939- وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لاَ طَلاقَ إِلاَّ بَعْدَ نِكَاحٍ، وَلاَ عِتْقَ إِلاَّ بَعْدَ مِلْكٍ)). رواهُ أبو يَعْلَى، وصَحَّحَهُ الحَاكِمُ، وهو مَعْلُولٌ، وأخْرَجَ ابنُ مَاجَهْ عن المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ مِثْلَه، وإسنادُه حَسَنٌ، لَكِنَّهُ مَعْلُولٌ أَيْضاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* دَرجَةُ الحَديثِ:
الحَدِيثُ حَسَنٌ.
قالَ المُصَنِّفُ: رواهُ أبو يَعْلَى، وصَحَّحَهُ الحاكِمُ، وقالَ: أنا مُتَعَجِّبٌ مِن الشيخيْنِ كيفَ أَهْملاهُ، فلَقَدْ صَحَّ على شَرْطِهِما من حديثِ ابنِ عُمَرَ، وعَائِشَةَ، وابنِ عَبَّاسٍ، ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وجَابِرٍ.
ولكنَّه مَعْلُولٌ بِمَا قَالَه الدَّارَقُطْنِيُّ: الصحيحُ أَنَّه مُرْسَلٌ لَيْسَ فيهِ جَابِرٌ.
قالَ يَحْيَى بنُ مَعِينٍ: لا يَصِحُّ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: لا طَلاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ.
وقالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: رُوِيَ مِن وُجوهٍ إِلاَّ أنَّها عندَ أَهْلِ العلمِ بالحديثِ مَعْلُولَةٌ، ولكنْ يَشْهَدُ له ما أخْرَجَهُ ابنُ مَاجَهْ عن المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ مثلَه، وإسنادُه حَسَنٌ، لكنَّه أيضاً مَعْلُولٌ؛ لأنه اخْتُلِفَ فيهِ على الزُّهْرِيِّ.
قالَ البَيْهَقِيُّ: أصَحُّ حديثٍ في البابِ حَديثُ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, عن أَبِيهِ, عَنْ جَدِّه، عندَ أصحابِ السُّننِ: ((لَيْسَ عَلَى رَجُلٍ طَلاقٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ)) الحديثَ.
قال التِّرْمِذِيُّ: هو أَحْسَنُ شيءٍ رُوِيَ في هذا البابِ.
وقالَ البَيْهَقِيُّ: قالَ البُخارِيُّ: أصَحُّ شَيْءٍ وأَشهَرُه حَدِيثُ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, عن أبيهِ, عن جَدِّه.
وقدْ حَسَّنَ الحديثَ السيوطيُّ في (الجامِعِ الصغيرِ)، وقالَ ابْنُ عبدِ الهادي: رِجَالُه ثِقَاتٌ.
940- وعن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ, عن أَبِيهِ, عن جَدِّهِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُم ـ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لاَ نَذْرَ لابْنِ آدَمَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ، وَلاَ عِتْقَ لَهُ فِيمَا لاَ يَملِكُ، وَلاَ طَلاقَ لَهُ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ)). أخْرَجَهُ أبو دَاوُدَ والتِّرْمِذِيُّ، وصَحَّحَهُ، ونَقَلَ عن البخاريِّ أنه أصَحُّ ما وَرَدَ فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* دَرجَةُ الحَديثِ:
تَقَدَّمَ الكلامُ عليهِ في دَرجَةِ الحَديثِ السابِقِ. وذَكَرَه ابنُ حَجَرٍ في (التلخيصِ)، وسَكَتَ عنه، ونَقَلَ هنا ابنُ حَجَرٍ تصحيحَ التِّرْمِذِيِّ له، وقالَ التِّرْمِذِيُّ: هو أَحْسَنُ شيءٍ رُوِيَ في هذا البابِ. كما سَبَقَهُ الإمامُ البُخارِيُّ فَقَالَ: إِنَّه أصَحُّ شَيْءٍ فِي البابِ. وحَسَّنَهُ المُنْذِرِيُّ.
* مَا يُؤْخَذُ من الحَديثَيْنِ:
1- التصَرُّفُ لا يَصِحُّ ولا يَنْفُذُ إلاَّ فيما يَملِكُه الإنسانُ، أمَّا الشيءُ الذي لَيْسَ تحتَ تَصَرُّفِه، فلا يَجُوزُ ولا يَصِحُّ تَصَرُّفُه فيهِ، كما قالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((وَلاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)).
2- مِن ذلكَ الطلاقُ لا يَصِحُّ مِن رَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ أجْنَبِيَّةٍ، لَيْسَتْ زَوْجَةً له، فـ ((إِنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ)). وقالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لاَ طَلاقَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ)).
3- ومن ذلك العِتْقُ، فلا يَصِحُّ أَنْ يُعْتِقَ رقيقاً لا يَمْلِكُه؛ لأنَّ تَصَرُّفَه لَمْ يَقَعْ مَحَلَّه.
4- إذا عَلَّقَ طلاقَ أجنبيةٍ على نكاحِه لها، فقالَ: إِنْ نَكَحْتُ فُلانَةَ فهي طَالِقٌ، ففيهِ ثلاثةُ أقوالٍ للعلماءِ:
الأولُ: عَدَمُ وُقوعِ الطلاقِ، وهو قولُ الشافعِيِّ، وأحمدَ.
الثاني: صِحَّةُ التعليقِ مُطْلقاً، وهو قولُ أبي حَنِيفَةَ.
الثالثُ: التفصيلُ بينَ أنْ يَخُصَّ امرأةً بعَيْنِها، فيَقَعُ الطلاقُ، وإنْ عَمَّ, فقالَ: كُلُّ امْرأةٍ أتَزَوَّجُها فهي طَالِقٌ. لَمْ يَقَعْ شَيْءٍ، وهو قولُ مَالِكٍ.
والراجِحُ هو القولُ الأولُ.
قالَ ابْنُ رُشْدٍ: والفَرْقُ بينَ التَّخْصيصِ والتعميمِ هو استحسانٌ مَبْنِيٌّ على المصلحةِ.
5- الإمامُ أبو حنيفةَ رَحِمَهُ اللهُ فَرَّقَ في التعليقِ بينَ الطلاقِ والعِتْقِ، فأبْطَلَهُ في الطلاقِ، وأجازَهُ في العِتْقِ، وهو روايةٌ عن أحمدَ، اختارَها ابنُ القَيِّمِ؛ وذلك لأنَّ العِتْقَ له قُوَّةٌ وسِرَايَةٌ، ولأنَّه يَصِحُّ أنْ يُجْعَلَ المِلْكُ سَبَباً للعِتْقِ، من بَابِ القُرَبِ والطَّاعات،ِ بخِلافِ النِّكاحِ، فإِنَّه يُقْصَدُ للبقاءِ، ولَيْسَ الطلاقُ عِبَادَةً، وإنَّما هو مَكْرُوهٌ.
6- أمَّا الحديثُ رَقْمُ (940) فيَدُلُّ على أنَّ النَّذْرَ لا يَصِحُّ، ولا يَنْعَقِدُ في شيءٍ لا يَمْلِكُهُ النَّاذِرُ حِينَ نَذْرِه، حتى ولو مَلَكَه بعدَه، فلا يَلْزَمُه الوفاءُ به, ولا كَفَّارَةَ عليهِ.
* قَرَارٌ هَيْئَةِ كِبَارِ العُلماءِ بشَأْنِ الطلاقِ المُعَلَّقِ:
قَرَارُ رَقْمُ (16) وتاريخ 12/11/1393 هـ.
الحمدُ للهِ وَحْدَه، والصلاةُ والسَّلامُ علَى مَن لا نَبِيَّ بعدَه.
وبعدُ: فبِناءً على قَرارِ مَجْلِسِ هَيْئَةِ كِبَارِ العُلماءِ رَقْمِ (14)، الصادِرِ عنها في دَوْرَتِها الثالثةِ المُنْعَقِدَةِ فيما بينَ 1/ 4 / 1393 هـ و 17/4 / 1393 هـ، القاضي بتَأْجِيلِ دِرَاسَةِ مَوضُوعِ الطلاقِ المُعلَّقِ إلى الدورةِ الرابعةِ لمجلسِ الهيئةِ.
فقَدْ جرَى إدراجُ الموضوعِ في جدولِ أعمالِ الهيئةِ لدورتِها الرابعةِ، المُنعَقِدَةِ فيما بينَ 29/10/1393 هـ و 12/11/ 1393 هـ، وفي هذه الدورةِ جَرَى دِراسةُ الموضوعِ، بعدَ الاطِّلاعِ على البحثِ المُقدَّمِ من الأمانةِ العامَّةِ لهيئةِ كِبارِ العلماءِ، والمُعَدِّ من اللجنةِ الدائمةِ للبحوثِ والإفتاءِ.
وبعدَ دِراسةِ الموضوعِ، وتداوُلِ الرأْيِ، واستعراضِ كَلامِ أهلِ العلمِ في ذلك، ومُناقَشَةِ ما على كلِّ قَولٍ مِن إيرادٍ، معَ الأخْذِ في الاعتبارِ أنه لَمْ يَثْبُتْ نَصٌّ صريحٌ لا في كتابِ اللهِ ولا فِي سُنَّةِ رسولِه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، باعتبارِ الطلاقِ المُعلَّقِ طلاقاً عندَ الحِنْثِ، وعَدَمِ اعتبارِه، وأنَّ المَسْألَةَ نَظَرِيَّةٌ، للاجتهادِ فيها مَجالٌ.
بعدَ ذلك: تَوصَّلَ المجلسُ بأكثريَّتِه إلى اختيارِ القولِ بوُقوعِ الطلاقِ عندَ حُصولِ المُعلَّقِ عليهِ، سَواءٌ قَصَدَ مَن عَلَّقَ طلاقَه على شَرْطِ الطلاقِ المَحْضِ، أو كانَ قَصْدُه الحَثَّ، أو المَنْعَ، أو تَصْدِيقَ خَبَرٍ، أو تَكْذِيبَه؛ وذلك لأُمورٍ، أهَمُّها ما يَلِي:
1- ما وَرَدَ عن الصَّحابَةِ والتابِعِينَ من الآثارِ في ذلك، ومنه ما أخْرَجَهُ البخارِيُّ في صَحِيحِه مُعَلَّقاً بصيغةِ الجَزْمِ، مِن أَنَّ رجُلاً طَلَّقَ امرأتَه ألبَتَّةَ إنْ خَرَجَتْ؛ فقالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ خَرَجَتْ، فَقَدْ بَانَتْ مِنه، وإِنْ لَمْ تَخْرُجْ، فلَيْسَ بشَيْءٍ.
ومَا رَوَى البَيْهَقِيُّ بإسنادِه عَنِ ابنِ مَسْعودٍ في رَجُلٍ قالَ لامرأتِه: إِنْ فَعَلَتْ كذا وكذا، فهي طَالِقٌ. فتَفْعَلُه, قالَ: هِيَ واحِدَةٌ، وهو أحَقُّ بها، وما رَواهُ أيضاً بإسنادِه إلى أبي الزِّنادِ عن أبيهِ, أنَّ الفُقَهاءَ السَّبْعَةَ من أهلِ المدينةِ كانوا يَقولونَ: أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ خَرَجْتِ إلى اللَّيْلِ. فخَرَجَتْ؛ طُلِّقَتِ امْرَأَتُه، إلى غَيْرِ ذلك من الآثارِ، مِمَّا يُقَوِّي بعضُها بعضاً.
2- لِمَا أَجْمَعَ عليهِ أهْلُ العلمِ - إلاَّ مَن شَذَّ- في إيقاعِ الطلاقِ من الهَازِلِ، معَ القَطْعِ بأنه لَمْ يَقْصِدِ الطلاقَ، وذلك استناداً إلى حَديثِ أبي هُرَيْرَةَ وغيرِه، مِمَّا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بالقَبُولِ، من أنَّ ثَلاثاً جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلاقُ والنِّكاحُ والعَتاقُ، فإنَّ كُلاًّ مِن الهازِلِ والحالِفِ بالطلاقِ قَدْ عَمَدَ قَلْبُه إلى ذلك الطلاقِ، وإنْ لَمْ يَقْصِدْهُ، فلا وَجْهَ للتفريقِ بينَهما، بإيقاعِه على الهازِلِ به، وعَدَمِ إيقاعِه على الحالِفِ به.
3- لقولِهِ تعالى: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِن الْكَاذِبِينَ} [النور:7]، ووَجْهُ الاستدلالِ بها أنَّ المُلاعِنَ يَقْصِدُ بهذا الشرطِ التصديقَ، ومعَ ذلك فهو مُوجِبٌ اللَّعْنَةَ والغَضَبَ على تَقْديرِ الكَذِبِ.
4- أنَّ هذا التعليقَ، وإنْ قُصِدَ به المَنْعُ، فالطلاقُ مَقْصودٌ به على تَقديرِ الوُقوعِ؛ ولذلك أقَامَه الزوجُ مَانِعاً له من وُقوعِ الفِعْلِ، ولولاَ ذَلِكَ لَمَا امْتَنَعَ.
5- أنَّ القَوْلَ بوُقوعِ الطلاقِ عِنْدَ حُصولِ الشرطِ المُعَلَّقِ عَلَيْهِ قولُ جَماهِيرِ أَهْلِ العلمِ وأَئِمَّتِهم، فهو قولُ الأئِمَّةِ الأربعةِ: أبي حنيفةَ، ومَالِكٍ، والشافِعِيِّ، وأَحْمَدَ، وهو المَشْهُورُ في مذاهبِهم.
قالَ تَقِيُّ الدينِ السُّبْكِيُّ في رسالتِه (الدُّرَّةِ المُضيئَةِ): وقدْ نَقَلَ إجماعَ الأئمَّةِ على ذلك أئِمَّةٌ لا يُرْتَابُ في قَولِهم، ولا يُتَوَقَّفُ في صِحَّةِ نَقْلِهم، فمِن ذلك الإمامُ الشافعِيُّ رَضِيَ اللهُ عنهُ, وناهِيكَ به، ومِمَّن نَقَلَ الإجماعَ على هذهِ المسألةِ الإمامُ المُجْتَهِدُ أبو عُبَيْدٍ، وهو مِن أَئِمَّةِ الاجتهادِ؛ كالشافعيِّ وأحمدَ وغيرِهما، وكذلك نَقَلَه أبو ثَوْرٍ، وهو مِن الأئِمَّةِ أيضاً.
وكذلك نَقَلَ الإجماعَ على وُقوعِ الطلاقِ الإمامُ محمدُ بنُ جَريرٍ الطَّبَرِيُّ، وهو من أئِمَّةِ الاجتهادِ أصحابِ المذاهبِ المَتْبوعَةِ، وكذلك نَقَلَ الإجماعَ أبو بَكْرِ بنُ المُنْذِرِ، ونقَلَه أيضاً الإمامُ الربَّانِيُّ المشهورُ بالولايةِ والعلمِ مُحمدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ، ونَقَلَه الإمامُ الحافِظُ أبو عُمَرَ بنُ عبدِ البَرِّ في كتابَيْهِ (التَّمهيدِ) و (الاسْتِذكارِ)، وبَسَطَ القولَ فيه على وَجْهٍ لَمْ يُبْقِ لقائِلٍ مَقالاً، ونَقَلَ الإجماعَ الإمامُ ابنُ رُشْدٍ في كِتابِ (المُقَدِّماتِ) له، ونَقَلَه الإمامُ الباجِيُّ في (المُنْتَقَى).
إلى أنْ قَالَ: وأَمَّا الشَّافِعِيُّ وأبو حَنيفةَ ومَالِكٌ وأتْباعُهم فلَمْ يَخْتَلِفُوا في هذهِ المسألةِ، بل كُلُّهم نَصُّوا على وُقوعِ الطلاقِ، وهو مُسْتَقِرٌّ بينَ الأُمَّةِ، والإمامُ أحمدُ أكثرُهم نَصًّا عليها، فإنَّه نَصَّ على وُقوعِ الطلاقِ، ونَصَّ على أنَّ يَمِينَ الطلاقِ والعَتاقِ لَيْسَتْ مِن الأيْمَانِ التي تُكَفَّرُ، ولا تَدْخُلُها الكَفَّارَةُ. اهـ.
وقَدْ أَجَابَ مَن يَرَى خِلافَ ذلك عَمَّا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ رَحِمَه اللهُ من الإجماعِ بأنه خَاصٌّ فيما إذا قَصَدَ وُقوعَ الطلاقِ بوقوعِ الشَّرْطِ.
وفي القَواعِدِ النُّورَانِيَّةِ لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ ما نَصُّه: قالَ إسماعيلُ بنُ سَعيدٍ الشالنجيُّ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عن الرجُلِ يَقولُ لابْنِه: إنْ كَلَّمْتُكَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وعبدِي حُرٌّ؟ قالَ: لا يَقومُ هذا مَقامَ اليَمِينِ، ويَلْزَمُه ذلك في الغَضَبِ والرِّضا. اهـ.
وقالَ أيضاً: وما وَجَدْتُ أحداً من العلماءِ المشاهيرِ بلَغَه في هذهِ المسألةِ مِن العِلْمِ المأثورِ من الصحابةِ مَا بَلَغَ أحمدَ، فقالَ المَرْوَزِيُّ: قالَ أبو عَبْدِ اللهِ: إذا قالَ: كُلُّ مَمْلوكٍ له حُرٌّ. فيُعْتَقُ عليهِ إِذَا حَنِثَ؛ لأنَّ الطلاقَ والعِتْقَ لَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ. اهـ.
أمَّا المشايخُ؛ عبدُ اللهِ بنُ حُمَيْدٍ، وعبدُ العَزيزِ بنُ بَازٍ، وعبدُ اللهِ خَيَّاطٌ، وعَبْدُ الرزَّاقِ عَفِيفِي، وإبراهيمُ بنُ محمدٍ آلُ الشيخِ، ومحمدُ بنُ جُبَيْرٍ، وصالِحُ بنُ لحيدان، فقَدِ اختارُوا القَوْلَ باعتبارِ الطلاقِ المُعلَّقِ على شَرْطٍ يُقْصَدُ بهِ الحَثُّ، أو المَنْعُ، أو تَصْدِيقُ خَبَرٍ، أو تَكْذِيبُه، ولَمْ يُقْصَدْ إيقاعُ الطلاقِ ـ يَمِيناً مُكَفَّرَةً، ولهم في ذلك وِجْهَةُ نَظَرٍ مرفقة، وباللهِ التوفيقُ، وصَلَّى اللهُ على مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه وسَلَّمَ.
هَيْئَةُ كِبَارِ العُلماءِ.