المرحلة الأولى
تصنيف أقوال العلماء في تفسير قول الله تعالى:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)}
سبب نزول الآية
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت مالكا يحدث: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم أمر بالتحويل إلى الكعبة، فتحول إلى الكعبة في صلاة الصبح؛ فذهب ذاهبٌ إلى قباء، فوجدهم في صلاة الصبح، فقال لهم: إن النبي عليه السلام قد أنزل عليه القرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستداروا وهم في الصلاة طائعا لله وإتباعا لأمره، قال: ونزل القرآن:{سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب}»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 138-139]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قالا جميعًا: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، قال: أخبرني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، شكّ محمّدٌ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «لمّا صرفت القبلة عن الشّام إلى الكعبة، وصرفت في رجبٍ على رأس سبعة عشر شهرًا من مقدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رفاعة بن قيسٍ، وقردم بن عمرٍو، وكعب بن الأشرف، ونافع بن أبي نافعٍ هكذا قال ابن حميدٍ، وقال أبو كريبٍ، ورافع بن أبي رافعٍ، والحجّاج بن عمرٍو حليف كعب بن الأشرف، والرّبيع بن الرّبيع بن أبي الحقيق، وكنانة بن الرّبيع بن أبي الحقيق، فقالوا: يا محمّد ما ولاّك عن قبلتك الّتي كنت عليها وأنت تزعم أنّك على ملّة إبراهيم ودينه؟ ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك وإنّما يريدون فتنته عن دينه. فأنزل اللّه فيهم:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}إلى قوله:{إلاّ لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه}».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة بن الفضل، قال قال محمّد بن إسحاق حدّثني محمّدٌ مولى آل زيدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ يهود قالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد، ما ولاك عن قبلتك الّتي كنت عليها وأنت تزعم أنّك على ملّة إبراهيم ودينه، ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك، وإنّما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل اللّه:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}».
وروي عن سعيد بن جبيرٍ، وقتادة، والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ، نحو ذلك حدّثنا أبو زرعة، ثنا الحسن بن عطيّة، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ عن سعيد بن جبيرٍ، وقتادة، والسّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا أبو زرعة، ثنا الحسن بن عطيّة، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة، فأنزل اللّه تعالى:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} قال: فوجّه نحو الكعبة، وقال السّفهاء من النّاس- وهم اليهود- ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا هاجر إلى المدينة أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحبّ قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه:{ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}فأنزل اللّه عزّ وجلّ فولّوا وجوهكم شطره يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}»..).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ( ونص ابن عباس وغيره أن الآية نزلت بعد قولهم.). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال محمّد بن إسحاق: حدّثني إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي نحو بيت المقدس، ويكثر النّظر إلى السّماء ينتظر أمر اللّه, فأنزل اللّه:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}فقال رجالٌ من المسلمين: وددنا لو علمنا علم من مات منّا قبل أن نصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس؟ فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}وقال السّفهاء من النّاس -وهم أهل الكتاب-: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{سيقول السّفهاء من النّاس}إلى آخر الآية».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا الحسن بن عطيّة، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة, فأنزل اللّه: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}»، قال: «فوجّه نحو الكعبة. وقال السّفهاء من النّاس -وهم اليهود-: {ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}، فأنزل اللّه: {قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}»
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لمّا هاجر إلى المدينة، أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{فولّوا وجوهكم شطره}أي: نحوه. فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( فلمّا كثرت أقاويل هؤلاء السّفهاء أنزلت هذه الآيات من قوله تعالى: {ما ننسخ من آية} إلى قوله تعالى: {فلا تخشوهم واخشوني} الآية. ).[فتح الباري: 8/ 171]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن البراء قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة الآية 144] فقال رجال من المسلمين: وددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس فأنزل الله:{وما كان الله ليضيع إيمانكم}وقال السفهاء من الناس وهم من أهل الكتاب: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله{سيقول السفهاء من الناس} إلى آخر الآية». ).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن البراء قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يجب أن يصلي نحو الكعبة فكان يرفع رأسه إلى السماء فأنزل الله{قد نرى تقلب وجهك} الآية، فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عباس قال: «أول ما نسخ في القرآن القبلة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك}إلى قوله:{فولوا وجوهكم شطره}يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب}وقال:{أينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة الآية 115]». ).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: «صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن نافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له: يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل الله:{سيقول السفهاء من الناس}إلى قوله:{إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}أي ابتلاء واختبارا{وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله}أي ثبت الله{وما كان الله ليضيع إيمانكم} يقول: صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}إلى قوله:{فلا تكونن من الممترين}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: «صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول: قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة: فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا: إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات».
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: «لما وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها، وقال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا، وقال اليهود: إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن نكون يكون هو صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة: تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله في المنافقين {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إلا على الذين هدى الله} وأنزل في الآخرين الآيات بعدها».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} و{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقال اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله «كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص صلت الأنصار حولين قبل قدوم النبي، وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام فقال في ذلك قائلون من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده قال الله عز وجل: {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وقال أناس من أناس: لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى فأنزل الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} وقد يبتلي الله عباده بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وكل ذلك مقبول في درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله». .). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
المسائل التفسيرية
1: معنى الآية إجمالًا
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( وحاصل الأمر أنّه قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر باستقبال الصّخرة من بيت المقدس، فكان بمكّة يصلّي بين الرّكنين، فتكون بين يديه الكعبة وهو مستقبلٌ صخرة بيت المقدس، فلمّا هاجر إلى المدينة تعذّر الجمع بينهما، فأمره اللّه بالتّوجّه إلى بيت المقدس ، قاله ابن عبّاسٍ والجمهور، ... فاستمرّ الأمر على ذلك بضعة عشر شهرًا، وكان يكثر الدعاء والابتهال أن يوجّه إلى الكعبة، التي هي قبلة إبراهيم، عليه السّلام، فأجيب إلى ذلك، وأمر بالتوجّه إلى البيت العتيق، ... ولمّا وقع هذا حصل لبعض النّاس -من أهل النّفاق والرّيب والكفرة من اليهود -ارتيابٌ وزيغٌ عن الهدى وتخبيطٌ وشكٌّ، وقالوا: {ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} أي: ما لهؤلاء تارةً يستقبلون كذا، وتارةً يستقبلون كذا؟ فأنزل اللّه جوابهم في قوله: {قل للّه المشرق والمغرب} أي: الحكم والتّصرّف والأمر كلّه للّه، وحيثما تولّوا فثمّ وجه اللّه، و {ليس البرّ أن تولّوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكنّ البرّ من آمن باللّه}[البقرة: 177] أي: الشّأن كلّه في امتثال أوامر اللّه، فحيثما وجّهنا توجّهنا، فالطّاعة في امتثال أمره، ولو وجّهنا في كلّ يومٍ مرّاتٍ إلى جهاتٍ متعدّدةٍ، فنحن عبيده وفي تصريفه وخدّامه، حيثما وجّهنا توجّهنا.). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
2: مقصد الآية
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فأعلم اللّه جلّ ثناؤه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما اليهود والمنافقون قائلون من القول عند تحويل الله قبلته وقبلة أصحابه عن الشّام إلى المسجد الحرام، وعلّمه ما ينبغي أن يكون من ردّه عليهم من الجوّاب، فقال له: إذا قالوا ذلك لك يا محمّد، فقل لهم: {للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} وكان سبب ذلك أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى نحو بيت المقدس مدّةً سنذكر مبلغها فيما بعد إن شاء اللّه تعالى ثمّ أراد اللّه تعالى صرف قبلة نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المسجد الحرام، فأخبره عمّا اليهود قائلوه من القول عند صرفه وجهه ووجه أصحابه شطره، وما الّذي ينبغي أن يكون من مردّه عليهم من الجوّاب.).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (أعلم الله تعالى في هذه الآية أنهم سيقولون في شأن تحول المؤمنين من الشام إلى الكعبة: ما ولّاهم؟). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
3: معنى السفهاء
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سيقول السّفهاء من النّاس}: يعني بقوله جلّ ثناؤه {سيقول السّفهاء} سيقول الجهّال من النّاس.). [جامع البيان: 2/ 615-617]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والسّفهاء هم الخفاف الأحكام والعقول، والسفه الخفة والهلهلة، ثوب سفيه أي غير متقن النسج، ومنه قول ذي الرمة:
مشين كما اهتزت رماح تسفهت....... أعاليها مرّ الرياح النواسم
أي استخفتها). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( والسّفهاء جمع سفيهٍ وهو خفيف العقل وأصله من قولهم ثوبٌ سفيهٌ أي خفيف النّسج ).[فتح الباري: 8/ 171]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( والسفهاء جمع سفيه. قال الزّمخشريّ: «{سيقول السّفهاء} أي: خفاف الأحلام.).[عمدة القاري: 18/ 94-95]
4: المراد بالسفهاء في الآية
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن رجلٍ عن مجاهدٍ في قوله جلّ اسمه: {سيقول السفهاء من الناس} قال: «اليهود» ).[تفسير الثوري: 50]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (10934 - أخبرنا محمّد بن حاتمٍ، أخبرنا حبّان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن البراء، في قوله: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}[البقرة: 142] قال: «هم أهل الكتاب السّفهاء»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 16]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {سيقول السّفهاء من النّاس}:
يعني بقوله جلّ ثناؤه {سيقول السّفهاء} سيقول الجهّال من النّاس وهم اليهود، وأهل النّفاق .). [جامع البيان: 2/ 615-617]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ذكر من قال: هم اليهود:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {سيقول السّفهاء} من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم قال: «اليهود تقوله حين ترك بيت المقدس».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثت عن أحمد بن يونس، عن زهيرٍ، عن أبي إسحاق، عن البراء، {سيقول السّفهاء من النّاس} قال: «اليهود».
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، {سيقول السّفهاء من النّاس} قال: «اليهود».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن البراء، في قوله: {سيقول السّفهاء من النّاس} قال: «أهل الكتاب».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قال: «اليهود».
وقال آخرون: السّفهاء: المنافقون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: «نزلت{سيقول السّفهاء من النّاس}في المنافقين»).[جامع البيان: 2/ 615-617]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فأعلم اللّه جلّ ثناؤه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما اليهود والمنافقون قائلون من القول عند تحويل الله قبلته وقبلة أصحابه عن الشّام إلى المسجد الحرام).[جامع البيان: 2/ 617-625]
*قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (142)}
فيه قولان:
1- قيل يعني به: كفار أهل مكة،
2- وقيل يعني به: اليهود والسفهاء , واحدهم سفيه، مثل : شهيد وشهداء، وعليم وعلماء.). [معاني القرآن: 1/ 218-219]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس}:
الوجه الأول:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا يحيى بن آدم، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء: {سيقول السّفهاء} قال: «اليهود». وروي عن ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ والحسن ونحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: «فأنزل اللّه في المنافقين:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم}»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 247]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا أبو زرعة، ثنا الحسن بن عطيّة، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة، فأنزل اللّه تعالى:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} قال: فوجّه نحو الكعبة، وقال السّفهاء من النّاس- وهم اليهود- ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: «السفهاء من الناس هم اليهود قالوا ما ولاهم عن قبلتهم يعني حين ترك بيت المقدس»). [تفسير مجاهد: 90]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ( والمراد ب السّفهاء هنا جميع من قال ما ولّاهم، وقالها فرق.
واختلف في تعيينهم، فقال ابن عباس: «قالها الأحبار منهم»، وذلك أنهم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد ما ولاك عن قبلتنا؟ ارجع إليها ونؤمن بك، يريدون فتنته، وقال السدي: «قالها بعض اليهود والمنافقون استهزاء»، وذلك أنهم قالوا: اشتاق الرجل إلى وطنه، وقالت طائفة: قالها كفار قريش، لأنهم قالوا: ما ولاه عن قبلته؟ ما رجع إلينا إلا لعلمه أنّا على الحق وسيرجع إلى ديننا كله.). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) - البراء بن عازب رضي الله عنهما: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستّة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلّاها صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة، فداروا - كما هم قبل البيت - وكانت اليهود قد أعجبهم ; إذ كان يصلّي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قبل البيت، أنكروا ذلك».
قال: وفي رواية: «أنه مات على القبلة - قبل أن تحوّل - رجالٌ وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم؟ فأنزل الله عز وجل:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}[البقرة: 143] ».
وفي أخرى: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يوجّه إلى الكعبة، فأنزل اللّه عز وجل{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء}فتوجّه نحو الكعبة، فقال السّفهاء - وهم اليهود -:{ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم} [البقرة: 142]» هذه رواية البخاري ومسلم.). [جامع الأصول: 2/ 10-12]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قيل المراد بالسّفهاء هاهنا: «المشركون؛ مشركو العرب»، قاله الزّجّاج. وقيل: «أحبار يهود»، قاله مجاهدٌ. وقيل: «المنافقون»، قاله السّدّيّ. والآية عامّةٌ في هؤلاء كلّهم، واللّه أعلم.). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال محمّد بن إسحاق: حدّثني إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي نحو بيت المقدس، ويكثر النّظر إلى السّماء ينتظر أمر اللّه, فأنزل اللّه:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}فقال رجالٌ من المسلمين: وددنا لو علمنا علم من مات منّا قبل أن نصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس؟ فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}وقال السّفهاء من النّاس -وهم أهل الكتاب-: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{سيقول السّفهاء من النّاس}إلى آخر الآية».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا الحسن بن عطيّة، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة, فأنزل اللّه: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}»، قال: «فوجّه نحو الكعبة. وقال السّفهاء من النّاس -وهم اليهود-: {ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}، فأنزل اللّه: {قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}»). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (واختلف في المراد بالسّفهاء فقال البراء كما في حديث الباب وابن عبّاسٍ ومجاهدٌ: «هم اليهود» وأخرج ذلك الطّبريّ عنهم بأسانيد صحيحةٍ، وروي من طريق السّدّيّ قال: «هم المنافقون»، والمراد بالسّفهاء الكفّار وأهل النّفاق واليهود) [فتح الباري: 8/ 171]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قال الزّمخشريّ: «{سيقول السّفهاء} أي: خفاف الأحلام وهم اليهود لكراهتهم التّوجّه إلى الكعبة وأنّهم لا يرون النّسخ»، وقيل: المنافقون بحرصهم على الطعن والاستهزاء، وقيل: المشركون. قالوا: رغب عن قبلة آبائه ثمّ رجع إليها والله ليرجعن إلى دينهم.). [عمدة القاري: 18/ 94-95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن البراء قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} [البقرة الآية 144] فقال رجال من المسلمين: وددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس فأنزل الله:{وما كان الله ليضيع إيمانكم}وقال السفهاء من الناس وهم من أهل الكتاب: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله{سيقول السفهاء من الناس} إلى آخر الآية».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن البراء قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يجب أن يصلي نحو الكعبة فكان يرفع رأسه إلى السماء فأنزل الله{قد نرى تقلب وجهك} الآية، فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج وكيع، وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن البراء في قوله: {سيقول السفهاء من الناس} قال: «اليهود».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: «صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول: قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة: فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا: إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات».
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: «لما وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها، وقال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا، وقال اليهود: إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن نكون يكون هو صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة: تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله في المنافقين {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إلا على الذين هدى الله} وأنزل في الآخرين الآيات بعدها».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس} المنكرين لتغيير القبلة من مشركي العرب أو أحبار يهود أو المنافقين .). [إرشاد الساري: 7/ 15]
5: سبب تسميتهم بالسفهاء
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وإنّما سمّاهم اللّه عزّ وجلّ سفهاءً، لأنّهم سفهوا الحقّ فتجاهلت أحبار اليهود وتعاظمت جهالهم وأهل الغباء منهم عن اتّباع محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا كان من العرب ولم يكن من بني إسرائيل، وتحيّر المنافقون فتبلّدوا.).[جامع البيان: 2/ 615-617]
6: فائدة التخصيص في قوله (من الناس)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ( وخص بقوله من النّاس، لأن السفه يكون في جمادات وحيوانات ). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
7: فائدة جعل المستقبل في موضع الماضي في قوله: (سيقول)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ( وجعل المستقبل موضع الماضي في قوله سيقول دلالة على استدامة ذلك، وأنهم يستمرون على ذلك القول.). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
8: معنى (ما ولّاهم).
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يعني بقوله جلّ ثناؤه: {ما ولاّهم} أيّ شيءٍ صرفهم عن قبلهم؟ وهو من قول القائل: ولاّني فلانٌ دبره: إذا حوّل وجهه عنه واستدبره فكذلك قوله: {ما ولاّهم} أيّ شيءٍ حوّل وجوههم؟).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}, معنى{ما ولّاهم}: ما عدلهم عنها ..). [معاني القرآن: 1/ 218-219]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {ما ولاهم عن قبلتهم}:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء يعني أبا كريبٍ، ثنا ابن أبي زائدة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، (تو) عن رجلٍ، عن ابن جريجٍ عن عطاءٍ، ومجاهدٍ: «يزيد بعضهم على بعضٍ: {ما ولّاهم ما صرفهم}».).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي جريح عن مجاهد: {ما ولاهم} يقول: «ما صرفهم»).[تفسير مجاهد: 90]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وولّاهم معناه صرفهم.). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قوله: {ما ولاهم} أي: أي شيء رجعهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها وهو بيت المقدّس.).[عمدة القاري: 18/ 94-95]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({ما ولاهم} أي ما صرفهم .).[إرشاد الساري: 7/ 15]
9: معنى الاستفهام في قولهم: (ما ولّاهم).
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قالا جميعًا: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، قال: أخبرني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، شكّ محمّدٌ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «لمّا صرفت القبلة عن الشّام إلى الكعبة، وصرفت في رجبٍ على رأس سبعة عشر شهرًا من مقدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رفاعة بن قيسٍ، وقردم بن عمرٍو، وكعب بن الأشرف، ونافع بن أبي نافعٍ هكذا قال ابن حميدٍ، وقال أبو كريبٍ، ورافع بن أبي رافعٍ، والحجّاج بن عمرٍو حليف كعب بن الأشرف، والرّبيع بن الرّبيع بن أبي الحقيق، وكنانة بن الرّبيع بن أبي الحقيق، فقالوا: يا محمّد ما ولاّك عن قبلتك الّتي كنت عليها وأنت تزعم أنّك على ملّة إبراهيم ودينه؟ ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك وإنّما يريدون فتنته عن دينه. فأنزل اللّه فيهم:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}إلى قوله:{إلاّ لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه}».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا ابن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «قال ذلك قومٌ من اليهود للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا له: ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك، يريدون فتنته عن دينه».
...
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} قال: «صلّت الأنصار نحو بيت المقدس حولين قبل قدوم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة وصلّى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد قدومه المدينة مهاجرًا نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا ثمّ وجّهه اللّه بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام. فقال في ذلك قائلون من النّاس:{ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}لقد اشتاق الرّجل إلى مولده. فقال اللّه عزّ وجلّ:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».
وقال اخرون: بل قائلو هذه المقالة المنافقون، وإنّما قالوا: ذلك استهزاءً بالإسلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: «لمّا وجّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل المسجد الحرام، اختلف النّاس فيها، فكانوا أصنافًا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلةٍ زمانًا، ثمّ تركوها وتوجّهوا غيرها؟ فأنزل اللّه في المنافقين:{سيقول السّفهاء من النّاس}الآية كلّها»).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة بن الفضل، قال قال محمّد بن إسحاق حدّثني محمّدٌ مولى آل زيدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ يهود قالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد، ما ولاك عن قبلتك الّتي كنت عليها وأنت تزعم أنّك على ملّة إبراهيم ودينه، ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك، وإنّما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل اللّه:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}».
وروي عن سعيد بن جبيرٍ، وقتادة، والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ، نحو ذلك حدّثنا أبو زرعة، ثنا الحسن بن عطيّة، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ عن سعيد بن جبيرٍ، وقتادة، والسّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ( والمراد ب السّفهاء هنا جميع من قال ما ولّاهم، وقالها فرق.
واختلف في تعيينهم، فقال ابن عباس: «قالها الأحبار منهم»، وذلك أنهم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد ما ولاك عن قبلتنا؟ ارجع إليها ونؤمن بك، يريدون فتنته، وقال السدي: «قالها بعض اليهود والمنافقون استهزاء»، وذلك أنهم قالوا: اشتاق الرجل إلى وطنه، وقالت طائفة: قالها كفار قريش، لأنهم قالوا: ما ولاه عن قبلته؟ ما رجع إلينا إلا لعلمه أنّا على الحق وسيرجع إلى ديننا كله.). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ولمّا وقع هذا حصل لبعض النّاس -من أهل النّفاق والرّيب والكفرة من اليهود -ارتيابٌ وزيغٌ عن الهدى وتخبيطٌ وشكٌّ، وقالوا: {ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} أي: ما لهؤلاء تارةً يستقبلون كذا، وتارةً يستقبلون كذا؟ ). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (أمّا الكفّار فقالوا لمّا حوّلت القبلة رجع محمّدٌ إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا فإنّه علم أنّا على الحقّ وأمّا أهل النّفاق فقالوا إن كان أوّلًا على الحقّ فالّذي انتقل إليه باطلٌ وكذلك بالعكس وأمّا اليهود فقالوا خالف قبلة الأنبياء ولو كان نبيًّا لما خالف). [فتح الباري: 8/ 171]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قال الزّمخشريّ: «{سيقول السّفهاء} أي: خفاف الأحلام وهم اليهود لكراهتهم التّوجّه إلى الكعبة وأنّهم لا يرون النّسخ»، وقيل: المنافقون بحرصهم على الطعن والاستهزاء، وقيل: المشركون. قالوا: رغب عن قبلة آبائه ثمّ رجع إليها والله ليرجعن إلى دينهم.). [عمدة القاري: 18/ 94-95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: «صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن نافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له: يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل الله:{سيقول السفهاء من الناس}إلى قوله:{إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}أي ابتلاء واختبارا{وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله}أي ثبت الله{وما كان الله ليضيع إيمانكم} يقول: صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}إلى قوله:{فلا تكونن من الممترين}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: «صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول: قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة: فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا: إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات».
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: «لما وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها، وقال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا، وقال اليهود: إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن نكون يكون هو صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة: تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله في المنافقين {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إلا على الذين هدى الله} وأنزل في الآخرين الآيات بعدها».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} و{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقال اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله«كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص صلت الأنصار حولين قبل قدوم النبي، وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام فقال في ذلك قائلون من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده قال الله عز وجل: {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وقال أناس من أناس: لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى فأنزل الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} وقد يبتلي الله عباده بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وكل ذلك مقبول في درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله». .). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
10: لمن سيقول السفهاء: (ما ولّاهم)؟
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فتأويل الكلام إذن إذ كان ذلك معناه سيقول السّفهاء من النّاس لكم أيّها المؤمنون (باللّه وبرسوله)، إذا حوّلتم وجوهكم عن قبلة اليهود الّتي كانت لكم قبلةً قبل أمري إيّاكم بتحويل وجوهكم عنها شطر المسجد الحرام: أيّ شيءٍ حوّل وجوه هؤلاء فصرفها عن الموضع الّذي كانوا يستقبلونه بوجوههم في صلاتهم؟).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فأعلم اللّه جلّ ثناؤه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما اليهود والمنافقون قائلون من القول عند تحويل الله قبلته وقبلة أصحابه عن الشّام إلى المسجد الحرام، وعلّمه ما ينبغي أن يكون من ردّه عليهم من الجوّاب، فقال له: إذا قالوا ذلك لك يا محمّد، فقل لهم: {للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} وكان سبب ذلك أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى نحو بيت المقدس مدّةً سنذكر مبلغها فيما بعد إن شاء اللّه تعالى ثمّ أراد اللّه تعالى صرف قبلة نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المسجد الحرام، فأخبره عمّا اليهود قائلوه من القول عند صرفه وجهه ووجه أصحابه شطره، وما الّذي ينبغي أن يكون من مردّه عليهم من الجوّاب.). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (أعلم الله تعالى في هذه الآية أنهم سيقولون في شأن تحول المؤمنين من الشام إلى الكعبة: ما ولّاهم؟). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
11: ذكر السبب الذي من أجله قال من قال: (ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قالا جميعًا: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، قال: أخبرني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، شكّ محمّدٌ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «لمّا صرفت القبلة عن الشّام إلى الكعبة، وصرفت في رجبٍ على رأس سبعة عشر شهرًا من مقدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رفاعة بن قيسٍ، وقردم بن عمرٍو، وكعب بن الأشرف، ونافع بن أبي نافعٍ هكذا قال ابن حميدٍ، وقال أبو كريبٍ، ورافع بن أبي رافعٍ، والحجّاج بن عمرٍو حليف كعب بن الأشرف، والرّبيع بن الرّبيع بن أبي الحقيق، وكنانة بن الرّبيع بن أبي الحقيق، فقالوا: يا محمّد ما ولاّك عن قبلتك الّتي كنت عليها وأنت تزعم أنّك على ملّة إبراهيم ودينه؟ ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك وإنّما يريدون فتنته عن دينه. فأنزل اللّه فيهم:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}إلى قوله:{إلاّ لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه}».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ذكر السّبب الّذي من أجله قال من قال {ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}:
اختلف أهل التّأويل في ذلك، فروي عن ابن عبّاس فيه قولان: أحدهما ما:
- حدّثنا به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا ابن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «قال ذلك قومٌ من اليهود للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا له: ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك، يريدون فتنته عن دينه».
والقول الآخر: ما ذكرت من حديث عليّ بن أبي طلحة عنه الّذي مضى قبل.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} قال: «صلّت الأنصار نحو بيت المقدس حولين قبل قدوم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة وصلّى نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد قدومه المدينة مهاجرًا نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا ثمّ وجّهه اللّه بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام. فقال في ذلك قائلون من النّاس:{ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}لقد اشتاق الرّجل إلى مولده. فقال اللّه عزّ وجلّ:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».
وقال اخرون: بل قائلو هذه المقالة المنافقون، وإنّما قالوا: ذلك استهزاءً بالإسلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: «لمّا وجّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل المسجد الحرام، اختلف النّاس فيها، فكانوا أصنافًا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلةٍ زمانًا، ثمّ تركوها وتوجّهوا غيرها؟ فأنزل اللّه في المنافقين:{سيقول السّفهاء من النّاس}الآية كلّها»).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة بن الفضل، قال قال محمّد بن إسحاق حدّثني محمّدٌ مولى آل زيدٍ، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ يهود قالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد، ما ولاك عن قبلتك الّتي كنت عليها وأنت تزعم أنّك على ملّة إبراهيم ودينه، ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك، وإنّما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل اللّه:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}».
وروي عن سعيد بن جبيرٍ، وقتادة، والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ، نحو ذلك حدّثنا أبو زرعة، ثنا الحسن بن عطيّة، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ عن سعيد بن جبيرٍ، وقتادة، والسّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ( والمراد ب السّفهاء هنا جميع من قال ما ولّاهم، وقالها فرق.
واختلف في تعيينهم، فقال ابن عباس: «قالها الأحبار منهم»، وذلك أنهم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد ما ولاك عن قبلتنا؟ ارجع إليها ونؤمن بك، يريدون فتنته، وقال السدي: «قالها بعض اليهود والمنافقون استهزاء»، وذلك أنهم قالوا: اشتاق الرجل إلى وطنه، وقالت طائفة: قالها كفار قريش، لأنهم قالوا: ما ولاه عن قبلته؟ ما رجع إلينا إلا لعلمه أنّا على الحق وسيرجع إلى ديننا كله.). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ولمّا وقع هذا حصل لبعض النّاس -من أهل النّفاق والرّيب والكفرة من اليهود -ارتيابٌ وزيغٌ عن الهدى وتخبيطٌ وشكٌّ، وقالوا: {ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} أي: ما لهؤلاء تارةً يستقبلون كذا، وتارةً يستقبلون كذا؟ ). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (أمّا الكفّار فقالوا لمّا حوّلت القبلة رجع محمّدٌ إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا فإنّه علم أنّا على الحقّ وأمّا أهل النّفاق فقالوا إن كان أوّلًا على الحقّ فالّذي انتقل إليه باطلٌ وكذلك بالعكس وأمّا اليهود فقالوا خالف قبلة الأنبياء ولو كان نبيًّا لما خالف). [فتح الباري: 8/ 171]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قال الزّمخشريّ: «{سيقول السّفهاء} أي: خفاف الأحلام وهم اليهود لكراهتهم التّوجّه إلى الكعبة وأنّهم لا يرون النّسخ»، وقيل: المنافقون بحرصهم على الطعن والاستهزاء، وقيل: المشركون. قالوا: رغب عن قبلة آبائه ثمّ رجع إليها والله ليرجعن إلى دينهم.). [عمدة القاري: 18/ 94-95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: «صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن نافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له: يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل الله:{سيقول السفهاء من الناس}إلى قوله:{إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}أي ابتلاء واختبارا{وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله}أي ثبت الله{وما كان الله ليضيع إيمانكم} يقول: صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}إلى قوله:{فلا تكونن من الممترين}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: «صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول: قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة: فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا: إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات».
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: «لما وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها، وقال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا، وقال اليهود: إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن نكون يكون هو صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة: تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله في المنافقين {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إلا على الذين هدى الله} وأنزل في الآخرين الآيات بعدها».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} و{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقال اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله«كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص صلت الأنصار حولين قبل قدوم النبي، وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام فقال في ذلك قائلون من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده قال الله عز وجل: {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وقال أناس من أناس: لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى فأنزل الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} وقد يبتلي الله عباده بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وكل ذلك مقبول في درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله». .). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
12: معنى القبلة
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله: {عن قبلتهم} فإنّ قبلة كلّ شيءٍ ما قابل وجهه، وإنّما هي فعلةٌ بمنزلة الجلسة والقعدة؛ وصفوة الشىء من قول القائل: قابلت فلانًا: إذا صرت قبالته أقابله، فهو لي قبلةٌ، وأنا له قبلةٌ، إذا قابل كلّ واحدٍ منهما بوجهه وجه صاحبه.).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (... أيّ شيءٍ حوّل وجوه هؤلاء فصرفها عن الموضع الّذي كانوا يستقبلونه بوجوههم في صلاتهم؟).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والقبلة فعلة هيئة المقابل للشيء، فهي كالقعدة والإزرة.).[المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
13: المراد بالقبلة في الآية
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فتأويل الكلام إذن إذ كان ذلك معناه سيقول السّفهاء من النّاس لكم أيّها المؤمنون (باللّه وبرسوله)، إذا حوّلتم وجوهكم عن قبلة اليهود الّتي كانت لكم قبلةً قبل أمري إيّاكم بتحويل وجوهكم عنها شطر المسجد الحرام).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: «{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}يعنون بيت المقدس».).[جامع البيان: 2/ 617-625]
*قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (معنى{ما ولّاهم}: ما عدلهم عنها يعني قبلة بيت المقدس.). [معاني القرآن: 1/ 218-219]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاجٌ، أنبأ ابن جريجٍ وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ بن عبّاسٍ: «{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}يعنون بيت المقدس، فنسخها وصرفه اللّه إلى البيت العتيق».).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: «السفهاء من الناس هم اليهود قالوا ما ولاهم عن قبلتهم يعني حين ترك بيت المقدس»). [تفسير مجاهد: 90]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما قال: «أوّل ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا شأن القبلة، قال اللّه: {وللّه المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه} [البقرة: 115] فاستقبل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فصلّى نحو بيت المقدس، وترك البيت العتيق، فقال اللّه تعالى:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} [البقرة: 142] يعنون بيت المقدس فنسختها، وصرفه اللّه إلى البيت العتيق فقال اللّه تعالى:{ومن حيث خرجت فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره} [البقرة: 150]» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه بهذه السّياقة ).[المستدرك: 2/ 294] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قوله: {ما ولاهم} أي: أي شيء رجعهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها وهو بيت المقدّس.).[عمدة القاري: 18/ 94-95]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({عن قبلتهم التي كانوا عليها} يعني بيت المقدس.). [إرشاد الساري: 7/ 15]
14: نسخ القبلة
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاجٌ، أنبأ ابن جريجٍ وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ بن عبّاسٍ: «{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}يعنون بيت المقدس، فنسخها وصرفه اللّه إلى البيت العتيق».).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: «أول آية نسخت من القرآن القبلة ثم الصلاة الأولى».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه وأبو يعلى والبيهقي في "سننه" عن أنس: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون نحو بيت المقدس فلما نزلت هذه الآية{فول وجهك شطر المسجد الحرام}مر رجل من بني سلمة فناداهم وهم ركوع في صلاة الفجر نحو بيت المقدس ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة مرتين فمالوا كما هم ركوع إلى الكعبة».
وأخرج مالك، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والنسائي عن الن عمر قال: «بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة القرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوهم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن عثمان بن حنيف قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم من مكة يدعو الناس إلى الإيمان بالله في تصديق به قولا وعملا والقبلة إلى بيت المقدس فلما هاجر إلينا نزلت الفرائض ونسخت المدينة مكة والقول فيها ونسخ البيت الحرام بيت المقدس فصار الإيمان قولا وعملا».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
15: أول ما نسخ من القرآن القبلة
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ أبو تميلة، قال: حدّثنا الحسين بن واقدٍ، عن عكرمة، وعن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، والحسن البصريّ، قالا: «أوّل ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يستقبل صخرة بيت المقدس وهي قبلة اليهود، فاستقبلها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سبعة عشر شهرًا ليؤمنوا به ويتّبعوه، ويدعوا بذلك الأمّيّين من العرب، فقال اللّه عزّ وجلّ:{وللّه المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه إنّ اللّه واسعٌ عليمٌ}».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما قال: «أوّل ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا شأن القبلة، قال اللّه: {وللّه المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه} [البقرة: 115] فاستقبل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فصلّى نحو بيت المقدس، وترك البيت العتيق، فقال اللّه تعالى:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} [البقرة: 142] يعنون بيت المقدس فنسختها، وصرفه اللّه إلى البيت العتيق فقال اللّه تعالى:{ومن حيث خرجت فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره} [البقرة: 150]» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه بهذه السّياقة ).[المستدرك: 2/ 294] (م)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (... فذكر ابن فورك عن ابن عباس قال: «أول ما نسخ من القرآن القبلة».). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عباس قال: «أول ما نسخ في القرآن القبلة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك}إلى قوله:{فولوا وجوهكم شطره}يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب}وقال:{أينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة الآية 115]».
...
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال: «أول ما نسخ من القرآن القبلة وذلك أن محمدا كان يستقبل صخرة بيت المقدس وهي قبلة اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا ليؤمنوا به وليتبعوه وليدعوا بذلك الأميين من العرب، فقال الله:{ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله}وقال:{قد نرى تقلب وجهك} الآية».
وأخرج ابن جرير عن عكرمة مرسلا.).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: «أول آية نسخت من القرآن القبلة ثم الصلاة الأولى».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
16: إنكار اليهود للنسخ
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قال الزّمخشريّ: «{سيقول السّفهاء} أي: خفاف الأحلام وهم اليهود لكراهتهم التّوجّه إلى الكعبة وأنّهم لا يرون النّسخ»، وقيل: المنافقون بحرصهم على الطعن والاستهزاء، وقيل: المشركون. قالوا: رغب عن قبلة آبائه ثمّ رجع إليها والله ليرجعن إلى دينهم.). [عمدة القاري: 18/ 94-95]
17: اختلاف الناس في أمر القبلة
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثني موسى، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: «لمّا وجّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل المسجد الحرام، اختلف النّاس فيها، فكانوا أصنافًا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلةٍ زمانًا، ثمّ تركوها وتوجّهوا غيرها؟ فأنزل اللّه في المنافقين:{سيقول السّفهاء من النّاس}الآية كلّها»).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ولمّا وقع هذا حصل لبعض النّاس -من أهل النّفاق والرّيب والكفرة من اليهود -ارتيابٌ وزيغٌ عن الهدى وتخبيطٌ وشكٌّ، وقالوا: {ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} أي: ما لهؤلاء تارةً يستقبلون كذا، وتارةً يستقبلون كذا؟ ). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (أمّا الكفّار فقالوا لمّا حوّلت القبلة رجع محمّدٌ إلى قبلتنا وسيرجع إلى ديننا فإنّه علم أنّا على الحقّ وأمّا أهل النّفاق فقالوا إن كان أوّلًا على الحقّ فالّذي انتقل إليه باطلٌ وكذلك بالعكس وأمّا اليهود فقالوا خالف قبلة الأنبياء ولو كان نبيًّا لما خالف). [فتح الباري: 8/ 171]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: «صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول: قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة: فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا: إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات».
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: «لما وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها، وقال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا، وقال اليهود: إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن نكون يكون هو صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة: تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله في المنافقين {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إلا على الذين هدى الله} وأنزل في الآخرين الآيات بعدها».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} و{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقال اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله«كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص صلت الأنصار حولين قبل قدوم النبي، وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام فقال في ذلك قائلون من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده قال الله عز وجل: {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وقال أناس من أناس: لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى فأنزل الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} وقد يبتلي الله عباده بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وكل ذلك مقبول في درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله». .). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
18: المخاطب بقوله تعالى: {قل لله المشرق والمغرب}
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قل يا محمّد {لله المشرق والمغرب} ). [عمدة القاري: 18/ 94-95]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فأعلم اللّه جلّ ثناؤه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما اليهود والمنافقون قائلون من القول عند تحويل الله قبلته وقبلة أصحابه عن الشّام إلى المسجد الحرام، وعلّمه ما ينبغي أن يكون من ردّه عليهم من الجوّاب، فقال له: إذا قالوا ذلك لك يا محمّد، فقل لهم: {للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يعني بذلك عزّ وجلّ: قل يا محمّد لهؤلاء الّذين قالوا لك ولأصحابك: ما ولاّكم عن قبلتكم من بيت المقدس الّتي كنتم على التّوجّه إليها إلى التّوجّه إلى شطر المسجد الحرام: للّه ملك المشرق والمغرب).[جامع البيان: 2/ 625]
19: لمن أمر أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام؟
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يعني بذلك عزّ وجلّ: قل يا محمّد لهؤلاء الّذين قالوا لك ولأصحابك: ما ولاّكم عن قبلتكم من بيت المقدس الّتي كنتم على التّوجّه إليها إلى التّوجّه إلى شطر المسجد الحرام).[جامع البيان: 2/ 625]
20: معنى اللام في قوله تعالى: (لله المشرق والمغرب)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (للّه ملك المشرق والمغرب).[جامع البيان: 2/ 625]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (أي له ملك المشارق والمغارب وما بينهما.).[المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
21: المراد بالمشرق والمغرب
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ({لله المشرق والمغرب} أي: بلاد الشرق والغرب والأرض كلها، وهذا جواب لهم أي الحكم والتّصرّف في الأمر كلمة لله، ... وقيل: أراد بالمشرق الكعبة لأن المصلّي بالمدينة إذا توجه إلى الكعبة فهو متوجّه للمشرق، وأراد بالمغرب بيت المقدّس لأن المصلّي في المدينة إلى بيت المقدّس متوجّه جهة المغرب.).[عمدة القاري: 18/ 94-95]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يعني بذلك ملك ما بين قطري مشرق الشّمس، وقطري مغربها، وما بينهما من العالم).[جامع البيان: 2/ 625]
22: الحكمة من الرد بهذا الجواب لمن قالوا في تحويل القبلة: (ما ولّاهم).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}
معناه: حيث أمر الله أن يصلّى ويتعبّد، فهو له، وعالم به، وهو فيه كماقال: {وهو اللّه في السّماوات وفي الأرض يعلم سرّكم وجهركم ويعلم ما تكسبون (3)}
وكما قال: {وهو معكم أين ما كنتم}
وكما قال:{ما يكون من نجوى ثلاثة إلّا هو رابعهم}). [معاني القرآن: 1/ 218-219]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قل للّه المشرق والمغرب}إقامة حجة).[المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فأنزل اللّه جوابهم في قوله: {قل للّه المشرق والمغرب} أي: الحكم والتّصرّف والأمر كلّه للّه، وحيثما تولّوا فثمّ وجه اللّه، و {ليس البرّ أن تولّوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكنّ البرّ من آمن باللّه} [البقرة: 177] أي: الشّأن كلّه في امتثال أوامر اللّه، فحيثما وجّهنا توجّهنا، فالطّاعة في امتثال أمره، ولو وجّهنا في كلّ يومٍ مرّاتٍ إلى جهاتٍ متعدّدةٍ، فنحن عبيده وفي تصريفه وخدّامه، حيثما وجّهنا توجّهنا، ).[تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (وهذا جواب لهم أي الحكم والتّصرّف في الأمر كلمة لله). [عمدة القاري: 18/ 94-95]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({قل لله المشرق والمغرب}، حيثما وجهنا توجهنا فالطاعة في امتثال أمره ولو وجهنا كل يوم مرات إلى جهات متعددة فنحن عبيده وفي تصريفه وخدامه{يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}). [إرشاد الساري: 7/ 15]
23: معنى الهداية
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يهدي من يشاء من خلقه فيسدّده، ويوفّقه إلى الطّريق القويم، وهو الصّراط المستقيم. ويعني بذلك إلى قبلة إبراهيم الّذي جعله للنّاس إمامًا. ويخذل من يشاء منهم فيضلّه عن سبيل الحقّ.
وإنّما عنى جلّ ثناؤه بقوله: {يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} قل: يا محمّد إنّ اللّه هدانا بالتّوجّه شطر المسجد الحرام لقبلة إبراهيم وأضلّكم أيّها اليهود، والمنافقون، وجماعة الشّرك باللّه، فخذلكم عمّا هدانا له من ذلك).[جامع البيان: 2/ 625]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- أخبرنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية في قول اللّه: {يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} يقول: «يهديهم إلى المخرج من الشّبهات والضّلالات والفتنة»).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} قال: «يهديهم إلى المخرج من الشبهات والضلالات والفتن».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
24: معنى (الصراط المستقيم)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يهدي من يشاء من خلقه فيسدّده، ويوفّقه إلى الطّريق القويم، وهو الصّراط المستقيم. ويعني بذلك إلى قبلة إبراهيم الّذي جعله للنّاس إمامًا. ويخذل من يشاء منهم فيضلّه عن سبيل الحقّ.
وإنّما عنى جلّ ثناؤه بقوله: {يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} قل: يا محمّد إنّ اللّه هدانا بالتّوجّه شطر المسجد الحرام لقبلة إبراهيم وأضلّكم أيّها اليهود، والمنافقون، وجماعة الشّرك باللّه، فخذلكم عمّا هدانا له من ذلك). [جامع البيان: 2/ 625]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {إلى صراط مستقيم}: معناهّ: طريق مستقيم كما يحبّ الله). [معاني القرآن: 1/ 218-219]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والصراط: الطريق.). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
25: المراد بالهداية إلى الصراط المستقيم في الآية
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( يهدي من يشاء من خلقه فيسدّده، ويوفّقه إلى الطّريق القويم، وهو الصّراط المستقيم. ويعني بذلك إلى قبلة إبراهيم الّذي جعله للنّاس إمامًا. ويخذل من يشاء منهم فيضلّه عن سبيل الحقّ.
وإنّما عنى جلّ ثناؤه بقوله: {يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} قل: يا محمّد إنّ اللّه هدانا بالتّوجّه شطر المسجد الحرام لقبلة إبراهيم وأضلّكم أيّها اليهود، والمنافقون، وجماعة الشّرك باللّه، فخذلكم عمّا هدانا له من ذلك). [جامع البيان: 2/ 625]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ويهدي من يشاء، إشارة إلى هداية الله تعالى هذه الأمة إلى قبلة إبراهيم.).[المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( وهو تعالى له بعبده ورسوله محمّدٍ -صلوات اللّه وسلامه عليه -وأمته عنايةٌ عظيمةٌ؛ إذ هداهم إلى قبلة إبراهيم، خليل الرّحمن، وجعل توجّههم إلى الكعبة المبنيّة على اسمه تعالى وحده لا شريك له، أشرف بيوت اللّه في الأرض، إذ هي بناء إبراهيم الخليل، عليه السّلام، ولهذا قال: {قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}.
وقد روى الإمام أحمد، عن عليّ بن عاصمٍ، عن حصين بن عبد الرّحمن، عن عمر بن قيسٍ، عن محمّد بن الأشعث، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -يعني في أهل الكتاب -:«إنّهم لا يحسدوننا على شيءٍ كما يحسدوننا على يوم الجمعة، التي هدانا اللّه لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلّوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين»). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبيهقي في "سننه" عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنهم - يعني أهل الكتاب - لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
26: سبب صلاته صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ذكر السّبب الّذي كان من أجله صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي نحو بيت المقدس قبل أن يفرض عليه التّوجّه شطر الكعبة:
اختلف أهل العلم في ذلك، فقال بعضهم: كان ذلك باختيارٍ من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من غير أن يكون الله فرض ذلك عليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ أبو تميلة، قال: حدّثنا الحسين بن واقدٍ، عن عكرمة، وعن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، والحسن البصريّ، قالا: «أوّل ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يستقبل صخرة بيت المقدس وهي قبلة اليهود، فاستقبلها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سبعة عشر شهرًا ليؤمنوا به ويتّبعوه، ويدعوا بذلك الأمّيّين من العرب، فقال اللّه عزّ وجلّ:{وللّه المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه إنّ اللّه واسعٌ عليمٌ}».
- حدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: «{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}يعنون بيت المقدس».
- قال الرّبيع، قال أبو العالية: «إنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خيّر بين أن يوجّه وجهه حيث شاء، فاختار بيت المقدس لكي يتألّف أهل الكتاب، فكانت قبله ستّة عشر شهرًا، وهو في ذلك يقلّب وجهه في السّماء ثمّ وجّهه اللّه إلى البيت الحرام».
وقال آخرون: بل كان فعل ذلك من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه بفرض اللّه عزّ ذكره عليهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قال: «لمّا هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة، وكان أكثر أهلها اليهود، أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحبّ قبلة إبراهيم عليه السّلام، وكان يدعو وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء} الآية، فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا:{ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{قل للّه المشرق والمغرب}».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: «صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أوّل ما صلّى إلى الكعبة، ثمّ صرف إلى بيت المقدس، فصلّت الأنصار نحو بيت المقدس قبل قدومه ثلاث حججٍ، وصلّى بعد قدومه ستّة عشر شهرًا، ثمّ ولاّه اللّه جلّ ثناؤه إلى الكعبة».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمر بالصلاة إلى بيت المقدس؛ لأن مكة وبيت الله الحرام كانت العرب آلفة لحجّه، فأحبّ اللّه عزّ وجلّ أن يمتحن القوم بغير ما ألفوه , ليظهر من يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم ممن لا يتبعه، كما قال اللّه عزّ وجلّ: {وما جعلنا القبلة الّتي كنت عليها إلّا لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه}, فامتحن الله ببيت المقدس فيما روى لهذه العلة، والله أعلم. ). [معاني القرآن: 1/ 218-219]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا هاجر إلى المدينة أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحبّ قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه:{ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}فأنزل اللّه عزّ وجلّ فولّوا وجوهكم شطره يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}»..).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف العلماء هل كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس بأمر من الله تعالى في القرآن أو بوحي غير متلو؟، فذكر ابن فورك عن ابن عباس قال: «أول ما نسخ من القرآن القبلة»، وقال الجمهور: بل كان أمر قبلة بيت المقدس بوحي غير متلو، وقال الربيع: «خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم في النواحي فاختار بيت المقدس، ليستألف بها أهل الكتاب»، ومن قال كان بوحي غير متلو قال: كان ذلك ليختبر الله تعالى من آمن من العرب، لأنهم كانوا يألفون الكعبة وينافرون بيت المقدس وغيره.). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لمّا هاجر إلى المدينة، أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{فولّوا وجوهكم شطره}أي: نحوه. فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فأمره اللّه بالتّوجّه إلى بيت المقدس ، قاله ابن عبّاسٍ والجمهور، ثمّ اختلف هؤلاء هل كان الأمر به بالقرآن أو بغيره؛ على قولين، وحكى القرطبيّ في تفسيره عن عكرمة وأبي العالية والحسن البصريّ أنّ التّوجّه إلى بيت المقدس كان باجتهاده عليه الصّلاة والسّلام. والمقصود أنّ التّوجّه إلى بيت المقدس بعد مقدمه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة،). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عباس قال: «أول ما نسخ في القرآن القبلة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك}إلى قوله:{فولوا وجوهكم شطره}يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب}وقال:{أينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة الآية 115]».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه والنحاس والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما تحول إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة».
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال: «أول ما نسخ من القرآن القبلة وذلك أن محمدا كان يستقبل صخرة بيت المقدس وهي قبلة اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا ليؤمنوا به وليتبعوه وليدعوا بذلك الأميين من العرب، فقال الله:{ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله}وقال:{قد نرى تقلب وجهك} الآية».
وأخرج ابن جرير عن عكرمة مرسلا.).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} و{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقال اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
27: المدة التي صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحو بيت المقدس في المدينة
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت مالكا يحدث: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم أمر بالتحويل إلى الكعبة، فتحول إلى الكعبة في صلاة الصبح؛ فذهب ذاهبٌ إلى قباء، فوجدهم في صلاة الصبح، فقال لهم: إن النبي عليه السلام قد أنزل عليه القرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستداروا وهم في الصلاة طائعا لله وإتباعا لأمره، قال: ونزل القرآن:{سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب}»).[الجامع في علوم القرآن: 2/ 138-139]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة عن ابن المسيب: «صلوا بمكة وبعدما قدموا المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس» قال معمر وقال الزهري: «ثمانية عشر شهرا»).[تفسير عبد الرزاق: 1/56]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب قوله تعالى: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}
4486 - حدّثنا أبو نعيمٍ، سمع زهيرًا، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي اللّه عنه: «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى، أو صلّاها، صلاة العصر وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون، قال: أشهد باللّه، لقد صلّيت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت، وكان الّذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالٌ قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}» ).[صحيح البخاري: 6/ 21]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (- أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا إسحاق، عن زكريّا، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال: «قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة فصلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، ثمّ إنّه وجّه إلى الكعبة، فمرّ رجلٌ قد كان صلّى مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على قومٍ من الأنصار فقال: أشهد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد وجّه إلى الكعبة فانحرفوا إلى الكعبة».). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 16]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ذكر المدّة الّتي صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه نحو بيت المقدس، وما كان سبب صلاته نحوه؟ وما الّذي دعا اليهود والمنافقين إلى قيل ما قالوا عند تحويل اللّه قبلة المؤمنين عن بيت المقدس إلى الكعبة:
اختلف أهل العلم في المدّة الّتي صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس بعد الهجرة. فقال بعضهم بما:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قالا جميعًا: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، قال: أخبرني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، شكّ محمّدٌ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «لمّا صرفت القبلة عن الشّام إلى الكعبة، وصرفت في رجبٍ على رأس سبعة عشر شهرًا من مقدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رفاعة بن قيسٍ، وقردم بن عمرٍو، وكعب بن الأشرف، ونافع بن أبي نافعٍ هكذا قال ابن حميدٍ، وقال أبو كريبٍ، ورافع بن أبي رافعٍ، والحجّاج بن عمرٍو حليف كعب بن الأشرف، والرّبيع بن الرّبيع بن أبي الحقيق، وكنانة بن الرّبيع بن أبي الحقيق، فقالوا: يا محمّد ما ولاّك عن قبلتك الّتي كنت عليها وأنت تزعم أنّك على ملّة إبراهيم ودينه؟ ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك وإنّما يريدون فتنته عن دينه. فأنزل اللّه فيهم:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}إلى قوله:{إلاّ لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه}».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، قال البراء: «صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرًا، وكان يشتهي أن يصرف إلى الكعبة. قال: فبينا نحن نصلّي ذات يومٍ، فمرّ بنا مارٌّ، فقال: ألا هل علمتم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد صرف إلى الكعبة؟ قال: وقد صلّينا ركعتين إلى ها هنا، وصلّينا ركعتين إلى ها هنا قال أبو كريبٍ: فقيل له: فيه أبو إسحاق؟ فسكت».
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عيّاشٍ، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: «صلّينا بعد قدوم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة ستة عشر شهرًا إلى بيت المقدس».
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال: «صلّيت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا شكّ سفيان ثمّ صرفنا إلى الكعبة».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا النّفيليّ، قال: حدّثنا زهيرٌ، قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن البراء: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده أو أخواله من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستّة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى صلاة العصر، ومعه قومٌ فخرج رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم ركوعٌ، فقال: أشهد لقد صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة. فداروا كما هم قبل البيت، وكان يعجبه أن يحوّل قبل البيت. وكان اليهود قد أعجبهم هذا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك».
- حدّثني عمران بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، قال: «صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس بعد أن قدم المدينة ستّة عشر شهرًا، ثمّ وجّه نحو الكعبة قبل بدرٍ، بشهرين».
وقال آخرون بما:
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعدٍ الكاتب، قال: حدّثنا أنس بن مالكٍ، قال: «صرف نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس تسعة أشهرٍ أو عشرة أشهرٍ، فبينما هو قائمٌ يصلّي الظّهر بالمدينة، وقد صلّى ركعتين نحو بيت المقدس، انصرف بوجهه إلى الكعبة، فقال السّفهاء:{ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}».
وقال آخرون بما:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا المسعوديّ، عن عمرو بن مرّة، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبلٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قدم المدينة، فصلّى نحو بيت المقدس ثلاثة عشر شهرًا».
- حدّثنا أحمد بن المقدام العجليّ، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي، قال، حدّثنا قتادة، عن سعيد بن المسيّب: «أنّ الأنصار صلّت للقبلة الأولى قبل قدوم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بثلاث حججٍ، وأنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى للقبلة الأولى بعد قدومه المدينة ستّة عشر شهرًا أو كما قال. وكلا الحديثين يحدّث قتادة عن سعيدٍ».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا أبو زرعة، ثنا الحسن بن عطيّة، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة، فأنزل اللّه تعالى:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} قال: فوجّه نحو الكعبة، وقال السّفهاء من النّاس- وهم اليهود- ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا هاجر إلى المدينة أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحبّ قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه:{ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}فأنزل اللّه عزّ وجلّ فولّوا وجوهكم شطره يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}»..).[تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف كم صلى إلى بيت المقدس، ففي البخاري: ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، وروي عن أنس بن مالك: تسعة أو عشرة أشهر، وروي عن غيره: ثلاثة عشر شهرا، وحكى مكي عن إبراهيم بن إسحاق أنه قال: أول أمر الصلاة أنها فرضت بمكة ركعتين في أول النهار وركعتين في آخره، ثم كان الإسراء ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الآخر، قبل الهجرة بسنة، ففرضت الخمس، وأمّ فيها جبريل عليه السلام، وكانت أول صلاة الظهر، وتوجه بالنبي صلى الله عليهما وسلم إلى بيت المقدس، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في ربيع الأول، وتمادى إلى بيت المقدس إلى رجب من سنة اثنتين، وقيل إلى جمادى، وقيل إلى نصف شعبان»). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) - البراء بن عازب رضي الله عنهما: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستّة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلّاها صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة، فداروا - كما هم قبل البيت - وكانت اليهود قد أعجبهم ; إذ كان يصلّي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قبل البيت، أنكروا ذلك».
قال: وفي رواية: «أنه مات على القبلة - قبل أن تحوّل - رجالٌ وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم؟ فأنزل الله عز وجل:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}[البقرة: 143] ».
وفي أخرى: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يوجّه إلى الكعبة، فأنزل اللّه عز وجل{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء}فتوجّه نحو الكعبة، فقال السّفهاء - وهم اليهود -:{ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم} [البقرة: 142]» هذه رواية البخاري ومسلم.
وأخرجه الترمذي قال: «لمّا قدم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المدينة، صلّى نحو بيت المقدس ستّة - أو سبعة - عشر شهراً، وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يوجّه إلى الكعبة، فأنزل الله تبارك وتعالى:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}فوجّه نحو الكعبة، وكان يحبّ ذلك، فصلّى رجلٌ معه العصر، قال: ثم مرّ على قومٍ من الأنصار وهم ركوعٌ في صلاة العصر نحو بيت المقدس. فقال: هو يشهد أنّه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قد وجّه إلى الكعبة، فانحرفوا وهم ركوعٌ».
وأخرجه النسائي قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فصلى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهراً، ثمّ إنّه وجّه إلى الكعبة، فمرّ رجلٌ قد كان صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم على قومٍ من الأنصار، فقال: أشهد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجّه إلى الكعبة، فانحرفوا إلى الكعبة».
شرح الغريب:
(قبل البيت) أي: حذاءه، وجهته التي تقابله.
(شطر الشيء) جهته ونحوه). [جامع الأصول: 2/ 10-12]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال البخاريّ: حدّثنا أبو نعيم، سمع زهيراً، عن أبي إسحاق، عن البراء -رضي اللّه عنه-: «أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلاها، صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ. فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد باللّه لقد صليت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت. وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالًا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}», انفرد به البخاريّ من هذا الوجه. ورواه مسلمٌ من وجهٍ آخر.
...
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا الحسن بن عطيّة، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة, فأنزل اللّه: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}»، قال: «فوجّه نحو الكعبة. وقال السّفهاء من النّاس -وهم اليهود-: {ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}، فأنزل اللّه: {قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لمّا هاجر إلى المدينة، أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{فولّوا وجوهكم شطره}أي: نحوه. فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ:«أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لمّا هاجر إلى المدينة، أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء»، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{فولّوا وجوهكم شطره}أي: نحوه. فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (والمقصود أنّ التّوجّه إلى بيت المقدس بعد مقدمه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، فاستمرّ الأمر على ذلك بضعة عشر شهرًا). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): (قوله: «أو سبعة عشر» شكّ من الرّاوي) . [عمدة القاري: 18/ 94-95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن حبان والبيهقي في "سننه" عن البراء بن عازب: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار وأنه صلى إلى بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت وأن أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة فداروا كما هم قبل البيت ثم أنكروا ذلك وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله:{وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن البراء قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يجب أن يصلي نحو الكعبة فكان يرفع رأسه إلى السماء فأنزل الله{قد نرى تقلب وجهك} الآية، فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عباس قال: «أول ما نسخ في القرآن القبلة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك}إلى قوله:{فولوا وجوهكم شطره}يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب}وقال:{أينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة الآية 115]».
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه والنحاس والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما تحول إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة».
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال: «أول ما نسخ من القرآن القبلة وذلك أن محمدا كان يستقبل صخرة بيت المقدس وهي قبلة اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا ليؤمنوا به وليتبعوه وليدعوا بذلك الأميين من العرب، فقال الله:{ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله}وقال:{قد نرى تقلب وجهك} الآية».
وأخرج ابن جرير عن عكرمة مرسلا.).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: «صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن نافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له: يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل الله:{سيقول السفهاء من الناس}إلى قوله:{إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}أي ابتلاء واختبارا{وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله}أي ثبت الله{وما كان الله ليضيع إيمانكم} يقول: صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}إلى قوله:{فلا تكونن من الممترين}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: «صلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ومن معه نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم حولت القبلة بعد».
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: «صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول: قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة: فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا: إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات».
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: «لما وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها، وقال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا، وقال اليهود: إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن نكون يكون هو صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة: تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله في المنافقين {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إلا على الذين هدى الله} وأنزل في الآخرين الآيات بعدها».
وأخرج مالك وأبو داود في ناسخه، وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن المسيب: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم تحولت القبلة إلى الكعبة قبل بدر بشهرين».
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن المسيب قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم حول بعد ذلك قبل المسجد الحرام قبل بدر بشهرين».
وأخرج أبو داود في ناسخه عن سعيد بن عبد العزيز: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس من شهر ربيع الأول إلى جمادى الآخرة».
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب: «أن الأنصار صلت للقبلة الأولى قبل قدوم النّبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة بثلاث حجج وأن النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلى للقبلة الأولى بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا».
وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلى للقبلة الأولى بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا».
وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ثلاثة عشر شهرا».
وأخرج البزار، وابن جرير عن أنس قال: «صلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس تسعة أشهر أو عشرة أشهر فبينما هو قائم يصلي الظهر بالمدينة وقد صلى ركعتين نحو بيت المقدس انصرف بوجهه إلى الكعبة فقال السفهاء:{ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}».
وأخرج البخاري عن أنس قال: «لم يبق ممن صلى للقبلتين غيري».
وأخرج أبو داود في ناسخه وأبو يعلى والبيهقي في "سننه" عن أنس: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون نحو بيت المقدس فلما نزلت هذه الآية{فول وجهك شطر المسجد الحرام}مر رجل من بني سلمة فناداهم وهم ركوع في صلاة الفجر نحو بيت المقدس ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة مرتين فمالوا كما هم ركوع إلى الكعبة».
وأخرج مالك، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والنسائي عن الن عمر قال: «بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة القرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوهم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة».
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} و{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقال اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله«كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص صلت الأنصار حولين قبل قدوم النبي
وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام فقال في ذلك قائلون من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده قال الله عز وجل: {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وقال أناس من أناس: لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى فأنزل الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} وقد يبتلي الله عباده بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وكل ذلك مقبول في درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله».
وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة عن عمارة بن أوس الأنصاري قال: «صلينا إحدى صلاتي العشي فقام رجل على باب المسجد ونحن في الصلاة فنادى أن الصلاة قد وجبت نحو الكعبة فحول أو انحرف أمامنا نحو الكعبة والنساء والصبيان».
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار عن أنس بن مالك قال: «جاءنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن القبلة قد حولت إلى بيت الله الحرام وقد صلى الإمام ركعتين فاستداروا فصلوا الركعتين الباقيتين نحو الكعبة».
وأخرج ابن سعد عن محمد بن عبد الله بن جحش قال: «صليت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرفت القبلة إلى البيت ونحن في صلاة الظهر فاستدار رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا فاستدرنا معه».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} قال: «يهديهم إلى المخرج من الشبهات والضلالات والفتن».
وأخرج أحمد والبيهقي في "سننه" عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنهم - يعني أهل الكتاب - لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين».
وأخرج الطبراني عن عثمان بن حنيف قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم من مكة يدعو الناس إلى الإيمان بالله في تصديق به قولا وعملا والقبلة إلى بيت المقدس فلما هاجر إلينا نزلت الفرائض ونسخت المدينة مكة والقول فيها ونسخ البيت الحرام بيت المقدس فصار الإيمان قولا وعملا»
وأخرج البزار والطبراني عن عمرو بن عوف قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا ثم حولت إلى الكعبة»). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : («صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس بالمدينة ستة عشر شهرًاأوسبعة عشر شهرًا» بالشك من الراوي.). [إرشاد الساري: 7/ 15]
28: القبلة التي أمر المؤمنين بالتحوّل لها.
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت مالكا يحدث: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم أمر بالتحويل إلى الكعبة، فتحول إلى الكعبة في صلاة الصبح؛ فذهب ذاهبٌ إلى قباء، فوجدهم في صلاة الصبح، فقال لهم: إن النبي عليه السلام قد أنزل عليه القرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستداروا وهم في الصلاة طائعا لله وإتباعا لأمره، قال: ونزل القرآن:{سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب}»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 138-139]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب قوله تعالى: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}
4486 - حدّثنا أبو نعيمٍ، سمع زهيرًا، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي اللّه عنه: «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى، أو صلّاها، صلاة العصر وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون، قال: أشهد باللّه، لقد صلّيت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت، وكان الّذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالٌ قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}» ).[صحيح البخاري: 6/ 21]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( قوله: «قبل البيت» بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي جهة الكعبة .) . [عمدة القاري: 18/ 94-95]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : («وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت» بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهة البيت العتيق.).[إرشاد الساري: 7/ 15]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (- أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا إسحاق، عن زكريّا، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال:«قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة فصلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، ثمّ إنّه وجّه إلى الكعبة، فمرّ رجلٌ قد كان صلّى مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على قومٍ من الأنصار فقال: أشهد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد وجّه إلى الكعبة فانحرفوا إلى الكعبة».). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 16]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (فتأويل الكلام إذن إذ كان ذلك معناه سيقول السّفهاء من النّاس لكم أيّها المؤمنون (باللّه وبرسوله)، إذا حوّلتم وجوهكم عن قبلة اليهود الّتي كانت لكم قبلةً قبل أمري إيّاكم بتحويل وجوهكم عنها شطر المسجد الحرام).[جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قالا جميعًا: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، قال: أخبرني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، شكّ محمّدٌ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «لمّا صرفت القبلة عن الشّام إلى الكعبة، وصرفت في رجبٍ على رأس سبعة عشر شهرًا من مقدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رفاعة بن قيسٍ، وقردم بن عمرٍو، وكعب بن الأشرف، ونافع بن أبي نافعٍ هكذا قال ابن حميدٍ، وقال أبو كريبٍ، ورافع بن أبي رافعٍ، والحجّاج بن عمرٍو حليف كعب بن الأشرف، والرّبيع بن الرّبيع بن أبي الحقيق، وكنانة بن الرّبيع بن أبي الحقيق، فقالوا: يا محمّد ما ولاّك عن قبلتك الّتي كنت عليها وأنت تزعم أنّك على ملّة إبراهيم ودينه؟ ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك وإنّما يريدون فتنته عن دينه. فأنزل اللّه فيهم:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}إلى قوله:{إلاّ لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه}».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، قال البراء: «صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرًا، وكان يشتهي أن يصرف إلى الكعبة. قال: فبينا نحن نصلّي ذات يومٍ، فمرّ بنا مارٌّ، فقال: ألا هل علمتم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد صرف إلى الكعبة؟ قال: وقد صلّينا ركعتين إلى ها هنا، وصلّينا ركعتين إلى ها هنا قال أبو كريبٍ: فقيل له: فيه أبو إسحاق؟ فسكت».
...
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال: «صلّيت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا شكّ سفيان ثمّ صرفنا إلى الكعبة».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا أبو زرعة، ثنا الحسن بن عطيّة، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة، فأنزل اللّه تعالى:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} قال: فوجّه نحو الكعبة، وقال السّفهاء من النّاس- وهم اليهود- ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا هاجر إلى المدينة أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحبّ قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه:{ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}فأنزل اللّه عزّ وجلّ فولّوا وجوهكم شطره يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}»..). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن حبان والبيهقي في "سننه" عن البراء بن عازب: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار وأنه صلى إلى بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت وأن أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة فداروا كما هم قبل البيت ثم أنكروا ذلك وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله:{وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن البراء قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يجب أن يصلي نحو الكعبة فكان يرفع رأسه إلى السماء فأنزل الله{قد نرى تقلب وجهك} الآية، فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه والنحاس والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما تحول إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة». ). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه عن أبي العالية: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل: «وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها» فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك ولا أملك لك شيئا إلا ما أمرت فادع ربك وسله فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}[البقرة الآية 144] يقول: إنك تديم النظر إلى السماء للذي سألت {فول وجهك شطر المسجد الحرام} يقول فحول وجهك في الصلاة نحو المسجد الحرام {وحيث ما كنتم} يعني من الأرض {فولوا وجوهكم} في الصلاة {شطره} نحو الكعبة».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: «صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن نافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له: يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل الله:{سيقول السفهاء من الناس}إلى قوله:{إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}أي ابتلاء واختبارا{وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله}أي ثبت الله{وما كان الله ليضيع إيمانكم} يقول: صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}إلى قوله:{فلا تكونن من الممترين}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: «صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول: قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة: فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا: إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات».
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: «لما وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها، وقال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا، وقال اليهود: إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن نكون يكون هو صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة: تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله في المنافقين {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إلا على الذين هدى الله} وأنزل في الآخرين الآيات بعدها».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه وأبو يعلى والبيهقي في "سننه" عن أنس: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون نحو بيت المقدس فلما نزلت هذه الآية{فول وجهك شطر المسجد الحرام}مر رجل من بني سلمة فناداهم وهم ركوع في صلاة الفجر نحو بيت المقدس ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة مرتين فمالوا كما هم ركوع إلى الكعبة».
وأخرج مالك، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والنسائي عن الن عمر قال: «بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة القرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوهم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} و{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقال اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله«كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص صلت الأنصار حولين قبل قدوم النبي، وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام فقال في ذلك قائلون من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده قال الله عز وجل: {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وقال أناس من أناس: لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى فأنزل الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} وقد يبتلي الله عباده بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وكل ذلك مقبول في درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله». .). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة عن عمارة بن أوس الأنصاري قال: «صلينا إحدى صلاتي العشي فقام رجل على باب المسجد ونحن في الصلاة فنادى أن الصلاة قد وجبت نحو الكعبة فحول أو انحرف أمامنا نحو الكعبة والنساء والصبيان».
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار عن أنس بن مالك قال: «جاءنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن القبلة قد حولت إلى بيت الله الحرام وقد صلى الإمام ركعتين فاستداروا فصلوا الركعتين الباقيتين نحو الكعبة».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار والطبراني عن عمرو بن عوف قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا ثم حولت إلى الكعبة»). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
29: متى كان صرف القبلة إلى الكعبة.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قالا جميعًا: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، قال: أخبرني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، شكّ محمّدٌ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «لمّا صرفت القبلة عن الشّام إلى الكعبة، وصرفت في رجبٍ على رأس سبعة عشر شهرًا من مقدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رفاعة بن قيسٍ، وقردم بن عمرٍو، وكعب بن الأشرف، ونافع بن أبي نافعٍ هكذا قال ابن حميدٍ، وقال أبو كريبٍ، ورافع بن أبي رافعٍ، والحجّاج بن عمرٍو حليف كعب بن الأشرف، والرّبيع بن الرّبيع بن أبي الحقيق، وكنانة بن الرّبيع بن أبي الحقيق، فقالوا: يا محمّد ما ولاّك عن قبلتك الّتي كنت عليها وأنت تزعم أنّك على ملّة إبراهيم ودينه؟ ارجع إلى قبلتك الّتي كنت عليها نتّبعك ونصدّقك وإنّما يريدون فتنته عن دينه. فأنزل اللّه فيهم:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}إلى قوله:{إلاّ لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه}».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثني عمران بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، قال: «صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس بعد أن قدم المدينة ستّة عشر شهرًا، ثمّ وجّه نحو الكعبة قبل بدرٍ، بشهرين».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف كم صلى إلى بيت المقدس، ففي البخاري: ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، وروي عن أنس بن مالك: تسعة أو عشرة أشهر، وروي عن غيره: ثلاثة عشر شهرا، وحكى مكي عن إبراهيم بن إسحاق أنه قال: أول أمر الصلاة أنها فرضت بمكة ركعتين في أول النهار وركعتين في آخره، ثم كان الإسراء ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الآخر، قبل الهجرة بسنة، ففرضت الخمس، وأمّ فيها جبريل عليه السلام، وكانت أول صلاة الظهر، وتوجه بالنبي صلى الله عليهما وسلم إلى بيت المقدس، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في ربيع الأول، وتمادى إلى بيت المقدس إلى رجب من سنة اثنتين، وقيل إلى جمادى، وقيل إلى نصف شعبان»). [المحرر الوجيز: 1/ 365-366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: «صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن نافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له: يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل الله: {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله: {إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه} أي ابتلاء واختبارا {وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله} أي ثبت الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} يقول: صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا {إن الله بالناس لرؤوف رحيم} إلى قوله: {فلا تكونن من الممترين}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: «صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول: قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة: فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا: إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات».
وأخرج مالك وأبو داود في ناسخه، وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن المسيب: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم تحولت القبلة إلى الكعبة قبل بدر بشهرين».
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن المسيب قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم حول بعد ذلك قبل المسجد الحرام قبل بدر بشهرين».
وأخرج أبو داود في ناسخه عن سعيد بن عبد العزيز: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس من شهر ربيع الأول إلى جمادى الآخرة».).[الدر المنثور: 2/ 5-17]
30: سبب التحوّل للكعبة
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب قوله تعالى: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}
4486 - حدّثنا أبو نعيمٍ، سمع زهيرًا، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي اللّه عنه: «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى، أو صلّاها، صلاة العصر وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون، قال: أشهد باللّه، لقد صلّيت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت، وكان الّذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالٌ قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}» ). [صحيح البخاري: 6/ 21]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، قال البراء: «صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرًا، وكان يشتهي أن يصرف إلى الكعبة. قال: فبينا نحن نصلّي ذات يومٍ، فمرّ بنا مارٌّ، فقال: ألا هل علمتم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد صرف إلى الكعبة؟ قال: وقد صلّينا ركعتين إلى ها هنا، وصلّينا ركعتين إلى ها هنا قال أبو كريبٍ: فقيل له: فيه أبو إسحاق؟ فسكت».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا النّفيليّ، قال: حدّثنا زهيرٌ، قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن البراء: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده أو أخواله من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستّة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى صلاة العصر، ومعه قومٌ فخرج رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم ركوعٌ، فقال: أشهد لقد صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة. فداروا كما هم قبل البيت، وكان يعجبه أن يحوّل قبل البيت. وكان اليهود قد أعجبهم هذا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (- حدّثنا أبو زرعة، ثنا الحسن بن عطيّة، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة، فأنزل اللّه تعالى:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} قال: فوجّه نحو الكعبة، وقال السّفهاء من النّاس- وهم اليهود- ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا هاجر إلى المدينة أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحبّ قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه:{ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}فأنزل اللّه عزّ وجلّ فولّوا وجوهكم شطره يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}»..). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 247-248]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) - البراء بن عازب رضي الله عنهما: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستّة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلّاها صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة، فداروا - كما هم قبل البيت - وكانت اليهود قد أعجبهم ; إذ كان يصلّي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قبل البيت، أنكروا ذلك».
قال: وفي رواية: «أنه مات على القبلة - قبل أن تحوّل - رجالٌ وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم؟ فأنزل الله عز وجل: {وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}[البقرة: 143]».
وفي أخرى: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يوجّه إلى الكعبة، فأنزل اللّه عز وجل {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء} فتوجّه نحو الكعبة، فقال السّفهاء - وهم اليهود -: {ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم} [البقرة: 142]» هذه رواية البخاري ومسلم.
وأخرجه الترمذي قال: «لمّا قدم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المدينة، صلّى نحو بيت المقدس ستّة - أو سبعة - عشر شهراً، وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يوجّه إلى الكعبة، فأنزل الله تبارك وتعالى: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} فوجّه نحو الكعبة، وكان يحبّ ذلك، فصلّى رجلٌ معه العصر، قال: ثم مرّ على قومٍ من الأنصار وهم ركوعٌ في صلاة العصر نحو بيت المقدس. فقال: هو يشهد أنّه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قد وجّه إلى الكعبة، فانحرفوا وهم ركوعٌ».). [جامع الأصول: 2/ 10-12]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال البخاريّ: حدّثنا أبو نعيم، سمع زهيراً، عن أبي إسحاق، عن البراء -رضي اللّه عنه-: «أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلاها، صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ. فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد باللّه لقد صليت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت. وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالًا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}», انفرد به البخاريّ من هذا الوجه. ورواه مسلمٌ من وجهٍ آخر.
وقال محمّد بن إسحاق: حدّثني إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي نحو بيت المقدس، ويكثر النّظر إلى السّماء ينتظر أمر اللّه, فأنزل اللّه:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}فقال رجالٌ من المسلمين: وددنا لو علمنا علم من مات منّا قبل أن نصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس؟ فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}وقال السّفهاء من النّاس -وهم أهل الكتاب-: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{سيقول السّفهاء من النّاس}إلى آخر الآية».
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا الحسن بن عطيّة، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة, فأنزل اللّه: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}»، قال: «فوجّه نحو الكعبة. وقال السّفهاء من النّاس -وهم اليهود-: {ما ولاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}، فأنزل اللّه: {قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لمّا هاجر إلى المدينة، أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{فولّوا وجوهكم شطره}أي: نحوه. فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ:«أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لمّا هاجر إلى المدينة، أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء»، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{فولّوا وجوهكم شطره}أي: نحوه. فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وكان يكثر الدعاء والابتهال أن يوجّه إلى الكعبة، التي هي قبلة إبراهيم، عليه السّلام، فأجيب إلى ذلك، وأمر بالتوجّه إلى البيت العتيق، فخطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم النّاس، وأعلمهم بذلك.). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن حبان والبيهقي في "سننه" عن البراء بن عازب: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار وأنه صلى إلى بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت وأن أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة فداروا كما هم قبل البيت ثم أنكروا ذلك وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن البراء قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يجب أن يصلي نحو الكعبة فكان يرفع رأسه إلى السماء فأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك} الآية، فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله: {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
بقالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عباس قال: «أول ما نسخ في القرآن القبلة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك}إلى قوله:{فولوا وجوهكم شطره}يعني نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله:{قل لله المشرق والمغرب}وقال:{أينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة الآية 115]».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه عن أبي العالية: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل: «وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها» فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك ولا أملك لك شيئا إلا ما أمرت فادع ربك وسله فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}[البقرة الآية 144] يقول: إنك تديم النظر إلى السماء للذي سألت {فول وجهك شطر المسجد الحرام} يقول فحول وجهك في الصلاة نحو المسجد الحرام {وحيث ما كنتم} يعني من الأرض {فولوا وجوهكم} في الصلاة {شطره} نحو الكعبة».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: «صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول: قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة: فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا: إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
31: الصلاة التي تحوّل فيها النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه شطر المسجد الحرام.
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت مالكا يحدث: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم أمر بالتحويل إلى الكعبة، فتحول إلى الكعبة في صلاة الصبح؛ فذهب ذاهبٌ إلى قباء، فوجدهم في صلاة الصبح، فقال لهم: إن النبي عليه السلام قد أنزل عليه القرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستداروا وهم في الصلاة طائعا لله وإتباعا لأمره، قال: ونزل القرآن:{سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب}»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 138-139]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب قوله تعالى: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}
4486 - حدّثنا أبو نعيمٍ، سمع زهيرًا، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي اللّه عنه: «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى، أو صلّاها، صلاة العصر وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون، قال: أشهد باللّه، لقد صلّيت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت، وكان الّذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالٌ قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}» ).[صحيح البخاري: 6/ 21]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( قوله: «أو صلاها» شكّ من الرّاوي، قوله: «صلاة العصر» بالنّصب بدل من الضّمير المنصوب الّذي في صلاها، قوله: «رجل» قيل هو عباد بن نهيك الخطمي الأنصاريّ قاله أبو عمر في كتاب الاستيعاب وقال ابن بشكوال: هو عباد بن بشر الأشهلي.) . [عمدة القاري: 18/ 94-95]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : («وأنه صلىأوصلاها صلاة العصر» بالشك من الراوي ونصب صلاة بدلًا من الضمير المنصوب في صلاها .).[إرشاد الساري: 7/ 15]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا النّفيليّ، قال: حدّثنا زهيرٌ، قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن البراء: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده أو أخواله من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستّة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى صلاة العصر، ومعه قومٌ فخرج رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم ركوعٌ، فقال: أشهد لقد صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة. فداروا كما هم قبل البيت، وكان يعجبه أن يحوّل قبل البيت. وكان اليهود قد أعجبهم هذا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعدٍ الكاتب، قال: حدّثنا أنس بن مالكٍ، قال: «صرف نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس تسعة أشهرٍ أو عشرة أشهرٍ، فبينما هو قائمٌ يصلّي الظّهر بالمدينة، وقد صلّى ركعتين نحو بيت المقدس، انصرف بوجهه إلى الكعبة، فقال السّفهاء:{ما ولاّهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها}».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
وقال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) - البراء بن عازب رضي الله عنهما: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستّة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلّاها صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة، فداروا - كما هم قبل البيت - وكانت اليهود قد أعجبهم ; إذ كان يصلّي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قبل البيت، أنكروا ذلك».
قال: وفي رواية: «أنه مات على القبلة - قبل أن تحوّل - رجالٌ وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم؟ فأنزل الله عز وجل:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}[البقرة: 143]».
وفي أخرى: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يوجّه إلى الكعبة، فأنزل اللّه عز وجل{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء}فتوجّه نحو الكعبة، فقال السّفهاء - وهم اليهود -:{ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم}[البقرة: 142]» هذه رواية البخاري ومسلم.
وأخرجه الترمذي قال: «لمّا قدم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المدينة، صلّى نحو بيت المقدس ستّة - أو سبعة - عشر شهراً، وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يوجّه إلى الكعبة، فأنزل الله تبارك وتعالى:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}فوجّه نحو الكعبة، وكان يحبّ ذلك، فصلّى رجلٌ معه العصر، قال: ثم مرّ على قومٍ من الأنصار وهم ركوعٌ في صلاة العصر نحو بيت المقدس. فقال: هو يشهد أنّه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قد وجّه إلى الكعبة، فانحرفوا وهم ركوعٌ».
وأخرجه النسائي قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فصلى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهراً، ثمّ إنّه وجّه إلى الكعبة، فمرّ رجلٌ قد كان صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم على قومٍ من الأنصار، فقال: أشهد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجّه إلى الكعبة، فانحرفوا إلى الكعبة».
شرح الغريب:
(قبل البيت) أي: حذاءه، وجهته التي تقابله.
(شطر الشيء) جهته ونحوه). [جامع الأصول: 2/ 10-12]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال البخاريّ: حدّثنا أبو نعيم، سمع زهيراً، عن أبي إسحاق، عن البراء -رضي اللّه عنه-: «أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلاها، صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ. فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد باللّه لقد صليت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت. وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالًا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}», انفرد به البخاريّ من هذا الوجه. ورواه مسلمٌ من وجهٍ آخر.). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( وكان أوّل صلاةٍ صلاها إليها صلاة العصر، كما تقدّم في الصّحيحين من رواية البراء. ووقع عند النّسائيّ من رواية أبي سعيد بن المعلى: أنّها الظّهر. ). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن حبان والبيهقي في "سننه" عن البراء بن عازب: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار وأنه صلى إلى بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت وأن أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة فداروا كما هم قبل البيت ثم أنكروا ذلك وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله:{وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن جرير عن أنس قال: «صلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس تسعة أشهر أو عشرة أشهر فبينما هو قائم يصلي الظهر بالمدينة وقد صلى ركعتين نحو بيت المقدس انصرف بوجهه إلى الكعبة فقال السفهاء:{ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} و{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقال اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن محمد بن عبد الله بن جحش قال: «صليت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرفت القبلة إلى البيت ونحن في صلاة الظهر فاستدار رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا فاستدرنا معه».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
32: استجابة المؤمنين لأمر الله تعالى بالتحول للكعبة.
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت مالكا يحدث: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم أمر بالتحويل إلى الكعبة، فتحول إلى الكعبة في صلاة الصبح؛ فذهب ذاهبٌ إلى قباء، فوجدهم في صلاة الصبح، فقال لهم: إن النبي عليه السلام قد أنزل عليه القرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستداروا وهم في الصلاة طائعا لله وإتباعا لأمره، قال: ونزل القرآن:{سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب}»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 138-139]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب قوله تعالى: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}
4486 - حدّثنا أبو نعيمٍ، سمع زهيرًا، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي اللّه عنه: «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى، أو صلّاها، صلاة العصر وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون، قال: أشهد باللّه، لقد صلّيت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت، وكان الّذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالٌ قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}» ). [صحيح البخاري: 6/ 21]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( قوله: «رجل» قيل هو عباد بن نهيك الخطمي الأنصاريّ قاله أبو عمر في كتاب الاستيعاب وقال ابن بشكوال: هو عباد بن بشر الأشهلي .) . [عمدة القاري: 18/ 94-95]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وصلى معه عليه الصلاة والسلام قوم لم أعرف أسماءهم فخرج رجل هو عباد بن بشر أو عباد بن نهيك ممن كان صلى معه عليه الصلاة والسلام فمرّ على أهل المسجد من بني حارثة والمسجد بالمدينة أو مسجد قباء وهم راكعون».).[إرشاد الساري: 7/ 15]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (- أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا إسحاق، عن زكريّا، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازبٍ، قال: «قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة فصلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، ثمّ إنّه وجّه إلى الكعبة، فمرّ رجلٌ قد كان صلّى مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على قومٍ من الأنصار فقال: أشهد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد وجّه إلى الكعبة فانحرفوا إلى الكعبة».). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 16]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا النّفيليّ، قال: حدّثنا زهيرٌ، قال: حدّثنا أبو إسحاق، عن البراء: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده أو أخواله من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستّة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى صلاة العصر، ومعه قومٌ فخرج رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم ركوعٌ، فقال: أشهد لقد صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة. فداروا كما هم قبل البيت، وكان يعجبه أن يحوّل قبل البيت. وكان اليهود قد أعجبهم هذا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
بقال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) - البراء بن عازب رضي الله عنهما: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستّة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلّاها صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة، فداروا - كما هم قبل البيت - وكانت اليهود قد أعجبهم ; إذ كان يصلّي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قبل البيت، أنكروا ذلك».
قال: وفي رواية: «أنه مات على القبلة - قبل أن تحوّل - رجالٌ وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم؟ فأنزل الله عز وجل:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}[البقرة: 143]».
وفي أخرى: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يوجّه إلى الكعبة، فأنزل اللّه عز وجل{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء}فتوجّه نحو الكعبة، فقال السّفهاء - وهم اليهود -:{ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم}[البقرة: 142]» هذه رواية البخاري ومسلم.
وأخرجه الترمذي قال: «لمّا قدم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المدينة، صلّى نحو بيت المقدس ستّة - أو سبعة - عشر شهراً، وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يوجّه إلى الكعبة، فأنزل الله تبارك وتعالى:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}فوجّه نحو الكعبة، وكان يحبّ ذلك، فصلّى رجلٌ معه العصر، قال: ثم مرّ على قومٍ من الأنصار وهم ركوعٌ في صلاة العصر نحو بيت المقدس. فقال: هو يشهد أنّه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قد وجّه إلى الكعبة، فانحرفوا وهم ركوعٌ».
وأخرجه النسائي قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فصلى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهراً، ثمّ إنّه وجّه إلى الكعبة، فمرّ رجلٌ قد كان صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم على قومٍ من الأنصار، فقال: أشهد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجّه إلى الكعبة، فانحرفوا إلى الكعبة».
شرح الغريب:
(قبل البيت) أي: حذاءه، وجهته التي تقابله.
(شطر الشيء) جهته ونحوه). [جامع الأصول: 2/ 10-12]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال البخاريّ: حدّثنا أبو نعيم، سمع زهيراً، عن أبي إسحاق، عن البراء -رضي اللّه عنه-: «أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلاها، صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ. فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد باللّه لقد صليت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت. وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالًا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}», انفرد به البخاريّ من هذا الوجه. ورواه مسلمٌ من وجهٍ آخر.). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن حبان والبيهقي في "سننه" عن البراء بن عازب: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار وأنه صلى إلى بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت وأن أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة فداروا كما هم قبل البيت ثم أنكروا ذلك وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله:{وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه وأبو يعلى والبيهقي في "سننه" عن أنس: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون نحو بيت المقدس فلما نزلت هذه الآية{فول وجهك شطر المسجد الحرام}مر رجل من بني سلمة فناداهم وهم ركوع في صلاة الفجر نحو بيت المقدس ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة مرتين فمالوا كما هم ركوع إلى الكعبة».
وأخرج مالك، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والنسائي عن الن عمر قال: «بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة القرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوهم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة» .). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة عن عمارة بن أوس الأنصاري قال: «صلينا إحدى صلاتي العشي فقام رجل على باب المسجد ونحن في الصلاة فنادى أن الصلاة قد وجبت نحو الكعبة فحول أو انحرف أمامنا نحو الكعبة والنساء والصبيان».
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار عن أنس بن مالك قال: «جاءنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن القبلة قد حولت إلى بيت الله الحرام وقد صلى الإمام ركعتين فاستداروا فصلوا الركعتين الباقيتين نحو الكعبة».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
33: أول صلاة صلاها أهل قباء للكعبة
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت مالكا يحدث: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم أمر بالتحويل إلى الكعبة، فتحول إلى الكعبة في صلاة الصبح؛ فذهب ذاهبٌ إلى قباء، فوجدهم في صلاة الصبح، فقال لهم: إن النبي عليه السلام قد أنزل عليه القرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستداروا وهم في الصلاة طائعا لله وإتباعا لأمره، قال: ونزل القرآن:{سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب}»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 138-139]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب قوله تعالى: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}
4486 - حدّثنا أبو نعيمٍ، سمع زهيرًا، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي اللّه عنه: «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى، أو صلّاها، صلاة العصر وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون، قال: أشهد باللّه، لقد صلّيت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت، وكان الّذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالٌ قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}» ). [صحيح البخاري: 6/ 21]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( قوله: «رجل» قيل هو عباد بن نهيك الخطمي الأنصاريّ قاله أبو عمر في كتاب الاستيعاب وقال ابن بشكوال: هو عباد بن بشر الأشهلي .) . [عمدة القاري: 18/ 94-95]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وصلى معه عليه الصلاة والسلام قوم لم أعرف أسماءهم فخرج رجل هو عباد بن بشر أو عباد بن نهيك ممن كان صلى معه عليه الصلاة والسلام فمرّ على أهل المسجد من بني حارثة والمسجد بالمدينة أو مسجد قباء وهم راكعون».).[إرشاد الساري: 7/ 15]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وأمّا أهل قباء، فلم يبلغهم الخبر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّاني، كما جاء في الصّحيحين، عن ابن عمر أنّه قال: «بينما النّاس بقباء في صلاة الصّبح، إذ جاءهم آتٍ فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشّام فاستداروا إلى الكعبة».). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
34: حكم من مات على القبلة الأولى
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب قوله تعالى: {سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}
4486 - حدّثنا أبو نعيمٍ، سمع زهيرًا، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي اللّه عنه: «أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى، أو صلّاها، صلاة العصر وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون، قال: أشهد باللّه، لقد صلّيت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت، وكان الّذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالٌ قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}» ). [صحيح البخاري: 6/ 21]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ): ( قوله: «إيمانكم» أي صلاتكم .) . [عمدة القاري: 18/ 94-95]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : («وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت» الحرام «رجال قتلوا لم ندر ما نقول فيهم». ذكر الواحدي في أسباب النزول منهم: أسعد بن زرارة، وأبا أمامة أحد بني النجار، والبراء بن معرور أحد بني سلمة، لكن ذكر أن أسعد بن زرارة مات في السنة الأولى من الهجرة، والبراء بن معرور في صفر قبل قدومه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة بشهر فأنزل الله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} صلاتكم إلى بيت المقدس {إن الله بالناس لرؤوف رحيم} فلا يضيع أجورهم.). [إرشاد الساري: 7/ 15]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) - البراء بن عازب رضي الله عنهما: «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنّه صلّى قبل بيت المقدس ستّة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلّاها صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ، فخرج رجلٌ ممّن صلّى معه، فمرّ على أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة، فداروا - كما هم قبل البيت - وكانت اليهود قد أعجبهم ; إذ كان يصلّي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قبل البيت، أنكروا ذلك».
قال: وفي رواية: «أنه مات على القبلة - قبل أن تحوّل - رجالٌ وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم؟ فأنزل الله عز وجل:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}[البقرة: 143]».
وفي أخرى: «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يوجّه إلى الكعبة، فأنزل اللّه عز وجل{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء}فتوجّه نحو الكعبة، فقال السّفهاء - وهم اليهود -:{ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم}[البقرة: 142]» هذه رواية البخاري ومسلم.). [جامع الأصول: 2/ 10-12]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال البخاريّ: حدّثنا أبو نعيم، سمع زهيراً، عن أبي إسحاق، عن البراء -رضي اللّه عنه-: «أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى إلى بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلاها، صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ. فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه، فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد باللّه لقد صليت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت. وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالًا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}», انفرد به البخاريّ من هذا الوجه. ورواه مسلمٌ من وجهٍ آخر.
وقال محمّد بن إسحاق: حدّثني إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي نحو بيت المقدس، ويكثر النّظر إلى السّماء ينتظر أمر اللّه, فأنزل اللّه:{قد نرى تقلّب وجهك في السّماء فلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام}فقال رجالٌ من المسلمين: وددنا لو علمنا علم من مات منّا قبل أن نصرف إلى القبلة، وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس؟ فأنزل اللّه:{وما كان اللّه ليضيع إيمانكم}وقال السّفهاء من النّاس -وهم أهل الكتاب-: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{سيقول السّفهاء من النّاس}إلى آخر الآية».). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن حبان والبيهقي في "سننه" عن البراء بن عازب: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار وأنه صلى إلى بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت وأن أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل الكعبة فداروا كما هم قبل البيت ثم أنكروا ذلك وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله:{وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن البراء قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله فأنزل الله:{قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام}[البقرة الآية 144]فقال رجال من المسلمين: وددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس فأنزل الله:{وما كان الله ليضيع إيمانكم}وقال السفهاء من الناس وهم من أهل الكتاب: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله{سيقول السفهاء من الناس} إلى آخر الآية».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: «صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن نافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له: يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل الله:{سيقول السفهاء من الناس}إلى قوله:{إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}أي ابتلاء واختبارا{وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله}أي ثبت الله{وما كان الله ليضيع إيمانكم} يقول: صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}إلى قوله:{فلا تكونن من الممترين}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
35: الحكمة من نسخ القبلة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لمّا هاجر إلى المدينة، أمره اللّه أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بضعة عشر شهرًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو اللّه وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه عزّ وجلّ:{فولّوا وجوهكم شطره}أي: نحوه. فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ما ولّاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل اللّه:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}».). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: «صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن نافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له: يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته عن دينه، فأنزل الله:{سيقول السفهاء من الناس}إلى قوله:{إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}أي ابتلاء واختبارا{وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله}أي ثبت الله{وما كان الله ليضيع إيمانكم} يقول: صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}إلى قوله:{فلا تكونن من الممترين}».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: «صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام {سيقول السفهاء من الناس} وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول: قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة: فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا: إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات».
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: «لما وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا، فقال المنافقون: ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها، وقال المسلمون: ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا، وقال اليهود: إن محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن نكون يكون هو صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة: تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله في المنافقين {سيقول السفهاء من الناس} إلى قوله {إلا على الذين هدى الله} وأنزل في الآخرين الآيات بعدها».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} و{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقال اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله«كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص صلت الأنصار حولين قبل قدوم النبي، وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام فقال في ذلك قائلون من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده قال الله عز وجل: {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وقال أناس من أناس: لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى فأنزل الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} وقد يبتلي الله عباده بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وكل ذلك مقبول في درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله». .). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن عثمان بن حنيف قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم من مكة يدعو الناس إلى الإيمان بالله في تصديق به قولا وعملا والقبلة إلى بيت المقدس فلما هاجر إلينا نزلت الفرائض ونسخت المدينة مكة والقول فيها ونسخ البيت الحرام بيت المقدس فصار الإيمان قولا وعملا».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
36: دلالة الآية اختصاص الله تعالى بالهداية والإضلال
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يهدي من يشاء من خلقه فيسدّده، ويوفّقه إلى الطّريق القويم، وهو الصّراط المستقيم. ويعني بذلك إلى قبلة إبراهيم الّذي جعله للنّاس إمامًا. ويخذل من يشاء منهم فيضلّه عن سبيل الحقّ.
وإنّما عنى جلّ ثناؤه بقوله: {يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} قل: يا محمّد إنّ اللّه هدانا بالتّوجّه شطر المسجد الحرام لقبلة إبراهيم وأضلّكم أيّها اليهود، والمنافقون، وجماعة الشّرك باللّه، فخذلكم عمّا هدانا له من ذلك). [جامع البيان: 2/ 625]
37: دلالة الآية على عظم عناية الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم وأمته
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( وهو تعالى له بعبده ورسوله محمّدٍ -صلوات اللّه وسلامه عليه -وأمته عنايةٌ عظيمةٌ؛ إذ هداهم إلى قبلة إبراهيم، خليل الرّحمن، وجعل توجّههم إلى الكعبة المبنيّة على اسمه تعالى وحده لا شريك له، أشرف بيوت اللّه في الأرض، إذ هي بناء إبراهيم الخليل، عليه السّلام، ولهذا قال: {قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}.
وقد روى الإمام أحمد، عن عليّ بن عاصمٍ، عن حصين بن عبد الرّحمن، عن عمر بن قيسٍ، عن محمّد بن الأشعث، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -يعني في أهل الكتاب -:«إنّهم لا يحسدوننا على شيءٍ كما يحسدوننا على يوم الجمعة، التي هدانا اللّه لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلّوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين»). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبيهقي في "سننه" عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنهم - يعني أهل الكتاب - لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
38: دلالة الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك من الأمر شيئا
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه عن أبي العالية: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل: «وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها» فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك ولا أملك لك شيئا إلا ما أمرت فادع ربك وسله فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}[البقرة الآية 144] يقول: إنك تديم النظر إلى السماء للذي سألت {فول وجهك شطر المسجد الحرام} يقول فحول وجهك في الصلاة نحو المسجد الحرام {وحيث ما كنتم} يعني من الأرض {فولوا وجوهكم} في الصلاة {شطره} نحو الكعبة».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} و{وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون} قال: فقال المنافقون: حن محمد إلى أرضه وقومه، وقال المشركون: أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه، وقال اليهود للمؤمنين: ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون، وقال المؤمنون: لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا قال: فأنزل الله عز وجل في ذلك {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} إلى قوله{إن الله بالناس لرؤوف رحيم}».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله«كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص صلت الأنصار حولين قبل قدوم النبي، وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام فقال في ذلك قائلون من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده قال الله عز وجل: {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وقال أناس من أناس: لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة الأولى فأنزل الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} وقد يبتلي الله عباده بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وكل ذلك مقبول في درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله». .). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
39: توجيه قول من قال أن أول التوجه كان للكعبة ثم بيت المقدس ثم الرجوع للكعبة
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: «صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أوّل ما صلّى إلى الكعبة، ثمّ صرف إلى بيت المقدس، فصلّت الأنصار نحو بيت المقدس قبل قدومه ثلاث حججٍ، وصلّى بعد قدومه ستّة عشر شهرًا، ثمّ ولاّه اللّه جلّ ثناؤه إلى الكعبة».). [جامع البيان: 2/ 617-625]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما قال: «أوّل ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا شأن القبلة، قال اللّه: {وللّه المشرق والمغرب فأينما تولّوا فثمّ وجه اللّه} [البقرة: 115] فاستقبل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم فصلّى نحو بيت المقدس، وترك البيت العتيق، فقال اللّه تعالى:{سيقول السّفهاء من النّاس ما ولّاهم عن قبلتهم الّتي كانوا عليها} [البقرة: 142] يعنون بيت المقدس فنسختها، وصرفه اللّه إلى البيت العتيق فقال اللّه تعالى:{ومن حيث خرجت فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره} [البقرة: 150]» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرّجاه بهذه السّياقة ). [المستدرك: 2/ 294] (م)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( وحاصل الأمر أنّه قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر باستقبال الصّخرة من بيت المقدس، فكان بمكّة يصلّي بين الرّكنين، فتكون بين يديه الكعبة وهو مستقبلٌ صخرة بيت المقدس، فلمّا هاجر إلى المدينة تعذّر الجمع بينهما، فأمره اللّه بالتّوجّه إلى بيت المقدس، قاله ابن عبّاسٍ والجمهور). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه والنحاس والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس: «أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما تحول إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة».). [الدر المنثور: 2/ 5-17]
الإعراب
1: إعراب (من الناس)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (والجار والمجرور في محل نصب على الحال من السفهاء والعامل فيها سيقول وهي حال مبينة .). [إرشاد الساري: 7/ 15]
2: إعراب (ما ولّاهم)
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وجملة الاستفهام في محل نصب بالقول .).[إرشاد الساري: 7/ 15]
أحكام الآية
الناسخ لا يلزم حكمه إلا بعد العلم به
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( وأمّا أهل قباء، فلم يبلغهم الخبر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّاني، كما جاء في الصّحيحين، عن ابن عمر أنّه قال: «بينما النّاس بقباء في صلاة الصّبح، إذ جاءهم آتٍ فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشّام فاستداروا إلى الكعبة».
وفي هذا دليلٌ على أنّ النّاسخ لا يلزم حكمه إلّا بعد العلم به، وإن تقدّم نزوله وإبلاغه؛ لأنّهم لم يؤمروا بإعادة العصر والمغرب والعشاء، واللّه أعلم.). [تفسير ابن كثير: 1/ 452-454]