اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منصور بن سراج الحارثي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحسن الله إليك ياشيخ
هل يصح قول أن عيسى عليه السلام: «كلمة الله»؟
لم أفهم التفصيل في شرح هذه المسألة، أرجو توضحها يا شيخ
|
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعم عيسى كلمة الله تعالى وروح من الأرواح التي خلقها كما قال الله تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم}، وقال تعالى: {إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه}
وفي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل»
وفي رواية في الصحيحين: (من أي أبواب الجنة الثمانية شاء).
ومعنى كون عيسى كلمة الله أي أنه خُلق بكلمة من الله ، لم يُخلق من ماء رجل، كما قال الله تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثمّ قال له كن فيكون}
قال شاذ بن يحيى الواسطي: ( ليس الكلمة صارت عيسى ولكن بالكلمة صار عيسى) رواه ابن أبي حاتم.
وشاذ بن يحيى من أقران الإمام أحمد وقد أثنى عليه خيراً.
وقال قتادة في تفسير قول الله تعالى: {وكلمته ألقاها إلى مريم} قال: (هو قوله: كن فكان). رواه ابن جرير.
وفي معنى تسميته بالروح أقوال:
أحدهما: أنه روح من الأرواح التي خلقها الله، وتخصيصه بالإضافة تخصيص تشريف كما في بيت الله، وهو قول جماعة من المفسرين، واختاره البغوي في شرح السنة.
والقول الثاني: أنه سمّي روحاً لما أحيا الله به من أمره كما قال الله تعالى في القرآن: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا}
والقول الثالث: أنه سمّي روحاً لأجل النفخة التي نفخ بها جبريل في جيب درع أمّه مريم كما في تفسير السدي.
والقول الرابع: أنه سمّي روحاً لما خصّه الله به من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص كما قال الله تعالى: { وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ }
والقول الخامس: أنه سمّي روحاً لما جعل الله له من المحبة في قلوب الناس ، وهو قول يزيد بن هارون الواسطي.
والقول السادس: أنه سمّي روحاً لأنه رسول من الله، وهو قول مجاهد، وهذا القول يؤول إلى معنى القول الثاني.
والقول السابع: لأن الله أحياه فجعله روحاً، ذكره البخاري في صحيحه.
وهذه الأقوال صحيحة في نفسها وبين بعضها تقارب في المعنى، وبينها تلازم، والله تعالى أعلم.