باب الياء
قال أبو عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني (ت: 478هـ) : (باب الياء
يقين – يسير – يسر – يمين – يد – يوم – يوزعون – يرى – يئس
تفسير (اليقين) على خمسة أوجه:
يوقنون: يصدقون – الموت – العيان – العلم – صدق
فوجه منها: يوقنون يعني: يصدقون، قوله تعالى في سورة البقرة {وبالآخرة هم يوقنون} يعني: بالعبث يصدقون, مثلها في سورة الجاثية {آيات لقوم يوقنون} أي: يصدقون، ونحوه في سورة لقمان 4. ومثله في القرآن كثير.
والوجه الثاني: اليقين يعني: الموت, قوله تعالى في سورة الحجر {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} يعني: الموت, مثلها في سورة المدثر {حتى أتانا اليقين} يعني: الموت.
والوجه الثالث: اليقين يعني: العيان، فذلك قوله تعالى في سورة التكاثر {علم اليقين} يعني: علم العيان مثلها {عين اليقين} يعني: العيان.
والوجه الرابع: اليقين: العلم, قوله تعالى في سورة النساء {وما قتلوه يقينا} يعني: وما قتلوه علما. والمعنى عند أهل اللغة: وما قتلوا العلم يقينا, كما تقول: قتلته علما, وقتلته يقينا يعني: صدقا, قوله تعالى في قصة الهدهد {وجئتك من سبأ بنبإ يقين} يعني: بخبر صدق.
تفسير (اليسير) على ثلاثة أوجه:
الهين – خفيا – السريع
فوجه منها: يسير يعني: هينا، قوله تعالى في سورة الحج {إن ذلك على الله يسيرا} إن ذلك في الكتاب الذي فيه العلم, على الله هين، حين كتبه, وقال تعالى في سورة الحديد {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} يعني: ليس بشديد عليه, وقال تعالى {ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير} يعني: هينا ليس بشديد عليه.
والوجه الثاني: يسير يعني: خفيا, فذلك قوله تعالى في سورة الفرقان {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} يعني: خفيا.
والوجه الثالث: يسير يعني: سريعا, قوله تعالى في سورة يوسف {ذلك كيل يسير} يعني: سريعا لا حبس فيه.
تفسير (اليسر) على أربعة أوجه:
الرخصة – التسهيل – الرخاء – العدة الحسنة
فوجه منها: اليسر يعني: الرخصة, قوله تعالى في سورة البقرة {يريد الله بكم اليسر} أي: في الرخصة.
والوجه الثاني: اليسر يعني: السهل, قوله تعالى في سورة مريم {فإنما يسرناه بلسانك} أي: سهلناه وهوناه, مثلها في سورة الساعة {ولقد يسرنا القرآن للذكر} يعني: هونا وسهلنا، وكقوله تعالى في سورة الطلاق {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} أي: هينا سهلا.
والوجه الثالث: اليسر: الرخاء, قوله تعالى في سورة الطلاق {سيجعل الله بعد عسر يسرا} أي: بعد الفقر غنى، وكقوله تعالى في سورة الشرح {فإن مع العسر يسرا} يعني: رخاء، ونحوه.
والوجه الرابع: اليسر: العدة الحسنة, قوله تعالى في سورة بني إسرائيل {فقل لهم قولا ميسورا} يعني: عدة حسنة.
تفسير (اليمين) على تسعة أوجه:
القوة – الحلف – العهد – اليد – الملك – الدين – الجنة – الجانب الأيمن من الشيء – الحجة
فوجه منها: اليمين يعني: القوة, قوله تعالى في سورة الصافات {فراغ عليهم ضربا باليمين} يعني: بالقوة، نظيرها في سورة الزمر {والسماوات مطويات بيمينه} يعني: بقدرته وقوته.
والوجه الثاني: اليمين: الحلف، قوله تعالى في سورة البقرة {لا يؤاخذكم الله بالغو في أيمانكم} مثلها في سورة المائدة 89، وكقوله تعالى في سورة النور {وأقسموا بالله جهد أيمانهم} يعني: حلفهم, وكقوله تعالى في سورة النحل 38.
والوجه الثالث: الإيمان يعني: العهود, فذلك قوله تعالى في سورة القلم {أم لكم أيمان علينا بالغة} يعني: عهودا يقول: ألكم عهود؟ وكقوله تعالى في سورة براءة {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} يعني: عهودهم، مثلها في سورة النحل {ولا تتخذوا أيمانكم} يعني: عهودكم.
والوجه الرابع: الأيمان يعني: الأيدي اليمنى, قوله تعالى في سورة التحريم {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم} يعني: بأيمانهم الكتب, وكقوله تعالى {فأما من أوتي كتابه بيمينه} مثلها في سورة طه {وما تلك بيمينك يا موسى} أي: بيدك اليمنى.
والوجه الخامس: اليمين: الملك, قوله تعالى في سورة الأحزاب {وما ملكت أيمانهم} مثلها في سورة النساء 3, ونحوه كثير.
والوجه السادس: اليمين يعني: الدين، قوله تعالى في سورة الصافات {قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} أي: من قبل الدين, أي: تغروننا عن الدين فتملكوننا, وكقوله تعالى في سورة الأعراف {ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم} يعني: أشبه عليهم دينهم.
والوجه السابع: اليمين: الجنة، قوله تعالى في سورة الواقعة {وأصحاب اليمين} يعني: أهل الجنة ما أصحاب اليمين) ما أهل الجنة, وقوله تعالى في سورة المدثر {كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين} ما أهل الجنة.
والوجه الثامن: اليمين: هو الجانب الأيمن من الشيء، قوله تعالى في سورة سأل سائل {عن اليمين وعن الشمال عزين} يعني: جانب اليمين حلقا حلقا, وكقوله تعالى في سورة ق {عن اليمين وعن الشمال قعيد} ومثلها في سورة مريم {وناديناه من جانب الطور الأيمن} يعني: عن يمين موسى.
والوجه التاسع: اليمين: الحجة. قوله تعالى في سورة الحاقة {لأخذنا منه باليمين} يعني: بالحجة والحق على قوله تعض المفسرين.
تفسير (اليد) على أربعة أوجه:
الفعل – القدرة – العطاء – الجارحة
فوجه منها: اليد: الفعل، قوله تعالى في سورة الفتح {يد الله فوق أيديهم} يعني: فعل الله إليهم بالخير أفضل من فعلهم في أمر البيعة يوم الحديبية, وقال تال في سورة يس {وما عملته أيديهم} يعني: لم يكن ذلك من فعلهم, وقال تعالى في سورة الحج {ذلك بما قدمت يداك} يعني: بفعلك, وكقوله تعالى {تبت يدا أبي لهب} يعني: تب عمله.
والوجه الثاني: اليد: القدرة، قوله تعالى في سورة ص {قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} يعني: بقدرتي وقيل اليد صفة لله تعالى تقال سوى القدرة، وليس بيد جارحة ولا نعمة.
والوجه الثالث: اليد يعني: المثل به في أمر الجود والبخل، قوله تعالى عن اليهود {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا} يعنون أن تبخل بالعطاء, قال الله تعالى {بل يداه مبسوطتان} يعني: عطاياه جزيلة، وقال تعالى في سورة نبي إسرائيل {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} يقول لا تمسك من النفقة بمنزلة المغلولة يده, فلا يستطيع بسطها.
والوجه الرابع: اليد: هي الجارحة بعينها, قوله تعالى {وأيديكم إلى المرفق} وكقوله تعلى في سورة الأعراف {ونزع يده فإذا هي بيضاء} مثلها في سورة الشعراء 33, وكذلك في سورة ص {وخذ بيدك ضغثا} يريد اليد بعينها.
تفسير (يوم) على ستة أوجه:
الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض – يوم من أيام الدنيا – يوم القيامة – حين – يوم ظهور الروم على فارس – ويقال يوم الحديبية – يوم طلوع الشمس من مغربها
فوجه منها: يوم يعني: الأيام الستة التي خلق الله فيهن الدنيا، قوله تعال في سورة السجدة {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين} ويومين فذلك قوله تعالى في سورة يونس {الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام} وكقوله تعالى في سورة السجدة {الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام} وهي عند الله كقوله تعالى في سورة الحج وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون).
والوجه الثاني: يوم يعني: يوما من أيام الدنيا، قوله تعالى في سورة السجدة {يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم} من أيام الدنيا {كان مقداره ألف سنة مما تعدون} يعني: مقدار نزول جبريل وصعوده إلى السماء ألف سنة مما تعدون بغير جبريل.
والوجه الثالث: يوم يعني: يوم القيامة قوله تعالى في سورة يس {فاليوم لا تظلم نفس شيئا} يعني: في الآخرة، وقال تعالى فيها {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون} يعني: في الآخرة وقال {اليوم نختم على أفواههم} يعني: يوم القيامة، وقال تعالى في سورة الأنبياء {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} وقال تعالى في سورة حم المؤمن {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت} يعني: في الآخرة، ونحوه كثير.
والوجه الرابع: يوم يعني: حين، فذلك قوله تعالى في سورة مريم ليحيى {وسلا عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} يعني: حين مثلها في قصة عيسى {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبث حيا} يعني: حين ولدت وقال تعالى في سورة النحل {يوم ظعنكم ويوم إقامتكم} يعني: حين ظعنكم وحين إقامتكم، وقال في سورة الأنعام {وآتوا حقه يوم حصاده} يعني: حين حصاده.
والوجه الخامس: يوم يعني: يوم غلبت الروم على فارس, قوله تعالى في سورة الروم {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله} ويقال يوم الحديبية يفرح المؤمنون بنصر الله.
والوجه السادس: يوم يعني: حين طلوع الشمس من مغربها، قوله تعالى في سورة الأنعام {يوم يأتي بعض آيات ربك} يعني: يوم طلوع الشمس من مغربها.
تفسير (يوزعون) على وجهين:
يساقون – الإلهام
فوجه منهما: يوزعون يعني: يساقون، قوله تعالى في سورة النمل {وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون} يعني: يساقون, نظيرها فيها حيث يقول {ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون} يعني: يساقون، وكقوله تعالى في سورة السجدة {ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون} يعني: يساقون.
والوجه الثاني: أوزعني يعني: ألهمني، فذلك قوله سليمان في سورة النمل {رب أوزعني} يعني: ألهمني {أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي} وكقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه {في سورة الأحقاف (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني} يعني: ألهمني {أن أشكر نعمتك}.
تفسير (يرى) على أربعة أوجه:
يعلم – يعاين – ألا ينظر – ألم يخبر
فوجه منها: يرى: يعلم قوله تعالى في سورة سبأ {ويرى الذين أوتوا العلم} يعني: ويعلم، وكقوله تعالى في سورة النساء {لتحكم بين الناس بما أراك الله} ينعني: بما أعلمك الله، وقال تعالى في سورة البقرة {وأرنا مناسكنا} يعني: وعلمنا مناسكنا، وقال تعالى في المفصل {ألم تر كيف فعل ربك} وكقوله تعالى {ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات} ألم تعلموا، وكقوله تعالى في سورة الأنبياء {أولم ير الذين كفروا أن السماوات} يعني: أولم يعلم.
والوجه الثاني: يرى من المعاينة، قوله تعالى في سورة الإنسان {وإذا رأيت ثم رأيت نعيما} يعني: إذا عاينت الجنة وما فيها رأيت نعيما, وقال تعالى في سورة المنافقون {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} وقال تعالى في سورة الزمر {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة}.
والوجه الثالث: ألم تر يعني: ألا تنظر إلى فعلهم، قوله تعالى في سورة النساء {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت} يعني: ألا تنظر،وقال أيضا {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم} وقوله تعالى {ألم تر إلى الذين يزعمون} وأمثاله كثير.
والوجه الرابع: ألم تر بمعنى ألم تخبر عن شيء قد مضى، ولم يعاينه النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى في سورة البقرة {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه} يعني: ألم تخبر عن ذلك يا محمد، وقوله تعالى في سورة الفيل وسورة الفجر {ألم تر كيف فعل ربك} وقال تعالى في سورة الحاقة {فترى القوم فيها صرعى} يعني: تخبر عنهم، ونحوه كثير.
تفسير (يئس) على وجهين:
القنوط – العلم
فوجه مهما: اليأس: القنوط قوله تعالى في سورة يوسف {ولا تيأسوا من روح الله} يغني: لا تقنطوا {إنه لا يا يئس من روح الله} لا يقنط من رحمة الله {إلا القوم الكافرون}.
والوجه الثاني: (ييأس) بمعنى يعلم قوله تعالى في سورة الرعد {أفلم ييأس الذين آمنوا} يقوا: أفلم يعلم {أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا} ). [الوجوه والنظائر: 478-484]