خاتِمَةٌ (1)
16- حُسْنُ الابتداءِ هو أن يَجعلَ المتكلِّمُ(2) مبدأَ كلامِه عَذْبَ اللفظِ(3) حَسَنَ السَّبْكِ(4) صحيحَ المعنى(5)، فإذا اشتَملَ(6) على إشارةٍ لطيفةٍ(7) إلى المقصودِ(8) سُمِّيَ(9) براعةَ الاستهلالِ(10)، كقولِه(11) في تهنئةٍ(12) بزوالِ مرَضٍ:
الْمَجْدُ عُوفِيَ إذ عُوفِيتَ(13) والكرَمُ ..... وزالَ عنك إلى أعدائِك السَّقَمُ (14)
وكقولِ الآخَرِ(15) في التهنئةِ ببناءِ قصْرٍ:
قصْرٌ عليه تحيَّةٌ وسلامُ ..... خَلَعَتْ عليه جَمَالَها الأيَّامُ(16)
___________________________
(1) خاتِمةٌ
نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَها.
(2) (حُسْنُ الابتداءِ هو أن يَجعَلَ المتكلِّمُ ) شاعراً كانَ أو كاتِباً.
(3) (مَبْدأَ كلامِه عذْبَ اللَّفظِ) أي: حسَنَه بأن يكونَ في غايةِ البُعدِ عن التنافرِ واستثقالِ الطبْعِ ومخالَفةِ القياسِ.
(4) (حَسَنَ السَّبْكِ) أي: الصياغةِ والتركيبِ بأن يكونَ في غايةِ البُعدِ عن التعقيدِ اللفظيِّ وضعْفِ التأليفِ وتنافُرِ الكلماتِ مطابِقاً لما يَقتضيه الحالُ.
(5) (صحيحَ المعنى) بأن يَسلَمَ من إيهامِ التناقضِ ومن البُطلانِ ومن الابتذالِ بحيث يَعرفُه كلُّ أحدٍ ومن مخالَفةِ العُرفِ ومن عدَمِ المطابَقةِ لِمُقتضَى الحالِ.
(6) (فإذا اشتَملَ) أي: مَبدأُ كلامِه.
(7) (على إشارةٍ لطيفةٍ) ولو كانت خَفِيَّةً.
(8) (إلى المقصودِ) الذي سِيقَ الكلامُ لأجلِه.
(9) (سُمِّيَ) أي: الابتداءُ المناسِبُ للمقصودِ.
(10) (براعةَ الاستهلالِ) أي: استهلالٌ بارعٌ , أي: أوَّلٌ وابتداءٌ فائقٌ لغيرِه من الابتداءاتِ التي ليست مُشعِرةً بالمقصودِ , وقد يُطلَقُ هذا الاسمُ أيضا على نفسِ الاشتمالِ المذكورِ أي: كونُ الابتداءِ مناسِباً للمقصودِ.
(11) (كقولِه) أي: أبي الطيِّبِ.
(12) (في تهنئةٍ) بالهمزةِ , وهي إيجادُ كلامٍ يَزيدُ سروراً بشيءٍ مفروحٍ به.
(13) (بزوالِ مرَضٍ: الْمَجْدُ عُوفي إذ عُوفِيتَ) أي: أنتَ.
(14) (والكرمُ وزالَ عنك إلى أعدائِكَ السَّقَمُ) أي: المرَضُ فاعلُ زالَ.
(15) (وكقولِ الآخَرِ) وهو أشجَعُ السُّلَمِيُّ.
(16) (في التهنئةِ ببناءِ قصْرٍ: قصْرٌ عليه تحِيَّةٌ وسلامُ خلَعَتْ عليه جمالَها الأيَّامُ) بالرفْعِ فاعلٌ، ضَمَّنَ خلَعَ معنى طرَحَ فعدَّاه للمفعولِ الثاني بعلى, والمعنى أنَّ الأيامَ نزَعَتْ جمالَها وطرَحَتْه على ذلك القصْرِ, وفي نسبةِ الخلْعِ إلى الأيَّامِ دَلالةٌ على تشبيهِ الأيَّامِ برجُلٍ له لِباسٌ جميلٌ نزَعَه وطرَحَه على غيرِه, فجمالُ الأيَّامِ كلِباسٍ ألْبَسَه ذلك القصْرَ.