من فوائد يوم الأحد 4 / 1 / 1439 هـ (تفسير سورة البلد)
تفسير قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) }
هذا قسمٌ من الله عزّ وجلّ بمكّة أمّ القرى في حال كون الساكن فيها حلالاً؛ لينبّه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها.
يقسمُ تعالى {بِهَذَا الْبَلَدِ} الأمينِ، الذي هوَ مكةُ المكرمةُ، أفضلُ البلدانِ على الإطلاقِ، خصوصاً وقتَ حلولِ الرسول صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فيهَا).
وقوله: {ووالدٍ وما ولد}الوالد: الذي يلد، وما ولد: العاقر الذي لا يولد له .
وقوله: {لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ} في شدّة خلقٍ .
وقوله: {أيحسب أن لن يقدر عليه أحدٌ} ويطغى ويفتخرُ بمَا أنفقَ منَ الأموالِ على شهواتِ نفسهِ، فـ{يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً}
وقوله: {يقول أهلكت مالاً لبداً} أي: يقول ابن آدم: أنفقت مالاً لبداً، أي: كثيراً.
{أيحسب أن لم يره أحدٌ} قال مجاهدٌ: أيحسب أن لم يره الله عزّ وجلّ .
وقوله تعالى: {ألم نجعل له عينين} أي: يبصر بهما {ولساناً} أي: ينطق به فيعبّر عمّا في ضميره، {وشفتين} يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام، وجمالاً لوجهه وفمه.
{وهديناه النّجدين} الطريقين.
تفسير قوله تعالى: { فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)}
{فلا اقتحم العقبة}أي: فهلاَّ نَشِط وَاخترق المَوَانِع الَّتِي تَحول بَينه وَبَين طَاعَة اللَّه من تسوِيل النَّفس وَاتباع الهوى وَالشيطانِ .
{وما أدراك ما العقبة} ثمّ أخبر عن اقتحامها فقال:{فكّ رقبةٍ أو إطعامٌ} أي: أفلا سلك الطريق التي فيها النجاة والخير
وقوله: {أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسغبةٍ} ذي مجاعةٍ.
قوله: {يتيماً} أي: أطعم في مثل هذا اليوم يتيماً {ذا مقربةٍ} أي: ذا قرابةٍ منه.
وقوله: {أو مسكيناً ذا متربةٍ} أي: فقيراً مدقعاً لاصقاً بالتراب .
وقوله : {ثمّ كان من الّذين آمنوا} أي: ثمّ هو مع هذه الأوصاف الجميلة الطاهرة مؤمنٌ بقلبه، محتسبٌ ثواب ذلك عند الله عزّ وجلّ .
وقوله : {أولئك أصحاب الميمنة} أي : المتّصفون بهذه الصفات من أصحاب اليمين .
وقوله : {والّذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة} أي: أصحاب الشّمال .
وقوله : {عليهم نارٌ مؤصدةٌ} أي: مطبقةٌ عليهم ، فلا محيد لهم عنها ، ولا خروج لهم منها .