أما التفسير: وهو الكلام في أسباب نزول الآية وشأنها وقصتها، فلا يجوز إلا بالسماع بعد ثبوته من طريق النقل.
وأصل التفسير من التفسرة وهي: الدليل من الماء الذي ينظر فيه الطبيب فيكشف عن علة المريض، كذلك المفسر يكشف عن شأن الآية وقصتها.
واشتقاق التأويل من الأول وهو الرجوع. يقال: أولته فآل أي: صرفته فانصرف.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم الترابي أنا الحاكم أبو الفضل الحدادي أنا أبو يزيد محمد بن يحيى أنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ثنا جرير بن عبد الحميد عن المغيرة عن واصل بن حيان عن أبي هذيل عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حد مطلع)) ويروى: ((لكل حرف حد ولكل حد مطلع)) واختلفوا في تأويله، قيل: الظهر لفظ القرآن والبطن تأويله. وقيل: الظهر ما حدث عن أقوام أنهم عصوا فعوقبوا فهو في الظاهر خبر وباطنه عظة وتحذير أن يفعل أحد مثل ما فعلوا فيحل به ما حل بهم وقيل معنى الظهر والبطن: التلاوة والتفهم، يقول: لكل آية ظاهر وهو أن يقرأها كما أنزلت قال الله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا} (4- المزمل) وباطن وهو التدبر والتفكر قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته} (29- ص) ثم التلاوة تكون بالتعلم والحفظ بالدرس، والتفهم يكون بصدق النية وتعظيم الحرمة وطيب الطعمة.
وقوله: ((لكل حرف حد)) أراد له حد في التلاوة والتفسير لا يجاوز، ففي التلاوة لا يجاوز المصحف، وفي التفسير لا يجاوز المسموع، وقوله: ((لكل حد مطلع)) أي مصعد يصعد إليه من معرفة علمه ويقال: المطلع الفهم. وقد يفتح الله على المدبر والمتفكر في التأويل والمعاني ما لا يفتح على غيره، وفوق كل ذي علم عليم.