دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22 شوال 1439هـ/5-07-2018م, 02:14 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثامن: مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 172- 186)



1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.



2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:
1: حرّر القول في المراد بالبخل وعقوبته في قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.


المجموعة الثانية:
1: حرّر القول في المخاطب في قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.
2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.




تعليمات:
- دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا.
- لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.

- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24 شوال 1439هـ/7-07-2018م, 08:07 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي

1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (
174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)
الفوائد :
1-وجوب المسارعة والاستجابة لأوامر الله عز وجل ورسوله
2-التخلق بخلق الاحسان والتقوى ففيهما الخير الكثير
3- التوكل على الله وخشيته دون أحد من خلقه
4- التعلق بالله واليقين بأنه هو القادر وحده على الضر والنفع
5- الإكثار من قول : حسبنا الله ونعم الوكيل ،ففيها الخير الكثير وهي سلاح المؤمن
6- اتباع رضوان سبيل للنجاة من الأهوال والكروب
7- الوثوق بالله ونصره لعباده المتوكلين عليه
8- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ومن همزه ونفثه والبعد عن أوليائه
9-الخوف من الله وحده دون سواه
المجموعة الثانية:
1: حرّر القول في المخاطب في قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.
ورد في المخاطب 4 أقوال :
1-الكفار والمنافقون ، قاله ابن عباس ،رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة
وقاله كذلك قتادة ،ورواه ابن أبي حاتم قتادة من طريق سعيد
والمَعْنى: عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ أيُّها الكُفّارُ مِنِ اخْتِلاطِكم بِالمُؤْمِنِينَ.
وهو قول أكثر المفسرين كما قال أبو حيّان رحمه الله .
2-المؤمنون ،قاله مجاهد ، رواه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح .
فَيَكُونُ المَعْنى: ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَكم عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ التِباسِ المُؤْمِنِ بِالمُنافِقِ.
وهو قول أكثر أهل المعاني كما قال الثعلبي وأبو السعود
3-المسلمون جميعا ويدخل فيهم المؤمنون والمنافقون ، قاله ابن عاشور.
قال رحمه الله :
أيْ مِنَ اخْتِلاطِ المُؤْمِنِ الخالِصِ والمُنافِقِ، فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ أنْتُمْ عَلَيْهِ مُخاطَبٌ بِهِ المُسْلِمُونَ كُلُّهم بِاعْتِبارِ مَن فِيهِمْ مِنَ المُنافِقِينَ.
والمُرادُ بِالمُؤْمِنِينَ المُؤْمِنُونَ الخُلَّصِ مِنَ النِّفاقِ، ولِذَلِكَ عَبَّرَ عَنْهم بِالمُؤْمِنِينَ، وغَيَّرَ الأُسْلُوبَ لِأجْلِ ذَلِكَ، فَلَمْ يَقُلْ: لِيَذَرَكم عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ المُرادَ بِضَمِيرِ الخِطابِ أكْثَرُ مِنَ المُرادِ بِلَفْظِ المُؤْمِنِينَ، ولِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ عَلى ما هم عَلَيْهِ.
4-جمهور المصدقين من أهل الإخلاص وأهل النفاق ، قاله الزمخشري النسفي وأبو السعود ورجحه .
قال أبو حيّان :
كَأنَّهُ قِيلَ: ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُخْلِصِينَ مِنكم عَلى الحالِ الَّتِي أنْتُمْ عَلَيْها مِنِ اخْتِلاطِ بَعْضِكم بِبَعْضٍ، وأنَّهُ لا يُعْرَفُ مُخْلِصُكم مِن مُنافِقِكم، لِاتِّفاقِكم عَلى التَّصْدِيقِ جَمِيعًا حَتّى يُمَيِّزَهم مِنكم بِالوَحْيِ إلى نَبِيِّهِ بِإخْبارِهِ بِأحْوالِكم.
2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
( كل نفس ذائقة الموت )
يخبرنا الله عز وجل في هذه الاية الكريمة أن الخلق جميعا سيفنون ولن يبقى سوى وجه الله تعالى الحي الْقَيُّوم الذي لا يموت ونظير ذلك قوله تعالى :(كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام ) وفِي هذا عزاء للمؤمنين وأن لا بقاء لأحد سوى الله عز وجل وفيه أيضا تحذير بأنه سيأتي يوم ونلقى الله عز وجل ونحاسب على كل صغيرة وكبيرة فإذا علمنا ذلك راقبنا الله عز وجل في كل أعمالنا .
(وإنما توفون أجوركم يوم القيامة )
يعرفنا المولى عز وجل أن أعمالنا الصالحة في الدنيا لن تذهب سدى وأننا سنحصد ثمارها يوم القيامة ، (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
(فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز )
الفوز العظيم والربح الحقيقي هو البعد من النار وتجنبها والنجاة من الوقوع فيها ودخول الجنة والنعيم فيها وهذا من أكبر نعم الله تعالى على العبد وفيه امتنان من الله عز وجل على عباده .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَوْضع سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خيرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فيها، اقرؤوا إن شئم: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾.
( وماالحياة الدنيا إلا متاع الغرور)
في نهاية الأية الكريمة يذكرنا الله عز وجل مرة أخرى بهوان هذه الدنيا وأن متاعها زائل لا قيمة له والمغرور من اغتر به وافتتن به وفِي هذا تحقير لها ولشأنها وهذا يدلنا على أن النعيم الحقيقي هو الفوز بالجنة ودخولها لأنها هي دار الخلود .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 شوال 1439هـ/8-07-2018م, 02:01 AM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

المجموعة الثانية.
1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

الفوائد السلوكية :
1/ المسارعة إلى الإستجابة لله وللرسول ففيها الخير الكثير
2/ الخضوع لله والرضى بأقداره في السراء والضراء
3/ حسن التوكل على الله والظن فيه ، فهو خير وكيل
4/ المؤمن لن يصيبه إلا ماكتب الله له ، لو اجتمعت الإنس والجن عل أن يضروه بشيء لم يكتبه له فلن يضروه ، فليرضى بأقداره ويتوكل عليه.
5/ وعد الله سبحانه لمن يتوكل عليه بالرضا والنعمة والفضل العظيم.
6/ بيان من الله سبحانه ، عند الخوف ووقوع الظلم ، قول حسبنا الله ونعم الوكيل.
7/مكر وكيد الشيطان ضعيف ، وليس له إلا التخويف فحذر سبحانه منه ،وأمر بالإيمان والخوف منه وحده .

2/ حرّر القول في المخاطب في قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.
اختلف المفسرون وورد فيها أقوال منها :
1/ الخطاب للمؤمنين، ذكره ابن عطية قولاً لمجاهد وابن جريج وابن إسحاق وغيرهم.
والمعنى: ما كان الله ليدع المؤمنين مختلطين بالمنافقين مشكلا أمرهم، يجري المنافق مجرى المؤمن، ولكنهم ميز بعضهم من بعض.
2/وقيل الخطاب للكفار ، قاله قتادة والسدي: الخطاب للكفار، لم يكن ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضّلالة.
والمعنى: حتى يميز المؤمنين من الكافرين بالإيمان والهجرة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: يقول للكفار لم يكن ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضلالة حتى يميز الخبيث من الطيب فميز بينهم في الجهاد والهجرة.
3/ المسلمون جميعاً ، بمافيهم المنافق ،ذكره ابن عاشور بقوله :أيْ مِنَ اخْتِلاطِ المُؤْمِنِ الخالِصِ والمُنافِقِ، فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ أنْتُمْ عَلَيْهِ مُخاطَبٌ بِهِ المُسْلِمُونَ كُلُّهم بِاعْتِبارِ مَن فِيهِمْ مِنَ المُنافِقِينَ.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: ميز بينهم يوم أحد، المنافق من المؤمن.
وذكر الألوسي أن الخِطابُ عَلى ما يَقْتَضِيهِ الذَّوْقُ لِعامَّةِ المُخْلِصِينَ، والمُنافِقِينَ؛ فَفِيهِ التِفاتٌ في ضِمْنِ التَّلْوِينِ، والمُرادُ بِما هم عَلَيْهِ اخْتِلاطُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ.

2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
قال تعالى :(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) .
في هذه الآية إخبار عام من الله سبحانه ، بأن كل نفس مخلوقة لابد لها من الفناء والموت بتقدير الله ، كقوله: {كلّ من عليها فان ) ، فجميع مخلوقات الله من ملائكة وإنس وجن ، مصيرها الفناء والموت بأمر الله ، فالإخبار بهذه الآية عام وخص به كل مفترٍ متكبرٍ على الله ورسوله ، بأن مآلك ورجوعك إلى الله سبحانه ،فتوفى أجرك من غير زيادة أو نقصان
قال تعالى :(وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ )
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ موضع سوطٍ في الجنّة خيرٌ من الدّنيا وما فيها اقرءوا إن شئتم: {فمن زحزح عن النّار وأدخل الجنّة فقد فاز وما الحياة الدّنيا إلاّ متاع الغرور}.
فيخبر الله سبحانه ، أن العبد يوفى أجره لاينقص منه شيئاً إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، فلايظلم مثقال ذرة ، فمن أكرم بزحزحته من النار ،فقد فاز وظفر وإكرم بهذا الخير العظيم ، ونجا من العذاب الشديد ،
قال تعالى :( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ).
هذه الآية تصغير وتحقير لشأن الدنيا ، وأنها متاع مؤقت ، لابد لها من تارك ، وزوال وفناء ، فما أعظمه من تشبيه ،بقوله (متاع الغرور ) ، فالراعي يتزود بمتاع قليل عند رعيه ، لكن هذا المتاع لن يكفيه بالسفر فهو قليل لايكفي ، وكذلك الدنيا مهما طال الأمد بها ، ولهثت النفس بزينتها وزخرفها ،فلابد لها من زوال وفناء ، فالمحظوظ الذي لم يركن ويسكن إليها ، فهو لابد عنها راحل إما لجنة أو لنار والعياذ بالله.
والغرور صفة من صفات الشيطان ،يغوي بها ابن آدم حتى يصرفه عن الخير والعمل الصالح ، ويغره في هذه الدنيا وزينتها والإلتفات لها .
والمجمل العام للآية ،هي التسلية وبعث الطمأنينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لايغرك ولايحزنك انصرافهم وبغيهم ، فمردهم ورجوعهم إلى الله ،فتوفى كل نفس ماكسبت لاتظلم شيئاً.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 شوال 1439هـ/8-07-2018م, 08:09 AM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

عذرا : حاولت أن أنزله في الوقت لكن أخذني النوم عن الوقت بالضبط ، وجئت بعده بدقائق بسيطة ،ثم عندما جئت لأنزله بعد التعديلات فانمسح كلامي كله ولم يرسل الموقع ، فاضطررت للإعادة .
1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

-علينا الحرص لبلوغ مراتب الإحسان في العمل لعظيم الأجر ، كما قال تعالى : ( للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ).
- طاعة الله ورسوله يجب أن تكون في السراء والضراء ، ولكن مع المشقة تزيد الأجر ، كما قال تعالى : ( الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ) .
-يجب علينا الخوف من الله وليس من الناس ، كما قال تعالى : ( الذين قال لهم إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ) .
- يجب علينا الحرص على زيادة الإيمان والحذر من نقصانه ،فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، كما قال تعالى : ( فزادهم إيمانا ) .
- علينا عند تجمع الكائدين وتجمع الشر أن نلجأ لله وحده، فهو الكافي وهو الذي يتكفل بمن التجأ إليه ويصرف عنه الشر ، كما قال تعالى : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ).
-يجب علينا تذكر نعم الله علينا بعد النجاة من المكروه ، ونشكره بزيادة الطاعة والحرص على رضاه ، كما قال تعالى : ( فانقلبوا من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) .
-يجب علينا الصبر على الشدائد ؛لأن الله قادر على تقليب الحال باللجوء إليه ، كما قال تعالى : ( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل ).
- علينا عدم الخوف من الشيطان لأنه يحاول تخويف أولياءه وليس أولياء الله ، كما قال تعالى : ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ) .
- طاعة الله ورسوله يجعل الشخص من أولياء الله وكلما بعد أو قصر في ذلك كان وليا للشيطان ، فيجب علينا الحرص على طاعة الله ورسوله حتى لا يتسلط الشيطان بالتخويف والشر ، كما قال تعالى : ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ) .
-علينا الحرص بتقوية الإيمان ؛لأنها السبيل لصد مكائد الشيطان ، كما قال تعالى : (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
-
لمجموعة الثانية:
1: حرّر القول في المخاطب في قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.

اختلف المفسرون في المخاطب في الآية :
القول الأول :أن القول في المؤمنون .
وهذا القول ذكره الثعلبي والبغوي و ابن عطية وابن الجوزي والقرطبي والكلبي .
وهذا القول مبني على متعلق الجار والمجرور على أن في الكلام التفات فرجع من الخبر إلى المخاطب .
قال البغوي : وقال قوم : الخطاب للمؤمنين الذين أخبر عنهم ، معناه : ما كان الله ليذركم يا معشر المؤمنين على ما أنتم عليه من التباس المؤمن بالمنافق ، فرجع من الخبر إلى الخطاب .

القول الثاني : أن القول في الكفار والمنافقين .
وهذا قول ابن عباس وقتادة و الضحاك ومقاتل وذكره الثعلبي والبغوي وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي
وأما قول الضحاك فرواه الضحاك في تفسيره وأخرجه البغوي
وقول ابن عباس رواه أبو حاتم من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس.
وأما قول قتادة رواه ابن جرير وأبو حاتم من طريق سعيدٌ، عن قتادة.
وهو قول مبني على أن ضمير المخاطب يعود على سياق الايات قبلها ، بمعنى : على أنتم عليه يا معشر الكفار والمنافقين .

القول الثالث: الخطاب للمؤمنين والمنافقين
وهذا القول ذكره ابن جرير والنحاس و الشوكاني والألوسي .
وهذا القول مبني أيضا على أن متعلق الجار والمجرور على الاختلاط بالمنافقين ويكون في الكلام التفات .
ومبني على أن الضمير ( أنتم ) يعود على ما وصف في سياقه بعد ذلك ( الخبيث من الطيب ) أي المنافق المستتر بالكفر والمؤمن الخالص .
ومبني على أن بعض لازم المعنى ، فالمؤمنين بينهم المنافقين في الدنيا ، فيكونون معهم ، ويقومون بالعبادات الظاهرة ،فلذلك اختلطوا بالمؤمنين ، فقال الله فيهم في سورة الحديد : ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ) .

القول الرابع : أنهم المنافقين فقط .
وهذا القول ذكره النحاس و الألوسي .
وهو قول مبني على أن الضمير هنا عطف تفسيري على الكفار وذكر ذلك أبو السعود .


الدراسة والنقد والترجيح :
القول الأول هو المؤمنون وهو الذي عليه أكثر المعاني لكن يكون بذلك مشتملا مع من يكون مع المؤمنين؛ ليتميز المؤمن الخالص من الغير خالص .
القول الثاني هو الذي عليه أكثر المفسرين ، لكن السياق لايدل على ذلك ، وكذلك القول الرابع فإن السياق لايدل على ذلك فقط .
وأما القول الأول والقول الثالث لا تنافي بينهما ؛ لأن المخاطب هو المختلطين من أهل النفاق وأهل الإخلاص الصادقين وهم المؤمنين ،لدلالة السياق بعدها ، ولدلالة صيغة ضمير الخطاب ( أنتم ) فهي تدل على أكثر من المؤمنين ، فلم يقل على ماهم عليه ، ورجح ابن جرير هذا القول .
وقوله ( يميز ) أيضا تدل على أنه هناك اختلاط مع المؤمنين .
قال ابن منظور في لسان العرب ( ت: 711ه) : (ميز : الميز : التمييز بين الأشياء . تقول : مزت بعضه من بعض فأنا أميزه ميزا ، وقد أماز بعضه من بعض ، ومزت الشيء أميزه ميزا : عزلته وفرزته ، وكذلك ميزته تمييزا فانماز . ابن سيده : ماز الشيء ميزا وميزة وميزه : فصل بعضه من بعض .).

قال ابن عاشور في التحرير والتنوير ( ت: 1393ه) :
(فالضمير في قوله : { أنتم عليه } مخاطب به المسلمون كلّهم باعتبار من فيهم من المنافقين .
والمراد بالمؤمنين المؤمنون الخُلَّص من النفاق ، ولذلك عبّر عنهم بالمؤمنين ، وغيّر الأسلوب لأجل ذلك ، فلم يقل : ليذركم على ما أنتم عليه تنبيهاً على أنّ المراد بضمير الخطاب أكثر من المراد بلفظ المؤمنين ، ولذلك لم يقل على ما هم عليه .) .


2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
( كل نفس ذائقة الموت ): كل لفظ يدل على العموم ، أي أن كل نفس مخلوقة حية تذوق الموت ، والذوق هنا مستعار .
( وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ) : أي أن الله تعالى يجازي الناس فيأخذون جزاءهم كاملة ، و( إنما ) للحصر ، فمن يدخل الجنة لا يدخلها حتى يأخذ من الثواب أو العقاب كاملة يوم القيامة ، وخص الأجور بالذكر لشرفها وفيه إشارة لمغفرة الله تعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم .
( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) : أي أبعد عن النار وأدخل الجنة فإنه يكون نجا من الخطر وهو النار .
( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) : أي أن الحياة الدنيا هي متاع قليل زائل ،ينخدع بها من اغتر بها .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 شوال 1439هـ/8-07-2018م, 09:33 AM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 172- 186)

استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.
الفوائد السلوكية:
1-على العبد الإستجابة لأوامر الله في كل الأحوال في اليسر والعسر ولا يكون من الذين قال الله فيهم:(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)
2- على العبد أن يحسن عبادته لله ويتوّجها بالتقوى .
3-التوكل على في جميع شؤون العبد ، وخاصة في حالة البلاء ، يفوض أمره لله ويردد ( حسبنا الله ونعم الوكيل)
4-الحذر من شياطين الإنس والجنّ ، فهم يخذلون العبد ، ويخوفونه من عبيد ضعفاء ، ويغفلونهم عن الركن الشديد ، الذي من احتمى به حماه.
5-فضل التوكل الله ، والإعتماد عليه ، وعدم التأثر بتخذيل وترهيب الشيطان ، فإن المحنة تنقلب لمنحة، بفضل من الله.
6- الخوف عبادة لا تصرف إلا لله تعالى، فهما خوفك الشيطان ، فادفعه بالاستعاذة والإلتجاء للرب سبحانه .

المجموعة الأولى:
1-حرّر القول في المراد بالبخل وعقوبته في قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.


تحرير القول في المراد بالبخل وعقوبته
أولا المراد بالبخل
لأهل العلم قولان :
1- البخل بالمال
فلا يخرجون من الأموال التي اعطاهم الله إياها من فضله حق الله فيها التي فرضها عليهم ، سواء النفقة في سبيل الله ، أوالزكاة ، أوالنفقة على الأهل و ذي الرحم المحتاج) يخاطب به كل كافر ومنافق
روي هذا القول عن الحسن ذكره ابن أبي حاتم
وروي عن السدي ذكره ابن جرير و ابن أبي حاتم.
2- البخل بالعلم
قيل المراد أهل الكتاب الذين بخلوا ببيان مافي أيديهم من الكتب المنزله للناس.
وقيل اليهود الذين بخلوا ببيان صفة الرسول صلى الله عليه وسلم ، عندما سئلوا عنها فكتموها.
روي عن ابن عباس ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم ،وروي عن مجاهد ذكره ابن جرير ومكي بن أبي طالب
عن ابن عبّاسٍ، قوله: (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) إلى {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} يعني بذلك أهل الكتاب أنّهم بخلوا بالكتاب أن يبيّنوه للنّاس. ذكره ابن جرير
- عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) قال: هم يهود. ذكره ابن جرير
واختار الزجاج هذا القول
عقوبة البخل: (سيطوقون ما بخلوا به)
في معنى سيطوقان قولان :
الأول: تطويق حسي من التطويق
وذكر فيما يطوق به أقوال
1- يطوق بما بخل به يوم القيامة
قاله ابن مسعود ذكره عبدالرزاق في مصنفه وأبو سعيد في سننه وابن جرير وغيرهم وروي عن أبي مالك العبدي:قال : يخرج لهم ما بخلوا به شجاعا أقرع من النّار فيطوقونه، وعن ابن مسعود ثعبانا يلتوي به رأس أحدهم. قوله: (كقولك: طوقته) ، يعني الّذي بخلوا به يصير أطواقا في أعناقهم فيصيرون مطوقين. ذكره العيني في عمدة القارئ
عن أبي وائل عن عبد الله: سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة قال: يطوق شجاعا أقرع له زبيتان ينقر رأسه قال: يقول: مالي ولك؟ قال: أنا مالك الذي بخلت.
وروى أحمد والتّرمذيّ والنّسائيّ وصححه بن خزيمة من طريق أبي وائلٍ عن عبد اللّه مرفوعًا لا يمنع عبدٌ زكاة ماله إلّا جعل الله له شجاعًا أقرع يطوّق في عنقه ثمّ قرأ مصداقه في كتاب اللّه سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة.
وروى البخاري في صحيحه ،عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " من آتاه اللّه مالًا فلم يؤدّ زكاته، مثّل له ماله شجاعًا أقرع، له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه - يعني بشدقيه - يقول: أنا مالك أنا كنزك " ثمّ تلا هذه الآية: (ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) إلى آخر الآية).
2- طوق من النار
روى عبدالرزاق في مصنفه وأبو سعيد في سننه وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن مسعود وإبراهيم النخعي قالا: «طوق من النار»
الثاني: من معنى الطاقةوالسعة،كما قال تعالى:( وعلى الذين يطيقونه)
وورد فيه ثلاثة أقوال:
1- سيحملون يوم القيامة ما بخلوا به
قاله ابن عباس ذكر ابن جرير في تفسيره
عن ابن عبّاسٍ، قوله: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} يقول سيحملون يوم القيامه مابخلوا به ألم تسمع أنّه قال: {يبخلون ويأمرون النّاس بالبخل} يعني أهل الكتاب، يقول: يكتمون ويأمرون النّاس بالكتمان.

2- يكلفون بأن يأتوا بما بخلوا به
روي عن مجاهد ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم والعيني
عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {سيطوّقون} سيكلّفون أن يأتوا بمثل ما بخلوا به من أموالهم يوم القيامة.
3- سيحملون عقاب وأثم ما بخلوا به
ذكره ابن عطية وابن عاشور في تفسيرهما وابن حجر في فتح الباري
الترجيح :
رجح ابن جرير القول الأول والزجاح رجح القول الثاني
والقول بترجيح الأول أولى لورود أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولسياق الآية التي بعدها ، فإنه لما أمروا اليهود بآداء حق الله في أموالهم قالوا:( إن الله فقير ونحن أغنياء)
والله أعلم

2- فسر بإيجاز قوله تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ )(186)
التفسير :
في هذه الآيات توطين للمؤمنين ببيان سنة الله في خلقه ، وهي ابتلاؤهم ، كما في قوله تعالى :(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)
فلابد من اختبار إيمانهم ، ليعلم الصادق من الكاذب قال تعالى:(أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، فاخبرهم الله في هذه الآية بأنهم سوف يبتلون ويختبرون ليستعدوا ولتتهيأ نفوسهم لمقابلة هذا الإبتلاء والإختبار ، فتتعامل معه ، حسب الهدي الذي أرشد الله إليه ، في هذه الآية .
(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ ) بين أنواع الإبتلاء الذي سوف يلاقونه ، وبدأ بأدناها وأخفها على النفوس ، وهو الإبتلاء بالأموال ، وهو ما يصيبها من جائحة تذهبه أو الإبتلاء بإخراج حق الله فيه بالزكاة والصدقة والإنفاق في سبيل الله والإنفاق على الأهل وغيرها من الإبتلاءات فيه ،والإبتلاء بالأموال وإن كان شاق على النفس إلا إنه اخف من الإبتلاء بالأنفس والدين ، ثم ترقى لما هو أشد على النفس فقال (وَأَنْفُسِكُمْ) أي ولتبلون وتختبرون في الأنفس ، ببذلها في الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمته، وبذلها في طاعة الله ، بما يشق عليها من الطاعات ، وأيضا بما يصيب هذه الأنفس من الأمراض والأدواء ، وكذلك فقد الأهل والولد ، والعشيرة ، وفقد الناصر والمعين ،وفقد الأنيس من الأصحاب ، ثم ارتقى إلى أشد أنواع البلاء وأعظمه فقال :(وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا) إنه الإبتلاء بالدين ، وهذا أعظمها ، لأن الإنسان قد يبتلى بماله وبنفسه ، وهذه عظيمة وشاقة عليه ، ولكن الابتلاء بلأذى بالدين والفتنة فيه أعظم وأشد ، فرأس مال العبد ، دينه ، فبين تعالى أنهم سوف يسمعون من أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن المشركين ، العرب ، وغيرهم ، أذى ، يؤذي مسامعه ، وذلك بأن يسبوا ربهم كما قالت اليهود ( إن الله فقير )( يد الله مغلولة , غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا) (عزير ابن الله )وكما قالت النصارى :( إن الله ثالث ثلاثة)(المسيح ابن ) وكما قال مشركي العرب ( الملائكة بنات الله )وغيرها من الأقوال، والأذى الذي يكيدون به للمسلمين ،وقد جمع الله في هذه الآية بين اليهود والنصارى والمشركين لأن الكفر ملة واحدة ، هذا وإن كان الخطاب للصحابة رضي الله عنهم ، إلا أنه عام للأمة ، فما زالوا على مرّ التاريخ وأهل الكفر ، يكيدون للإسلام ،وأهله (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
ثم أرشد الحق ، لعلاج ذلك البلاء ، ليخرج منه المسلم معافاً سليماً ، فقال :(وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ )
فالعلاج الأول : (وَإِنْ تَصْبِرُوا ) :الصبر ، بحبس النفس عن التسخط والتشكي وملئ القلب بالرضا والحمد ، بتجرع ذلك البلاء والصبر عليه ، لأن عاقبته حميدة ، فهو ترقي بدرجات العبودية ، قال تعالى :(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)
وقال تعالى:(وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا)
العلاج الثاني:( وَتَتَّقُوا) التقوى، تقوى الله ، بأن يجعل بينه وبين عذاب الله وقاية ، بالقيام بالواجبات وترك المنهيات ،وأن يتقى الله عند حلول البلاء ، سواء بماله او نفسه أو دينه، بألا يتسخط ، ولا يعترض على قدر الله ، بل يرضى ويسلم ولا يقول إلا ما يرضي ربه ، ولا يدفع البلاء ، بما حرم الله ونهى عنه ، كالتداوي بمحرم او الذهاب للسحرة والمشعوذين .
بل يتبع هدى الله، عند البلاء بالصبر والتقوى.
ثم بين فضل هذا العلاج فقال:(فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) أي إن الصبر والتقوى عند البلاء من الأمور التي يعزم عليها ، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية ، ليحفز في نفوسهم الهمم العالية بالصبر والتقوى وليبين أن الصبر والتقوى ليس بالأمر الهين الذي كلا يقدر عليه بل هو لأهل العزم ، وبالمقابل فإن ثواب الصبروالتقوى ، عظيم ، بعظم وشدة مرارة الصبر والتمسك بالتقوى .
والله أعلم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 شوال 1439هـ/8-07-2018م, 03:37 PM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

1- استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى :
{ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ
الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)

من الفوائد في هذه الآيات الجليلة .
1- أنه كلما عظم إيمان العبد قويت استجابته وانقاد لأمر ربه وسار على نهج رسوله ،والموفق من سعى في زيادة إيمانه ونظر في مدى استجابته لربه ولزوم سنة نبيه .
2- إذا علم العبد أن الأجر على قدر المشقة وأنه إذا أحسن في عمله أسبغ عليه مولاه فضله، وكلما اتقاه نال رضاه ،جاهد نفسه في هذا مجاهدة عظيمة،والح في الدعاء وصابر في السراء والضراء .
3- يقول الله تعالى:(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ) إذا أرجف المرجفون وبالغ في الكلام المحللون تجد المؤمن الواثق بنصر ربه المؤمن بقضائه وقدره مطمئن البال منشرح الصدر منشغلٌ بأمر دينه لا تزعزعه الفتن ولا تصرفه عن مبدأه التأويلات والظنون ثابت الجنان واثق بتدبير الرحمن .
4- لزوم الدعاء وحسن الظن بالله وصدق التوكل عليه من صفات العبد المستجيب لله تعالى،فحرى بنا أن نعرف ربنا حق المعرفة وأن نفهم معاني اسمائه وصفاته وأن ندعوه بها .
5- يقول الله تعالى :(فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) ما أعظم كرم الله وما أجزل عطائه لمن صدق معه، فهنيئا لمن نوى الخير وعقد العزم على الطاعة وأيقن بموعود ربه .

المجموعة الأولى:
1: حرّر القول في المراد بالبخل وعقوبته في قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

🔷تصنيف المسألة تفسيرية لها علاقة بعلوم القرآن كأسباب النزول ،والقراءات .

🔷مناسبة الآية .
لما حثت الآياتُ السابقة على بَذْل الأرواحِ في سبيل الله وحرضت عليه أَردفتْه بالتحريضِ على بَذْلِ الأموالِ في الجِهادِ وغيرِه، وبينت الوعيدَ الشديد لِمَن يَبخلُ بما آتاه الله ولا يخرج حقه منه .
🔹قال الواحدي في " أسباب النزول" أجمع جمهور المفسرين على أنها في مانعي الزكاة.
وروى عطية العوفي عن ابن عباس أن الآية نزلت في أحبار اليهود الذين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته وأراد بالبخل: كتمان العلم الذي آتاهم الله تعالى).
🔹وقد اختلفت أقوال أهل العلم والمفسرين في المراد بالبخل في هذه الآية على قولين .

🔹القول الأول : أنها في مانعي الزكاة ،رواه أبي هريرة، وقال به ابن مسعود وابن عباس في رواية أبي صالح، وأبي وائل ،والشعبي ، والحسن ، والسدي، وهو الذي رجحه ابن جرير ،وابن كثير وعليه كثير من المفسرين .
روى ابن جرير وبن المنذر ،وابن أبي حاتم عن السدي قال ، حدثنا أسباط، عن السدي: " ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم بل هو شر لهم "، هم الذين آتاهم الله من فضله، فبخلوا أن ينفقوها في سبيل الله، ولم يؤدُّوا زكاتها" .
وروى ابن أبي حاتم عن الحسن من طريق عباد بن منصور، قال: سألت الحسن عن قوله: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم} قال: سيعذبون بما بخلوا به يوم القيامة قال: هم كافر ومنافق يبخل أن ينفق في سبيل الله
وورد في عقوبته عدة أقوال وردت عن السلف والمفسرين (أن ما بخلوا به في الدّنيا يجعل أطواقا يوم القيامة فيطوقون بها ، كما ورد عن ابن عبّاس، رضي الله تعالى عنهما قال :"سيحملون يوم القيامة ما بخلوا به،)

🔹القول الأول : أن تحمل الآية على ظاهرها، وهو أنه تعالى يطوقهم بطوق كهيئة الآطواق المعتادة يكون سببا لعذابهم، قال به ، عبدالله بن مسعود،وأبي وائل ، وقتادة ،والشعبي، والسدّي ، ومسروق، ورواه ابن جرير عن أبي مالك العبديّ ، وأبي قزعة ،وذكره النهدي عن الثوري في تفسيره ، والخراساني في السنن.
🔹فأما قول ابن مسعود فقد رواه عبدالرزاق ،وابن جرير وبن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أبي وائلٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال: ثعبانٌ ينقر رأس أحدهم، يقول: أنا مالك الّذي بخلت به، وذكره النهدي عن الثوري في تفسيره ،والخراساني في السنن ، وروى النسائي في السنن الكبرى عن ، عن أبي وائلٍ، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من رجلٍ له مالٌ لا يؤدّي حقّ ماله إلّا جعل له طوقًا في عنقه شجاعٌ أقرع فهو يفرّ منه وهو يتبعه» قال: ثمّ قرأ مصداقه من كتاب الله {ولا يحسبنّ الّذين يبخلون} إلى قوله {يوم القيامة} .
🔹وقول الشعبي رواه ابن جرير من طريق شعبة عن المغيرة عن الشعبى قال :"شجاع يلتوى.
🔹وأما قول قتادة فقد رواه عبدالرزاق وبن المنذر قال :"(أنا معمر عن قتادة قال :"يطوقون في أعناقهم يوم القيامة)
🔹وروى ابن جرير وبن أبي حاتم قول مسروق من طريق أبي وائل،عن مسروق ، قال: "هو الرجل يرزقه الله المال، فيمنع قرابته الحق الذي جعله الله لهم في ماله، فيجعل حية فيطوقها، فيقول للحية: ما لي ولك؟ فيقول أنا مالك" .
وقد مثل هذا الطوق بحيّات تكون لهم كالأطواق تلتوي في أعناقهم، كما ورد ذلك في صحيح البخاري عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " من آتاه اللّه مالًا فلم يؤدّ زكاته، مثّل له ماله شجاعًا أقرع، له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه - يعني بشدقيه - يقول: أنا مالك أنا كنزك " ثمّ تلا هذه الآية: (ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) إلى آخر الآية) .
وقال فخر الدين الرازي في مفاتيح الغيب "ويجوز أيضا أن تلتوي تلك الحيات في سائر أبدانهم، فأما ما يصير من ذلك في أعناقهم فعلى جهة أنهم كانوا التزموا أداء الزكاة ثم امتنعوا عنها، وأما ما يلتوي منها في سائر أبدانهم فعلى جهة أنهم كانوا يضمون تلك الأموال إلى أنفسهم، فعوضوا منها بأن جعلت حيات التوت عليهم كأنهم قد التزموها وضموها إلى أنفسهم" .
🔹وقيل : يكون الطوق طوقا من نار يجعل في أعناقهم، ونظيره قوله تعالى: ﴿يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم﴾ ورد في سنن سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي قال - في قوله عزّ وجل : {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} -، قال: طوقٌ من نار). قال به إبراهيم النخعي ،ورواه عبدالرزاق ، وبن جرير
🔹وقيل :سيكلفون أن يأتوا بما بخلوا به يوم القيامة، وهو كما قال مجاهد وغيره ،من الطاقة لا من التطويق، ونظيره ما روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ”وعلى الذين يطوقونه فدية“ قال المفسرون: يكلفونه ولا يطيقونه، فكذا قوله: ﴿سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة﴾ أي يؤمرون بأداء ما منعوا حين لا يمكنهم الإتيان به، فيكون ذلك توبيخا على معنى: هلا فعلتم ذلك حين كان ممكنا.
🔹وقيل : أي سيلزمون إثمه في الآخرة، أو يُستلزمون وبالَ ما بَخِلوا، وأصلُ الطوق: ما يُجعل في العُنقِ، وكلُّ ما استدارَ بشيءٍ فهو طوقٌ وهذا على طريق التمثيل لا على أن ثم أطواقا، يقال منه: فلان كالطوق في رقبة فلان، والعرب يعبرون عن تأكيد إلزام الشيء بتصييره في العنق، ومنه يقال: قلدتك هذا الأمر، وجعلت هذا الأمر في عنقك؛ قال تعالى: ﴿وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه﴾.

🔷القول الثاني : أن هذه الآية نزلت في أحبار اليهود الذين كتموا صفة محمد ﷺ ونبوته وأرادوا بالبخل كتمان العلم كما قال تعالى في سورة النساء "الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله " قال به ابن عباس ،ومجاهد وبن جريج ،واختاره الزجاج .

🔹روى ابن جرير وبن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس من طريق محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) إلى {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} يعني بذلك أهل الكتاب أنّهم بخلوا بالكتاب أن يبيّنوه للنّاس .
🔹وأما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير وبن أبي حاتم من طريق ابن جريج قال (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) قال: هم يهود .
🔹وقال الزجاج :"هذا يعني به: علماء اليهود الذين بخلوا بما آتاهم اللّه من علم نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومشاقته وعداوته "
🔹وقد ورد في عقوبة هؤلاء ما ذكره المفسرون في معنى قوله "سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة" أي: يحملون وزره وإثمه ،وهو كقوله تعالى: ﴿وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم﴾
قال القسطلاني في إرشاد الساري :"
فيكون البخل بكتمان العلم، والطوق أن يجعل في رقابهم أطواق النار وفي حديث أبي هريرة مرفوعًا: "من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وحسنه الترمذي وصححه الحاكم ".
قال الرازي :والمعنى أنهم عوقبوا في أفواههم وألسنتهم بهذا اللجام لأنهم لم ينطقوا بأفواههم وألسنتهم بما يدل على الحق.
واعلم أن تفسير هذا البخل بكتمان دلائل نبوة محمد ﷺ غير بعيد، وذلك لأن اليهود والنصارى موصوفون بالبخل في القرآن مذمومون به؛ قال تعالى في صفتهم: ﴿أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا﴾ [النساء: 53] وقال أيضا فيهم: ﴿الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل﴾ [النساء: 37] وأيضا ذكر عقيب هذه الآية قوله: ﴿لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء﴾ [آل عمران: 181] وذلك من أقوال اليهود، ولا يبعد أيضا أن تكون الآية عامة في البخل بالعلم، وفي البخل بالمال، ويكون الوعيد حاصلا عليهما معا.

🔷خلاصة القول في هذه المسألة ،أن الراجح فيها والله أعلم ، القول الأول الذي يشهد له سبب النزول والذي رجحه ابن جرير رحمه الله تعالى بقوله : وأولى التّأويلين بتأويل هذه الآية التأويل الأوَل ، وهو أنّه معنى "بالبخل " في هذا الموضع: منع الزّكاة لتظاهر الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه تأوّل قوله: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال: البخيل الّذي منع حقّ اللّه منه أنّه يصير ثعبانًا في عنقه، ولقول اللّه عقيب هذه الآية: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} فوصف جلّ ثناؤه قول المشركين من اليهود الّذين زعموا عند أمر اللّه إيّاهم بالزّكاة أنّ اللّه فقيرٌ).
ولعله يدخل في هذا القول ما ذكره العييني فى عمدة القاري: قال ،وقيل: نزلت في النّفقة على العيال وذوي الأرحام إذا كانوا محتاجين.
روى عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ في جامع العلوم والحكم عن عن صفوان بن سليمٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر أهل اليمن، فقيل: يا رسول اللّه، أليس يؤتون زكاة أموالهم ويتصدّقون، قال: فكيف بما تحوي الفضول من سأله ذو قرابةٍ حقًّا من غنًى فمنعه طوّق شجاعًا أقرع حتّى يقضي بين الخلق يوم القيامة،
وروى الخرساني في السنن، عن مسروقٍ، قال: هو الرّجل يرزقه اللّه المال، فيمنع قرابته الحقّ الّذي جعل اللّه لهم في ماله، فيجعل حيّةً، فيطوّقها، فيقول للحيّة: ما لي وما لك؟ فتقول: أنا مالك .
قال ابن كثير رحمه مرجحاً أنها في المال : "والصحيح الأول ، وإن دخل هذا في معناه . ( يقصد العلم) وقد يقال : إن هذا أولى بالدخول ، والله أعلم .
وقد أجاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى على سؤال أحد طلبته حين سأله عن هل يدخل العلم في
هذا ؟ فقال رحمه الله نعم، يدخل في هذا، البخل في العلم أشد من البخل في المال واستشهد بحديث أبي هريرة "مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» وقد لعل في قوله تعالى :(بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) يشمل كلّ فضل أعطاه الله عبده من مال وجاه وعلم وغير ذلك من نعم الله على عباده وفضله الذي تفضل به عليه فمنعه أياه منع لفضل الله وإحسانه؛ لأن الإحسان موجب للإحسان ، كما قال تعالى: { وأحسن كما أحسن الله إليك }فمن تحقق ذلك بذل كل ما قدر عليه لأنه تيقن أن ما بيده، فضل من الله، وأن بذله له عائد له زيادة إيمانه، وتثبيتاً لقلبه وحفظاًله من الآفات ،والموفق من وفقه الله لذلك .

🔹ولعل مقصد الآية تشنيع أمر البخل والتنفير منه وبيان عقوبة المتصف به
روى عن الحسن البصري أنه قال: كان أعرابي صاحب ماشية، وكان قليل الصدقة فتصدق بعريض من غنمه، فرأى فيما يرى النائم كأنما وثبت عليه غنمه كلها فجعل العريض يحامي عنه، فلما انتبه قال: والله لئن استطعت لأجعلن أتباعك كثيرا. قال: وكان بعد ذلك يقسم.
وأنشد المهدي :
يا مانع المال كم تضمن به ... أتطمع بالله في الخلود معه
هل حمل المال ميت معه ... أما تراه لغيره جمعه .

هذا والله أعلم .

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 شوال 1439هـ/8-07-2018م, 06:15 PM
الصورة الرمزية هيا أبوداهوم
هيا أبوداهوم هيا أبوداهوم غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 607
افتراضي

تعديل :
=============
عذرا : حاولت أن أنزله في الوقت لكن أخذني النوم عن الوقت بالضبط ، وجئت بعده بدقائق بسيطة ،ثم عندما جئت لأنزله بعد التعديلات فانمسح كلامي كله ولم يرسل الموقع ، فاضطررت للإعادة .
1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

-علينا الحرص لبلوغ مراتب الإحسان في العمل لعظيم الأجر ، كما قال تعالى : ( للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ).
- طاعة الله ورسوله يجب أن تكون في السراء والضراء ، ولكن مع المشقة تزيد الأجر ، كما قال تعالى : ( الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ) .
-يجب علينا الخوف من الله وليس من الناس ، كما قال تعالى : ( الذين قال لهم إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ) .
- يجب علينا الحرص على زيادة الإيمان والحذر من نقصانه ،فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، كما قال تعالى : ( فزادهم إيمانا ) .
- علينا عند تجمع الكائدين وتجمع الشر أن نلجأ لله وحده، فهو الكافي وهو الذي يتكفل بمن التجأ إليه ويصرف عنه الشر ، كما قال تعالى : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ).
-يجب علينا تذكر نعم الله علينا بعد النجاة من المكروه ، ونشكره بزيادة الطاعة والحرص على رضاه ، كما قال تعالى : ( فانقلبوا من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) .
-يجب علينا الصبر على الشدائد ؛لأن الله قادر على تقليب الحال باللجوء إليه ، كما قال تعالى : ( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل ).
- علينا عدم الخوف من الشيطان لأنه يحاول تخويف أولياءه وليس أولياء الله ، كما قال تعالى : ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ) .
- طاعة الله ورسوله يجعل الشخص من أولياء الله وكلما بعد أو قصر في ذلك كان وليا للشيطان ، فيجب علينا الحرص على طاعة الله ورسوله حتى لا يتسلط الشيطان بالتخويف والشر ، كما قال تعالى : ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ) .
-علينا الحرص بتقوية الإيمان ؛لأنها السبيل لصد مكائد الشيطان ، كما قال تعالى : (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
-
لمجموعة الثانية:
1: حرّر القول في المخاطب في قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.

اختلف المفسرون في المخاطب في الآية :
القول الأول :أن القول في المؤمنون .
وهذا القول ذكره الثعلبي والبغوي و ابن عطية وابن الجوزي والقرطبي والكلبي .
وهذا القول مبني على متعلق الجار والمجرور ، وعلى أن في الكلام التفات فرجع من الخبر إلى المخاطب .
قال البغوي : وقال قوم : الخطاب للمؤمنين الذين أخبر عنهم ، معناه : ما كان الله ليذركم يا معشر المؤمنين على ما أنتم عليه من التباس المؤمن بالمنافق ، فرجع من الخبر إلى الخطاب .

القول الثاني : أن القول في الكفار والمنافقين .
وهذا قول ابن عباس وقتادة و الضحاك ومقاتل .
وأما قول الضحاك فرواه الضحاك في تفسيره وأخرجه البغوي في معالم التنزيل .
وقول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس.
وأما قول قتادة رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق سعيدٌ، عن قتادة.
وقول مقاتل رواه مقاتل في تفسيره .
وهو قول مبني على أن ضمير المخاطب يعود على سياق الايات قبلها ، بمعنى : على أنتم عليه يا معشر الكفار والمنافقين .

القول الثالث: الخطاب للمؤمنين والمنافقين
وهذا القول ذكره ابن جرير والنحاس و الشوكاني والألوسي .
وهذا القول مبني أيضا على أن متعلق الجار والمجرور على الاختلاط بالمنافقين ويكون في الكلام التفات .
ومبني على أن الضمير ( أنتم ) يعود على ما وصف في سياقه بعد ذلك ( الخبيث من الطيب ) أي المنافق المستتر بالكفر والمؤمن الخالص .
ومبني على أن بعض لازم المعنى ، فالمؤمنين بينهم المنافقين في الدنيا ، فيكونون معهم ، ويقومون بالعبادات الظاهرة ،فلذلك اختلطوا بالمؤمنين ، فقال الله فيهم في سورة الحديد : ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ) .

القول الرابع : أنهم المنافقين فقط .
وهذا القول ذكره النحاس و الألوسي .
وهو قول مبني على أن الضمير هنا عطف تفسيري على الكفار وذكر ذلك أبو السعود .


الدراسة والنقد والترجيح :
القول الأول هو المؤمنون وهو الذي عليه أكثر المعاني لكن يكون بذلك مشتملا مع من يكون مع المؤمنين؛ ليتميز المؤمن الخالص من الغير خالص .
القول الثاني هو الذي عليه أكثر المفسرين ، لكن السياق لايدل على ذلك ، وكذلك القول الرابع فإن السياق لايدل على ذلك فقط .
وأما القول الأول والقول الثالث لا تنافي بينهما ؛ لأن المخاطب هو المختلطين من أهل النفاق وأهل الإخلاص الصادقين وهم المؤمنين ،لدلالة السياق بعدها ، ولدلالة صيغة ضمير الخطاب ( أنتم ) فهي تدل على أكثر من المؤمنين ، فلم يقل على ماهم عليه ، ورجح ابن جرير هذا القول .
وقوله ( يميز ) أيضا تدل على أنه هناك اختلاط مع المؤمنين .
قال ابن منظور في لسان العرب ( ت: 711ه) : (ميز : الميز : التمييز بين الأشياء . تقول : مزت بعضه من بعض فأنا أميزه ميزا ، وقد أماز بعضه من بعض ، ومزت الشيء أميزه ميزا : عزلته وفرزته ، وكذلك ميزته تمييزا فانماز . ابن سيده : ماز الشيء ميزا وميزة وميزه : فصل بعضه من بعض .).

قال ابن عاشور في التحرير والتنوير ( ت: 1393ه) :
(فالضمير في قوله : { أنتم عليه } مخاطب به المسلمون كلّهم باعتبار من فيهم من المنافقين .
والمراد بالمؤمنين المؤمنون الخُلَّص من النفاق ، ولذلك عبّر عنهم بالمؤمنين ، وغيّر الأسلوب لأجل ذلك ، فلم يقل : ليذركم على ما أنتم عليه تنبيهاً على أنّ المراد بضمير الخطاب أكثر من المراد بلفظ المؤمنين ، ولذلك لم يقل على ما هم عليه .) .


2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
( كل نفس ذائقة الموت ): كل لفظ يدل على العموم ، أي أن كل نفس مخلوقة حية تذوق الموت ، والذوق هنا مستعار .
( وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ) : أي أن الله تعالى يجازي الناس فيأخذون جزاءهم كاملة ، و( إنما ) للحصر ، فمن يدخل الجنة لا يدخلها حتى يأخذ من الثواب أو العقاب كاملة يوم القيامة ، وخص الأجور بالذكر لشرفها وفيه إشارة لمغفرة الله تعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم .
( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) : أي أبعد عن النار وأدخل الجنة فإنه يكون نجا من الخطر وهو النار .
( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) : أي أن الحياة الدنيا هي متاع قليل زائل ،ينخدع بها من اغتر بها.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 شوال 1439هـ/9-07-2018م, 05:21 PM
منيرة محمد منيرة محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: السعودية
المشاركات: 668
افتراضي

(المعذرة لم انتبه للمتطلب إلا فيما بعد )

2- فسر بإيجاز قوله تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ )

يخبر الله عزوجل في هذه الآية العظيمة أن المؤمنين سيبلون في أموالهم وأنفسهم ، ووجه الخطاب للنبي تعظيماً وتوكيداً للأمر وتنبيهاً للمؤمنين حتى يعلموا أنهم سيبتلوا فيتهيؤا ويثبتوا، ولابد للمؤمن من البلاء سنة جارية في الخلق فيبتلى على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابةٌ زيد في البلاء ،
روى ابن أبي حاتم عن جريج قال : يعلم المؤمنين أن سيبتليهم فينظر كيف صبرهم على دينهم؟،
ولقد اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية :
فقال عكرمة وغيره : السبب في ذلك قول فنحاص: إن الله فقير ونحن أغنياء، وقوله: يد الله مغلولة إلى غير ذلك ، وقال الزهري وغيره: نزلت هذه الآية بسبب كعب بن الأشرف، فإنه كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ويشبب بنساء المسلمين،
فذكر الله في هذه الآية إن المؤمن ممتحن ومختبر في ماله ونفسه بشتى التكاليف و بالمصائب والبلاياء ،
وبين في موضع آخر أن من جملة هذا البلاء: الخوف والجوع وأن البلاء في الأنفس والأموال هو النقص فيها، وأخبر سبحانه أنهم سيسمعون من أهل الكتاب والمشركين أذى كثيرا ونكر الأذى وأطلقه ليعم ،وأنهم إن صبروا على ذلك البلاء والأذى واتقوا الله، فإن صبرهم وتقاهم ﴿من عزم الأمور﴾، أي: من الأمور التي ينبغي العزم والتصميم عليها لوجوبها يقول الله تعالى ﴿إنَّهُ مَن يَتَّقِ ويَصْبِرْ فَإنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُحْسِنِينَ﴾
يقول ابن القيم "فالصبر والتقوى دواء كل داء من أدواء الدين ولا يستغني أحدهما عن صاحبه،".
وهي من الأمور التي يسابق لها،ويتنافس عليها، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية كما قال تعالى: ﴿وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم﴾
جعلنا الله وإياكم بمنه وفضله منهم

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 شوال 1439هـ/11-07-2018م, 06:44 AM
شيماء طه شيماء طه غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 318
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه اجابة المجلس وأعتذر على التأخير لظروف صحية

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 172- 186)
1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175).
1 سرعة الاستجابة لله وأوامره مهما أحاطت بالعبد من نكبات اقتداءاً بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد استجابوا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم مع ما بهم من جروح.
2 من المعينات على الاستجابة لله تعالى التقوى.
3 الاستجابة لأمر الله سبب في مضاعفة الحسنات وتكفير السيئات.
4 على العبد أن يقوي صلته بالله وأن يتوكل عليه فالتوكل على الله سبب لجلب النعم.
5 على العبد أن يبحث عن كل ما يرضي الله تعالى من أسباب رضاه ومنها التوكل عليه والاستجابة والانقياد والاستسلام لأمره.
6 وجوب الخوف من الله وحده وأنه من لوازم الإيمان فعلى قدر إيمان العبد يكون خوفه من الله.
2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:
1: حرّر القول في المراد بالبخل وعقوبته في قوله تعالى: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قيل المراد علماء اليهود الذين بخلوا بما آتاهم الله من علم نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ومشاقتهم وعداوته.
وقيل أنهم الذين يبخلون بالمال فيمنعون الزكاة.
وقال السدي وجماعة الآية نزلت في البخل بالمال والأنفاق في سبيل الله وأداء الزكاة المفروضة.
وأما عاقبة البخل وما يؤول أليه أمر ماله يوم القيامة.
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاع أقرع له زبيبتان فيطوقه يوم القيامة يخذ بلهزمتيه يعني بشدقيه يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خير لهم......) ألى آخر الآية.)
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال (أن الذي لا يؤدي زكاة ماًه يمثل له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان ثم يلزمه يقول أنا كنزك.)
2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ.
في الآية أشارة ألى ما يعترض أهل الحق وأنصار الرسل من البلوى وأكد الفعل بلام القسم ونون التوكيد الشديدة لأفادة تحقيق الابتلاء أذ أن نون التوكيد الشديدة أقوى في الدلالة من نون التوكيد الخفيفة.
والابتلاء الاختبار ويراد بها هنا المصيبة لأن في المصائب اختباراً لمقدار الثبات.
والابتلاء في الأموال هو نفقات الجهاد وفقد أموالهم التي تركوها بمكة.
والابتلاء في الأنفس القلت والجراح. وجمع مع ذلك سماع المكروه من أهل الكتاب واًمشركين في يوم أحد وبعده.
والأذى هو الضر بالقول ووصفه بالكثير أي الخارج عن الحد الذي تحتمله النفوس غالبا وكل ذلك مما يفضي ألى اًفشل فأمرهم الله بالصبر على ذلك حتى يحصل لهم النصر وأمرهم بالتقوى أي الدوام على أمور الأيمان.
أما الصبر على الأموال والأنفس فيشمل الجهاد وأما الصبر على الأذى ففي وقت الحرب والسلم.
(فأن ذلك) الأشارة ألى الصبر والتقوى. أي من الأمور المعزوم عليها والززم أمضاء الرأي وعد التردد بعد تبين السداد.
ومن (وشاورهم في الأمر فأذا عزمت فتوكل "لى الله. (فاصبر كما صبر أولو العزم من ارسل.)
ووقع قوله (فأن ذلك من عزم الأمور دليلاً على جواَ اًشرط والتقدير وأن تصبر وتتقوا تنالوا ثواب أولو العزم فأن ذلك من عزم الأمور.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 29 شوال 1439هـ/12-07-2018م, 02:21 PM
بدرية صالح بدرية صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 498
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بدرية صالح مشاهدة المشاركة
المجموعة الثانية.
1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

الفوائد السلوكية :
1/ المسارعة إلى الإستجابة لله وللرسول ففيها الخير الكثير
2/ الخضوع لله والرضى بأقداره في السراء والضراء
3/ حسن التوكل على الله والظن فيه ، فهو خير وكيل
4/ المؤمن لن يصيبه إلا ماكتب الله له ، لو اجتمعت الإنس والجن عل أن يضروه بشيء لم يكتبه له فلن يضروه ، فليرضى بأقداره ويتوكل عليه.
5/ وعد الله سبحانه لمن يتوكل عليه بالرضا والنعمة والفضل العظيم.
6/ بيان من الله سبحانه ، عند الخوف ووقوع الظلم ، قول حسبنا الله ونعم الوكيل.
7/مكر وكيد الشيطان ضعيف ، وليس له إلا التخويف فحذر سبحانه منه ،وأمر بالإيمان والخوف منه وحده .

2/ حرّر القول في المخاطب في قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.
اختلف المفسرون وورد فيها أقوال منها :
1/ الخطاب للمؤمنين، ذكره ابن عطية قولاً لمجاهد وابن جريج وابن إسحاق وغيرهم.
والمعنى: ما كان الله ليدع المؤمنين مختلطين بالمنافقين مشكلا أمرهم، يجري المنافق مجرى المؤمن، ولكنهم ميز بعضهم من بعض.
2/وقيل الخطاب للكفار ، قاله قتادة والسدي: الخطاب للكفار، لم يكن ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضّلالة.
والمعنى: حتى يميز المؤمنين من الكافرين بالإيمان والهجرة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: يقول للكفار لم يكن ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضلالة حتى يميز الخبيث من الطيب فميز بينهم في الجهاد والهجرة.
3/ المسلمون جميعاً ، بمافيهم المنافق ،ذكره ابن عاشور بقوله :أيْ مِنَ اخْتِلاطِ المُؤْمِنِ الخالِصِ والمُنافِقِ، فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ أنْتُمْ عَلَيْهِ مُخاطَبٌ بِهِ المُسْلِمُونَ كُلُّهم بِاعْتِبارِ مَن فِيهِمْ مِنَ المُنافِقِينَ.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: ميز بينهم يوم أحد، المنافق من المؤمن.
وذكر الألوسي أن الخِطابُ عَلى ما يَقْتَضِيهِ الذَّوْقُ لِعامَّةِ المُخْلِصِينَ، والمُنافِقِينَ؛ فَفِيهِ التِفاتٌ في ضِمْنِ التَّلْوِينِ، والمُرادُ بِما هم عَلَيْهِ اخْتِلاطُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ.

2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
قال تعالى :(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) .
في هذه الآية إخبار عام من الله سبحانه ، بأن كل نفس مخلوقة لابد لها من الفناء والموت بتقدير الله ، كقوله: {كلّ من عليها فان ) ، فجميع مخلوقات الله من ملائكة وإنس وجن ، مصيرها الفناء والموت بأمر الله ، فالإخبار بهذه الآية عام وخص به كل مفترٍ متكبرٍ على الله ورسوله ، بأن مآلك ورجوعك إلى الله سبحانه ،فتوفى أجرك من غير زيادة أو نقصان
قال تعالى :(وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ )
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ موضع سوطٍ في الجنّة خيرٌ من الدّنيا وما فيها اقرءوا إن شئتم: {فمن زحزح عن النّار وأدخل الجنّة فقد فاز وما الحياة الدّنيا إلاّ متاع الغرور}.
فيخبر الله سبحانه ، أن العبد يوفى أجره لاينقص منه شيئاً إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، فلايظلم مثقال ذرة ، فمن أكرم بزحزحته من النار ،فقد فاز وظفر وإكرم بهذا الخير العظيم ، ونجا من العذاب الشديد ،
قال تعالى :( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ).
هذه الآية تصغير وتحقير لشأن الدنيا ، وأنها متاع مؤقت ، لابد لها من تارك ، وزوال وفناء ، فما أعظمه من تشبيه ،بقوله (متاع الغرور ) ، فالراعي يتزود بمتاع قليل عند رعيه ، لكن هذا المتاع لن يكفيه بالسفر فهو قليل لايكفي ، وكذلك الدنيا مهما طال الأمد بها ، ولهثت النفس بزينتها وزخرفها ،فلابد لها من زوال وفناء ، فالمحظوظ الذي لم يركن ويسكن إليها ، فهو لابد عنها راحل إما لجنة أو لنار والعياذ بالله.
والغرور صفة من صفات الشيطان ،يغوي بها ابن آدم حتى يصرفه عن الخير والعمل الصالح ، ويغره في هذه الدنيا وزينتها والإلتفات لها .
والمجمل العام للآية ،هي التسلية وبعث الطمأنينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لايغرك ولايحزنك انصرافهم وبغيهم ، فمردهم ورجوعهم إلى الله ،فتوفى كل نفس ماكسبت لاتظلم شيئاً.
عذراً. على نسيان الترجيح بينهما ، بسبب العجلة.
فالراجح من هذه الأقوال :
هو ماعليه أكثر المفسرون هم المؤمنون ويدخل فيهم المنافقون ، قال ابن عاشور :(أيْ مِنَ اخْتِلاطِ المُؤْمِنِ الخالِصِ والمُنافِقِ، فالضَّمِيرُ في قَوْلِهِ أنْتُمْ عَلَيْهِ مُخاطَبٌ بِهِ المُسْلِمُونَ كُلُّهم بِاعْتِبارِ مَن فِيهِمْ مِنَ المُنافِقِينَ.
فالمؤمنون مختلط بهم المنافقون ، ظاهرهم العبادات ، وباطنهم الحقد والكراهية ، فدلالة السياق في هذه الآية تدل عليهم ،بقوله ( ماأنتم عليه ) ، رجحه ابن جرير وأكثر المفسرين ، والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 1 ذو القعدة 1439هـ/13-07-2018م, 08:21 PM
هناء هلال محمد هناء هلال محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 663
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران

1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.
1-سرعة الاستجابة لأوامر الله سبحانه وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم مهما كان في هذه الأوامر من مشقة على النفس ، واليقين بأنه لن يضيع أجر هذه الاستجابة عند الله سبحانه ، قال تعالى : (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) .
2-التوكل على الله سبحانه ، والاستعانه به في كل الأمور ، وعدم الخوف إلا منه سبحانه ، قال تعالى : (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )
3-الاعتقاد بأن الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي ، فالحرص على زيادته من وسائل تثبيت النفس عند الشدائد ، قال تعالى : (فزادهم إيمانا) .
4-اليقين بأنه عند حسن التوكل على الله يكفينا الله ما أهمنا ويرد عنا كيد عدونا ، ونحوز نعمة الله سبحانه ورضوانه وفضله ، قال تعالى : (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم)
5-معرفة أن التخويف من غير الله يكون من الشيطان ليثبط المؤمنين ، فيجب الحذر من الوقوع في ذلك ، قال تعالى : (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياؤه )
6-معرفة أن الشيطان يخوف أولياؤه من الكفار والمنافقين ، فلا يجب على المؤمن الخوف منه لأنه ليس بولي له ، قال تعالى : (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياؤه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)

المجموعة الثانية
حرر القول في المخاطب في قوله تعالى : (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب)
اختلف في أسباب نزول هذه الآية كالتالي :
أولا : أن قريشا قالت : تزعم يا محمد أن من اتبعك فهو في الجنة ، ومن خالفك فهو في النار ؟ ، فأخبرنا بمن يؤمن بك وم لا يؤمن ، فنزلت الآية ، وهذا قول ابن عباس
ثانيا : أن المؤمنين سألوا أن يعطوا علامة يفرقون بها بين المؤمن والمنافق ، فنزلت الآية ، وهذا قول أبي العالية .
ثالثا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عرضت علي أمتي ، وأعلمت من يؤمن بي ، ومن يكفر ، فبلغ ذلك المنافقين فاستهزؤوا وقالوا : فنحن معه ولا يعرفنا ، فنزلت الآية ، وهذا قول السدي
رابعا : أن اليهود قالوا : يا محمد قد كنتم راضين بديننا ، فكيف بكم لو مات بعضكم قبل نزول كتابكم ؟ فنزلت الآية ، وهذا قول عمر مولى غفرة
خامسا : أن قوما من المنافقين ادعوا أنهم في إيمانهم مثل المؤمنين ، فأظهر الله نفاقهم يوم أحد ، وأنزل الآية ، وهذا قول أبي سليمان الدمشقي .
واختلف المفسرون في المخاطب بالآية على آقوال :
القول الأول : الخطاب للمؤمنين ، وهذا قول مجاهد وابن جريج وابن إسحاق .
ويكون المعنى : على ما أنتم عليه أيها المؤمنون من اختلاطكم بالمنافقين ، وإشكال أمرهم وإجراء المنافق مجرى المؤمن ، ولكنه ميزكم عن بعض بما ظهر منكم يوم أحد.
تخريج قول مجاهد :
رواه محمد بن نصر الرملي ، وابن جرير الطبري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : فيسم الصادق بإيمانه من الكاذب .
تخريج قول ابن جريج
رواه ابن جرير الطبري عن القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن جريج قال : ليبين الصادق بإيمانه من الكاذب .
تخريج قول ابن اسحاق
رواه ابن جرير عن ابن حميد عن سلمة عن ابن اسحاق قال : اي المنافق .

القول الثاني : الخطاب للكفار ، قاله قتادة والسدي .
ويكون المعنى : على ما أنتم عليه أيها الكفار من اختلاطكم بالمؤمنين
تخريج قول قتادة :
رواه ابن جرير وعبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : حتى يميز الكافر من المؤمن
ورواه ابن أبي حاتم عن عن محمد بن يحيى عن العباس عن يزيد عن سعيد عن قتادة قال : يعنى الكفار يقول : لم يكن ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضلالة .
تخريج قول السدي
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن أحمد عن أسباط عن السدي قال : قالوا : إن كان محمد صادقا فليخبرنا بمن يؤمن بالله به منا ومن يكفر فنزلت الآية حتى يخرج المؤمن من الكافر .

القول الثالث : الخطاب للكفار والمنافقين ، كأنه قيل : ما كان الله ليذر أولادكم الذين حكم عليهم بالإيمان على أنتم عليه من الشرك حتى يفرق بينكم وبينهم ، وقيل : كانوا يستهزءون بالمؤمنين سرا ، فقال : لا يدعكم على ما أنتم عليه من الطعن فيهم والاستهزاء ، ولكن يمتحنكم لتفتضحوا ويظهر نفاقكم . و قاله ابن عباس
تخريج قول ابن عباس :
رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : على ما أنتم عليه : من الكفر .

القول الرابع : الخطاب للؤمنين والمنافقين ، وهو قول الزمخشري في الكشاف ، كأنه قيل : ما كان الله ليذر المخلصين منكم مختلطين ببعضكم حتى يميز أهل الإخلاص والنافق بالوحي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بإخباره بأحوالكم . وقال الزمخشري : ويجوز أن يراد لا يترككم مختلطين حتى يميز الخبيث من الطيب بالتكاليف التي لا يصبر عليها إلا المخلص كالجهاد والإنفاق في سبيل الله .

الدراسة والترجيح
رجح ابن جرير القول الأول أن الخطاب للمؤمنين فقال : والتأويل الأول أولى بتأويل الآية ، لأن الآيات قبلها في ذكر المنافقين وهذه في سياقها ، فكونها بأن تكون فيهم أشبه منها بأن تكون في غيرهم .
كما اختاره الثعالبي في تفسيره فقال : أي ما كان ليدع المؤمنين مختلطين بالمنافقين ، وهذا تفسير مجاهد وغيره .
وقال القرطبي : الخطاب للؤمنين هو قول أكثر أهل المعاني .
وقال الواحدي في الوجيز : أي من التباس المنافق من المؤمن ، ففعل هذا يوم أحد .
قال ابن عاشور : المخاطب المسلمون كلهم باعتبار من فيهم من المنافقين .
واختار الزجاج القول الثاني أن الخطاب للكفار الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : تخبرنا بأن الإنسان في النار حتى إذا صار من أهل ملتك قلت إنه من أهل الجنة فنزلت الآية .
والراجح
أن يمكن الجمع بين ذلك كله ، كما جمع بينهم ابن كثير في تفسيره فقال : قال مجاهد : ميز بينهم يوم أحد ، وقال قتادة : ميز بينهم بالجهاد والهجرة ، وقال السدي : يخرج المؤمن من الكافر .
فوضح من استشهاد ابن كثير أن الآية تخاطب المؤمنين والكفار والمنافقين ، وأنه لابد أن يعقد الله سبحانه سببا من المحنة يُظهر فيه وليه ويفتضح فيه عدوه ، ويعرف المؤمن الصابر والمنافق الفاجر كما قال ابن كثير رحمه الله .

2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
بعد أن واسى الله سبحانه وتعالى نبيه عن تكذيب قومه له بأن وضح له أن كثيرا من الرسل قبله قد كذبوا ولاقوا من أقوامهم الشدائد والعنت كما لقيت ، زاده هنا في الآية تسلية أخرى وهي أنهم وكل ما عندهم منته إلى غاية ، وأنهم سيجازون على أعمالهم يوم القيامة كاملا كما سيجازون في الدنيا أيضا.
قال تعالى : (كل نفس ذائقة الموت) : يخبر الله سبحانه أن كل نفس ستذوق طعم مفارقة البدن وتحس به فهو وحده الحي الذي لا يموت والإنس والجن والملائكة كلهم يموتون ، وفي ذلك إشارة إلى أن النفس لا تموت بموت البدن ، كما فيه إشارة إلى أنه مهما طال العمر سيموت الإنسان ويرجع إلى ربه ليوفيه حسابه.
قال تعالى : (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ) أي تعطون جزاء أعمالكم كاملا وافيا يوم القيامة ، وفي ذكر التوفيه إشارة إلى أن بعض الأعمال سواء خيرا أو شرا قد تصل إليهم في الدنيا جزاء أعمالهم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران) رواه الترمذي والطبراني .
وقوله : (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) : أي فمن خلص من العذاب ونجى ووصل إلى الجنة فقد فاز ووصل إلى غايته وهي رضوان رب العباد سبحانه ، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها) .
وقوله : (وما الحيوة الدنيا إلا متاع الغرور) فيه تصغير لشأن الدنيا وتحقير لأمرها ، فما هذه الحياة التي نحن فيها ونتمتع بملذاتها الحسية من مأكل ومشرب ، أو المعنوية من جاه وسلطان إلا متاع الغرور لأن صاحبها الحريص عليها دائما مغرورا مخدوعا بها ، تشغله عن السعادة الحقيقية في الآخرة .
قال قتادة : هي متاع متروكة أوشكت والله الذي لا إله إلا هو أن تضمحل عن أهلها ، فخذوا من هذا المتاع طاعة الله إن استطعتم ، ولا قوة إلا بالله .

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 2 ذو القعدة 1439هـ/14-07-2018م, 09:44 PM
أمل يوسف أمل يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 570
افتراضي


1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

1-أعظم الإستجابة لله تعالى حال الشدة وضعف النفس وتنازع الأهواء فعندها يكون المستجيب لله تعالى هو الصادق المحب حقا {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح}
2-الجزاء العظيم والأجر الكبير في الآخرة مترتب على الإحسان والتقوى؛فليس الإيمان بالتمنى ولا التحلى ولكن ماوقر في القلب وصدقه العمل {للذين احسنوا منهم واتقوا اجر عظيم}
3-إذا كانت الخشية في قلب العبد أكبر من الخشية من الرب فهذا دليل نقص الإيمان وكلما نقصت الخشية من الله في قلب العبد نقص إيمانه كما أن نقصان الإيمان يسبب نقصان الخشية والعكس بالعكس{فاخشوهم فزادهم إيمانا}
4-كلما كان إيمان العبد قويا تلاشى خوفه من كل أحد سوى الله
5-كلما زادت الخشية من الله زاد التوكل عليه والإكتفاء به مدبرا ووكيلا{وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}
6-من خاف الله كفاه كل ما همه كما أخبرنا الله في قصة مؤمن آل فرعون {فانقلبوا بنعمة من الله لم يمسسهم سوء}

المجموعة الأولى:
1: حرّر القول في المراد بالبخل وعقوبته في قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

لما حث الله تعالى عباده المؤمنين على الجهاد في سبيله بالنفس شرع في الحث على بذل المال والنفقة في سبيله أيضا ورهب بالوعيد الشديد لمن يبخل ببذل المال في سبيل الله تعالى وفيه ذم البخل بشىء من الخيرات عموما وبالمال خصوصا
وفى هذه الآية مسألتان :الأولى :المراد بالبخل ،والثانية في العقوبة المترتبة على هذا البخل وهى قوله تعالى {سيطوقون ما بخلوا به}
-المسألة الأولى :المراد بالبخل :وفيه قولان :
القول الأول:المراد بالبخل، البخل بالمال ومن ذلك :الامتناع عن الإنفاق الواجب في سبيل الله {الزكاة الواجبة} ؛
وهذا القول روى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن وهب من طريق
اللّيث بن سعدٍ عن عبيد اللّه بن أبي جعفرٍ عن صفوان بن سليمٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر أهل اليمن، فقيل: يا رسول اللّه، أليس يؤتون زكاة أموالهم ويتصدّقون، قال: فكيف بما تحوي الفضول من سأله ذو قرابةٍ حقًّا من غنًى فمنعه طوّق شجاعًا أقرع حتّى يقضي بين الخلق يوم القيامة،
ورواه البخاري عن أبي هريرة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالحدّثني عبد اللّه بن منيرٍ، سمع أبا النّضر، حدّثنا عبد الرّحمن هو ابن عبد اللّه بن دينارٍ، عن أبيه، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " من آتاه اللّه مالًا فلم يؤدّ زكاته، مثّل له ماله شجاعًا أقرع، له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه - يعني بشدقيه - يقول: أنا مالك أنا كنزك " ثمّ تلا هذه الآية: (ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) إلى آخر الآية).
ثم قال: {ولا تحسبن الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرٌ لهم بل هو شرٌ لهم سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة}
وقال به:ابن مسعود، مسروق،الحسن ،السدي ، وابن عباس في رواية أبي صالح، والشعبي، ومجاهد(ذكره ابن الجوزي)
=وقيل البخل بالنفقة على ذي الرحم المحتاج،ورواه ابن جرير مرفوعا
قال :حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا أبو معاوية محمّد بن خازمٍ، قال: حدّثنا داود، عن أبي قزعة حجر بن بيانٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ما من ذي رحمٍ يأتي ذا رحمه فيسأله من فضلٍ أعطاه اللّه إيّاه فيبخل به عليه، إلاّ أخرج له يوم القيامة شجاعٌ من النّار يتلمّظ حتّى يطوّقه ثمّ قرأ: {ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله} حتّى انتهى إلى قوله: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة}
ورواه ابن حجر في المطالب العالية قال: حدثنا أبو معاوية: عن داود - (هو) ابن أبي هندٍ -، عن أبي قزعة، عن حجير بن بيان رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم

وعقوبته في قوله تعالى {سيطوقون مابخلوا به يوم القيامة} والمراد بالتطويق على هذا القول :
-قيل بطوق من نار فيجعل ما بخل به هؤلاء المانعون للنفقة هذا المال طوقا من نار يطوقون به في أعناقهم:
قال به ابراهيم النخعى ورواه بن أبي حاتم من طريق سفيان عن منصور عنه
-قيل الطوق :ثعبان ينقر رأس أحدهم وهو قول عبد الله بن مسعود رواه ابن أبي حاتم وابن جرير عن سفيان عن أبي اسحاق عن أبي وائل عنه
وقول السدى :رواه ابن جرير قال حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثني أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي فإنه يُجعل ماله يوم القيامة شجاعًا أقرع يطوِّقه، فيأخذ بعنقه، فيتبعه حتى يقذفه في النار.
وقول أبي وائل ومسروق :سبق تخريجه في القول الأول
وقيل :المراد بالتطويق التكليف :فقال مجاهد يكلفون يوم القيامة أن يأتوا بما بخلوا به من أموالهم
وقول مجاهد رواه ابن جرير قال حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، قال: سيكلَّفون أن يأتوا بما بخلوا به، إلى قوله:"والكتاب المنير"


القول الثانى :أن المراد البخل بالعلم وذلك بكتمان صفة النبي صلى الله عليه وسلم التى في كتبهم وأمروا أن يبينوها
قال به:ابن عباس ومجاهد و(رواه عطية عن ابن عباس، وابن جريج عن مجاهد، واختاره الزجاج)ذكره ابن الجوزي
المراد بالعقوبة في قوله تعالى {سيطوقون ما بخلوا به} على هذا القول:
قال ابن عطية:معناه سيحملون عقاب ما بخلوا به، فهو من الطاقة كما قال تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ [البقرة: 184] وليس من التطويق،
وقال مجاهد: سيكلفون أن يأتوا بمثل ما بخلوا به يوم القيامة،(قال ابن أبي حاتم روى عن مجاهد ولم يسنده)
قال ابن عطية : وهذا يضرب مع قوله: إن البخل هو بالعلم الذي تفضل الله عليهم بأن علمهم إياه
التخريج:
القول الأول:
قول ابن مسعود : رواه الترمذي والنسائي من طريق سفيان بن عيينة عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من رجلٍ له مالٌ لا يؤدّي حقّ ماله إلّا جعل له طوقًا في عنقه شجاعٌ أقرع فهو يفرّ منه وهو يتبعه» قال: ثمّ قرأ مصداقه من كتاب الله {ولا يحسبنّ الّذين يبخلون} [آل عمران: 180] إلى قوله: {يوم القيامة}
وقال الترمذي: وقال مرّةً: قرأ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم مصداقه: سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة ومن اقتطع مال أخيه المسلم بيمينٍ لقي اللّه وهو عليه غضبان، ثمّ قرأ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم مصداقه من كتاب الله: {إنّ الّذين يشترون بعهد اللّه} الآية.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ومعنى قوله شجاعًا أقرع، يعني: حيّةً)
ورواه ابن وهب من طريق عاصم بن بهدلة عن شقيق بن سلمة عن عبد اللّه بن مسعودٍ في قول اللّه: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة}، قال: يطوّق شجاعًا أقرع بفيه زبيبتان ينقر رأسه يقول: ما لي ولك، قال: يقول: أنا مالك الّذي بخلت بي.
قال الأحوص: أحسبه قال: حتى يلقى الحساب
وروى عبد الرزاق في تفسيره وابن جرير قالا حدثنا الثوري عن أبي إسحاق عن أبي وائل عن ابن مسعود قال يجيء ماله يوم القيامة ثعبانا فينقر رأسه ويقول أنا مالك الذي بخلت بي فينطوي على عنقه
ورواه ابن جرير من طرق أخرى عن ابن مسعود
قول مسروق:رواه سعيد بن منصور قال : حدّثنا سعيدٌ، قال: نا خلف بن خليفة، قال: نا أبو هاشمٍ، عن أبي وائلٍ، عن مسروقٍ، قال: هو الرّجل يرزقه اللّه المال، فيمنع قرابته الحقّ الّذي جعل اللّه لهم في ماله، فيجعل حيّةً، فيطوّقها، فيقول للحيّة: ما لي وما لك؟ فتقول: أنا مالك
قول السدى رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أسباط، عن السدي:"ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم بل هو شر لهم"، هم الذين آتاهم الله من فضله، فبخلوا أن ينفقوها في سبيل الله، ولم يؤدُّوا زكاتها.
قول الحسن رواه ابن أبي حاتم قال :حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُوسَى بْنُ مُحْكَمٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، ثنا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِهِ: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ
قال: سيعذبون ب ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ: هُمْ كَافِرٌ وَمُنَافِقٌ يَبْخَلُ أَنْ يُنْفِقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

القول الثاني:
قول ابن عباس:رواه ابن جريروابن أبي حاتم من طريق محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله" إلى"سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، يعني بذلك أهل الكتاب، أنهم بخلوا بالكتاب أن يبينوه للناس
قول مجاهد:رواه ابن جرير قال حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله:"ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله"، قال: هم يهود، إلى قوله: (وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ


الترجيح والدراسة:

قال الطبري:وأولى التّأويلين بتأويل هذه الآية التّأويل الأوّل وهو أنّه معنى بالبخل في هذا الموضع: منع الزّكاة لتظاهر الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه تأوّل قوله: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال: البخيل الّذي منع حقّ اللّه منه أنّه يصير ثعبانًا في عنقه، ولقول اللّه عقيب هذه الآية: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} فوصف جلّ ثناؤه قول المشركين من اليهود الّذين زعموا عند أمر اللّه إيّاهم بالزّكاة أنّ اللّه فقيرٌ)
قال بن حجر في الفتح : قال الواحديّ أجمع المفسّرون على أنّها نزلت في مانعي الزّكاة وفي صحّة هذا النّقل نظرٌ فقد قيل إنّها نزلت في اليهود الّذين كتموا صفة محمّد قاله بن جريجٍ واختاره الزّجّاج وقيل فيمن يبخل بالنّفقة في الجهاد وقيل على العيال وذي الرّحم المحتاج نعم الأوّل هو الرّاجح وإليه أشار البخاريّ
قال القسطلاني:وفي حديث أبي هريرة مرفوعًا: "من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وحسنه الترمذي وصححه الحاكم
قال الرازي :الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَوْلَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ
وَلَوْ فَسَّرْنَا الْآيَةَ بِالْعِلْمِ احْتَجْنَا إِلَى تَحَمُّلِ الْمَجَازِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَوْ فَسَّرْنَاهَا بِالْمَالِ لَمْ نَحْتَجْ إِلَى الْمَجَازِ فَكَانَ هَذَا أَوْلَى.
الثَّانِي: أَنَّا لَوْ حَمَلْنَا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى الْمَالِ كَانَ ذَلِكَ تَرْغِيبًا فِي بَذْلِ الْمَالِ فِي الْجِهَادِ فَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ لِهَذِهِ الْآيَةِ مَعَ مَا قَبْلَهَا نَظْمٌ حَسَنٌ، وَلَوْ حَمَلْنَاهَا عَلَى أَنَّ الْيَهُودَ كَتَمُوا مَا عَرَفُوهُ مِنَ التَّوْرَاةِ انْقَطَعَ النَّظْم
وَ تَفْسِيرَ هَذَا الْبُخْلِ بِكِتْمَانِ دَلَائِلِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ بَعِيدٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مَوْصُوفُونَ بِالْبُخْلِ فِي الْقُرْآنِ مَذْمُومُونَ بِهِ. قَالَ تَعَالَى فِي صِفَتِهِمْ: أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً [النِّسَاءِ: 53] وَقَالَ أَيْضًا فِيهِمْ: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [النِّسَاءِ: 37] وَأَيْضًا ذَكَرَ عَقِيبَ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَهُ: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ [آلِ عِمْرَانَ: 181] وَذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِ الْيَهُودِ،

وَلَا يَبْعُدُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ عَامَّةً فِي الْبُخْلِ بِالْعِلْمِ، وَفِي الْبُخْلِ بِالْمَالِ، وَيَكُونُ الْوَعِيدُ حَاصِلًا عَلَيْهِمَا مَعًا
وعلى القول الثانى : سيكون مَعْنَى سَيُطَوَّقُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَجْعَلُ فِي رِقَابِهِمْ طَوْقًا مِنْ نَارٍ،
عن أبي هريرة مرفوعا «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ عُوقِبُوا فِي أَفْوَاهِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ بِهَذَا اللِّجَامِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْطِقُوا بِأَفْوَاهِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ.

وقال السعدي ولا يظن الذين يبخلون، أي: يمنعون ما عندهم مما آتاهم الله من فضله، من المال والجاه والعلم، وغير ذلك مما منحهم الله، وأحسن إليهم به، وأمرهم ببذل ما لا يضرهم منه لعباده، فبخلوا بذلك، وأمسكوه، وضنوا به على عباد الله، وظنوا أنه خير لهم، بل هو شر لهم، في دينهم ودنياهم، وعاجلهم وآجلهم {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة} أي: يجعل ما بخلوا به طوقا في أعناقهم، يعذبون به كما ورد في الحديث الصحيح، "إن البخيل يمثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع، له زبيبتان، يأخذ بلهزمتيه يقول: أنا مالك، أنا كنزك" وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداق ذلك، هذه الآية.:

2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى:
{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}
.
هذا خطاب من الله تعالى لرسوله الكريم و لعباده المؤمنين مخبرا لهم بسنته سبحانه وتعالى في خلقه وهى سنة الإبتلاء أي الاختباروالإمتحان فقال {لتبلون}ثم بين في أي شىء يكون ذلك الابتلاء فقال {في أموالكم وأنفسكم}والابتلاء في المال يكون إما بما يصيبه من آفات تهلكه أو تنقصه ويكون بما يكلف به العبد من النفقات الواجبة أيقوم بها أم لا؟ وغير ذلك من أببواب النفقات ويبتلى العبد في نفسه فيبتلى في بدنه بالمرض ونحوه ويبتلى أيضا في ولده وأهله كما قال تعالى {ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين}وفي هذا الإخبار منه تعالى لعباده ليوطنوا أنفسهم على الصبر والاحتساب فتكون عاقبة أمرهم كلها خير ومن الحكم التى وراء هذا الابتلاء تمييز الصادق من الكاذب وتكفير السيئات ورفع الدرجات وغير ذلك من الحكم العظيمة
ثم قال {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا}
وقد ورد في سبب نزول هذه الآية عند المفسرين سببان فقيل نزلت في شأن أبي بكر وفنحاص اليهودى وقيل نزلت في شأن كعب بن الأشرف اليهودي وكلا السببين لاتقوم به الحجة لضعف الإسناد وقد ورد في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد شاهد لهذا حين آذى بن سلول رسول الله ثم ذكر الآية } ولايمكن الجزم بأنه سبب لنزول الآية
ومما جاء فيه { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى، قَالَ اللَّهُ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}
وكان مما جاء فيه أيضا { وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا [وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ] (11) } وَقَالَ تَعَالَى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ:109] ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأوّل فِي الْعَفْوِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، حَتَّى أذنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبَيّ ابْنُ سَلُول وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجّه، فبايعُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمُوا }
ثم بين سبحانه وتعالى التصرف الذي ينبغي إزاء هذا الأذى من كلا الفريقين فقال {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}فبالصبر والتقوى يحصل التمكين والنصر وهذا في كل الأموروالمهمات فكل من أمر بمعروف ونهى عن منكر أو قام بحق أو رد باطلا فإنه لابد وأن يؤذى ؛فإن تحلى بالصبر فلم ينتصر لنفسه بل صبر لله محتسبا أجره على الله واتقى الله في صبره فامتثل أمره واجتنب نهيه ولم يتعد حدوده ؛{فإن ذلك من عزم الأمور}واسم الإشارة {ذلك} يرجع إلى الصبر والتقوى وهما من عزائم ما يؤمر به فلايوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية كما قال تعالى {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14 ذو الحجة 1439هـ/25-08-2018م, 12:50 AM
ميسر ياسين محمد محمود ميسر ياسين محمد محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 727
افتراضي

1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.
1-تعظيم قيادة النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته باتخاذ القرارات وأنه لا ينطق عن الهوىوحب القائد لأتباعه ،حيث فتح باب التوبة وجبر خواطر الصحابة بعد معركة أحد من خلال تقريره اللحاق بأبي سفيان (الذين استجابوالله و الرسول)
3-أن الله ينصر المسلمين على الكفار حتى وهم ضعفاء قليلوا العدد إذا كان همهم نصرة الله ودينه وسعوالذلك وتوكلوا على الله بعد أخذهم بالأسباب (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ )
4-استغلال وسائل الإعلام في رفع شأن المسلمين وإرهاب أهل الكفر
وعدم التأثر بإعلان الغرب والتوكل على الله في طلب النصر عليهم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )
5-إن للشيطان أولياء من الإنس لابد من الحذر منهم والتعوذ بالله من شرهم واليقين التام بالله وعدم الخوف منههم وبذلك يتحقق الايمان في النفوس (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
6-أن الدنيا دار ابتلاء لاأحد ينجو من القرح فيها (من بعد ما أصابهم القرح)ولكن التوكل والاحتساب يهون المصائب ويقود للفلاح في الدنيا والآخرة(فانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)

2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:
1: حرّر القول في المراد بالبخل وعقوبته في قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
&عود الضمير في الآية فيه أقوال
1-يعود على أهل الكتاب قاله ابن عباس
ما قاله ابن عباس رواه الطبري والرازي من طريق عن محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليه عن عمه الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرٌّ لهم يعني بذلك أهل الكتاب أنّهم بخلوا بالكتاب أن يبيّنوه للنّاس.
2-يعود على الكفار والمنافقين قاله الحسن
ما قاله الحسن رواه الرازي عن موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرٌّ لهم
قال: سيعذبون ب ما بخلوا به يوم القيامة قال: هم كافرٌ ومنافقٌ يبخل أن ينفق في سبيل اللّه.
قال ابن عاشور :(أن الآية عطف على {ولا يحسبن الذين كفروا}، لأنّ الظاهر أنّ هذا أنزل في شأن أحوال المنافقين، فإنّهم كانوا يبخلون ويأمرون الناس بالبخل، كما حكى الله عنهم في سورة النساء (37) بقوله: {أية :
الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل}تفسير : وكانوا يقولون: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتّى ينفضُّوا، وغير ذلك، ولا يجوز بحال أن يكون نازلاً في شأن بعض المسلمين لأنّ المسلمين يومئذ مبرّؤون من هذا الفعل ومن هذا الحسبان، ولذلك قال معظم المفسّرين: إنّ الآية نزلت في منع الزكاة، أي فيمن منعوا الزكاة، وهل يمنعها يومئذ إلاّ منافق)وقال أيضاً:( أمّا شمولها لِمنع الزكاة، فإن لم يكن بعموم صلة الموصول إن كان الموصول للعهد لا للجنس، فبدلالة فحوى الخطاب.)
الترجيح:القول الثاني وسيتم بيانه في معنى البخل

&معنى البخل في الآية:
القول الاول : أنه منع الزكاة قاله السدي
ما قاله السدي رواه الطبري والرازي من طريق عن أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرٌّ لهم):الذين يبخلون بما اتاهم الّذين آتاهم اللّه من فضله، فبخلوا أن ينفقوها في سبيل اللّه، ولم يؤدّوا زكاتها
القول الثاني: أنها في أهل الكتاب الذين كتموا صفة النبي صلى الله عليه وسلم، ونبوته، قاله ابن عباس، و مجاهد .
- ما قاله ابن عباس رواه الطبري والرازي من طريق عن محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليه عن عمه الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرٌّ لهم يعني بذلك أهل الكتاب أنّهم بخلوا بالكتاب أن يبيّنوه للنّاس.
- ما قاله مجاهد ذكره الطبري عن القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: (ولا تحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) قال: هم يهود، إلى قوله: {والكتاب المنير}

الترجيح:يتبين مما سبق أن القول الراجح هو الأول وذكر ابن عطية أن الأحاديث في القول الأول كثيرة وصحيحة ورجح ابن كثير القول الأول وأن القول الثاني يدخل في معنى الأول .
وقال الواحدي في أسباب النزول :([أجمع] جمهور المفسرين على أنها نزلت في مانعي الزكاة.)

&العقاب في قوله تعالى :{سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَومَ الْقِيَامَةِ} فيه قولان: (تبعاً للقول الأول منع الزكاة )وهما:
1-سيجعل لهم طوق من نار في أعناقهم:
قاله ابراهيم وقتادة .
ما قاله ابراهيم رواه الصنعاني عن الثوري عن منصور عن إبراهيم في قوله تعالى سيطوقون ما بخلوا قال :(طوق من نار).
ما قاله ابراهيم ذكره النهدي عن سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن إبراهيم في قوله: {سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة} قال: طوقا من نار .
ما قاله قتادة رواه الصنعاني عن معمر عن قتادة في قوله تعالى سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة قال يطوقون في أعناقهم يوم القيامة)
رجح ابن عاشور هذا القول وقال: أنّه مشتقّ من الطَّوْق، وهو ما يلبس تحت الرقبة فوق الصدر، أي تجعل أموالهم أطواقاً يوم القيامة فيعذّبون بحملها،واستدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم :(من اغتصب شبراً من أرض طُوّقه من سبع أرضين يوم القيام).
وبقول العرب في أمثالهم :تقلّدها (أي الفعلة الذميمة) طوقَص الحمامة.
2-أن الذي يطوَّقونه شجاع أقرع،قاله ابن مسعود ،وابن عباس، وأبو هريرة ،وصفوان بن سليم وحجر بن بيان
-ما قاله ابن مسعود رواه الترمذي والنسائي والثوري والطبري والرازي والخرساني ، والنيسابوري من طريق عن أبي وائلٍ، عن عبد الله بن مسعودٍ،
عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما من رجلٍ لا يؤدّي زكاة ماله إلا مثّل له يوم القيامة شجاعٌ أقرع يطوّقه، ثمّ قرأ علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مصداقه من كتاب اللّه تعالى: سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة.
-ماقاله ابن عباس رواه النيسابوري عن يحيى بن منصورٍ القاضي، ثنا أبو عمر المستمليّ، ثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، ثنا أبو إسحاق، ثنا أبو وائلٍ، قال: قال عبد اللّه " سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة قال: ثعبانٌ له زبيبتان ينهشه في قبره، ويقول: أنا مالك الّذي بخلت به " سمعت يحيى بن منصورٍ يقول: سمعت أبا عمرٍو المستملي يقول: سمعت أبا هشامٍ الرّفاعيّ يقول: سمعت أبا بكر بن عيّاشٍ يقول: واللّه ما كذبت على أبي إسحاق ولا أرى أبا إسحاق كذب على أبي وائلٍ ولا أرى أبا وائلٍ كذب على عبد اللّه " رواه الثّوريّ عن أبي إسحاق
-ما قاله أبوهريرة رواه البخاري والعيني والقسطلاني من طريق عبد الرّحمن هو ابن عبد اللّه بن دينارٍ، عن أبيه، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " من آتاه اللّه مالًا فلم يؤدّ زكاته، مثّل له ماله شجاعًا أقرع، له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه - يعني بشدقيه - يقول: أنا مالك أنا كنزك " ثمّ تلا هذه الآية: (ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله) إلى آخر الآية)
-ما قاله صفوان بن سليم ذكره عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ عن اللّيث بن سعدٍ عن عبيد اللّه بن أبي جعفرٍ عن صفوان بن سليمٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر أهل اليمن، فقيل: يا رسول اللّه، أليس يؤتون زكاة أموالهم ويتصدّقون، قال: فكيف بما تحوي الفضول من سأله ذو قرابةٍ حقًّا من غنًى فمنعه طوّق شجاعًا أقرع حتّى يقضي بين الخلق يوم القيامة،
ثم قال: {ولا تحسبن الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرٌ لهم بل هو شرٌ لهم سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة}
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده، وابن جرير عن حجر بن بيان عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا خرج له يوم القيامة من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه، ثم قرأ {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله} الآية.
-ما قاله حجير بن بيان رواهابن أبي شيبة والطبري وابن حجر العسقلاني من طريق عن داود - (هو) ابن أبي هندٍ -، عن أبي قزعة، عن حجير بن بيان رضي الله عنه، قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ما من ذي رحمٍ (يأتي رحمه) فيسأله من فضل ما أعطاه اللّه تعالى إيّاه، فيبخل عليه، إلّا أخرج له يوم القيامة، شجاعٌ (يتلمّظ) حتّى يطوّقه، ثمّ قرأ: {ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله}، الآية).
قال الفراء في معاني القرآن (وقوله: {سيطوّقون ما بخلوا به} يقال: هي الزكاة، يأتي الذي منعها يوم القيامة قد طوّق شجاعا أقرع بفيه زبيبتان يلدغ خدّيه، يقول: أنا الزكاة التي منعتني.)-
&&العقاب تبعاً للقول الثاني يكون :
-(يكلفون أن يأتوا بما بخلوا به يوم القيامة ) قاله مجاهد .
ما قاله مجاهدا رواه الهمذاني عن إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد .
قال أبو عبيدة التميمي{سيطوّقون}: (يلزمون، كقولك طوّقته الطوق )وقال عبد الله اليزيدي سيطوقون أي يلزمون في أعناقهم مثل الطوق وقاله ابن قتيبة في غريب القرآن وتفسيره (يلزم أعناقهم إثمه )
ذكر ابن عطية وابن عاشور أن {سيطوقون} على هذا التأويل مشتق من الطاقة وليس من التطويق و معناه :سيحملون عقاب ما بخلوا به، ويكون عليهم وزره يوم القيامة واستشهد ابن عطية بقوله تعالى:( وعلى الذين يطيقونه}
رجح هذا القول الزجاج
الترجيح:كلا القولين يجوز على المعنى
المراجع :جمهرة العلوم
تفسير عبد الرزاق وتفسير ابن جرير وتفسير ابن أبي حاتم وكتاب تفسير القرآن من صحيح البخاري، وكتاب التفسير من جامع الترمذي وغيرها وابن عطية وابن كثير والسيوطي وابن عاشور وغيرها كثير

2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.
قول الله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}
&ذكر ابْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ والزجاج والنحاس والبغدادي أن معنى : ({لتبلونّ في أموالكم وأنفسكم} أي: لتختبرنّ،فالحياة دار تمحيص واختبار ومحن في الأموال بنقصانها بالنفقة والصدقة وغيرها أو خسارتها ،ونقصان الأنفس بالجهاد والموت والمرض والمصيبة في الأقارب والعشائر .حتى يميز الله المؤمن الصادق من غيره .وحتى تكون كفارة وتطهير من الذنوب ،وارتفاع درجات عند الله.وجاءت لام القسم ونون التوكيد لتأكيد أن الابتلاء واقع لا محالة ولا مهرب منه .روى الترمذي عن قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن مصعب بن سعد عن أبيه قال قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح .سنن الترمذي

قوله تعالى:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا }بعد أن ذكر الله وقوع الابتلاءات في المال والنفس ذكر الابتلاء في الدين وهو من أشد الابتلاءات
وقد روى الطبراني في حديث عن ابن عمر أنه كان يدعو بدعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم(ولا تجعل مصيبتي في ديني )
وقد روي في سبب النزول أحاديث كثيرة تبين صور ايذاء اليهود والنصارى والمشركين للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين منها :
-حديث رواه البخاري والطبري والعيني والقسطلاني من طريق عن شعيبٌ، عن الزّهريّ، قال: أخبرني عروة بن الزّبير، أنّ أسامة بن زيدٍ رضي اللّه عنهما، أخبره: أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ركب على حمارٍ على قطيفةٍ فدكيّةٍ، وأردف أسامة بن زيدٍ وراءه يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدرٍ، قال: حتّى مرّ بمجلسٍ فيه عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول وذلك قبل أن يسلم عبد اللّه بن أبيٍّ، فإذا في المجلس أخلاطٌ من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود والمسلمين، وفي المجلس عبد اللّه بن رواحة فلمّا غشيت المجلس عجاجة الدّابّة، خمّر عبد اللّه بن أبيٍّ أنفه بردائه، ثمّ قال: لا تغبّروا علينا، فسلّم رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم عليهم، ثمّ وقف فنزل فدعاهم إلى اللّه، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول: أيّها المرء إنّه لا أحسن ممّا تقول، إن كان حقًّا فلا تؤذنا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبد اللّه بن رواحة: بلى يا رسول اللّه فاغشنا به في مجالسنا، فإنّا نحبّ ذلك، فاستبّ المسلمون والمشركون واليهود، حتّى كادوا يتثاورون، فلم يزل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يخفّضهم حتّى سكنوا، ثمّ ركب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دابّته فسار حتّى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: " يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حبابٍ؟ - يريد عبد اللّه بن أبيٍّ - قال: كذا وكذا "، قال سعد بن عبادة: يا رسول اللّه، اعف عنه واصفح عنه، فوالّذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء اللّه بالحقّ الّذي أنزل عليك، لقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوّجوه فيعصّبوه بالعصابة، فلمّا أبى اللّه ذلك بالحقّ الّذي أعطاك اللّه شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه يعفون عن المشركين، وأهل الكتاب، كما أمرهم اللّه، ويصبرون على الأذى، قال اللّه عزّ وجلّ: {ولتسمعنّ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الّذين أشركوا أذًى كثيرًا} [آل عمران: 186] الآية، وقال اللّه: {ودّ كثيرٌ من أهل الكتاب لو يردّونكم من بعد إيمانكم كفّارًا حسدًا من عند أنفسهم} [البقرة: 109] إلى آخر الآية، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتأوّل العفو ما أمره اللّه به، حتّى أذن اللّه فيهم، فلمّا غزا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بدرًا، فقتل اللّه به صناديد كفّار قريشٍ، قال ابن أبيٍّ ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمرٌ قد توجّه، فبايعوا الرّسول صلّى الله عليه وسلّم على الإسلام فأسلموا.رواية البخاري في صحيحه
-وحديث رواه الطبري من طريق ابن جريجٍ، قال: قال عكرمة في قوله: {لتبلونّ في أموالكم وأنفسكم ولتسمعنّ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الّذين أشركوا أذًى كثيرًا} قال: نزلت هذه الآية في النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وفي أبي بكرٍ رضوان اللّه عليه، وفي فنحاصٍ اليهوديّ سيّد بني قينقاعٍ، قال: بعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أبا بكرٍ الصّدّيق رحمه اللّه إلى فنحاصٍ يستمدّه، وكتب إليه بكتابٍ، وقال لأبي بكرٍ: لا تفتاتنّ عليّ بشيءٍ حتّى ترجع فجاء أبو بكرٍ وهو متوشّحٌ بالسّيف، فأعطاه الكتاب، فلمّا قرأه قال: قد احتاج ربّكم أن نمدّه، فهمّ أبو بكرٍ أن يضربه بالسّيف، ثمّ ذكر قول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تفتاتنّ عليّ بشيءٍ حتّى ترجع فكفّ؛ ونزلت: {ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرٌّ لهم}وروى الرازي مثل سبب النزول
-وما رواه الطبري والرازي عن ابن جريجٍ: في قوله : {لتبلونّ في أموالكم وأنفسكم} قال: أعلم اللّه المؤمنين أنّه سيبتليهم فينظر كيف صبرهم على دينهم، ثمّ قال: {ولتسمعنّ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم} يعني: اليهود والنّصارى، {ومن الّذين أشركوا أذًى كثيرًا} فكان المسلمون يسمعون من اليهود قولهم: عزيرٌ ابن اللّه، ومن النّصارى: المسيح ابن اللّه، فكان المسلمون ينصبون لهم الحرب، ويسمعون إشراكهم، فقال اللّه: {وإن تصبروا وتتّقوا فإنّ ذلك من عزم الأمور} يقول: من القوّة ممّا عزّم اللّه عليه وأمركم به.
-وروى الطبري والرازي من طريق عن معمر عن الزهري في قوله: ولتسمعنّ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الّذين أشركوا أذًى كثيراً قال: هو كعب بن الأشرف، وكان يحرّض المشركين على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه في شعره، ويهجو النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه.

قوله تعالى: {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}
وهذا إخبار من الله سبحانه وتعالى بالمسلك المنجي من هذه الابتلاءات وهو الصبر على هذه الابتلاءات واحتسابها وتقوى الله بطاعته والرضا بقدره ولا عدم ارتكاب محارم الله لإزالة هذه الابتلاءات وأن من يصبر ويتقي فإن ذلك من عزائم الأمور .وفي معنى ذلك روى الرازي عن أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: فإن ذلك يعني: هذا الصّبر على الأذى في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر من عزم الأمور يعني: في حقّ الأمور الّتي أمر اللّه). والنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة قدوتنا في ذلك ؛فقد روى الرازي عن أبيه ، ثنا أبو اليمان، ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزّهريّ، أخبرنا عروة بن الزّبير أنّ أسامة بن زيدٍ أخبره قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم اللّه، ويصبرون على الأذى قال اللّه تعالى ولتسمعنّ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتأوّل في العفو ما أمره اللّه به حتّى أذن اللّه فيهم.
المراجع:الطبري والرازي وصحيح البخاري وأسباب النزول للواحدي وسنن الترمذي والنحاس ومعجم المعاني وابن عطية وابن عاشور وابن كثير وغيرهم
-

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م, 06:22 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 172- 186)



أحسنتم، بارك الله فيكم وأحسن إليكم.

المجموعة الأولى:
1: مضاوي الهطلاني ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- أرجو العناية بطريقة التخريج، كذلك فقرة الترجيح مختصرة، ويمكنك الاستفادة من تطبيقات بقية الزملاء.
وأثني على تفسيرك للآية.

2: منيرة محمد أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وتحريرك في السؤال الثاني ممتاز لكن هناك نقص في نسبة وتخريج بعض الأقوال الخاصّة ببيان عقوبة هذا البخل.
ويرجى مراجعة التعليق الخاصّ بالتفسير النبوي في تقويم الأستاذة أمل يوسف للأهمية.

3: شيماء طه د
بارك الله فيك ونفع بك.
إجابة السؤال الثاني ليست جيدة، فأرجو العناية أكثر.

4: أمل يوسف ب+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- قلتِ: "القول الأول:المراد بالبخل، البخل بالمال ومن ذلك :الامتناع عن الإنفاق الواجب في سبيل الله {الزكاة الواجبة}".
والصواب أن نقول مباشرة إنه البخل بالنفقات الواجبة وليس البخل بالمال عموما، لأن الوعيد إنما يترتّب على التفريط في أداء الواجبات والفرائض، أما البخل عموما فيدخل في حيّز الذمّ فقط وليس في الوعيد .
ثم لك أن تعطي أمثلة على تلك النفقات الواجبة كالزكوات والنفقة على القرابات من ذوي الحاجات ونحوه.
- هنا ملحوظة مهمّة وهي أننا عندما نسرد أقوال السلف أو المفسّرين في مسألة فإننا لا ندخل فيها التفسير النبويّ كأحد الأقوال في المسألة، بل هو مما يستدلّ به ويُحتجّ للأقوال، وليس قولا ضمنها.
- عند تخريج الأقوال فإننا نقدّم رواية البخاريّ ومسلم -وقد يكتفى بهما لأن القصد التحقّق من نسبة القول- ، ثم تسرد بقية الأسانيد بحسب تاريخ وفاة المحدّثين، حيث يمكن الاستفادة من اختلاف الألفاظ ووجود بعض الزيادات في المتن والتي قد تكون مفيدة في التحرير.
- نسبتِ القول الأول إلى ابن عباس ومجاهد ولم تخرّجي قوليهما، كما يوجد نقص في تخريجات أخرى كتخريج قول أبي وائل.
- كرّرتِ قول مجاهد في بيان العقوبة، فقلتِ في العقوبة باعتبار القول الثاني: " وقال مجاهد: سيكلفون أن يأتوا بمثل ما بخلوا به يوم القيامة،(قال ابن أبي حاتم روى عن مجاهد ولم يسنده)".
وكلامه هذا يلائم القول بالبخل بالمال وليس العلم إذ كيف يكلّفون أن يأتوا بالعلم، كما أنه ينسجم مع قوله في المراد بالبخل ابتداء، أما لفظ ابن عطية الذي أوهم اختياره لقول مجاهد ففيه خطأ والصواب قوله: "فهذا يضطرب مع قوله ..."
- والقول الأول هو المتعيّن حيث فسّرت به الأحاديث هذه الآية، وكذلك العقوبة أتت فيها صريحة، وإن كانت بقية الأقوال فيها لها مستند من نصوص أخرى.
وكذلك القول الثاني هو مما يدخل في معنى الآية لأن كتم العلم قد جاء الوعيد الشديد فيه، ولفظة البخل في الآية عامّة يدخل فيها كل ما نهى الله تعالى عن البخل به وكتمه.

5: ميسر ياسين ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- القول الأول قال به ابن مسعود وغيره فلا أدري كيف يغفل ذكره ويقتصر على السدّي فقط.
- كلامك في الترجيح في المراد بالبخل مختصر جدا، ولابد من ذكر النصوص الدالّة عليه وليس مجرّد الإشارة، وليتك أجّلتِ الكلام عن الترجيح لما بعد تحرير القول في العقوبة لأنك سقتِ الأدلّة فيها.
- العقوبة على القول الثاني ينسجم معها أن تكون تحمّل الإثم، أما القول بأنه التكليف بأن يأتوا به فلا يكون إلا في المال.
وكلامك في الترجيح فيها أيضا مختصر جدا، ويرجى مراجعة ما ذكرته الأستاذة أمل يوسف والأستاذة منيرة كذلك يستفاد من ملاحظات التقويم لهما.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 8 صفر 1440هـ/18-10-2018م, 01:51 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

المجموعة الثانية:
اختلف المفسّرون في المخاطب في الآية على ثلاثة أقوال:
الأول: أنهم المؤمنون.
الثاني: أنهم الكفار، روي عن ابن عباس وقتادة والسدّي.
الثالث: أنهم كل من يدّعي الإسلام سواء كان مؤمنا خالصا أو منافقا مظهرا للإيمان.

والقول الثالث أقوى الأقوال وأليقها بالسياق، وفيه يقول ابن عاشور -رحمه الله-:
(فالضمير في قوله { أنتم عليه } مخاطب به المسلمون كلّهم باعتبار من فيهم من المنافقين. والمراد بالمؤمنين المؤمنون الخُلَّص من النفاق، ولذلك عبّر عنهم بالمؤمنين، وغيّر الأسلوب لأجل ذلك، فلم يقل ليذركم على ما أنتم عليه تنبيهاً على أنّ المراد بضمير الخطاب أكثر من المراد بلفظ المؤمنين) ا ه .
ولأجل ذلك الاعتبار اختار غيره من المفسّرين هذا القول كأبي السعود والألوسي.
وقد وردت الكثير من الآيات تخاطب أمة الإسلام أجمعها بمن فيها من المؤمنين والمنافقين بضرورة الابتلاء لأجل التمحيص وتمييز المؤمن الصادق من الكاذب في دعواه، وبيان درجات أهل الإيمان.
قال تعالى: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}، وقال: {وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين}، وقال: {ولنبلونّكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم}، وقال: {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتّخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة}، وغير ذلك من الآيات التي أعلمتهم بحتميّة الابتلاء والتمييز.
والقول الثاني بعيد لأمور:
أولها: أن الكفار -أي قريش- كان شأنهم بمكة، وآل عمران نزلت بالمدينة، والمدينة إنما كان فيها من الطوائف المؤمنون والمنافقون المستترون وأهل الكتاب.
وثانيها: أن حال الكفّار الخلّص لم يكن ليخفى على أحد حتى يحتاج إلى كشف وتمييز بخلاف المنافقين، إلا أن يراد بالكفار هنا المنافقون فهنا ينسجم مع سياق الآيات التي تناولت شأن المنافقين في غزوة أحد وما حصل من فضحهم وكشفهم للعيان بعد شماتتهم بالمؤمنين وفرحهم بانتصار الكفار، وقد يستفاد من قول قتادة -رحمه الله- حيث قال: "ميّز بينهم بالجهاد والهجرة"، فالهجرة من مكة قد انفصل فيها المؤمنون عن الكافرين، وفي المدينة كان الجهاد الذي ميّزهم عن المنافقين.
والقول الأول لا يمتنع وإن كان الثالث أقرب لما ذكرناه من فائدة تغيير الضمير، ومن تكرار الخطاب لعموم من أظهر الإيمان في آيات أخرى.


6: فاطمة الزهراء أحمد د
بارك الله فيك ونفع بك.
الملاحظات في سؤال التحرير:
- المرويّ عن ابن عباس وقتادة أنهم الكفار ولم يرد ذكر للمنافقين فيما روي عنهم.
- قول مجاهد لا يكشف صراحة أن المخاطب هم المؤمنون.
- القول الثالث مطابق للقول الرابع فما علّة الفصل بينهما؟!

7: بدرية صالح أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
في سؤال التحرير:
- أحسنت تقسيم الأقوال لكن لم تخرّجيها، بل اعتمدتِ على ما نسبه ابن عطية فقط، ثم اعتمدتِ على الدرّ المنثور في جزء منها، والواجب الرجوع للمصادر الأصليّة طالما توفّرت حتى تتبيّن صحة النسبة ودقّتها.

8: هيا أبو داهوم أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
في سؤال الفوائد:
- قلت: " - علينا عدم الخوف من الشيطان لأنه يحاول تخويف أولياءه وليس أولياء الله ، كما قال تعالى : ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه ) ."
فأوصيك بمراجعة تطبيق "توجيه أقوال المفسّرين" من دورة مهارات التفسير المتقدّمة، لأنه ليس المقصود أن الذي يخاف هم أولياء الشيطان إنما هم أداة التخويف.
في سؤال التحرير:
- لم يتبيّن لي قصدك بمتعلّق الجارّ والمجرور في توجيه الأقوال.
- ما روي عن ابن عباس وقتادة والسديّ لم يصرّح فيه بذكر المنافقين إلا أن يراد أنهم ممن يدخلون في وصف الكفر، علما بأن المتعارف عليه هو التفريق بينهم وبين كفار مكة.
- المفسّرون فرّقوا بين القول الأول وهو أن المخاطب هم المؤمنون وبين القول الثالث وهو أن المخاطب هم المسلمون أي مؤمنوهم ومنافقوهم وهؤلاء معا -كما هو معلوم- لا يوصفون بوصف الإيمان.

9: هناء هلال محمد ج
بارك الله فيك ونفع بك.
في سؤال الفوائد:
- قلت: "معرفة أن الشيطان يخوف أولياؤه من الكفار والمنافقين ، فلا يجب على المؤمن الخوف منه لأنه ليس بولي له".
فأوصيك بمراجعة تطبيق "توجيه أقوال المفسّرين" من دورة مهارات التفسير المتقدّمة، لأنه ليس المقصود أن الذي يخاف هم أولياء الشيطان إنما هم أداة التخويف.
في سؤال التحرير:
- لم تخرّجي الأقوال في سبب النزول.
- نسبتِ القول الأول "المؤمنون" إلى مجاهد وابن جريج وابن إسحاق، ولا يتبيّن من كلامهم من عنوه بالخطاب تحديدا، وإنما كلامهم في بيان المراد بالخبيث والطيب.
- "الرملي" راوي كتب، فلابد من تحديد الكتاب.
- بالنسبة للقول الثالث فالذي خرّجتيه عن ابن عباس أنهم الكفار، فكيف استنبطتِ من كلامه أن الخطاب للكفار والمنافقين معا، وما الدليل من قوله على أن المراد بالمؤمنين في الآية هم أولادهم الذين ما زالوا في أصلابهم، أم له رواية أخرى في هذا القول؟
- القول الرابع لم يقل به الزمخشريّ فقط وإنما قال به كثير غيره من المفسّرين فكان من الواجب تقصّي ذلك جيدا.
- ابن جرير لم يصرّح بالمخاطب في الآية، فيحتمل القولين الأول والثالث، وإنما كلامه في المراد بالخبيث والطيب.
ويراجع التعليق أعلاه للفائدة.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 10 ذو القعدة 1441هـ/30-06-2020م, 04:22 PM
ضحى الحقيل ضحى الحقيل غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 666
افتراضي

.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.


- المبادرة للاستجابة لأوامر الله ورسوله مهما كانت المشقة، والوعد على ذلك بالأجر العظيم.
- أن يجعل المؤمن نصب عينيه هذه القامات العظيمة، ويقتدي بهم في المبادرة لامتثال أمر الله ويصبر على ما يصاحب هذه المبادرة من مشقة.
- دراسة السير والمغازي ومعرفة ما لاقاه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من مشقة في سبيل نشر الدعوة تشحذ الهمم.
- الاستجابة للأوامر لابد أن تقترن بالإحسان والتقوى لتثمر الأجر العظيم
- على المؤمن ألا يلتفت لإرجاف المرجفين وينطلق قدما لنصرة دينه متوكلا على ربه.
- على المسلمين أن يبذلوا في سبيل الله ما في وسعهم وإن كان فيه ما فيه من ضعف وقلة لأنهم مع التوكل على الله موعودين بالنصر وبذل ما في الوسع من الأسباب الجالبة للنصر
- استحضر دائما كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله وتوكل على الله وامض بعزم تنصر
- الاستعانة بقول حسبنا الله ونعم الوكيل على تحمل الصعاب اقتداء بالأنبياء والصالحين.
- استشعار عظم هذه المقولة {حسبنا الله ونعم الوكيل} فأنت تكتفي برب السماوات والأرض وتتوكل عليه ليكفيك ما أهمك مستحضرا أن يكون همك في طاعة الله.
- استحضار أسباب النصر يعين على التزامها: الاستجابة، الاحسان، التقوى، قول حسبنا الله ونعم الوكيل مع الإيمان بمقتضاها، الخوف من الله وحده.




2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:

1. حرّر القول في المراد بالبخل وعقوبته في قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

أولا المراد بالبخل:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ذكر المفسرون للبخل في هذه الآية معنيين
الأول: أن المقصود الذين يبخلون بالمال فيمنعون الزكاة، ذكره الزجاج وابن عطية ونسبه للسدي وجماعة من المتأولين، كما ذكره ابن كثير

الثاني: أن المقصود علماء أهل الكتاب وخص بعضهم علماء اليهود الذين بخلوا بما آتاهم اللّه من علم نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم – وبخلوا بما في أيديهم من كتب منزلة أن يبينوها، ذكره الزجاج وابن عطية ونسبه لابن عباس ومجاهد وجماعة من أهل التفسير، كما ذكره ابن كثير ونسبه لابن عباس

الترجيح:
قال ابن كثير:
الصّحيح الأوّل، وإن دخل هذا في معناه. وقد يقال: هذا أولى بالدّخول، واللّه أعلم.
يعني أن البخل بالمال هو المقصود هنا وإن دخل بخل أهل الكتاب بعلمهم في المعنى، ثم أنه استدرك وقال قد يقال إن علاقة الآية ببخل أهل الكتاب أولى، ربما بالنظر إلى سياق الآيات أو غير ذلك والله أعلم.


ثانيا: عقوبة البخل المذكورة في الآية:

معنى العقوبة المذكورة هنا وهي قوله تعالى: {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة}، له ارتباط بمعنى البخل المحرر في القسم الأول من المسألة على النحو التالي:
المعنى الأول: مبني على أن البخل المذكور هو البخل بالمال فيرتبط بما جاء في عدد من الأحاديث الصحيحة حول عقوبة كنز المال وما ذكر فيها من أن شجاعا أقرع يطوقه يوم القيامة ومن ذلك ما أورده ابن كثير من رواية البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من آتاه الله مالا فلم يؤدّ زكاته مثّل له شجاعًا أقرع له زبيبتان، يطوّقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه -يعني بشدقيه-يقول: أنا مالك، أنا كنزك" ثمّ تلا هذه الآية: {ولا يحسبنّ الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرٌّ لهم} إلى آخر الآية. ذكر هذا المعنى ابن عطية واستشهد له بحديث وذكر أن الأحاديث الصحيحة في هذا المعنى كثيرة، كما ذكره ابن كثير واستشهد له بعدد من الروايات تدور حول نفس المعنى.

المعنى الثاني: مبني على أن البخل المذكور بخل أهل الكتاب بعلمهم.
ذكر ابن عطية:
- أن معنى "سيطوقون" في هذه الحالة سيحملون عقاب ما بخلوا به، فهو من الطاقة كما قال تعالى: وعلى الّذين يطيقونه [البقرة: 184] وليس من التطويق
-وذكر قولا آخر نقله عن إبراهيم النخعي هو: سيجعل لهم يوم القيامة طوق من نار
-وقول ثالث هو ما نقله عن مجاهد: سيكلفون أن يأتوا بمثل ما بخلوا به يوم القيامة.

والله أعلم.


2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
آية عظيمة جاءت في أواخر سورة عظيمة تسهم في تهيئة المؤمن لما ينتظره من بلاء في سبيل الله، وتقرر واقع الصراع الدائم بين أهل الإيمان وأهل الشرك، حيث جاء ذكر هذا الصراع بعدد من أشكاله من بدايات السورة وما يصحبه من بلاء في المال والنفس، ثم أتت هذه الآية لتبين العلاج النافع لهذا البلاء وهذا الأذى ألا وهو الصبر والتقوى، لتشد عزم المؤمن وتهيئه لتحمل ما ينتظره

{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}
بدأت الآية بتأكيد وقوع البلاء على المؤمن وتنوعه بين البلاء في نقص الأموال وما يصيب النفس من مرض وجرح وقتل وفقد، والبلاء هو الاختبار والامتحان فالمؤمنون يختبرون بنقص الأموال والأنفس ليتميز الصادق من غيره، ولتكتب لهم الدرجات، قال ابن كثير: ويبتلى المؤمن على قدر دينه، إن كان في دينه صلابةٌ زيد في البلاء، قال تعالى: {ولنبلونّكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثّمرات وبشّر الصّابرين * الّذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا إنّا للّه وإنّا إليه راجعون}، [البقرة:155، 156]

{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}

ثم انتقلت إلى نوع آخر من التهيئة تتعلق بسماع الأذى الموصوف بالكثير من أهل الكتاب والمشركين حيث لا يزال الصراع بينهم وبين أهل الإيمان قائم مستمر لا ينقطع تتعدد أشكاله وتتنوع مشاربه ولكنه يدور في نفس الفلك.
وقد أورد المفسرون عددا من القصص التي ذكرت كسبب لنزول هذه الآية منها ما يتعلق بالتعدي على جناب الله تعالى كقولهم {إن الله فقير ونحن أغنياء} ونحوها تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، ومنها ما يتعلق بأذية النبي صلى الله عليه وسلم وسبه وسب أصحابه، وعلى كل الأحوال فالآية عامة في كل أذى محتمل منهم في حق أهل الإيمان والواجب في مقابل ذلك الصبر والتقوى وفعل ما أمر الله به في مواجهة كل حادثة بما شرع.

{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور}
وختمت الآية بالوصية بالصبر والتقوى مع وصفها بأنها من عزم الأمور قال ابن عطية: «العزم»: إمضاء الأمر المروي المنقح، وليس ركوب الأمر دون روية
وقال السعدي: عزما أي: من الأمور التي يعزم عليها، وينافس فيها، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية كما قال تعالى: {وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} .

قال بعض المفسرين أن الأمر بالصبر والتقوى قرين للأمر بالعفو والصفح الذي كان في بداية الهجرة وقبل غزوة أحد قبل الأمر بالقتال والصحيح أن الصبر والتقوى مطلب دائم للمؤمن الذي لا يزال يتلقى أنواع الأذى ليختبر صبره على دينه قال السعدي: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا} وتتقوا الله في ذلك الصبر بأن تنووا به وجه الله والتقرب إليه، ولم تتعدوا في صبركم الحد الشرعي من الصبر في موضع لا يحل لكم فيه الاحتمال، بل وظيفتكم فيه الانتقام من أعداء الله

والحمد لله.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 12 ذو القعدة 1441هـ/2-07-2020م, 01:17 PM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

مجلس مذاكرة القسم الحادي عشر من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 172- 186)


1.استخرج الفوائد السلوكية من قوله تعالى:
{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}.

🔹من الفوائد السلوكية في الآيات :
1- يحرص المؤمن على الاستجابة لله ولرسوله مهما كانت الأحوال والظروف … والمؤمنون قد تعلموا في أحد أهمية طاعة الرسول فلم يتردد أي منهم للخروج في حمراء الأسد لأنهم تيقنوا أن النصر والظفر والخير كل الخير في الطاعة …

2 - يستجيب المؤمن لرسول الله كما يستجيب لأمر ربه ، إذ طاعة رسول الله من طاعة الله ولذلك قرن الله في الاستجابة بينهما …

3- يحرص المؤمن على توقع حركات عدوه وخصمه حتى يباغته قبل أن يبغت هو فيفوت عليه فرصة القضاء عليه أو النيل منه ، هكذا كانت غزوة حمراء الأسد ، فعندما فكر المشركون أن يكروا على المدينة فيستأصلوا شوكة الإسلام فيها ، كان رسول الله قد توقع ذلك منهم فخرج للقائهم فأوقع ذلك الخوف في قلوبهم …

4- ينبغي على المسلم بذل الوسع والطاقة في سبيل الله ، ولا يحدد هو متى يكتفي ، فكلما ظن أنه قد بذل كل جهده يجد أن ما زال بإمكانه أكثر ، فعندما ظن المسلمون أن ما بهم من القروح كاف ظهر لهم أنه ما يزال بإمكانهم الخروج والاستجابة مع ما أصابهم من القرح فاستحقوا ثناء الله عليهم …

5- يحرص المؤمن على تقوى الله في أموره كلها فتقوى الله رأس الأمر كله ، وإذا عمل عملا أحسنه فالإحسان أعلى درجات العمل …ووللمتقين والمحسنين أجر عظيم

6- يحذر المؤمن من كلام الناس فلا يدعه يشوش عليه ، ويتذكر دائما أنه إنما يعمل ويبذل لله وفي الله فلا يخذله قول مخذل ولا يثبطه مثبط …

7- المؤمن لا يخشى إلا الله وحده فهو معه وناصره ومعينه

8- كل ما أصاب المؤمن من أذى أو كاد به أعداؤه ويظنونه سيوهن قوته هو للمؤمن قوة وزيادة إيمان ، فالمؤمن لا يصيبه شيء إلا كان خيرا له …

9- يعلم المؤمن أن الإيمان يزيد وينقص ، يزيد بالطاعة وتنقصه المعصية ؛ فيحرص على زيادة إيمانه ويجتهد في ذلك فيجعل كل موقف في حياته زيادة له في الخير و يحذر من المعاصي التي تنهش إيمانه دون أن يشعر …

10- يتوكل المؤمن في كل شؤونه على الله فمن توكل عليه كفاه ما أهمه ورد بأس من أراد به كيدا ، ومن كان الله حسبه فلا يضره كيد البشر

11- يعلم المؤمن خطورة اللسان وفعله … فالمثبطون قالوا ، فرجعوا خائبين ، والمؤمنون قالوا فانقلبوا بنعمة الله وفضله … فلا يغفل المؤمن عن لسانه وعظيم أثره خيرا وشرا …

12- يحرص المؤمن على معية الله في كل حياته فمن كان الله معه لا يمسه سوء و لا بد أن ينقلب بنعمة منه وفضل …

13- يحذر المؤمن وساوس الشيطان ورسله من البشر … فهو حريص كل الحرص على تخويف المؤمنين بمن والاه واتبع ضلاله … والمؤمن لا يخشى إلا الله …

2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الثانية:
1: حرّر القول في المخاطب في قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.

اختلف المفسرون في المخاطب بقوله تعالى ( على ما أنتم عليه )
والخلاف مرده إلى الاختلاف فيما ورد من سبب نزول الآية ، وسياق نزولها مع الآيات قبلها وبعدها …ومن ثم اختلف في المراد بالمؤمنين ؛ وبالخبيث والطيب … وما ورد من الأقوال عن السلف قليل منها يصرح بالمخاطب ؛ وأغلبها يتناول المراد بالخبيث والطيب والمراد بالميز بينهم … والأقوال التي وردت فهي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جريج والسدي …

قال المفسرون في المخاطب بـ ( أنتم ) هم :
1- 1⃣ القول الأول :
أنهم المؤمنوننسب هذا القول لمجاهد وابن جريج وابن إسحق … ذكر هذه النسبة ابن عطية وأبو حيان …
وقد ورد في كلام الطبري في معنى الآية ما يدل على اعتباره أن الخطاب للمؤمنين فقال : يعني بقوله: {ما كان اللّه ليذر المؤمنين} ما كان اللّه ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من التباس المؤمن منكم بالمنافق، فلا يعرف هذا من هذا {حتّى يميز الخبيث من الطّيّب} يعني بذلك: حتّى يميز الخبيث، وهو المنافق المستسرّ للكفر من الطّيّب، وهو المؤمن المخلص الصّادق الإيمان بالمحن والاختبار، كما ميّز بينهم يوم أحدٍ عند لقاء العدوّ عند خروجهم إليه …
فقوله أي الطبري : ( من التباس المؤمن منكم بالمنافق) يدل على أنه اعتبر المخاطب بأنتم هم المؤمنون …

▪ وقد ورد عن أبي العالية قول غير مسند في أسباب النزول يستفاد منه أن الخطاب للمؤمنين ردا على طلب منهم :
قال أبو العالية: سأل المؤمنون أن يعطوا علامة يفرّقون بها بين المؤمن والمنافق؛ فأنزل الله عزّ وجلّ: {مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ} الآية. ذكره القرطبي ؛ والواحدي في أسباب النزول؛ وذكره العسقلاني في العجاب نقلا عن الثعلبي جميعهم بغير إسناد …

وقد ذكر أن الخطاب للمؤمنين خاصة كقول منفصل غير واحد من المفسرين منهم : الطبراني وابن الجوزي والشوكاني
- وقال القرطبي والآلوسي والثعلبي وأبو السعود أنه قول أكثر أهل المعاني …
- وأخذ بهذا القول ابن جزي الغرناطي فقال : الآية خطاب للمؤمنين …


📌 ولعل هذا القول استخرج استخراجا من أقوال مجاهد وابن جريج وابن إسحق في المراد بالخبيث والطيب وفي التمييز بينهم ؛ وإلا فلم تذكر الروايات عنهم تصريحهم بأن الخطاب هنا للمؤمنين خاصة ؛ وكل ما وجدته في هذا هو ما ورد عنهم من بيان أن المراد بالخبيث هم المنافقون ؛ وأن التمييز كان يوم أحد …

🔹تخريج الأقوال في من قال آن الخبيث هو المنافق والطيب المؤمن وأن التمييز بينهم كان يوم أحد :
🔺ما ورد عن مجاهد:
فقد أخرج عنه الطبري وابن أبي حاتم كلاهما من طريق ابن أبي نجيح عنه قال : ميّز منهم يوم أحدٍ المنافق من المؤمن.
ورواه عن مجاهد عبد بن حميد وابن المنذر كما ذكر السيوطي …

🔺وأما ابن جريج فقد روى عنه الطبري قال :
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {ما كان اللّه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتّى يميز الخبيث من الطّيّب} قال ابن جريجٍ: يقول: ليبيّن الصّادق بإيمانه من الكاذب قال: ابن جريجٍ: قال مجاهدٌ: يوم أحدٍ ميّز بعضهم عن بعضٍ، المنافق عن المؤمن.

🔺وأما ابن إسحق فقد روى عنه الطبري قال :
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {ما كان اللّه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتّى يميز الخبيث من الطّيّب} أي المنافق.
- وروى عنه في ( وما كان الله ليطلعكم على الغيب ) قال : حدّثنا به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق: {وما كان اللّه ليطلعكم على الغيب} أي فيما يريد أن يبتليكم به، لتحذروا ما يدخل عليكم فيه: {ولكنّ اللّه يجتبي من رسله من يشاء} يعلمه.
والخطاب هنا فيما يظهر للمؤمنين ؛

- وقد ورد من كلام ابن عطية في تفسير باقي الآية ما يدل أنه اعتبر قول مجاهد وابن جريج في أن الخطاب للمؤمنين فقال : وأما مجاهد وابن جريج وأهل القول، فقولهم في تأويل قوله تعالى: وما كان اللّه ليطلعكم على الغيب أنه في أمر «أحد» أي ما كان الله ليطلعكم على أنكم تهزمون، فكنتم تكعون عن هذا.( والخطاب هنا للمؤمنين )
وأيضا فما كان ليطلعكم على المنافقين تصريحا بهم وتسمية لهم، ولكن هذا بقرائن أفعالهم وأقوالهم في مثل هذا الموطن، وحتى- في قوله: حتّى يميز غاية مجردة، لأن الكلام قبلها معناه: الله يخلص ما بينكم بابتلائه وامتحانه حتى يميز …) انتهى كلام ابن عطية

📌ومن قال ذلك قال بوجود التفات من الغيبة إلى الخطاب … والمؤمنون على هذا القول هم المؤمنون الخلص أصحاب رسول الله الذين لا نفاق فيهم … والخبيث على هذا القول هو المنافق ؛ والطيب هو المؤمن …
والتمييز بين المؤمن والمنافق بالشدائد والابتلاءات … وكانت أحد أولها ؛ إذ وقتها بدأ تميز النفاق … وعند الامتحان تراجع المنافقون ورجع عبد الله بن أبي بن سلول بمن معه من المنافقين …

- وعليه فالمعنى هنا : أي ما كان الله ليذركم ويترككم أيها المؤمنون على ما أنتم عليه من اختلاط في مجتمعكم بين المؤمن والمنافق فلا تميزون بينهما ؛ بل سيكشف الله لكم المنافقين بالامتحان الذي يمحص المؤمن الطيب من المنافق الخبيث … وتعرفون المنافقين كما قال تعالى ( وليبتلي ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم ) وقال ( ولتعرفنهم في لحن القول )

قال أبو السعود : و التعرضُ لإيمانهم قبل الخطابِ للإشعار بعلة الحُكم، ( وقصده بعلة الحكم أي علة ما سيجري عليهم من التمييز والتمحيص وعدم تركهم على ما هم عليه من اختلاط بغير المومنين من المنافقين ) …

🔹 ملحوظة :
وقد أشار الثعلبي وأبو حيان إلى قول لم ينسباه ان الآية كلها في المؤمنين ؛ وأن التمييز المقصود هو التمييز بين المؤمن الراسخ الإيمان وضعيفه ؛
أو كما قال الثعلبي : وقال بعضهم: حتى يميّز الخبيث وهو المذنب، من الطيب وهو المؤمن، يعني حتى يحط الأوزار من المؤمن ما يصيبه من نكبة ومحنة ومصيبة.
وقال أبو حيان : وقيل : تمييز الخبيث هو إخراج الذنوب من أحياء المؤمنين بالبلايا والرزايا. وقيل: الخبيث العاصي، والطيب المطيع،
ثم قال : الألف واللام في الخبيث والطيب للجنس أو للعهد، إذ كان المعهود في ذلك الوقت أن الخبيث هو الكافر والطيب هو المؤمن

📌والحقيقة أن هذا هو الأنسب للفظ الخبيث ( أي أنه الكافر وليس المؤمن العاصي ) ؛ ففي وصف العاصي أو المذنب بالخبيث نظر؛ إذ المسلم الحق وإن عصا الله لا يخبث ولا يسمى بالخبيث …
وإن كان الابتلاء حقا يمحص المؤمنين أنفسهم كما قال تعالى ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون )
وكما قال تعالى ( لتبلون في آموالكم وأنفسكم ) وقال ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذي جاهدوا منكم ويعلم الصابرين )

وقال ( أم حسبتم أن تدخلو الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ) … ولكنه تعالى قد بين أن المؤمنين الخلص وإن عصوا الله ، وإن ضعفت نفوسهم إلا أن الله بالامتحان ينقيهم ؛ ومثال ذلك ما كان منهم في أحد فقال لهم : ( حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا الله عنكم والله ذو فضل على المؤمنين ) فبين أنهم عندما عصوا رسوله ابتلاهم وهو سبحانه يعلم صدق إيمانهم وأنهم إنما ضعفت نفوسهم فعفا عنهم سبحانه …

وكذلك فإن الثعلبي نفسه رجح أن الخطاب للمؤمنين وأن المراد بما كانوا عليه اندساس المنافقين واختلاطهم بهم وتوقعهم بهم الجوائح فميزهم الله بالوقعة المذكورة ؛ وليس المراد ما كانوا عليه من ضعف للإيمان …فقال : في هذه الآية إشارة إلى أن الذي وقع للمسلمين من الهزيمة يوم أحد كان لتمييز من اندس فيهم من المنافقين فأظهر القتال نفاقهم ويميز الخبيث وهو المنافق من الطيب وهو المؤمن …

2-2⃣ القول الثاني :
أن المخاطب ب( أنتم ) هو مجتمع المدينة المسلم بما فيه من مؤمن حقا ومنافق … فالمخاطبون هم المؤمنون والمنافقون … والخطاب بشارة للمؤمنين ووعيد للمنافقين …
وعليه ف( المؤمنين ) هنا هم المؤمنون الخلص من النفاق …، و( ما أنتم عليه ) يعني الحال التي كان فيها مجتمع المدينة المسلم من اختلاط المؤمن والمنافق فيه ، ذلك أن أحكام الإسلام تجرى على الظواهر … فيجري على المنافق ما يجري على المؤمن من أحكام لإظهار الأول الإسلام والتزام شرائعه ظاهرا … ( الخبيث ) يعني المنافق ، ( الطيب ) يعني المؤمن …

وهذا القول هو رأي الزمخشري و البيضاوي والآلوسي و صاحب المنار و ابن عاشور
وهو ما رجحه أبو السعود وذكره ابو حيان والشوكاني من الأقوال …


▪والمعنى كما قال البيضاوي : لا يترككم مختلطين لا يعرف مخلصكم من منافقكم حتى يميز المنافق من المخلص بالوحي إلى نبيه بأحوالكم، أو بالتكاليف الشاقة التي لا يصبر عليها ولا يذعن لها إلا الخلص المخلصون منكم، كبذل الأموال والأنفس في سبيل الله، ليختبر النبي به بواطنكم ويستدل به على عقائدكم.

وقال محمد رشيد رضا : ما كان من شأن الله تعالى، ولا من سنته في عباده أن يذر المؤمنين على مثل الحال التي كان عليها المسلمون عند حدوث غزوة أحد حتى يميز الخبيث من الطيب.
كان يختلط فيها الصادق بالمنافق بلا تمييز؛ إذ التمايز لا يكون إلا بالشدائد، أما الرخاء، واليسر، وتكليف ما لا مشقة فيه - كالصلاة، والصدقة القليلة - فكان يقبله المنافقون كالصادقين لما فيه من حسن الأحدوثة مع التمتع بمزايا الإسلام، وفوائده …

▪أما المؤمنون فقد ورد في القول السابق ما يدل على توجه الخطاب لهم ، وكما بينا ليس فيه ما يدلهم على انفرادهم بالقول بل هناك من هم مخاطب معهم ويعنيه التمييز والتمحيص الحاصل وهم المنافقون …

- و قد ذكر الواحدي في أسباب النزول أن السدي قال : قال رسول الله صلى الله عليهم وسلم: ((عرضت علي أمتي في صورها كما عرضت على آدم وأعلمت من يؤمن لي ومن يكفر)) فبلغ ذلك المنافقين فاستهزءوا وقالوا: يزعم محمد أنه يعلم من يؤمن به ومن يكفر ونحن معه ولا يعرفنا فأنزل الله تعالى هذه الآية. وذكره ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب والبيضاوي …

- وقال ابو حيان : وقيل : كانوا يستهزؤون بالمؤمنين سراً فقال: لا يدعكم على ما أنتم عليه من الطعن فيهم والاستهزاء، ولكن يمتحنكم لتفتضحوا ويظهر نفاقكم عندهم، لا في دار واحدة، ولكن يجعل لهم داراً أخرى يميز فيها الخبيث من الطيب، فيجعل الخبيث في النار، والطيب في الجنة.

فكان المنافقون يستترون بنفاقهم وبجريان أحكام الإسلام عليهم ؛ حتى كانت أحد فكانت بداية لفضح نفاقهم إذ فيها امتحان شديد لا يقدر عليه إلا مؤمن … فخاطب الله المؤمنين والمنافقين أن الله لن يترك مجتمعهم على ما هو عليه من اختلاطهم وأنه سيمحصهم ويمايز بينهم فيفضح نفاق المنافقين ليحذرهم المسلمون …

📌وذكر ابن عاشور أن تغيير الأسلوب بذكر ( المؤمنين ) وهم كما قال : المؤمنون الخُلَّص من النفاق ؛ ثم ( أنتم ) ليدل أن المخاطبين بأنتم أكثر من المؤمنين فقال : وغيّر الأسلوب لأجل ذلك، فلم يقل: ليذركم على ما أنتم عليه تنبيهاً على أنّ المراد بضمير الخطاب أكثر من المراد بلفظ المؤمنين، ولذلك لم يقل على ما هم عليه.

📌وذكر أبو السعود بعض فوائد نظم الآية فبين أن تقديم الخبيث وجعل التمييز متعلق به لأن التمييز إنما هو لفضح المنافقين وإظهار حقائقهم وتغييرهم من حال الاستتار إلى الظهور بخلاف المؤمنين الذين يبقون على الأصل الذي كانوا عليه من صدق الإيمان ظاهرا وباطنا …
وأن تقديمهم مع التمييز فيه مزيد تأكيد على الوعيد …

- وأن عدم نسبة الترك لهم في ( ما كان الله ليذر المؤمنين ) لأن التعبير بنفي ترك المؤمنين على هذه الحال مشعر بالاعتناء بهم ؛ وأن الله ما كان ليتركهم على حال غير ملائمة لهم من اختلاطهم بالمنافقين …

3- 3⃣القول الثالث :
أنهم الكفار أي المشركون من أهل مكة … هو قول ابن عباس وقتادة والسدي ، وبه قال الفراء
و عليه فالخبيث هنا هو الكافر والطيب هو المؤمن ؛ و( ما أنتم عليه ) أي من الضلالة والشرك والكفر …

🔹تخريج الأقوال :
🔺أما ابن عباس :
فأخرج عنه ابن أبي حاتم قال : حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: على ما أنتم عليه: من الكفر.

🔺وأما قتادة :
فأخرج عنه الطبري وابن أبي حاتم كلاهما من طريق يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ما كان اللّه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه} يعني: الكفّار، يقول: لم يكن اللّه ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضّلالة {حتّى يميز الخبيث من الطّيّب} يميّز بينهم في الجهاد والهجرة. … ورواه عبد بن حميد وابن المنذر كما ذكر السيوطي

- وأخرجه عبد الرزاق ، و كذلك الطبري من طريقه عن معمر عن قتادة في قوله: {حتّى يميز الخبيث من الطّيّب} قال: حتّى يميّز الفاجر من المؤمن.

🔺وأما السدي :
فأخرج عنه الطبري وابن أبي حاتم كلاهما من طريق أحمد بن المفضل عن أسباط عن السدي قال : {ما كان اللّه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتّى يميز الخبيث من الطّيّب} قالوا: إن كان محمّدٌ صادقًا فليخبرنا بمن يؤمن باللّه به منا ومن يكفر فأنزل اللّه: {ما كان اللّه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتّى يميز الخبيث من الطّيّب} حتّى يخرج المؤمن من الكافر.

- وأخرج ابن أبي حاتم قال : حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: حتّى يميز الخبيث من الطّيّب: حتّى يخرج الكافر من المؤمن.

▪واختلف من قال بذلك في دلالة المعنى حسب اختلافهم في سبب النزول الذي يتعلق بالمشركين ، وحسب المراد بالمؤمنين على ذلك ، واختلافهم على قولين :
1- الأول :
ما رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان قريشا قالت : يا محمد تزعم أن من خالفك فهو في النار والله عليه غضبان ومن اتبع على دينك فهو في الجنة والله عنه راض فأخبرنا بمن يؤمن بك ومن لا يؤمن بك فنزلت … ذكره القرطبي في تفسيره من قول الكلبي ؛ وذكره الواحدي في أسباب النزول والعسقلاني في العجاب في بيان الأسباب …

- وقال السدي وغيره: قال الكفار في بعض جدلهم: أنت يا محمد تزعم في الرجل منا أنه من أهل النار، وأنه إذا اتبعك من أهل الجنة، فكيف يصح هذا؟ ولكن أخبرنا بمن يؤمن منا وبمن يبقى على كفره، فنزلت الآية، فقيل لهم: لا بد من التمييز
ذكره ابن عطية وقال : وما كان اللّه ليطلعكم على الغيب فيمن يؤمن ولا فيمن يبقى كافرا ولكن هذا رسول مجتبى فآمنوا به. فإن آمنتم نجوتم وكان لكم أجر …

وقال مقاتل بن سليمان : قال الكفار إن كان محمد صادقا فليخبرنا بمن يؤمن منا ومن يكفر فنزلت … ذكره ابن حجر العسقلاني في العجاب في بيان الأسباب …

▪و قالَ الفراء في معاني القرآن : (وقوله: {مّا كان اللّه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه...}قال المشركون للنبيّ صلى الله عليه وسلم: مالك تزعم أن الرجل منا في النار، فإذا صبأ إليك وأسلم قلت: هو في الجنة، فأعلمنا من ذا يأتيك منّا قبل أن يأتيك حتّى نعرفهم، فأنزل الله تبارك وتعالى: {مّا كان اللّه ليذر المؤمنين} على ما تقولون أيها المشركون {حتّى يميز الخبيث من الطّيّب} ثم قال: ((لم يكن الله ليعلمكم ذلك فيطلعكم على غيبه)).).

📌 وعلى هذا يكون المعنى : ما كان الله ليترك المؤمنين على ما أنتم عليه أيها المشركون من الكفر والضلالة حتى يميز بينكم ؛ والتمييز بالهجرة ؛ حيث هاجر من آمن مع رسول الله …

2- الثاني :
وقيل المخاطبون هم المشركون ؛ والمؤمنون هم اولادهم الذين في أصلابهم وأرحام نسائهم والذين كتب الله لهم الإيمان ؛ أي ما كان الله ليترك أولادكم على ما أنتم عليه من الكفر حتى يفرق بينكم وبينهم …
وعليه يكون : قيل: الخبيث : الكافر، والطيب : المؤمن، وتمييزه بإخراج أحدهما من صلب الآخر.

ذكره الخازن وقال : ما كان الله ليذر المؤمنين في أصلاب الرجال وأرحام النساء المشركات … والمعنى ما كان الله ليدع أولادكم الذين جرى لهم الحكم بالإيمان على ما أنتم عليه من الشرك حتى يميز الخبيث من الطيب يعني يفرق بينكم وبين من في أصلابكم وأرحام نسائكم من المؤمنين فيحكم لأهل الإيمان بالجنة ولأهل الشرك والكفر والنفاق بالنار … وذكر مثله أبو حيان

▪وقد استبعد الآلوسي وأبو السعود هذا القول …
قال الآلوسي : وأخرج ابن أبـي حاتم من طريق علي عن ابن عباس وابن جرير وغيره عن قتادة أنه للكفار، ولعل المراد بهم المنافقون وإلا فهو بعيد جداً،

وسبب بعد هذا القول :
1- أن الآيات من سورة آل عمران مدنية تعالج المجتمع المدني في المدينة ؛ والمشركون في مكة وليسوا جزءا من المحتمع المدني حتى تختلط أمورهم بالمؤمنين أو حتى يكون هناك سبب لتمييز من كفر منهم ؛ فهم صريحون في كفرهم وعداوتهم …

2- أن سياق الآيات بعد غزوة أحد تتحدث عمل حصل في الصف المؤمن ؛ وما ظهر له من انكشاف المنافقين وافتضاح أمرهم …

وعليه يظهر أن هذا القول ضعيف …

📌وقد ذكر بعض المفسرين قولا آخر جعلوه منفصلا فقالوا :
المخاطبون هم الكفار والمنافقون
وهذا القول نسب إلى ابن عباس والضحاك ومقاتل والكلبي …. ذكر ذلك الثعلبي والقرطبي وأبو السعود …
وذكره ابن الجوزي ونسبه لابن عباس والضحاك فقط ؛ ونسبه أبو حيان لابن عباس …

- والمعنى أي ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه أيها الكفار والمنافقون من الكفر والضلالة والنفاق والعداوة لرسول الله

- وقد جعل بعض المفسرين المنافقين هنا عطفا تفسيريا على الكفار فيكون المخاطبون هم المنافقون إذ هم في أصلهم كفار ؛ بين ذلك أبو السعود ، ولعل ما ذكره الآلوسي من القول بأنهم المنافقون ليس إلا يستند على ذلك …

- وبعضهم ميز بين الفئتين وهو المتبادر إلى الذهن إذ كان متعارفا عندهم أن الكفار هم المشركون ؛ والمنافقون هم الذين ظهروا في المدينة ممن أظهر إسلامه وأبطن كفره

والمتأمل في هذا القول يجده يدور بين قولين لا ينفرد عنهما بشيء … فما ورد فيه من أقوال تخص المشركين كقول ابن عباس والكلبي والضحاك ومقاتل فيما ورد في سبب النزول وتعلقها بالمشركين فهو في القول السابق الذي يفرد كفار مكة بالخطاب ؛ ؛ وما ورد في القول من أقوال تخص المنافقين وتدل عليهم فهو ما دل عليه القول الثاني إذ الخطاب في القول الثاني للمنافقين مع المومنين بكونهم كانوا جزءا من الصورة الكاملة لمجتمع الإسلام في المدينة قبل أن يتمايزوا … وعليه فهو ليس قولا منفصلا بذاته …

دراسة الأقوال :
من خلال ما مر سابقا نجد أن الأقوال في من المخاطب بقوله تعالى ( على ما أنتم عليه ) تلخصت في أقوال ثلاثة :
1- أنهم المؤمنون خاصة
2- أنهم مجتمع المسلمين في المدينة بما فيهم من مؤمن ومنافق
3- أنهم كفار قريش
والقول الرابع كما قلنا مرده إلى القولين الثاني والثالث …

ومن خلال ما مر معنا وما تميز به كل قول من أدلة تقويه أو تضعفه وسياقات تخدمه يتبين لنا ما يلي :
1- أما القول الأول فليس صريحا في أقوال مفسري السلف ما يدل على كون المخاطب هم المؤمنون خاصة … و الخطاب هنا في قوله ( على ما أنتم عليه ) مع كونه للمؤمنين إلا أنه يشير إلى حال متعلق بأحد آخر معهم ويشكل جزءا من مجتمعهم الناشىء في المدينة ؛ وإلا لو كان خاصا بهم وحدهم لا يشاركهم في حالهم أحد وهم على ماهم عليه من الإيمان فما الذي يلزم تغييره فيهم ؛ ومن هو الخبيث على هذا ؟ وهذا يستدعي دخول المنافقين في الخطاب معهم إذ كانوا جزءا في مجتمع المدينة المسلم …

وأما ما ورد من أنه للمؤمنين خاصة ليميز مذنبهم من مطيعهم فقد ورد الاعتراض عليه ورفض وصف المذنب بالخبيث …
وعليه فهذا القول قوي من ناحية أن المؤمنين هم جزء ممن توجه إليهم الخطاب ؛ ولكن ينقصه عدم ذكر فئة أخرى تشترك مع المؤمنين في الحال الذي هم عليه والذين يخبر الله أنه ما كان يترك الخلص من عباده المومنين عليها أي أنه لا يرضاها لهم …

2- وأما القول الثالث وهو أنهم المشركون بعيد كما مر ؛ وسبق نقاش سبب استبعاده

3- والقول الرابع سبق وبينا أنه جزء من القولين الثاني والثالث وليس منفصلا عنهما …

4- وعليه يبقى القول الثاني بأن الخطاب هو للمجتمع المسلم في المدينة مؤمنهم ومنافقهم هو القول الأقرب لسياق الآيات والأكثر انسجاما مع معناها ؛ وهو ما رجحه أكثر المفسرون …
ذلك أن سياق الآيات تتحدث عما حدث بعد غزوة أحدٍ وكيف تمايز الفريقان المؤمن والمنافق ؛ وظهر نفاق المنافقين في أكثر من موضع ؛ فكان الخطاب مطمئنا المؤمنين مبشرا لهم ؛ ومتوعدا المنافقين بفضحهم ؛ ومثل هذا التمحيص حصل في أحد إذ رجع أبي بثلث الجيش ؛ وزلزل باقي الجيش المؤمن حين خالف الرماة ونزلوا عن الجبل والتف خالد عليهم وانقلب نصرهم إلى هزيمة ؛ وكثرت فيهم الجراح ومثل بمن مثل منهم … فكان ابتلاء عظيما امتحن فيه إيمان المؤمنين كما يمتحن الذهب ؛ وتمايزوا فيه فعرفوا مؤمنهم ممن ظهرت عليه أمارات النفاق …

- قال أبو السعود عن هذا القول : هو الأقربُ وإليه جنَح المحقِّقون من أهل التفسير لكونه صريحاً في كون المرادِ ب( ما هم عليه) ما ذُكر من القدر المشتركِ بـين الفريقين ( اختلاط بعضهم ببعض و استواؤهم في إجراء أحكام الإسلام عليهم ) من حيث هو مشترَكٌ بـينهما بخلاف القولين الأخرين ( الكفار والمنافقون ؛ أو المؤمنون خاصة ) فإنهما بمعزل من ذلك،
كيف لا والمفهومُ مما عليه المنافقون هو الكفرُ والنفاقُ، ومما عليه المؤمنون هو الإيمانُ والإخلاصُ لا القدرُ المشتركُ بـينهما، ولئن فُهم ذلك فإنما يفهم من حيث الانتسابُ إلى أحدهما لا من حيث الانتسابُ إليهما معاً، وعليه يدور أمرُ الاختلاطِ المُحوِجِ إلى الإفراز.

🔸فائدة :
من فوائد الشدائد والابتلاءات كما ذكر صاحب المنار :
الشدائد تميز بين القوي في الإيمان والضعيف فيه، فهي التي ترفع ضعيف العزيمة إلى مرتبة قويها، وتزيل الالتباس بين الصادقين والمنافقين …

وفي ذلك فوائد كبيرة:
منها أن الصادق قد يفضي ببعض أسرار الملة إلى المنافق لما يغلب عليه من حسن الظن والانخداع بأداء المنافق للواجبات الظاهرة، ومشاركته للصادقين في سائر الأعمال، فإذا عرفه اتقى ذلك …

ومنها أن تعرف الجماعة وزن قوتها الحقيقية؛ لأنها بانكشاف حال المنافقين لها تعرف أنهم عليها لا لها، وبانكشاف حال الضعفاء الذين لم تربهم الشدة تعرف أنهم لا عليها ولا لها.

هذا بعض ما تكشفه الشدة للجماعة من ضرر الالتباس،
وأما الأفراد فإنها تكشف لهم حجب الغرور بأنفسهم؛ فإن المؤمن الصادق قد يغتر بنفسه فلا يدرك ما فيها من الضعف في الاعتقاد، والأخلاق؛ لأن هذا مما يخفى مكانه على صاحبه حتى تظهره الشدائد.

مراجع بحث المسألة :
- تفسير عبد الرزاق الصنعاني 211 هـ
جامع البيان لابن جرير الطبري. 310هـ
معاني القرآن للزجاج 311 هـ
التفسير الكبير للطبراني ( 360 هـ )
معاني القرآن للنحاس 338 هـ
الكشف والبيان للثعلبي ( 427 هـ )
- والنكت والعيون للماوردي.(450)هـ
- تفسير الكشاف للزمخشري 538 هـ
- والمحرر الوجيز لابن عطية.(542)هـ
- وزاد المسير لابن الجوزي. (579)هـ
وأحكام القرآن للقرطبي.(671)هـ
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي ( 685 هـ )
لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن ( 725 هـ )
التسهيل لابن جزي الغرناطي ( 741 هـ )
البحر المحيط لأبي حيان ( 754هـ )
- وتفسير ابن كثير. (774)هـ
-الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي ( 911 هـ )
- إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود ( 951 هـ )
فتح القدير للشوكاني ( 1250 هـ )
روح المعاني للآلوسي ( 1270 هـ )
تفسير المنار لمحمد رشيد رضا ( 1354 هـ )
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ

▪ومن كتب أسباب النزول :
- أسباب النزول للواحدي ( 468 هـ )
- العجاب في بيان الأسباب لابن حجر العسقلاني ( 852 هـ )

2: فسّر بإيجاز قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.

🔹التفسير :
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ
كل : للعموم ؛ فيخبر الله خلقه أن كل نفس حية من إنس وجن وحيوان ونبات وحتى الملائكة لا بد ستموت وينتهي أجلها في هذه الحياة … وأن كأس الموت لا بد سيذوقه كل حي ، ولا يبقى إلا ذو الجلال والإكرام سبحانه ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) ؛ وهذا إنما هو تذكير للناس بأن الموت لا بد قادم فبادروا بالعمل قبل حلول الأجل … لأن من مات حانت ساعته وانقطع وقت عمله ويلقى ولا بد ما قدم …

وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
ولذلك قال سبحانه أن يوم القيامة هو يوم الحساب ؛ وهو يوم توفية جزاء الأعمال خيرها وشرها ؛ قليلها وكثيرها … واكتفى بذكر توفية الأجور إكراما للمخاطبين من المؤمنين ، واكتفاء بذكر توفيتها عن ذكر توفية الأوزار للدلالة عليه … ففي القيامة من عمل خيرا وفي أجره ، ومن عمل سوءا حمل وزره ولاقى جزاءه … ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ) …

فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ
يخبر الله أن من أدخل الجنة في أي درجة كان فيها فقد فاز ونجا من الهلاك … وعبر بقوله ( زحزح ) ليدل أن أقل القليل من العمل ( مع الإيمان) الذي يزحزح المرء فيبعده عن النار هو له نجاة ؛ وفي ذلك ترغيب في الإيمان بالله تعالى ، إذ من آمن به وبرسوله أدخل الجنة ؛ و حض على العمل مهما قل ؛ فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لموضع سوط أحدكم في الجنّة خيرٌ من الدّنيا وما فيها ) وقال صلى الله عليه وسلم : "من أحبّ أن يزحزح عن النّار وأن يدخل الجنّة، فلتدركه منيّته وهو يؤمن باللّه واليوم الآخر، وليأت إلى النّاس ما يحبّ أن يؤتى إليه".

وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
هذا تصغير من شأن الدنيا وتهوين لها وتحذير للمؤمنين من أن تأخذهم فيغتروا بها … وأسلوب ( ما … إلا ) للحصر ، فحصر الحياة الدنيا كلها بالمتاع ، فهو تأكيد أن هذه الحياة كلها إنما هي متاع وحسب … وليس أي متاع بل هو متاع غرور يغر صاحبه فيظن أنه قد بلغ به فإذا به لا يكاد يكفيه ، فالدنيا بكل ما فيها من متاع وبكل سنواتها التي تغر الإنسان فيطول أمله وتكثر أمانيه وهو لا يعلم أنها إنما هي كزاد الراكب لا يكاد يبلغه إلا قليلا … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والله ما الدّنيا في الآخرة إلّا كما يغمس أحدكم إصبعه في اليمّ، فلينظر بم ترجع إليه؟

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 12 ذو القعدة 1441هـ/2-07-2020م, 07:45 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم

ضحى الحقيل د

بارك الله فيك ونفع بك.
ج1: تصنيف الأقوال ابتداء خطأ، فقد ذكرتِ الأقوال في المراد بالذين يبخلون، والسؤال في المراد بالبخل.
ويظهر لي أنك اقتصرتِ في تحرير المسألة على تفاسير ابن كثير وابن عطية والزجّاج فقط، وهذا خلاف المعتمد في مجالس آل عمران، والمسألة تحتاج لإعادة لولا مخافة الإشقاق.

وأثني على فوائدك وتفسيرك، نفع الله بك وزادك من فضله.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 13 ذو القعدة 1441هـ/3-07-2020م, 01:12 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم

هناء محمد علي أ+

أحسنت بارك الله فيك وسدّدك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثامن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:15 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir