تلخيص مقاصد رسالة "الفرق بين العبادات الشرعية والعبادات البدعية" لشيخ الإسلام ابن تيمية.
مصدر التشريع:
-أصل الدين:
الحلال ما أحله اللّه ورسوله والحرام ما حرمه اللّه ورسوله والدين ما شرعه اللّه ورسوله؛ ليس لأحد أن يخرج عن الصراط المستقيم الّذي بعث اللّه به رسوله.
فإن الدين أصله متابعة النبي صلى اللّه عليه وسلم وموافقته بفعل ما أمرنا به وشرعه لنا وسنه لنا ونقتدي به في أفعاله التي شرع لنا الاقتداء به فيها بخلاف ما كان من خصائصه.
قال اللّه تعالى:{وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون}.
-اضطراب الناس في الحلال والحرام:
أحلوا ما حرم الله وحرموا ما أحل الله, وأحدثوا عبادات لم ياذن بها الله, فشرعوا دينًا لم يأذن به اللّه,
قال تعالى:{ أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به اللّه}.
مثاله:
تحريم بعض الأنعام كالبحيرة والسائبة.
استحلال قتل أولادهم.
جعلوا أمورا محرمة عبادات, مثل: الطواف بالبيت عراة وغير ذلك.
-بيان العبادات المشروعة:
-تعريف العبادات المشروعة:
هو سبيل اللّه وهو البر والطاعة والحسنات والخير والمعروف وهو طريق السالكين ومنهاج القاصدين والعابدين.
فهو ما كان محبوبا للّه ورسوله مرضيا للّه ورسوله فهو من العبادات المشروعة الّتي يتقرّب بها إلى اللّه تعالى.
كيفية معرفة أن الأمر عبادة:
ما أمر به النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من العبادات أمر إيجابٍ أو استحبابٍ فهو مشروعٌ وكذلك ما رغّب فيه وذكر ثوابه وفضله.
ولا يجوز أن يقال إن هذا مستحب أو مشروع إلّا بدليل شرعي، ولا يجوز أن يثبت شريعة بحديث ضعيف.
-أنواع العبادات
إمّا واجب وإمّا مستحب:
قال -عليه الصلاة والسلام- فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه...)الحديث.
مثاله:
الصلاة منها فرض وهي الصلوات الخمس ومنها نافلة كقيام الليل.
الصيام فيه فرض وهو صوم شهر رمضان ومنه نافلة كصيام ثلاثة أيام من كل شهر.
الصدقة منها ما هو فرض ومنها ما هو مستحبّ وهو العفو.
-أصول العبادات الدينية.
أصولها الصلاة والصيام والقراءة كما جاءا في الصحيحين في حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص لمّا أتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: (ألم أحدَّث أنّك قلت لأصومنّ النّهار ولأقومنّ اللّيل ولأقرأنّ القرآن في ثلاثٍ؟ ...)الحديث.
ولمّا كانت هذه العبادات هي المعروفة قال في حديث الخوارج الّذي في الصّحيحين: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم ...)الحديث.
-العبادات البدعية:
-أسباب وقوع الناس في البدعة:
1-الغلو.
2-الجهل.
-متى وقعت العبادات البدعية:
بدأ وقوعها في المتأخرين لا في زمن الصحابة والتابعين.
-استبدال العبادات المشروعة بالغير مشروعة:
الفعل الذي لم يشرعه النبي-عليه الصلاة والسلام- لنا ولا أمرنا به ولا فعله فعلا سن لنا أن نتأسى به فيه فهذا ليس من العبادات والقرب، فاتخاذ هذا قربة مخالفة له صلى اللّه عليه وسلم.
-الآثار السيئة للعبادات البدعية:
أهل العبادات البدعية يزين لهم الشيطان تلك العبادات ويبغض إليهم السبل الشرعية حتى يبغضهم في العلم والقرآن والحديث فلا يحبّون سماع القرآن والحديث ولا ذكره.
وقد يبغض إليهم حتى الكتاب فلا يحبون كتابا ولا من معه كتاب ولو كان مصحفا أو حديثا.
وهم من أرغب الناس في السماع البدعي سماع المعازف ومن أزهدهم في السماع الشرعي سماع آيات اللّه تعالى.
منهم من يظن أنه يلقن القرآن بلا تلقين، ويقول بعضهم: أخذوا علمهم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت، وهذا يقع لكن منهم من يظن أنما يلقى إليه من خطاب أو خاطر هو من اللّه تعالى بلا واسطة وقد يكون من الشيطان, وليس عندهم فرقان يفرق بين الرحماني والشيطاني.
ثمّ إن هؤلاء لما ظنوا أن هذا يحصل لهم من اللّه بلا واسطة صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول، يقول أحدهم: فلان عطيته على يد محمد وأنا عطيتي من اللّه بلا واسطة.
الرد عليهم:
-يقال له من أين لك أن هذا إنما هو من اللّه لا من الشيطان وإلقائه ووسوسته؟ فلا بد من دليل يبين أنّ ما حصل لكم هو الحق.
-ويقال: بل هذا من الشيطان لأنه مخالف لما بعث اللّه به محمدا صلى اللّه عليه وسلم خاصة إن كان حصل بسبب عبادة شركية أو فعل كبيرة من الكبائر.
--مثال على جنس من العبادات البدعية وبيان المفهوم الصحيح لها:
-الخلوات البدعية:
هيئتها: تشتبه بالاعتكاف الشرعي، والاعتكاف الشرعي يكون في المساجد كما كان النبي صلى اللّه عليه وسلّم يفعله هو وأصحابه من العبادات الشرعية.
-أدلتهم على مشروعيتها:
احتجوا بتحنث النبي-عليه الصلاة والسلام- بغار حراءٍ قبل الوحي, ويقولون في غار حراء حصل بعده نزول الوحي, فتمسكوا بما كان قبل النّبوّة.
-الرد عليهم:
ما فعله صلى اللّه عليه وسلم قبل النبوة وشرعه بعد النبوة فنحن مأمورون باتباعه فيه وإلّا فلا.
وبعد النبوة لم يصعد إلى غار حراءٍ ولا خلفاؤه الرّاشدون.
العبادات التي جاء بها -عليه الصلاة والسلام-بعد النّبوة كالصلاة والاعتكاف في المساجد تغني عن إتيان حراء.
-أول من سن إتيان غار حراء:
كانوا يأتونه في الجاهلية ويقال إنّ عبد المطّلب هو من سنّ لهم إتيانه؛ لأنّه لم تكن لهم هذه العبادات الشّرعيّة الّتي جاء بها بعد النّبوّة صلوات اللّه عليه كالصّلاة والاعتكاف في المساجد.
-ما أحدثوه من شروط وحدود للخلوات:
منهم من يجعل الخلوة أربعين يومًا, ويعظّمون أمر الأربعينية محتجين بأن اللّه تعالى واعد موسى -عليه السّلام- ثلاثين ليلةً وأتمّها بعشر.
وقد روي أنّ موسى عليه السلام صامها وصام المسيح أيضًا أربعين للّه تعالى وخوطب بعدها, فيقولون يحصل بعدها الخطاب والتّنزّل, فتمسكوا بشرع منسوخ.
ومنهم من يأمر صاحب الخلوة أن لا يزيد على الفرض لا قراءة ولا نظرًا في حديثٍ نبويٍّ ولا غير ذلك.
وقد يأمره بالذكر ثم قد يقول : ذكر العامة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصة الخاصة: " هو هو ".
ويأمرونه بتفريغ قلبه من كلّ شيءٍ حتّى قد يأمروه أن يقعد في مكانٍ مظلمٍ ويغطّي رأسه ويقول: اللّه اللّه، وهم يعتقدون أنّه إذا فرّغ قلبه استعدّ بذلك فينزل على قلبه من المعرفة ما هو المطلوب.
ومن أهل هذه الخلوات من لهم أذكار معينة وقوت معيّن ولهم تنزلات معروفة.
ومما يأمرون به الجوع والسهر والصمت مع الخلوة بلا حدود شرعية، بل سهر مطلق وجوع مطلق وصمت مطلق مع الخلوة.
حكم الذكر المفرد:
الذّكر بالاسم المفرد مظهرا ومضمرا بدعة في الشرع وخطأ في القول واللغة فإن الاسم المجّرّد ليس هو كلاما لا إيمانا ولا كفرا, وليس هو بكلام يُعقل ولا فيه إيمانٌ
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر.
.
حقيقة ما يحصل في الخلوات البدعية:
من سلك هذه العبادات البدعيّة أتته الشياطين وحصل له تنزّل شيطاني وخطاب شيطاني.
وبعضهم يطير به شيطانه.
وبعضهم طلب أن يحصل له من جنس ما حصل للأنبياء من التّنزّل فنزلت عليهم الشّياطين لخروجهم عن شريعة النبي-عليه الصلاة ة السلام.
ومنهم من يأمر مريده بأن يقول هذا الاسم مرات فإذا اجتمع قلبه ألقى عليه حالًا شيطانيًّا فيلبسه الشّيطان ويخيّل إليه أنّه قد صار في الملأ الأعلى وأنّه أعطي ما لم يعطه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة المعراج ولا موسى عليه السّلام يوم الطّور.
ويلات الخلوات على أصحابها:
من أصحابها من يتمسّك بجنس العبادات الشّرعيّة مع الابتداع فيها، وأكثرهم يخرجون إلى أجناسٍ غير مشروعة كالذكر المفرد.
تنزل الشياطين عليهم.
ومنهم من يدخل في وحدة الوجود في أول الأمر.
من صور واسباب تنزل الشيطان على الإنسي:
قصد أصحاب الخلوات الأماكن الّتي ليس فيها أذان ولا إقامةٌ ولا مسجدٌ يصلّى فيه الصّلوات الخمس؛ إمّا مساجد مهجورةٌ وإمّا غير مساجد مثل الكهوف والغيران , ومثل مقابر من يُحسن به الظّنّ بهم, ومثل المواضع الّتي يقال إنّ بها أثر نبيٍّ أو رجلٍ صالحٍ، ولهذا يحصل لهم في هذه المواضع أحوالٌ شيطانيّةٌ يظنّون أنّها كراماتٌ رحمانيّةٌ.
مثل: أن يرى صاحب القبر قد جاء إليه ويقول: أنا فلانٌ، وربّما قال له: نحن إذا وضعنا في القبر خرجنا.
كما يتصور الشيطان بصورة الإنس في اليقظة والمنام فيأتي ويقول: أنا الشّيخ فلان أو العالم فلان،.
ومنهم من يظن أنّه حين يأتي إلى قبر نبي أن النبي يخرج من قبره في صورته فيكلمه،
ومنهم من رأى في دائرة ذرى الكعبة صورة شيخٍ قال إنه إبراهيم الخليل،
ومنهم من يظن أن النبي صلى اللّه عليه وسلم خرج من الحجرة وكلمه، وجعلوا هذا من كراماته.
أما الخلوات الشرعية:
- فهي إما مأمور به إيجابا كاعتزال الأمور الحرمة ومجانبتها كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}
- أو مأمور به استحبابا, كاعتزال الناس في فضول المباحات وما لا ينفع وذلك بالزهد فيه, قال طاوس: نعم صومعة الرّجل بيته يكفّ فيه بصره وسمعه.
- وإذا تخلى الإنسان في بعض الأماكن لتحقيق عمل, مع محافظته على الجمعة والجماعة فهذا حق ودليله: (أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سئل: أي الناس أفضل؟... فذكر منهم: (ورجلٌ معتزل في شعب من الشعاب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويدع الناس إلّا من خير) الحديث.
معنى التخلية والتحلية الشرعي:
أن يفرّغ قلبه ممّا لا يحبّه اللّه ويملأه بما يحبّه اللّه.
يفرّغه من عبادة غير اللّه ويملؤه بعبادة اللّه.
وككذلك يفرّغه عن محبّة غير اللّه ويملؤه بمحبّة اللّه.
وكذلك يخرج عنه خوف غير اللّه ويدخل فيه خوف اللّه تعالى.
وينفي عنه التّوكّل على غير اللّه ويثبّت فيه التّوكّل على اللّه.
وهذا هو الإسلام المتضمّن للإيمان الّذي يمدّه القرآن ويقوّيه لا يناقضه وينافيه، كما قال جندبٌ وابن عمر: " تعلّمنا الإيمان ثمّ تعلّمنا القرآن فازددنا إيمانًا ".
الإيمان بالرسل وما يضاده:
ما يتضمنه الإيمان بالرسل:
الإيمان بما أوتوه والاقتداء بهم وبهداهم، قال تعالى:{قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون} وقال تعالى:{أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده}.
والإيمان أن محمدا -صلّى اللّه عليه وسلّم- خاتم النّبيّين لا نبيّ بعده, وقد نسخ بشرعه ما نسخه من شرع غيره فلم يبق طريق إلى اللّه إلّا باتّباع محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
الاقتداء بأفعال النبي عليه الصلاة والسلام:
ما فعله النبي صلى اللّه عليه وسلم على وجه التعبد فهو عبادة يشرع التأسي به فيه، فإذا خصّص زمانًا أو مكانًا بعبادة كان تخصيصه بتلك العبادة سنّةً، فالتّأسّي به أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الّذي فعل لأنّه فعل، وذلك إنّما يكون بأن يقصد مثلما قصد، بخلاف من كان قصده غير قصده أو فهذا ليس بمتابع له.
أما ما فعله اتفاقا, مثل نزوله في السّفر بمكان ، فالخلفاء الرّاشدون وجمهور الصّحابة لم يستحبوا قصد متابعته؛ لأن هذا ليس بمتابعة له إذ المتابعة لا بد فيها من القصد فإذا لم يقصد هو ذلك الفعل كان في قصده غير متابعٍ له.
و كان ابن عمر يحبّ أن يفعل مثل ذلك، وكان يقول: وإن لم يقصده؛ لكن نفس فعله حسن على أي وجه كان فأحب أن أفعل مثله إما لأن ذلك زيادة في محبته وإما لبركة مشابهته له.
تقص الإيمان بالرسل:
وأنّهم آمنوا ببعض ما جاءت به الرّسل وكفروا ببعض.
قالوا بأن النبوة مكتسبة, وزعموا أن كل ما يحصل في القلوب من العلم للأنبياء وغيرهم فإنّما هو من "العقل الفعّال".
ومنهم من يزعم أنّه حصل له أكثر ممّا حصل للأنبياء, فإذا تفرّغ صفا قلبه - عندهم - وفاض على قلبه من جنس ما فاض على الأنبياء
وعندهم أنّ موسى بن عمران -صلّى اللّه عليه وسلّم- كُلّم من سماء عقله؛ لم يسمع الكلام من خارجٍ فلهذا يقولون إنّه يحصل لهم مثل ما حصل لموسى وأعظم ممّا حصل لموسى..
وأبو حامدٍ يقول إنّه سمع الخطاب كما سمعه موسى -عليه السّلام- وإن لم يُقصد هو بالخطاب
وهذا نقص إيمانهم بالرّسل, فآمنوا ببعض ما جاءت به كفروا ببعض
الرد عليهم:
- أن ما يسمونه " العقل الفعّال " باطل لا حقيقة له.
- أن ما يجعله اللّه في القلوب يكون بواسطة الملائكة إن كان حقا, ويكون بواسطة الشياطين إذا كان باطلًا, وهم يزعمون أن الملائكة والشياطين صفات لنفس الإنسان فقط.وهذا باطل لا اصل له
- لم يكن ما حصل للأنبياء مجرد فيض, بل جاءتهم الملائكة بالوحي.
- إذا فُرّغ القلب من كلّ خاطرٍ فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حق؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ، وكلاهما لم يدلّ على ذلك.
- إذا فرّغ القلب حلت فيه الشّياطين ثم تنزّلت عليه؛ لأن ذكر الله يمنع الشياطين من الدخول إلى قلب ابن آدم, قال تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ} .
- الّذي فرّغ قلبه لم يكن هناك قلب آخر يحصل له به التّحلية.
- هذه الطّريقة لو كانت حقا فإنّما تكون في حق من لم يأته رسول فأما من أتاه رسول وخالفه فقد ضل, لو قدّر أنّها طريقٌ لبعض الأنبياء لكانت منسوخةً بشرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فكيف وهي طريقةٌ جاهليّةٌ لا توجب الوصول إلى المطلوب إلّا بطريق الاتّفاق بأن يقذف اللّه تعالى في قلب العبد إلهامًا ينفعه؟
- لو كانت العلوم تنزل على القلوب من النّفس الفلكيّة كما يزعم هؤلاء فلا فرق في ذلك بين النّاظر والمستدلّ والمفرّغ قلبه فتمثيل ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم تمثيلٌ باطلٌ.
-مكائد الشيطان لبني آدم:
استبدال النصوص الشرعية بالنصوص البدعية:
حرفوا كلام الله عن مواضعه بتحريفهم لمعاني الألفاظ الشرعية فأخذوا أسماء جاء بها الشرع فوضعوا لها مسميات مخالفة لمسميات صاحب الشرع ثم صاروا يتكلمون بتلك الأسماء فيظن الجاهل أنهم يقصدون بها ما قصده صاحب الشرع.
يقول الغزالي إن العلم منقوش في النفس الفلكية؛ ويسمي ذلك " اللّوح المحفوظ " تبعًا لابن سينا، وهذا كلفظ " الملك " و " الملكوت " و " الجبروت " و " اللّوح المحفوظ " و " الملك " و " الشّيطان " و " الحدوث " و " القدم " وغير ذلك.
-من أسباب الأحوال الشيطانية:
صرف عبادة غير شرعية مثل أن يقال له: اسجد لهذا الصنم حتى يحصل لك المراد، فيحصل لهم بالشرك كما كان يحصل للمشركين وكانت الشّياطين تتراءى لهم أحيانًا وقد يخاطبونهم من الصّنم ويخبرونهم ببعض الأمور الغائبة أو يقضون لهم بعض الحوائج.
قد يكون سببه سماع المعازف, والمعازف هي خمر النّفوس تفعل بالنّفوس أعظم ممّا تفعل حميّا الكؤوس فإذا سكروا بالأصوات حلّ فيهم الشّرك ومالوا إلى الفواحش وإلى الظّلم فيشركون ويقتلون النّفس الّتي حرّم اللّه ويزنون.
وقد يكون سببه نذرًا لغير اللّه سبحانه وتعالى، مثل أن ينذر لصنم أو كنيسةٍ أو قبرٍ أو نجمٍ أو شيخٍ ونحو ذلك من النّذور الّتي فيها شركٌ، فإذا أشرك بالنّذر فقد يعطيه الشّيطان بعض حوائجه.
سد ذرائع الشرك:
1-النهي عن اتخاذ القبور مساجد:
قال تعالى:{ وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا}.
قال عليه الصلاة والسلام: (فلا تتّخذوا القبور مساجد فإنّي أنهاكم عن ذلك).
فهذه نصوصه الصّريحة توجب تحريم اتّخاذ قبورهم مساجد مع أنّهم مدفونون فيها وهم أحياءٌ في قبورهم، ويستحبّ إتيان قبورهم للسلام عليهم ومع هذا يحرم إتيانها للصّلاة عندها واتّخاذها مساجد.
2-النهي عن تتبع آثار الأنبياء:
ثبت الإسناد الصّحيح عن عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه أنّه كان في السّفر فرآهم ينتابون مكانًا يصلّون فيه فقال: "ما هذا؟ قالوا: مكانٌ صلّى فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: أتريدون أن تتّخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ إنّما هلك من كان قبلكم بهذا، من أدركته فيه الصّلاة فليصلّ فيه وإلّا فليمض".
ولم يكن ابن عمر ولا غيره من الصّحابة يقصدون الأماكن الّتي كان ينزل فيها النبي-صلى الله عليه وسلم- ويبيت فيها مثل بيوت أزواجه ومثل مواضع نزوله في مغازيه, فالأمكنة نفسها اتفق الصحابة على أنّه لا يعظّم منها إلّا ما عظّمه الشّارع.
3-النهي عن تخصيص بعض البقاع للعبادة:
لم يشرع اللّه تعالى للمسلمين مكانا يقصد للصلاة إلا المسجد ولا مكانا يقصد للعبادة إلّا المشاعر، وما ثم مكان يقصد بعينه إلّا المساجد والمشاعر وفيها الصلاة والنسك، قال تعالى:{قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه ربّ العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت}، وما سوى ذلك من البقاع فإنّه لا يستحب قصد بقعة بعينها للصلاة ولا الدعاء ولا الذكر إذ لم يأت في شرع اللّه ورسوله قصدها لذلك .
الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان:
إنّما هو الفرقان الّذي بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فهو {الّذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا}، وهو الّذي فرّق اللّه به بين الحقّ والباطل وبين الهدى والضّلال وبين الرّشاد والغيّ وبين طريق الجنّة وطريق النّار وبين سبيل أولياء الرّحمن وسبيل أولياء الشّيطان.
المقصد الكلّي للرسالة:
العبادات والفرق بين شرعيّها وبدعيّها, والفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان, والفرق بين الأحوال الرحمانية والأحوال الشيطانية.
المقاصد الفرعية:
- مصادر التشريع.
- بيان العبادات المشروعة.
- -العبادات البدعية.
- مثال على جنس من العبادات البدعية وبيان المفهوم الصجيح لها.
- الإيمان بالرسل وما يضاده.
-مكائد الشيطان لبني آدم.