مجلس مذاكرة القسم الثاني عشر من تفسير سورة البقرة 159-176
المجموعة الثانية
ج1- تفسير الآية :" إنما حرم عليكم الميتة و الدم .." 173.
يخبر الله سبحانه و تعالى لما امتن على خلقه برزقه، و أرشدهم إلى الأكل من طيبه ،عدد سبحانه ما حرم عليهم بالحصر و القصر ، فبدأ بتحريم الميتة ،وهي من ماتت حتف أنفها من غير تذكية ، و خصص الجمهور من ذلك ميتة البحر ، فاللفظ عام و المعنى مخصص ، وكذلك من المحرمات " الدم "، و المراد به المسفوح ، لأن ما خالط اللحم فغير محرم إجماعاً،وكذلك حرم ما أهل به لغير الله ،وهو ما ذبح على غير اسمه تعالى من الأنصاب و الأنداد ، أو ما رفع فيه الصوت بتسمية غير الله عليه ، لكن ما أكره و غلب على أكل هذه المحرمات بغير اختياره وغير قاصد فسادٍ و تعد بأن يجد عن هذه المحرمات مندوحه بأكلها ، أي مع الضرورة،و غير باغ ولا عاد ، أي : قاطعا للسبيل أو مفارقاً للأئمة أو خارجاً في معصية الله ، فله الرخصة ، و من خرج باغياً أو عاديا أو في معصية الله فلا رخصة له، وإن اضطر إليه ، و كذلك من أكل غير متجاوز حد حاجته ،فلا إثم عليه ، أو غير متزود ؛ فمن فعل قدر حاجته فإن الله غفور لما أكل من الحرام للضرورة ، رحيم بعباده : إذ أحل لهم الحرام و قت الاضطرار.
ج2: تحرير قول في :
أ- معنى :قوله "و مثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء و نداءاً"
ورد في المراد بالمعنى أقوال :-
1- أنه مثل ضربه الله ، حيث شبة الكفرة في عبادتهم أصنامهم بالغنم المنعوق بها بما لا يسمع منه إلا الصوت ،لأن سمعهم لا ينفعهم ، فكانوا في شركهم و عدم قبول ما يسمعون بمنزلة من لم يسمع ، روي عن ابن عباس وأبي العالية و مجاهد و عكرمة و غيرهم ،و اختاره ابن كثير ، وهو المختار.
2- أن هذا التشبيه براعي الضأن ، لأنها من أبلد الحيوان ، فهي تحمق راعيها ، و المعنى أن
هؤلاء الكفرة يمر الدعاء على آذانهم صفحًا ،يسمعونه ولا يفقهونه إذ لا ينتفعون بفقهه.
3- قال ابن زيد : أن المعنى :و مثل الذين كفروا في اتباعهم آلهتهم و عبادتهم إياها :كمثل الذي ينعق بما لا يسمع منه شيئاً إلا دويا غير مفيد ، يعنى : الصدى.
4- قال الطبري : و مثل الكافرين في عبادتهم آلهتهم كمثل الذي ينعق بشيء بعيد منه ، فهو لا يسمع من أجل البعد ، فليس للناعق من ذلك إلا النداء الذي يتعبه و نصبه ، فشبه الكفار بالناعق و الأصنام بالمنعوق به ، و شبهوا في الصمم و البكم و العمى بمن لا حاسة له ،لما لم ينتفعوا بحواسهم ،ولا صرفوها في إدراك ما ينبغي ،
واستبعده ابن كثير لأن الأصنام لا تسمع شيئًا ولا تفقهه ولا تبصره ، ولا بطش لها ولا حياة فيها. ج2- ب- تحرير القول في المراد بالأسباب : في قوله " ورأوا العذاب و تقطعت بهم الأسباب "،ورد في المراد بالأسباب عدة أقوال :-
1- أي انقطع وصلهم الذي كان يجمعهم في الدنيا ،فلا وصل في الآخرة بينهم .
2- قال ابن عباس : الأرحام .
3- قال مجاهد :العهود.
4- قيل : المودات ، ذكره عطاء عن ابن عباس ، و مجاهد .
5- قيل : المنازل التي كانت لهم في الدنيا .
6- قال ابن زيد و السدي : الأعمال .
7- قال ابن كثير : و تقطعت بهم الحيل و أسباب الخلاص ،ولم يجدوا عن النار معدلاً ولا مصرفا.
والأقوال الواردة
من 2-6 تفسير بالمثال ، للأسباب الدنيوية ،و ماكانوا فيه من روابط في الدنيا ، لا تنفعهم في الآخرة ، و القول الأول و السابع :تعطي المعنى العام للآية ،و للفظ " الأسباب " ؛ فالأقوال يكمل بعضها بعضا ، فلا أرحام ولا عهود ولا مودات ولا منازل ولا أعمال كانت تجمعهم في الدنيا ،فلا تنفعهم في الآخرة.
ج3- الفرق بين الرياح و الريح في القرآن ؛ ووجه التفريق بينهم :-
الفرق بينهما :-
1- جاءت " الرياح "بالجمع في القرآن الكريم غالباً للدلالة على الرحمة ، قال الرسول عليه السلام " اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً" ،بينما جاءت " مفردة مع العذاب " إلا في سورة يونس في قوله " و جرين بهم بريح طيبة" .
2- أن ريح الرحمة لينة متقطعة ،فلذلك هي : رياح ،أما " ريح " بالإفراد : لأن ريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء ، كأنها جسم واحد .
ج 2- المراد بخطوات الشيطان :
أي : طرقه التي يدعو إليها ، و كل ما عدا السنن و الشرائع من البدع و المعاصي فهي خطوات الشيطان ،ومن أمثله خطوات الشيطان : - كل معصية لله.
- نزغات الشيطان .
- اليمين أو النذر في الغضب .
- فكل ما يوسوس به الشيطان للإنسان يعد من خطواته ، و حبائله التي يصنعها ،فهو يجري من الإنسان مجرى الدم.