باب الدال
قال أبو عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني (ت: 478هـ) : (باب الدال
الدين – الدبر – الدابة – الدار – الدعاء – الدرجات – الدهن – الدولة
تفسير (الدين) على خمسة أوجه:
التوحيد – الحساب – الحكم – الدين بعينه – الملة
فوجه منها: الدين يعني: التوحيد, قوله تعالى في سورة آل عمران {إن الدين عند الله الإسلام} يقول: إن التوحيد عند الله الإسلام, وكقوله تعالى في سورة الزمر {فاعبد الله مخلصا له الدين} يقول: التوحيد، وكقوله تعالى في سورة لقمان 32، وسورة الروم 30، ونحوه.
والوجه الثاني: الدين: يعني: الحساب، قوله تعالى في سورة فاتحة الكتاب: {مالك يوم الدين} يقول: يوم الحساب, وكقوله تعالى في سورة الصافات {هذا يوم الدين} يعني: يوم الحساب, وكقوله تعالى في سورة المطففين {الذين يكذبون بيوم الدين} يعني: بيوم الحساب, وقال تعالى في سورة الصافات {أإنا لمدينون} يعني: يقول: أئنا لمحاسبون؟ وكذلك في سورة الواقعة: {فلولا إن كنتم غير مدينين} يقول: غير محاسبين, ونحوه كثير.
والوجه الثالث: الدين يعني: الحكم, قوله تعالى في سورة النور {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} يعني: في حكم الله تعالى، وقوله تعالى في سورة يوسف: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} يعني: في حكم الملك وقضائه.
والوجه الرابع: الدين بمعنى: الدين بعينه, يعني: له الدين الذي يدين إليه عباده, قوله تعالى {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق} في سورة براءة 33.
وسورة الصف 9, وسورة الفتح 28.
والوجه الخامس: الدين يعني: الملة, قوله تعالى في سورة لم يكن {وذلك دين القيمة} يعني: الملة المستقيمة.
تفسير (الدبر والأدبار) على ستة أوجه:
الظهر – الدين – الباطل – عقب الشيء – الذهاب – الغابر – التفكير
فوجه منها: الأدبار: يعني: الظهور, قوله تعالى في سورة لأنفال {فلا تولوهم الأدبار} يعني: الظهور, مثلها فيها {ومن يولهم يومئذ دبره} يعني: ظهره,
وكقوله تعالى في سورة يوسف {وإن كان قميصه قد من دبر} أي: من ظهره.
والوجه الثاني: الأدبار: أديان آبائهم الباطلة، قوله تعالى في سورة محمد صلى الله عليه وسلم {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد} يعني: دين آبائهم وهي اليهودية, وكقوله تعالى في سورة بني إسرائيل {وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولو على أدبارهم نفورا} يعني: رجعوا إلى أصنامهم, وعكفوا على عبادتها.
والوجه الثالث: الأدبار: عقب شيء، قوله تعالى في سورة ق {ومن الليل فسبحه وأدبار السجود} يعني: خلف السجود, بعد صلاة المغرب، وكقوله تعالى {وإدبار النجوم} يعني: صلاة الغداة.
والوجه الرابع: دبر أي: ذهب, قوله تعالى في سورة المدثر {والليل إذ أدبر} أي: ذهب.
والوجه الخامس: دابرهم يعني: غابرهم واخزهم, فذلك قوله تعالى {فقطع دابر القوم الظالمين} يعني: أصلهم واخزهم, مثلها في سورة الحجر: {وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع} يعني: غابر هؤلاء مقطوع.
والوجه السادس: التدبر: التفكر, قوله تعالى في سورة النساء {أفلا يتدبرون القرآن}، ومثلها في سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
تفسير (الدابة) على خمسة أوجه:
الأرضة – والتي تخرج آخر الزمان – الدواب ما خلا الناس والأنعام – ما دب على وجه الأرض – كل من رزق في السماء والأرض
فوجه منها: الدابة: الأرضة، قوله تعالى في سورة سبأ {ما دلهم على موته إلا دابة الأرض} وهي: الأرضة.
والوجه الثاني: الدابة: الخلق العظيم, وهي الآية التي تخرج آخر الزمان، قوله تعالى في سورة النمل {وإذا رقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم}.
والوجه الثالث: الدواب: ما خلا الناس والأنعام، وهو الحشريات، قوله تعالى في سورة الملائكة {ومن الناس والدواب والأنعام}.
والوجه الرابع: الدابة: ما دب على وجه الأرض، قوله تعالى {وما بث فيهما من دابة} يعني: من خلق.
والوجه الخامس: كل من رزق من الدابة, قوله تعالى {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها}.
تفسير (الدار) على أربعة أوجه:
المنزل – المدينة – الجنة – النار
فوجه منها: الدار يعني: المنزل، قوله تعالى في سورة الأعراف {فأصبحوا في دارهم} يعني: في منازلهم ومساكنهم, ونحوه كثير.
والوجه الثاني: الدار يعني: المدينة, كقوله تعالى في سورة الرعد {أو تحل قريبا من دارهم} أي: مدينتهم.
والوجه الثالث: الدار يعني: الجنة, قوله تعالى {ولنعم دار المتقين جنات عدن}.
والوجه الرابع: الدار يعني: جهنم، قوله تعالى {دار البوار} يعني: جهنم.
تفسير (الدعاء) على سبعة أوجه:
القول – العبادة – النداء – الاستغاثة – الاستفهام – السؤال – العذاب
فوجه منها: الدعاء يعني: القول، فذلك قوله تعالى في سورة الأعراف {فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين} يعني: ما كان قولهم إذ جاءهم عذابنا, وكقوله تعالى في سورة الأنبياء {فما زالت تلك دعواهم} يعني: تلك الويل قولهم حين {قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين} وقوله تعالى في سورة يونس {دعواهم فيها سبحانك} يعني: قولهم في الجنة، إذا اشتهوا الطعام {سبحانك اللهم}.
والوجه الثاني: الدعاء يعني: العبادة، فذلك قوله تعالى في سورة الأنعام {قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا} يعني: أنعبد من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا؟ وقال سبحانه في سورة بني إسرائيل، وقال في سورة القصص {ولا تع مع الله إلها آخر} يقول: لا تعبد مع الله إلها آخر, وقال في سورة الفرقان {قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم} يعني: لولا عبادتكم.
والوجه الثالث: الدعاء يعني: النداء, فذلك قوله تعالى في سورة القمر {فدعا ربه أني مغلوب} فنادى ربه أني مغلوب {فانتصر}، وقال تعالى {يوم يدع الداع} يقول: يوم ينادي المنادي, وقال تعالى {ولا تسمع الصم الدعاء} يعني: النداء, وقال تعالى في سورة الملائكة {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم} يقول: إن تنادوهم لا يسمعوا نداءكم.
والوجه الرابع: الدعاء يعني: الاستغاثة، فذلك قوله تعالى في سورة البقرة: {وادعوا شهداءكم} يعني: استغيثوا بشركائكم, وقال تعالى في سورة يونس: {وادعوا من استطعتم من دون الله} يقول: استغيثوا، نظيرها في سورة هود, وقال تعالى في سورة حم المؤمن {وليدع ربه} يعني: وليستغث بربه.
والوجه الخامس: الدعاء يعني: الاستفهام، فذلك قوله تعالى في سورة البقرة لموسى {ادع لنا ربك} استفهم لنا ربكم وسله, ونظيرها في سورة الكهف {ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم} يعني: فسلوهم أهم آلهة؟ {فلم يستجيبوا لهم} بأنهم آلهة, نظيرها في سورة الأعراف لموسى.
والوجه السادس: الدعاء: السؤال، قوله تعالى {قالوا ادع لنا ربك} يعني: سل ربك, ومثلها في الأعراف 134، وقوله تعالى في سورة الزخرف {يا أيه الساحر ادع لنا ربك} يعني: سل لنا ربك, وقال تعالى أيضا في سورة حم المؤمن {ادعوني أستجب لكم} سلوني أعطكم, وقوله تعالى {وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم} يقول: سلوا ربكم: اطلبوا إليه أن {يخفف عنا يوما من العذاب}.
والوجه السابع: الدعاء: العذاب، قوله تعالى في سورة سأل {كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعوا من أدبر وتولى} يعني: تعذب, قاله المبرد.
وقال ثعلب: دعاك الله، أي: أماتك الله، وقال النضر عن الخليل, قال الأعرابي لآخر: دعاك الله, أي: عبدك الله.
تفسير (الدرجات) على ثلاثة أوجه:
الفضائل – الزيادة – الثواب
فوجه منها: الدرجات يعني: الفضائل، كقوله تعالى في سورة النساء {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات} أي: فضائل في الدرجات, وكقوله تعالى {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة} أي: فضيلة, وكقوله تعالى {والذين أوتوا العلم درجات} أي: فضائل، وكقوله تعالى في سورة البقرة {وللرجال عليهن درجة} أي: فضيلة.
والوجه الثاني: الدرجات: زيادة المال والولد, قوله تعالى في سورة الزخرف {ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات} أي: منازل بالمال والولد.
والوجه الثالث: الدرجات: الثواب، قوله تعالى {ولكل درجات مما عملوا} يعني: للمؤمنين في الجنة منازل وقصورا, وللكافرين في النار دركات بما عملوا في الدنيا.
تفسير (الدهن) على وجهين:
الجلد الأحمر – الدهن بعينه
فوجه منهما: الدهان يعني: الجلد الأحمر, كقوله تعالى في سورة الرحمن {فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان} يعني: كالجلد الأحمر. قاله مجاهد.
وأبو صالح.
والوجه الثاني: الدهن هو: كالدهن بعينه، قوله تعالى في سورة المؤمنون: {وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن} يعني: بالزيت.
تفسير (الدولة) على وجهين:
القسمة – الدولة بعينها
فوجه منهما: الدولة يعني: القسمة، قوله تعالى في سورة الحشر {كي لا يكون دولة} يعني: قسمة {بين الأغنياء منكم}.
والوجه الثاني: الدولة بعينها, قوله تعالى {وتلك الأيام نداولها بين الناس} بالدولة يعني: الظفر, ندل الكافر على المؤمن، والمؤمن على الكافر). [الوجوه والنظائر: 210-216]