1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.
بالنظر إلى الأحكام الواردة في آيات الطلاق، يظهر جليا مراعاة النفس البشرية وما جبلت عليه من صفات، وتأثرها بالبيئة حولها، فجاءت الشريعة ممهدة وميسرة للعباد أمورهم وأحوالهم الشخصية، ويظهر هذا في عدة أحكام، منها ما يلي:
- لما كان الإيلاء منتشرا في مجتمع الجاهلية، حدده الإسلام بأربعة أشهر فقط، ليعظم أمره في نفوس المؤمنين، مع جعل الطلاق لا يقع بمضي الأربعة أشهر على القائلين بهذا القول، كما استدل البعض بأنه لا كفارة فيه لختام الآية بـ {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
- جعل عدة المطلقة ثلاثة قروء، مع عدم خروجها من بيت الزوجية، وهذا لتوفير الجو لإمكانية صفاء القلوب، وعودة الحب والمودة بينهما.
- جعل الشرع الحق للرجل في إرجاع زوجته ما دامت في العدة على جهة الإصلاح دون المضارة، كما في قوله تعالى: {وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ في ذلك إن أرادوا إصلاحا}.
- إباحة الخلع إذا كان الشّقاق والنّشوز من جانب المرأة، مع التشديد على أنه ليس الأصل، كما في الحديث "لا تسأل امرأةٌ زوجها الطّلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنّة، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا".
- مخاطبة الأولياء بعدم منع المطلقات أو حبسهن إذا أرادوا الرجوع إلى أزواجهن الذين كن في عصمتهن، في قوله تعالى: {فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ}.
وفي ذلك أبلغ البيان على أن الشرع قائم على التيسير ورفع الحرج، وتحقيق مصالح العباد، وصدق الله تعالى {قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض}.
المجموعة الثانية:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
معنى (عرضة):
ذكر ابن عطية أنها على وزن فعلة بناء للمفعول، أي كثيرا ما يتعرض بما ذكر، تقول «جمل عرضة للركوب» و«فرس عرضة للجري»،
ومنه قول كعب بن زهير: من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت = عرضتها طامس الاعلام مجهول
معنى (اليمين) وسبب التسمية به:
قال ابن عطية هو الحلف، وأصله أن العرب كانت إذا تحالفت أو تعاهدت أخذ الرجل يمين صاحبه بيمينه، ثم كثر ذلك حتى سمي الحلف والعهد نفسه يمينا.
معنى (البر):
قال ابن عطية أن البر هو جميع وجوه الخير، وهو مضاد للإثم، إذ هو الحكم اللاحق عن المعاصي، و «بر الرجل» إذا تعلق به حكمها ونسبها كالحاج والمجاهد والعالم وغير ذلك.
إعراب (أن تبروا):
ذكر الزجاج أن الاختيار هنا عند جميع النحويين أن (أن) في موضع نصب، وذكر ابن عطية أن (أن تبروا) مفعول من أجله، فيكون المعنى: لا تعرضوا باليمين باللّه في أن تبروا.
معنى (سميع):
قال ابن عطية: أي لأقوال العباد عليم بنياتهم.
مقصد الآية:
ذكر ابن عطية أنه: ولا تعرضوا اسم الله تعالى للأيمان به، ولا تكثروا من الأيمان فإن الحنث مع الإكثار فيه قلة رعي لحق الله تعالى.
معنى الآية:
ذكر ابن عطية في ذلك ثلاثة أقوال، كالآتي:
القول الأول: أنهم كانوا يعتلون في البر بأنهم حلفوا، فأعلم اللّه أن الإثم إنما هو في الإقامة على ترك البر والتقوى، وإن اليمين إذا كفرت فالذنب فيها مغفور، وهو قول إبراهيم النخعي ومجاهد والربيع ومسروق، والشعبي وطاوس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وعكرمة، ومكحول، والزهري، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيان، والضحاك، وعطاء الخراساني، والسدي، وذكره الزجاج وابن كثير، واستشهد له ابن كثير بقوله تعالى: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسّعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل اللّه وليعفوا وليصفحوا ألا تحبّون أن يغفر اللّه لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ} [النّور: 22]، وبما ثبت في الصّحيحين، عن أبي موسى الأشعريّ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي واللّه -إن شاء اللّه -لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلّا أتيت الّذي هو خيرٌ وتحلّلتها".
وذكر ابن عطية بعض الأقوال التي تدخل في هذا القول:
- المعنى فيما تريدون الشدة فيه من ترك صلة الرحم والبر والإصلاح، وهو قول ابن عباس وإبراهيم النخعي ومجاهد والربيع.
- قال الطبري: التقدير لأن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا.
- وقدره المهدوي: كراهة أن تبروا.
القول الثاني: المعنى ولا تحلفوا بالله كاذبين إذا أردتم البر والتقوى والإصلاح، فلا يحتاج إلى تقدير «لا» بعد «أن»، ويحتمل أن يكون هذا التأويل في الذي يريد الإصلاح بين الناس، فيحلف حانثا ليكمل غرضه.
القول الثالث: أن يكون المعنى: إذا أردتم لأنفسكم البر، على ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «نزلت في تكثير اليمين بالله نهيا أن يحلف الرجل به برا فكيف فاجرا».
سبب نزولها:
ذكر ابن عطية في ذلك ثلاثة أقوال، كالتالي:
الأول: أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه إذ حلف أن يقطع إنفاقه عن مسطح بن أثاثة حين تكلم مسطح في حديث الإفك، وهو قول ابن جريج.
الثاني: أنها نزلت في أبي بكر الصديق مع ابنه عبد الرحمن في حديث الضيافة حين حلف أبو بكر ألا يأكل الطعام.
الثالث: أنها نزلت في عبد الله بن رواحة مع بشير بن سعد حين حلف ألا يكلمه.
2. حرّر القول في كل من:
أ: أمد منع إتيان الحائض في قوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتى يطهرن}.
ذكر المفسرون في ذلك قولين، هما:
القول الأول: بعد انقطاع الدم وزوال أذاه، وهو قول يحيى بن بكير وابن القرظي وابن عبد الحكم، ذكره ابن عطية وذكر أنه لا خلاف في كراهيته، ونقل عن ابن عباس والأوزاعي قولهم: من فعله تصدق بنصف دينار، وذكر ابن كثير أنه قول طائفة من السلف بدلالة المفهوم، ويشهد له قراءة نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه: «يطهرن» بسكون الطاء وضم الهاء.
وعند ابن حنيفة أنها تحل بمجرد الانقطاع ولا تفتقر إلى غسل، إذا انقطع دمها لأكثر الحيض، وهو عشرة أيام عنده.
القول الثاني: بعد أن تتطهر من الدم بالاغتسال بالماء، وهو قول مالك وجمهور العلماء، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير، وهو ترجيح الطبري وحكى عليه الإجماع، واستشهد له بقراءة حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل عنه «يطهّرن» بتشديد الطاء والهاء وفتحهما، وذكر ابن كثير أن التطهر بالماء هو قول ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، ومقاتل بن حيان، والليث بن سعد وغيرهم.
وذكر المفسرون بعض الأقوال في المراد بالطهر، واعتبرها ابن جرير أنها داخلة في القول الثاني، ويمكن اعتبار بعضها داخلة في القول الأول في عدم وجوب الغسل:
- هو وضوء كوضوء الصلاة، وهو قول مجاهد وعكرمة وطاوس، نقله ابن كثير عن القرطبي، وذكره ابن عطية نقلا عن ابن جرير.
- هو غسل الفرج وذلك يحلها لزوجها وإن لم تغتسل من الحيضة، ذكره ابن عطية نقلا عن ابن جرير.
- إذا طهرت الحائض وتيممت حيث لا ماء حلّت لزوجها وإن لم تغتسل، وهو قول يحيى بن بكير وابن القرظي، ذكره ابن عطية نقلا عن ابن جرير، وابن كثير.
ب: المراد بالمشركات في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}.
ذكر المفسرون في ذلك ثلاثة أقوال، هي:
الأول: أنه عامة في كل من كفر بالنبي والمراد بها الخصوص أي غير الكتابيات، وبينت الخصوص آية المائدة، وهو قول قتادة وسعيد بن جبير ومجاهد، وعكرمة، ومكحول، والضحاك، وزيد بن أسلم، والربيع بن أنس، وغيرهم، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
أما قول ابن عباس والحسن ومذهب مالك أنه تناولهن العموم ثم نسخت آية سورة المائدة بعض العموم في الكتابيات.
الثاني: أن المراد بالمشركات هنا من يشرك مع الله إلها آخر، فلم تدخل اليهوديات ولا النصرانيات في لفظ هذه الآية، ولا في معناها، ذكره ابن عطية وابن كثير.
الثالث: أن الآية عامة في الوثنيات والمجوسيات والكتابيات، وكل من كان على غير الإسلام، وهو قول ابن عباس وابن عمر، ذكره ابن عطية وقال إن الآية على هذا المعنى ناسخة للآية التي في سورة المائدة، ويؤيده قول ابن عمر في الموطأ: «ولا أعلم إشراكا أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى»، وأشار ابن كثير إلى أن ابن عمر كره نكاح أهل الكتاب، وأشار إليه الزجاج ولم يصرح به تفصيلا في قوله: من أين يقال لمن كفر بالنبي مشرك وإن قال إن اللّه عزّ وجل واحد.
والقولان الأولان متقاربان كما ذكر ابن كثير، ويقويه ما نقله ابن عطية في جواز نكاح الكتابيات عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وجابر بن عبد الله وطلحة وعطاء بن أبي رباح وابن المسيب والحسن وطاوس وابن جبير والزهري والشافعي وعوام أهل المدينة والكوفة، كما نقل ابن كثير عن ابن جرير الإجماع على جوازه، لكن كره مالك رحمه الله تزوج الحربيات لعلة ترك الولد في دار الحرب ولتصرفها في الخمر والخنزير.