دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السادس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 شوال 1440هـ/16-06-2019م, 03:23 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب البياني


تطبيقات على درس الأسلوب البياني
الدرس (هنا)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 شوال 1440هـ/18-06-2019م, 05:23 AM
مها عبد العزيز مها عبد العزيز غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 462
افتراضي

الاسلوب البيانى
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير قوله تعالى [هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) ] سورة الغاشية
أن الحمد لله نحمد ونستغفره ونتوب إليه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له والحمد لله من رفع إلي الجنات العالية من سبح باسمه وأذل من أعرض عن ذكره أما بعد:
لما أشار الله سبحانه إلى الجنة والنار والمؤمن والكافر في سورة الاعلى إجمالا ن فصل ذلك في هذه السورة ، فبسط صفة النار والجنة وأهل كل منهما .
قال تعالى [هل أتاك حديث الغاشية ] افتتح الله تعالى هذه السورة بالاستفهام ب [هل ] المفيد لمعنى قد التي هي للتحقيق من أجل التشويق إلى ما يخبر به لما فيه من العلم والمعرفة وما يحوي من موعظة كبرى كقوله تعالى [ يأيها الذين آ منوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ]الصف 10ن وقد يكون الاستفهام للتعظيم لعظم هذا الحديث عن الغاشية .
[حديث] أي الخبر المتحدث به وهو فعيل بمعنى مفعول أو الخبر الحاصل .
[الغاشية] هي القيامة علم لها بالغلبة واشتق لها هذا الاسم من الغشيان الذي هو التغطية إذ هى تغطى الناس بأهوالها وتذهل عقولهم وتغطيها ،وسميت غاشيه على وجه الاستعارة لأنها إذا حصلت لم يجد الناس مفرا من أهوالها فكأنها غاش يغشي على عقولهم.
فخاطب الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام فقال هل أتاك نبأ الغاشية وحديثها المهيل المخيف وحديث القيامة بما فيها من أهوال وصعاب وشدائد قال تعالى [ يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ]الحج 1، وهذا الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وأمته من بعده ، ويجوز أن يكون عاما لكل من يتأتى خطابه .
ثم فصل شأن أهل الموقف في ذلك اليوم وذكر أنهما فريقان فريق الكفرة وفريق البررة .
فقال [ وجوه يومئذ خاشعة ] هذه الجملة بيان لجملة حديث الغاشية بينها بذكر أحوالها وأهوالها ، والمقصود العبرة وتقرير البعث الذي أنكره المشركون ، فهذه الاية وما بعدها جواب عن الاستفهام التشويقي ، كأنه قيل من جانبه عليه الصلاة والسلام : ما أتاني حديثها ، فأخبره الله تعالى .
وقوله [ وجوه ] هذه كناية عن أصحابها إذ يطلق الوجه ويراد به الذات ، لان حالة الوجه تنبئ عن حالة صاحبها إذ الوجه عنوان لما يجده صاحبه من نعيم أو شقوة وعكسهم قوله تعالى [ وجوه يومئذ مسفرة 8ضاحكة مستبشرة ] عبس 38 39.
فهذه الوجوه تغشاهم الغاشية فتصبح [ خاشعة ] ذليلة قال تعالى [ وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ] الشورى 45 و[ ناصبة ] أي ذات نصب وتعب من جر السلاسل والأغلال ، قد عملت عملا كثيرا ونصبت فيه وصليت يوم القيامة نارا حامية
[تصلى نار حامية ] أي ترد نارا حارة شديدة الحرارة تحيط بهم من كل مكان ، ونار جهنم هي التي بلغت من حموها أنها فضلت على نار الدنيا بتسعة وستين جزءا ن وأفاد وصفها بأنها حامية دوام حرها وتجاوزه المقدار المعروف ، لأن الحمي صفة لازمة للنار ، فكان وصفها به دليلا على شدة الحمي ، كما قال تعالى [ نار الله الموقدة ي الهمزة 6 قال : ابن عباس قد حميت فهي تتلظى على أعداء الله ،و[تسقى ] أي فيها [ من عين آنية ] قد بلغت شدة حرارتها وغليانها وهذا هو شرابهم اما طعامهم قال تعالى [ وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب ] الكهف29 فهم يسقون إياه إذا اشتد عطشهم واستغاثوا ، وقد يقول قائل : كيف تكون هذه العين في نار جهنم والعادة أن الماء يطفئ النار ؟ فالجواب هو أن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا والثاني : أن الله عز وجل على كل شيء قدير فنحن نجد أن الشجر الاخضر توقد منه النار قال تعالى [الذي جعل لكم من الشجر الأ خضر نارا فإذا أنتم منه توقدون] يس 80 فهم يسقون من عين آنية في النار ولا يتنافى ذلك مع قدرة الله عز وجل ،[ ليس لهم طعام إلا من ضريع ] والضريع : هو يابس ثمر الشبرق بكسر الشين وإسكان الباء وكسر الراء وهو نبت ذو شوك فإذا يبس يقال له ضريع ويصير مسموما أي فيه مادة سميه قاتلة هذا طعام أهل النار قبيح ومنتن الريح ،قال أبو ذؤيب الهذلي : رعى الشبرق الريان حتى ذوى وصار ضريعا بان عنه النحائص [ لا يسمن ] آكله ولا يغنيه من الجوع والسمن : وفرة اللحم والشحم يقال : أسمنه الطعام ، إذا عاد عليه بالسمن والإغناء :الإكفاء ودفع الحاجة ، [ لا يسمن ] فلا ينفع الابدان في ظاهرها و[لا يغنى من جوع ] ولا ينفعها في باطنها فلا يحصل المقصود ، وهذه هي حال من جحد وكفر بآيات الله ولقائه ، وكفر برسوله وما جاء به عليه الصلاة والسلام
ثم بعد ذكر حال الاشقياء ثنى بذكر السعداء فقال [ وجوه يومئذ ناعمه ] هذه الجملة غير معطوفة على وجوه الأولى ، لأن المقصود من الكلام هو بيان القيامة وما يكون فيها من أهوال وعذاب للمكذبين فلما تم الحديث عنها قد يتشوق السامع إلى معرفة حال المؤمنين بها فأجيب بقوله [وجوه يومئذ ناعمة إلى قوله [ وزرابي مبثوثه ] فهو استئناف بياني ، و[ وجوه يومئذ ناعمه ] أي نضرة حسنة [لسعيها راضية ] فهي راضية بأعمالها من صبر وإيمان وعمل صالح لما رات من ثواب وجزاء عليها ، والمراد بالسعي : العمل الذي يسعاه المرء ليستفيد منه وعبر به هنا مقابل قوله في ضده ( عاملة )والرضا : ضده السخط ، بخلاف الوجوه الاولى والعياذ بالله غير راضية على ما قدمت .
ثم قال [ في جنة عالية ] أي في محلها ومنازلها فهي في أعلى عليين ومساكنها عالية والعلو ضد السفول [لا تسمع فيها لاغية ] قرا نافع بالبناء للمجهول ولا غية نائب فاعل وقرأ حفص لا تسمع بالبناء للفاعل ولاغية مفعول به ، ومعنى لاغية : أي كلمة باطلة ونابية تفسد راحتهم وسعادتهم فمن مؤلمات النفس البشرية لغو الكلام وكذبه وباطله وهو ما يجب أن ينزه المؤمنون أنفسهم عنه ، وكما قال تعالى عن الجنة [ لا لغو فيها ولا تأثيم ] الطور 23 وقال [ لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ] مريم 62 فقد تخلصت النفوس من النقائص وليسفيها غلا السمو العقلي والخلقي ولا ينطق فيها إلا بالسلام وما يزيد النفس تزكية فيلهمون التسبيح كالنفس فهم دائما في ذكر لله تعالى وتسبيح وأنس وسرور لا نظير له.
ثم وصف الجنة ونعيمها فقال [ فيها عين جارية ] أي سارحة وهذه نكرة في سياق الإثبات وليس المراد بها عينا واحدة وإنما هذا جنس يعنى فيها عيون جاريات ، وهى أشد بياضا اللبن ، وأحلى من العسل ومن شرب منها لا يظمأ ،ويصرفونها كيف شاؤوا ولا تحتاج إلى حفر كما قال ابن القيم رحمه الله : أنهارها في غير أخدود جرت & سبحان ممسكها عن الفيضان ، [فيها سرر] والسرر جمع سرير وهى المجالس المرتفعة في ذاتها وبما عليها نت الفرش اللينة و[مرفوعة ] قدرا وحالا ومكانا وإذا أرادوا الجلوس عليها تواضعت لهم ، [ وأكواب موضوعة ] وأكواب لا عرى لها من ذهب وفضة موضوعة لشربهم إن شاءوا شربوا بأيديهم أو ناولتهم غلمانهم ، و قوله [ ونمارق مصفوفة ] أي وسائد من الحرير والاستبرق وما لا يعلمه إلا الله قد صفت للراحة والإتكاء عليها ، [ وزرابي مبثوثه ] أي بسط فاخرة من أفضل أنواع الفرش [ مبثوثة ] أي منشورة في كل مكان مملوءة مجالسهم بها مما يدل على اكتمال نعيم الجنة من كل جانب مما لاعين رأت ولا أذن سمعت فهذه حال من آمن بالله ورسله وآياته واليوم الاخر وهى عظة للمتقين وعبرة وذكرى للذاكرين ونذكر هنا الحديث عن أسامه بن زيد قال : سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول [ ألا هل من مشمر للجنه فإن الجنة لا حصر لها ، هى ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز ، وقصر مشيد ، ونهر مطرد ن وثمرة نضيجة ، وزوجة حسناء جميلة ، وحلل كثيرة ، ومقام في أبد في دار سليمة ، وفاكهة وخضرة ، وحبرة ونعمة ، في محلة عالية بهية ؟ قالوا نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها ، قال : ( قولوا إن شاء الله ) قال القوم إن شاء الله] رواه ابن ماجه عن ابن العباس .
ففيها مقابلة بين وجوه الابرار ووجوه الفجار [ وجوه يومئذ ناعمه * لسعيها راضية ]قابل بينها وبين سابقتها [ وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة ]
وفيها السجع الرصين غير المتكلف مثل [ لسعيها راضية * في جنة عالية * لا تسمع فيها لاغية ]
نسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلنا وجميع المسلمين من أهل الجنة ويعيذنا من النار وأن يعاملنا برحمته ويغفر لنا وهو القادر على ذلك.
المراجع
تفسير ابن كثير
تفسير السعدى
تفسير ابوبكر الجزائري
التحرير والتنوير
وتفسير ابن عثيمين جزء عم

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 شوال 1440هـ/22-06-2019م, 09:25 AM
عصام عطار عصام عطار غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 454
افتراضي

الأسلوب البياني .

الحمدلله والصلاة والسلام على أشرف الخلق نبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلم وعلى آله وسلم،
وبعد : فهذه وقفات موجزة ولمسات بيانية مع آيات من سورة الليل، قال تعالى: { إنّ سعيكم لَشتّى • فأمّا مَن أعطى واتّقى • وصدّق بالحسنى • فسنُيسّره لليُسرى • وأما مَن بخل واستغنى • وكذّب بالحسنى • فسنُيسّره للعُسرى } .

&- بعد أن أقسم اللّه سبحانه وتعالى بنفسه الكريمة، بالليل والنهار و بخلقه الذكر والأنثى من جنس ابن آدم وغيره، فلما كان القسم بهذه الأشياء المتضادة كان المقسم عليه متضاداً { إنّ سعيكم لَشتّى }، ولعلّ الرابط بين المقسم والمقسم عليه يكون تذكيراً بما بين آيات القرآن الكريم من ترابط بياني، ونظم بديع معجز، ثم إنّ ما تلا هذه الآيات يدل على ذلك ويضرب أمثلة لما يكون بين الناس من خير وشر، وأنّ كل امرئ في النهاية مسؤول عن عمله؛ فإنّ كلمة « شتّى »، تنحصر في فريقين : فريق ميسّر لليسرى، وفريق ميسّر للعسرى؛ لأنّ الحالين هما المهم في مقام الحث على الخير، والتحذير من الشر، فقدأخبر اللّه عزّ وجلّ مقسماً بأنّ أعمال العباد متفرقة جداً؛ بعضها في رضى اللّه، وبعضها في سخطه، فيندرج فيهما مختلف الأعمال كقوله تعالى: { يومئذ يصدر الناس أشتاتاً لِيُرَوا أعمالهم • فمَن يعمل مثقال ذرة خيراً يره • ومَن يعمل مثقال ذرة شراً يره } .
¤- ثم فصّل اللّه تعالى أعمال العباد، { فأما مَن أعطى واتقى }، « أما » تفريع وتفصيل للإجمال في قوله تعالى: { إنّ سعيكم لَشتّى } فحرف « أمّا » يفيد الشرط والتفصيل وهو يتضمّن أداة شرط وفعل شرط لأنّه بمعنى: مهما يكن من شيء، والتفصيل: التفكيك بين متعدّد اشتركت آحاده في حالة، وانفرد بعضها عن بعض بحالة هي التي يُعتنى بتمييزها، وللتفصيل هو السعي المذكور، ولكن جعل الساعين بقوله: { فأما مَن أعطى }، لأن المهم هو اختلاف أحوال الساعين ويلازمهم السعي، فإيقاعهم في التفصيل بحسب مساعيهم يساوي إيقاع المساعي فيه التفصيل، وهذا بلاغة وتفنّن من أفنانين الكلام الفصيح .
• ويجوز أن يجعل تفصيل « شتّى » هم مَن أعطى واتقى وصدّق بالحسنى، ومَن بخل واستغنى وكذّب بالحسنى .
¤- وأما « مَن » في قوله تعالى : { مَن أعطى ، مَن بخل }، يعمّ كل مَن يفعل الإعطاء ويتقي ويصدّق بالحسنى، وقيل أنّها نزلت في أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه وسفيان بن حرب؛ فقد مرّ أبو بكر بأبي سفيان وهو يعذّب بلالاً، فاشتراه منه »، وقيل: أنّها نزلت بسبب أبي الدحداح الأنصاري الذي اشترى نخلة في الجنة بحائط له .
- كماأنّه في الآية الكريمة : { فأما مَن أعطى واتّقى • وصدّق بالحسنى } لم يذكر المفعولين؛ لأنّ المراد بهذا إطلاق العطاء، فلم يذكر المعطى أو العطية؛ لأنّه أراد المعطي، والمقصود إطلاق العطاء سواء يعطي من ماله أو من نفسه، فقد يعطي الطاعة والمال ونفسه، لانخصّصه بنوع من العطاء ولا بصنف من العطاء .
- وقيل : أنّ فعل الإعطاء إذا أُريد به إعطاء المال بدون عوض، ينزل منزلة اللازم لاشتهار استعماله في إعطاء المال؛ ولذلك يُسمى المال الموهوب عطاء، والمقصود إعطاء الزكاة، كماأنّه لم يُذكَر متعلّق فعل « بخل »؛ لأنّه أُريد به البخل بالمال .
- وقد يرد في القرآن الكريم مواضع فيها ذكر مفعول واحد المراد تحديده وحذف مفعول يُراد إطلاقه كقوله تعالى: { ولَسوف يعطيك ربّك فترضى }، وكقوله تعالى: { إنّا أعطيناك الكوثر }، أما في سورة الليل فحذف المفعولين دليل على العموم والإطلاق .
¤- و « استغنى » جُعل مقابلاً ل « اتّقى » فالمراد به الاستغناء عن امتثال أمر اللّه ودعوته؛ وذلك لأنّ المُصِرّ على الكفر، المُعرِض عن الدعوة يعد نفسه غنيّاً عن اللّه مكتفياً بولاية الأصنام وقومه، فالسين والتاء للمبالغة في الفعل، مثل سين استجاب بمعنى أجاب، وقد يُراد به زيادة طلب الغنى بالبخل بالمال، فتكون السين والتاء للطلب، وهذه الخلال كناية عن كونه من المشركين .
¤- « الحسنى » تأنيث الأحسن فهي بالأصالة صفة لموصوف مقدّر، وتأنيثها مشعر بأنّ موصوفها المقدّر يعتبر مؤنث اللفظ، ويحتمل أموراً كثيرة مثل : مثوبة، النصر، أو العدة، أو العاقبة، وقد يصير هذاالوصف علماً بالغلبة، فقيل: الحسنى الجنّة، وقيل: الصلاة، وقيل: الزكاة، وقيل: أي أيقن بالخَلَفِ؛ أي بأنّ اللّه سيُخلف له، وقيل: أي صدّق بالجنّة، وقيل: أي أيقن بلا إله إلّا اللّه، وعلى كل الوجوه فالتصديق بها الاعتراف بوقوعها ويُكنّى به عن الرغبة في تحصيلها، وحاصل الاحتمالات يحوم حول التصديق بوعد اللّه بماهو حسن من مثوبة أو نصر أو إخلاف ماتلف، فيرجع هذا التصديق إلى الإيمان .
¤- « اليسرى » في قوله : { فسنيسّره لليسرى }، أي فسنهيّؤه للحال المرضية الحسنة في الدنيا والآخرة؛ حتى تكون الطاعة أيسر الأمور عليه وأهونها، لامشقّة فيها، كقوله صلى الله عليه وسلم: [ كل ميسر لما خلق له ] . اليُسرى تأنيث « الأيسر »، فوصف الخصلة باليُسرى مجاز باعتبار كونها مؤدّية لليُسرى، وتأنيث كلمة اليُسرى : إمّا بتأويل الحالة التي لاتشقّ عليه في الآخرة، وهي حالة النعيم، أو على تأويلها بالمكانة، وقد فُسّرت اليُسرى بالجنة .
- « للعُسرى » في قوله تعالى: { فسنيسره للعُسرى }، أي فسنخذله ونمنعه الألطاف، حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشده، و« العُسرى » هي : إما الحالة وهي حالة العسر والشدة، وإما مكانته وهي جهنّم، قال تعالى: { فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير }، فيُدرَج معنى « نيسّره » في عملي السعادة والشقاوة، فالأعمال اليسرى هي الصالحة، ويُدرَج معنى « العسرى » الأعمال السيئة باعتبار عاقبتهما على صاحبها، أي العمل بما لا يرضى اللّه تعالى حتى يستوجب النار، فتأنيثهما باعتبار أنّ كليتهما صفة طائفة من الأعمال، وحرف « ال » في[ اليُسرى، العُسرى ] لتعريف الجنس أو للعهد، على اختلاف المعاني .
¤- أما الإتيان بالسّين الدالة على الاستقبال في { فسنُيسّره } والتأخير لتلطيف الكلام وترقيقه باحتمال ألّا يكون التيسير حاصلاً؛وللدلالة على أنّ الجزاء الموعود في مقابلة الطاعة والمعصية آجل غير حاضر يكون في الآخرة التي هي أمر متراخ منتظر، كقوله تعالى: { قال سوف أستغفر لكم ربي .. }، والمعنى : أي سنجعل دخول هذا الجنّة سريعاً، ودخول الآخر النّار سريعاً يشبه الميسّر من صعوبة؛ لأنّ شأن الصعب الإبطاء وشأن السهل السرعة، ومنه قوله تعالى: { ذلك حشر علينا يسير } ويكون على هذا الوجه قوله تعالى: { ونُيسّره للعُسرى } مشاكلة بُنيت على استعارة تهكّمية قرينتها قوله تعالى: { العُسرى }، فهو تيسير ناشئ عن حصول الأعمال التي يجمعها معنى « اتّقى » أو معنى « استغنى » فالأعمال السابقة لامحالة، والتيسير مستقبل بعد حصولها فهو تيسير الدوام على الأعمال والاستزادة منها، قال صلى اللّه عليه وسلم: [ مامنكم من أحد إلّا وقد كتب مقعده من الجنّة ومقعده من النّار، فقالوا يارسول اللّه أفلا نتكل؟ فقال: اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاء، ثم قرأ : { فأما مَن أعطى واتقى • وصدّق بالحسنى • فسنُيسّره لليُسرى • وأما مَن بخل واستغنى • وكذّب بالحسنى فسنُيسّره للعُسرى }، فأعقب النبيَ صلى الله عليه وسلم كلامه بأن قرأ الآية؛ لأنه قرأها تبييناً واستدلالاً لكلامه، فكان للآية تعلّق بالكلام النبوي، ومحل الاستدلال هو قوله تعالى: { فسنُيسّره } ، بذلك قد تعيّن أن يكون إعداداً وتهيئة للأعمال صالحها أو سيّئها .
¤- وقد خُصّ الإعطاء بالذكر في قوله تعالى: { فأما مَن أعطى واتّقى } مع شمول « اتّقى » لمفاده، وخُصّ البخل بالذكر في قوله تعالى: { وأما مَن بخل واستغنى } مع شمول « استغنى » له؛ لتحريض المسلمين على الإعطاء والتقوى شعار المسلمين مع التصديق بالحسنى، وضد الثلاثة من شعار المشركين .
¤- وفي الآيات العظيمة : محسن الجمع مع التقسيم، ومحسن الطباق، أربع مرات بين : « أعطى » و « بخل » وبين « اتّقى » و « استغنى » وبين « صدّق » و « كذّب » وبين « اليُسرى » و « العُسرى » .
• اللّهم اجعلنا من المتصدّقين الصادقين، واجعلنا ممن ينثرون مايحتضون من عطائك وهباتك ونِعَمك الكثيرة، ولايبخلون، ولاخوف عليهم في معترك الحياة ولاهم يحزنون .


المراجع :

- تفسير ابن كثير .
- تفسير ابن جرير الطبري .
- تفسير السعدي .
- تفسير الكشاف للزمخشري .
- تفسير حدائق الريحان للشيخ محمد الأمين الهرري الشافعي .
- تفسير التحرير والتنوير .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19 شوال 1440هـ/22-06-2019م, 11:18 PM
شادن كردي شادن كردي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 384
Post

بسم الله الرحمن الرحيم
الأسلوب البياني
سورة التكاثر
سورة التكاثر مكية ورد في سبب نزولها أنها نزلت في مناظرة جرت بين بني عبد مناف وبني سهم لأن قبور أسلافهم بمكة تفاخروا أيهم أكثر فكان بنو عبد مناف أكثر فقال بنو سهم : عدوا مجموع أحيائنا وأمواتنا مع مجموع أحيائكم وأمواتكم ، ففعلوا فزاد بنو سهم
وقد اشتملت السورة على التوبيخ على اللهو والانكباب على الدنيا وتقديمها على عبادة الله وحده والنظر في دلائل القرآن والإسلام وحثهم على التدبير لما ينجيهم وأنهم مبعوثون ومسئولون عن شكر المنعم العظيم سبحانه
قال الله تعالى : ألهاكم التكاثر (1)
ألهاكم : شغلكم
وقريء آلهاكم وأألهاكم استفهام للتقرير
واللهو :شغل يصرف عن تحصيل أمر مهم ويكون لغير المجدي
بخلاف الشغل فقد يكون مجديا وغير مجدي
وقيل : اللهو لعب : واللعب قد يكون ليس بلهو
التكاثر :
تفاعل من الكثرة نقيض القلة
وهو التباري في الإكثار من شيء مرغوب فيه
والآية لم تحدد موضوع التكاثر ليشمل كل مايتكاثر به المتكاثرون من الأموال والأولاد والجنود والخدم والجاه وفي عصرنا :المتابعين والمتابعات والإعجابات والمشاهدات وغيرها مما عم في التقنية الحديثة وخلافه والله أعلم
وحذف الملهي عنه للتعظيم مأخوذ من الإبهام
حيث أشار إلى أن مايلهي مذموم فضلا عن الملهي عن الدين

(حتى زرتم المقابر )2
(حتى ) للغاية ، والغاية داخلة في المغيا
(زرتم ): الزور في اللغة : الميل والاعوجاج
وزار القوم إذا مال إليهم وعاج بهم
وللمفسرين في الزيارة ثلاث معان :
بمعناها الحقيقي ،حين ذهب المتكاثرون إلى القبور يعدون موتاهم
أو ذكر الموتى للمفاخرة
أو بمعنى الموت ،واختاره الطبري واستعماله بهذا المعنى صريح بأن الإقامة في القبر ليست إقامة دائمة وإنما نحن زائرون والزائر غير مقيم وسوف تنتهي الزيارة حتما إلى بعث وحساب وجزاء وهو مالم يفت أعرابيا سمع الآية فقال : بعث القوم للقيامة ورب الكعبة فإن الزائر منصرف لا مقيم
(المقابر ):
جمع مقبرة وهي مجتمع القبورومحتشد الرمم ومساكن الموتى ولم تأت بهذا اللفظ إلا في سورة التكاثر
وفيها دلالة السعة والعموم والشمول لجميع الموتى على اختلاف أعمارهم وطبقاتهم وأزمنتهم
ولننظر إلى الإعجاز البياني الذي يوجزرحلة الدنيا وعبرة الموت والمصير في أربع كلمات فحسب تفجأ اللاهين المكاثرين ب(زرتم المقابر ) ليس بينها وبين (ألهاكم التكاثر) إلا (حتى) .

(كلا سوف تعلمون) 3
كلا كلمة زجر وإبطال لأمر التكاثر
حذف مفعول تعلمون لظهور المراد : أي تعلمون سوء مغبة لهوكم بالتكاثر .

(ثم كلا سوف تعلمون)4
كرر الزجر والوعيد للتوكيد
بالأداة ثم المفيدة للتراخي تحقيقا للأول وتهويلا ومبالغة في الإنذار وهو الأولى رغم ورود أقوال أخرى .
فقد ورد عن ابن عباس قوله
كلا سوف تعلمون : ماينزل بكم من عذاب في القبر
ثم كلا سوف تعلمون : عند البعث أن ما وعدتم به صدق
وقيل أن الآية الأولى وعيد للكفار والثانية وعد للمؤمنين
(تعلمون )
العلم إدراك الشيء بحقيقته بخلاف المعرفة
وهو سكون النفس مع ثبات الفهم
فسيعلمون في يوم آت لا محالة حقيقة ما ألهاهم عنه التكاثر

(كلا لو تعلمون علم اليقين )5
تهويل
(لو ): تجعل النفوس تذهب في تقديره كل مذهب
(علم اليقين ): علم مطابق للواقع لاشك فه ولا ارتياب
والمعنى : لو تعلمون علما حقيقيا لبان لكم شنيع فعلكم

(لترون الجحيم )6
استئناف بياني وجواب لما في نفس السامع
والإخبار برؤية الجحيم كناية عن الوقوع فيها

(ثم لترونها عين اليقين) 7
ثم : المفيدة للتراخي والمبالغة في الزجر
تأكيد لتحقيق المعنى رؤية الجحيم الرؤية البصرية
وهو أقصى مايبلغه البيان من تأكيد اليقين وترسيخه من لفظ العين - كما تقول : رأيته رأي العين - ،ولفظ اليقين من ثقة وإزاحة للشك
مع التوكيد اللفظي في (لترون) باللام ونون التوكيد الثقيلة ثم بالتكرار
(عين اليقين ) لايشوبه تردد
وقد اجتمعت في هذه الآيات ستة أوجه تقوي الزجر والإنذار ذكرها الزمخشري في الكشاف :
افتتحت بحرف الردع كلا
وجيء بعدها بثم الدال على أن الإنذار الثاني أبلغ
كرر حرف الردع
حذف جواب لو تعلمون مبالغة في التهويل
لام القسم لتوكيد الوعيد
وأكد القسم وعين اليقين تأكيدين للرؤية بأنها يقين وحقيقة .

فيالله سبحان من هذا كلامه أربع كلمات قصاربلغت من التأكيد مالا تبلغه الصفحات المطولات .


(ثم لتسألن يومئذ عن النعيم )8
النعيم : اسم لكل ما يلذ الانسان مما ليس ملازما له
والنعيم أخص من النعمة
قال مجاهد : يسأل عن كل لذة من لذات الدنيا
وعن ابن عباس : صحة الأبدان والأسماع والأبصار فيم استعملوها وهو أعلم بهم
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم أو ليلة ، فإذا هو بأبي بكر وعمر ; فقال : " ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ) ؟ قالا : الجوع يا رسول الله . قال : " وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوما " فقاما معه ; فأتى رجلا من الأنصار ، فإذا هو ليس في بيته ، فلما رأته المرأة قالت : مرحبا وأهلا . فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أين فلان " ؟ قالت : يستعذب لنا من الماء ; إذ جاء الأنصاري ، فنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه ، ثم قال : الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني . قال : فانطلق ، فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب ، فقال : كلوا من هذه . وأخذ المدية فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إياك والحلوب " فذبح لهم ، فأكلوا من الشاة ، ومن ذلك العذق ، وشربوا ; فلما أن شبعوا ورووا ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر : " والذي نفسي بيده لتسألن عن نعيم هذا اليوم ، يوم القيامة ، أخرجكم من بيوتكم الجوع ، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم "
وقد اختلف في النعيم على أقوال جاءت بها أحاديث وآثار. والأولى حمله على جميع النعم والألف واللام للاستغراق
مع إدراكهم ذلك اليوم ماهو النعيم الحق نعيم الجنة فما شيء من نعيم الدنيا أمام النعيم الحق الذي ألهاهم عنه التكاثر
وقد سكت القرآن عن ذكر السائل تركيزا للاهتمام في السؤال نفسه وهي طريقة القرآن في التركيز على المهم
ومن المسئول ؟
الكل سيسأل :
الكافروالمقصر سؤال توبيخ لتركه الشكر وسؤال المؤمن تشريف لأنه شكر
ومتى سيكون السؤال ؟
في موقف الحساب وقيل عند دخول النار وقد حددتها الآية بيومئذ
أي يوم ترونها عين اليقين

والله أعلم وأحكم .. اللهم ارزقنا شكر نعمك واجعلها عونا لنا على طاعتك ورضاك وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


المراجع : تفسير القرآن العظيم ابن كثير
التحرير والتنوير ابن عاشور
تيسير الكريم الرحمن السعدي
روح المعاني الألوسي
زبدة التفسير الأشقر
التفسر البياني للقرآن الكريم بنت الشاطيء

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 شوال 1440هـ/23-06-2019م, 09:25 AM
منى حامد منى حامد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 705
افتراضي

رسالة في تفسير سورة الهمزة بالأسلوب البياني

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام عل أشرف خلق الله نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
سورة الهمزة
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)}

سميت هذه السورة في المصاحف ومعظم التفاسير ( سورة الهمزة ) بلام التعريف ، وعنونها في صحيح البخاري وبعض التفاسير ( سورة ويل لكل همزة ، وذكر الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز أنها تسمى ( سورة الحطمة ) لوقوع هذه الكلمة فيها .
وهي مكية بالاتفاق .
نزلت في كفار قريش المشركين الذين يؤذون المسلمين ، ويجوز أن يكون السبب خاصاً والوعيد عاماً (1)

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)
وعيد من الله تعالى لمن كان هذا وصفه همزة لمزة ، والويل بمعنى الدعاء بالهلاك والثبور.
وهمزة أي الذي صار له الهمز عادة لأنه خلق ثابت في جبلته وكذا اللمزة ، فهما وهمزة ولمزة ، بوزن فعلة صيغة تدل على كثرة صدور الفعل المصاغ منه ، وأنه صار عادة لصاحبه ، وهمزة : وصف مشتق من الهمز . وهو أن يعيب أحد أحدا بالإشارة بالعين أو بالشدق أو بالرأس بحضرته أو عند توليه ، ويقال : هامز وهماز ، وصيغة فعلة يدل على تمكن الوصف من الموصوف ، ولمزة : وصف مشتق من اللمز ، وهو المواجهة بالعيب ، وصيغته دالة على أن ذلك الوصف ملكة لصاحبه. (2) (3)
يقال: لمزه لهزه طعنه، والمراد: الكسر من أعراض الناس والغض منهم، واغتيابهم؛ والطعن فيهم (1)
وكلمة ( كل ) تشعر بأن المهددين بهذا الوعيد جماعة ، وهم الذين اتخذوا همز المسلمين ولمزهم ديدنا لهم . أولئك الذين تقدم ذكرهم في سبب نزول السورة . (3)

الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2)
هذا الهماز واللماز يجمع الأموال ويعدها ويبخل بها خوف الفقر ، وجاءت بصيغة التضعيف للمبالغة في ( عد ) ومعاودته ، وحرصه الشديد هذا على أمواله لأنه ...

يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)
يخبر الله تعالى مستنكرا عليه ، يظن أن هذه الأموال ستخلده في الدنيا وتدفع عنه الموت ، وتحميه من النوائب ، وهذا من تزيين الشيطان ، ومن نفسه المحبة للدنيا الحريصة عليها ، وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما قال سبحانه وتعالى في سورة العصر {إن الإنسان لفي خسر} أتبعه بمثال من ذكر نقصه وقصوره واغتراره، وظنه الكمال لنفسه حتى يعيب غيره، واعتماده على ما جمعه من المال ظناً أنه يخلده وينجيه، وهذا كله هو عين النقص، الذي هو شأن الإنسان. (2)
ويجوز أن يكون ذلك كناية عن أنه عمل- بانهماكه في المعاصي والإعراض عن الله عز وجل والإقبال على التوسع في الشهوات والأعراض الزائلات- عمل من يظن أنه لا يموت. (2)
ولكن الله تعالى يخبر أن من كان هذا حاله فإن مآله إلى ....

كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5)
كلا ، ليس كما تظن ، ليس الأمر هكذا ، فـ {كَلاَّ} ردع له عن حسبانه ، إبطال لأن يكون المال مخلدا لهم . وزجر عن التلبس بالحالة الشنيعة التي جعلتهم في حال من يحسب أن المال يخلد صاحبه. (3)
ولكن حالة هذا أيها الإنسان الهماز اللماز لغيره الحريص على أمواله ، فإن مصيره سيكون لجهنم ، فقال مقسماً دالاًّ باللام الداخلة على الفعل على القسم - لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ - وهي النار وسميت الحطمة لأنها تحطم كل ما يلقى فيها بلهيبها وحرارتها وسعيرها والعياذ بالله منها ،
وما أعلمك أيها الإنسان بها – وما أدراك - فيها من الاستفهام ، وفعل الدراية يفيد تهويل الحطمة . (3)

نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)
ويذكر الله تعالى أن هذه النار موقدة مسعرة وأنها من شدتها تصل للقلوب في الصدور.
ويقول الزمخشري : أنها تدخل في أجوافهم حتى لا تصل إلى صدورهم وتطلع على أفئدتهم، وهي أوساط القلوب، ولا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد، ولا أشدّ تألماً منه بأدنى أذى يمسه، فكيف إذا أطلعت عليه نار جهنم واستولت عليه. ويجوز أن يخصّ الأفئدة لأنها مواطن الكفر والعقائد الفاسدة والنيات الخبيثة. ومعنى اطلاع النار عليها: أنها تعلوها وتغلبها وتشتمل عليها. (1)
وفي قوله تعالى {نار الله} أي الملك الأعظم الذي عدل المشركون عنه إلى شركائهم، فعظمة هذه النار من عظمته، وانتقامه من نقمته {الموقدة} أي التي وجد وتحتم إيقادها بإيقاده، ومن الذي يطيق محاولة ما أوقده؟ فهي لا يزال لها هذا الاسم ثابتاً. (2)
وإضافة ( نار ) إلى اسم الجلالة للترويع بها بأنها نار خلقها القادر على خلق الأمور العظيمة، ووصف ( نار ) بـ ( موقدة ) يفيد أنها لا تزال تلتهب ولا يزول لهيبها . وهذا كما وصفت نار الأخدود بذات الوقود ، ( بفتح الواو ) في سورة البروج ، أي : النار التي يجدد اتقادها بوقود وهو الحطب الذي يلقى في النار لتتقد ، فليس الوصف بالموقدة هنا تأكيدا . (3)
وقال البقاعي في سمي القلب بالأفئدة ، بذلك لشدة توقده، وخص بالذكر لأنه ألطف ما في البدن وأشده تألماً بأدنى شيء من الأذى، ولأنه منشأ العقائد الفاسدة ومعدن حب المال الذي هو منشأ الفساد والضلال، وعنه تصدر الأفعال القبيحة.
ولما كان الاطلاع على الفؤاد مظنة الموت، وفي الموت راحة من العذاب، (2) .............

إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
أشار إلى خلودهم فيها وأنهم لا يموتون ولا ينقطع عنهم العذاب، فقال مؤكداً لأنهم يكذبون بها: {إنها} وأشار إلى قهرهم وغلبتهم فقال: {عليهم} وآذن بسهولة التصرف في تعذيبهم وانقطاع الرجاء من خلاصهم بقوله معبراً باسم المفعول: {مؤصدة} أي مطبقة بغاية الضيق، من أوصدت الباب- إذا أطبقته.
وهذه النار مقفلة عليهم أبوابها لا يستطيعون الخروج منها أبدا ، قال تعالى في سورة الحج آية 22: كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ.
أنه يؤكد يأسهم من الخروج وتيقنهم بحبس الأبد، فتؤصد عليهم الأبواب وتمدد على الأبواب العمد، استيثاقاً في استيثاق. (1)
والممددة : المجعولة طويلة جدا ، وهو اسم مفعول من مدده ، إذا بالغ في مده ، أي : الزيادة فيه .
وكل هذه الأوصاف تقوية لتمثيل شدة الإغلاظ عليهم بأقصى ما يبلغه متعارف الناس من الأحوال . (3)

المراجع
(1) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل المؤلف: أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: 538هـ) الناشر: دار الكتاب العربي .
(2) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور المؤلف: إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي (المتوفى: 885هـ) الناشر: دار الكتاب الإسلامي.
(3) تفسير القرآن، التحرير والتنوير ، محمد الطاهر ابن عاشور ، دار سحنون .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 شوال 1440هـ/26-06-2019م, 04:44 PM
آسية أحمد آسية أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 420
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم


رسالة في تفسير سورة القارعة (1-3) بالإسلوب البياني

قال الله تعالى : ﴿ٱلۡقَارِعَةُ (١) مَا ٱلۡقَارِعَةُ (٢) وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡقَارِعَةُ (٣

الحمدلله والصلاة على رسول الله وبعد،
فهذه ثلاث آيات من سورة القارعة التي جاءت في وصف يوم القيامة وبعض مافيه من أهوال، وفيه ما يظهر بيان القرآن وبلاغته من خلال مبناه الذي تناسق مع معناه، قد افتتح الله تعالى هذه السورة بقوله: ( القارعة )
والمقصود بالقارعة هنا هو يوم القيامة، فالقارعة اسم من أسمائها، كالطامة، والصاخة، والحاقة، والغاشية.
  • والقارعة في اللغة، هو :
ضَرْبُ الشَّيْءِ. يُقَالُ قَرَعْتُ الشَّيْءَ أَقْرَعُهُ: ضَرَبْتُهُ1، والقَرْعُ الضَّرْبُ بِشِدَّةٍ واعْتِمادٍ،2 والقارِعَةُ: وصْفٌ مِنَ القَرْعِ وهو ضَرْبُ الجِسْمِ بِآخَرَ بِشِدَّةٍ لَها صَوْتٌ.وأُطْلِقَ القَرْعُ مَجازًا عَلى الصَّوْتِ الَّذِي يَتَأثَّرُ بِهِ السّامِعُ تَأثُّرَ خَوْفٍ أوِ اتِّعاظٍ، يُقالُ: قَرَعَ فُلانًا، أيْ: زَجَرَهُ وعَنَّفَهُ بِصَوْتِ غَضَبٍ3 .
وَالْقَارِعَةُ: الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ؛ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُقْرِعُ النَّاسَ، أَيْ تَضْرِبُهُمْ بِشِدَّتِهَا4. ومِنهُ المِقْرَعَةُ وقوارع القرآن وقَرَعَ البابَ، وتَقارَعُوا: تَضارَبُوا بِالسُّيُوفِ، يقال: العَصا قُرِعَتْ لِذِي الحِلْمِ أَي إِذا نُبِّه انْتَبَه.
وَمنه قَوْلِ الْحَرْثِ بْنِ وعْلةَ الذُّهْليّ:
وزَعَمْتُمُ أَنْ لاحُلُومَ لَنَا، ... إِنَّ العَصا قُرِعَتْ لِذِي الحِلْمِ5
وقد سمى الله تعالى ما يحل بالكافرين في الدنيا من شدائد عقوبة لهم قارعة، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهم بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ﴾6
  • ومن خلال هذا العرض نجد أن في معناها اللغوي تناسباً بليغاً لتسمية يوم القيامة بها، من حيث شدتها وما يقع بها من أهوال تقرع لها القلوب، من النفخ في الصور الذي يكون له شدة وصوت مقرع يموت منه الخلائق، ومن اصطكاك الأجرام العظيمة ببعضها اصطكاكا شديدا فتقرع بعضها، ومافي ذلك اليوم من الأهْوالِ والإفْزاعِ التي تقرع الناس ولم يعهدوها، وذَلِكَ في السَّماواتِ بِالِانْشِقاقِ والِانْفِطارِ، وفي الشَّمْسِ والقَمَرِ بِالتَّكَوُّرِ، وفي الكَواكِبِ بِالِانْتِثارِ، وفي الجِبالِ بِالدَّكِّ والنَّسْفِ، وفي الأرْضِ بِالطَّيِّ والتَّبْدِيلِ، وفي ذلك اليوم للكفار قرع آخر فهم يزجرون بِالعَذابِ والخِزْيِ والنَّكالِ7.
  • وقد تضمنت هذه السورة حديث عن وصف لحال الناس في ذلك اليوم المهول بما يفيد الوهن والضعف الذي يتناسب مع القرع، ووصف لمشهد الجبال وتغيرها ونسفها، ومصير الكافرين المؤلم فناسب أن تسمى السورة بهذا الاسم وتفتتح بها.
وفي افتتاحية السورة بهذه اللفظة المفردة وحدها، إيحاء بالقرع واللطم، والشدة والهول، وفيه تنبيه بعظم ما سيأتي بعدها من خبر. وتشويق وتحفيز لما سيأتي.
  • وذكر في اعراب قوله " القارعة" وجهان: أحدهما أنه مبتدأ خبره " مالقارعة" فيكون المعنى ( القارِعَةُ شَيْءٌ عَظِيمٌ هي)
أو يكون " القارعة" مستقل بنفسه، فيقدر عنه خبر محذوف تقديره، ( القارعة قريبة) ، أو يقدر له فعل بنحو ( أتت القارعة)8
وكلا الوجهين من الإعراب يبينان غرض التهويل والتعظيم في الجملة.
فهذه الآية الأولى على وجازتها، تلقي في نفس سامعها شعور الهول والعظم من عدة وجوه.
والآية التالية أكدت هذا المعنى أكثر بقوله " مالقارعة" ففي الآية تعظيم آخر زائد، فالاستفهام بما يراد به التعظيم9، كأنه يقول أي شيء هي تلك القارعة، بما يعني أنها شيء عظيم، وأعاد لفظ القارعة للتهويل والترويع، والأصل أن يقال : القارعة، ماهي؟، لكن أعاد لفظ القارعة هنا لما يفيد ذلك اللفظ من الترويع والتهويل10.
ثم قال : "وما أدراك مالقارعة"،
وهذا استفهام تجهيل، والتَّقْدِيرُ: وأيُّ شَخْصٍ أدْراكَ، وهو مُسْتَعْمَلٌ في تَعْظِيمِ حَقِيقَتِها وهَوْلِها؛ لِأنَّ هَوْلَ الأمْرِ يَسْتَلْزِمُ البَحْثَ عَنْ تَعَرُّفِهِ11.
والمراد أنه لا أحد يستطيع الإحاطة بتلك القارعة ولا أحد يدري ما كنهها، وأن قوارع الدنيا ليست قوارع بجانب تلك القارعة، فهي عظيمة لا تتدرك وليست قابلة للتصور،
والخطاب في "ما أدراك" لغير معين، وهذا التركيب مما جرى مجرى المثل12.
  • ونظير تلك الآيات ﴿الحاقَّةُ﴾ ﴿ما الحاقَّةُ﴾ ﴿وما أدْراكَ ما الحاقَّةُ﴾ والحاقة هي أيضا يوم القيامة، وقد نزلت قبل القارعة، لكن قوله القارعة ما القارعة" أشد من قوله "الحاقة ما الحاقة"، لأن المتأخر يكون فيه زيادة تنبيه، وكلاهما فيه شدة الحاقة لتعلقها بمعنى العدل والقارعة لما فيه من التهويل13.
هذه ثلاث آيات موجزة من سورة القارعة أفادت في النفس تعظيم ذلك اليوم وتشويقاَ لمعرفة كنهه بأسلوب بليغ مؤثر في النفوس، حاولنا بيان شيء من تلك البلاغة وجوانبها ومن الله التوفيق.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مقاييس اللغة لابن فارس.
2- لسان العرب لابن منظور
3-التحرير والتنوير لابن عاشور
4-مقاييس اللغة
5-لسان العرب
6- التحرير والتنوير
7- مفاتيح الغيب للرازي
8- التحرير والتنوير
9-اعراب القرآن للزجاج
10 المصدر السابق
11-التحرير والتنوير
12 المصدر السابق
13مفاتيح الغيب


المراجع:
مقاييس اللغة لابن فارس
لسان العرب لابن منظور
اعراب القرآن للزجاج
مفاتيح الغيب للرازي
ظلال القرآن لسيد قطب
التحرير والتنوير لابن عاشور

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 23 شوال 1440هـ/26-06-2019م, 07:03 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

تقويم تطبيقات على درس الأسلوب البياني

أحسنتم جميعا بارك الله فيكم، ونفع بكم.



1: مها عبدالعزيز.أ

أحسنتِ بارك الله فيكِ.
جمعتِ في رسالتك بين أسلوب التقرير العلمي والبياني، ووددت لو كان وقوفك على البلاغة والبيان أكثر؛ فمثلا ما ذكرتِ في نهاية الرّسالة من المقابلة والسّجع كان الأفضل بما أن الأسلوب بياني أن نستعرضه بشكل أوضح وأكثر تفصيل.
. مما فاتكِ أيضا من أوجه البيان : التعبير بلفظ الإتيان عن لفظ المجيء، وذكره بالزمن الماضي ليفيد تحقق وقوعه.
. التعبير بفعل لم يسم فاعله في قوله تعالى:{تُسقى}لينصبّ الاهتمام على الفعل نفسه.
تقديم المعمول على العامل في قوله تعالى :{لسعيها راضية} تبشير للنفس وإشعارها بجهدها المشكور.
وهكذا نركّز أكثر على البلاغة في الألفاظ.


2: عصام عطار.ج
أحسنت.
لكن فهمك للمسائل ولغتك التعبيرية ينبغي أن يكونا ظاهرين في رسالتك، والإكثار من النقل لا يتحصّل به المقصود..

3:شادن كردي.أ
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
فاتكِ بعض أوجه البلاغة والبيان كــ:
. التعبير بلفظ الماضي في قوله {زرتم}.
. حذف جواب لو في قوله تعالى:{ لو تعلمون علم اليقين }.


4: منى حامد.ب
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
وددت وقوفك أكثر مع أدوات البيان كــ:
. الجناس غير التام بين الهمزة واللمزة.
. التعبير عن الغائب بلفظ {الذي} تقليلا لشأن فعله.
. تنكير لفظة {مالا} ليدل على شمول المال.
وغير ذلك.
تم خصم نصف درجة على التأخير.


5: آسية أحمد.ب+
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
. مما فاتكِ من أوجه البيان التعبير بلفظة { وما أدراك }، ولم يقل { وما يدريك }.
كذلك الحذف، تأجيل الخبر، الإظهار في موضع الإضمار، والمواجهة بالخطاب، وددت كان وقوفك أكثر .

تم خصم نصف درجة على التأخير.


والله يوفقكم لما يحب ويرضى

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 24 شوال 1440هـ/27-06-2019م, 02:59 PM
آسية أحمد آسية أحمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 420
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيئة التصحيح 2 مشاهدة المشاركة
تقويم تطبيقات على درس الأسلوب البياني

أحسنتم جميعا بارك الله فيكم، ونفع بكم.



1: مها عبدالعزيز.أ

أحسنتِ بارك الله فيكِ.
جمعتِ في رسالتك بين أسلوب التقرير العلمي والبياني، ووددت لو كان وقوفك على البلاغة والبيان أكثر؛ فمثلا ما ذكرتِ في نهاية الرّسالة من المقابلة والسّجع كان الأفضل بما أن الأسلوب بياني أن نستعرضه بشكل أوضح وأكثر تفصيل.
. مما فاتكِ أيضا من أوجه البيان : التعبير بلفظ الإتيان عن لفظ المجيء، وذكره بالزمن الماضي ليفيد تحقق وقوعه.
. التعبير بفعل لم يسم فاعله في قوله تعالى:{تُسقى}لينصبّ الاهتمام على الفعل نفسه.
تقديم المعمول على العامل في قوله تعالى :{لسعيها راضية} تبشير للنفس وإشعارها بجهدها المشكور.
وهكذا نركّز أكثر على البلاغة في الألفاظ.


2: عصام عطار.ج
أحسنت.
لكن فهمك للمسائل ولغتك التعبيرية ينبغي أن يكونا ظاهرين في رسالتك، والإكثار من النقل لا يتحصّل به المقصود..

3:شادن كردي.أ
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
فاتكِ بعض أوجه البلاغة والبيان كــ:
. التعبير بلفظ الماضي في قوله {زرتم}.
. حذف جواب لو في قوله تعالى:{ لو تعلمون علم اليقين }.


4: منى حامد.ب
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
وددت وقوفك أكثر مع أدوات البيان كــ:
. الجناس غير التام بين الهمزة واللمزة.
. التعبير عن الغائب بلفظ {الذي} تقليلا لشأن فعله.
. تنكير لفظة {مالا} ليدل على شمول المال.
وغير ذلك.
تم خصم نصف درجة على التأخير.


5: آسية أحمد.ب+
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
. مما فاتكِ من أوجه البيان التعبير بلفظة { وما أدراك }، ولم يقل { وما يدريك }.
كذلك الحذف، تأجيل الخبر، الإظهار في موضع الإضمار، والمواجهة بالخطاب، وددت كان وقوفك أكثر .

تم خصم نصف درجة على التأخير.


والله يوفقكم لما يحب ويرضى
بارك الله فيكم
ذكرت الاظهار في موضع الاضمار لكني لم استخدم هذا التعبير عبرت بأسلوبي
قلت :
( وأعاد لفظ القارعة للتهويل والترويع، والأصل أن يقال : القارعة، ماهي؟، لكن أعاد لفظ القارعة هنا لما يفيد ذلك اللفظ من الترويع والتهويل.)
ولم أعيد النقطة حتى لا يحصل تكرار.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 شوال 1440هـ/2-07-2019م, 06:19 PM
محمد العبد اللطيف محمد العبد اللطيف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 564
افتراضي

الاسلوب البياني :

تفسير قوله تعالى:

{أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (22) الملك

الحمد لله رب العالمين، خلق الانسان، علمه البيان، أنزل كتابه العزيز معجزة خالدة الى يوم القيامة وأمر بتدبر آياته فقال سبحانه {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وآله وصحبه ومن اتبع سنته الى يوم الدين، وبعد، فهذه بعض تأملات في تفسير قوله تعالى:
{أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} وذلك بذكر بعض ما جاء فيها من حسن البيان وبديع النظم الدّال على المعنى المراد في وصف بديع وإيجاز بليغ ولقد ورد ذكر الامثال في القرآن في آيات متعددة وذلك لما للأمثال من الفوائد مثل تقريب المعنى الى افهام المخاطبين والترغيب والترهيب و قيل في سبب نزول هذه الآية انه مثل للمؤمنين والكافرين او انها نزلت في شخص معين فقيل المكب على وجهه أبو جهل والذي يمشي سوياً النبي صلى الله عليه وسلم او حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.

ولقد اختلف المفسرون بالمراد بهذا المثل الى قولين:
الأول: ان َمثل الكافر مثل الاعمى الذي يمشي في طريق معوج غير مستو فهو يتخبط فيه عن اليمين وعن الشمال يتعثر في مشيه ومَثل المؤمن مَثل المبصر الذي يمشي في طريق واضح المعالم قال ابن عباس اي يمشي في الضلالة أهدي، أم يمشي مهتدياً.
الثاني: ان هذا مثل للكافر والمؤمن يوم القيامة فيحُشر الكافر على وجهه وعن قتادة: الكافر أكب على معاصي الله تعالى فحشره الله يوم القيامة على وجهه قال معمر: قيل للنبيّ صلى الله عليه وسلم : كيف يمشون على وجوههم؟ قال: "إنَّ الَّذِي أمْشاهُم على أقْدَامِهمْ قادِرٌ عَلى أنْ يُمْشيَهُمْ عَلى وُجُوهِهِمْ". وعن معمر، عن قتادة ﴿يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ قال المؤمن عمل بطاعة الله، فيحشره الله على طاعته.

والفاء في اول الآية للتفريع على الدلائل والعبر من اول السورة والاستفهام تقريري والمكب اسم فاعل من أكب إذا صار ذا كب فالهَمْزَةُ فِيهِ أصْلُها لِإفادَةِ المَصِيرِ في الشَّيْءِ مِثْلُ هَمْزَةِ: أقْشَعَ السَّحابُ، إذا دَخَلَ في حالَةِ القَشْعِ، ومِنهُ قَوْلُهم: أنْفَضَ القَوْمُ إذا هَلَكَتْ مَواشِيهِمْ، وأرْمَلُواْ إذا فَنِيَ زادُهم، وهي أفْعالٌ قَلِيلَةٌ فِيما جاءَ فِيهِ المُجَرَّدُ مُتَعَدِّيًا والمَهْمُوزُ قاصِرًا و(أهْدى) مُشْتَقٌّ مِنَ الهُدى، وهو مَعْرِفَةُ الطَّرِيقِ وهو اسْمُ تَفْضِيلٍ مَسْلُوبُ المُفاضَلَةِ؛ لِأنَّ الَّذِي يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وجْهِهِ لا شَيْءَ عِنْدَهُ مِنَ الاهْتِداءِ والسَّوِيُّ: الشَّدِيدُ الاسْتِواءِ فَعِيلٌ بِمَعْنى فاعِلٍ كما ذكره ابن عاشور في التحرير والتنوير.

وقد ذكر بعض المفسرين ثلاثة تشبيهات تمثيلية في هذا الآية:
الأول: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا] حيث شبه الله تعالى حال الكافر والمؤمن بحال الماشي على طريقة مختلفة فالكافر كالأعمى الذي يمشي في طريق وعر غير مسلوك كلما مشى انكب على وجهه فلا هو يدري اين يمشي وهل طريقه يوصله الى مطلوبه ومثل المؤمن مثل المبصر الذي يمشي ويعلم اين يسير والى اين.

الثاني: في قوله تعالى {مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} حيث شبه الكافر في تردُده وتحيره بين الالهة والشك مثل الملتصق بالأرض يبحث فيها عن أي علامة او دليل يدله على الطريق وكلما مشى عاد الى الأرض يبحث فيها من جديد.

الثالث: في قوله تغالى {سَوِيًّا} حيث شبه المؤمن في مشيه وثقته بربه وتوكله عليه بالمستو قائما رافعاً رأسه فلا هو في شك من أمره ولا ينظر يمنة ويسرة.

وفيها تشبيه للدين بالطريق المسلوكة وذلك في قوله تعالى {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} حيث عُلم منها ان المُكب على وجهه يمشي على طريق غير هذا الصراط المستقيم وهذ ايجاز حذف حيث لم يصف طريق المكب على وجهه بالالتواء او الاعوجاج ولكنه هذا مفهوم من ذكر المقابلة بالصراط المستقيم.

والله أعلم.

المراجع:
١- التحرير والتنوير – ابن عاشور
٢- جامع البيان – ابن جرير الطبري
٣- تفسير ابن كثير – الحافظ ابن كثير
٤- الكشْاف – الزمخشري
٥- مفاتح الغيب – فخر الدين الرازي
٦- نظم الدرر - البقاعي

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 ذو القعدة 1440هـ/3-07-2019م, 05:15 PM
خليل عبد الرحمن خليل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 238
افتراضي

تفسير سورة الكوثر ( الأسلوب البياني )

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
نزلت هذه السورة لتُسرّي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو فيه ، ولِتَعدَه بالخير ، ولأعدائه بالبتر وتوجّهه إلى طريق الشكر . حيث نال الرسول الأذى من المشركين، فهي صورة من رعاية الله المباشرة لرسوله ومن معه ، وتثبيتهم وتطمينهم ، بجميل وعده له ومرهوب وعيده لشانئه .
كما أن هذه السورة تمثل حقيقة الهدى والخير والإيمان ، من الكثرة والفيض والامتداد ، وحقيقة الضلال والشر والكفران ، من القلّة والانحسار والانبتار . وإن ظهر أول الأمر غير ذلك ، وظن الغافلون غير هذا .
فقد ورد أن سفهاء قريش كالعاص بن وائل وأبي لهب وغيرهم كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه أبتر ؛ لموت الذكور من ولده وذلك بعد وفاة ابنه القاسم ، وقال أحدهم : دعوه فإنه سيموت لا عقب وينتهي أمره . وكان لهذا الكلام رواجٌ في العرب الذين يتفاخرون ويتكاثرون بالأبناء ، ولعلها أوجعت قلب النبي الشريف ومسّته بالغم ؛ فأنزل الله هذه السورة تسلية وتقريرا لحقيقة بقاء الخير وامتداده ، وحقيقة انقطاع أعدائه وانبتارهم .
قال تعالى : ( إنا أعطيناك الكوثر )
( إنّا ) نا المتكلمين تارة تأتي للجمع وتارة تأتي للتعظيم . والله واحد فلا يمكن حملها على الجمع ، فتكون للتعظيم ؛ لبيان كبرياء الله وعظمته فهو المتفرد بالكبرياء والعظمة سبحانه . وقد صُدِّرت الآية بـ ( إنّا ) للتأكيد لأنها تجري مجرى القسم .
( أعطيناك ) وقرئت : ( أنطيناك ) بالنون بدل الهمزة ، وجاء الفعل بنون العظمة كذلك ؛ ليبيّن أن عطاء ذي الكبرياء والعظمة يتناسب مع كبريائه وعظمته سبحانه . فالمعطِي سبحانه عظيم ، والعطاء عظيم ، فهذا دليل على أن المعْطى ذو منزلة عظيمة عند ربه عز وجل .
وجاء الفعل بصيغة الماضي ( أعطيناك ) ولم يقل سنعطيك ؛ لإفادة أن هذا العطاء حاصل في الأزل ومكتوب في اللوح المحفوظ كما أن فيه إشارة إلى أن الإسعاد والإشقاء وغيرها من المطلوبات والمكروهات سبق حكم الله بها وليست أمرًا حادثا .
واختار لفظ أعطيناك دون لفظ آتيناك ؛ لأن الإيتاء يحتمل أن يكون مستحقًا فيكون واجبًا ويحتمل أن يكون تفضلا ، أما الإعطاء فإنه أقرب للتفضل . ومُشعِر بالدوام والتزايد .
وجاء بكاف الخطاب ولم يأتِ بغيره من الظمائر ؛ لأن فيه إشعار بقربه سبحانه من رسوله صلى الله عليه وسلم ولاسيما في مثل هذه الحال موت الابن وتسلط الأعداء بنعته بالأبتر . كما أنه مشعِرٌ بالخصوصية .
والكوثر على وزن فوعل من الكثرة وهو المفرط الكثرة .
قيل لأعرابيّة رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك ؟ قالت : آب بكوثر . وقال شاعرهم : وأنت كثيرٌ يا ابن مروان طيّب *** وكان أبوك ابن العقائل كوثرا .
فالكوثر: الخير الكثير الكثير؛ وهو مطلق غير محدد ، فهو خير لا ممنوع ولا مبتور ، عكس الوصف الذي أطلقه هؤلاء السفهاء . ومن تتبع هذا الكوثر فإنه واجده حيث نظر أو تصوّر ، من النبوة والاتصال بالخالق الكبير ، ومن تنزيل القرآن الذي لا نهاية لبركته وخيره ، ومن صلاة الملأ الأعلى واقتران اسمه باسم الله في الأرض وفي السماء ، ومن سنته الممتدة على مدار القرون وفي أرجاء الأرض ، والملايين بعد الملايين السائرين على أثره الهاتفين باسمه المحبين له ولسيرته . و مظاهر وجود هذا الكوثر لا يمكن إحصاؤها . لذا جاءت الآية بلا تحديد ؛ ليشمل كل ما يكثر من الخير ويزيد .
وقيل: (الكوثر) نهر في الجنة. وهو المشهور عند السلف والخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قرأها حين أنزلت عليه فقال: «أتدرون ما الكوثر؟ إنه نهر في الجنة وعدنيه ربي، فيه خير كثير» . وعن ابن عباس أنه فسر الكوثر بالخير الكثير، فقال له سعيد بن جبير: إن ناساً يقولون: هو نهر في الجنة! فقال: هو من الخير الكثير. فهو كوثر من كوثر . وهذا الأنسب في هذا السياق .
قال تعالى : ( فصل لربك وانحر ) عن عطية: هي صلاة الفجر بجمع، والنحر بمنى. وقيل: صلاة العيد والتضحية. وقيل: هي جنس الصلاة. والنحر: وضع اليمين على الشمال .
والمعنى: بعد توكيد هذا العطاء الكثير الفائض الكثرة ، على غير ما أشاع أعداؤه من أنه أبتر ؛ إرجافًا وكيدًا . وجّه سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى شكر هذا العطاء والنعم بأن يعبد الله بإخلاص وتجرّد لا شرك معه ، في الصلاة وذبح النسك ، تاركًا ما كان عليه المشركون من ذكر غير اسم الله على ذبائحهم . فالإسلام دين التوحيد الخالص المجرد الواضح ، فهو يخلّصُ الحياة ظهرها وباطنها من مظاهر الشرك ومكامنه ،ويطارده مطاردة عنيفة دقيقة .
قال تعالى : ( إن شانئك هو الأبتر ) شانئك : أبغضك من قومك لمخالفتك لهم . الأبتر : الذي لا عقب له ، ومنه الحمار الأبتر الذي لا ذَنَب له .
بعد أن بيّنت الآية الأولى بطلان ما زعم المشركون ، وأن الرسول صاحب الكوثر ، في هذه الآية يردّ الكيد على كائديه ؛ فيبيّن أن الأبتر هم شانئوه وكارهوه . وقد صدق فيهم وعيد الله في الدنيا قبل الآخرة ؛ فقد انقطع ذكرهم وانطوى . وهذا مَثَلٌ ناطق خالد للقاعدة العامة وهي : أن الإيمان والحقّ والخير والدعوة إلى الله وصاحب هذه الراية لا يمكن أن يكون أبترًا ؛ فهو ممتد الفروع عميق الجذور لأنه موصول بالله الحي الباقي الخالد ، وإنما الكفر والباطل والشرّ وحامل راياتها هو الأبتر مهما ترعرع وزها وتجبّر .



المراجع :
تفسير ابن كثير .
تفسير التحرير والتنوير .
تفسير الزمخشري .
تفسير القرطبي .

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 14 ذو القعدة 1440هـ/16-07-2019م, 04:01 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد العبد اللطيف مشاهدة المشاركة
الاسلوب البياني :

تفسير قوله تعالى:

{أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (22) الملك

الحمد لله رب العالمين، خلق الانسان، علمه البيان، أنزل كتابه العزيز معجزة خالدة الى يوم القيامة وأمر بتدبر آياته فقال سبحانه {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وآله وصحبه ومن اتبع سنته الى يوم الدين، وبعد، فهذه بعض تأملات في تفسير قوله تعالى:
{أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} وذلك بذكر بعض ما جاء فيها من حسن البيان وبديع النظم الدّال على المعنى المراد في وصف بديع وإيجاز بليغ ولقد ورد ذكر الامثال في القرآن في آيات متعددة وذلك لما للأمثال من الفوائد مثل تقريب المعنى الى افهام المخاطبين والترغيب والترهيب و قيل في سبب نزول هذه الآية انه مثل للمؤمنين والكافرين او انها نزلت في شخص معين فقيل المكب على وجهه أبو جهل والذي يمشي سوياً النبي صلى الله عليه وسلم او حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.
ذكرك لسبب النزول يلزم إسناده وتخريجه.
ولقد اختلف المفسرون بالمراد بهذا المثل الى قولين:
الأول: ان َمثل الكافر مثل الاعمى الذي يمشي في طريق معوج غير مستو فهو يتخبط فيه عن اليمين وعن الشمال يتعثر في مشيه ومَثل المؤمن مَثل المبصر الذي يمشي في طريق واضح المعالم قال ابن عباس اي يمشي في الضلالة أهدي، أم يمشي مهتدياً.
الثاني: ان هذا مثل للكافر والمؤمن يوم القيامة فيحُشر الكافر على وجهه وعن قتادة: الكافر أكب على معاصي الله تعالى فحشره الله يوم القيامة على وجهه قال معمر: قيل للنبيّ صلى الله عليه وسلم : كيف يمشون على وجوههم؟ قال: "إنَّ الَّذِي أمْشاهُم على أقْدَامِهمْ قادِرٌ عَلى أنْ يُمْشيَهُمْ عَلى وُجُوهِهِمْ". وعن معمر، عن قتادة ﴿يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ قال المؤمن عمل بطاعة الله، فيحشره الله على طاعته.

والفاء في اول الآية للتفريع على الدلائل والعبر من اول السورة والاستفهام تقريري والمكب اسم فاعل من أكب إذا صار ذا كب فالهَمْزَةُ فِيهِ أصْلُها لِإفادَةِ المَصِيرِ في الشَّيْءِ مِثْلُ هَمْزَةِ: أقْشَعَ السَّحابُ، إذا دَخَلَ في حالَةِ القَشْعِ، ومِنهُ قَوْلُهم: أنْفَضَ القَوْمُ إذا هَلَكَتْ مَواشِيهِمْ، وأرْمَلُواْ إذا فَنِيَ زادُهم، وهي أفْعالٌ قَلِيلَةٌ فِيما جاءَ فِيهِ المُجَرَّدُ مُتَعَدِّيًا والمَهْمُوزُ قاصِرًا و(أهْدى) مُشْتَقٌّ مِنَ الهُدى، وهو مَعْرِفَةُ الطَّرِيقِ وهو اسْمُ تَفْضِيلٍ مَسْلُوبُ المُفاضَلَةِ؛ لِأنَّ الَّذِي يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وجْهِهِ لا شَيْءَ عِنْدَهُ مِنَ الاهْتِداءِ والسَّوِيُّ: الشَّدِيدُ الاسْتِواءِ فَعِيلٌ بِمَعْنى فاعِلٍ كما ذكره ابن عاشور في التحرير والتنوير.

وقد ذكر بعض المفسرين ثلاثة تشبيهات تمثيلية في هذا الآية:
الأول: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا] حيث شبه الله تعالى حال الكافر والمؤمن بحال الماشي على طريقة مختلفة فالكافر كالأعمى الذي يمشي في طريق وعر غير مسلوك كلما مشى انكب على وجهه فلا هو يدري اين يمشي وهل طريقه يوصله الى مطلوبه ومثل المؤمن مثل المبصر الذي يمشي ويعلم اين يسير والى اين.

الثاني: في قوله تعالى {مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} حيث شبه الكافر في تردُده وتحيره بين الالهة والشك مثل الملتصق بالأرض يبحث فيها عن أي علامة او دليل يدله على الطريق وكلما مشى عاد الى الأرض يبحث فيها من جديد.

الثالث: في قوله تغالى {سَوِيًّا} حيث شبه المؤمن في مشيه وثقته بربه وتوكله عليه بالمستو قائما رافعاً رأسه فلا هو في شك من أمره ولا ينظر يمنة ويسرة.

وفيها تشبيه للدين بالطريق المسلوكة وذلك في قوله تعالى {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} حيث عُلم منها ان المُكب على وجهه يمشي على طريق غير هذا الصراط المستقيم وهذ ايجاز حذف حيث لم يصف طريق المكب على وجهه بالالتواء او الاعوجاج ولكنه هذا مفهوم من ذكر المقابلة بالصراط المستقيم.

والله أعلم.

المراجع:
١- التحرير والتنوير – ابن عاشور
٢- جامع البيان – ابن جرير الطبري
٣- تفسير ابن كثير – الحافظ ابن كثير
٤- الكشْاف – الزمخشري
٥- مفاتح الغيب – فخر الدين الرازي
٦- نظم الدرر - البقاعي
أحسنت بارك الله فيك.
الدرجة: ب+

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 16 ذو القعدة 1440هـ/18-07-2019م, 10:19 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليل عبد الرحمن مشاهدة المشاركة
تفسير سورة الكوثر ( الأسلوب البياني )

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
نزلت هذه السورة لتُسرّي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو فيه ، ولِتَعدَه بالخير ، ولأعدائه بالبتر وتوجّهه إلى طريق الشكر . حيث نال الرسول الأذى من المشركين، فهي صورة من رعاية الله المباشرة لرسوله ومن معه ، وتثبيتهم وتطمينهم ، بجميل وعده له ومرهوب وعيده لشانئه .
كما أن هذه السورة تمثل حقيقة الهدى والخير والإيمان ، من الكثرة والفيض والامتداد ، وحقيقة الضلال والشر والكفران ، من القلّة والانحسار والانبتار . وإن ظهر أول الأمر غير ذلك ، وظن الغافلون غير هذا .
فقد ورد أن سفهاء قريش كالعاص بن وائل وأبي لهب وغيرهم كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه أبتر ؛ لموت الذكور من ولده وذلك بعد وفاة ابنه القاسم ، وقال أحدهم : دعوه فإنه سيموت لا عقب وينتهي أمره . وكان لهذا الكلام رواجٌ في العرب الذين يتفاخرون ويتكاثرون بالأبناء ، ولعلها أوجعت قلب النبي الشريف ومسّته بالغم ؛ فأنزل الله هذه السورة تسلية وتقريرا لحقيقة بقاء الخير وامتداده ، وحقيقة انقطاع أعدائه وانبتارهم .
قال تعالى : ( إنا أعطيناك الكوثر )
( إنّا ) نا المتكلمين تارة تأتي للجمع وتارة تأتي للتعظيم . والله واحد فلا يمكن حملها على الجمع ، فتكون للتعظيم ؛ لبيان كبرياء الله وعظمته فهو المتفرد بالكبرياء والعظمة سبحانه . وقد صُدِّرت الآية بـ ( إنّا ) للتأكيد لأنها تجري مجرى القسم .
( أعطيناك ) وقرئت : ( أنطيناك ) بالنون بدل الهمزة ، وجاء الفعل بنون العظمة كذلك ؛ ليبيّن أن عطاء ذي الكبرياء والعظمة يتناسب مع كبريائه وعظمته سبحانه . فالمعطِي سبحانه عظيم ، والعطاء عظيم ، فهذا دليل على أن المعْطى ذو منزلة عظيمة عند ربه عز وجل .
وجاء الفعل بصيغة الماضي ( أعطيناك ) ولم يقل سنعطيك ؛ لإفادة أن هذا العطاء حاصل في الأزل ومكتوب في اللوح المحفوظ كما أن فيه إشارة إلى أن الإسعاد والإشقاء وغيرها من المطلوبات والمكروهات سبق حكم الله بها وليست أمرًا حادثا .
واختار لفظ أعطيناك دون لفظ آتيناك ؛ لأن الإيتاء يحتمل أن يكون مستحقًا فيكون واجبًا ويحتمل أن يكون تفضلا ، أما الإعطاء فإنه أقرب للتفضل . ومُشعِر بالدوام والتزايد .
وجاء بكاف الخطاب ولم يأتِ بغيره من الظمائر ؛ لأن فيه إشعار بقربه سبحانه من رسوله صلى الله عليه وسلم ولاسيما في مثل هذه الحال موت الابن وتسلط الأعداء بنعته بالأبتر . كما أنه مشعِرٌ بالخصوصية .
والكوثر على وزن فوعل من الكثرة وهو المفرط الكثرة .
قيل لأعرابيّة رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك ؟ قالت : آب بكوثر . وقال شاعرهم : وأنت كثيرٌ يا ابن مروان طيّب *** وكان أبوك ابن العقائل كوثرا .
فالكوثر: الخير الكثير الكثير؛ وهو مطلق غير محدد ، فهو خير لا ممنوع ولا مبتور ، عكس الوصف الذي أطلقه هؤلاء السفهاء . ومن تتبع هذا الكوثر فإنه واجده حيث نظر أو تصوّر ، من النبوة والاتصال بالخالق الكبير ، ومن تنزيل القرآن الذي لا نهاية لبركته وخيره ، ومن صلاة الملأ الأعلى واقتران اسمه باسم الله في الأرض وفي السماء ، ومن سنته الممتدة على مدار القرون وفي أرجاء الأرض ، والملايين بعد الملايين السائرين على أثره الهاتفين باسمه المحبين له ولسيرته . و مظاهر وجود هذا الكوثر لا يمكن إحصاؤها . لذا جاءت الآية بلا تحديد ؛ ليشمل كل ما يكثر من الخير ويزيد .
وقيل: (الكوثر) نهر في الجنة. وهو المشهور عند السلف والخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قرأها حين أنزلت عليه فقال: «أتدرون ما الكوثر؟ إنه نهر في الجنة وعدنيه ربي، فيه خير كثير» . وعن ابن عباس أنه فسر الكوثر بالخير الكثير، فقال له سعيد بن جبير: إن ناساً يقولون: هو نهر في الجنة! فقال: هو من الخير الكثير. فهو كوثر من كوثر . وهذا الأنسب في هذا السياق .
قال تعالى : ( فصل لربك وانحر ) عن عطية: هي صلاة الفجر بجمع، والنحر بمنى. وقيل: صلاة العيد والتضحية. وقيل: هي جنس الصلاة. والنحر: وضع اليمين على الشمال .
والمعنى: بعد توكيد هذا العطاء الكثير الفائض الكثرة ، على غير ما أشاع أعداؤه من أنه أبتر ؛ إرجافًا وكيدًا . وجّه سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى شكر هذا العطاء والنعم بأن يعبد الله بإخلاص وتجرّد لا شرك معه ، في الصلاة وذبح النسك ، تاركًا ما كان عليه المشركون من ذكر غير اسم الله على ذبائحهم . فالإسلام دين التوحيد الخالص المجرد الواضح ، فهو يخلّصُ الحياة ظهرها وباطنها من مظاهر الشرك ومكامنه ،ويطارده مطاردة عنيفة دقيقة .
قال تعالى : ( إن شانئك هو الأبتر ) شانئك : أبغضك من قومك لمخالفتك لهم . الأبتر : الذي لا عقب له ، ومنه الحمار الأبتر الذي لا ذَنَب له .
بعد أن بيّنت الآية الأولى بطلان ما زعم المشركون ، وأن الرسول صاحب الكوثر ، في هذه الآية يردّ الكيد على كائديه ؛ فيبيّن أن الأبتر هم شانئوه وكارهوه . وقد صدق فيهم وعيد الله في الدنيا قبل الآخرة ؛ فقد انقطع ذكرهم وانطوى . وهذا مَثَلٌ ناطق خالد للقاعدة العامة وهي : أن الإيمان والحقّ والخير والدعوة إلى الله وصاحب هذه الراية لا يمكن أن يكون أبترًا ؛ فهو ممتد الفروع عميق الجذور لأنه موصول بالله الحي الباقي الخالد ، وإنما الكفر والباطل والشرّ وحامل راياتها هو الأبتر مهما ترعرع وزها وتجبّر .



المراجع :
تفسير ابن كثير .
تفسير التحرير والتنوير .
تفسير الزمخشري .
تفسير القرطبي .
أحسنت بارك الله فيك.
- إسناد الأحاديث والأثار وبيان تخريجها لا يجب إغفاله نفع الله بك.
الدرجة:ب+

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:16 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir