الأسئلة والتطبيقات الافتراضية للدروس الستة الأخيرة (4)
س1: ما تقول فيمن يقول: "نحن نبتهج ونحتفل بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم تعبيراً عن حبّنا الصادق له؛ فلماذا تنكرون علينا؟"
نأخذ كلامهم نقطة نقطة:
1-فيما يخص ذكرى المولد النبوي فعليها نقاط:
-هم يقصدون الثاني عشر من ربيع الأول من كل سنة فهذا أصلا مختلف فيه غير متفق وقد قيل التاسع.
-وقيل أن هذا يوم وفاته صلى الله عليه وسلم فهل تحتفلون بوفاته فإن كان هناك شيء يفعل فهو البكاء بالمصيبة لا الابتهاج.
-ومعلوم أيضا أنه لم يفعله لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام فإما أنكم جئت بدعة ظلما أو فقتم محمدا وصحبه علما.
-ولم يفعله أئمة الدين والعلم من بعدهم فهل غفلوا عنه أنتم.
-وقد كان أول من أحدثه الفاطمية الشيعة فهم أول من أحدث المواليد.
-ولم يثبت في احتفال بميلاد صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ولا تفسير لآية يقتضي ذلك، اللهم إلا آثار لا تصح عن منامات بنوا عليها الدين أو تفاسير من عقولهم لآيات خلاف المأثور.
2-التعبير عن حب النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون بالبدع والمحادثات، فأنتم تتقربون إلى الله بهذا فهذا الحب فيكون عبادة ترجون ثوابها والنبي صلى الله عليه وسلم قال(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها، فيشترط موافقة السنة ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى: (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله).
3-نأتي الآن إلى طرق الابتهاج فإنها إن خلت من شركات فهي لا تخلو من محرمات أو ابتداع لعبادات أو اسراف وتبذير، ونذكر من ذلك.
قراءة قصيدة البصيري المملوءة بالاستغاثة واللَّوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم والغلو فيه وجعل من علمه علم اللوح والقلم. وغيره من الشركات والغلو وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله ) رواه البخاري من حديث عمر بن الخطاب، وقال: (إنه لا يستغاث بي إنما يستغاث بالله). وأنكر على الجارية التي كانت تنشد “وفينا من يعلم ما في الغد".
**يجعل بعضهم الحضرة ويسمونها النبوية لحضور النبي صلى الله عليه وسلم زعما منهم ويتركون له مكان ويصلي معهم مأموما وهم يؤمونه!!! وفيها من الشرك والأباطيل ما لا يخفى علينا نحن عوام المسلمين فما بالك بعلمائها.
بالإضافة إلى تخصيص عبادات بهذه الليلة ما أنزل الله بها من سلطان حتى منهم من يضيع الصبح من السهر.
ومنهم من يجعل المأكولات حتى ترمى ويبذرون أموالا كثيرة بالمفرقعات احتفالا زعموا ولو سألهم فقير في غير ذاك اليوم دينارا لأبوا.
ويكون في هذا اليوم من الأشياء ما لا يعلم إلا الله أكثرها لا تحصى.
4-ونُعطكم الدواء الشافي ونمتحن حبكم للنبي صلى الله عليه وسلم لنرى الصادق من الكاذب:
**من أراد الاحتفال بالمواد النبوي فعليه بذلك ولكن بالطريقة الشرعية التي ثبتت في السنة وفي اليوم المتفق عليه فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم الإثنين ولما سأل قال: (ذاك يوم ولدت فيه وبعثت فيه...) الحديث، فصيام يوم الإثنين مع احتساب الأجر وشكر الله قلبا أنه ولد فيه وبعث فيه ذاك من أحسن أنواع الاحتفال إذا أضيف لها ما سيأتي، أم أنكم ذوي بطون تحتفلون بمَلْئِها.
**والاحتفال يكون بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور وفي جميع الأوقات في اللباس وفي الهيئة وفي اللحية وفي العبادات وطوال السنة لا يوم واحد.
**ومن باب الفائدة هذه الاحتفالات الآن أصبحت من دعاوى العلمانيين يريدون أن يجعلوا لكل شيء يوما عيدا يتذكر فيه وينسى باقي الأيام وهذا حال المرأة والأم والشجرة وغيرهم، فتنبهو لهذه الدعوات رحمكم الله.
4-أما قولكم لما تنكرون علينا، فنقول لكم نحن لا ننكر بل نأخذ بأيديكم لسواء السبيل، ومن شرط فلاحةا التواصي بالحق كما في سورة العصر.
ونحن نحتفل ونكثر، نحتفل بتخصيص يوم الإثنين بالصيام ابتهاجا بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، وبعثته في هذا اليوم.
ونحتفل طوال السنة بالتسنن بسننه والصلاة عليه والتأسي به فموتوا بغيظكم إن سميتموه إنكار.
وفي هذا، أكثر من الكفاية لطالب حق ولو كان المقام يتسع لزدتكم وسردت جميع شبههم الواهية وردود أهل العلم عليها ولنقلنا كلام السلف والخلف في بطلان ذلك والله أعلم.
س2: رجل بلغه خبرٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم فاستغربه وبادر إلى إنكاره؛ فما حكمه؟
- تكذيب الخبر المنسوب الذي لم تتحقق صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم أو تأوَّله المتأوّل على غير معناه الصحيح ليس له حكم تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم.
- وذلك لأن الأخبار المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم قد تصحّ نسبتها وقد لا تصح، وإذا صحت النسبة فقد يصح تفسير المعنى على ما فهمه المتلقي وقد يفهم منه فهماً خاطئاً مخالفاً لنص صحيح صريح فيكذب الخبر بناء على ما صح عنده من مخالفته للنص المحكم الصحيح؛ فهذا ليس بتكذيب للنبي صلى الله عليه وسلم في حقيقة الأمر.
- ولذلك قد يكون لبعض الناس عذر في تكذيب بعض ما يبلغهم من الأخبار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم يمنع من تكفيرهم؛ إما بسبب جهلهم بصحة نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم، وإما بسبب عدم فهمهم لمعناه على الوجه الصحيح وإما لشبهة أخرى عرضت لهم، وغالب ما يمنع تكفير أصحاب البدع هو هذه الشُّبَه المانعة من التكفير.
- أما من أقرَّ بصحة نسبة الخبر الصحيح للنبي صلى الله عليه وسلم، وأقر بمعرفته لمعناه الصحيح ثم كذَّبه بعد ذلك فلا شك في كفره
وعلى ما سبق فنرى سبب استغرابه، ولماذا أنكره، ونبني الحكم.
ولا ننسى أن هذا تطبيق افتراضي لا يمكن لنا تطبيقه مباشرة على الأعيان فاكتفاء الشروط وانتفاء الموانع وإقامة الحجة ونزع الشبهة تكون من ذوي العلم اللهم إلا من كذب مطلقا أو بان كفره للعيان.
ونتمنى من الشيخ -بارك الله في علمه- أن يوضح لنا هذه النقطة أكثر.
س3: مسلم يعيش في بلد إسلاميّ يحكمه حاكم جائر يضيّق على أهل السنّة ويؤذيهم بالحبس والتنكيل؛ أفيجب عليه أن يهاجر من بلده أم يؤمر بالصبر على ما يلقى؟ وإذا كان يمكنه إقامة شعائر دينه في بلدة من بلاد الكفر بأمان؛ فهل يجوز له أن ينتقل من بلد إسلامي إلى بلدة كفر؟
من كان يجد في بعض بلاد المسلمين من الظلم والتضييق ما يمنعه من إقامة دينه فإنه ينتقل إلى الإقامة في البلاد التي يأمن فيها على دينه ونفسه وأهله، ولو كانت من بلاد الكفار حتى يجعل الله له فرجاً ومخرجاً.
ولكن الآن والحمد لله كثير من البلدان الإسلامية لا تضيق وترحب بالمسلمين المضيق عليهم فأول الهجرة للبلدان الإسلامية سدا الذريعة، والسعودية والحمد لله فاتحة ذراعيها لكل المسلمين المضيق عليهم، اللهم إلا إذا لم يستطع بالمال أو الجسد.
س4: ما تقول فيمن ينادون بتطبيق الأحكام المكية خاصة في زمن ضعف المسلمين؛ وإرجاء أحكام العهد المدني إلى أن تستعيد الأمّة قوّتها وتتحرر من تسلّط أعدائها؟
هذا خطأ لأمور:
-المسلمون ليسوا في ضعف كضعف المرحلة المكية.
-نحن في قوة أكثر من قوة بعض المراحل العهد المدني التي منها أوله.
-تلك الأحكام كانت بأمر الشارع فأين نحن منها.
-العمل بأحكام العهد المكي يزيد من إضعاف المسلمين، ولا يحررهم من تسلط الأعداء، بل يحررهم الرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه على فهم السلف الصالح.
-خلاف ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خلفهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك).
-وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن المدينة ومكة تبقى آمنة حتى الدال لا يدخلها.
-وقد دعى إبراهيم عليه السلام بالأمن للبلد الحرام ودعوى الأنبياء مستجابة.
-وقد مر المسلمون بمراحل أشد مما نمر به اليوم ولم يقل أحد من أهل العلم المعتمدين فيما نعلم بهذه المقولة.
- وهذه المقولة يقول بها بعض أصحاب الجماعات المنحرفة على الجادة، ليبرروا عملهم السري العسكري والسياسي، بغرض الوصول للحكم أو السلطة، بأحد هذه الوسائل، ويسمونه التحرر من الأعداء، والقوة، ويرون أن بلاد المسلمين بلاد كفر، وحكامها أعداء.
-فالحمد لله نحن اليوم في عز وأمن نحسد عليه، ويشهد له هذا المقام، ولا يلتفت إلى مثل هذه الدعوات الباطلة، فقد بان عورهم لكل الناس.
-يرجع في هذه المسائل إلى العلماء الربانيين وكبار العلماء ذوي العلم والحلم، والحمد لله كلهم لم يقولوا بهذا القول، حتى أن بعضهم قال أن بلاد الحرمين في أمن من الخوارج أكثر وأفضل مما كان عليه الحال بعد انتهاء الخلافة الراشدة، والحمد لله.
أما ضعف المسلمين فهو لتركهم الجهاد في سبيل الله وعدم تعاونهم مع حكمهم وابتعاده عن دينهم الصافي واتباعه أذنا البقر، فلا عدوا كسروا ولا بقرا أكثروا.
**أما من تسلط عليهم الأعداء في بلدان ضعيفة كروهجينا وبورما فيتكاثفون لإقامة شعائرهم ومن استطاع الهجرة فليهاجر.
والله أعلم.
س5: مسلم مقيم في بلد من بلاد الكفر؛ اعتدى عليه رجلٌ من أهل تلك البلاد؛ فهل يجوز له أن يحاكمه إلى محاكم تلك البلاد ليطالبه بحقّه؟
الأصل عدم جواز التحاكم إلى تلك المحاكم التي تحكم بغير ما أنزل الله.
فيرجع الأمر إلى نوع الاعتداء.
فإن كان اعتداءا متكررا، لا يمنع إلا بالمحاكمة فله ذلك.
أما المطالبة بالحق فلا يجوز.
وإن كان يمنعه من إقامة شعائر دينه فهو آكد للمصلحة، إن علم أن المحكمة تعطيه حق فإن شك حرم عليه، وهاجر .
أما الأمور الدنيوية، التي لا ينبني عليها ضرر ديني أو كبير فلتترك المحاكمة إلا إذا كان الضرر كبيرا، فيقدرها له عالم أو طالب علم متمكن.
مع اعتقاده بطلان الحاكم إلى غير شرع الله عز وجل.
اللهم جنبنا مثل تلك المحاكم ما حيينا.
والله أعلم.