دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 ربيع الأول 1430هـ/28-02-2009م, 08:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)

منزلة توحيد الألوهية عند المتكلمين

قال المصنف رحمه الله: [نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله، ولا شيء يعجزه، ولا إله غيره] . قوله: (إن الله واحد لا شريك له) ابتدأ الطحاوي رسالته بذكر مسألة التوحيد، ولكنه ذكرها مجملة، والجمل التي بعد الجملة الأولى تتعلق بتوحيد الربوبية، وأما توحيد الألوهية فإنه ذكره مجملاً. وهذا يرتبط بمسألة: وهي أن كثيراً من المتأخرين -ولا سيما المتكلمين ومن تأثر بهم- إذا قرروا مسألة الاعتقاد وأصول الدين فإنهم يبتدئون بذكر توحيد الربوبية؛ لأنهم يعتبرون أن القول في الصفات يكون فرعاً عن هذا التقرير، وهذا الاعتبار من حيث الأصل لا إشكال فيه، لكن الغلط الذي وقع فيه المتكلمون هو من جهة أنهم لم يحققوا توحيد الربوبية إثباتاً إلا بنوع من الأدلة التي تستلزم تعطيل الصفات -كما هو مذهب المعتزلة- أو ما هو منها. وعليه: فإن نفي الصفات عند المعتزلة، أو نفي بعض الصفات -كما هو مذهب الأشاعرة والماتريدية- جاء نتيجة لتقرير مسألة الربوبية بأدلة تستلزم إما تعطيل الصفات، كما هو مذهب المعتزلة، أو تعطيل بعضها وهي الصفات الفعلية، كما هو عند الأشاعرة والماتريدية. مع أن مسألة توحيد الربوبية تعتبر أصلاً مقرراً في الأدلة الشرعية التي هي أدلة فطرية، وأدلة عقلية، وهناك مقاصد من الشريعة تدل على توحيد الربوبية الذي لم يكن محل خلاف بين المسلمين، ولا بين جمهور الأمم؛ فإن جمهور بني آدم يقرون بأصل الربوبية. وإنما الأصل الذي بُعِثَ الرسل عليهم الصلاة والسلام بتقريره وتفصيله، وكان الغلط فيه شائعاً في بني آدم، هو توحيد الألوهية، لكننا لا نجد هذا التوحيد مذكوراً في كتب المتكلمين كثيراً، ليس لأن المتكلمين يرون جواز الشرك في الألوهية، وإنما لأنهم يعتبرون أن مسائل الصفات وما يتعلق بها من المسائل يرتبط تقريره بمسألة الربوبية، فلابد من تقرير توحيد الربوبية، ثم بعد ذلك تقرير مسائل الصفات والأفعال وغير ذلك. وأما توحيد الألوهية فيرون أنه مسألة منفكة، وليس لها اتصال بهذا التقرير الذي اعتبروه، وهذا من أوجه غلطهم في هذا التوحيد. ......

السبب في إفراد توحيد الأسماء والصفات
وقول الطحاوي رحمه الله: (إن الله واحد لا شريك الله)، هذا من أثر السنة على الطحاوي رحمه الله، فإنه ذكر توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية. وقد كان الشائع في كلام المتقدمين من أهل العلم أن التوحيد على النوعين: توحيد علمي وتوحيد إرادي، أو: توحيد المعرفة وتوحيد الطلب والقصد، ويذكرون أن توحيد المعرفة أو التوحيد العلمي هو توحيد الربوبية، ويدخل في توحيد الربوبية مسألة الأسماء والصفات، ويكون التوحيد الطلبي أو الإرادي هو توحيد العبادة، الذي هو: إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة الظاهرة والباطنة. ولكن لما حصل التعطيل في الأسماء والصفات المخالف للتوحيد فيها؛ صار طائفةٌ من أهل السنة والجماعة يخصون الأسماء والصفات باسم مختص، فصاروا يقولون: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد الألوهية، وهذه التقاسيم من باب الاختلاف اللفظي الذي ليس تحته اختلاف تضاد. ......
تفسير: (واحد لا شريك له) عند السلف وعند المتكلمين
وقوله: (إن الله واحد لا شريك له)، أي: إن الله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته.. هذا هو تفسير هذه الجملة على معتقد أهل السنة، وهذه الجملة شائعة في كلام المتكلمين، ولكنهم يقولون: إن الله وحده لا شريك له في ذاته، ولا في أفعاله، ولا في صفاته، وذلك حسب تفسيرهم للصفات والأفعال. ويكون الغلط على هذا التقرير من جهتين:
الجهة الأولى: أنهم لم يذكروا توحيد الألوهية، بل قالوا: واحد في ذاته، وواحد في صفاته، وواحد في أفعاله، وهذه كلها تدخل تحت توحيد الربوبية والأسماء والصفات.
الجهة الثانية: أنهم حين يقولون: واحد في أفعاله، وواحد في صفاته، يقصدون مذهبهم المقرر في الصفات والأفعال المخالف للسلف. ......

التفصيل في الإثبات والإجمال في النفي
وقوله: (ولا شيء مثله). هذا معتبر بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11]، وهذا من النفي المجمل في القرآن، والله سبحانه وتعالى لما ذكر ما يتعلق بأسمائه وصفاته ذكرها مفصلةً مثبتة، وذكر النفي مجملاً إلا في مواضع، كقوله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:255] ، وكقوله: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:49]. ومن قواعد أهل السنة والجماعة في الصفات: أنهم يقولون: إن الله موصوف بالإثبات والنفي؛ والإثبات يقع مفصلاً ويقع مجملاً، ولكن الأصل فيه في القرآن هو التفصيل. والنفي يقع مفصلاً ومجملاً، ولكن الأصل فيه الإجمال.
أما الإثبات المفصل: فهو ما ذكر في القرآن من ذكر أسماء الله سبحانه وتعالى؛ كقوله تعالى: {هُوَ الله الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ}[الحشر:23] .. الآيات، وكذلك ما ذكر من الصفات، كقوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] ، {رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة:119] .. إلى غير ذلك. ويقع الإثبات مجملاً، وهو في الأسماء في مثل قوله تعالى: {وَلله الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] ، وفي الصفات في مثل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} [النحل:60] ، وعند هذه الآية قرر أهل السنة والجماعة -ولا سيما من تأخر كـشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - أن كل كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وهو الكمال المطلق؛ فإن الخالق أولى به. وإنما تكلم المتأخرون بهذا التفصيل -كـشيخ الإسلام - مع أنك إذا تتبعت هذه الأحرف قد لا تجدها في كلام السلف، لأن مصطلح القياس من حيث اللغة العربية يقتضي نوعاً من التشابه أو التماثل، وإلحاق شيء بشيء، فلم يكن معتبراً في مسائل الصفات، ولكن لما تكلم أهل الاصطلاح بمصطلح القياس على معنى قياس الشمول، وقياس التمثيل، وقياس الأولى، إلى غير ذلك؛ صار كثير من أهل الكلام يعتبرون مذهبهم بنوع هو عند التحقيق من قياس الشمول أو قياس التمثيل، مع أنهم لا يسلمون بذلك، لكن هذا هو حقيقة المذهب، فلما وردت مسائل في القياس، وهل يستعمل القياس في حق الله وصفاته؛ قال من قال من المتأخرين من أهل السنة والجماعة: إنه يستعمل في حقه سبحانه وتعالى قياس الأولى، وهو أن كل كمال مطلق لا نقص فيه بوجه من الوجوه، فإن الخالق أولى به. ومأخذهم في هذا القياس هو قوله تعالى: {ولله الْمَثَلُ الأَعْلَى} [النحل:60] ، مع أن تسميته (مثلاً) أصح، وينبغي ألاَّ يسمى قياساً إلا إذا قُصد بذلك البيان للمخاطب، أو إذا قيل: أيصح استعمال قياس الأولى في حق الله سبحانه؟ فيقال: نعم، ولكن يسمى (مثلاً أعلى) ولا يسمى قياساً اقتداءً بحرف القرآن؛ ولأن القياس لفظ حصل فيه اشتراك وإجمال، وجميع صور القياس لا تليق بالله سبحانه وتعالى، وإنما يستخدم في حقه قياس الأولى.
ولهذا قال ابن تيمية رحمه الله في الرسالة التدمرية: (ويتحقق هذا بأصلين شريفين ومثلين مضروبين)، ثم ذكر الروح ونعيم الجنة، فالمثلان المضروبان هنا هما من باب قياس الأولى، لكن سماهما (مثلاً) اقتداءً بحرف القرآن. وأما النفي المجمل في القرآن فهو المذكور في مثل قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] ، وأما النفي المفصل فهو المذكور في مثل قوله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:255] ، {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:49] .. إلى غير ذلك. والنفي المجمل هو الأصل، وأما النفي المفصل فهو فرع عن الإثبات، بمعنى: أنه ليس في القرآن نفي مفصل يراد به النفي المحض، أي: النفي الذي لا يتضمن أمراً ثبوتياً، ومن هنا قيل: إن النفي المفصل في القرآن فرع عن الإثبات، فمثلاً: قوله تعالى: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:49] أي: لكمال عدله، فتضمن النفي إثبات العدل، وهكذات.. وعليه: فكل نفي مفصل في القرآن فلابد من أن يتضمن أمراً ثبوتياً. ......

السبب في عدم تفصيل النفي في القرآن
فإن قيل: فلِمَ لَمْ يفصل النفي في القرآن؟ أي: لِم لم تنف صفات النقص بالتفصيل كالجهل والعجز وغير ذلك؟ فيقال: لأن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه الإثبات مفصلاً، ومعلوم أن المتقابلين تقابل التضاد أو التناقض يمتنع عند ثبوت أحدهما ثبوت الآخر، بمعنى: أن الله لما وصف نفسه بأنه سميع وبصير، وأنه موصوف بالكلام والقدرة: إلى غير ذلك؛ عُلم بضرورة العقل أنه منزه عن ضد ذلك؛ لأن الجمع بين الضدين ممتنع. وعليه: فإن كل نقص يُعلم أنه منفي بضرورة العقل وضرورة الشرع. أما ضرورة العقل: فلأن الله سبحانه وتعالى مستحق للكمال منزه عن النقص، وهذا معروف بدلائل عقلية. وأما ضرورة الشرع: فلأن الله ذكر في كتابه الإثبات مفصلاً، فكل ما ضاد هذا الإثبات يُعلم بضرورة الشرع أنه منفي.

طريقة المتكلمين في النفي والإثبات
وطريقة المتكلمين هي التفصيل في النفي والإجمال في الإثبات، وهي طريقة مخالفة للقرآن وللعقل؛ أما مخالفتها للعقل: فلأن النفي الذي يستعملونه هو النفي المحض، الذي لا يدل على الكمال، ولا يتضمن أمراً ثبوتياً، فهو نوع من التعطيل؛ ولهذا فإن من فقه السلف رحمهم الله أنهم سموا أصحاب هذا المذهب بالمعطلة؛ لأن من استعمل النفي المحض فإنه ينتهي إلى التعطيل؛ لأن الأشياء المعدومة والممتنعة تشترك في هذا النفي، ومن أخص القواعد الشرعية والعقلية: أن كل موجود لابد أن يكون له صفات تليق به، والله سبحانه وتعالى هو الخالق البارئ، الذي خلق الخلق وأبدع الكائنات، فلابد أن يكون له من الصفات ما يحصل بها هذا الكمال.

نفي التمثيل عن الله تعالى من جميع الوجوه
وقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] أي: ليس كمثله شيء قائم في الوجود، وليس كمثله شيء متصور الوجود، فإن الله سبحانه لا يحاط به علماً؛ وعليه: فإن كل مُتَخيَل يتخيله الذهن أو العقل، وكل موجود علم وجوده أو لم يعلم وجوده، أي: اطلع المكلفون على ماهية وجوده أو لم يطلعوا؛ فإن الله سبحانه وتعالى منزه عن مماثلته. ولذلك فإن عقيدة أهل السنة والجماعة، وهو معتقد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أن الله سبحانه وتعالى يُعلم بما أخبر في الكتب المنزلة على أنبيائه ورسله، ويُعلم بما فطر الخلق عليه من صفاته وأفعاله، ولكن لا يحاط به علماً، وهذا هو المذكور في قوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ} [البقرة:255] ، فإذا كان هذا في صفة من صفاته ففيما يتعلق بتمام ذاته من باب أولى.

الله سبحانه وتعالى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، الذي لا يعجزه شيء، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.

عموم قدرة الله تعالى.
قال المصنف رحمه الله: [ولا شيء يعجزه؛ ولا إله معه]. قوله رحمه الله: (ولا شيء يعجزه). هذه الجملة من الجمل المجمع عليها بين المسلمين، وذلك أن الله سبحانه وتعالى لا شيء يعجزه. ومن الملاحظ أن الجمل التي يذكرها الطحاوي رحمه الله تارةً تكون جملاً يحصل بها تخصيص لمعتقد أهل السنة والجماعة عن معتقد مخالفيهم من المتكلمين أو غيرهم من الطوائف، وتارةً يذكر جملاً لا يحصل بها التخصيص؛ حيث تكون الجملة من معاقد الاتفاق بين سائر طوائف المسلمين، فقوله: (ولا شيء يعجزه) هذه جملة مجمع عليها، فليس هناك طائفة من الطوائف تخالف هذه الجملة. ......

معنى شهادة أن لا إله إلا الله
وقوله: (ولا إله غيره). أي: لا معبود غيره، وتفسير توحيد الألوهية هو: أنه لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله. ......
حكم إطلاق لفظ (القديم) على الله تعالى.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
هو, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:41 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir