دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 محرم 1440هـ/26-09-2018م, 01:15 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب المقاصدي

تطبيقات على درس الأسلوب المقاصدي
الدرس (هنا)

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 محرم 1440هـ/29-09-2018م, 10:30 PM
عبد الكريم محمد عبد الكريم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 194
افتراضي

{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون}[البقرة:74]

يحكي الله لنا في هذه الآية حال بني إسرائيل محذرا من صنيعهم و مبينا خطورته و ذاما له، و ذكر جل في علاه قدرته و عظمته فسبحانه من خالق عظيم، و لعلنا نقف مع ما ييسر الله من كنوز هذه الآية.
يبين سبحانه أن هذه القسوة جات بعد تكرار الآيات عليها [ ثم ] فهل يليق أن يترتب على ما شاهدتم و عاينتم من الآيات العظيمة الكفر و قسوة القلب و عدم تغيره، و لذلك قال سبحانه [ من بعد ذلك ] كيف تكفرون به و قد رأيتم آياته و شاهدتم بأم أعينكم قدرته و عايشتم بأنفسكم هذه العظمة.
و لكن القلوب حين تتصلب و تتحجر لا يستغرب منها شيء.
و يبين سبحانه إلى مدى وصلت هذه القلوب من القسوة، و هو شيء عجيب، أن تصل القلوب و هي تلك المضغة اللينة من القساوة و التحجر ما يفوق الحجارة و يتجاوزها، فلا يؤثر فيها شيء، و لا تستجيب، بل هي في غيها سادرة.
و هذه الآية هي من الآيات العظيمة التي لابد للمؤمن أن يقف عندها و يراجع فيها نفسه و ينظر إلى قلبه و ما مدى استجابته و تأثره، و ما موقفه من آيات الله و أوامره و نواهيه.
و هنا سؤال : لماذا كان التركيز على قسوة القلب؟ و ما هو الأثر المترتب على قسوة القلب؟ و ما الذي سيحدث عند قسوة القلب؟
إن قسوة القلب من أعظم ما يفسد العلاقة بين العبد و ربه و ربما قطعتها نهائيا فلا يكون هناك وصال بين العبد و ربه، فالله أخبرنا بأن يقدر بعض الأقدار المؤلمة ليعود العباد إلى ربهم، لكن قساة القلب لا يعودون {وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُون * فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون}[الأنعام:43]
و هذا مشاهد فمن الناس من تعرض له المصائب و ربما عمل فيها بما يرضي ربه ليخرج منها ثم ما يلبث أن يعود كما يفعل المشركون عند المصائب {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُون}[العنكبوت:65]
فالبلاء يعيدهم إلى الله لكن قسوة القلوب تمنعهم من الاستمرار فهو رجوع مؤقت و تأثر عابر لم يصل إلى أعماق القلب و لم يغير ما بداخل النفوس و السبب تلك القسوة و التحجر التي بقلوبهم.
و القلوب إذا قست أخذت في البحث عن ما يوافق قسوة قلوبها، من التخفف من الأوامر و سولك الطرق الموصلة إلى هوى النفوس{ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ }[المائدة:13]

و قسوة القلب قد تكون بسبب المعاصي و قد تكون عقوبة على المعاصي{فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً }[المائدة:13]
و هذه القسوة هي حقيقة مؤلمة و هي شيء مفزع متى ما حل بالقلب فهو على خطر عظيم، وهي نتيجة حتمية للبعد عن ذكر الله كما قال سبحانه{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُون}[الحديد:16]
لما ابتعدت هذه القلوب عن ذكر الله و عن كتابه أصابتها القسوة

و شبه الله هذه القسوة بتشبيه مخيف، فجعل القلوب كالحجارة، لأنه لما عبر عن هذه القلوب بالقسوة، فكان أشهر الأشياء بالقسوة هو الحجر، و هذا محسوس و معروف لدى الناس، ثم أكد سبحانه بأن هذه القلوب أشد قسوة من الحجارة، فيا الله أي قلوب هذه التي تفوق الحجارة في القساة و الشدة! إنها القلوب المعرضة التي لا تستجيب لداع و لا تلين.
و وجه الشبه بين هذه القلوب و الحجارة هي عدم قبول التحول و فاقت هذه القلوب تلك الحجارة لأنها غير قابلة للتحول و الحجارة قد يعتريها التحول بالتشقق و السقوط و التفرق.
و قد رتب الله تأثر هذه الحجارة :
- فمنها ما يتفجر منه الأنهار .
- و منها ما يتشقق فيخرج منه الماء.
- و منها ما لا يتفجر و لا يتشقق و لكنه يهبط من خشية الله.
قال ابن عاشور : و من بديع التخلص تأخر قوله تعالى [وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ] و التعبير عن التسخر لأمر التكوين بالخشية ليتم ظهور تفضيل الحجارة على قلوبهم في أحوالها التي نهايتها الامتثال للأمر التكويني مع تعاصي قلوبهم عن الامتثال للأمر التكليفي ليتأتى الانتقال إلى قوله تعالى [وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون] و قوله [أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ]. انتهى
وهذه القسوة التي تعيشها القلوب ليست محسوسة بل هي معنوية فحين تعرض عن الحق و تستكبر فهي تقوم بأفعال معنوية ينتج عنها أمر معنوي و هو القسوة التي تعيشها تلك القلوب.
و لطائف هذه الآية التي تحرك القلوب ما ذكره سبحانه من عظيم قدرته في هذه الحجارة التي هي صماء قاسية فيجعل منها منابع للماء و مجاري للأنهار، و يجعلها معظمة له سبحانه، فهذه الحجارة الثابتة الصلبة تخر و تسقط من خشيتها من ربها.
و لما كانت القلوب بهذا القسوة فقد فضل الله الحجارة عليها و جعلها خير من تلك القلوب القاسية لما فيها من النفع المذكور في الآية بتفجر الأنهار و خروج الماء و خشية الله..
و الخشية : هي الخوف المقرون بالعلم.
فذكر الخشية هنا مناسب جدا، فالحجارة علمت عظمة الله فخشيته و تساقطت و قلوب المعاندين علمت عظمة الله و شاهدتها أمامها و عايشت وقائع القدرة الألاهية و مع ذلك تستمر في قسوتها و عنادها.
ثم ختم الله الآية بقوله [وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون] فهو واسع العلم سبحانه لا يخفى عليه شيء و لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات و لا في الأرض.
و من يعلم علم اليقين بهذا العلم الإلاهي فلا بد أن يقوده لتعظيمه و خشيته.
فسبحانه من خالق عظيم.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 محرم 1440هـ/29-09-2018م, 11:13 PM
هويدا فؤاد هويدا فؤاد غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 164
افتراضي تطبيقات على درس الأسلوب المقاصدى

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة في تفسير قول الله تعالى: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } الأعراف: 199
خلق الله تعالى الإنسان –وهو اعلم به من نفسه- وركب فيه من الطبائع والأخلاق ما تقوم به آدميته، وأخبر فى كتابه العزيز بما اتصف به كل إنسان وما فُطر عليه، وما نُدب له من صالح السجايا، وجميل الخصال، وله فى ذلك الحكم الظاهرة والمقاصد الباهرة، فلما طال على الناس الأمد وابتعدوا عن الوحى تغيرت فطرهم وانقلبت أحوالهم، فجاء الإسلام يمثل منهجا ربانيا لهذه الأمة جميعها، ويُعد سبيل للهداية وطريقا للسلامة من الضلال والغواية، والمتأمل المتدبر لكتاب الله تعالى يتجلى له من الأسرار والغايات الحميدة التى وضعها الشارع فى المعانى والحكم وكافة شئون الحياة ما تتحقيق به المصلحة العامة للعباد، والتى تُعد علاجا شافيا وسببا ناجعا فى تشخيص مشكلات الأمة وهمومها جميعا، وذلك من إحكام الله وكمال رحمته،فالقرآن الكريم كتاب أدب وخلق وتربية.
وسيقت هذه الآية فى سورة الأعراف، آمرا الله تعالى نبيه –صلى الله عليه وسلم- أمرا عاما يدخل فيه كل من مسلم من أمته إلى يوم الدين، فعن جعفر الصادق فى هذه الآية: "أمر الله نبيه –عليه الصلاة والسلام- بمكارم الأخلاق، وليس فى القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها". فالآية تضع منهجا ربانيا فى معاملة الناس على الوجه الذى لا تتواغل فيه الصدور، ولا تتقطع به الأرحام والصلات، فهى جامعة لحسن الخلق مع الناس، وما ينبغي في معاملتهم، فمحاسن الأخلاق مقصد عظيم من مقاصد القرآن الكريم.
فقوله تعالى: {خُذِ العَفْوَ}أى: عامل به واجعله وصفا لك ولا تتلبس بضده، فاقبل من أخلاق الناس وأعمالهم ما جاء سهلا بغير كلفة ولا مشقة كل حسب حاله واستطاعته بغير تجسس، فلا تكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم، بل اشكر من كل أحد ما قابلك به، من قول وفعل جميل أو ما هو دون ذلك، وتساهل وتجاوز عن تقصيرهم وغض الطرف عن نقصهم، وأقبل أعذارهم، ولا تتكبر على الصغير لصغره، ولا ناقص العقل لنقصه، ولا الفقير لفقره، بل عامل الجميع باللطف والمقابلة بما تقتضيه الحال وتنشرح له صدره، فقد عمت الآية صور العفو كلها، وقد ورد أنه لما نزلت قال رسول الله ﷺ: ”ما هذا يا جبريل قال: إن الله تعالى أمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك.
فما نراه اليوم من سوء ظن بين الناس، وعدم تقبل أعذارهم فيما يصدر منهم من أعمال وأخلاق -على اختلاف طبائعهم-، على المستوى العائلى والمستوى الاجتماعى، والعلاقات العامة بكافة صورها، ما يُبين ضرورة التأدب بآداب الشرع والعمل بها، حتى تستقيم الأمور.
ولما أمر الله تعالى رسوله –صلى الله عليه وسلم- بذلك فى نفسه، ثنى عليه بأن يأمر به جميع الناس قريبهم وبعيدهم، مؤمنهم وكافرهم، فقال تعالى: {وأْمُرْ بِالعُرْفِ} أى: كل خصلة حسنة ترتضيهما العقول وتطمئن إليها النفوس مما لا ترده الشريعة، من تعليم علم، أو حث على خير، من صلة رحم، أو بِرِّ والدين، أو إصلاح بين الناس، أو نصيحة نافعة، أو رأي مصيب، أو معاونة على بر وتقوى، أو زجر عن قبيح، أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة دينية أو دنيوية، قال الشاعر:
من يفعل الخير لا يَعْدَم جَوازِيَه لا يذهب العُرْف بين الله والناس
ويدخل فى الأمر بالعرف -بدلالة المفهوم- النهى عن ضده وهو المنكر، ويدخل فى الأمر بالمعروف الاتسام به والتخلق بخلقه، لأن شأن الآمر بشىء أن يكون متصفا بمثله، كما قال أبو الأسود:
يا أيُّها الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيْرَهُ ∗∗∗هَلّالِنَفْسِكَكانَذاالتَّعْلِيمُ
ولما كان الآمر بالمعروف والناهى عن المنكر لابد أن يتعرض لأذية الجاهل، فأمره الله تعالى بالاعراض عنه، فقال سبحانه: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} أى: عدم مقابلتهم بجهلهم،وسفههم، ولا تُمارهم، فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه، ومن حرمك لا تحرمه، ومن قطعك فَصِلْهُ، ومن ظلمك فاعدل فيه. ويؤيد ذلك ما ساقه القرآن فى صفات الكمل من عباد الرحمن: {وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} الفرقان :63، وما رواه أحمد والترمذى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَابْتَدَأْتُهُ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبَرْنِي بِفَوَاضِلِ الْأَعْمَالِ. فَقَالَ: "يَا عُقْبَةُ، صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَأَعْرِضْ عَمَّنْ ظَلَمَكَ".
وروى البخاري عن ابن عباس أن عيينة بن حصين قال لعمر بن الخطاب: هي يا ابن الخطاب! فوالله، ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل، فغضب عمر، حتى همّ أن يوقع به. فقال له الحرّ بن قيس: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } ، وإن هذا من الجاهلين. قال ابن عباس: والله! ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافاً عند كتاب الله عز وجل.
وقد امتثل الرسول –صلى الله عليه وسلم- لأمر ربه ، ولما سُئلت عائشة –رضى الله عنها- عن خلق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، قالت: "كان خلقه القرآن". وقال –صلى الله عليه وسلم-: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
نسأل الله العظيم أن يرزقنا التخلق بأخلاق القرآن وأن يجعلنا هداة مهتدين.
__________________
المراجع:
- مفاتيح الغيب — فخر الدين الرازي (٦٠٦ هـ)
- البحر المحيط — أبو حيان (٧٤٥ هـ)
- نظم الدرر — البقاعي (٨٨٥ هـ)
- فتح البيان — صديق حسن خان (١٣٠٧ هـ)
- تيسير الكريم الرحمن — عبد الرحمن السعدي (١٣٧٦ هـ)
- التحرير والتنوير — ابن عاشور (١٣٩٣ هـ)

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 20 محرم 1440هـ/30-09-2018م, 12:26 AM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

التطبيق
رسالة تفسيرية بالأسلوب المقاصدي قوله تعالى " إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدو إلا إياه "
1-قوله " إن الحكم إلا لله " اُسلوب حصر وقصر مؤكد ، باختصاص الحكم لله وحده سبحانه .
2- أنواع حكم الله ثلاثة :
حكم شرعي ، " الأمر والنهي "
حكم قدري " القضاء والقدر "
حكم جزائي " الثواب والعقاب "
وهي أنواع بينها علاقات ، ولكل منها حكم وآثارها عظيمة ، وهي متسقة تدل على العظمة والشمول والإحاطة بأحوال المكلفين
وتؤدي إلى زيادة أسباب تحصيل اليقين بالله .
3-ارتباط أحكام الله الشرعية بقيام المصالح ودرء المفاسد ، حسب اتباع هدى الله .
4-الأحكام القدرية فيها الحكمة واللطف .
5-الأحكام الجزائية تدور بين العدل والإحسان وهي أحكام تحيط بأحوال الناس كلها ، مما يدل على وحدانية الله ، وعجز ما سواه ،
ولا تضيع الحقوق عند الله سبحانه ، ولا يفوت مجرم ولا يخرج أحد عن دائرة الحكم القدري الجزائي
وقد يهرب من الحكم الدنيوي لكن يصاب بنفسه وماله وعياله ، ولا يكون في ضمان الله سبحانه ، عكس المظلوم الذي لا يتعدى ولا يسخط من حكم الله ولا يتعدى على عبادة فهو في ضمان الله ، فيأتيه حقه بالحكم القدري أو الجزائي.
الحكم القدري قد يقع عقوبة أو ابتلاء أو استدراج أو تنبيه ، وأما الجزائي فمتعلق بالثواب والعقاب الدنيوي والأخروي
الحكم الجزائي نوعان : شرعي وقدري
سعه معاني اسم الله " الحكم " والحكيم ، له الحكم كله بجميع الاعتبارات ، ويرجع الأمر إليه ، فيحكم بما شاء
قوله تعالى " واصبر حتى يحكم الله "
ليشمل الأنواع الثلاثة : الشرعي والقدري والجزائي
قوله " إن الحكم إلا لله " حصر مؤكد ، ليس لغيره ، ولا أحد يملك شيئ من النفع والضر فكيف يطاعون في معصية الله
وبذلك يقوم اليقين بالقلب ، بأن الحكم لله في كل الأمور ، وكل خروج من حكم الله فيه استحقاق للعقوبة
-كذلك تعظيم خشية الله في نفوس المؤمنين لما استقر في قلوبهم من إخلاص الدين لله
-قوله تعالى " ذلك الدين القيم "
ضمير الإشارة ذلك للبعيد للدلالة على الرفعة والسمو ، على كل ماأريد به مضاهاته
القيم تشمل :
1- المستقيم الذي لا عوج فيه ولا تناقض
2- القوام برعاية المصالح وتحقيقها
3- المهمين على شؤون العباد وأعمالهم
وأحوالهم ، فلكل عمل حكم ، ولكل حال سبب وجزاء
قوله " ولكن أكثر الناس لا يعلمون "
في غفلة عن تفرد الله بالحكم ، وعن قيومية هذا الدين
-نفي العلم في الآية يستدعي التفكير في أسبابة وآثاره ، فهو جهل مذموم ناشئ عن الغفلة والإعراض ، والعمى عن هداية الله ، والجرأة على معصية الله والاستمرار في الغواية حتى أظلم القلب ، وانطمست البصيرة ، وهذا الحال يقذف في النفس المؤمن الرهبة أن يوهم بشيئ منه فيكون من الجاهلين ، فينأى عن التخلق بأخلاق الجهلة أو التشبه بهم.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 محرم 1440هـ/30-09-2018م, 02:48 AM
ناديا عبده ناديا عبده غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2016
المشاركات: 540
افتراضي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسولهللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم .
سبحانه من بيده وحده الهداية , وتصريف القلوب وتوجيهها , وإنه لحري بالمؤمن أن يكون قلبه حيا، عامرا بالإيمان, فينير دربه .


فقال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ( الأنعام : 122).


قرأ جمهور الناس (أو من) بفتح الواو فهي ألف استفهام دخلت على واو عطف جملة على جملة، ومن بمعنى الذي، وقرأ طلحة بن مصرف: ( أفمن )بالفاء، والمعنى قريب من معنى الواو، والفاء في قوله فأحييناه عاطفة.
وقرأ نافع وحده (ميّتا) بكسر الياء وشدها، وقرأ الباقون (ميتا) بسكون الياء، قال أبو علي: التخفيف كالتشديد، والياء المحذوفة هي الثانية المنقلبة عن واو أعلت بالحذف كما أعلت بالقلب.
فقوله تعالى : { أو من كان ميتا } , فذلك الكافر المنغمس في كفره وضلالاته, متبعا لأهوائه وشهواته, منحرفا عن المنهج القويم , خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم , فمات قلبه عن نبض الإيمان , وأصبح بمنزلة الميت الذي لا ينفع نفسه بنافعة ولا يدفع عنها من مكروه نازلة.
وحين يهدي الله تعالى هذا الكافر ميت القلب إلى سواء السبيل , يكون ذلك بداية حياة جديدة , فقال تعالى :{فأحييناه وجعلنا له نورا }
فهداية الله للمرء حياة بعد موت، فقد أضاء الله حياته بنور الإيمان, النور الذي يمشي به المهتدي ليضيء دربه, وأمده تعالى بزاد التقوى , فأيان له أن يضل ويشقى !
قال تعالى: { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ } [الزمر: 22].

= فالقرآن نور , قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا } [النساء: 174].
= والسنة نور، قال تعالى :{فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف: 157].
= والصلاة نور , روى أبو مالك الأشعري- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ، أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا"(1).
إن هذا النور الذي يعطيه الله للمؤمن ليس خاصا بالدنيا، بل هو في الدنيا، وفي قبره، ويوم القيامة , وروى أبو هريرة- رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ - تبارك وتعالى - يُنَوِّرُهَا بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ"(2).

المهتدون هم منارات للناس بنور الدعوة والاستقامة.
إن هذا النور يحرم منه المنافق والكافر لكفرهم وإجرامهم، قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } [النور: 40]. وقال تعالى: { يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: 13].
فالجاهل ميت القلب وإن كان حي البدن جسده قبر يمشي به على الأرض, فالعبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة ويناله من حياتها وروحها فهو في ظلمة ، وهو من الأموات, وهو أيضا في الظلمات .
{ فِي الظُّلُمَاتِ}
وقد جاءت الظلمات جمعا ، ظلمة الشهوات ، وظلمة المعاصي ، وظلمة القلق ، وظلمة الخوف ، وظلمة الحقد ، وظلمة الحسد ، وظلمة الشعور بالقهر ، وظلمة الإحباط ، كل مرض نفسي ظلمة .
قال ابن القيم - رحمه الله - : (وهذه الظلمات ضد الأنوار التي يتقلب فيها المؤمن، فإن نور الإيمان في قلبه، ومدخله نور، ومخرجه نور، وعلمه نور، ومشيته في الناس نور، وكلامه نور، ومصيره إلى نور، والكافر بالضد، ولما كان النور من أسمائه الحسنى وصفاته كان دينه نوراً، ورسوله نوراً، وكلامه نوراً، وداره نوراً يتلألأ، والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين ويجري على ألسنتهم، ويظهر على وجوههم، وكذلك لما كان الإيمان واسمه المؤمن لم يعطه إلا أحب خلقه إليه، وكذلك الإحسان صفته وهو يحب المحسنين وهو الذي جعل من يحبه من خلقه كذلك، وأعطاه من هذه الصفات ما شاء وأمسكها عمن يبغضه وجعله على أضدادها، فهذا عدله وذلك فضله والله ذو الفضل العظيم ).
وأما حال المعاندين المستكبرين , قد وقعوا في شر أعمالهم , وغيهم الكبير , فقال تعالى : { كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون } فالشياطين المتمردين العاتين عن أمر ربهم يوحون إلى أوليائهم ليضلوهم ويحملوهم على اقتراف الآثام ، بل ليحملوهم على الشرك أيضا, .فاستحوذ الشيطان على قلوبهم , واستدرجهم حين غفلتهم , فزين لهم عبادة الأصنام . وجردهم عن العقيدة السليمة التي كان عليها سلف الأمة أهل السنة والجماعة, الذين تصدوا للشرك وعملوا على دحضه.
نسأل الثبات والسلامة.

----------------------------------
(1) رواه الإمام مسلم.
( 2) رواه الإمام أحمد في مسنده.
------------------------------------
المصادر:
------------
* جامع البيان للطبري ( ت: 310هـ )
* تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ( ت: 327هـ).
* ا المحرر الوجيز لابن عطية الأندلسي ( ت:546هـ ).
* شفاء العليل لابن القيم ( ت: 751هـ ).
* تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان السعدي ( ت: 1376هـ ).

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 محرم 1440هـ/30-09-2018م, 07:24 AM
وحدة المقطري وحدة المقطري متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 228
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير قوله تعالى: {إنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (الأعلى/ 6، 7)


في تفسير قوله تعالى: {إنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (الأعلى/ 6، 7)،سأتطرق لخمسة محاور:
1- التفسير الإجمالي للآيتين.
2- التفسير التفصيلي للآيتين.
3- ذكر الآيات المشابهة لهما.
4- استخلاص مقصد الآيتين.
5- الواجب على العبد أمام مقصود الآيتين.


1- التفسير الإجمالي للآيتين:
إن جنس الإنسان عموما - إلا من رحم الله- حين ينعم عليه ربُّه من نعم الحياة الدنيا، بالمال والولد والجاه والأهل ونحوها؛ يحدث له الطغيان؛ فيتجاوز ما شُرِع له، ويشتد في الخروج عن طاعة الله، ويُصيِّر منح الله له محنا عليه!.


2- التفسير التفصيلي للآيتين:
في هذه الآيات الكريمات التي تلت أول خمس آيات نُبِأَ فيها رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، ذكر الله فيهن جليل إحسانه على هذا المخلوق البشري بخلقه من نطفة ضعيفة ثم ذكر عظيم إنعامه عليه بتعليمه من العلوم ما لم يكن يعلمها، وإتماما عليه بهذه النعمة فقد علمه الله بالقلم ليدون به العلوم لتحفظ على سائر الأزمان، حيث قال تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} ، المفترض بهذا الإنسان أن يشكر المنعم عليه بالحياة ابتداءً، وبالعلم ثانيا، وبالقلم ثالثا، لكنه بدلا من ذلك أبطرته نعم الله عليه ، فلم يشكر إنعامه، لذلك قال تعالى: {إنَّ} وفي هذا توكيد لأن (إن) حرف توكيد ونصب {الْإِنْسَانَ} أي: جنس الإنسان {لَيَطْغَى} أي يصيبه الطغيان، والطغيان هو تجاوز الحد الذي شرعه الله للوقوف حيثما يجب، قال الفيروز آبادي: طَغِيَ كَرَضِيَ طَغْياً وطُغْياناً بالضم والكسر : جاوَزَ القَدْرَ وارْتَفَعَ وغَلا في الكُفْرِ وأسْرَفَ في المَعاصِي والظُّلْمِ. ا. هـ القاموس المحيط، واللام في {ليطغى} توكيد ثانٍ {أَنْ} بمعنى لأجل {رَآهُ اسْتَغْنَى} أي: رأى نفسه استغنت بنعم الله، ولقد عدل سبحانه عن إضافة ضمير المتكلم للخطاب كعادة العرب في مثل هذا، قال الطبري: إن رآه استغنى لحاجة "رأى" إلى اسم وخبر، وكذلك تفعل العرب في كل فعل اقتضى الاسم والفعل، إذا أوقعه المخبر عن نفسه على نفسه، مكنيا عنه.ا.هـ. تأويل البيان.


3- ذكر الآيات المشابهة لهما.
1- {ذرني ومن خلقت وحيدا (11) وجعلت له مالا ممدودا (12) وبنين شهودا (13) ومهدت له تمهيدا (14) ثم يطمع أن أزيد (15) إنه كان لآياتنا عنيدا(16)} سورة: المدثر.
يتكلم الله عن عبده الذي خلقه بعد أن لم يكن، ورزقه من المال والبنين الشيء الكثير، ويسر له أسباب الراحة والرخاء في هذه الدنيا، فلم تنفع معه نعم ربه في تليين قلبه ولم تقبل به ليطيعه بل جعلته أكثر عنادا وتمردا على أوامره فآثر الكفر على الإسلام والاستسلام للحق رغم شدة وضوحه وقوة بيانه.
2- {ولا تطع كل حلاف مهين (10) هماز مشاء بنميم (11) مناع للخير معتد أثيم (12) عتل بعد ذلك زنيم (13) أن كان ذا مال وبنين (14) إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين (15) } سورة: القلم.
يذكر الله جلّ جلاله -هنا- مثل لرجل في الأصل هو دون أصل! ليس له نسب يشرُف به، فظ غليظ، عنيد، منوع للخير ،جموع للمال، سيء الخُلق، وذكر فيه عدة وصوفات قبيحة، وكان السبب في طغيانه واتصافه بكل ذاك السوء والوقوف على ما ارتضاه لنفسه من الكفر هو أن أغناه ربه بالمال والولد، فظن أنه لا يحتاج لشيء بعد و لا حتى لربه، وتقوى بنعمه على عصيانه.
3- قال تعالى: { وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون (21) }. سورة: يونس.
في الآية إشارة إلى أن مكر الناس كان بسبب النعمة التي آتاهم إياها تفضلا منه وكرما.
4- قال تعالى: {ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور} (يونس/ 10).
بذكر الله تعالى أنه إذا أنعم على عبده نعماء بعد ضراء مسته فهو بدلا من مقابلة نعمته بشكرها حتى تدوم وتزيد كما قال تعالى: {ولئن شكرتم لأزيدنكم} فهي تكون سبب بطره!.


4- استخلاص مقصد الآيتين.
مقصد الكلام جليل وعظيم وجاء الله به على أسلس لفظ وأوجزه، وبعبارة جامعة ماتعة، وهو: تحذير الله لعبده الذي ركبَّه وفطره على حب النعيم، كما قال تعالى {وإنه لحب الخير لشديد} بألَّا ينسى أن كل نعيم إنما هو من الله فالواجب شكره لا كفره.


5- الواجب على العبد أمام مقصود الآيتين.
كأنَّ الله في هذه الكلمات اليسيرة بعد أن وضح لعبده -الضعيف الذي آتاه من العلم قليلا- هذا الأمر الجليل الخطير الذي يقع فيه كثير من الخلق -ومعرفة السبب: نصف العلاج ،كما يقولون- يرشد عبده قائلا: يا أيها الإنسان لا تنسيك نعم ربِّك ربَّك، ولا تطغيك؛ فتظن نفسك كبيرا فتتعالى عليه، أو تظن نفسك لست بحاجته بعد؛ لأن كل ما أنت بحاجته بيدك وتحت تصرفك، فلا تجعل نعم الله عليه نقما! وتذكر انه المتفضل بها أولا وأخرا، ولا تستدرجك النعم فتتعدى حدود الله وتترك واجبا أو ترتكب محرما أو تشرك به من هو دونه أو تكفر به جملة!، ولا تشغلك في حياتك القصيرة؛ فتموت وأنت عبد الدينار وعبد الخميصة، وتذكر قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم وأولادكم عن ذكر الله} ، وتذكر أنها بلاء واختبار لك كما قال:{إنما أموالكم وأولاكم فتنة} فلا تفتتن بها وتنسى مقصودك من الحياة، واعلم أنك لم توهب الحياة لتعيش والبهائم سواء! بل ربك لم ينساك -سبحانه- ولم يهملك ولم يخلقك عبثا -تعالت حكمته عن ذلك-، وتذكر حديث ابنِ عباس الذي رفعه، قال:"منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا" رواه البزار برقم: 4880، والقضاعي عن عبدالله برقم 322. ومن شغل المال لك أنه يشغلك قبل جمعه في كيفية جمعه وتحصيله، وبعد جمعه في كيفية تنميته والحفاظ عليه! فتعيش بين هم لا ينتهي!.
ولذا عليك الحذر إن كنت عاقلا فطنا،وليكن في هذه الآية غنية عن كل ما يمكن أن يقال من مواعظ، كلما مرّ عليها العبد تنبه لها وذكر نفسه بمقصودها لتنتهي نفسه عما يبطرها وليعلم أنَّ كل شيء من الله وإلى الله، وكلنا له محشورون، وليعد لذلك اليوم زادا، وما أجمل ختم الله لهذه الموعظة بهذه الذكرى: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} وفيها من الترهيب ما لا يخفى، فاللهم تداركنا بلطفك.


المصادر:
1- تفسير الطبري.
2- تفسير ابن كثير.
3- القاموس المحيط للفيروز آبادي.
4- مسند البزار.
5- مسند الشهاب للقضاعي.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 محرم 1440هـ/30-09-2018م, 07:26 AM
وحدة المقطري وحدة المقطري متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 228
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير قوله تعالى: {إنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (الأعلى/ 6، 7)


في تفسير قوله تعالى: {إنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (الأعلى/ 6، 7)،سأتطرق لخمسة محاور:
1- التفسير الإجمالي للآيتين.
2- التفسير التفصيلي للآيتين.
3- ذكر الآيات المشابهة لهما.
4- استخلاص مقصد الآيتين.
5- الواجب على العبد أمام مقصود الآيتين.

1- التفسير الإجمالي للآيتين:
إن جنس الإنسان عموما - إلا من رحم الله- حين ينعم عليه ربُّه من نعم الحياة الدنيا، بالمال والولد والجاه والأهل ونحوها؛ يحدث له الطغيان؛ فيتجاوز ما شُرِع له، ويشتد في الخروج عن طاعة الله، ويُصيِّر منح الله له محنا عليه!.

2- التفسير التفصيلي للآيتين:
في هذه الآيات الكريمات التي تلت أول خمس آيات نُبِأَ فيها رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، ذكر الله فيهن جليل إحسانه على هذا المخلوق البشري بخلقه من نطفة ضعيفة ثم ذكر عظيم إنعامه عليه بتعليمه من العلوم ما لم يكن يعلمها، وإتماما عليه بهذه النعمة فقد علمه الله بالقلم ليدون به العلوم لتحفظ على سائر الأزمان، حيث قال تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} ، المفترض بهذا الإنسان أن يشكر المنعم عليه بالحياة ابتداءً، وبالعلم ثانيا، وبالقلم ثالثا، لكنه بدلا من ذلك أبطرته نعم الله عليه ، فلم يشكر إنعامه، لذلك قال تعالى: {إنَّ} وفي هذا توكيد لأن (إن) حرف توكيد ونصب {الْإِنْسَانَ} أي: جنس الإنسان {لَيَطْغَى} أي يصيبه الطغيان، والطغيان هو تجاوز الحد الذي شرعه الله للوقوف حيثما يجب، قال الفيروز آبادي: طَغِيَ كَرَضِيَ طَغْياً وطُغْياناً بالضم والكسر : جاوَزَ القَدْرَ وارْتَفَعَ وغَلا في الكُفْرِ وأسْرَفَ في المَعاصِي والظُّلْمِ. ا. هـ القاموس المحيط، واللام في {ليطغى} توكيد ثانٍ {أَنْ} بمعنى لأجل {رَآهُ اسْتَغْنَى} أي: رأى نفسه استغنت بنعم الله، ولقد عدل سبحانه عن إضافة ضمير المتكلم للخطاب كعادة العرب في مثل هذا، قال الطبري: إن رآه استغنى لحاجة "رأى" إلى اسم وخبر، وكذلك تفعل العرب في كل فعل اقتضى الاسم والفعل، إذا أوقعه المخبر عن نفسه على نفسه، مكنيا عنه.ا.هـ. تأويل البيان.

3- ذكر الآيات المشابهة لهما.
1- {ذرني ومن خلقت وحيدا (11) وجعلت له مالا ممدودا (12) وبنين شهودا (13) ومهدت له تمهيدا (14) ثم يطمع أن أزيد (15) إنه كان لآياتنا عنيدا(16)} سورة: المدثر.
يتكلم الله عن عبده الذي خلقه بعد أن لم يكن، ورزقه من المال والبنين الشيء الكثير، ويسر له أسباب الراحة والرخاء في هذه الدنيا، فلم تنفع معه نعم ربه في تليين قلبه ولم تقبل به ليطيعه بل جعلته أكثر عنادا وتمردا على أوامره فآثر الكفر على الإسلام والاستسلام للحق رغم شدة وضوحه وقوة بيانه.
2- {ولا تطع كل حلاف مهين (10) هماز مشاء بنميم (11) مناع للخير معتد أثيم (12) عتل بعد ذلك زنيم (13) أن كان ذا مال وبنين (14) إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين (15) } سورة: القلم.
يذكر الله جلّ جلاله -هنا- مثل لرجل في الأصل هو دون أصل! ليس له نسب يشرُف به، فظ غليظ، عنيد، منوع للخير ،جموع للمال، سيء الخُلق، وذكر فيه عدة وصوفات قبيحة، وكان السبب في طغيانه واتصافه بكل ذاك السوء والوقوف على ما ارتضاه لنفسه من الكفر هو أن أغناه ربه بالمال والولد، فظن أنه لا يحتاج لشيء بعد و لا حتى لربه، وتقوى بنعمه على عصيانه.
3- قال تعالى: { وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون (21) }. سورة: يونس.
في الآية إشارة إلى أن مكر الناس كان بسبب النعمة التي آتاهم إياها تفضلا منه وكرما.
4- قال تعالى: {ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور} (يونس/ 10).
بذكر الله تعالى أنه إذا أنعم على عبده نعماء بعد ضراء مسته فهو بدلا من مقابلة نعمته بشكرها حتى تدوم وتزيد كما قال تعالى: {ولئن شكرتم لأزيدنكم} فهي تكون سبب بطره!.

4- استخلاص مقصد الآيتين.
مقصد الكلام جليل وعظيم وجاء الله به على أسلس لفظ وأوجزه، وبعبارة جامعة ماتعة، وهو: تحذير الله لعبده الذي ركبَّه وفطره على حب النعيم، كما قال تعالى {وإنه لحب الخير لشديد} بألَّا ينسى أن كل نعيم إنما هو من الله فالواجب شكره لا كفره.

5- الواجب على العبد أمام مقصود الآيتين.
كأنَّ الله في هذه الكلمات اليسيرة بعد أن وضح لعبده -الضعيف الذي آتاه من العلم قليلا- هذا الأمر الجليل الخطير الذي يقع فيه كثير من الخلق -ومعرفة السبب: نصف العلاج ،كما يقولون- يرشد عبده قائلا: يا أيها الإنسان لا تنسيك نعم ربِّك ربَّك، ولا تطغيك؛ فتظن نفسك كبيرا فتتعالى عليه، أو تظن نفسك لست بحاجته بعد؛ لأن كل ما أنت بحاجته بيدك وتحت تصرفك، فلا تجعل نعم الله عليه نقما! وتذكر انه المتفضل بها أولا وأخرا، ولا تستدرجك النعم فتتعدى حدود الله وتترك واجبا أو ترتكب محرما أو تشرك به من هو دونه أو تكفر به جملة!، ولا تشغلك في حياتك القصيرة؛ فتموت وأنت عبد الدينار وعبد الخميصة، وتذكر قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم وأولادكم عن ذكر الله} ، وتذكر أنها بلاء واختبار لك كما قال:{إنما أموالكم وأولاكم فتنة} فلا تفتتن بها وتنسى مقصودك من الحياة، واعلم أنك لم توهب الحياة لتعيش والبهائم سواء! بل ربك لم ينساك -سبحانه- ولم يهملك ولم يخلقك عبثا -تعالت حكمته عن ذلك-، وتذكر حديث ابنِ عباس الذي رفعه، قال:"منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا" رواه البزار برقم: 4880، والقضاعي عن عبدالله برقم 322. ومن شغل المال لك أنه يشغلك قبل جمعه في كيفية جمعه وتحصيله، وبعد جمعه في كيفية تنميته والحفاظ عليه! فتعيش بين هم لا ينتهي!.
ولذا عليك الحذر إن كنت عاقلا فطنا،وليكن في هذه الآية غنية عن كل ما يمكن أن يقال من مواعظ، كلما مرّ عليها العبد تنبه لها وذكر نفسه بمقصودها لتنتهي نفسه عما يبطرها وليعلم أنَّ كل شيء من الله وإلى الله، وكلنا له محشورون، وليعد لذلك اليوم زادا، وما أجمل ختم الله لهذه الموعظة بهذه الذكرى: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} وفيها من الترهيب ما لا يخفى، فاللهم تداركنا بلطفك.


المصادر:
1- تفسير الطبري.
2- تفسير ابن كثير.
3- القاموس المحيط للفيروز آبادي.
4- مسند البزار.
5- مسند الشهاب للقضاعي.


حاولت الإرسال قبل خروج الوقت لكن الكهرباء قطعت.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 20 محرم 1440هـ/30-09-2018م, 11:10 PM
حليمة السلمي حليمة السلمي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 321
افتراضي

قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: ٦٩]
في هذه الآية منحة ربانية وعطيّة رحمانية جعلها الله تبارك وتعالى لمن جاهد في بلوغ الطاعات والنجاة من المحرمات وسعى في الوصول لمراتب الكمالات في العبادات والعبادات، فقد وعد سبحانه وهو المؤمن ووعده الحق بالهداية والنصرة والتوفيق وحصول المعية الخاصة منه سبحانه في علاه مَنْ عمل الطاعات واستكثر منها وأحسن في عمله بالعون والهداية وحصول المعية الربانية الخاصة له.
وسنقف وقفات عند قوله تعالى: " وإن الله لمع المحسنين" ونتفكر في معانيها وآثارها في سلوك العبد المؤمن.
في الآية الكريمة حث من الله تبارك وتعالى لعباده على بلوغ هذه المرتبة العظيمة من الدين، وهي مرتبة الإحسان أعلى المراتب وأحبها لله تعالى ، وأحظاها بشرف معيته ، ويظهر الترغيب في هذه المرتبة العليّة بذكر ثمرتها العظيمة وهي معية الرب تبارك وتعالى الخاصة.
" إن الله لمع" لجملة مؤَكَّدة بـ (إن) واللام ، وقد اختلف النحاة في "مع" أهي اسم أم حرف؟
و"مع" هنا يحتمل أن تكون اسما؛ ولذلك دخلت عليها لام للتأكيد، ويحتمل أن تكون حرفا، ودخلت اللام لما فيها من معنى الاستقرار، كما دخلت في: إن زيدا لفي الدار.
وفيه تنويه بالمؤمنين بأنهم في عداد من مضى من الأنبياء والصالحين وذلك أوقع في إثبات الفوز لهم مما لو قيل: فأولئك المحسنون؛ لأن في التمثيل بالأمور المقررة المشهورة تقريرا للمعاني.
" المحسنين" جمع محسن والمراد جميع الذين كانوا محسنين، أي كان عمل الحسنات شعارهم وهو عام. و(أل) في المحسنين يحتمل أن تكون للعهد، فالمراد بالمحسنين الذين جاهدوا، ووجه إقامة الظاهر مقام الضمير ظاهر، وإلى ذلك ذهب الجمهور، ويحتمل أن يكون للجنس، فالمراد بهم مطلق جنس من أتى بالأفعال الحسنة، ويدخل أولئك دخولا أوليا برهانيا. وقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه فسر ( المحسنين ) بالموحدين، وفيه تأييد ما للاحتمال الثاني.
و﴿المحسنين﴾ أخص من المؤمنين؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته» إلى آخره، ثم قال: «الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه». فكل محسن إحسانا شرعيا فهو مؤمن ولا عكس.
والمقصود هنا الإحسان الشرعي؛ احترازا من الإحسان العادي، فإن الإحسان العادي يقع حتى من الكافرفي تعامله مع الناس وحتى مع البهائم والحيوانات ، لكن الإحسان الشرعي الذي فسره الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: «أن تعبد الله كأنك تراه»، هذا أخص من المؤمن.
والإحسان في العبادة بين العبد وربه ، وفي التعامل بين العبد وسائر المخلوقات، لا يحرص عليه ويجتهد في تحصيله إلا من عرف ثمراته وعاقبته الحميدة.
وقد اجتمعت في القرآن الكريم آيات عدة ، تقرر هذه الثمرات وتبرزها ، تحفيزًا لبلوغ هذه الدرجة العظيمة وتشويقًا لتحصيل آثارها الطيبة.
ومن ثمرات معية الله تعالى للمحسنين :
أولا: محبة الله تعالى، حيث يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَالبقرة 195. وكفى بها من ثمرة حيث أن من يحبه الله تعالى تتحقق له ثمرة رائعة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله عليه وسلم: "إِذَا أَحَبَّ اللهُ تَعَالَى العَبْدَ ، نَادَى جِبْريلَ : إنَّ الله تَعَالَى يُحِبُّ فُلاناً ، فَأَحْبِبْهُ ، فَيُحِبُّهُ جِبريلُ ، فَيُنَادِي في أَهْلِ السَّمَاءِ : إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاناً ، فَأحِبُّوهُ ، فَيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأرْضِ". (متفق عليه).
ثانيًا: دخول جنة الله تعالى والخلود فيها، حيث يقول الله تعالى: ﴿فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ (المائدة85)
ثالثا: تحصيل رحمة الله تعالى، حيث يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ(الأعراف 56).
رابعًا: إن المحُسن لا يضيع أجره عند الله تعالى حيث يقول سبحانه: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَيُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (التوبة 120). وبالتالي فإن هذا الأمر يدفع المحسن إلى زيادة إحسانه.
خامسًا: جلب الحكمة والعلم، حيث يقول الله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (يوسف22).
سادسًا: البشائر بأمور كثيرة كزيادة الحسنات وتكفير السيئات ودخول الجنات وغيرها، يقول الله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ(الحج37).
سابعًا: حصول أحسن الجزاء من الله تعالى وتكفير أسوأ السيئات، يقول الله تعالى: ﴿لَهُم مَّايَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ، لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ(الزمر 34،35).
ثامنًا: الهبات والعطايا الكثيرة في الحياة الدنيا، من مال وأهل وولد. ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَ سُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(الأنعام84).
تاسعًا: النصر والمعونة منه تعالى على أمور دينهم و دنياهم، ومن كان معه سبحانه فاز بكل مطلوب، وإن رأى الجاهل خلاف ذلك، فإنه يجعل عزهم من وراء ذل ويستر غناهم بساتر فقر، حماية لهم مما يجر إليه دائم العز من الكبر، ويحمل عليه عظيم الغنى من الطغيان.
عاشرًا : التوفيق للكمال في العبادات واتباع السنة والاستمساك بالعروة الوثقى، قال تعالى: ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[ لقمان 22]
وعن الحارث المحاسبي رحمه الله أنه قال: من صحح باطنه بالمراقبة والإخلاص زين الله ظاهره بالمجاهدة واتباع السنة.
اللهم اجعلنا من المحسنين، واكتب لنا أجر المحسنين، وجازنا بجزاء المحسنين، واجعلنا يا رب من عبادك الصالحين.


والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21 محرم 1440هـ/1-10-2018م, 12:45 AM
ميمونة التيجاني ميمونة التيجاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
الدولة: Makkah almokrmah
المشاركات: 385
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة تفسيرية لتفسير قوله تعالى:(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)) الحشر.
اُسلوب مقاصد الآيات
ذكر ابن كثير في تفسيره : (وقد ذكر بعضهم هاهنا قصّةً لبعض عبّاد بني إسرائيل هي كالمثال لهذا المثل، لا أنّها المرادة وحدها بالمثل، بل هي منه مع غيرها من الوقائع المشاكلة لها، فقال ابن جريرٍ: حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرّحمن بن يزيد، عن عبد اللّه بن مسعودٍ في هذه الآية: {كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بريءٌ منك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين} قال: كانت امرأةٌ ترعى الغنم، وكان لها أربعة إخوةٍ، وكانت تأوي باللّيل إلى صومعة راهبٍ. قال: فنزل الرّاهب ففجر بها، فحملت، فأتاه الشّيطان فقال له: اقتلها ثمّ ادفنها، فإنّك رجلٌ مصدّق يسمع قولك. فقتلها ثم دفنها. قال: فأتى الشيطان إخوتها في المنام فقال لهم: إنّ الرّاهب صاحب الصّومعة فجر بأختكم، فلمّا أحبلها قتلها ثمّ دفنها في مكان كذا وكذا. فلمّا أصبحوا قال رجلٌ منهم: واللّه لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصّها عليكم أم أترك؟ قالوا: لا بل قصّها علينا. قال: فقصّها، فقال الآخر: وأنا واللّه لقد رأيت ذلك، فقال الآخر: وأنا واللّه لقد رأيت ذلك. فقالوا: فواللّه ما هذا إلّا لشيءٍ. قال: فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الرّاهب، فأتوه فأنزلوه ثمّ انطلقوا به فلقيه الشّيطان فقال: إنّي أنا الّذي أوقعتك في هذا، ولن ينجيك منه غيري، فاسجد لي سجدةً واحدةً وأنجيك ممّا أوقعتك فيه. قال: فسجد له، فلمّا أتوا به ملكهم تبرأ منه، وأخذ فقتل.
وكذا روي عن ابن عبّاسٍ، وطاوسٍ، ومقاتل بن حيّان، نحو ذلك. واشتهر عند كثيرٍ من النّاس أنّ هذا العابد هو برصيصا، واللّه أعلم)
في هذه الآيات ضرب مثل بالمنافقين و تعاملهم مع اتباعهم و رفقائهم و اخوانهم من أهل الكتاب في خلف الوعود لهم عند الخروج للقتال و في عدم نصرتهم و الوقوف معهم عند حاجتهم اليهم و تغريرهم لهم في كل موقف فضرب الله لحالهم مع اخوانهم مثالا بحال الشيطان الذي غرر بالكافر فقال الله تعالى { كمثل الشيطان اذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال أني بريء منك}
1- نكران أصحاب الضلالة اتباعهم الضالين و تبريأتهم منهم بعد ان غرروا بهم و ساقوهم الى الهلاك الأخروي ( كمثل الشيطان اذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال أني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين)
2- تغرير الشيطان للكافر و تسويل له للكفر حتى اذا ما اتبعه فيما سؤله له تبرأ منه
3- تغرير الشيطان للإنسان في كل شأن من شؤون دينه حتى ينال منه الكفر و العياذ بالله أو الضلال أو الفسق أو نقصان الأجر قال تعالى ﴿يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا﴾ [النساء: 120]
4- لا يزال المتبوع ينكر اتباع التابع له بل و يكذبه في ادعاءه انه سبب لغوايته و هذا حال الشيطان في الآخرة قال تعالى ﴿وَقالَ الشَّيطانُ لَمّا قُضِيَ الأَمرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُم وَعدَ الحَقِّ وَوَعَدتُكُم فَأَخلَفتُكُم وَما كانَ لِيَ عَلَيكُم مِن سُلطانٍ إِلّا أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لي فَلا تَلوموني وَلوموا أَنفُسَكُم ما أَنا بِمُصرِخِكُم وَما أَنتُم بِمُصرِخِيَّ إِنّي كَفَرتُ بِما أَشرَكتُمونِ مِن قَبلُ إِنَّ الظّالِمينَ لَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ [إبراهيم: 22] و قال في هذه الآيات {0000فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}
5-ظُلْم التابع و المتبوع - ظلم التابع يكون لنفسه في اتباع اصحاب الغواية و الضلالة و ظُلْم المتبوع في إضلال غيره الى الضلالة و الغواية و التغرير به - و عاقبة الظالمين النار قال تعالى ( فكان عاقبتهما إنهما في النار خالدين فيها و ذلك جزاء الظالمين )
6- عاقبة الظالمين سواء الضال و المضل من اتبع تغرير المغررين فضل عن اتباع هدى الله و إصلاح نفسه و من غرر بعباد الله و أضلهم عقوبتهم جميعا النار خالدين فيها كلا بحسب جرمه و ظلمه و ضلاله و إضلاله { و ذلك جزاء الظالمين }
7- ان اللَّوْمُ كلُّ اللَّوْمِ على مَن أطاعَ الشيطان فإنَّ اللَّهَ قدْ حَذَّرَ منه وأَنْذَرَ، وأَخْبَرَ بِمَقاصِدِه وغايتِه ونِهايتِه، فالْمُقْدِمُ على طاعتِه عاصٍ على بَصيرةٍ، لا عُذْرَ له). [تيسير الكريم الرحمن: 853]
8- ضرب الله الأمثال في القران لعباده ليتعظ العاقل و لا يقع في خطأ من قبله فيكون عبرة كما كان من سبق فتبريئة الشيطان من الكفار بعد ان كان يزين لهم الكفر و يُحَسِّنه لهم لهو من اكبر دلائل الاحتراز من عدم اتباع اصحاب الضلالة و الغواية لأنهم سيأتون يوما و يتبرؤون من متبعيهم و عندها يندم المتبوع ساعة ندم ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 04:07 AM
سعود الجهوري سعود الجهوري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 346
افتراضي

قال تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ). سورة البقرة

سنشرع بإذن الله في بيان ما تيسر من مقاصد قوله تعالى: ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ).


جاءت هذه الآيات وهذا المثل الذي ضربه الله والذي فيه من الفوائد والعبر الشيء الكثير، بعد أن ذكر تعالى حال المنافقين التي كانوا عليها مع النبي صلى الله عليه وسلم، وما كانوا يقولونه بألسنتهم، ولم تقره قلوبهم، وما كان من خداعهم للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، وما كانت حالهم عليه مع المؤمنين وحالهم مع أنفسهم وشياطينهم، ثم أعقب هذه الآيات بذكر هذا المثل الذي حق لمن سمعه أن يعقله وينتفع بما فيه من هدايات وبصائر.

والأمثال المذكورة في القرآن فيها من الفوائد والعبر، التي تزيد المؤمن الذي يعقلها بصيرة وهدى وعلما وعملا ، ولا يكتفي المؤمن بمعرفة معاني مفردات الآيات، ولكن عليه أن يفهم معانيها ويعقل ما فيها من بينات وبصائر، ويتدبر ما فيها من فوائد وعبر، وبهذا يتحقق له الانتفاع بإذن الله، فتحثه على العمل بما تقتضيه.

والمثل: الشبه، ومعنها في الآية: ما يتحصل في نفس الناظر في أمرهم، كمثل الذي يتحصل في نفس الناظر في أمر المستوقد.(1)
فشبه المنافقين بالمستوقد، ذكر ابن عطية وجها في معنى استوقد معنى زائدا عن أوقد، وأن المستوقد فيه بيان أنه طلب من غيره أن يوقد له، على المشهور من باب استفعل، وعلى هذا المعنى يقتضي حاجته للنار، وانطفاؤها مع حاجته إليها أنكى له.(2)

ففيه بيان لحاجته للنار، وطلبه لها، وأنها قد أضاءت له ما حوله، فانتفع بنورها، ثم ذهب هذا النور، ولم يبق له منها إلا الظلمة، فلم يعد يبصر شيء، فأصبح في ظلمات من بعد نور، لا يهتدي لطريق يرشده لما ينفعه.

بالنظرإلى حال المنافقين في الآيات، وأنهم طلبوا هذا النور كما تقدم من معنى "استوقد"، وأنهم محتاجين إليه، ويرغبون في استمراره، ولكن حاجتهم وطلبهم لهذا النور لم يكن لوجه الله تعالى خالصا، فقد ذكر تعالى في مطلع هذه الآيات في شأنهم (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين)، فنفى عنهم الإيمان، وإن أظهروا الإسلام ونطقوا بشهادة التوحيد وحكم عليهم بأحكام الإسلام، لأنهم منافقون لم تؤمن قلوبهم بالله وباليوم الآخر، ولمخالفة بواطنهم لظواهرهم.
فإذا تبين ذلك، علم أنهم طلبوه والتمسوه لحاجات دنيوية محضة، ودخلوا في الإسلام دخولا صوريا قوليا، ولم تؤمن قلوبهم، وذلك لتحصيل هذه المنافع المؤقتة التي تنتهي بمجرد موتهم، وهم لهذا السبب والتحصيل الدنيوي في خوف وترقب من انكشاف أمرهم، وقد تقرر ذلك في كثير من الآيات، منها قوله تعالى: ( اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله)أي: وقاية لهم، وقال تعالى: ( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) فغاية مطلبهم الدنيا، ومنها: (يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم)، فهم في خوف وترقب من كشف أمرهم ، وهم أظهروا الإسلام ليحافظوا على أموالهم وأنفسهم، قال تعالى:(يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين)، فغايتهم رضاكم ليتمتعوا بالحياة الدنيا ويأمنوا على أنفسهم، وقال تعالى: (وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون)، قال تعالى:(يحسبون كل صيحة عليهم).
فكان مقصدهم لغير الله، وأظهروا الإسلام لحاجات دنيوية، فنالوا ما نالوه من منافع دنيوية محضة، وأما في الآخرة فهم في الدرك الأسفل من النار، وهذه هي حال كل من سار على نهجهم من المؤمنين المخالفين، وقدم الدنيا على الآخرة في أمور تبقيه في دائرة الإيمان، فيتحقق له من النور على قدر ما ناله من الإيمان، وأكمل الناس نورا أكملهم إيمانا.
ومقصد الآيات أن العبرة بما في القلوب وما تعتقده، وليست العبرة بما يظهر من الجوارح من عبادات، وأن عمل الجوارح لا ينفع إلا بصلاح القلب ، والقلب هو المحرك للجوارح، فإن حركها لمقاصد دنيوية، نال ما ناله في الدنيا من منافع دنيوية محضة، وإن حرك القلب الجوارح لمقاصد أخروية، نال ما ناله من منافع في الدنيا والآخرة، وكان لها نور في الدنيا والآخرة، فالقلب هو الأصل، والجوراح تبع له، كما جاء من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم)) رواه مسلم.
والقلب إذا جاءه الهدى وكان مريدا له، قاصدا له، يوفقه الله بإذنه للإيمان به، وبما يقتضيه، واتباع ما جاء فيه، ويريه الله الحق حقا، ويريه الباطل باطلا، وأما إن لم تكن في القلب إرادة للحق، وقصدا له، ورغبة بالإيمان به، وباتباع ما فيه، فلا يحصل الانتفاع بما بلغه من الحق، لسوء القصد والنية والإرادة، ولا تزيده الآيات وما تقتضيه إلا كفرا ونفاقا، وحجة عليه، وإن اتبعت الجوارح، فلا فائدة ترجى له لفساد القلب، ويقلب الله على القلب الفاسد الحقائق، فتزيده الآيات تحيرا وكفرا، فلا يهتدي لطريق الهدى أبدا ما دامت هذه حالة، كما حصل للمنافقين بانطفاء النور بعد إظهارهم الإسلام، وذكر حالهم أنهم كانوا صم عن سماع الحق، بكم عن التكلم بالحق، عمي عن النظر إلى الحق، لسوء مقاصدهم، ومن كانت تلك حاله فلا يهتدي للرجوع إلى الحق مع معرفته به معرفة لا فائدة منها، فأنزلهم منزلة من فقد هذه الحواس، لعدم انتفاعهم بها انتفاعا يفضي إلى القلب إيمانا ويقينا.(3)

وذكر تعالى قبل هذه الآية قوله: ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين).

فهذا السبب الذي أضلهم، وأنهم علموا الحق ولم يتبعوه، واستبدلوه بالضلالة، ومن كانت تلك حاله فلا يرجى له الهداية، وأما المنقاد للحق، المريد له، والباحث عنه، فهو أقرب للهداية متى علم بالهدى والحق، وهذه الآيات وإن كانت في المنافقين، ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فعلى المؤمن أن يتبع الحق متى تبين له، وأن لا يحيد عنه أبدا، وأن لا يرتضي بغيره بدلا عنه، وأن يكون مريدا للحق، وقاصدا له، وباحثا عنه، وأن لا يشابه هذه الأقوام التي تركت الحق فأضلها الله، واشترت الضلالة بالهدى، فما ربحت تجارتهم، وما كانوا مهتدين للحق، ولا قادرين أن يتبعوه بعد ذلك، لاتباعهم خطوات الشيطان، والتي تجر العبد من ضلالة إلى ضلالة، إلى أن يطبع على قلبه،فتقلب عليه الحقائق.
وأما إن كان مريدا للحق، فالله سبحانه وتعالى يوفقه له ويرشده إليه بإذنه وتوفيقه، وإن وقع منه تقصير، وكان عالما للحق متبعا له، فيذكره الله به، ويرشده إلى ما يرجعه إلى الجادة بمنه ولطفه، فإن قال قائل، ما تقول في قوله صلى لله عليه وسلم فيه : ( فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ). رواه البخاري ومسلم.
فنقول: فسرته رواية أخرى:( فيما يبدو للناس) عند البخاري، فالأحاديث تفسر بعضها بعضا، فصار الدليل حجة لما تقدم قوله، وأنه لم يكن ذو قلب سليم، بل كان اتباعه للحق ظاهرا ،وأما باطنه فلا.

فمقصد هذه الآيات العظيمة، أن على المؤمن أن يتبع الحق، وينقاد له، ويتبع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهر، ولا يتكبر ويطغى ويعرض عن الحق، ويرغب بغيره بدلا عنه، فيضله الله، ويعمي قلبه عن الحق، جزاء وفاقا.
وجاءت هذه المقاصد العظيمة متسقة مع مقاصد سورة البقرة، وما جاء فيها من ذكر قصة بني إسرائيل مع نبي الله موسى عليه السلام، وما حصل منهم من كفر وترك للحق والإعراض عنه، بعد ما تبين لهم بالحجج القاطعة الدلالة، على صدق نبوة موسى عليه السلام، وصدق ما جاء به من معجزات، فتركوا الحق بعد ظهوره إرادة منهم وعناد فأضلهم الله، وزادهم ضلالا وكفرا.
وهذه المقاصد جاءت في القرآن في مواضع كثير، ويأمر الله بها لاتباع الحق، وإرادته وقصده، والانقياد له، وعدم مشابهة الأمم السابقة ممن ترك الحق بعد معرفته، وتحقيق الإيمان الكامل بتحقيق كمال الانقياد لله ورسوله ظاهرا وباطنا، وذم من ترك ذلك، قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).



-------------------------------------------------------------------------



1) تفسير ابن عطية.
2) تفسير ابن عطية.
3) تفسير ابن كثير.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 1 صفر 1440هـ/11-10-2018م, 11:16 AM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة في قول الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩)﴾ [الشعراء: 9،8]
بسم الله والحمد لله العزيز الرحيم ، والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى صحبه وآله أجمعين، أما بعد:
هاتان الآيتان الكريمتان قد وردتا في سورة الشعراء، وقد تكررتا في ثمان مواضع فيها، وقبل الشروع في تفسيريهما واستظهار ما فيهما من فوائد وهدايات، نعرج إلى بيان مقصد السورة باختصار وبيان دلالة السياق الذي وردت فيه هاتان الآيتان.

مقصد السورة:
-بيان أن القرآن العظيم دال بما فيه من إعجاز على أنه من عند الله، إذ جاء باللسان العربي المبين مستخدما أساليب العرب إلا أنه لم يماثله شيء في البيان والفصاحة وروعة الائتلاف بين ألفاظه واحكام معانيه، وقد تقوّل العرب أنه شعرا ، وقد فاق الشعر مقاما ومراداً فقد اشتمل على المقاصد الشرعية في العبادات والمعاملات، وجاء دالا مرشدا لكل خير بأوضح سبيل وأفصح بيان.

-الدلالة على على عظمة الخالق ووحدانيته وقدرته، وبيان عزته ورحمته، مما يوجب صرف العبادة له وحده، إلا أن بعض الناس قد أبوا إلا جحود الحق، وقد جُبلت طبيعة البشر على الاختلاف، فوقع التكذيب من البعض.
وهذا المقصد هو أحد أهم مقاصد القرآن العظيم الذي ظهر جليا في سور القرآن، الدلالة على وحدانية الله، وعظيم قدرته والاستدلال على ألوهيته بربوبيته سبحانه.
والتعريف به عز وجل من خلال أسمائه وصفاته وأفعاله.

- ومن المقاصد أيضا بيان مآل الناس في الآخرة وما يصيرون إليه نتيجة ما وقر في قلوبهم من عقائد وما كسبته أيديهم، وحلول العقوبات في الدنيا للأقوام المكذبة بالرسل بعد تكرار الإنذار والتحذير والإمهال، ليكونوا عبرة لمن بعدهم فيتعظوا بهم، وبيان سبيل نجاة الرسل ومن آمن معهم.

سياق الآيات:
الآيتان كُررتا في السورة في ثمان مواضع، وسنكتفي بتناول الموضع الأول الذي ذُكرتا فيه، حيث قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩)﴾ فقد جاءت الآيتان محور الرسالة بعد الاستدلال على ألوهية الله بذكر فعل من أفعال ربوبيته، وهو إخراج النبات الحي بكثرة وتنوع من الأرض الصلبة الميتة، فاستدل سبحانه على وجوب إفراده بالعبادة بإنفراده بالخلق وكمال قدرته وعظمته، بل بإتقانه وبديع إحكامه لخلقه، حيث جعل النبات مُنوعا وجعل من كل جنس زوج كريم حسن.

وهذا الدليل حسي مشاهد، يدل الناس على عظمة خالقهم بأقصر الطرق، وفي ذلك إشارة إلى قدرته على الخلق والإحياء والبعث، وتذكيرا للناس بمآلهم ومرجعهم، فالكل إلى الله يُحشرون.

فإن هذه آية من آيات الله الباهرة الموجبة للخضوع له سبحانه، وإخلاص العبادة له وحده، والتسليم لآياته الكونية والشرعية، وتكرار الاستدلال بالآيات المشهودة كثير في القرآن العظيم، حيث يظهر فيها كمال قدرة الله، وإتقانه لخلقه، وحكمته وعلمه، لمن أحسن التجوال بالبصر، وتفكر في بديع صنع الله، ونظائر هذا المعنى في القرآن كثيرة، فالآيات المشهودة كثيرا ما تُختم بالدلالة على كونها دليل عظيم على الخالق، وبُرهان ساطع، لا ينكره إلا من أصاب قلبه العمى.

والقرآن قد حوى الكثير من تلك الأدلة العقلية النقلية، وفي ذلك أبلغ رد على الملحدين بأن اتباع الإسلام ليس بسبب حالة نفسية روحانية يجدها المرء في نفسه بأنه يحتاج إلى قوة أكبر منه وأعظم منه يلجأ إليها، فاخترع إلهاً، بل أن وجود الله عز وجل قائم على أدلة عقلية نقلية، وهو حاجة فطرية اجتماعية في نفوس الناس، وقد جاءت الآيات الكونية لتدل الخلق على خالقهم و على كماله وعظمته.

ولهذه الآيات نظائر كما في قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ۖ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٢)﴾

ومن فوائد التفكر في الكون وفي خلق الله، استحضار عظمة الخالق، فيوجب ذلك في القلب تعظيما ومحبة ورغبة في رضاه، فإن النفس تحب الكمال وتسعى إليه، فكيف الحال بقلوب قد عرفت من له الكمال والجلال وتعرض عنه ولا تخشاه.

ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (٨)﴾:
﴿إِنَّ﴾ حرف للتأكيد على بيان ووضوح هذه الآية، وهى إنبات الأرض، والآية هى: العلامة وتأتي في القرآن بمعنى البرهان والدليل، فما حصل من إنبات الأرض هو دليل على قدرة الخالق.
ورغم كثرة الآيات المشاهدة في الكون وتنوعها إلا أن الناس ﴿ مَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴾، وأغلبهم في حالة إعراض عن الهدى، وتولي عن الحق ، وتفضيل سبيل الغواية على سبيل الهداية.

وقد جاء القرآن الكريم مقررا لهذا الأمر وهو أن أغلب الناس لا يؤمنون بالملك الحق، ولا يعلمون عن كمال صفاته وحكيم أفعاله، ولا يشكرون نعمه التي يتقلبون فيها، فنظائر هذه الآية كثيرة ومنها، قول الله تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾
وقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾
وقوله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾
وقوله تعالى: ﴿... ذَٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾


وتكرار ذكر هذه المعاني في القرآن إنما جاء ليتعرف الإنسان على طبيعته التي جُبل عليها، ويعلم حقيقة صفاته ونقصها كالضعف والذل والفقر والحاجة، فيكتشف عوار نفسه وعيبها، فيجتهد في مغالبتها، ويحرص على كبت جماحها، لتخضع وتذل لمن كمُلت صفاته، وأُحكمت أفعاله، ويترك عنه الكبر والعجب.

وذلك أحد أهم مقاصد القرآن العظيم ، فمن خلاله يتبصر المرء بصفات مولاه، ويُبصر صفات نفسه، فتقوم في قلبه العبادات العظيمة كالتوكل على القدير، والاستعانة بمن بيده ملكوت السماوات والأرض، والإنابة والخوف والرجاء والمحبة والتعظيم، وغيرها من العبادات التي يذل فيها العبد ويخضع لربه.

ثم جاء قول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩)﴾ كخاتمة بديعة بعد ذكر الآيات المشهودة وكونها أدلة بينة واضحة، وبيان حقيقة أغلب الناس تجاهها، وقد ذُكر في هذه الآية ثلاث صفات للمولى تبارك وتعالى وهى: صفة الربوبية والعزة والرحمة.

وقد اشتملت الآية على أداتين من أدوات التأكيد ( إن واللام )، للتأكيد أن الله سبحانه وتعالى هو الرب ذو العزة والرحمة.

والرب: هو المالك المتصرف في أمور عباده، المُدبر لشؤونهم على الوجه الذي يكون فيه صلاحهم.
وفي اللغة يطلق على السيد والمربي والمصلح، وهذا المعاني مجتمعة في الله عز وجعل فهو السيد الملك الذي يملك كل شيء وقد خضعت له مخلوقاته طوعا وكرها إما بالإرادة الشرعية وإما بالإرادة الكونية، وهو المربي لعباده بأقداره الجارية عليهم ليُصلحهم ، والرب لا تطلق إلا على الله عز وجل، في حال كونها مُعرفة.

العزيز: وقد تضمن هذا الاسم صفة العزة، والعزة تدل على القوة والغلبة والرفعة والامتناع.
فالله هو العزيز الذي لا يغالبه أحد ممن عصاه فيهلكه بسبب كفره، وينتقم منه ويقهره تحت سلطانه، ولا يعجزه شيء.
واستعمال هذا الاسم هو للزجر والتحذير من قدرة الله التي لا تفوقها قوة، فيبطش بأعدائه متى أراد وكيفما أراد بعدله وحكمته، وهذا الاسم يورث في النفس الخوف من عصيانه تبارك وتعالى، وتكرار الندم متى وقع الذنب والمسارعة في التوبة والاستغفار.

الرحيم: وقد تضمن هذا الاسم صفة الرحمة، وذُكر في القرآن أكثر من تسعين مرة، ويشترك معه اسم الله " الرحمن" ، فكلاهما اشتركا في صفة الرحمة ، لكن كما نُقل عن ابن عباس في فتح الباري "أن أحدهما أرق من الآخر".
وقيل في الرحمن أنها صفة ذاتية وُصف بها الله، أما الرحيم فهو صفة فعلية أي: أن فعله بعباده هو الرحمة والرأفة.

و هناك رحمة قد اختص الله بها عباده المتقين وأوليائه، وهو القائل سبحانه: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾، فمن اتبع الهدى الذي جاء به الوحي، وامتثل أمر ربه، واجتنب نهيه، نالته رحمته، وأحاطت به كما يُحاط الجنين في بطن أمه، فيتقلب العبد في رحمة الله، وهى نعمة عظيمة تستحق دوام شكره.

والتفكر في معنى هذا الاسم يورث في قلب العبد الرجاء في أن يكون ممن شملهم الله برحمته، والرجاء فيما عنده من ثواب، والرجاء في أن يكون ممن سُعدوا بالفوز بجنته، فيسعى في بذل أسباب نيل رحمة الله كالتدبر لكلامه، والعمل بشرعه، والتفقه في دينه، والإحسان لخلقه.

دلالة الاقتران بين اسمي الله العزيز الرحيم:
وكثيرا ما يرد في القرآن هذا الأمر فتُختم الآيات باسمي من أسماء الله الحسنى ولذلك حكم عظيمة، وفوائد جليلة.
وفي الآية محل الرسالة قد اقترن اسم الله العزيز باسمه الرحيم، ومن فوائد ذلك أن كل اسم من أسمائه سبحانه يقتضي الكمال، فإذا جُمع بين اسمين أضاف ذلك كمالا إلى الكمال الخاص بكل اسم.

فاسم الله العزيز يقتضي كمال عزته، فلا يغالبه أحد ولا يُعجزه شيء، إن أراد عِزا بعبده عزّه، وإن أراد به هلاكا أهلكه.
واسم الله الرحيم يقتضي كمال رحمته، فرحمته وسعت كل شيء، فهو يرحم جميع خلقه ويلطف بهم.

فإن اجتمع الاسمان اقتضى ذلك كمالا آخر، وهو أن عزته مقرونة برحمته ،ورحمته قد سبقت غضبه وانتقامه، فهو سبحانه يمهل العاصي لعله يتوب، ويحلم على الغافل لعله يرجع، فإن تابوا ورجعوا إليه رحمهم ولطف بهم وغفر لهم إن أحسنوا واستقاموا، ولا يُنزل عقوبته بالمعرضين إلا بعد الإنذار والتحذير، وهو العزيز الجبار، وهو الرؤوف الرحيم سبحانه، ومتى أراد أن تحل بالخلق عقوبته لعتوهم وعنادهم فعل ولم يمانعه أحد.

والحمد لله رب العالمين.
--------------------------

المصادر:
تفسير البقاعي /تفسير السعدي/ تفسير ابن جرير الطبري/ تفسير ابن كثير/ تفسير ابن عاشور/ تفسير ابن عطية/ تفسير ابن الجوزي/ كتاب أسماء الله الحسنى لعُمر سليمان الأشقر/ فقه الأسماء الحسنى لعبد الرزاق عبد المحسن البدر.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 23 صفر 1440هـ/2-11-2018م, 08:00 AM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

تقويم مجلس تطبيقات على الأسلوب المقاصدي


أحسنتم جميعا سددكم الله ونفعكم ونفع بكم .

تذكير:

مما يعين على إتقان الأسلوب المقاصدي أو مقاربة الإتقان:
1. أن يجتهد المفسّر في استخراج مقصد الآية أولاً؛ فإن كان ظاهراً فالحمد لله، وإن كان غير ظاهر اجتهد في استخراج الفوائد السلوكية، وتأمَّلَ سياقَ الآيةِ وخاتمتها، ثم وازنَ بين الفوائد التي استخرجها من الآية وبين سياق الآية وخاتمتها؛ فإنه يُرجى له أن يقارب إصابة مقصد الآية.
2. أن يستخلص الهدايات الربانية الواردة في الآية، وغالباً ما تكون ظاهرة بيّنة.
3. أن يتأمّل هذه الهدايات جيداً ، ويتفكّر في حاجة الناس إليها، ثمّ يتحدّث عن ذلك بتفصيل مناسب، ويحشد لبيان هذه الحاجة مما اطّلع عليه من أقوال المفسرين، ومما أنعم الله به عليه من مخزون معرفي متراكم.
4. أن يتأمّل أحوال الناس في اتّباع تلك الهدايات الربانية ودرجاتهم في ذلك، والآثار الحسنة لتلك الهدايات على من اتّبعها.
5. أن يتفكّر في أحوال المعرضين والغافلين عن تلك الهدايات، والآثار السيئة لإعراضهم وغفلتهم، ويتحدّث عنها بتفصيل مناسب.
6. أن يتفكّر في خاتمة الآية وتناسبها مع مطلعها وسياقها ويستخلص الفوائد المتعلقة بما سبق منها.
7. أن يتفكر في تناسب هذه الهدايات مع مقاصد السورة والمقاصد القرآنية العامة.
---------------------------------------------------

- عبد الكريم محمد.أ+
أحسنت جدا بارك الله فيك.
تعبيرك ممتاز والأسلوب المقاصدي حاضر وواضح قد وُفقت فيه ولله الحمد .
ومع ذلك يٌؤخذ عليك ما يلي:
. ذكر مناسبة الآية بما قبلها ليُفهم الإبهام في كلمته " حال بني إسرائيل " وليتبين مصدر هذه القسوة.
. في الرسالة بعد الأخطاء الإملائية واللغوية عامة مثل: جات >> جاءت.
. معنى هبوط الحجارة من خشية الله
وأن هذه الخشية المنسوبة للحجارة حقيقة لا مجاز، يتبين بالرجوع لتفسيري ابن جرير الطبري وابن كثير .

- هويدا فؤاد.أ+
أحسنتِ بارك الله فيكِ وسددكِ رسالتك قيمة وأسلوبك حاضر .
. بعض الأحاديث التي أوردتيها لم تذكري تخريجها .
. بعض الأخطاء اللغوية مثل
ويُعد سبيل للهداية ؛( سبيلا )
يدخل فيه كل من مسلم، ( من أسلم).
وأقبل أعذارهم،(واقبل) بهمزة وصل .

. احرصي وفقكِ الله على أن تكون التفاسير المعتنية بأقوال السلف من ضمن قائمة مراجعك، ثم اختاري من بقية التفاسير الأسلوب المختار.

- عبدالكريم الشملان .ب
أحسنت بارك الله فيك.
. انتبه وفقك الله لكتابة الآية ( تعبدوا) بألف التفريق.
. الأدلة من الكتاب والسنة والآثار غابت عن رسالتك، كذلك لا أثر للمصادر التي استعنت بها .
. بيانك لمعنى الحكم ابتداءا مهم لا يمكن إغفاله، كما أنّك تطرقت لمسائل مهمة في بيان المقصد باختصار شديد أوحت برسالتك أنّها استنتاجية ، فلم تقف على كل منها بما يبين حقيقتها وأحوال الناس فيها . وغير ذلك .
رسالتك ستكون أفضل إن رُوعي فيها العناصر المذكورة في الدرس.

- ناديا عبده.ب+
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
. اجتهادك طيب مع بعض الملحوظات :
. لو تأملتِ الآية جيدا لوجدت أنّ فيها طرفين قد انتفت التسوية بينهما بأسلوب إنكاري، وفي كل طرف مشبه ومشبه به ؛كان يحسن بيان هذه المحاور أكثر بشيء من التفصيل لتدعم مقصد الآية ، وكذلك الاستفادة من ذكر الفوائد السلوكية وتوظيفها في بيان المقصد يقوي رسالتك أكثر.


- وحدة المقطري.ب
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
. لكن تقسيمك للرسالة إلى محاور متعددة أثّر على ظهور الأسلوب المقاصدي، فكان الأنسب أن تأتي على هذه المحاور جميعها متصلة بمقصد الآية .
فمثلا عندما ذكرتِ محور التفسير الإجمالي؛ كان بإمكانك توظيف المعنى كمقدمة يظهر فيها مقصدك من تفسير الآيات ، ثم عند ذكرك للتفسير التفصيلي تستفيدين من معاني الكلمات ودلالة الألفاظ والفوائد السلوكية في بيان تعلقها في مقصدك وتوضحي أثرها في هداية الناس وخطورة الغفلة عنها وغير ذلك من العناصر المذكورة في الدرس.
. كذلك في إيراد الآيات المتشابهة في محور منفصل ، كان يحسن ذكره أثناء الحديث عن طغيان الإنسان .



- حليمة السلمي.ب+
أحسنتِ بارك الله فيك.
. اجتهادك طيب مع بعض الملحوظات :
. المقدمة تحتاج لبعض الضبط في العبارات .
.مما يؤخذ على رسالتك أنّ الوقوف على معنى قوله تعالى :{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } لم يكن كافيا ،وأيضا ذكر سياق الآيات فيه ما يخدم مقصد رسالتك وكيف يكون الجهاد بالتزهد في الدنيا والتشويق للآخرة أثر في مرتبة الإحسان ونيل فضلها .
. كذلك يحسن الإتيان على أحوال الغافلين عن معنى الآيات وأثرها اليوم في حياتهم والاستفادة من الفوائد السلوكية المستنبطة من الآية وتوظيفها في مقاصد الآية.
.تم خصم نصف درجة للتأخير.


- ميمونة التيجاني.ب
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
. القصة التي أوردتيها في مطلع رسالتك بحاجة لأن تبيني للقارئ علاقتها بمقصد الآيات، ولا تكون مجرد إيراد لا يتبين بذكرها شيء.
. [فضرب الله لحالهم مع اخوانهم مثالا بحال الشيطان الذي غرر بالكافر] الصواب : حال الشيطان الذي غررّ بالإنسان ليكفر.
.[و تبريأتهم منهم] الصواب ، والتبرؤ منهم.

. غالب ما ذكرتِ من نقاط مفادها واحد، ولو أجملتيها في نقطة واحدة وأتيتِ على ذكر أحوال الغافلين عنها وآثارها عليهم كانت في الدلالة أبين وللمقصد أنسب.
. استنباطك للفوائد السلوكية مساعد لك في بيان المقصد فاحرصي على استنباطها بعناية وتحريرها بما يخدم الرسالة.
. الأسلوب الغالب على رسالتك هو أسلوب الاستنتاج.. انتبهي للكتابة الإملائية وفقكِ الله.
.تم خصم نصف درجة للتأخير.



- سعود الجهوري.أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
. تم خصم نصف درجة للتأخير.



- إنشاد راجح.أ
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
. كان ينبغي أن تذكري الآية السابقة في عنوان البحث لارتباطها ببيان المقصد.
.تم خصم نصف درجة للتأخير.

انتهت بفضل الله دورة أساليب التفسير .
شكرالله لكم ما قدمتم وتقبل منكم

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14 ربيع الثاني 1440هـ/22-12-2018م, 10:06 AM
صالحة الفلاسي صالحة الفلاسي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Feb 2017
المشاركات: 242
افتراضي

الأسلوب المقاصدي
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
تفسير قوله تعالى :{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}إبراهيم (25)
جاءت هذه الآيات في سورة إبراهيم والذي كان من أبرز مقاصدها هو التذكير بنعمة الإيمان والتحذير من نقمة الكفر، وجاءت هذه الآيات لتبين أهم نعمة على الأرض يمتن بها الله على خلقه وهي نعمة التوحيد ، متمثلة في هذا المثل العجيب لعلهم يتذكرون.
يقول سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تر أي: ألم تعلم كيف مثّل الله مثلا وشبّه له شبها ، فشبه سبحانه وتعالى كَلِمَةً طَيِّبَةً وهي لا إله إلا الله كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وهي النخلة المتمثلة بالمؤمن، ووجه الشبه بينهما أن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع، أَصْلُهَا ثَابِتٌ وهيقول "لا إله إلا الله"مخلصة في قلب المؤمن وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ فيرفع له بهذه الكلمة الأعمال الصالحة إلى السماء.
وجاء في معنى الكلمة الطيبة أنها هي : إيمان المؤمن ، ذكره ابن جرير عن ابن عباس، قوله: كَلِمَةً طَيِّبَةً ، شهادةُ أن لا إله إلا الله ، كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وهو المؤمن أَصْلُهَا ثَابِتٌ ، يقول: لا إله إلا الله، ثابتٌ في قلب المؤمن وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ، يقول: يُرْفَع بها عملُ المؤمن إلى السماء.
وجاء عن الربيع بن أنسقوله: كَلِمَةً طَيِّبَةً ، قال: هذا مَثَلُ الإيمان، فالإيمان الشَّجرة الطيبة، وأصله الثابت الذي لا يزول الإخلاصُ لله، وفرعُه في السماء، فَرْعُه خشْية الله. رواه ابن جرير.
وجمهور المفسرين على أن الكلمة الطيبة هنا هي شهادة أن لا إله إلا الله ، مثلّها الله بالشجرة الطيبة ، فإنها تثمر كل الأعمال الصالحة الظاهرة منها والباطنة.
أما الشجرة الطيبة التي جُعلت للكلمة الطيبة مثلا ، فاختلف فيها: فقيل: هي النخلة ، روي ذلك عن أنس بن مالك، وابن مسعود، ومجاهد وعكرمة ، وقتادة ، والضحاك، وابن زيد وروي ذلك في أحاديث كثيرة ، و منها ما ذكره البخاري في صحيحه عن ابن عمر قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "أَخْبِرُونِي عَنْ شَجَرَةٍ تُشْبِهُ -أَوْ: كَالرَّجُلِ -اَلْمُسْلِمِ، لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا [وَلَا وَلَا وَلَا] تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ". قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "هِيَ النَّخْلَةُ". فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَا، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا .
وقيل: هو المؤمن نفسه ،روي ابن جرير عن عطية العوفي في قوله: {ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} ، قال: ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرُج منه كلام طيبٌ وعمل صالح يَصْعَد إليه.
وقيل: هو شجر من الجنة،عن ابن عباس، في قوله تعالى:{ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها}، قال: هي شجرة في الجنة. رواه ابن جرير.
ولا أختلاف بين هذه الأقوال ، فالمقصود بالمثل المؤمن ، والنخلة مشبه به وهو مشبه بها ، والنخلة تعد من أشرف شجر الجنة.


{تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}
تُؤْتِي أُكُلَهَا أي : ثمرها كُلَّ حِينٍ والحين في اللغة : القطيع من الزمان غير محدود ، كقوله تعالى:{هل أتى على الإنسان حين من الدهر} أو محدد كقوله {ولتعلمن نبأه بعد حين}.
و قال الزجاج: أنَّ الحِينَ اسْمٌ كالوَقْتِ، يَصْلُحُ لِجَمِيعِ الأزْمانِ كُلِّها، طالَتْ أوْ قَصَرَتْ.
واختلف في مقدار الحين: قيل : سنة ، أتى رجل ابن عباس فقال: إني نذرت أن لا أكلم رجلا حينًا؟ فقال ابن عباس:{تؤتي أكلها كل حين} ، فالحين سَنَة . رواه ابن جرير
وقيل : ستة أشهر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "الحين"، ستة أشهر. رواه ابن جرير.
وقال ابن المسيب: الحين شهران ، لأن النخلة تدوم مثمرة شهران ، بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. رواه ابن جرير.

وقيل: الحين : غدوة وعشية، عن ابن عباس: {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} ، قال: يذكر الله كلّ ساعة من الليل والنهار. رواه ابن جرير
"ومِن قالَ: "الحِينُ سَنَةٌ" راعى أنَّ ثَمَرَ النَخْلَةِ وجَناها إنَّما يَأْتِي كُلَّ سَنَةٍ، ومَن قالَ: "سِتَّةُ أشْهُرٍ" راعى مِن وقْتِ جَدادِ النَخْلَةِ إلى حَمْلِها مِنَ الوَقْتِ المُقْبِلِ، وقِيلَ: إنَّ التَشْبِيهَ وقَعَ بِالنَخْلِ الَّذِي يُثْمِرُ مَرَّتَيْنِ في العامِ، ومَن قالَ: "شَهْرَيْنِ" قالَ: هي مُدَّةُ الجَنْيِ في النَخْلِ، وكُلُّهم أفْتى بِقَوْلِهِ في الإتْيانِ عَلى الحِينِ" ذكره ابن عطية.
فإن قيل: ما وجه الشبه بين "الكلمة الطيبة" وهي إيمان المؤمن وتوحيده ، وبين الشجرة
الطيبة وهي النخلة؟
فيقال: إن كلمة التوحيد إذا أخلص فيها العبد و رسخت في قلب المؤمن وعرف معناها وحقيقتها وقام بها بلسانه وقلبه ، أثمرت الأعمال الصالحة في كل وقت وحين ، فأصل الإيمان الثابت في القلب الذي لا يزول هو الإخلاص لله و فرعه الذي في السماء هو خشية الله (قاله الربيع بن أنس)، وثماره هي الأعمال الصالحة والكلم الطيب الذي لا يزال يصعد إلى الرب جل وعلا في كل وقت وحين. فبحسب رسوخ هذه الكلمة في قلب المؤمن أثمرت وصعدت له الأعمال الصالحة. وشُبهت في المثل بالنخلة لطيبها ، وثباتها على الأرض ، وعلو فروعها إلى السماء ، وطيب ثمرها.
وبيّن هذا المثل أثر التوحيد والأخلاص على صعود الأعمال وقبولها ، فكلما كان الإخلاص ثابتا في القلب كان العمل مرفوعا إلى السماء
مقبولا عند الله سبحانه وتعالى ، وقيل {وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}: يرفع ذكره في السماء.
ويتبين كذلك من هذا المثل أنه كما أن للشجرة جذور وساق وفروع وورق وثمار ، فكذلك شجرة التوحيد في قلب المؤمن جذورها العلم والمعرفة واليقين ، وساقها الإخلاص ، وفروعها الأعمال الصالحة التي تثمر تزكية للقلب وللخلق ، فإذا كان العلم صحيحا في قلب المؤمن مُخلصا لله وحده ، موافقا لسنة نبيه ، تيقين أن شجرة التوحيد الإيمان تكون ثابتا في قلبه.
وكما أن الشجرة لا تحيا وتنمو إلا بمادة حياتها وهو الماء ، فكذلك شجرة الإيمان لا تحيا إلا بالعلم النافع والعلم الصالح.
أيضا كما أن الشجرة معرضة للأخطار من الهوام والتي قد تؤذي جذورها وتسبب أمراضها ولابد لها من التوخي والحرص ، فكذلك شجرة الإيمان والتوحيد معرضة لما ينقص من إيمانها من الفتن والبدع والشرور ، فلا بد لها من التعاهد. ولعظم نعمة التوحيد ، وجب على العبد المؤمن أن تعظم عنايته بهذا الفضل العظيم وأن يسأل الله ملحّا في سؤاله أن يحفظها من السلب والنقصان وأن يديمها عليه وعلى المسلمين أجمعين. اللهم آمين.

المراجع:
جامع البيان — ابن جرير الطبري (٣١٠ هـ).
المحرر الوجيز — ابن عطية (٥٤٦ هـ).
تفسير ابن قيّم الجوزيّة — ابن القيم (٧٥١ هـ).
تفسير القرآن العظيم — ابن كثير (٧٧٤ هـ).

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 23 ربيع الثاني 1440هـ/31-12-2018م, 09:13 PM
هيئة التصحيح 2 هيئة التصحيح 2 غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 3,810
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صالحة الفلاسي مشاهدة المشاركة
الأسلوب المقاصدي
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
تفسير قوله تعالى :{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}إبراهيم (25)
جاءت هذه الآيات في سورة إبراهيم والذي كان من أبرز مقاصدها هو التذكير بنعمة الإيمان والتحذير من نقمة الكفر، وجاءت هذه الآيات لتبين أهم نعمة على الأرض يمتن بها الله على خلقه وهي نعمة التوحيد ، متمثلة في هذا المثل العجيب لعلهم يتذكرون.
يقول سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تر أي: ألم تعلم كيف مثّل الله مثلا وشبّه له شبها ، فشبه سبحانه وتعالى كَلِمَةً طَيِّبَةً وهي لا إله إلا الله كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وهي النخلة المتمثلة بالمؤمن، ووجه الشبه بينهما أن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع، أَصْلُهَا ثَابِتٌ وهيقول "لا إله إلا الله"مخلصة في قلب المؤمن وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ فيرفع له بهذه الكلمة الأعمال الصالحة إلى السماء.
وجاء في معنى الكلمة الطيبة أنها هي : إيمان المؤمن ، ذكره ابن جرير عن ابن عباس، قوله: كَلِمَةً طَيِّبَةً ، شهادةُ أن لا إله إلا الله ، كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وهو المؤمن أَصْلُهَا ثَابِتٌ ، يقول: لا إله إلا الله، ثابتٌ في قلب المؤمن وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ، يقول: يُرْفَع بها عملُ المؤمن إلى السماء.
وجاء عن الربيع بن أنسقوله: كَلِمَةً طَيِّبَةً ، قال: هذا مَثَلُ الإيمان، فالإيمان الشَّجرة الطيبة، وأصله الثابت الذي لا يزول الإخلاصُ لله، وفرعُه في السماء، فَرْعُه خشْية الله. رواه ابن جرير.
وجمهور المفسرين على أن الكلمة الطيبة هنا هي شهادة أن لا إله إلا الله ، مثلّها الله بالشجرة الطيبة ، فإنها تثمر كل الأعمال الصالحة الظاهرة منها والباطنة.
أما الشجرة الطيبة التي جُعلت للكلمة الطيبة مثلا ، فاختلف فيها: فقيل: هي النخلة ، روي ذلك عن أنس بن مالك، وابن مسعود، ومجاهد وعكرمة ، وقتادة ، والضحاك، وابن زيد وروي ذلك في أحاديث كثيرة ، و منها ما ذكره البخاري في صحيحه عن ابن عمر قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: "أَخْبِرُونِي عَنْ شَجَرَةٍ تُشْبِهُ -أَوْ: كَالرَّجُلِ -اَلْمُسْلِمِ، لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا [وَلَا وَلَا وَلَا] تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ". قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "هِيَ النَّخْلَةُ". فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَا، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا .
وقيل: هو المؤمن نفسه ،روي ابن جرير عن عطية العوفي في قوله: {ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} ، قال: ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرُج منه كلام طيبٌ وعمل صالح يَصْعَد إليه.
وقيل: هو شجر من الجنة،عن ابن عباس، في قوله تعالى:{ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها}، قال: هي شجرة في الجنة. رواه ابن جرير.
ولا أختلاف بين هذه الأقوال ، فالمقصود بالمثل المؤمن ، والنخلة مشبه به وهو مشبه بها ، والنخلة تعد من أشرف شجر الجنة.


{تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}
تُؤْتِي أُكُلَهَا أي : ثمرها كُلَّ حِينٍ والحين في اللغة : القطيع من الزمان غير محدود ، كقوله تعالى:{هل أتى على الإنسان حين من الدهر} أو محدد كقوله {ولتعلمن نبأه بعد حين}.
و قال الزجاج: أنَّ الحِينَ اسْمٌ كالوَقْتِ، يَصْلُحُ لِجَمِيعِ الأزْمانِ كُلِّها، طالَتْ أوْ قَصَرَتْ.
واختلف في مقدار الحين: قيل : سنة ، أتى رجل ابن عباس فقال: إني نذرت أن لا أكلم رجلا حينًا؟ فقال ابن عباس:{تؤتي أكلها كل حين} ، فالحين سَنَة . رواه ابن جرير
وقيل : ستة أشهر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "الحين"، ستة أشهر. رواه ابن جرير.
وقال ابن المسيب: الحين شهران ، لأن النخلة تدوم مثمرة شهران ، بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. رواه ابن جرير.

وقيل: الحين : غدوة وعشية، عن ابن عباس: {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} ، قال: يذكر الله كلّ ساعة من الليل والنهار. رواه ابن جرير
"ومِن قالَ: "الحِينُ سَنَةٌ" راعى أنَّ ثَمَرَ النَخْلَةِ وجَناها إنَّما يَأْتِي كُلَّ سَنَةٍ، ومَن قالَ: "سِتَّةُ أشْهُرٍ" راعى مِن وقْتِ جَدادِ النَخْلَةِ إلى حَمْلِها مِنَ الوَقْتِ المُقْبِلِ، وقِيلَ: إنَّ التَشْبِيهَ وقَعَ بِالنَخْلِ الَّذِي يُثْمِرُ مَرَّتَيْنِ في العامِ، ومَن قالَ: "شَهْرَيْنِ" قالَ: هي مُدَّةُ الجَنْيِ في النَخْلِ، وكُلُّهم أفْتى بِقَوْلِهِ في الإتْيانِ عَلى الحِينِ" ذكره ابن عطية.
فإن قيل: ما وجه الشبه بين "الكلمة الطيبة" وهي إيمان المؤمن وتوحيده ، وبين الشجرة
الطيبة وهي النخلة؟
فيقال: إن كلمة التوحيد إذا أخلص فيها العبد و رسخت في قلب المؤمن وعرف معناها وحقيقتها وقام بها بلسانه وقلبه ، أثمرت الأعمال الصالحة في كل وقت وحين ، فأصل الإيمان الثابت في القلب الذي لا يزول هو الإخلاص لله و فرعه الذي في السماء هو خشية الله (قاله الربيع بن أنس)، وثماره هي الأعمال الصالحة والكلم الطيب الذي لا يزال يصعد إلى الرب جل وعلا في كل وقت وحين. فبحسب رسوخ هذه الكلمة في قلب المؤمن أثمرت وصعدت له الأعمال الصالحة. وشُبهت في المثل بالنخلة لطيبها ، وثباتها على الأرض ، وعلو فروعها إلى السماء ، وطيب ثمرها.
وبيّن هذا المثل أثر التوحيد والأخلاص على صعود الأعمال وقبولها ، فكلما كان الإخلاص ثابتا في القلب كان العمل مرفوعا إلى السماء
مقبولا عند الله سبحانه وتعالى ، وقيل {وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}: يرفع ذكره في السماء.
ويتبين كذلك من هذا المثل أنه كما أن للشجرة جذور وساق وفروع وورق وثمار ، فكذلك شجرة التوحيد في قلب المؤمن جذورها العلم والمعرفة واليقين ، وساقها الإخلاص ، وفروعها الأعمال الصالحة التي تثمر تزكية للقلب وللخلق ، فإذا كان العلم صحيحا في قلب المؤمن مُخلصا لله وحده ، موافقا لسنة نبيه ، تيقين أن شجرة التوحيد الإيمان تكون ثابتا في قلبه.
وكما أن الشجرة لا تحيا وتنمو إلا بمادة حياتها وهو الماء ، فكذلك شجرة الإيمان لا تحيا إلا بالعلم النافع والعلم الصالح.
أيضا كما أن الشجرة معرضة للأخطار من الهوام والتي قد تؤذي جذورها وتسبب أمراضها ولابد لها من التوخي والحرص ، فكذلك شجرة الإيمان والتوحيد معرضة لما ينقص من إيمانها من الفتن والبدع والشرور ، فلا بد لها من التعاهد. ولعظم نعمة التوحيد ، وجب على العبد المؤمن أن تعظم عنايته بهذا الفضل العظيم وأن يسأل الله ملحّا في سؤاله أن يحفظها من السلب والنقصان وأن يديمها عليه وعلى المسلمين أجمعين. اللهم آمين.

المراجع:
جامع البيان — ابن جرير الطبري (٣١٠ هـ).
المحرر الوجيز — ابن عطية (٥٤٦ هـ).
تفسير ابن قيّم الجوزيّة — ابن القيم (٧٥١ هـ).
تفسير القرآن العظيم — ابن كثير (٧٧٤ هـ).
أحسنتِ بارك الله فيكِ.
فاتكِ بيان بعض العناصر المهمة في الأسلوب المقاصدي وهي:

التنبيه على بعض مخالفات الناس في أهمية التوحيد، وأثر ذلك عليهم، وكيفية التخلص من أثر هذه المخالفات، وكيفية السلامة مما يحل عليهم من عقوبات بسببها، وبيان طريق السلامة والفوز برضا الله تعالى وثوابه.



الدرجة: ب
تم خصم نصف درجة على التأخير.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir