دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 ربيع الأول 1438هـ/19-12-2016م, 03:01 AM
منيرة جابر الخالدي منيرة جابر الخالدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 364
افتراضي

الموضوع/ تحرير سبب نزول سورة المجادلة

المقصد/ تحرير مسألة واحدة (سبب النزول).


قال اللَّه تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)

ورد في سبب نزول صدر سورة المجادلة عدة آثار، يمكن إرجاعها لأربعة أحاديث أو أربعة أقسام، والباقي إنما هو اختلاف في الروايات:
1- أخرج الإمام أحمد والبخاري تعليقا عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُكَلِّمُهُ وَأَنَا في ناحية البيت ما أسمع ما تقوله، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها «2» إِلَى آخَرِ الْآيَةِ.
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ والحاكم وصححه وابن مردويه.

*وهناك بعض الفروق بين روايات هذا الحديث:
- الأول: اختلاف في اللفظ :
*فبعضها بلفظ: (الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات) وبعضها: *( تبارك الذي وسع سمعه كل شيء)
- الثاني:*
أن في بعضها إبهام للمجادِلة، فذكرت: المجادِلة، المرأة. وفي بعضها تصريح بالاسم وأنها خولة.

2- أخرج أبو داود *عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة قالت: ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه ويقول اتقي الله فإنه ابن عمك فما برحت حتى نزل القرآن قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى الفرض فقال يعتق رقبة قالت: لا يجد قال : فيصوم شهرين متتابعين قالت يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام قال فليطعم ستين مسكينا قالت ما عنده من شيء يتصدق به قالت فأتي ساعتئذ بعرق من تمر قلت يا رسول الله فإني أعينه بعرق آخر قال قد أحسنت اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينا وارجعي إلى ابن عمك.

*وأخرج الإمام *أَحْمَدُ *عَنْ خُوَيْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: فِيَّ وَاللَّهِ وَفِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَنْزَلَ اللَّهُ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ، فَغَضِبَ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَنْ نَفْسِي قَالَتْ: قُلْتُ كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لَا تَخْلُصُ إِلَيَّ، وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ، قالت: فواثبني، فامتنعت مِنْهُ فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابًا، ثُمَّ خَرَجْتُ حتى جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ وَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ، قَالَتْ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا خُوَيْلَةُ ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ» .
قَالَتْ: فو الله مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ، فَتَغَشَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كَانَ يَتَغَشَّاهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ لِي: «يَا خُوَيْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِي صاحبك قرآنا- ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ- إلى قوله تعالى- وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ قَالَتْ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً» قَالَتْ:
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ، قَالَ «فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» قالت: فقلت والله إنه لشيخ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ «فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ» قَالَتْ: فَقُلْتُ والله يا رسول الله مَا ذَاكَ عِنْدَهُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ «1» مِنْ تَمْرٍ» قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وأنا سأعينه بعرق آخر قال «قد أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي بِهِ عَنْهُ ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا» قَالَتْ: فَفَعَلْتُ.


*وهذا الحديث رواه أبو داوود في كتاب الظهار بسند صحيح بطريقين.
وأخرجه أحمد، وابن المنذر ، والطبراني ، وابن مردويه ، والبيهقي، والطبري من طريق يوسف بن عبد الله بن سلام.
وأخرجه عبد الرزاق وابن جرير عن أبي إسحاق.
وأخرج النحاس ، وابن مردويه ، والبيهقي، والطبري عن ابن عباس.
ورواية أبا داود لا تفصيل فيها، وإنما التفصيل في روايات أهل التفسير. وأسباب النزول يزيد بعضها على بعض. وقد استقصاها ابن جرير الطبري بأسانيده عن ابن عباس وقتادة وأبي العالية ومحمد بن كعب القرظي.

* ولم نورد جميع الروايات هنا؛ إختصارا، ويمكن الرجوع لها في مواطنها. وثمة توافق واختلاف ظهر في المقارنة بينها:

فأما التوافق:
فجميعها متفقة على أن المرأة المجادلة: خولة أو خويلة أو جملة وورد خملة، على اختلاف في نسبها وأن زوجها أوس بن الصامت.

وأما الفروق:
- فبعضها ذكرت أنها امتنعت منه واستعارت ثياب من جارتها وخرجت لتسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي بعضها طلبت منه فاستحى فأمرها هي بالذهاب، وفي بعضها أنه أمرها بالذهاب مباشرة.
- أن بعضها ذكرت أن زوجته خولة كفّرت عنه من غير أن تستأمره، بينما في روايات أنه طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعينه.
- بعض الروايات أنها جاءت واشتكت، وفي بعضها أنها عندما جاءت قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: ما أمرنا في شأنك بشيء، وهذا يوحي أن مجيئها هذا سبقه مجيء لها بهذا الشأن .
- وكذلك بالنسبة لنزول الوحي ففي بعضها ورد أنها ما برحت مكانها حتى نزل الوحي، وفي رواية قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: ما أُمِرْتُ فِي شأْنِكِ بِشَيْءٍ حتى الآنَ، وَلَكِنْ ارْجِعي إلى بَيْتِكِ، فإنْ أُومَرْ بِشَيْءٍ لا أغْمِمْهُ عَلَيْكِ إنْ شَاءَ اللهُ، فرجعت إلى بيتها.
- في روايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدع زوجها ولم يطلب منها ذلك، بينما دعاه في بعضها، وفي أخرى طلب منها أن تأتيه به.
- وفي بعض الروايات أبهمت غاسلة شعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخرى ذكرت أنها عائشة رضي الله عنها، وفي رواية أن عنده: ماشطة.
- وفي الكفارة؛ في بعض الروايات أمره بما بعده مباشرة عندما تعذرت عليه الكفارة الأولى، وفي بعضها قال: ما أنا بزائدك.
- وبالمقارنة بين القسم الأول والثاني:
أن في الأول عائشة رضي الله عنها كانت في ناحية من البيت وتسمع بعض كلامها ويخفى عليها بعضه، وفي الثاني في بعض الروايات أنها هي الغاسلة وهي التي قالت لها عندما نزل الوحي: وراءك.


3- روى ابن أبي حاتم عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : لَقِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا : خَوْلَةُ، وَهُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّاسِ ، فَاسْتَوْقَفَتْهُ ، فَوَقَفَ لَهَا ، وَدَنَا مِنْهَا وَأَصْغَى إِلَيْهَا رَأْسَهُ ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْهَا ، حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا وَانْصَرَفَتْ ، فقال لَهُ رَجُلٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : حَبَسْتَ رِجَالَ قُرَيْشٍ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ ، قَالَ : " وَيْحَكَ ، وَتَدْرِي مَنْ هَذِهِ ؟ " ، قَالَ : لَا ، قَالَ : " هَذِهِ امْرَأَةٌ سَمِعَ اللَّهُ شَكْوَاهَا مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ ، هَذِهِ خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ، وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَنْصَرِفْ عَنِّي إِلَى اللَّيْلِ مَا انْصَرَفْتُ حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتَهَا " .


4- أخرج أبو داود والترمذي وحسنه عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال ابن العلاء البياضي قال كنت امرأ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئا يتابع بي حتى أصبح فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فلم ألبث أن نزوت عليها فلما أصبحت خرجت إلى قومي فأخبرتهم الخبر وقلت امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لا والله فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال أنت بذاك يا سلمة قلت أنا بذاك يا رسول الله مرتين وأنا صابر لأمر الله فاحكم في ما أراك الله قال حرر رقبة قلت والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها وضربت صفحة رقبتي قال فصم شهرين متتابعين قال وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام قال فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا قلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين ما لنا طعام قال فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر وكل أنت وعيالك بقيتها فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند النبي صلى الله عليه وسلم السعة وحسن الرأي وقد أمرني أو أمر لي بصدقتكم. زاد ابن العلاء قال ابن إدريس بياضة بطن من بني زريق.

وأخرجه عبد الرزاق ، وأحمد ، وعبد بن حميد، *وابن ماجه ، والطبراني ، والبغوي في معجمه والحاكم وصححه.





🔲الخلاصة:
*بالنظر إلى هذه الأقسام يتضح أن:
- الثلاثة الأولى منها تدل على أن سبب النزول قصة خولة وزوجها أوس بن الصامت.
- والرابع: سلمة بن صخر.

* وبالنظر والتأمل للأحاديث الواردة في هاتين القصتين، وسياق الآيات، تبين التالي:
- في حديث خولة لم يحكم لها الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بعد نزول الوحي، مما يدل على أن الحكم لم يوجد بعد. بينما في قصة سلمة أمره بالكفارة مباشرة.
- أن المذكور في سياق الآية، أن المجادِلة امرأة. وسلمة هو الذي ذهب للرسول صلى الله عليه وسلم فسأله.
- في حديث خولة قالت: فِيَّ وَاللَّهِ وَفِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَنْزَلَ اللَّهُ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ، وفي حديث سلمة لم يُذكر أن الآية نزلت في ذلك. ونسبه ابن عطية إلى النقّاش أن الآية نزلت بسبب قصته، وقال ابن عاشور: ولا يُعرف هذا لغيره.

🔲النتيجة:
*يتبين أن سبب نزول الآيات هو: قصة خولة وزوجها أوس بن الصامت.*





__________________________________
المصادر:
*
- تفسير ابن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن. *تحقيق أحمد شاكر
- تفسير ابن عطية،*المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. *
- تفسير ابن كثير، تحقيق:محمد حسين شمس الدين. ط،*دار الكتب العلمية
- التحرير والتنوير لابن عاشور. ط، الدار التونسية.
-*معاني القرآن وإعرابه للزجاج.تحقيق:عبد الجليل عبده شبلي. ط، دار الكتب*
- أضواء البيان للشنقيطي. ط، دار الكتب
وجميعها نسخة المكتبة الشاملة
- تفسير ابن أبي حاتم
- تفسير عبد الرزاق
- صحيح البخاري
- سنن أبي داود
- فتح القدير
- المحرر في أسباب النزول. د. خالد المزيني

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20 ربيع الأول 1438هـ/19-12-2016م, 12:59 PM
مريم أحمد أحمد حجازي مريم أحمد أحمد حجازي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 308
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى :} مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيْبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَ مَن يُؤْمِن بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شيءٍ عَلِيمٍ { ] التغابن:11[
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ................أما بعد :
بعد التأمل في آيات القرآن العظيم ، و التأمل لأحوال الأمة الإسلامية و مصابها العظيم ، و التأمل في أحوال الناس من هذه الابتلاءات على اختلاف ردود أفعالهم ومنهم الأب و الأم و الأخوة و الأهل ووو ، و ما يجب على العبد المسلم تجاه هذه الابتلاءات و المصائب التي تفطرت لها القلوب و عجزت عن وصف حالها الحروف ‘ اشتدت الحاجة أكثر من أي وقت للعودة إلى كتابنا العظيم الذي فيه المنهج القويم ،و الذي فيه الصراط المستقيم ، لتدبره والعمل به ، وسؤال الله تعالى أن يجعله نورنا في الدنيا و الآخرة ........
فوفقني الله لقوله تعالى : } ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله و من يؤمن بالله يهد قلبه إن الله بكل شيء عليم { فوقفت عندها طويلاً : * مصيبة * هي بإذن الله * من يؤمن بالله يهد قلبه .
* جاءت الآية في سياق بيان طرق النجاة من الغبن ، وسبل تحصيل الأجر و الثواب ، ومنها الصبر عند المصائب و الابتلاءات. – وما أحوجنا لذلك-
*في هذه الآية العظيمة إخبار عن أمرين يتعلق الثاني منهما على حسب حصول الأول : (من يؤمن بالله ) (يهد قلبه ) و ستتضح العلاقة خلال تفسيرنا للآيات
* قال تعالى : ( ما أصاب من مصيبة إلاّ بإذن الله )
المصيبة عند أهل اللغة : يقال مصيبة و مصابة و مصوبة
قالوا : و حقيقته الأمر المكروه يحلُّ بالإنسان . و قد اختصت المصيبة في استعمال اللغة بما يلحق الإنسان من شر و ضر ؛وإن كان أصل فعلها يقال : ما يصيب الإنسان مطلقًا ، و لكن غلب إطلاق فعل أصاب على لحاق السوء
قال القرطبي : المصيبة كل ما يؤذي المؤمن و يصيبه .
وخصت المصائب بالشر و الضرر بالذكر لأن الإنسان عندها تتضح حقيقة ما في قلبه و قوة إيمانه و صدقه ، ما لا يستطيع أن يخفيه و لا يظهره
قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان : التخصيص على المصيبة ليدل أن كل شيء ينال العبد إنما هو بإذن الله ‘ لأن الحيلة تأبى المصائب و تتوقّاها ، و مع ذلك تصيبه ،و ليس في مقدوره دفعها بخلاف الخير ، و قد يدّعي أنه قد حصله باجتهاده كما قال قارون : } إنما أُوتِيْتُهُ عَلى عِلمٍ عِنْدِي {
*فالمصائب تأتي الإنسان و لا يستطيع دفعها ، و على العبد في هذا المقام استحضار كمال حكمة الله عزّ و جلّ و أن أفعاله تصدر عن حكمة تامة ، و أن هذه المصائب التي تصيب العبد على مستواه الشخصي ، أو المصائب التي تصيب الأمة هي في منتهى الحكمة و الخير . فلنتأمل بعض الأسباب التي تؤدي لحصول المصائب من آيات القرآن :
- قال تعالى : } و مآ أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفوا عن كثير{ ]الشورى[30: يخبر تعالى في هذه الآية أن ما يصيب الناس من مصيبة في أنفسهم أو أموالهم فبما كسبت أيديهم من المعاصي .
- وقال تعالى : } أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قُل هو من عند أنفسكم إن الله على كلّ شيءٍ قدير { ]الأعراف:165[ هذه الآية في غزوة أحد عندما هزم المؤمنون و قتل منهم الكثير و حل بهم مصاب عظيم ، و ذلك لما خالفوا ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه و سلم من البقاء في أماكنهم في الغزوة .
و غيرها من الآيات الكثيرة . فنلاحظ أن من أسباب وقوع المصائب الذنوب و المعاصي ، و مخالفة أمر الله ورسوله صلى الله عليه و سلم .ثم أخبر تعالى أن ما يحصل من المصائب } إلا بإذن الله { و المراد بإذن الله هنا :قضاء الله تعالى و تقديره و مشيئته ،قال ابن عباس : أمر الله .
و قيل : علم الله ، كما قال تعالى : } مآ أصاب من مصيبة في الأرض و في أنفسكم إلا في كتابٍ من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسَوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم..{ ]الحديد:22[ فإذا علم العبد أن ما يصيبه قد كتبه الله تعالى عليه قبل أن يخلق ، و علم كمال حكمة الله و رحمته؛ علم مراد الله من قوله : }ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله { أنه تعليم له أن يصبر على ما يغلبه م المصائب ليلا تضعف عزيمته و لا يهن و لا يلهيه الحزن و الألم عن العمل و تدبير أموره كما قال :( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ) و لذلك أعقبه بقوله :
} و من يؤمن بالله يهد قلبه { أي : يهد قلبه عندما تصيبه المصيبة
ذكر ابن الجوزي ستة أقوال للسلف في ذكر متعلق الهداية :
*يهد قلبه لليقين ، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، و ما أخطأه لم يكن ليصيبه رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
*هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من قبل الله تعالى فيسلم و يرضى
قاله علقمة
*يهد قلبه للاسترجاع ، و هو أن يقول : إنا لله و إنّا إليه راجعون ؛ قاله مقاتل
*أنه إذا ابتلي صبر، و إذا أنعم عليه شكر ، و إذا ظلم غفر
قاله ابن السائب و ابن قتيبة ، وذكره الشوكاني عن الكلبي
*يهد قلبه أي يجعله مهتديًا ، أي إذا سلّم لأمر الله سكن قلبه ؛ قاله الزجاج
*يهد و ليّه بالصبر و الرضى ؛ قاله أبو بكر الوراق
*يهد قلبه لاتباع السنة إذا صحّ إيمانه ؛ قاله أبو عثمان الحيري
و جميع الأقوال يحتملها المعنى ، و قد حذف متعلق الهداية ليعم كل ما يهد الله به قلب المصاب عندما يعلم أن ما أصابه من عند الله : فيسلم و يسترجع و يصبر و يهتدي لاتباع أمر الله و سنة نبيه فلا يجزع و لا يهلع و يحافظ على أخلاق الإسلام و يتلقى مصيبته صابرًا متفكرًا في أن الحياة لا تخلو من عوارض مؤلمة فيسكن قلبه لقضاء الله تعالى فيتيقن من حكمة الله و أنه لا يقدر له إلا خيرًا فلا يصبر فقط بل يوفق لأكبر من ذلك و هو الرضى و الشكر لله تعالى .
ففيه إيماء بالأمر بالثبات و الصبر عند المصائب لأن في قوله (يهد قلبه) ترغيب بهداية الله للمؤمن فيصبر و يثبت ؛ فعلى قدر صبره و إيمانه عند وقوع المصيبة على قدر هداية الله لقلبه ، فتأمل حذف متعلق الهداية لأن الناس يختلفون عند وقوع المصاب فتختلف مراتب هدايتهم و الله أعلم
و لذلك ختم الآية بقوله :}و الله بكل شئٍ عليم { هي متعلقة بكل ما قبلها من أن المصائب من عند بإذن الله ، و من أن الله يهد قلوب المؤمنين للثبات عند حلول المصائب ، و من الأمر بالصبر و الثبات أي : الله يعلم كل ذلك ، ويعلم مراتب إيمانكم و سرائر قلوبكم .
هذا و الله أعلم و الصلاة و اللام على نبينا محمد
( أشعر بأن الرسالة تحتاج تحرير أكثر و يوجد إضافات لكن لم يسعفني الوقت و طلب منا كمبتدئين عدم الإطالة و قد أطلت ، فاعذروني هذا ما وفقني الله له ما كان من صواب فمن الله و ما كان خطأ فمن نفسي و الشيطان ، حاولت جاهد أن أكتب بتعبيري و ليعلم أني لم أفارق كلام المفسرين للفهم و محاولة الصياغة فجزاكم الله خيرا)
المراجع :
*جامع البيان في تأويل القرآن للطبري ت(310 هـ)
*المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية ت(542هـ)
*التحرير و التنوير لابن عاشور ت ( هـ13903)
*معاني القرآن و إعجازه للزجاج ت (311 هـ)
*تفسير القرآن العظيم لابن كثير ت(774 هـ)
*فتح القدير للشوكاني ت (1250هـ)
*فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق بن حسن القنوجي البخاري
*معالم التنزيل للبغوي ت ( 516هـ)
*محاسن التأويل للقاسمي ت (1332هـ)
*القيم لابن القيم
*أضواء البيان للشنقيطي
*تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامة عبد الرحمن السعدي
*التفسير الموضوعي
ملاحظة : هذا المعتمد فالأول لما نسخته من الوورد لم ينسخ جميعه فأعدت نسخه ووضعته

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 رمضان 1438هـ/11-06-2017م, 02:10 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منيرة جابر الخالدي مشاهدة المشاركة
الموضوع/ تحرير سبب نزول سورة المجادلة

المقصد/ تحرير مسألة واحدة (سبب النزول).


قال اللَّه تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)

ورد في سبب نزول صدر سورة المجادلة عدة آثار، يمكن إرجاعها لأربعة أحاديث أو أربعة أقسام، والباقي إنما هو اختلاف في الروايات:
1- أخرج الإمام أحمد والبخاري تعليقا عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُكَلِّمُهُ وَأَنَا في ناحية البيت ما أسمع ما تقوله، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها «2» إِلَى آخَرِ الْآيَةِ.
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ والحاكم وصححه وابن مردويه.

*وهناك بعض الفروق بين روايات هذا الحديث:
- الأول: اختلاف في اللفظ :
*فبعضها بلفظ: (الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات) وبعضها: *( تبارك الذي وسع سمعه كل شيء)
- الثاني:*
أن في بعضها إبهام للمجادِلة، فذكرت: المجادِلة، المرأة. وفي بعضها تصريح بالاسم وأنها خولة.

2- أخرج أبو داود *عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة قالت: ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه ويقول اتقي الله فإنه ابن عمك فما برحت حتى نزل القرآن قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى الفرض فقال يعتق رقبة قالت: لا يجد قال : فيصوم شهرين متتابعين قالت يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام قال فليطعم ستين مسكينا قالت ما عنده من شيء يتصدق به قالت فأتي ساعتئذ بعرق من تمر قلت يا رسول الله فإني أعينه بعرق آخر قال قد أحسنت اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينا وارجعي إلى ابن عمك.

*وأخرج الإمام *أَحْمَدُ *عَنْ خُوَيْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: فِيَّ وَاللَّهِ وَفِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَنْزَلَ اللَّهُ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ، قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ، فَغَضِبَ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَنْ نَفْسِي قَالَتْ: قُلْتُ كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لَا تَخْلُصُ إِلَيَّ، وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ، قالت: فواثبني، فامتنعت مِنْهُ فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابًا، ثُمَّ خَرَجْتُ حتى جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ وَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ، قَالَتْ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا خُوَيْلَةُ ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَاتَّقِي اللَّهَ فِيهِ» .
قَالَتْ: فو الله مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ، فَتَغَشَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كَانَ يَتَغَشَّاهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ لِي: «يَا خُوَيْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِي صاحبك قرآنا- ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ- إلى قوله تعالى- وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ قَالَتْ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً» قَالَتْ:
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ، قَالَ «فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» قالت: فقلت والله إنه لشيخ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ قَالَ «فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ» قَالَتْ: فَقُلْتُ والله يا رسول الله مَا ذَاكَ عِنْدَهُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ «1» مِنْ تَمْرٍ» قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وأنا سأعينه بعرق آخر قال «قد أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي بِهِ عَنْهُ ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْرًا» قَالَتْ: فَفَعَلْتُ.


*وهذا الحديث رواه أبو داوود في كتاب الظهار بسند صحيح بطريقين.
وأخرجه أحمد، وابن المنذر ، والطبراني ، وابن مردويه ، والبيهقي، والطبري من طريق يوسف بن عبد الله بن سلام.
وأخرجه عبد الرزاق وابن جرير عن أبي إسحاق.
وأخرج النحاس ، وابن مردويه ، والبيهقي، والطبري عن ابن عباس.
ورواية أبا داود لا تفصيل فيها، وإنما التفصيل في روايات أهل التفسير. وأسباب النزول يزيد بعضها على بعض. وقد استقصاها ابن جرير الطبري بأسانيده عن ابن عباس وقتادة وأبي العالية ومحمد بن كعب القرظي.

* ولم نورد جميع الروايات هنا؛ إختصارا، ويمكن الرجوع لها في مواطنها. وثمة توافق واختلاف ظهر في المقارنة بينها:

فأما التوافق:
فجميعها متفقة على أن المرأة المجادلة: خولة أو خويلة أو جملة وورد خملة، على اختلاف في نسبها وأن زوجها أوس بن الصامت.

وأما الفروق:
- فبعضها ذكرت أنها امتنعت منه واستعارت ثياب من جارتها وخرجت لتسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي بعضها طلبت منه فاستحى فأمرها هي بالذهاب، وفي بعضها أنه أمرها بالذهاب مباشرة.
- أن بعضها ذكرت أن زوجته خولة كفّرت عنه من غير أن تستأمره، بينما في روايات أنه طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعينه.
- بعض الروايات أنها جاءت واشتكت، وفي بعضها أنها عندما جاءت قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: ما أمرنا في شأنك بشيء، وهذا يوحي أن مجيئها هذا سبقه مجيء لها بهذا الشأن .
- وكذلك بالنسبة لنزول الوحي ففي بعضها ورد أنها ما برحت مكانها حتى نزل الوحي، وفي رواية قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: ما أُمِرْتُ فِي شأْنِكِ بِشَيْءٍ حتى الآنَ، وَلَكِنْ ارْجِعي إلى بَيْتِكِ، فإنْ أُومَرْ بِشَيْءٍ لا أغْمِمْهُ عَلَيْكِ إنْ شَاءَ اللهُ، فرجعت إلى بيتها.
- في روايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدع زوجها ولم يطلب منها ذلك، بينما دعاه في بعضها، وفي أخرى طلب منها أن تأتيه به.
- وفي بعض الروايات أبهمت غاسلة شعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخرى ذكرت أنها عائشة رضي الله عنها، وفي رواية أن عنده: ماشطة.
- وفي الكفارة؛ في بعض الروايات أمره بما بعده مباشرة عندما تعذرت عليه الكفارة الأولى، وفي بعضها قال: ما أنا بزائدك.
- وبالمقارنة بين القسم الأول والثاني:
أن في الأول عائشة رضي الله عنها كانت في ناحية من البيت وتسمع بعض كلامها ويخفى عليها بعضه، وفي الثاني في بعض الروايات أنها هي الغاسلة وهي التي قالت لها عندما نزل الوحي: وراءك.


3- روى ابن أبي حاتم عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : لَقِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا : خَوْلَةُ، وَهُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّاسِ ، فَاسْتَوْقَفَتْهُ ، فَوَقَفَ لَهَا ، وَدَنَا مِنْهَا وَأَصْغَى إِلَيْهَا رَأْسَهُ ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْهَا ، حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا وَانْصَرَفَتْ ، فقال لَهُ رَجُلٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : حَبَسْتَ رِجَالَ قُرَيْشٍ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ ، قَالَ : " وَيْحَكَ ، وَتَدْرِي مَنْ هَذِهِ ؟ " ، قَالَ : لَا ، قَالَ : " هَذِهِ امْرَأَةٌ سَمِعَ اللَّهُ شَكْوَاهَا مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ ، هَذِهِ خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ، وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَنْصَرِفْ عَنِّي إِلَى اللَّيْلِ مَا انْصَرَفْتُ حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتَهَا " .


4- أخرج أبو داود والترمذي وحسنه عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال ابن العلاء البياضي قال كنت امرأ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئا يتابع بي حتى أصبح فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فلم ألبث أن نزوت عليها فلما أصبحت خرجت إلى قومي فأخبرتهم الخبر وقلت امشوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لا والله فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال أنت بذاك يا سلمة قلت أنا بذاك يا رسول الله مرتين وأنا صابر لأمر الله فاحكم في ما أراك الله قال حرر رقبة قلت والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها وضربت صفحة رقبتي قال فصم شهرين متتابعين قال وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام قال فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا قلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين ما لنا طعام قال فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكينا وسقا من تمر وكل أنت وعيالك بقيتها فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند النبي صلى الله عليه وسلم السعة وحسن الرأي وقد أمرني أو أمر لي بصدقتكم. زاد ابن العلاء قال ابن إدريس بياضة بطن من بني زريق.

وأخرجه عبد الرزاق ، وأحمد ، وعبد بن حميد، *وابن ماجه ، والطبراني ، والبغوي في معجمه والحاكم وصححه.





🔲الخلاصة:
*بالنظر إلى هذه الأقسام يتضح أن:
- الثلاثة الأولى منها تدل على أن سبب النزول قصة خولة وزوجها أوس بن الصامت.
- والرابع: سلمة بن صخر.

* وبالنظر والتأمل للأحاديث الواردة في هاتين القصتين، وسياق الآيات، تبين التالي:
- في حديث خولة لم يحكم لها الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بعد نزول الوحي، مما يدل على أن الحكم لم يوجد بعد. بينما في قصة سلمة أمره بالكفارة مباشرة.
- أن المذكور في سياق الآية، أن المجادِلة امرأة. وسلمة هو الذي ذهب للرسول صلى الله عليه وسلم فسأله.
- في حديث خولة قالت: فِيَّ وَاللَّهِ وَفِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَنْزَلَ اللَّهُ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ، وفي حديث سلمة لم يُذكر أن الآية نزلت في ذلك. ونسبه ابن عطية إلى النقّاش أن الآية نزلت بسبب قصته، وقال ابن عاشور: ولا يُعرف هذا لغيره.

🔲النتيجة:
*يتبين أن سبب نزول الآيات هو: قصة خولة وزوجها أوس بن الصامت.*





__________________________________
المصادر:
*
- تفسير ابن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن. *تحقيق أحمد شاكر
- تفسير ابن عطية،*المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. *
- تفسير ابن كثير، تحقيق:محمد حسين شمس الدين. ط،*دار الكتب العلمية
- التحرير والتنوير لابن عاشور. ط، الدار التونسية.
-*معاني القرآن وإعرابه للزجاج.تحقيق:عبد الجليل عبده شبلي. ط، دار الكتب*
- أضواء البيان للشنقيطي. ط، دار الكتب
وجميعها نسخة المكتبة الشاملة
- تفسير ابن أبي حاتم
- تفسير عبد الرزاق
- صحيح البخاري
- سنن أبي داود
- فتح القدير
- المحرر في أسباب النزول. د. خالد المزيني
بارك الله فيك وشكر جهدك.
موضوع الرسالة لا إشكال فيه، ولكن ما دمت اخترت تحقيق المرويات فينبغي أن تذكري طرق الحديث ومخارجه.
هذا الحديث له نحو أربعة طرق: طريق الأعمش، وطريق محمد بن إسحاق، وطريق داوود بن أبي هند ، وطريق أبي حمزة الثمالي.
فيجب ذكر كل طريق ومن أخرجه واختلاف الروايات فيه وأقوال العلماء في التصحيح والتضعيف.
وإذا كان في البحث مشقّة لعدم الإلمام الكافي بالمطلوب فيمكنك تغيير موضوع الرسالة، وفقك الله وسدّدك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir