خرّج أقوال المفسّرين التالية ووجّهها:
1: قول ابن عباس في قوله عز وجل: {ولله المثل الأعلى} قال: (يقول: ليس كمثله شيء(.
- روى ابن جرير عن عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (وَلَهُ المَثَلُ الأعْلَى فِي السَّمَوَاتِ) يقول: ليس كمثله شيء.
فسر ابن عباس قوله تعالى{ولله المثل الأعلى} بقوله: ( ليس كمثله شيء) لأن المثل الأعلى يقتضي وصفه بما لا شبيه له ولا نظير، فلا يدانيه فيه مخلوق من وحدانية وأزلية وإثبات كل صفات الكمال ونفي مالا يجوز عليه.
[فهو تفسير بلازم المعنى]
2: قول ابن عباس في تفسير قول الله تعالى: {وادّكر بعد أمه} قال: بعد نسيان.
- روى بن جرير عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ:"بَعْدَ أمَهٍ" ويفسّرها، بعد نسيان.
[التخريج ناقص]
وذكر بعضهم أن العرب تقول من ذلك:"أمِهَ الرجل يأمَهُ أمَهًا"، إذا نسي.
وروي عن جماعة من المتقدمين أنهم قرءوا ذلك:" بَعْدَ أَمَةٍ" بفتح الألف، وتخفيف الميم وفتحها بمعنى: بعد نسيان، وعلى هذا فسرها.
3: قول سالم الأفطس في قوله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه} قال: (يخوفكم بأوليائه).
- رواه ابن جرير عن يونس، قال: أخبرنا علي بن معبد، عن عتاب بن بشير، مولى قريش، عن سالم الأفطس.
- قال الثعلبي : (روى محمد بن مسلم بن أبي وضاح قال: حدثنا علي بن خزيمة قال: في قراءة أبي بن كعب: يخوفكم بأوليائه.) وذكر هذه القراءة عن أبي البغوي والسمعاني وابن عطية وغيرهم، فتكون من باب تفسير قراءة بقراءة أخرى.
وعلى هذا يكون مفعول يخوف الثاني محذوفا وكذا حرف الجر، ومثله قَوْله تَعَالَى: {لينذر بَأْسا شَدِيدا} أَي: ببأس شَدِيد، وَقَالَ الشَّاعِر:
(أَمرتك الْخَيْر فافعل مَا أمرت بِهِ ... فقد تركتك ذَا مَال وَذَا نسب)
أَي: أَمرتك بالْخَيرِ، فَنزع الْبَاء.
4: قول سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {يحفظونه من أمر اللّه}: (الملائكة: الحفظة، وحفظهم إيّاه من أمر اللّه)
- رواه ابن جرير عن ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير.
هذا المعنى مبني على أحد أمرين :
الأول: أنه على التقديم والتأخير، وتقديره: له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن خلفه.
[فيكون " من أمر الله " صفة للمعقبات]
الثاني: أن (من ) هنا بمعنى (الباء) [فيكون المعنى بسبب أمر الله] أو (عن) ، أي يحفظونه بأمر الله، أو يحفظونه عن أمر الله.
5:قول ابن عباس رضي الله عنهما في الكوثر: (هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه).
- رواه ابن جرير في تفسيره من طرق عن ابن عباس.
[التخريج ناقص، وقد روي هذا القول في صحيح البخاري فلا يصح إغفال هذا، علاوة على ذكره في مصادر أخرى، وينبغي تعيين مخرج الأثر]
وهو تفسير باللغة، فكوثر مشتق من الكثرة ، قال أبو عُبيد القاسم بن سلاّم بن عبد الله الهروي البغدادي (المتوفى: 224هـ) : (الفرَّاء: الكَوْثر: الرجل الكثيرُ العطاءِ والخير. قال الكُميت:
وأنتَ كثيرٌ يا ابنَ مَرْوانَ طيِّبٌ ... وكانَ أبوكَ ابنُ العَقائِل كَوْثرا
- وقد روي في الكوثر أحاديث كثيرة عن أنه نهر في الجنة ويبعد أن تخفى على ابن عباس،
فلعل معنى كلامه أن الكوثر اسم عام يضم النهر ويضم غيره، ويؤيد ذلك ما رواه ابن جرير عن يعقوب، قال: ثني هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر وعطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة، قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.
ويؤيده ايضا ما رواه ابن جرير عن ابن بشار، قال: ثنا محمد، قال: ثنا شعبة، عن عمارة بن أبى حفصة، عن عكرمة، قال: هو النبوّة، والخير الذي أعطاه الله إياه.
أو أنه يعني أن الخير الكثير هو النهر نفسه كما روى ابن جرير عن ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، قال: سألت سعيد بن جبير، عن الكوثر، فقال: هو الخير الكثير الذي آتاه الله، فقلت لسعيد: إنا كنا نسمع أنه نهر في الجنة، فقال: هو الخير الذي أعطاه الله إياه.