" أبواب ما فوق الستة "
257 - باب الكلمات
الكلمات: جمع كلمة. والكلمات يقال لما يحصره العدد وهو إلى القليل أقرب والجمع كلم وكلام. (والكلم: الجرح. والجمع: كلوم. وكلام)، وقوم كلمى، أي: جرحى. ورجل كليم، أي: جريح. وقيل: إنما سمي الكلام كلاما، لأنه يشق الأسماع بوصوله إليها. كما يشق الكلم الذي هو الجرح الجلد واللحم. وقيل: سمي كلاما، لتتشقيقه المعاني المطلوبة من أنواع الخطاب وأقسامه.
وحقيقة الكلام حروف وأصوات مفيدة. قال عمر بن القاسم الثمانيني: والكلام عند أهل اللغة: يقع على المفيد، وغير المفيد. وأما عند النحويين فلا يطلقونه إلا على المفيد. فإن أوقعوه على غير المفيد قيدوه بصفة، فقالوا: (كلام مهمل)، وكلام متروك، وكلام غير مستعمل، وكلام غير مفيد. والكلمة: عند أهل اللغة تقع على القليل والكثير ويدل على ذلك قولهم: قال فلان في كلمته. يريدون في قصيدته، أو رسالته، أو خطبته. وكل واحد من (هذه) يشتمل على كلام طويل وجمل كثيرة. قال: وذكر المفسرون في قوله تعالى: {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل}، أن تفسير هذه الكلمة، قوله: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض} إلى قوله تعالى: {يحذرون}. قال: فأما الكلمة في مدارس النحويين. فهي عبارة عن اسم فقط، أو فعل فقط، أو حرف فقط.
وذكر بعض المفسرين أن الكلمات في القرآن على سبعة أوجه:
أحدها: الكلمات العشر اللواتي ابتلى الله تعالى بهن إبراهيم وهن خمس في الرأس: وخمس في الجسد. فأما (اللواتي) في الرأس فالفرق والمضمضة والاستنشاق وقص الشارب والسواك. واللواتي في الجسد تقليم الأظافر وحلق العانة ونتف الابط والاستطابة بالماء والختان. رواه طاووس عن ابن عباس. وهو معنى قوله تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات}.
والثاني: الكلمات التي تلقاها آدم (من ربه). وهي قوله تعالى: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.
والثالث: القرآن. ومنه قوله تعالى في الأعراف: {يؤمن بالله وكلماته}.
والرابع: علم الله وعجائبه. ومنه قوله تعالى في الكهف: {قبل أن تنفد كلمات ربي}، وفي لقمان: {ما نفدت كلمات الله}، وقيل (في) هذا الوجه: إنه على ظاهره لأن كلام الله لا ينفد.
والخامس: (الدين). ومنه قوله تعالى في (الأنعام): {لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}.
والسادس: لا إله إلا الله. ومنه قوله تعالى في براءة: {وكلمة الله هي العليا}.
والسابع: قوله: " كن ". ومنه قوله تعالى في سورة النساء: {إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته}.
الكتاب: اسم لكلام مجموع في صك. والأصل فيه: الجمع.
ومنه سميت الكتيبة لاجتماعها. قال ابن قتيبة. ويقال: لفعل الكاتب: كتاب. ويقال: كتب كتابا، وقام قياما، وصام صياما. وقد يسمى الشيء بفعل الفاعل ويقال: هذا درهم ضرب الأمير، وإنما هو مضروب الأمير. ويقال: هؤلاء خلق الله، وإنما هم مخلوقو الله.
وذكر بعض المفسرين أن الكتاب في القرآن على أحد عشر وجها:
أحدها: اللوح المحفوظ. ومنه قوله تعالى في الأنعام: {ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}، وفيها: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} وفي الحديد: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب}.
والثاني: الكتابة. ومنه قوله تعالى في آل عمران: {ويعلمه الكتاب والحكمة}.
والثالث: الحساب. ومنه قوله تعالى في الجاثية: {كل أمة تدعى إلى كتابها}.
والرابع: العدة. ومنه قوله تعالى في البقرة: {حتى يبلغ الكتاب أجله}.
والخامس: العمل. ومنه قوله تعالى في المطففين: {إن كتاب الفجار لفي سجين}، وفيها: {إن كتاب الأبرار لفي عليين}، وقيل: أراد الكتاب الذي فيه أعمالهم.
والسادس: الوقت. ومنه قوله تعالى في آل عمران: {كتابا مؤجلا}، وفي الحجر: {إلا ولها كتاب معلوم}.
والسابع: القرآن. ومنه قوله تعالى في ص: {كتاب أنزلناه إليك مبارك}، وفي حم السجدة: {وإنه لكتاب عزيز}.
والثامن: التوراة. ومنه قوله تعالى في آل عمران: {يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم}، وفي المائدة: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين}.
والتاسع: الإنجيل. ومنه قوله تعالى في آل عمران: {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم}.
والعاشر: الفرض. ومنه قوله تعالى في سورة النساء: {كتاب الله عليكم}.
والحادي عشر: العلم. ومنه قوله تعالى في الروم: {لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث}.