النوع التاسع
كلمات تسمى أسماء الأفعال بعضها ترفع – وبعضها تنصب.
ولما فرغ المصنف عن بيان النوع الثامن فقال النوع التاسع: كلمات تسمى أسماء الأفعال بعضها ترفع وبعضها تنصب.
فقوله: بعضها ترفع- وبعضها تنصب إشارة إلى أن بعض تلك الكلمات لازمة وبعضها متعدية
وهي تسع كلمات:
أي أسماء الأفعال تسع كلمات:
(أ) الناصبة منها ست: أي الناصبة من التسع ست كلمات – وإنما قدم المصنف الناصبة على الرافعة لكونها أكثر بالنسبة إلى الرافعة – فللأكثر اهتمام بالنسبة للأقل – فلذا قدم-
1 – الأولى: رويد
نحو: رويدا زيدا.
فرويدا: اسم فعل، والضمير فيه فاعل.
وزيدا: مفعول.
واعلم أن (رويد) مصدر في الأصل ثم صغر بعد الترخيم بأن حذف منه الزوائد ثم سمى به الفعل، وجعل هذا الحذف والتغيير دليلا على أنه خلع منه معنى المصدرية – وبنى كما أن فعل الأمر مبني
وإنما استوى فيه الواحد والاثنان والجمع فرقا بينه وبين الفعل – وقد يستعمل "رويد" مصدرا مضافا إلى المفعول نحو:
رويد زيد:
أصله: أرود زيدا: ثم حذف الفعل وأقيم المصدر مقام الفعل ثم أضيف المصدر إلى المفعول فقيل: رويد زيد مثل {ضرب الرقاب} أصله: اضربوا الرقاب ضربا.
ثم حذف الفعل: وهو: اضربوا وأقيم المصدر وهو ضربا مقام اضربوا ثم أضيف المصدر الذي هو ضربا إلى الرقاب وسقط التنوين بالإضافة.
فقيل: ضرب الرقاب.
وقد يستعمل (رويدا) منصوبا منونا على أنه صفة لمصدر نحو: سار سيرا رويدا فرويدا.
منصوب منون على أنه صفة سيرا
وضعه وضعا رويدا.
ضع: فعل لأمر المخاطب – وفاعله: أنت مستتر فيه استتارا واجبا.
والهاء: مفعول به.
ووضعا: مفعول مطلق.
ورويدا: صفة له.
وقد يستعمل رويدا منصوبا منونا على أنه حال نحو:
ساروا رويدا أي: ساروا حال كونهم مردوين.
وإذا ألحق الكاف لرويد وهو اسم فعل كان الكاف مجردا للخطاب ولا محل لها من الإعراب مثلها في ذلك نحو.
رويدك زيدا-
وأما صه
فهو بمعنى اسكت لكن (رويد) متعد وصه لازم.
ولهذا ما ذكر المصنف (صه) وإن كان اسم فعل بمعنى الأمر لأنه ذكر هنا ما يعمل النصب.
وصه ما يعمل النصب.
فإن قيل: إن المقرر عندهم أن معمول أسماء الأفعال لا يتقدم عليها فنحو: {كتاب الله عليكم} يشكل به – لأن كتاب الله: معمول عليكم وقد تقدم قبل.
قيل: إن كتاب الله: ليس معمول عليكم بل معمول لفعل دل عليه مضمون الكلام فكأنه قيل: كتب الله كتاباً عليكم.
فكتابا: معمول كتب الله.
وعليكم: صلة كتابا.
فإن قيل: قد تغضيت عن الإيراد الوارد "بكتاب الله عليكم" بقوله: إن كتاب ليس معمول عليكم – بل معمول لفعل دل عليه مضمون الكلام فما تقول: في قولهم: "دلوي دونك".
فدلوي: معمول دونك – وقد تقدم عليه –
قيل: إن دلوي مبتدأ
ودونك: بمعنى: قدامك: خبره.
أي: دولي قدامك.
2 – وبله
نحو: بله زيدا.
أي الثانية من الست بله. نحو: بله زيدا.
فبله اسم لدع – والضمير فيه: فاعل بله.
وزيدا: مفعوله.
وقد يستعمل بله مصدرا مضافا إلى المفعول نحو:
بله زيد. أي: ترك زيد- أصله: اترك زيدا تركا.
ثم حذف اترك وأقيم تركاً مقام اترك - وأضيف تركا إلى زيد فسقط التنوين للإضافة فصار: ترك زيد.
3 – و– "دونك"
نحو: دونك زيدا أي: خذ زيدا
أي: الثالثة: من الست دونك. نحوك دونك زيدا.
فدونك: اسم لخذ والضمير فيه فاعل دونك.
وزيدا: مفعول.
والكاف: للخطاب.
4 – و– "عليك"
نحو: عليك زيدا. أي الزمه.
أي الرابعة منها عليك – نحو: عليك زيدا.
فعليك: اسم لـ الزم، والضمير فيه: فاعل عليك.
وزيدا: مفعول.
وعليك جار ومجرور في الأصل
ودونك: ظرف في الأصل.
ثم جعلا اسمين للفعل – لأن الجار والمجرور، والظرف ينوبان مناب الفعل – ويغنيان غناءه، نحو:
زيد في الدار. وعمرو عندك.
أصله: مستقر في الدار-
وعمرو كائن عندك.
5 – و"ها"
نحو: ها زيدا: أي: خذ زيدا.
أي: الخامسة منها "ها" نحو: ها زيدا.
فها: اسم لخذ – والضمير فيه فاعل: ها.
وزيدا: مفعول – ويلحقها الكاف: نحو:
هاك – وهاكما – وهاكم.. إلى آخره.
6 – و- حيهل
نحو: حيهل الصلاة والثريد - أي: اسمهما.
أي: السادسة منها: حيهل نحو: حيهل الصلاة والثريد – فحيهل: اسم لأنت – والضمير فيه فاعل حيهل.
والصلاة: مفعول حيهل.
والثريد: عطف على الصلاة.
وحيهل بفتح اللام بغير تنوين – ومع تنوين حيهلا.
وقد يتعدى بالباء وعلى وإلى كما في الحديث: ((إذا ذكر الصالحون فحيهل بعمر)) – فيروى "على عمر" – و"إلى عمر".
ويقال حيهلا بإثبات الألف بلا تنوين – وحيهل بفتح الهاء وسكون اللام.
(ب) والرافعة منها ثلاث كلمات:
لما فرغ المصنف عن بيان الكلمات الناصبة شرع في بيان الكلمات الرافعة.
وقال: والرافعة منها أي الرافعة من التسع ثلاث كلمات.
1 – الأولى من الثلاث: هيهات
بفتح التاء عند الحجازين – هيهات.
وبكسر التاء عند تميم – هيهات.
وبضم التاء عند بعضهم – هيهات
وتنون في الثلاث. [تَ – تِ – تا.]
ويقال: إيهات بإبدال الهاء الأولى همزة.
ويقال: إيهاك: بإبدال التاء كاف أيضا.
ويقال: إيهان: بإبدال التاء نونا مكسورة.
وهيها: بحذف التاء.
وهيهات: بسكون التاء.
وأيها: بلا نون.
نحو: هيهات زيد= أي بعد.
فهيهات: اسم لبعد.
وزيد: فاعل هيهات.
وأصل هيهات- هيهي – قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
2- والثانية منها شتان
نحو: شتان زيد وعمرو أي افترقا.
فشتان: اسم لافترقا.
وزيد: فاعل شتان – وعمرو: معطوف على زيد.
وقد تزاد بعد شتان "ما" توكيدا نحو.
شتان ما زيد وعمرو – أي: افترقا زيد وعمرو افتراقا عظيما.
واستقبح الأصمعي قولهم: شتان ما بين زيد وعمرو.
لأن "ما" لو كانت موصولة لكان فاعل شتان شيئا واحدا وهو يقتضي شيئين لأنه بمعنى افترق.
والافتراق لا يتصور إلا بين شيئين نحو: افترق زيد وعمرو – ولو جعلت "ما" زائدة – لأسند شتان إلى بين – وهو اسم منصوب لازم للظرفية.
ولم يستبعد مثل هذا التركيب هو نحو: شتان ما بين زيد وعمرو بعضهم عن القياس لأن ما فيه صالح للواحد والكثير.
3 – والثالثة منها: سرعان
نحو: سرعان ذا إهالة أي سرع.
أي الثالثة منها: سرعان ذا إهالة.
فسرعان: اسم لسرع.
وذا: اسم إشارة إلى السائل من الأنف.
وإهالة: منصوب على التمييز – أي سرع ذا إهالة.
وأصله أن أعرابيا اشترى شاة عجفاء وأخذ يسمنها فرأى رغامها يسيل من فراء أنفها فظنه ودكا- فقال لأمه: قد سمنت الشاة فقالت أمه: سرعان ذا إهالة.
وسرعان ذا: بفتح السين على الأفصح – وقد جاء ضمها – وكسرها.