1. (عامّ لجميع الطلاب)
بيّن فضل التقوى وآثارها على الفرد والمجتمع من خلال دراستك لسورة الطلاق.
- حفظ حقوق الأفراد في مجتمعهم : إن من يتق الله في نفسه وفي من طلقها بحفظ ومعرفة ابتداء العدة وانتهائها ,يكون قد حفظ حقوق المرأة المطلقة سواء الرجعية بالبقاء في منزل الزوجية ,أو التي انتهت عدتها, بأن لها الزواج من زوج آخر بعد انقضاء العدة , فلا تفوت عليها فرصة الأزواج.
وجه الدلالة قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}.
* ويقتضي من هذه النقطة : انتشار العدل وتحقيقه و قمع الظلم ودحضه : وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه , وعدم بخسها.
- يجعل الله لهم مخرجا وفرجا قريبا : فيسهل الله تعالى جميع أمور المتقين , وييسر عليهم بفضله كل ما هو معسر في طريقهم .
وجه الدلالة قوله تعالى : {ومن يتّق اللّه يجعل له مخرجا }.
* وقد قال ابن كثير كلاما جامعا مانعا :( والآية وإن كانت في سياق الطلاق والرجعة, فإن العبرة بعموم اللفظ، فكل من اتقى اللَّهَ تعالى ولازم مرضاته في جميع أحواله، فإن الله ثيبه في الدنيا والآخِرةِ) .
- سعة الرزق : فيكرمهم تعالى بنعمة الرزق بأشكالها المتعددة من حيث لا يحتسبوا, ويوسع عليهم , فعطاء الله جزيل .
وجه الدلالة قوله تعالى : {ومن يتّق اللّه يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
- حصول الأجر في الدارين : ففي الدنيا يدفع تعالى عنه المحذور , ويحصل له مراده , وفي الآخرة يكون خير الثواب وخير الفوز وهو الجنة التي عرضها السموات والأرض , ذلك جزاء من رب العباد لأنهم امتثلوا لأوامره , وطبقوا شرعه الذي علمهم إياه محمد صلى الله عليه وسلم .
وجه الدلالة قوله تعالى : {ومن يتّق اللّه يكفّر عنه سيئاته ويعظم له أجرا }.
- النجاة من الهلاك و العذاب : فمن يتقي الله حق تقاته ينجيه تعالى من الهلاك في الحياة الدنيا ومن الشقاء , وينجيه تعالى في الآخرة من العذاب الشديد الذي أعده لكل من لم يصدق بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم , كما حصل للأمم السابقة .
وجه الدلالة قوله تعالى : {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا}.
المجموعة الرابعة:
1. بيّن ما يلي:
أ: مناسبة قوله تعالى في سورة الطلاق: {وائتمروا بينكم بمعروف}.
وجّه تعالى الخطاب للزوجين يحثهم على أن تكون كل الأمور المتعلقة بينهما في شأن أحكام الطلاق ؛ بالمعروف من غير إضرار ولا مضار , والمعاشرة الحسنة , وما تقتضيه المصلحة في الدارين , فيكون بينهما نظر وتشاور جميل في مصلحة الأولاد حتى لا يلحقهم إضرار , و ذلك بعيدا عن القصد في حظ النفس أو الغلبة من قبل أحد أو كلا الزوجين , حيث يغلب في حالات الطلاق الكثيرة التنازع والشقاق بين الزوجين من أجل النفقة على الزوجة والأولاد , فتتولد البغضاء والشحناء بينهما , فيؤدي ذلك إلى عدم أداء حقوق الطرف الآخر على أكمل وجه وفق الاستطاعة ,و تنجم الشرور التي لا يعلم بها إلا الله.
ب: متعلّق الشهادة في قوله تعالى: {وأشهدوا ذوي عدل منكم}.
متعلق الشهادة : هو طلاق الزوجة إن طلاقها زوجها , ورجعة الزوجة إن راجعها زوجها.
فإذا بلغت المعتدة أجلها , فإما أن يعزم الرجل على مراجعتها قبل انقضاء فترة العدة , وإما أن يعزم على مفارقتها بالمعروف .فكان إشهاد الرجلين المسلمين العدلين سدا لذريعة التنازع وحسما للخصومة .
فعن عمران بن حصين: أنه سئل عن الرجل يطلّق امرأته ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال: طلقت لغير سنّة، ورجعت لغير سنّة، وأشهد على طلاقها وعلى رجعتها، ولا تعد .
حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر .
2. حرّر القول في:
سبب نزول سورة التحريم.
ذكر المفسرون ثلاثة أقوال :
- القول الأول : نزلت السورة في شأن ( ماريا القبطية) سرية رسول الله عليه الصلاة والسلام حين أصابها في بيت بعض نسائه , فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها، فأنزل الله، عز وجل: {يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ اللّه لك}. ذكره ابن كثير والسعدي.
وقد استدل ابن كثير بحديث النبي عليه الصلاة والسلام :
قال ابن جرير: عن زيد بن أسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه، فقالت: أي رسول الله، في بيتي وعلى فراشي؟! فجعلها عليه حراما فقالت: أي رسول اللّه، كيف يحرم عليك الحلال؟ فحلف لها باللّه لا يصيبها. فأنزل الله: {يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ اللّه لك}؟ قال زيد: بن أسلم فقوله: أنت علي حرام لغو.
- القول الثاني : نزلت السورة في المرأة التي وهبت فسها للنبي عليه الصلاة والسلام . ذكره ابن كثير .
فعن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: {يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ اللّه لك} في المرأة الّتي وهبت نفسها للنّبي صلى الله عليه وسلم. وذكر ابن كثير قائلا : وهو قول غريب .
- القول الثالث : حين حرم الرسول عليه الصلاة والسلام على نفسه شرب العسل .ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.
واستدل ابن كثير :
زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عميرٍ يقول: سمعت عائشة تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النبي صلّى الله عليه وسلم فلتقل: إنّي أجد منك ريح مغافير؛ أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ذلك له، فقال: "لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش، ولن أعود له". فنزلت: {يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ اللّه لك}؟ إلى: {إن تتوبا إلى اللّه فقد صغت قلوبكما} لعائشة وحفصة.
وقد رجح ابن كثير هذا القول .
3. فسّر تفسيرا وافيا قوله تعالى:
{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَات وَأَبْكَارًا (5)}.
جاء في الآيات الكريمة السابقة لهذه الآية , أن الله تعالى قد عاتب النبي عليه الصلاة والسلام حين حرم على نفسه ما أحل الله له, ابتغاء مرضاة زوجاته , فأمره بكفارة حنث اليمين , وكان عليه الصلاة والسلام قد أسرا قولا إلى حفصة وأن لا تخبر أحدا , فأخبرت به عائشة , وأظهره تعالى للنبي , فعرف بعضه وأعرض عن بعض , وقد وجه تعالى خطابا لعائشة وحفصة رضي الله عنهما أن تتوبا له , أن قد مال قلوبكما إلى محبة ما كره النبي عليه الصلاة والسلام من اجتناب ما أحله الله له , وإن تظاهرتا وتعاونتا على النبي عليه الصلاة والسلام فإن الله هو وليه وناصره، وجبريل وصالح المؤمنين.
فجاء التحذير منه تعالى , وتخويفا لنساء النبي عليه الصلاة والسلام لما اجتمعن عليه في الغيرة , وقد اعتزلهن النبي عليه الصلاة والسلام , فقال تعالى :
{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ }: حين اعتزل النبي عليه الصلاة والسلام نساءه , أخبر تعالى نساء النبي اللاتي اصطفاهن ليكن زوجات النبي عليه الصلاة والسلام , إن حمّلنه ما لا يطيق , وترفعن عليه , فبوسعه عليه الصلاة والسلام أن يُقدِم على فعل يشق عليهن أيما مشقة وهو الطلاق , وأن هذا الأمر لن يضق عليه , فإن الله تعالى الذي لا يعجزه شيئا , قادرعلى أن يزوجه ويبدله نساء خيرا منهن دينا وحسنا , ولكن الله عز وجل علقه بشرط وهو التطليق ولم يطلقهن .
وقد قال عمر: اجتمع نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت لهن: {عسى ربّه إن طلّقكنّ أن يبدله أزواجًا خيرًا منكنّ} فنزلت هذه الآية حيث وافق قول عمر .
ثم ذكر تعالى صفات المرأة المؤمنة الربانية , وكانت هذه الصفات منطبقة على أمهات المؤمنين رضي الله عنهن , وهن أفضل نساء المؤمنين , فقد بادرن بالمسارعة لإرضاء النبي عليه الصلاة والسلام , وقد اختارهن للبقاء معهن :
{ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ } : مستسلمات وخاضعات لأوامر الله , قائمات بفرائضه وهي الشرائع الظاهرة , مصدقات بالله وملائكته وكتبه ورسله, وهي الشرائع الباطنة من العقيدة وأعمال القلوب .
{قَانِتَاتٍ } : دائمات الطاعة لله , منقطعات له وحده.
{تَائِبَاتٍ } : من الذنوب التي يكرهها الله, فهن قائمات حق القيام بما يحبه الله ويرضاه .
{عابِدَاتٍ } : متذللات لله بطاعته.
{سَائِحَاتٍ } : صائمات .
{ثَيِّبَات وَأَبْكَارًا }: فالثيب هي المرآة التي تزوجت ثم طلقها زوجها أو مات عنها , والبكر هي العذراء , وكان هذا التنوع أدعى لإسعاد القلب , وإدخال السرور على النفس.