المقصد الكلي للباب
بيان لكيفية جمع القرآن والفرق بين جمع أبو بكر وعثمان
●المقاصد الفرعية للباب
أ: بيان كيفية جمع أبو بكر رضى الله عنه للقرآن
سبب جمع أبو بكر للقرآن
المكلف بجمع القرآن من أبو بكر
كيفية جمع أبو بكر للقرآن
آخر ما دون في مصحف أبو بكر
وقع فعل أبو بكر على الصحابة رضى الله عنهم
ب : بيان كيفية جمع عثمان رضى الله عنه للقرآن
سبب جمع عثمان بن عفان للقرآن
المكلفين بجمع القرآن من عثمان بن عفان
كيفية جمع عثمان للقرآن
آخر ما دون في مصحف عثمان
وقع فعل عثمان على الصحابة رضى الله عنهم
ج- الفرق بين جمع أبو بكر وجمع عثمان رضى الله عنهم
تلخيص المقاصد الفرعية للباب
أ: بيان كيفية جمع أبو بكر رضى الله عنه للقرآن
سبب جمع أبو بكر للقرآن
مقتل عدد كبير من القراء يوم اليمامة فخشى عمر بن الخطاب من ضياع القرآن فأشار على أبو بكر بجمعه في الصحف حفظًا له .
- قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة،فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر: ((إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أنيستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رآه عمر)).
المكلف بجمع القرآن من أبو بكر
زيد بن ثابت رضى الله عنه
- قال زيد: قال أبو بكر: (( إنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله -صلى اللهعليه وسلم-، فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ماكان أثقل علي مما أمراني به من جمع القرآن.
كيفية جمع أبو بكر للقرآن
1- أمر أبو بكر زيد بن ثابت بتتبع القرآن وتدوينه في صحف .
2- فتتبع زيد القرآن فجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال فدونه في صحف
3- بقيت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر . رواه زيد
وقيل في كتاب أبي بكر عبد الله بن أبي داود عن هشام بن عروة عن أبيه : أن أبو بكر أمر عمر بنالخطاب وزيد بن ثابت أن اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله تعالى فاكتباه
والمعنى : من جاءكم بشاهدين على شيء من كتابالله الذي كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فقد كان زيد جامعا للقرآن ، ويجوز أن يكون معناه: من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله تعالى، أي من الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن، ولم يزد على شيء مما لم يقرأ أصلا، ولم يعلم بوجه آخر.قاله أبو الحسن في كتابه "جمال القراء
آخر ما دون في مصحف أبو بكر
- قال زيد ( وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره{لقد جاءكم رسول من أنفسكم}، حتى خاتمة "براءة
- وفي كتاب ابن أبي داود عن أبي العالية: أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون، ويملي عليهم أبي بن كعب، فلما انتهوا إلى هذه الآية من "سورة براءة": {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون}، فظنوا أنها آخر ما نزل من القرآن. فقال أبي: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقرأني بعدهن آيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه}إلى{وهو رب العرش العظيم}. فهذا آخر ما نزل من القرآن، فختم الأمر بما فتح به، يعني بكلمة التوحيد.
وقع فعل أبو بكر على الصحابة رضى الله عنهم
- قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا وكيع عن سفيان قال: قال علي: ((يرحم الله أبا بكر، هو أول من جمع ما بين اللوحين)).وفي رواية عنه: ((أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر)).
ب : بيان كيفية جمع عثمان رضى الله عنه للقرآن
سبب جمع عثمان بن عفان للقرآن
اختلاف الناس في القرآن على عهد عثمان حال غزو أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق ، فجعل الرجل يقول للرجل: قراءتي خير من قراءتك فأفزع ذلك حذيفة بن اليمان فأشار على عثمان بجمع القرآن
- فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. رواه أنس بن مالك
المكلفين بجمع القرآن من عثمان بن عفان
هناك أقوال في ذلك
الأول : رواية أنس بن مالك أن عثمان كلف زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيدبن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام بنسخ الصحف .
الثاني : أن أبي كان يملي القرآن وزيد بن ثابت وسعيد بن العاص ينسخان.
روى يحيى بن عبد الله عن موسى بن جبير أن عثمان بن عفان دعا أبي بن كعب وزيد بن ثابت وسعيد بن العاص فقال لأبي:إنك كنت أعلم الناس بما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، كنت تقرئ فيزمانه، وكان عمر بن الخطاب يأمر الناس بك، فأمل على هؤلاء القرآن فيالمصاحف، فإني أرى الناس قد اختلفوا
الثالث : أن سعيد بن العاص كان يملى القرآن وزيد يكتب
روى القاضى أن عثمان قال: من أكتب الناس؟ قالوا: كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت، قال:فأي الناس أعرب؟ قالوا: سعيد بن العاص، قال عثمان:فليمل سعيد وليكتب زيد
ولا خلاف في ذلك ولايمتنع أن يمله سعيد ويمله أيضا أبي وذلك من عدة وجوه
- ضبط أبي وحفظه لوجوه القراءات المنزلة التى يجب إثباتها جميعًا
- فصاحة سعيد بن العاص وعلمه بوجوه الإعراب وقد قيل: إن سعيدا كان أفصح الناس وأشبههم لهجة برسول الله صلى اللهعليه وسلم
- فلا يمتنع أن ينصب لإملائه قوم فصحاء، حفاظ يتظاهرون على ذلك، ويذكر بعضهم بعضا، ويستدرك بعضهم ما لعله يسهو عنه غيره. وهذا من أحوط الأمور وأحزمها في هذا الباب. قاله القاضى
كيفية جمع عثمان للقرآن
1- أرسل عثمان إلى حفصةأن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك
2- أمر بنسخ الصحف في مصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا .
3- رد عثمان الصحف إلى حفصة بعد ما نسخوها.
4- أرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا
5- أمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. رواه أنس بن مالك
- قال أبو حاتم السجستاني: لما كتب عثمان رضي الله عنه المصاحف حين جمع القرآن كتب سبعة مصاحف، فبعث واحدا إلى مكة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وآخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحدا.
- قال أبو عمرو الداني في كتاب "المقنع": أكثر العلماء على أن عثمان رحمه الله لما كتب المصحف جعله على أربع نسخ: فوجه إلى الكوفة إحداهن، وإلى البصرة أخرى، وإلى الشام الثالثة، واحتبس عند نفسه واحدة.
في "السنن الكبير" عن علقمة بن مرثد عن سويد بن غفلة عن علي -رضي الله عنه- قال: ((اختلف الناس في القرآن على عهد عثمان فجعل الرجل يقول للرجل: قراءتي خيرمن قراءتك، فبلغ ذلك عثمان فجمعنا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن الناس قد اختلفوا اليوم في القراءة وأنتم بين ظهرانيهم، فقد رأيتأن أجمع على قراءة واحدة، قال: فأجمع رأينا مع رأيه على ذلك))
آخر ما دون في مصحف عثمان
قال ابن شهاب: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت قال: سمعت زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخت الصحف، قد كنت أسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}، فألحقتها في سورتها في المصحف.
فائدة :
قال أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي وخزيمة هذا غير أبي خزيمة الذي وجد معه الآيتين آخر "سورة براءة"، ذاك أبو خزيمة بن أوس بن زيد من بني النجار، شهد بدرا وما بعدها، وتوفي في خلافة عثمان،وهذا خزيمة بن ثابت بن الفاكه من الأوس، شهد أحدا وما بعدها، وقتل يوم صفين، وقيل غير ذلك.
- معنى قوله: "فقدت آية كذا فوجدتها مع فلان..." أنه كان يتطلب نسخ القرآن من غير ما كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يجد كتابة تلك الآية مع ذلك الشخص، وإلا فالآية كانت محفوظة عنده وعندغيره، وهذا المعنى أولى مما ذكره مكي وغيره: أنهم كانوا يحفظون الآية،لكنهم أنسوها فوجدوها في حفظ ذلك الرجل فتذاكروها وأثبتوها لسماعهم إياها من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقع فعل عثمان على الصحابة والتابعين رضى الله عنهم
- عن مصعب بن سعد قال: أدركت الناس حين شقق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك أو قال: لم يعب ذلك أحد.
- قال علي: ((لو وليت مثل الذي ولي، لصنعت مثل الذي صنع)). وفي رواية: ((يرحم الله عثمان، لو كنت أنا لصنعت في المصاحف ما صنع عثمان)). أخرجه البيهقي في "المدخل
- قال حماد بن سلمة: كان عثمان في المصحف كأبي بكر في الردة.
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: كان لعثمان شيئان ليس لأبي بكر ولا عمر مثلهما: صبره نفسه حتى قتل مظلوما، وجمعه الناس على المصحف.
- قال أبو مجلز لاحق بن حميد رحمه الله -وهو من جلة تابعي البصرة-: يرحم الله عثمان، لو لم يجمع الناس على قراءة واحدة لقرأ الناس القرآن بالشعر.
ج- الفرق بين جمع أبو بكر وجمع عثمان رضى الله عنهم
أجمع أقوال الأئمة أن تأليف القرآن على ما هو عليه الآن كان في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- بإذنه وأمره وإنما كان جمعه لأسباب :
- أن أبوبكر قصد جمعه في مكان واحد، ذخرا للإسلام يرجع إليه إن اصطلم، والعياذبالله، قراؤه، وعثمان قصد أن يقتصر الناس على تلاوته على اللفظ الذي كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتعدوه إلى غيره من القراءات التي كانت مباحة لهم، المنافية لخط المصحف من الزيادة والنقصان وإبدال الألفاظ.