النوع الأربعون: المعرب
وهو نوع استعملته العرب في معنى وضع له في غير لغتهم، ولا خلاف في وقوع الأعلام الأعجمية في القرآن، واختلفوا هل وقع فيه غيرها؟ فالأكثر ومنهم الشافعي وابن جرير أنكروا ذلك لقوله تعالى: {قرآناً عربياً} وقوله: {لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} وأجابوا عن ما يوهم ذلك بأنه مما اتفقت فيه لغة العرب ولغة غيرهم كالصابون، وذهب جماعة إلى الوقوع.
وأجابوا عن الآية الأولى بأن ذلك لا يخرجه عن كونه عربياً لأن القصيدة لا يخرجها عن كونها عربية كلمة فيها فارسية.
وعن الثانية: بأن المعنى: أكلام أعجمي ومخاطب عربي؟
وقد ورد عن جماعة من الصحابة والتابعين تفسير ألفاظ فيه أطلقوا أنها بلسان غير العرب، فعن ابن عباس في قوله تعالى: "طه" هو كقوله: {يا محمد} بلسان الحبشة رواه الحاكم، وعنه في قوله تعالى: {إن ناشئة الليل} قال: بلسان الحبشة: إذا شاء قام، رواه الحاكم والبيهقي وهو في البخاري تعليقاً.
وعن البراء بن عازب في قوله تعالى: {سرياً} قال: (نهر صغير بالسريانية علّقه البخاري).
وعن أبي موسى الأشعري في قوله تعالى: {يؤتكم كفلين} قال: ضعفين بالحبشية، أخرجه وكيع، وقال أبو ميسرة: الأوّاه: الرحيم بالحبشية، وقال سعيد بن عياض اليماني: (المشكاة) الكوة بالحبشية، وقال مجاهد: القسطاس: العدل بالرومية، رواها كلها البخاري تعليقاً، وقد جمع الشيخ تاج الدين السبكي في ذلك سبعاً وعشرين لفظة في أبيات فاستدرك عليه شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر أربعاً وعشرين ذيّلها على أبياته ووطأتها قبل ببيت من المُعَرب:
السلسبيل وطه كورت بيع = روم وطوبى وسجيل وكافور
والزنجيل ومشكاة سرادق مع = استبرق صلوات سندس طور
كذا قراطيس ربانيهم وغساق = ثم دينار القسطاس مشهور
كذاك قسورة واليم ناشئة = ويؤت كفلين مذكور ومسطور
له مقاليد فردوس يعد كذا = فيما حكى ابن دريد منه تنور
وزدت حرم ومهل والسجل كذا = السرى والأب ثم الجبت مذكور
وقطنا وإناه ثم متكئاً = دارست يصهر منه فهو مصهور
وهيت والسكر الأواه مع حصب = وأوبي معه والطاغوت مسطور
صرهن إصري وغيض الماء مع وزر = ثم الرقيم مناص والسنا النور