باب المفعول من أجله
وهو الاسم المنصوب الذي يذكر بياناً لسبب وقوع الفعل،
نحو: (قام زيدٌ إجلالاً لعمرو) (وقصدتك ابتغاء معروفك):
باب المفعول له:
المفعول له ماذا يسمى؟
يسمى بالمفعول له، ويسمى بالمفعول لأجله، ويسمى بالمفعول من أجله،
فقال فيه المؤلف: (باب المفعول من أجله-أو المفعول له- هو الاسم المنصوب الذي يذكر بياناً لسبب وقوع الفعل):
حينما تقول مثلاً: (زرتك ابتغاء الأجر) هو الاسم المنصوب الذي يذكر بياناً لسبب وقوع الفعل، (ابتغاءَ الأجر) هنا مفعول لأجله منصوب جاء بياناً لسبب الفعل، الفعل ما هو؟
هو الزيارة (زرتك) أنا زرتك لماذا؟ طلباً للأجر، أو رغبة في الخير، أو ما إلى ذلك، أو ابتغاء معروفك، أو نحو ذلك، فإذا كان كذلك فإنه يكون مفعولاً لأجله.
ولا بد في المفعول لأجله من أمور:
أولاً: أن يكون مصدراً فالمفعول لأجله لا يمكن أن يكون غير مصدر، ولذلك لا يصح أن تنصب على المفعول لأجله الأسماء التي ليست مصادر،
كما إذا قلت مثلاً: (جئتك المال) يعني لا يصح أن تقول: (جئتك المال) على أن (المال) مفعول لأجله، أي وأنت كأنك تريد: (جئتك لأجل المال) لأن المال ليس مصدراً، (جئتك العسل) أو (جئتك السمن)، وإنما تقول: (جئتك لأجل المال) أو (جئتك للمال) أو (جئتك لأخذ العسل) أو (للعسل) أو (للسمن) أو نحو ذلك،
فلا بد فيه أن يكون مصدراً، فإن لم يكن مصدراً فإنه لا يصح أن ينصب على أنه مفعول لأجله.
[ ثانيا ً] ولا بد فيه أن يكون قلبيّاً، ما معنى قلبياً ؟
المصادر القلبية هي من الأمور التي تكون ليست من أفعال الجوارح، وإنما من المعاني، من الأمور القلبية (كالرغبة والرهبة والمحبة والرجاء والخوف) وما إلى ذلك، يعني ليست أشياء تكتسب يعني بأفعال الجوارح، بخلاف مثلاً: القراءة، الأكل، الشرب، وما إلى ذلك.
تقول: (جئتك رغبة في الخير)، هذا يصح، لكن (جئتك قراءةً للكتاب) لا يصح؛ لأنه مصدر ليس قلبيّاً، أو (جئتك أكلاً للطعام)، لا يصح أن ينصب؛ لأنه ليس قلبيّاً، وإنما تقول جئتك لقراءة الكتاب، أو لأكل الطعام، فتجره حينئذٍ باللام، فإذا لم يكن مصدراً، أو كان مصدراً لكنه ليس قلبيّاً -أي ليس من أفعال القلوب وأعمال القلوب، وإنما من أعمال الجوارح- فإنه لا ينصب على أنه مفعول لأجله.
كذلك:يشترط فيه أن يكون علة لما قبله، لا بد فيه من التعليل أن يكون علة لما قبله، وإلا فإنه لا يسمى مفعولاً لأجله، ولا يسمى مفعول له حينئذٍ، إذا نصب وهو ليس مفيداً للعلة فإنه لا يكون كذلك.
ويضيفون أيضاً بعض الشروط -وهي في الغالب المفعول لأجله لا يخرج عنها- يقولون:
- أن يتحد مع عامله في الوقت،يعني (جئتك رغبةً) المجيء والرغبة وقتهما واحد، جئتك راغباً الآن في الخير أو في الأجر، فهما متحدان في الوقت.
-ولا بد أن يتحدا في الفاعل أيضاً، تقول: (جئتك رغبةً فيك) فأنا الذي جئت وأنا الراغب، ولكن لا يصح أن تقول: (جئتك محبتك إياي) يعني: أنا الذي جئت وأنت المحب، وإنما (جئت محبة فيك) يعني أنا الذي جئت، وأنا الذي أحب، فينبغي أن يتحدا في الفاعل.
إذا اختل واحد من هذه الشروط فما الحكم؟
الحكم أنه حينئذٍ يجر بأي واحد من حروف الجر التي تتناسب مع المثال ومع السياق.
المفعول لأجله إذا تحققت فيه كل هذه الشروط فهل يجب وجوباً أن ينصب على أنه مفعول لأجله أو أن ذلك جائز؟
الواقع أن نصبه على أنه مفعول له أو مفعول لأجله ليس واجباً، وإنما إن تحققت الشروط جاز لك أن تنصبه على أنه مفعول لأجله، وإن لم تتحقق لم يجز لك ذلك.
ولكن إن تحققت فإن نصبك له أمر جائز وليس واجباً:
-فيصح أن تنصبه فتقول: (جئت رغبةً).
-ويصح أن تجره باللام حتى مع تحقق الشروط فتقول: (جئتك للرغبة في الأجر) أو (للرغبة فيك).
فالنصب مع تحقق الشروط ليس واجباً وإنما هو جائز، إلا أنه:
-تارةً يكون النصب أكثر.
-وتارةً يكون الجر أكثر إذا تحققت الشروط.
وذلك باختلاف أنواع المفعول لأجلهلأن المفعول لأجله لا يخلو:
-إما أن يكون مقترناً بـ(أل).
-وإما أن يكون مضافاً.
-وإما أن يكون مجرداً من (أل) والإضافة، هذه ثلاث صور.
ما حكمه من حيث النصب على المفعول لأجله أو الجر بمن أو باللام بالنسبة لهذه الصور؟
إذا استعرضناها واحداً واحدا وجدنا أن المقترن بـ(أل) نصبه على المفعول لأجله ليس كثيراً، وإنما الكثير أن يجر بالحرف، فـ(الرغبة) مثلاً تقول: (جئتك الرغبة في الأجر) هنا منصوب على المفعول لأجله وهو جائز، ولكن الكثير والأولى فيه إذا كان مقترناً بـ(أل) أن يجر بالحرف، فتقول: (جئتك للرغبة في كذا) ويقل نصبه على المفعول لأجله إذا كان مقترناً بأل كما في قول الشاعر:
لا أقعدُ الجبنَ عن الهيجاءِ ولـو تـوالــت زمـرُ الأعداء
(الجبنَ)ما موقعه من الإعراب؟
منصوب على أنه مفعول لأجله أو مفعول له.
هل نصبه هنا وهو مقترن بأل كثير أو قليل؟
قليل.
الأولى إذا أن يقول ماذا؟
(لا أقعد للجبن)أي من أجل الجبن لا أقعد من أجل الجبن أو بسبب الجبن عن الهيجاء، أي لا يردني الجبن والخوف عن الهيجاء ولو توالت زمر الأعداء، ولو كان الأعداء كثيرين فإن الجبن لا يمنعني، إذاً فإنني لست بجبان لأنني لا يمكن أن يقعدني الجبن، معنى ذلك أن الجبن غير موجود في، فقوله (لا أقعد الجبن) نصبه على المفعول لأجله مع اقترانه باللام وهذا قليل، والكثير فيه إذا كان مقترناً بالألف واللام أن يجر بأحد الحروف.
وإن كان مضافاً فإنه يجوز فيه الوجهان جوازاً متساوياً، يعني أنت مخير وليس أحد الوجهين أضعف من الآخر، فإذا كان المفعول لأجله مضافاً جاز لك أن تنصبه على المفعولية -على أنه مفعول لأجله- وجاز لك أن تجره بحرف الجر المناسب، وهو (من) أو اللام، كما إذا قلت مثلاً: (زرتك ابتغاء معروفك) (ابتغاء) هنا مفعول لأجله مضاف و(معروفك) مضاف إليه.
فإذا كان كذلك فما الحكم؟
لك أن تنصبه فتقول: (زرتك ابتغاء معروفك).
ولك أن تجره باللام فتقول: (زرتك لابتغاء معروفك).
فإذا كان مضافاًفإنه يتساوى فيه الوجهان، النصب على أنه مفعول له أو لأجله والجر بمن.
وإن كان مجرداً من (أل) والإضافة فإنه يكون عكس الأول، يكون عكس المقترن بـ(أل) أي أن الكثير فيه حينئذٍ النصب على أنه مفعول لأجله وجره بأحد الحروف أقل، كما إذا قلت: (جئتك رغبةً، أو جئتك أملاً، أو جئتك طمعاً، أو زرتك خوفاً من غضبك، أو زرتك أملاً في مودتك، أو زرتك طمعاً في ما عند الله، أو في دعائك) أو نحو ذلك:
فإذا كان مجرداً من (أل) والإضافة مثل: (رغبة) أو (خوفاً) أو (أملاً) أو (طمعاً) أو نحو ذلك، فإن الأكثر فيه أن ينصب على أنه مفعول لأجله ويقل جره حينئذٍ.
فالحاصل أنه:
- إما أن يكون مقترناً بأل وهذا نصبه قليل وجره كثير.
-وإما أن يكون مجرداً من (أل) والإضافة وهذا عكس الأول، أي نصبه كثير وجره قليل.
-وإما أن يكون مضافاً، وهذا يتساوى فيه الوجهان:
- النصب على المفعولية.
- أو الجر بأحد حروف الجر المناسبة.