بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص لمحاضرة بعنوان "كيف تقرأ كتب شيخ الإسلام" للشيخ صالح آل الشيخ
§ شيخ الإسلام له مؤلفات كثيرة، وكلام كثير على المسائل في الاعتقاد وفي الفقه وفي التأصيل وفي التفسير وفي شتى العلوم الشرعية الأصلية، وكلامه رحمه الله وتعالى على مكانته عميق غزير كثير الفوائد جم العوائد؛ ولكن أكثر كلامه يحتاج إلى تبصر ونظر، يحتاج إلى من يكون عالما بالعلوم الشرعية أو طالب علم فيها حتى يفهم مراده في كلامه
§ وصف بأنه إذا تكلم في فن ظُن أنه لا يحسن إلا ذلك الفن
§ وإذا ناظر أو تكلم مع أحد المتخصصين في فن من الفنون أفاده بأشياء لم تكن عنده
§ وهو إمام أثَّر في العالم أثر في المسلمين وجدد الدين فهو مجدد المائة السابعة
§ وفهم كلامه ينبني على أشياء، لابد للقارئ فهمها قبل قراءة كتبه رحمه الله
- مميزات كلام شيخ الإسلام ابن تيمية:
§ أولا:ü أنه كان رحمه الله تعالى يوجز الكلام في مسألة في موضع ويبسطها في موضع آخر
ü ما اختصر فيه يكون هو زبدة كلامه، وما طوَّل فيه يكون هو تفصيل كلامه والاستدلال له والتنظير له
§ ثانيا:ü تميز كلامه بأنه ألَّف التآليف فيما يريد وخاصة في مسائل الاعتقاد، فجعل منها تواليف مختصرة، وجعل منها تواليف مطولة، والمختصرة كما سيأتي هي ذريعة المطولة والوسيلة إليها، فمن لم يفهم المختصرات التي ألفها شيخ الإسلام فإنه لن يعي معاني المطولات
ü المختصرات:§ في العقيدة الواسطية والحموية والتدمرية
§ وله في السلوك التحفة العراقية
§ وله في الكرامات قاعدة في المعجزات والكرامات
§ إلى آخره، هذه مختصرات يؤصل فيها الكلام، ويكون هو خلاصة ما عنده من العلم في ذلك
ü وأما المطولات فيبسط فيها القول ويذكر أقوال المخالفين ويذكر ما يحتاج إلى ذكره من الرد عليهم
§ ثالثا: ü تميز كلامه رحمه الله بتأصيل واستطراد، :§ فالتأصيل : ما يذكر فيه أصل المسألة ويذكر فيه صورتها، ويذكر فيه الحكم عليها
§ والاستطراد : · إما بنقل الأقوال التي تؤيد كلامه
· وإما ينقل النظائر التي تدل على أن قوله الذي ذكره صواب وأنه هو الراجح
· وإما يكون استطر ببيان أقوال المخالفين في هذه المسألة والرد عليها
§ والكلام المستطرد لا يراد منه تأصيل المسألة وإنما يراد منه التدليل على صحة الأصل:· إما بتقعيد
· أو تنظير
· أو استدلال
· أو نُقُول
· أو برد على مخالف
· أو بيان ضعف حجة من خالف ذلك التأصيل
§ مثال :· كتابه اقتضاء الصراط المستقيم يمكن أن يُلَخَّص في أربعين خمسين صفحة؛ لكنه يذكر المسألة ثم يستطرد كثيرا.
· كذلك في أول درء التعارض تجد أنه رد بردود مختصرة، ثم بعد ذلك استطرد بأخذ الأوجه على إبطال قانون الرازي وأتبعه باستطرادات مختلفة تبين بطلانه إما من جهة التنظير أو النقول والرد عليها.
§ تنبيه :· على طالب العلم الذي ينظر في كلام شيخ الإسلام أن يفرق ما بين التأصيل والتنظير، وما بين التأصيل والاستطراد، ولا يأخذ المسألة دائما من الاستطراد
§ رابعا :ü أيضا من مميزات كلامه رحمه الله: أن كلامه يكثر فيه المحكم والمتشابه . فما يقرره يكون عنده محكم، وتارة يكون كلامه _إما في الاستطراد أو أحيانا في بعض التأصيل_ يكون من المتشابه.
ü ومعنى المحكم : ما يتضح معناه
ü والمتشابه :§ ما يحتمل المعنى
§ أو لا يتضح
§ أو يكون مشكلا على أصول السلف ، لأن شيخ الإسلام رحمه الله كان متابعا للسلف الصالح لا يخرج عن أقوالهم، وخاصة أقوال أئمة أهل الحديث كأحمد وباقي الأئمة
ü وحل هذا المتشابه بالنظر في المواضع الأخر التي تكلَّم فيها عن هذه المسألة فيكون في الموضع الآخر إيضاح لهذا الموضع الذي اشتبه على الناظر
§ خامسا:ü من مميزات كلامه أنه يكثر النقول، ويسهب في النقل على أهل العلم، وهذا الإسهاب في النقل للتدليل على أن ما ذهب إليه ليس متفردا به أو ليس غريبا
ü كما أكثر من النقول في الحموية، وكما أكثر من النقول في مواضع في درء التعارض، وفي رده على الرازي إلى آخر كتبه رحمه الله.
§ سادسا:ü أنه يكثر الاستدلال، وهذا من مزاياه رحمه الله أنَّ أدلته التي يوردها كثيرة ومتنوعة :§ فيستدل بآيات القرآن استدلالا مستفيضا
§ ويستدل بالسنن ويميز رحمه الله بين المقبول منها وغير المقبول
§ ويستدل بما أدرجه أئمة السنة قبله في تواليفهم وما لم يوردوه
§ كذلك يستدل بالإجماع إذا وجد
§ كذلك يستدل بالقياس
§ ويستدل بالتقعيد الفقهي
§ وأيضا يستدل بأقوال الصحابة فيما يريد تقريره
§ ويستدل بالتنظير
§ سابعا :ü كثرة استعماله لعلوم الآلة :§ فيكثر من استعمال أصول الفقه
§ ويكثر من استخدام النحو في الموارد التي يحتاجها
§ وأيضا يكثر من استخدام ما يحتاجه من كلام المناطقة وكلام المتكلمين فيما يريد تقريره أو ما يريد الرد فيه على المخالفين
§ ثامنا وأخيرا :ü أنه رحمه الله يستعمل مصطلحات أهل الفنون، ولكل فن مصطلح، وهذه التي يسميها العلماء اللغة العرفية :§ فإذا تكلم في مسألة فقهية استخدم كلام أهل الفقه؛ لغة الفقهاء
§ وإذا تكلم في مسائل عقدية استخدم لغة ذلك العلم
§ وإذا تكلم في مسائل أصولية استخدم لغة الأصوليين
§ وإذا تكلم في مسائل لغوية أو نحوية استخدم لغة أهل ذلك الفن
§ وإذا تكلم مع أهل السلوك والصوفية استخدم لغة أولئك.
ü وعليه فإذا نظر الناظر في كلام شيخ الإسلام وقرأ كلامه على غير معرفة بمراده بتلك الكلمات والاصطلاحات انتقل إلى ذهنه أنه يريد من تلك المسألة أو من تلك الكلمات ما في ذهنه من معنى تلك الكلمة، فيقع الخلط كما يقع في كلام عدد ممن ينقلون عن شيخ الإسلام ولا يفهمون مرامي كلامه
ü تنبيه :§ لغة العلم محكمة، ويتميز أهل العلم فيما بينهم ويتفاضلون بمقدار استعمالهم للغة العلم، فكلما كان العالم أكثر استعمالا للغة العلم كلما كان قدرْه وتأصيله أرفع؛ لأن لغة العلم محكَّمة وتنفي التداخل، وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى طبق ذلك كثيرا فتجده يستخدم المصطلحات التي يستخدمها أهل العلوم التي يتكلم فيها
§ إذا أشكل شيء من كلام شيخ الإسلام :
ü إذا أشكل عليك بعض ما تميز به كلامه مما ذكر في مسألة أو في اصطلاح أو في استعمال أو في استدلال أو في مذهب نقضه أو في مذهب أيَّده، وأشكل ذلك فإذا أردت أن تعلم طريقته أو مذهبه فترجع إلى كلام ابن القيم رحمه الله؛ لأن ابن القيم في كتبه يفصل كلام شيخ الإسلام، ويبيِّن ما فيه ويكثر الاستدلال له، ويوضحه إيضاحا مفصلا
- الفرق بين ابن القيم وابن تيمية في الردود :
§ من الكلمات المأثورة عن الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله رحمة واسعة أنه كان يقول: شيخ الإسلام ابن تيمية يأتي إلى جدار الباطل فيلطمه حتى يتعدد، وأما ابن القيم فيأخذ هذا الجدار حجرا حجرا فيكسره إلى أشلاء.
§ وهذا صحيح فإن شيخ الإسلام يرد بالأصول ويرد بالفروع وبالتنظير مرة واحدة، حتى ترى وصف من وصفه بأنه كالموج المتلاطم، أما ابن القيم فهو مرتب، يأتي: الوجه الأول الوجه الثاني الوجه الثالث، فيأخذ كل مسألة على حدا ويورد الكلام عليها مفصلة واضحة، أما شيخ الإسلام فهو يموج ولهذا يقع الالتباس في فهم كلام شيخ الإسلام أكثر مما يقع الالتباس في فهم كلام ابن القيم رحمه الله تعالى، ولكل درجات.
يتبع .......