الترتيب في الأجيال المتتالية التي جاءت من بعدهم حتى عصرنا هذا، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن وبناء عليه فمن يحاول أن يرتب سور القرآن ترتيبًا جديدًا فقد خالف الإجماع ولا يجوز.

ذكر الزَّرْكَشِيُّ أنه لو حلف أن يقرأ القرآن على الترتيب لم يلزم إلا على هذا الترتيب

اختلاف مصاحف الصحابة في ترتيب السور
نقل الزركشي والسيوطي والمُخَلِّلاتِي اختلاف السلف في ترتيب المصحف كما يلي:
1. مصحف علي:
كان على ترتيب النزول، كان أوله: اقرأ ثم المدثر ثم ن ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكي والمدني
2. مصحف ابن مسعود:
كان مائة واثنتي عشرة سورة بإسقاط المعوذتين، وقيل: إحدى عشرة سورة بإسقاط المعوذتين والفاتحة، وفيه تقديم النساء على آل عمران، ولم يكن فيها المعوذتان لشبهة الرقية، ولم يودع مصحفه فاتحة الكتاب أيضًا لشهرتها واستفاضتها وكثرة تلاوتها في الصلاة وغيرها، وجوابه رجوعه إليهم وما كتب في مصحف عثمان.
3. مصحف أبي بن كعب:
كان مائة وست عشرة سورة حيث كتب في آخره سورتي الحفد والخلع يعني القنوت وهو دعاء كتب بعد الختمة، وقد انعقد الإجماع على أنهما ليستا من القرآن ولا يُظَن بأبيّ أنه يعتقد قرآنيتهما وإنما أثبتهما كما أُثْبِتَتْ الدعَوات محافظة عليهما، وكان أول مصحفه الحمد، ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم الأعراف، ثم المائدة على اختلاف شديد.

نقل الطاهر بن عاشور عن طاوسٍ وعمر بن عبد العزيز أنّهما كانا يقولان: ({ألم نشرح} من سورة الضّحى). وكانا يقرءانهما بالرّكعة الواحدة لا يفصلان بينهما يعني في الصّلاة المفروضة وهذا شذوذٌ مخالفٌ لما اتّفقت عليه الأمّة من تسوير المصحف الإمام.

ما ورد في سورة براءة
أنها من آخر ما نزل بالمدينة، ولهذا لا يكاد يوجد فيها منسوخ لهذا فأمّا النّاسخ فيها فكثير، ذكره النحاس عن البراء بن عازب.

أقوال العلماء في سبب ترك البسملة في أوّل سورة التوبة:
القول الأول: لاختلاف الصحابة في هل أن سورة الأنفال والتوبة سورة واحدة أم سورتان، كما في أثر ابن عباس مع عثمان، وهو قول خارجة وأبو عصمة وغيرهما، وعلله بعض المفسرين بأنهما في ذكر القتال والعهود فهما في موضوع واحد، ونقل السيوطي عن أبي الشيخ عن أبي روق قال: الأنفال وبراءة سورة واحدة، وذكره أيضا أبو عبيد.

القول الثاني: روى محمد بن الحنفية قال: قلت لأبي: لم لم تكتبوا في براءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: يا بني إن براءة نزلت بالسيف وإن بسم الله الرحمن الرحيم أمان. وسئل سفيان بن عيينة عن هذا فقال: لأن التسمية رحمة والرحمة أمان وهذه السورة نزلت في المنافقين، وذكره الحاكم وأبو الشيخ، وَابن مردويه عن علي بن أبي طالب.

القول الثالث: أن رسول الله لما كتب في صلح الحديبية بسم الله الرحمن الرحيم لم يقبلوها وردوها فما ردها الله عليهم، وهو قول عبد العزيز بن يحيى المكي.

القول الرابع: أنّه كان من شأن العرب إذا كان بينهم وبين قومٍ عهدٌ، فإذا أرادوا نقضه كتبوا إليهم كتابًا، ولم يكتبوا فيه بسملةً فلمّا نزلت براءةٌ بنقض العهد الّذي كان بين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمشركين، بعث بها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عليّ بن أبي طالبٍ، فقرأها عليهم، ولم يبسمل في ذلك على ما جرت به عادة العرب، وهو قول المبرّد وغيره.

القول الخامس: أن أولها لما سقط سقطت معه البسملة فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها، وهو قول مالك بن أنس وابن عجلان.

القول السادس: أن التسمية لم تكن فيها لأن جبريل عليه السلام لم ينزل بها فيها، وهو ترجيح القشيري.

ما ورد في المعوذتين

ما روي في عدم كتابة ابن مسعود للمعوذتين:
• روى الهيثمي عن عبدِ اللهِ أنه كانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ المُصْحَفِ ويقولُ: إنما أَمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أنْ يُتَعَوَّذَ بِهِما. وكانَ عبدُ اللهِ لا يَقْرَأُ بهما.
• وأَخْرَجَ أَحْمَدُ والبَزَّارُ والطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْمُصْحَفِ وَيَقُولُ: لا تَخْلِطُوا الْقُرْآنَ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ، إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، إِنَّمَا أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِهِمَا.

توجيه عدم كتابة ابن مسعود للمعوذتين:
• تَأَوَّيل الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلاَّنِيُّ لذلك بأنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لم يُنْكِرْ قُرْآنِيَّتَهُمَا وَإِنَّمَا أَنْكَرَ إِثْبَاتَهُمَا في الْمُصْحَفِ، فإنَّهُ كَانَ يَرَى أنْ لا يُكْتَبَ في الْمُصْحَفِ شَيْءٌ إِلاَّ إن كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ في كِتَابَتِهِ فيه، وكَأَنَّه لَمْ يَبْلُغْهُ الإِذْنُ في ذلك، فليس فيه جَحْدٌ لِقُرْآنِيَّتِهِمَا، وتعقبه ابن حجر: وهُو تَأْوِيلٌ حَسَنٌ إلا أنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا تَدْفَعُ ذَلِكَ حَيْثُ جَاءَ فيها: ويَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللهِ.
• وَيُحْتَمَلُ أنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُمَا مِنَ النَّبِيِّ وَلَمْ يَتَوَاتَرْ عِنْدَهُ.
• وقَالَ بعضهم: لم يَكُنِ اختِلافُ ابْنِ مَسْعُودٍ مَعَ غَيْرِهِ فِي قُرْآنِيَّتِهِمَا، وإنَّمَا كانَ في صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِمَا وَخَاصَّةٍ مِنْ خَاصَّتِهِمَا، وهو ترجيح العيني بقوله: وَلاَ شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تَحْتَمِلُهُمَا فَالْحَمْلُ عَلَيْهَا أَوْلَى.
• وأما قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ المُهَذَّبِ وابْنُ حَزْمٍ في أَوَائِلِ المُحَلَّى والفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي أوَائِلِ تَفْسِيرِهِ على أَنَّ هَذَا النَّقْلَ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ كَذِبٌ بَاطِلٌ، فقد رده أهل العلم بأن الرِّوَايَةُ صَحِيحَةٌ والتَّأْوِيلُ مُحْتَمَل، وأن الطَّعْنُ في الرواياتِ الصَّحِيحَةِ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ لا يُقْبَل.
• ما نقل عن رجوعه عَنْ قَوْلِهِ ذلك إلى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ فيما بعد.

الأحاديث والآثار في الإجماع على قرآنيتهما:
• فقَدْ صَحَّ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمَا فِي الصَّلاةِ كما في صحيحِ مُسْلِمٍ عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَزَادَ فيه ابْنُ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ تَفُوتَكَ قِرَاءَتُهُمَا فِي صَلاةٍ فَافْعَلْ، وأَخرَجَ أَحْمَدُ من طَرِيقِ أَبِي العَلاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ أَقْرَأَهُ المُعَوِّذَتَيْنِ وقَالَ له: ((إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ فَاقْرَأْ بِهِمَا)) وإسنادُهُ صَحِيحٌ، ولسعيدِ بْنِ مَنصورٍ مِن حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ صَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ فِيهِمَا بالمُعَوِّذَتَيْن، وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قاَل:َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَعَنْهُ أَيْضًا: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِهِمَا فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ قَدْ تَفِيدُ التَّوَاتُرَ.
• وقَالَ البَزَّارُ: لَمْ يُتَابِعِ ابْنَ مَسْعُودٍ أَحَدٌ مِن الصَّحَابَةِ.
• وروى البخاري عن زرّ بن حبيشٍ، قال: سألت أبيّ بن كعبٍ عن المعوّذتين؟ فقال: سألت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقال: «قيل لي فقلت» فنحن نقول كما قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وفي رواية أحمد والطبراني: قُلْتُ لأُبَيٍّ: إن أخاكَ يَحُكُّهُما مِنَ المُصْحَف.
• وَأَخْرَجَ مُسَدَّدٌ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِعِكْرِمَةَ: إِنِّي أُصَلِّي بِقَوْمٍ فَأَقْرَأُ بِـ {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}؟ فَقَالَ: اقْرَأْ بِهِمَا فَإِنَّهُمَا مِن الْقُرْآنِ.
• وروى ابن الضريس عن إبراهيم، قال: قلت للأسود: المعوذتان، من القرآن هما؟ قال: نعم.
• وقال النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَالْفَاتِحَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِنْهَا كَفَرَ.
• وإجماع الصحابة على إثباتهما في الْمَصَاحِفِ التي بَعَثُوهَا إلى سَائِرِ الآفَاق.

أسماء مجموعات سور القرآن
أصل السورة ومعناها:
- بالهمز من أسأرت، أي أفضلت من السؤر وهو ما بقي من الشراب في الإناء، كأنها قطعة من القرآن.
- وبتسهيل الهمز وإبدالها واو، من السور، وعلى هذا القول وردت أربعة معاني:
1. من سور البناء، أي القطعة منه أي منزلة بعد منزلة.
2. من سور المدينة لإحاطتها بآياتها واجتماعها بها كاجتماع البيوت بالسور ومنه السِّوار لإحاطته بالساعد.
3. لارتفاعها لأنها كلام الله والسورةُ المُنْزِلَةُ الرفيعة، كما قال النابغة: ألم ترَ أنَّ الله أعطاكَ سـورةً ... تَرى كُلُّ مَلَكٍ دونَها يَتَذَبْذَبُ
4. لتركيب بعضها على بعض من التَّسوُّر بمعنى التصاعد، والتركيب ومنه {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}.

حد السورة:
- قال الجعبري: قران يشتمل على آي ذي فاتحة وخاتمه وأقلها ثلاث آيات.
- وقال غيره: السورة الطائفة المترجمة توقيفًا أي المسماة باسم خاص بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.

ثبوت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار

الحكمة في تسوير سور القرآن:
- تحقيق كون السورة بمجردها معجزة وآية من آيات الله
- والإشارة إلى أن كل سورة نمط مستقل
- وسوَّر السور طوالًا وأوساطًا وقصارًا تنبيهًا على أن الطوال ليس من شرط الإعجاز
- وحكمة في التعليم وتدرج الأطفال من السور القصار إلى ما فوقها تيسيرًا من الله على عباده لحفظ كتابه

تقسيم القرآن بحسب سوره:
ذكر العلماء للقرآن أربعة أقسام، هي:
1. السبع الطول: وسميت طولا: لطولها، والطول: بضم الطاء، جمع طولى، كالكبر: جمع كبرى، قال أبو حيان التوحيدي: وكسر الطاء مرذول.
2. والمئون: ما ولي السبع الطول سميت بذلك؛ لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها.
3. والمثاني: ما ولي المئين.
4. والمفصل: ما يلي المثاني من قصار السور، وآخره سورة الناس بلا نزاع.

ما رود في تسمية هذا التقسيم:
جاء في حديث مرفوع أخرجه أبو عبيد من جهة سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ((أعطيت السبع الطول مكان التوراة وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل))، وهو حديث غريب وسعيد بن بشير فيه لين وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" عن عمران عن قتادة به).

أقوال العلماء في سبب تسمية بعض السور بالمثاني:
1. هي ما ولي المئين لأنها ثنتها أي كانت بعدها؛ فهي لها ثوان والمئون لها أوائل.
2. هي السورة التي آيها أقل من مائة؛ لأنها تثنى أكثر مما يثنى الطوال والمئون، وهو قول الفراء.
3. لتثنية الأمثال فيها بالعبر والخبر، حكاه النكزاوي
4. وقال في جمال القراء: هي السور التي ثنيت فيها القصص.

ما سمي بالمثاني:
1. ما ولي المئين، كما سبق.
2. الفاتحة، لأنها تثنى في كل ركعة، كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي}
3. القرآن كله، لأن الأنباء والقصص تثنى فيه، ومنه قوله تعالى {كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ}

الأقوال في سبب تسمية المفصل:
القول الأول: لكثرة الفصول التي بين السور بالبسملة
القول الثاني: لقلة المنسوخ فيه، ولهذا يسمى بالمحكم أيضا، كما روى البخاري عن سعيد بن جبير قال: "إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم

أقوال أهل العلم في تحديد السبع الطول:
القول الأول: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس، وهو قول سعيد بن جبير كما رواه ابن أبي حاتم، وقيل براءة، ذكره السخاوي والسيوطي.
القول الثاني: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال بالتوبة، ذكره المُخَلِّلاتِيّ.
القول الثالث: أخرج الحاكم والنسائي وغيرهما عن ابن عباس قال: "السبع الطوال البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف" قال الراوي: وذكر السابعة فنسيتها، وفي رواية عند الحاكم أنها: الكهف.

أقوال أهل العلم في تحديد أول المفصل:
القول الأول: الجاثية، حكاه القاضي عياض
القول الثاني: القتال. وعزاه الماوردي للأكثرين.
القول الثالث: الحجرات، وصححه النووي.
القول الرابع: ق، وقيل: وهي أوله في مصحف عثمان، وذكر الخطابي حديث أوس بن حذيفة في وفد ثقيف فيه ذلك، وقال الماوردي في "تفسيره": حكاه عيسى بن عمر عن كثير من الصحابة أي الحديث المذكور
القول الخامس: الصافات.
القول السادس: الصف.
القول السابع: تبارك، حكى آخر ثلاثة ابن أبي الصيف اليمني في "نكت التنبيه".
القول الثامن: الفتح، حكاه الكمال الذماري في شرح التنبيه المسمى "رفع التمويه".
القول التاسع: {الرَّحْمَنُ} حكاه ابن السيد في "أماليه على الموطأ" وقال: إنه كذلك في مصحف ابن مسعود، وقيل: رواه أحمد في "مسنده" كذلك.
القول العاشر: الإنسان.
القول الحادي عشر: {سَبِّحِ}، حكاه ابن الفركاح في "تعليقه عن المرزوقي"
القول الثاني عشر: {وَالضُّحَى} وعزاه الماوردي، لابن عباس، وحكاه الخطابي في "غريبه" ووجهه: بأن القارئ يفصل بين هذه السور بالتكبير، قال: وهو مذهب ابن عباس وقراء مكة.
والصحيح عند أهل الأثر أن أوله: ق
وعبارة الراغب في مفرداته المفصل من القرآن السبع الأخير.

أقسام المفصل:
طوال وأوساط وقصار، وقال ابن معن:
1. طواله إلى عم.
2. وأوساطه منها إلى الضحى.
3. ومنها إلى آخر القرآن قصاره.

من محاور ومقاصد السور:
مما ذكره الأئمة عن مقاصد بعض السور ما يلي:
1. سورة الفاتحة تضمنت: الإقرار بالربوبية، والالتجاء إليه في دين الإسلام، والصيانة عن دين اليهودية والنصرانية.
2. وسورة البقرة تضمنت: قواعد الدين، وآل عمران مكملة لمقصودها:
- فالبقرة: بمنزلة إقامة الدليل على الحكم.
- وآل عمران: بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم.
3. وأما سورة النساء فتتضمن: جميع أحكام الأسباب التي بين الناس، وهي نوعان: مخلوقة لله تعالى، ومقدورة لهم كالنسب والصهر؛ وبين الذين يتعاهدون، ويتعاقدون فيما بينهم، وما تعلق بذلك من أحكام الأموال، والفروج، والمواريث، ومنها العهود التي حصلت بالرسالة، والتي أخذها الله على الرسل.
4. وأما المائدة: فسورة العقود، وبهن تمام الشرائع، قالوا: وبها تم الدين، فهي: سورة التكميل. بها ذكر الوسائل، كما في الأنعام والأعراف ذكر المقاصد.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 ذو القعدة 1441هـ/22-06-2020م, 03:45 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم محمد مشاهدة المشاركة
القسم السادس:

معنى تأليف القرآن

تأليف القرآن أو جمعه يطلق على ضربين:
الأول: تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبر به جبريل عن أمر ربه عز وجل، فهو توقيفي.
الثاني: تأليف السور كتقديم السبع الطوال، وتعقيبها بالمئين، وهذا النوع وقع فيه الخلاف هل هو توقيفي أم من اجتهاد الصحابة كما سيأتي.

من الآثار الواردة في تأليف القرآن:
- روى أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ عن يوسف بن ماهك، قال: إني لعند عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها إذ جاء أعرابي. فقال: يا أم المؤمنين، أرني مصحفك. فقالت: (لم؟). قال: لعلي أؤلف القرآن عليه، فإنا نقرؤه غير مؤلف. قالت: (وما يضرك أيه قرأت قبل؟، إنما أنزل أول ما نزل من القرآن سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام. ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر، ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا. ولقد نزل على محمد صلى عليه وسلم - وإني لجارية بمكة ألعب – {والساعة أدهى وأمر} وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده). قال: فأخرج المصحف، فأمليت عليه أنا السور.
[نقول: رواه أبو عبيد القاسم بن سلام والنسائي في فضائل القرآن والبيهقي في دلائل النبوة من طريق حجاج عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك ....
وهكذا متى ما توفرت لنا الآثار من مصادرها الرئيسة نحرص على تخريجها كما تعلمت في المهارات المتقدمة في التفسير]

- روى مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوبَ بنِ الضُّرَيسِ عن محمد بن سيرين، عن عكرمة، فيما أحسب قال: لما كان بعد بيعة أبي بكر رضي الله عنه، قعد علي بن أبي طالب في بيته. فقيل لأبي بكر: قد كره بيعتك. فأرسل إليه فقال: أكرهت بيعتي؟ .فقال: لا والله .قال: ما أقعدك عني ؟. قال: رأيت كتاب الله يزاد فيه، فحدثت نفسي ألا ألبس ردائي إلا لصلاة حتى أجمعه. فقال أبو بكر: فإنك نعم ما رأيت. قال محمد: فقلت له: ألفوه كما أنزل، الأول فالأول؟ قال: لو اجتمعت الإنس والجن على أن يؤلفوه ذلك التأليف ما استطاعوا. قال محمد: أراه صادقا)

- روى الشاطبي بإسناده إلى ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول: (إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم).

مراحل جمع القرآن الثلاثة
ذكر الحاكم في المستدرك أن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة:
فقد جمع بعضه بحضرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
ثم جمع بحضرة أبي بكر الصديق.
والجمع الثالث وهو ترتيب السور كان بحضرة عثمان


الجمع الأول:
وهو كتابة الآيات في الرقاع واللخاف والعسب، وحفظه في الصدور، وذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تعليم النبي أصحابه القرآن على ترتيب المصحف، بتوقيف جبريل إياه على ذلك، وإعلامه بمكان الآية وموضعها.
أخذ الصحابة عن النبي رؤوس الآي.
طريقة تعليم النبي القرآن لأصحابه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا العشر فلا نتجاوزها إلى عشر أخر حتى نتعلم ما فيها من العلم والعمل.
مدارسة جبريل للنبي القرآن في رمضان، وعرضه في العام الذي توفي فيه مرتين.
شهود زيد بن ثابت العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله على جبريل، وهي العرضة التي نسخ فيها ما نسخ، وبقي فيها ما بقي.
الآثار الواردة في الجمع الأول:
- حديث عثمان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء منه دعا بعض من كان يكتب فيقول: ((ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))، وإذا نزلت عليه الآية يقول: ((ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا))
- وحديث زيد بن ثابت قال: كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن، إذ قال: ((طوبى للشام))، فقيل له: ولم؟ قال: ((إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم، وزاد في "الدلائل" ((نؤلف القرآن في الرقاع)).
- وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم". وفي رواية: كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت.
من الأدلة على ترتيب السور في عهد النبي:
- حديث أبي رافعٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: ((أعطيت السّبع مكان التّوراة وأعطيت المئين مكان الزّبور وأعطيت المثاني مكان الإنجيل وفضّلت بالمفصّل)).
- أن تأليف القرآن من إعجازه، ولو كان غير مؤلفا عن غير الله ورسوله لكان مدخلا لطعن الملحدين.
الآثار في بيان من حفظ القرآن من الصحابة:
- عن أنسٍ، قال: "جمع القرآن على عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أربعةٌ أبيّ بن كعبٍ، وزيد بن ثابتٍ، وأبو زيدٍ، ومعاذ بن جبلٍ» قال قتادة: قلت لأنسٍ من أبو زيدٍ؟ قال: أحد عمومتي.
- وقال الشّعبيّ: "وأبو الدّرداء حفظ القرآن على عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ومجمّع بن جارية بقيت عليه سورتان أو ثلاثٌ، قال: ولم يحفظ القرآن أحدٌ من الخلفاء إلّا عثمان، وسالمٌ مولى أبي حذيفة بقي عليه منه شيءٌ"
- وفي هذا دليل على أنّ القرآن كان مؤلّفًا في عهد رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فلا يجوز أن يحفظوا ما ليس مؤلّفًا. [مثل هذا الرأي والاجتهاد في فهم النص يفضل نسبته إلى صاحبه، خاصة إن كان عليه استدراكات، كأن يقال دل الحديث بالضرورة على أن تأليف الآيات كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لكن لا يلزم منه تأليف السور ولا يقدح هذا في إعجاز القرآن]
سبب عدم جمع القرآن في مصحف واحد في عهد النبي:
- لأن الله تعالى كان قد أمنه من النسيان بقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ}
- ولأن النسخ كان يرد على بعض كما كان ينسخ بعض أحكامه فلو جمع ثم رفعت تلاوة بعض لأدى إلى الاختلاف، واختلاط الدين، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ، ثم وفق لجمعه الخلفاء الراشدين.
- وحين وقع الخوف من نسيان الخلق حدث ما لم يكن، فأحدث بضبطه فيما بعد ما لم يحتج إليه قبل ذلك.
الحكمة من نزول القرآن مفرقا:
- لحاجة الناس إليها حالة بعد حالة؛ ولأن فيه الناسخ والمنسوخ ولم يكن ليجتمعا نزولا، وأبلغ الحكم في تفرقه ما قال سبحانه: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}.

الجمع الثاني
وهو جمعه في عهد أبي بكر الصديق، من الصدور والرقاع واللخاف والعسب في صحف، بإشارة أبي بكر وعمر.
سبب جمع أبي بكر للقرآن:
- بعد أن استحر القتل بالقراء كما في حديث زيد بن ثابت، لأنه كان مفرقا في العسب واللخاف وصدور الرجال، فخافوا ذهاب بعضه بذهاب حفظته.
عرض عمر فكرة الجمع على أبي بكر بعد قتل القراء في اليمامة ورفضها حتى شرح الله صدر أبي بكر لها
استدعاء زيد بن ثابت وعرض أبو بكر وعمر فكرة الجمع عليه ورفضها حتى شرح الله صدره لها
جمع زيد بن ثابت ومن معه للقرآن من العسب واللخاف وصدور الرجال.
المراد بصدور الرجال: تتبعه للوجوه السبعة التي نزل بها القرآن، ليحيط بها علما.[وهذا التفسير أيضًا ينسب لصاحبه، وهو السخاوي]
سبب الثقة بأصحاب الرقاع وصدور الرجال: لكونه تأليف معجز، وقد شهدوا تلاوته من النبي عشرين سنة، فكان مأمونا من أن يزاد فيه.
دفع وهم أن أحدا لم يجمع القرآن في عهد النبي مما يفهم من قول زيد بن ثابت " فجمعته من الرقاع والأكتاف وصدور الرجال":
- أن حفظ بعض الصحابة ثابت، وأن طلبهم القرآن متفرقا ليعارض بالمجتمع عن عند من بقي ممن جمع القرآن ليشترك الجميع في علم ما جمع، فلا يغيب عن جمع القرآن أحد عنده منه شيء، ولا يرتاب أحد فيما يودع المصحف ولا يشكو في أنه جمع عن ملأ منهم.
إملاء أبي بن كعب، وكتابة زيد ومن معه للقرآن.
طلبهم لآخر سورة التوبة ووجودها مع أبي خزيمة الأنصاري، ولم يجدوها مع غيره.
توجيه طلبهم آخر التوبة من أبي خزيمة مع علمهم بها:
- ليقفوا على وجوه القراءة، وقيل يعنى ممن كانوا في طبقة خزيمة لم يجمع القرآن، لأنه لا شك في جمع أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل للقرآن والدلائل على ذلك متظاهرة.
جمعهم للقرآن بين الدفتين كما أنزله الله على رسوله من غير أن زادوا فيه أو نقصوا منه شيئا.
الاحتفاظ بالصحف التي جمعت عند أبي بكر حتى توفاه الله تعالى، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر لم تمكن منها. [أرسلت حفصة رضي الله عنها الصحف لعثمان رضي الله عنه حين عاهدها أن يردها إليها، ثم بقيت عندها حتى ماتت، وحُرقت بعدها]
كتابة المصحف ليست محدثة، فقد كان يكتب في عهد النبي لكن مفرقا.
ثناء الصحابة على فعل أبي بكر:
- عن علي، قال: (أعظم الناس أجراً في المصاحف: أبو بكر، كان أول من جمع بين اللوحين).

الجمع الثالث
كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان، فتم نسخ ما جمعه في الصحف في مصاحف بإشارة عثمان بن عفان.
كان الناس وقتها متروكين على قراءة ما يحفظون من قراءتهم المختلفة، فكانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن.
سبب الجمع في عهد عثمان:
- خشي عثمان والصحابة الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات والقرآن، فجمعهم على نسخ ووجه مختار للقراءة.
إرسال عثمان إلى حفصة في طلب الصحف ورفضها، حتى عاهدها ليردنها إليها، فبعثت بها إليه حتى نسخها، ثم ردها إليها.
اختيار زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام لكتابة المصحف
أمر عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما أنزل بلسانهم.
التماس زيد بن ثابت لآية من سورة الأحزاب {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} ووجدها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري، وإلحاقها في سورتها.
الحرف الذي كتب عثمان عليه المصحف، اختلف العلماء في ذلك على قولين:
الأول: حرف زيد بن ثابت، وهو اختيار أكثر الرواة، ومعناه: قراءته وطريقته.
الثاني: حرف أبي بن كعب؛ لأنه العرضة الأخيرة التي قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
احتواء جمع عثمان لجميع القرآن الذي أنزله الله تعالى وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ويرفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذي بين الدفتين، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه.
رد الصحف إلى حفصة، وإرسال إلى كل أفق بمصحف مما نسخ، والأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
إجماع الصحابة على جمع عثمان وعدم إنكارهم: حتى قال علي: "لو وليت ما ولى عثمان لعملت بالمصاحف ما عمل"
رد شبهة الروافض على حرق عثمان للمصاحف: أنها لو ثبتت، فتحمل على ما يجب إحراقه مما أودع ما لا يحل قراءته.
رد شبة أن جمع عثمان للقرآن هو تأليف القرآن:
- والجواب أنه إنّما أمر بجمعه وإن كان مجموعًا؛ ليزيل الخلاف بينهم، والدليل على ذلك أنّ زيد بن ثابتٍ كان يحفظ القرآن، فلا معنى لجمعه إيّاه إلّا على هذا أو ما أشبهه.
سبب اختيار زيد بن ثابت للجمع وتقديمه على غيره:
- كونه شاب عاقل لا يتهم
- كان يكتب الوحي للنبي
- جمعه للقرآن على عهد النبي
- حضوره للعرضة الأخيرة، وقراءته عليها
توجيه قول النبي عن ابن مسعود: ((من أراد أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أمّ عبدٍ))، على أنه للحض على الترتيل مثله، وليس للقراءة بحرفه.
من مناقب عثمان: أن جمع الله به الكلمة، ورفع الاختلاف.
إحراق مروان للصحف بعد موت حفصة: خوفا أن يخالف بعض الكتاب بعضا.
وصول القرآن إلينا تواترا، ونقله أئمة الأمصار تعليما وسماعا، ولا يزال يتلقى العدول عن مثلهم.

عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه

عدد سور القرآن، على قولين:
الأول: مائة وأربع عشرة سورة، كما هي في المصحف العثماني: أولها الفاتحة وآخرها الناس، وهو إجماع أهل الحل والعقد.
الثاني: مائة وثلاث عشرة بجعل الأنفال والتوبة سورة واحدة؛ لاشتباه الطرفين وعدم البسملة، وهو قول مجاهد.
ويرد القول الثاني تسمية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلا منهما.

الأقوال في عدد آياته:
ذكر الزركشي اختلاف العلماء في ذلك ونقل أقوالهم كما يلي:
الأول: ستة آلاف آية.
الثاني: ستة آلاف ومائتا آية وأربع آيات، وهو قول راشد.
الثالث: ستة آلاف ومائتا آية وأربع عشرة آية.
الرابع: ستة آلاف ومائتان وتسع عشرة آية
الخامس: ستة آلاف ومائتان وخمس وعشرون آية أو ست وعشرون آية.
السادس: ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون، ذكره أبو عمرو الداني في كتاب "البيان".
السابع: ستة آلاف ومائتان وثمان عشرة، وهو قول علي.
الثامن: ستة آلاف ومائة وسبع وسبعون، وهو قول عطاء.
التاسع: ستة آلاف ومائتان واثنتا عشرة، وهو قول حميد.

سبب اختلاف العلماء في عد الآي:
- أن النبي كان يقف على رءوس الآي؛ للتوقيف فإذا علم محلها وصل للتمام، فيحسب السامع أنها ليست فاصلة.
- أن البسملة نزلت مع السورة في بعض الأحرف السبعة، فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدها، ومن قرأ بغير ذلك لم يعدها.

عدد حروفه وكلماته:
قيل: بعث الحجاج بن يوسف إلى قراء البصرة فجمعهم واختار منهم الحسن البصري وأبا العالية ونصر بن عاصم وعاصماً الجحدري ومالك بن دينار رحمة الله عليهم، وعدوا حروف القرآن فبقوا أربعة أشهر يعدون بالشعير، فأجمعوا على أن كلماته سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة، وأجمعوا على أن عدد حروفه ثلاثمائة ألف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا.

ترتيب الآيات والسور في المصاحف

ترتيب الآيات:
ترتيبها توقيفي من النبي بلا شك ولا خلاف فيه، ولهذا لا يجوز تعكيسها.
الأدلة على ذلك:
- أن النبي لم يأمر بالبسملة في أول براءة، كما قال مكي وغيره.
- والحديث: ((ضعوا آية كذا في موضع كذا)).
- وروى البيهقي أنه قيل لابن مسعود: إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا، فقال: ذاك منكوس القلب.
- نقل الإجماع على ذلك جمع من العلماء، منهم الزركشي في البرهان وأبو جعفر بن الزبير في مناسباته.
- وحديث زيد السابق ذكره: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع"
- وما أخرجه البخاري عن ابن الزبير قال: "قلت لعثمان: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا} قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها. قال: يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه".
- وما أخرجه أحمد بإسناد حسن عن عثمان بن أبي العاص قال: "كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره ثم صوبه ثم قال: أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضع من هذه السورة {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى} إلى آخرها".
- وخبر ابن عباس مع عثمان في سورة الأنفال والتوبة.
- وكان آخر الآيات نزولًا {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الربا والدَّين
- بلوغ ذلك مبلغ التواتر، لما ثبت من قراءته صلى الله عليه وسلم لسور عديدة بمشهد من الصحابة، وما كان الصحابة ليرتبوا ترتيبا سمعوا النبي يقرأ على خلافه.
- وحصول اليقين بإجماع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف.

رد ابن حجر على إشكال ما ورد عن عمر في الآيتين من آخر التوبة "لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة فانظروا آخر سورة من القرآن فألحقوها في آخرها": على أن سائر الأخبار تدل على أنهم لم يفعلوا شيئا من ذلك إلا بتوقيف.

ترتيب السور في المصحف:
اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه توقيفي من النبي، وهو قول أبو جعفر النحاس وابن الحصار والزركشي والسيوطي والخازن والكرماني وأبو بكر بن الأنباري والطيبي والبيهقي وابن حجر والأشموني وعَبْدُ الرَّزَّاق عَلِيّ مُوسَى والمُخَلِّلاتِيّ.
القول الثاني: أنه من اجتهاد الصحابة، وهو ظاهر قول مكي ومالك وأبو الحسين أحمد بن فارس والقاضي أبو بكر بن الطيب.
القول الثالث: أن كثيرا من السور علم ترتيبها من النبي كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وما سوى ذلك كان من اجتهاد الصحابة، وهو قول ابن عطية، وتعقبه أبو جعفر بن الزبير بقوله: "الآثار تشهد بأكثر مما نص عليه ابن عطية، ويبقى منها قليل يمكن أن يجرى فيه الخلاف"، وهو يرجع إلى القول الثاني.

وذكر أبو جعفر بن الزبير والزركشي في البرهان أن الخلاف بين الفريقين لفظي؛ لأن القائل بالثاني يقول: إنه رمز إليهم بذلك، وبعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، استدلالا بقول مالك: "إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم"، فآل الخلاف إلى أنه هل هو بتوقيف قولي؟ أو بمجرد استناد فعلي؟ بحيث بقي لهم فيه مجال للنظر.

أدلة القول الأول:
- الأحاديث المتواترة أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ذكر البقرة وآل عمران وسائر السّور وأنّه كان يقرأ في صلاة كذا بكذا وأنّه قرأ في ركعةٍ بالبقرة وآل عمران
- كقوله: ((اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران)). رواه مسلم.
- وحديث سعيد بن خالد: (صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسبع الطوال في ركعة). رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، وفيه: أنه عليه الصلاة والسلام كان يجمع المفصل في ركعة.
- وفي "صحيح البخاري" أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، والمعوذتين.
- وروى أبى داود الطيالسي عن واثلة بن الأسقع، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطول وأعطيت مكان الزبور المئين وأعطيت مكان الإنجيل المثاني وفضلت بالمفصل)).
- وحديث زيد بن ثابت: كنا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نؤلف القرآن من الرقاع
- وروى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: (في بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء إنهن من العتاق الأول وهن من تلادي). فذكرها نسقا كما استقر ترتيبها.
- وذكر الزركشي بعض المناسبات في السورة وبين السور التي تبين أن الترتيب توقيفي، وهي كما يلي: أحدها: بحسب الحروف كما في الحواميم، وثانيها: لموافقة أول السورة لآخر ما قبلها كآخر الحمد في المعنى وأول البقرة، وثالثها: للوزن في اللفظ كآخر تبت وأول الإخلاص، ورابعها: لمشابهة جملة السورة لجملة الأخرى مثل: {وَالضُّحَى} و: {أَلَمْ نَشْرَحْ}.
- وفسر البعض قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} أي: اقرأه على هذا الترتيب من غير تقديم ولا تأخير.
- وفسر جماعة من المفسرين قوله تعالى: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ}: مثل البقرة إلى سور هود وهي العاشرة، ومعلوم أن سورة هود مكية، وأن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة مدنيات نزلت بعدها.
- ولما أخرجه أحمد وأبو داود عن أوس بن أبي أوس حذيفة الثقفي قال: "كنت في الوفد الذين أسلموا من ثقيف..." الحديث وفيه: فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طرأ علي حزبي من القرآن فأردت ألا أخرج حتى أقضيه)) فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه ثلاث سور وخمس سور وسبع سور وتسع سور وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل من ق حتى نختم".
- ومن أحسن ما استدل به السيوطي: كون الحواميم رتبت ولاء وكذا الطواسين ولم ترتب المسبحات ولاء بل فصل بين سورها وفصل بين طسم الشعراء وطسم القصص بطس مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهاديا لذكرت المسبحات ولاء وأخرت طس عن القصص
- وأخرج ابن أشته في كتاب المصاحف من طريق ابن وهب عن سليمان ابن بلال قال: سمعت ربيعة يسأل لم قدمت البقرة وآل عمران؟ وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة وإنما أنزلتا بالمدينة. فقال: قدمتا وألف القرآن على علم ممن ألفه به

أدلة القول الثاني:
- ما رواه مسلم في "صحيحه" عن حذيفة قال: (صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة، فافتتح سورة البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلى بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران) الحديث. ورد أصحاب القول الأول أنه ربما فعل النبي هذا إرادة للتوسعة على الأمة وتبيانا لجليل تلك النعمة، ولأن ترتيب السور في القراءة ليس بواجب فلعله فعل ذلك لبيان الجواز.
- اختلاف مصاحف السلف في ترتيب السور.
- وما أخرجه ابن أشته في المصاحف من طريق إسماعيل بن عياش عن حبان ابن يحيى عن أبي محمد القرشي قال: أمرهم عثمان أن يتابعوا الطوال فجعلت سورة الأنفال وسورة التوبة في السبع، ولم يفصل بينهما بـ(بسم الله الرحمن الرحيم).

وعلى القول بالقول الثاني: فقد انعقد الإجماع على هذا الترتيب في الأجيال المتتالية التي جاءت من بعدهم حتى عصرنا هذا، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن وبناء عليه فمن يحاول أن يرتب سور القرآن ترتيبًا جديدًا فقد خالف الإجماع ولا يجوز.

ذكر الزَّرْكَشِيُّ أنه لو حلف أن يقرأ القرآن على الترتيب لم يلزم إلا على هذا الترتيب

اختلاف مصاحف الصحابة في ترتيب السور
نقل الزركشي والسيوطي والمُخَلِّلاتِي اختلاف السلف في ترتيب المصحف كما يلي:
1. مصحف علي:
كان على ترتيب النزول، كان أوله: اقرأ ثم المدثر ثم ن ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير وهكذا إلى آخر المكي والمدني
2. مصحف ابن مسعود:
كان مائة واثنتي عشرة سورة بإسقاط المعوذتين، وقيل: إحدى عشرة سورة بإسقاط المعوذتين والفاتحة، وفيه تقديم النساء على آل عمران، ولم يكن فيها المعوذتان لشبهة الرقية، ولم يودع مصحفه فاتحة الكتاب أيضًا لشهرتها واستفاضتها وكثرة تلاوتها في الصلاة وغيرها، وجوابه رجوعه إليهم وما كتب في مصحف عثمان.
3. مصحف أبي بن كعب:
كان مائة وست عشرة سورة حيث كتب في آخره سورتي الحفد والخلع يعني القنوت وهو دعاء كتب بعد الختمة، وقد انعقد الإجماع على أنهما ليستا من القرآن ولا يُظَن بأبيّ أنه يعتقد قرآنيتهما وإنما أثبتهما كما أُثْبِتَتْ الدعَوات محافظة عليهما، وكان أول مصحفه الحمد، ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم الأعراف، ثم المائدة على اختلاف شديد.

نقل الطاهر بن عاشور عن طاوسٍ وعمر بن عبد العزيز أنّهما كانا يقولان: ({ألم نشرح} من سورة الضّحى). وكانا يقرءانهما بالرّكعة الواحدة لا يفصلان بينهما يعني في الصّلاة المفروضة وهذا شذوذٌ مخالفٌ لما اتّفقت عليه الأمّة من تسوير المصحف الإمام.

ما ورد في سورة براءة
أنها من آخر ما نزل بالمدينة، ولهذا لا يكاد يوجد فيها منسوخ لهذا فأمّا النّاسخ فيها فكثير، ذكره النحاس عن البراء بن عازب.

أقوال العلماء في سبب ترك البسملة في أوّل سورة التوبة:
القول الأول: لاختلاف الصحابة في هل أن سورة الأنفال والتوبة سورة واحدة أم سورتان، كما في أثر ابن عباس مع عثمان، وهو قول خارجة وأبو عصمة وغيرهما، وعلله بعض المفسرين بأنهما في ذكر القتال والعهود فهما في موضوع واحد، ونقل السيوطي عن أبي الشيخ عن أبي روق قال: الأنفال وبراءة سورة واحدة، وذكره أيضا أبو عبيد.

القول الثاني: روى محمد بن الحنفية قال: قلت لأبي: لم لم تكتبوا في براءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: يا بني إن براءة نزلت بالسيف وإن بسم الله الرحمن الرحيم أمان. وسئل سفيان بن عيينة عن هذا فقال: لأن التسمية رحمة والرحمة أمان وهذه السورة نزلت في المنافقين، وذكره الحاكم وأبو الشيخ، وَابن مردويه عن علي بن أبي طالب.

القول الثالث: أن رسول الله لما كتب في صلح الحديبية بسم الله الرحمن الرحيم لم يقبلوها وردوها فما ردها الله عليهم، وهو قول عبد العزيز بن يحيى المكي.

القول الرابع: أنّه كان من شأن العرب إذا كان بينهم وبين قومٍ عهدٌ، فإذا أرادوا نقضه كتبوا إليهم كتابًا، ولم يكتبوا فيه بسملةً فلمّا نزلت براءةٌ بنقض العهد الّذي كان بين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمشركين، بعث بها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عليّ بن أبي طالبٍ، فقرأها عليهم، ولم يبسمل في ذلك على ما جرت به عادة العرب، وهو قول المبرّد وغيره.

القول الخامس: أن أولها لما سقط سقطت معه البسملة فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها، وهو قول مالك بن أنس وابن عجلان.

القول السادس: أن التسمية لم تكن فيها لأن جبريل عليه السلام لم ينزل بها فيها، وهو ترجيح القشيري.

ما ورد في المعوذتين

ما روي في عدم كتابة ابن مسعود للمعوذتين:
• روى الهيثمي عن عبدِ اللهِ أنه كانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ المُصْحَفِ ويقولُ: إنما أَمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أنْ يُتَعَوَّذَ بِهِما. وكانَ عبدُ اللهِ لا يَقْرَأُ بهما.
• وأَخْرَجَ أَحْمَدُ والبَزَّارُ والطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدُويَهْ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ عَن ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَحُكُّ المُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْمُصْحَفِ وَيَقُولُ: لا تَخْلِطُوا الْقُرْآنَ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ، إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، إِنَّمَا أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَعَوَّذَ بِهِمَا.

توجيه عدم كتابة ابن مسعود للمعوذتين:
• تَأَوَّيل الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلاَّنِيُّ لذلك بأنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لم يُنْكِرْ قُرْآنِيَّتَهُمَا وَإِنَّمَا أَنْكَرَ إِثْبَاتَهُمَا في الْمُصْحَفِ، فإنَّهُ كَانَ يَرَى أنْ لا يُكْتَبَ في الْمُصْحَفِ شَيْءٌ إِلاَّ إن كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ في كِتَابَتِهِ فيه، وكَأَنَّه لَمْ يَبْلُغْهُ الإِذْنُ في ذلك، فليس فيه جَحْدٌ لِقُرْآنِيَّتِهِمَا، وتعقبه ابن حجر: وهُو تَأْوِيلٌ حَسَنٌ إلا أنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا تَدْفَعُ ذَلِكَ حَيْثُ جَاءَ فيها: ويَقُولُ: إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللهِ.
• وَيُحْتَمَلُ أنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُمَا مِنَ النَّبِيِّ وَلَمْ يَتَوَاتَرْ عِنْدَهُ.
• وقَالَ بعضهم: لم يَكُنِ اختِلافُ ابْنِ مَسْعُودٍ مَعَ غَيْرِهِ فِي قُرْآنِيَّتِهِمَا، وإنَّمَا كانَ في صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِمَا وَخَاصَّةٍ مِنْ خَاصَّتِهِمَا، وهو ترجيح العيني بقوله: وَلاَ شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تَحْتَمِلُهُمَا فَالْحَمْلُ عَلَيْهَا أَوْلَى.
• وأما قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ المُهَذَّبِ وابْنُ حَزْمٍ في أَوَائِلِ المُحَلَّى والفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي أوَائِلِ تَفْسِيرِهِ على أَنَّ هَذَا النَّقْلَ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ كَذِبٌ بَاطِلٌ، فقد رده أهل العلم بأن الرِّوَايَةُ صَحِيحَةٌ والتَّأْوِيلُ مُحْتَمَل، وأن الطَّعْنُ في الرواياتِ الصَّحِيحَةِ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ لا يُقْبَل.
• ما نقل عن رجوعه عَنْ قَوْلِهِ ذلك إلى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ فيما بعد.

الأحاديث والآثار في الإجماع على قرآنيتهما:
• فقَدْ صَحَّ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمَا فِي الصَّلاةِ كما في صحيحِ مُسْلِمٍ عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَزَادَ فيه ابْنُ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ تَفُوتَكَ قِرَاءَتُهُمَا فِي صَلاةٍ فَافْعَلْ، وأَخرَجَ أَحْمَدُ من طَرِيقِ أَبِي العَلاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ أَقْرَأَهُ المُعَوِّذَتَيْنِ وقَالَ له: ((إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ فَاقْرَأْ بِهِمَا)) وإسنادُهُ صَحِيحٌ، ولسعيدِ بْنِ مَنصورٍ مِن حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليَهِ وسَلَّمَ صَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ فِيهِمَا بالمُعَوِّذَتَيْن، وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قاَل:َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَعَنْهُ أَيْضًا: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِهِمَا فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ قَدْ تَفِيدُ التَّوَاتُرَ.
• وقَالَ البَزَّارُ: لَمْ يُتَابِعِ ابْنَ مَسْعُودٍ أَحَدٌ مِن الصَّحَابَةِ.
• وروى البخاري عن زرّ بن حبيشٍ، قال: سألت أبيّ بن كعبٍ عن المعوّذتين؟ فقال: سألت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فقال: «قيل لي فقلت» فنحن نقول كما قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وفي رواية أحمد والطبراني: قُلْتُ لأُبَيٍّ: إن أخاكَ يَحُكُّهُما مِنَ المُصْحَف.
• وَأَخْرَجَ مُسَدَّدٌ وَابْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِعِكْرِمَةَ: إِنِّي أُصَلِّي بِقَوْمٍ فَأَقْرَأُ بِـ {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}؟ فَقَالَ: اقْرَأْ بِهِمَا فَإِنَّهُمَا مِن الْقُرْآنِ.
• وروى ابن الضريس عن إبراهيم، قال: قلت للأسود: المعوذتان، من القرآن هما؟ قال: نعم.
• وقال النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَالْفَاتِحَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِنْهَا كَفَرَ.
• وإجماع الصحابة على إثباتهما في الْمَصَاحِفِ التي بَعَثُوهَا إلى سَائِرِ الآفَاق.

أسماء مجموعات سور القرآن
أصل السورة ومعناها:
- بالهمز من أسأرت، أي أفضلت من السؤر وهو ما بقي من الشراب في الإناء، كأنها قطعة من القرآن.
- وبتسهيل الهمز وإبدالها واو، من السور، وعلى هذا القول وردت أربعة معاني:
1. من سور البناء، أي القطعة منه أي منزلة بعد منزلة.
2. من سور المدينة لإحاطتها بآياتها واجتماعها بها كاجتماع البيوت بالسور ومنه السِّوار لإحاطته بالساعد.
3. لارتفاعها لأنها كلام الله والسورةُ المُنْزِلَةُ الرفيعة، كما قال النابغة: ألم ترَ أنَّ الله أعطاكَ سـورةً ... تَرى كُلُّ مَلَكٍ دونَها يَتَذَبْذَبُ
4. لتركيب بعضها على بعض من التَّسوُّر بمعنى التصاعد، والتركيب ومنه {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}.

حد السورة:
- قال الجعبري: قران يشتمل على آي ذي فاتحة وخاتمه وأقلها ثلاث آيات.
- وقال غيره: السورة الطائفة المترجمة توقيفًا أي المسماة باسم خاص بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.

ثبوت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار

الحكمة في تسوير سور القرآن:
- تحقيق كون السورة بمجردها معجزة وآية من آيات الله
- والإشارة إلى أن كل سورة نمط مستقل
- وسوَّر السور طوالًا وأوساطًا وقصارًا تنبيهًا على أن الطوال ليس من شرط الإعجاز
- وحكمة في التعليم وتدرج الأطفال من السور القصار إلى ما فوقها تيسيرًا من الله على عباده لحفظ كتابه

تقسيم القرآن بحسب سوره:
ذكر العلماء للقرآن أربعة أقسام، هي:
1. السبع الطول: وسميت طولا: لطولها، والطول: بضم الطاء، جمع طولى، كالكبر: جمع كبرى، قال أبو حيان التوحيدي: وكسر الطاء مرذول.
2. والمئون: ما ولي السبع الطول سميت بذلك؛ لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها.
3. والمثاني: ما ولي المئين.
4. والمفصل: ما يلي المثاني من قصار السور، وآخره سورة الناس بلا نزاع.

ما رود في تسمية هذا التقسيم:
جاء في حديث مرفوع أخرجه أبو عبيد من جهة سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ((أعطيت السبع الطول مكان التوراة وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل))، وهو حديث غريب وسعيد بن بشير فيه لين وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" عن عمران عن قتادة به).

أقوال العلماء في سبب تسمية بعض السور بالمثاني:
1. هي ما ولي المئين لأنها ثنتها أي كانت بعدها؛ فهي لها ثوان والمئون لها أوائل.
2. هي السورة التي آيها أقل من مائة؛ لأنها تثنى أكثر مما يثنى الطوال والمئون، وهو قول الفراء.
3. لتثنية الأمثال فيها بالعبر والخبر، حكاه النكزاوي
4. وقال في جمال القراء: هي السور التي ثنيت فيها القصص.

ما سمي بالمثاني:
1. ما ولي المئين، كما سبق.
2. الفاتحة، لأنها تثنى في كل ركعة، كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي}
3. القرآن كله، لأن الأنباء والقصص تثنى فيه، ومنه قوله تعالى {كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ}

الأقوال في سبب تسمية المفصل:
القول الأول: لكثرة الفصول التي بين السور بالبسملة
القول الثاني: لقلة المنسوخ فيه، ولهذا يسمى بالمحكم أيضا، كما روى البخاري عن سعيد بن جبير قال: "إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم

أقوال أهل العلم في تحديد السبع الطول:
القول الأول: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس، وهو قول سعيد بن جبير كما رواه ابن أبي حاتم، وقيل براءة، ذكره السخاوي والسيوطي.
القول الثاني: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال بالتوبة، ذكره المُخَلِّلاتِيّ.
القول الثالث: أخرج الحاكم والنسائي وغيرهما عن ابن عباس قال: "السبع الطوال البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف" قال الراوي: وذكر السابعة فنسيتها، وفي رواية عند الحاكم أنها: الكهف.

أقوال أهل العلم في تحديد أول المفصل:
القول الأول: الجاثية، حكاه القاضي عياض
القول الثاني: القتال. وعزاه الماوردي للأكثرين.
القول الثالث: الحجرات، وصححه النووي.
القول الرابع: ق، وقيل: وهي أوله في مصحف عثمان، وذكر الخطابي حديث أوس بن حذيفة في وفد ثقيف فيه ذلك، وقال الماوردي في "تفسيره": حكاه عيسى بن عمر عن كثير من الصحابة أي الحديث المذكور
القول الخامس: الصافات.
القول السادس: الصف.
القول السابع: تبارك، حكى آخر ثلاثة ابن أبي الصيف اليمني في "نكت التنبيه".
القول الثامن: الفتح، حكاه الكمال الذماري في شرح التنبيه المسمى "رفع التمويه".
القول التاسع: {الرَّحْمَنُ} حكاه ابن السيد في "أماليه على الموطأ" وقال: إنه كذلك في مصحف ابن مسعود، وقيل: رواه أحمد في "مسنده" كذلك.
القول العاشر: الإنسان.
القول الحادي عشر: {سَبِّحِ}، حكاه ابن الفركاح في "تعليقه عن المرزوقي"
القول الثاني عشر: {وَالضُّحَى} وعزاه الماوردي، لابن عباس، وحكاه الخطابي في "غريبه" ووجهه: بأن القارئ يفصل بين هذه السور بالتكبير، قال: وهو مذهب ابن عباس وقراء مكة.
والصحيح عند أهل الأثر أن أوله: ق
وعبارة الراغب في مفرداته المفصل من القرآن السبع الأخير.

أقسام المفصل:
طوال وأوساط وقصار، وقال ابن معن:
1. طواله إلى عم.
2. وأوساطه منها إلى الضحى.
3. ومنها إلى آخر القرآن قصاره.

من محاور ومقاصد السور:
مما ذكره الأئمة عن مقاصد بعض السور ما يلي:
1. سورة الفاتحة تضمنت: الإقرار بالربوبية، والالتجاء إليه في دين الإسلام، والصيانة عن دين اليهودية والنصرانية.
2. وسورة البقرة تضمنت: قواعد الدين، وآل عمران مكملة لمقصودها:
- فالبقرة: بمنزلة إقامة الدليل على الحكم.
- وآل عمران: بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم.
3. وأما سورة النساء فتتضمن: جميع أحكام الأسباب التي بين الناس، وهي نوعان: مخلوقة لله تعالى، ومقدورة لهم كالنسب والصهر؛ وبين الذين يتعاهدون، ويتعاقدون فيما بينهم، وما تعلق بذلك من أحكام الأموال، والفروج، والمواريث، ومنها العهود التي حصلت بالرسالة، والتي أخذها الله على الرسل.
4. وأما المائدة: فسورة العقود، وبهن تمام الشرائع، قالوا: وبها تم الدين، فهي: سورة التكميل. بها ذكر الوسائل، كما في الأنعام والأعراف ذكر المقاصد.
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك.
كما رأيتم فإن النقول في الجمهرة متنوعة بين نقول من مصادر أصلية ومصادر ناقلة، وهذا تدريب على فهرسة موضوع من موضوعات علوم القرآن ليسير الطالب على نفس الطريقة في باقي موضوعات علوم القرآن في بناء أصله العلمي.
أقترح أن تميز " التخريج " الذي ينقل من مصدر ناقل بلون مختلف، وما كان من مصادر أصلية بلون آخر
بحيث إذا أردت إعادة تعديل عملك والإضافة عليه يكون الأمر سهلا.
وأؤكد على نقطتين:
1. متى ما توفر لك في النقول المصادر الأصيلة، لابد من التخريج كما تعلمت من دورة المهارات المتقدمة في التفسير.
2. المسائل الخلافية: عند عرض حجج الأقوال وعللها، يفضل نسبتها إلى قائلها، خاصة الاجتهادات التي عليها استدراكات ولم يحصل عليها إجماع
وذلك حتى يسهل معرفة نشأة الأقوال المرجوحة ودراسة عللها ونحو ذلك.
التقويم: أ
الخصم للتأخير.
وفقكم الله.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
موضوع, نشر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir