النظر في المصاحف
● هدي السلف الصالح في النظر في المصحف
● حمل الإمام للمصحف.
● حمل المأموم للمصحف.
● المفاضلة بين قراءة القرآن من المصحف وقراءته عن ظهر قلب
● الخلاصة في مسألة النظر في المصحف
● هدي السلف الصالح في النظر في المصحف :
حديث ابن عباس رضي الله عنهما:(من أدام النظر في المصحف, متعه الله ببصره ما بقي في الدنيا)
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:( من سره أن يحبه الله , فليقرأ في المصحف)
الأحاديث لا تدرج ضمن هدي السلف الصالح، إنما هي هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن الحديثين لا يشيران إلى هديه صلى الله عليه وسلم في النظر في المصحف، إنما يشيران إلى فضل النظر في المصحف، فيكون العنوان: الأحاديث الواردة في فضل النظر في المصحف
مظاهر عناية السلف بالنظر في المصاحف:
أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه" أنه كان إذا دخل بيته , نشر المصحف فقرأ فيه"
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: ما أحب أن يمضي علي يوم ولا ليلة لا أنظر في كلام الله عز وجل يعني القرآن في المصحف.).
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أديموا النظر في المصحف)
أثر ابن مسعود رضي الله عنه يمكن أن يضم للأحاديث وما كان مثله ويكون تحت عنوان أوسع وهو: الأحاديث والآثار الواردة في فضل النظر في المصاحف
عن عبد الله بن مسعود: " أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف فقرءوا، وفسر لهم"
عن عائشة قالت: إنّي لأقرأ جزئي، أو عامّة جزئي، وأنا مضطجعةٌ على فراشي
عن عائشة ، رضي الله عنها : " أنها كانت تقرأ في رمضان في المصحف بعد الفجر ، فإذا طلعت الشمس نامت"
عن خيثمة، قال: دخلت على عبد الله بن عمر , وهو يقرأ في المصحف فقال: "هذا جزئي الذي أقرؤه الليلة"
عن ابن عمر، أنه قال: "إذا رجع أحدكم من سوقه , فلينشر المصحف فليقرأ"
أُثر الحسن رضي الله عنه: (دخلوا على عثمان والمصحف في حجره)
عن يونس، قال: كان من خلق الأوّلين النّظر في المصاحف، وكان الأحنف بن قيسٍ إذا خلا نظر في المصحف
أثر موسى بن علي: (...أمسكت على فضالة بن عبيدٍ القرآن حتّى فرغ منه)
أثر الليث: (رأيت طلحة يقرأ في المصحف)
أثر الربيع بن خثيم: (كان الرّبيع يقرأ في المصحف، فإذا دخل إنسانٌ غطّاه...)
أثر الأعمش: (كان إبراهيم يقرأ في المصحف فإذا دخل عليه إنسانٌ غطّاه)
أثر الحكم بن عتيبة عن جماعة من التابعين: (إنا كنا نعرض مصاحفنا وإنا أردنا أن نختم، وإن الرحمة تنزل...)
● حمل الإمام للمصحف.
هناك من قال بالكراهة وهناك من رخص في ذلك وحجة الفريقين فيما سيأتي :
حجة من قال بالكراهة
أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (نهى أن يؤمّ النّاس في المصحف...)
عن سعيد بن المسيب: (إذا كان معه ما يقوم به ليله ردّده ولا يقرأ في المصحف)
أثر سعيد والحسن: (...ولا تقرأ في المصحف إذا كان معك ما تقرأ به في ليلته)
أثر مجاهد وإبراهيم: (أنّهما كرها أن يؤمّ، في المصحف)
عن مجاهدٍ، (أنّه كان يكره أن يتشبّهوا، بأهل الكتاب، يعني أن يؤمّهم في المصحف)
ما روي عن سويد بن حنظلة: (أنّه مرّ على رجلٍ يؤمّ قومًا في مصحفٍ فضربه برجله)
وروي عن أبي عبد الرحمن السلمي و الحسن والربيع الكراهة
وحجة من رخص في ذلك:
عن عائشة رضي الله عنها: (أنّه كان يؤمّها عبدٌ لها في مصحفٍ)
ما روي عن القاسم: (أنّ عائشة كانت تقرأ في المصحف فتصلّي في رمضان)
ما روي عن الحسن: (لا بأس أن يؤمّ، في المصحف إذا لم يجد، يعني من يقرأ بهم)
أثر عطاء: (أنّه كان لا يرى بأسًا أن يقرأ في المصحف في الصّلاة)
وليحي بن سعيد الأنصاري ومالك مثله .
ما روي عن ابن شهاب: (لم يزل النّاس منذ كان الإسلام يفعلون ذلك)
● حمل المأموم للمصحف.
أثر ابن شهاب: (لم يزل النّاس منذ كان الإسلام يفعلون ذلك)
أثر ابن سيرين:(كان يصلّي متربّعًا والمصحف إلى جنبه، فإذا تعايا في شيءٍ أخذه فنظر فيه)
عن هشامٍ قال: (كان محمّدٌ ينشر المصحف فيضعه إلى جانبه، فإذا شكّ نظر فيه، وهو في صلاة التّطوّع)
مسألة حمل المأموم والإمام للمصحف سيتكرر الكلام عنها عند الحديث عن حكم القراءة في المصحف في الصلاة والاستشهاد لها، فلا داعي لتكرارها
● المفاضلة بين قراءة القرآن من المصحف وقراءته عن ظهر قلب خارج الصلاة:
كلام النووى: {قراءة القرآن من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر القلب لأن النظر في المصحف عبادة مطلوبة فتجتمع القراءة والنظر، هكذا قاله القاضي حسين من أصحابنا وأبو حامد الغزالي وجماعات من السلف
ونقل الغزالي في الإحياء أن كثيرين من الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقرؤون من المصحف ويكرهون أن يخرج يوم ولم ينظروا في المصحف.
وروى ابن أبي داود القراءة في المصحف عن كثيرين من السلف، ولم أر فيه خلافا).
● الخلاصة في مسألة النظر في المصحف:
مما قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ:
إن المتتبع لأقوال أهل العلم فى هذه المسألة يتحصل له فيها مذهبان رئيسان فى الجملة أحداهما الترخيص وثانيهما الحظر .
ثم إن المرخصين قد اختلفوا فى محل ذلك الترخيص فمنهم من أطلق ليتناول الفرض والنفل وحال الإمامة وحال الإنفراد ومنهم من فرق بين حال الحافظ وحال غير الحافظ فرخص للأول دون الثانى.
وأما القائلون بالحظر فقد اختلفوا أيضا فى درجة ذلك الحظر فمنهم من وصفه بالكراهة ولم يفسد به الصلاة ومنهم من وصفه بالحرمة وقطع معه بفساد الصلاة وسبب اختلافهم والله أعلم تعارض الآثار فى هذا الباب.
وهذا التفصيل بعد الإجمال:يمكنك اختصار كلام الشيخ بأسلوبك ولا تنسخي نسخا
_ أجاز جمهور الفقهاء القراءة من المصحف في الصلاة على خلاف في كونه مقيدًا بالضرورة أو على اطلاقه وذلك لغير العاجز عن قراءة الفاتحة عن ظهر قلب.
_ الجمهور على القول بوجوب القراءة فى المصحف إذا عجز عن قراءة الفاتحة عن ظهر قلب وكان يحسنها .
لو قدمت حال الوجوب لكان أفضل في تنظيم المسائل
_ أما غير العاجز فالشافعية والحنابلة جوزوا له القراءة من المصحف فى صلاته مطلقا من غير كراهة , قالوا لأن القراءة عبادة والنظر فى المصحف عبادة أخرى, فإذا انضمت إحدى العبادتين إلى الأخرى فليس فى الشرع ما يمنع من ذلك لاسيما أنه قد روى عن أم المؤمنين عائشه رضى الله عنها : أنها كانت تقرأ بالمصحف فى صلاتها فى رمضان وغيره .
لو نظمت الكلام بذكر عنوان المسألة في سطر
ثم من قال بها في سطر
ثم ذكر حجتهم في سطر ثالث لكان أتم وأبين، حتى نكون ملخصين لا ناسخين
وذهب فريق من أهل العلم إلى تقييد القول بجواز قراءة المصلى من المصحف فى صلاته فى حال الاضطرار وهو , إحدى الروايات عن الحسن البصرى , وبه قال الإمام مالك ,وهو رواية عن الإمام أحمد أيضا فى مسائلة.
فرقوا بين حال الإفراد وحال الإمامة :
_ وذكر ابن منصور فى موضع آخر من مسائله أن إسحاق قال : (( وأما المصلى وحده وهو ينظر فى المصحف أو يقلب الورق له , وكل ماكان من ذلك حين إرادة أن يختم القرآن أو يؤم قوما ليسوا ممن يقرؤن فهو سنة , كان أهل العلم عليه, .......) والظاهر من كلام إسحاق المتقدم أن من أهل العلم من يفرق بين مسألة جواز القراءة من المصحف فى الصلاة بين حال الانفراد وبين حال إمامة الجماعة فيجوزها فى الأول ويمنعها فى الثانى إلا أن تكون الجماعة أمية ليس فيها من يقرأ .
فرقوا بين الفريضة والنافلة :
_ واختار جمع من أهل العلم القول بقصر جواز القراءة من المصحف فى الصلاة على صلاة النفل خاصة.
_ قال القاضى أبو يعلى فى المجرد : إن قرأ فى التطوع فى المصحف لم تبطل صلاته , وإن فعل ذلك فى الفريضة فهل يجوز؟ على روايتين . وقال أحمد : لابأس أن يصلى بالناس القيام وهو يقرأ فى المصحف . قيل : الفريضة ؟ قال : لم أسمع فيها بشئ .
أن الإمام مالكا وأصحابه قد قيدوا القراءة بالمصحف فى النفل لأنه يغتفر فى النفل ما لايغتفر فى الفرض وقيده قوم بما إذا تعايا فى صلاته كما أثر عن ابن سرين
فرقوا بين الحافظ وغير الحافظ:
_وخص قوم الترخيص في حق من كان حافظا وهو مروى عن اللإمامين أبى حنيفة وأحمد واشترط فريق من أهل العلم العكس وهو محكى عن جمع من السلف .
فرقوا بين من يحمل المصحف ومن يكون منشورًا بين يديه :
_ ونقل عن أبى حنيفة التفريق بين من يحمل المصحف فى صلاته ليقرأ فيه وبين من كان المصحف منشورا بين يديه يقرأ فيه من غير حمل , فرخص له فى الثانية دون الأولى.
أحسنت فصل المسائل بارك الله فيك
المانعون وحجتهم :
ذهب جمع من أهل العلم إلى القول بمنع القراءة من المصحف فى الصلاة مطلقا , ثم اختلفوا فى درجة هذا المنع وأثر القراءة من المصحف فى الصلاة على صحتها, منهم من قال بالكراهة مع الصحة ومنهم من أبطل الصلاة قال بذلك جمع من علماء السلف والخلف , وبالغ فريق من أهل العلم , فقالوا ببطلان صلاة من قرأ من المصحف وهو يصلى , وأفسدوا بذلك صلاته مطلقا, وهو مذهب أهل الظاهر.
لو اختصرت الكلام وقلت هم على قسمين: من قال بالتحريم ومن قال بالكراهة لكفاك
حجتهم :
لو ذكرت أصحاب القول قبل ذكر الحجج
واحتج القائلون بمنع القراءة من المصحف فى الصلاة بحجج نقلية وعقلية . فمن المنقول عموم قوله عليه السلام فى الحديث المتفق عليه : ( إن فى الصلاة شغلا )
وبما روى عن ابن عباس أنه قال : ( نهانا أمير المؤمنين عمر أن يؤم الناس بالمصاحف ) , وماروى عن عمار بن ياسر أنه كان يكره أن يؤم الرجل الناس بالليل فى شهر رمضان فى المصحف , قال هو من فعل أهل الكتاب ,وغيرها مما مر بنا من الآثار السابقة .
فهذه النقول تعلل كراهة القراءة من المصحف فى الصلاة بكونها عملا يخل بالخشوع فيها , ويتنافى مع وجوب التفرغ لها , ويشغل عن بعض سننها وهيئآتها فيفوت سنة النظر فى موضع السجود , ووضع اليمنى على الشمال , ويفضى إلى التشبه بأهل الكتاب , فضلا عن كونه إحداثا فى الدين لم يرد الشرع بإباحته .
قال بن حزم : ( ولا يحل لأحد أن يؤم وهو ينظر ما يقرأ به فى المصحف لا فى فريضة ولا نافلة , فإن فعل عالما بأن ذلك لا يجوز بطلت صلاته وصلاة من ائتم به عالما بحاله عالما بأن ذلك لا يجوز.........)
كلام السرخسى فى المبسوط : ( ولأبى حنيفة – رحمة الله تعالى – طريقان .
أحدهما : أن حمل المصحف وتقليب الأوراق والنظر فيه والتفكير فيه ليفهم عمل كثير , وهو مفسد للصلاة كالرمى بالقوس فى صلاته ...)
مناقشتهم لأدلة القائلين بالجواز
قال العينى : ( أثر ذكوان إن صح فهو محمول على أنه كان يقرأ من المصحف قبل شروعه فى الصلاة ...)
وعبارة الكاسانى فى البدائع : ( وأما حديث ذكوان فيحتمل أن عائشة ومن كان من أهل الفتوى من الصحابة لم يعلموا بذلك , وهذا هو الظاهر بدليل أن هذا الصنيه مكروه بلا خلاف .....)
قال محمد بن نصر : ولا نعلم أحدا قبل أبى حنيفة أفسد صلاته , إنما كره ذلك قوم لأنه من فعل أهل الكتاب , فكرهوا لأهل الإسلام أن يتشبهوا بهم . فأما إفساد صلاته فليس لذلك وجه نعلمه ).....( وقراءة القرآن بعيدة الشبه من قراءة كتب الحساب والكتب الواردة , لأن قراءة القرآن من عمل الصلاة , وليست قراءة كتب الحساب من عمل الصلاة فى شئ , فمن فعل ذلك فهو كرجل عمل فى صلاته عملا ليس من أعمال الصلاة ...)
كلام محمد بن نصر رد على إحدى الحجج العقلية للقائلين بالمنع، وأنت لم توردي الحجة، فتنبهي
الخلاصة:
ولا يسع المتأمل فى هذه الأقوال جميعا والمتمعن فى حجج الكل قول إلا أن يميل إلى جانب المنع ولو على سبيل الكراهة لما تقرر فى الأصول من أن عبادات مبناها على التوقيف والأصل فيها الحظر مالم يرد دليل صحيح صريح على مشروعيتها , وإعمالا لقوله عليه السلام ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) ولما يترتب على الترخيص فى القراءة من المصحف فى الصلاة من العزوف عن حفظ القرآن , اتكالا على إمكان الاعتياض بالقراءة من المصحف نظرا فى المواطن التى يحتاج فيها إلى قراءة القرآن والرغبة فى الإتيان على جمعيه كقيام رمضان مثلا ولا يخفى ما فى ظاهرة الاتكال على القراءة نظرا فى المصحف من تضيع لسنة حفظه فى الصور وهذا التضيه بعينه مفسدة كبيرة لا تعارض بمصلحة التيسير على الناس بالترخيص لهم فى القراءة من المصحف فى صلاتهم إذ قد تقرر فى الأصول أيضا أن ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح )
والله أعلم بالصواب).
لا ينبغي نسخ الكلام نسخا، فأين جهد الطالب إذن
فلنكتب خلاصة الكلام بأسلوبنا