بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن كثير: ({وله الدين واصبا} قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وميمون بن مهران، والسدي، وقتادة، وغير واحد: أي دائما.
وعن ابن عباس أيضا: واجبا.
وقال مجاهد: خالصا، أي: له العبادة وحده ممن في السماوات والأرض، كقوله: {أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها} هذا على قول ابن عباس وعكرمة، فيكون من باب الخبر، وأما على قول مجاهد فإنه يكون من باب الطلب، أي: ارهبوا أن تشركوا به شيئا، وأخلصوا له الطلب، كما في قوله تعالى: {ألا لله الدين الخالص} ).
أولا: ذكر الأقوال:
القول الأول : دائما :
ورد عن ابن عبّاسٍ
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وله ما في السّموات والأرض وله الدّين واصبًا، أفغير اللّه تتّقون}.
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن قيسٍ، عن الأغرّ بن الصّبّاح، عن خليفة بن حصينٍ، عن أبي نضرة، عن ابن عبّاسٍ: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا "
ورد عن مجاهد
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وله ما في السّموات والأرض وله الدّين واصبًا، أفغير اللّه تتّقون}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا "
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا "
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وله الدين واصبا قال الإخلاص واصبا يعني دائما). [تفسير مجاهد: 348].
ورد عن عكرمة
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وله ما في السّموات والأرض وله الدّين واصبًا، أفغير اللّه تتّقون}.
- حدّثني إسماعيل بن موسى، قال: أخبرنا شريكٌ، عن أبي حصينٍ، عن عكرمة، في قوله: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن قيسٍ، عن يعلى بن النّعمان، عن عكرمة، قال: " دائمًا "
ورد عن مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ
قال يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة، التيمي بالولاء، من تيم ربيعة، البصري ثم الإفريقي القيرواني (ت: 200هـ) : قَوْلُهُ: {وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} [النحل: 52] سَعِيد، عَن قَتَادَةَ، قَالَ: دَائِمًا. عن جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: دَائِمًا.
وَهُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ. (تفسير يحيى بن سلام 1/68)
ورد عن قَتَادَةَ
قال يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة، التيمي بالولاء، من تيم ربيعة، البصري ثم الإفريقي القيرواني (ت: 200هـ) : قَوْلُهُ: {وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} [النحل: 52] سَعِيد، عَن قَتَادَةَ، قَالَ: دَائِمًا.
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى وله الدين واصبا قال دائما ألا ترى أنه يقول ولهم عذاب واصب أي دائم). [تفسير عبد الرزاق: 1/357]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وله ما في السّموات والأرض وله الدّين واصبًا، أفغير اللّه تتّقون}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وله الدّين واصبًا} أي دائمًا، فإنّ اللّه تبارك وتعالى لم يدع شيئًا من خلقه إلاّ عبده، طائعًا أو كارهًا "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {واصبًا} قال: " دائمًا، ألا ترى أنّه يقول: {عذابٌ واصبٌ} أي دائمٌ؟ "
قال أبو جعفر النحاس أحمد بن محمد (ت: 338هـ) : وقوله جل وعز وله ما في السموات والأرض وله الدين واصبا : وروى معمر عن قتادة وله الدين واصبا قال دائما ألا تسمع الى قوله ولهم عذاب واصب أي دائم وكذا قال ميمون بن مهران (معاني القرآن للنحاس 4/71-72)
ورد عن آخرين
قال أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (ت: 207هـ): وقوله: وَلَهُ الدِّينُ واصِباً معناهُ: دائمًا. (معاني القرآن للفراء 2/104)
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] {وسبلا لعلكم تهتدون} قال: الطّرق {وله الدّين واصبًا} قال: دائما [الآية: 15، 52]). [تفسير الثوري: 165] .
قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت: 276هـ) : {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} أي: دائما. والدين: الطاعة. يريد: أنه ليس من أَحَدٍ يُدَانُ له ويطاع إلا انقطع ذلك عنه بزوال أو هلكة، غير الله. فإن الطاعة تدوم له. (غريب القرآن لابن قتيبة 1/243)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وله ما في السّموات والأرض وله الدّين واصبًا، أفغير اللّه تتّقون}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبدة، وأبو معاوية، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا ".
- حدّثني المثنّى قال: أخبرنا عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك مثله
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وله الدّين واصبًا} قال: " دائمًا والواصب: الدّائم ".( جامع البيان246/14-250)
القول الثاني: واجبا
ورد عن ابن عباس
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عطيّة، عن قيسٍ، عن يعلى بن النّعمان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وله الدّين واصبًا} قال: " واجبًا "
قال أبو جعفر النحاس أحمد بن محمد (ت: 338هـ) : وقوله جل وعز وله ما في السموات والأرض وله الدين واصبا : روى عكرمة عن ابن عباس قال واجبا (معاني القرآن للنحاس 4/71-72)
القول الثالث: خالصا
قال أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (ت: 207هـ): يُقال: وَصَبَ يَصِب: دام. ويُقال: خالِصًا. (معاني القرآن للفراء 2/104)
ورد عن مجاهد
- قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وله الدّين واصبًا} قال: " الإخلاص "
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: " الدّين: الإخلاص "
[جامع البيان: 14/246-250]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وله الدين واصبا قال الإخلاص واصبا يعني دائما).
قال أبو جعفر النحاس أحمد بن محمد (ت: 338هـ) : وقوله جل وعز وله ما في السموات والأرض وله الدين واصبا : وروى ابن جريج عن مجاهد وله الدين واصبا قال
الإخلاص (معاني القرآن للنحاس 4/71-72)
ثانيا :تخريج الأقوال
ذكر ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره أقوالا ثلاثة في المراد بقوله تعالى: {وله الدين واصبا}:
القول الأول: دائما. أورده عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وميمون بن مهران، والسدي، وقتادة، وغير واحد.
1-أما قول ابن عباس:
فقد رواه الطَّبَرِيُّ عن ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن قيسٍ، عن الأغرّ بن الصّبّاح، عن خليفة بن حصينٍ، عن أبي نضرة، عن ابن عبّاسٍ .
2- وروى قول مجاهد :
الطبري بسنده فقال: حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحرث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
ورواه عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ بقوله: (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح
وروى الطبري بسنده أيضا عن القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ.
3- روى قول عكرمة :
الطبري بقوله: حدّثني إسماعيل بن موسى، قال: أخبرنا شريكٌ، عن أبي حصينٍ
وبقوله: حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن قيسٍ، عن يعلى بن النّعمان
4- روى قول ميمون بن مهران:
يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة، التيمي بالولاء، من تيم ربيعة، البصري ثم الإفريقي القيرواني بسنده عن جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ.
5- لم أجد قول السدي
6- روى قول قتادة:
-يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة، التيمي بالولاء، من تيم ربيعة، البصري ثم الإفريقي القيرواني عن سَعِيد، عَن قَتَادَةَ.
-عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ عن معمر عن قتادة
-أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ عن بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، بزيادة :" فإنّ اللّه تبارك وتعالى لم يدع شيئًا من خلقه إلاّ عبده، طائعًا أو كارهًا "
وعنه عن محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ عن قتادة.
-أبو جعفر النحاس أحمد بن محمد عن معمر عن قتادة.
وروي هذا القول كذلك عن سفيان الثوري والضحاك وابن زيد ، وقال به الفراء وابن قتيبة
القول الثاني : واجبا
رواه الطبري والنحاس عن عكرمة، وأورده الطبري بسنده عن أبي كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عطيّة، عن قيسٍ، عن يعلى بن النّعمان، عن عكرمة.
القول الثالث :خالصا
رواه الطبري بسنده عن محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، وحدّثني المثنّى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ
ورواه بسنده أيضا عن القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ.
ورواه النحاس أيضا عن ابن جريج.
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات