دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 11:00 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب شروطه وما نهي عنه منه (17/34) [ما لا يحل في عقد البيع]


وعنْ عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، عنْ أَبِيهِ، عنْ جَدِّهِ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحٌ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)). رواهُ الخمسةُ، وصَحَّحَهُ التِّرمذيُّ وابنُ خُزَيْمَةَ والحاكِمُ. وأَخْرَجَهُ في (عُلُومِ الحديثِ) مِنْ روايَةِ أبي حَنيفةَ عنْ عمرٍو المذكورِ بلَفْظِ: نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ.
ومِنْ هذا الوَجْهِ أَخْرَجَهُ الطبرانيُّ في (الأَوْسَطِ)، وهوَ غَريبٌ.

  #2  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 01:57 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


20/755 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ. وَأَخْرَجَهُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ: نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ.
وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ، وَهُوَ غَرِيبٌ.
(وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ، وَخَرَّجَهُ)؛ أَي: الْحَاكِمُ، (فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ: نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ. وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ): يَعْنِي الَّذِي أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، (أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوْسَطِ، وَهُوَ غَرِيبٌ)، وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ وَاسْتَغْرَبَهُ النَّوَوِيُّ.
وَالْحَدِيثُ اشْتَمَلَ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرِ نَهْيٍ عَن الْبَيْعِ عَلَى صِفَتِهَا:
الأُولَى: سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَصُورَةُ ذَلِكَ حَيْثُ يُرِيدُ الشَّخْصُ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا لأَجْلِ النَّسَاءِ، وَعِنْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ لا يَجُوزُ، فَيَحْتَالُ بِأَنْ يَسْتَقْرِضَ الثَّمَنَ مِن الْبَائِعِ لِيُعَجِّلَهُ إلَيْهِ حِيلَةً.
وَالثَّانِيَةُ: شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِمَا، فَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُ هَذَا نَقْداً وَبِكَذَا نَسِيئَةً. وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَشْرِطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ لا يَبِيعَ السِّلْعَةَ وَلا يَهَبَهَا. وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي السِّلْعَةَ الْفُلانِيَّةَ بِكَذَا، ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ نَقْلاً عَن الْغَيْثِ.
وَفِي النِّهَايَةِ: لا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وهُوَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُسْلِفَنِي أَلْفاً فِي مَتَاعٍ، أَوْ عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي أَلْفاً؛ لأَنَّهُ يُقْرِضَهُ لِيُحَابِيهِ فِي الثَّمَنِ، فَيَدْخُلُ فِي حَدِّ الْجَهَالَةِ، وَلأَنَّ كُلَّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِباً، وَلأَنَّ فِي الْعَقْدِ شَرْطاً وَلا يَصِحُّ، ا.هـ.
وَقَوْلُهُ: ((وَلا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ)) فَسَّرَهُ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّهُ كَقَوْلِكَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ نَقْداً بِدِينَارٍ وَنَسِيئَةً بِدِينَارَيْنِ، وَهُوَ كَالْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، ا.هـ.
وَالثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: ((وَلا رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ))، قِيلَ: مَعْنَاهُ مَا لَمْ يُمَلَّكْ، وَذَلِكَ هُوَ الْغَصْبُ؛ فَإِنَّهُ غَيْرُ مِلْكٍ لِلْغَاصِبِ، فَإِذَا بَاعَهُ وَرَبِحَ فِي ثَمَنِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الرِّبْحُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا لَمْ يَقْبِضْ؛ لأَنَّ السِّلْعَةَ قَبْلَ قَبْضِهَا لَيْسَتْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، إذَا تَلِفَتْ تَلِفَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ.
وَالرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: ((وَلا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ))، قَدْ فَسَّرَهَا حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنْ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْمَبِيعَ لَيْسَ عِنْدِي، فَأَبْتَاعُ لَهُ مِن السُّوقِ، قَالَ: ((لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ))، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لا يَحِلُّ بَيْعُ الشَّيْءِ قَبْلَ أَنْ يُمْلَكَ.

  #3  
قديم 17 محرم 1430هـ/13-01-2009م, 01:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


679- وعن عُمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُم قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، ولا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)) رَوَاهُ الخمسةُ، وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وابنُ خُزَيْمَةَ والحاكِمُ وأَخْرَجَهُ في عُلومِ الحديثِ مِن روايةِ أبي حَنِيفَةَ عن عُمْرٍو المَذْكُورِ بلَفْظِ: " نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ ".
ومن هذا الوَجْهِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ في الأوسطِ، وهو غَرِيبٌ.

درجةُ الحديثِ:
الحديثُ حَسَنٌ بطُرُقِهِ.
قالَ في (التلخيصِ): رَوَاهُ مَالِكٌ بَلاغاً، والبَيْهَقِيُّ مَوْصولاً من حديثِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وله طُرُقٌ أُخَرُ عندَ النَّسائِيِّ والحاكمِ من طريقِ عطاءٍ الخُراسانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو، ولكنْ قالَ النَّسائِيُّ: عَطَاءٌ لَمْ يَسْمَعْ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو.
وفي البَيْهَقِيِّ: من حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ، وفي الطَّبَرَانِيِّ: من حديثِ حكيمِ بنِ حِزَامٍ.
وقالَ الشَّوْكَانِيُّ: الحديثُ صَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ والحاكِمُ وابنُ حِبَّانَ، وهو عندَهم من حديثِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ، وأَخْرَجَهُ ابنُ حَزْمٍ في (المُحَلَّى)، والخَطَّابِيُّ في (المَعَالِمِ)، والطَّبَرَانِيُّ في (الأوسطِ).
قالَ في (المُنْتَقَى) للمَجْدِ: قالَ التِّرْمِذِيُّ: هذا حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وصَحَّحَهُ الحَاكِمُ وقالَ: حَدِيثٌ صحيحٌ على شرطِ جَماعَةٍ من أئمَّةِ الحديثِ. ووافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، كما صَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ وعبدُ الحَقِّ والمُنْذِريُّ وابنُ القَيِّمِ.


مُفْرَداتُ الحديثِ:
-سَلَفٌ: بفتحتَيْنِ؛ أي: قَرْضٌ، وهو شَرْعاً: دَفْعُ مَالٍ لمَن يَنْتَفِعُ بهِ، ويُرَدُّ بدَلُهُ.
-رَبْحُ: رَبِحَ في تِجارَتِهِ يَرْبَحُ رِبْحاً؛ أي: كَسَبَ، فهو رَابِحٌ، والرِّبْحُ: اسْمٌ لِمَا يُرْبَحُ، جَمْعُهُ أَرْباحٌ.
-مَا لَمْ يُضْمَنْ: مَبْنِيٌّ للمَجْهُولِ؛ أي: مَا لَمْ يُمْلَكْ، ولَمْ يُقْبَضْ.
-مَا لَيْسَ عِنْدَكَ: أي شَيْئاً لَيْسَ فِي مِلْكِكَ حَالَ العَقْدِ مِن المَبِيعاتِ المُعَيَّناتِ.

ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
قالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي ( تَهْذِيبِ السُّنَنِ): هذا الحَدِيثُ أَصْلٌ مِن أُصولِ المُعامَلاتِ، وهو نَصٌّ في تَحْرِيمِ الحِيَلِ الرَّبَوِيَّةِ.
قُلْتُ: ففيهِ أَرْبَعُ فِقْراتٍ، سَنَشْرَحُها حَسْبَ ذِكْرِها في الحديثِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى.
الأُولَى: ((لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ)):
فُسِّرَ بعِدَّةِ تَفَاسِيرَ، ولكنَّ أحْسَنَها وأقْرَبَها إلى الصَّوابِ ما يَأْتِي:
قالَ الوَزِيرُ: اتَّفَقُوا على أنَّهُ لا يَجُوزُ بَيْعٌ وسَلَفٌ، وهو أنْ يَبِيعَ الرجُلُ السِّلْعَةَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ قَرْضاً.
قالَ ابْنُ القَيِّمِ: لأنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلى أنْ يُقْرِضَهُ أَلْفاً، ويَبِيعَهُ سِلْعَةً تُساوِي ثَمَانِمِائةٍ بألْفٍ أُخْرَى، فيَكُونَ قَدْ أعْطاهُ أَلْفاً وسِلْعَةً بثَمانِمائةٍ، وأخَذَ منه ألْفَيْنِ، وهذا عَيْنُ الرِّبا، فلولا هذا البيعُ ما أقْرَضَهُ، ولولا عَقْدُ القَرْضِ مَا اشْتَرَى ذلك.
الثانيةُ: ((وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ)):
فُسِّرَ بعِدَّةِ تَفَاسِيرَ منها تَفْسِيرُ الحَنَابِلَةِ، بأنْ يَشْتَرِطَ المُشْتَرِي على البَائِعِ أنْ يُفَصِّلَ الثَّوْبَ المَبِيعَ ويَخِيطَهُ، فَلاَ يَصِحُّ؛ لأنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ، والحديثُ يَنْهَى عن ((شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ)).
وأحْسَنُ من هذا التفسيرِ وغَيْرِهِ التفسيرُ الآتي:
قالَ ابْنُ القَيِّمِ: الشَّرْطانِ في بَيْعٍ فُسِّرَ بقَوْلِ البَائِعِ: خُذْ هذهِ السِّلْعَةَ بعَشَرَةٍ نَقْداً، وآخُذُها مِنْكَ بعِشْرِينَ نَسِيئَةً.
وهي مَسْألَةُ العِينَةِ بعَيْنِها، وهذا هو المَعْنَى المطابِقُ للحديثِ، فإذا كانَ مَقْصُودُهُ الدَّراهِمَ العَاجِلَةَ بالآجلةِ، فهو لا يَسْتَحِقُّ إلاَّ رَأْسَ مَالِهِ، وهو أَوْكَسُ الثَّمَنيْنِ، ولا يَحْتَمِلُ غيرَ هذا المعنَى، وهذا هو الشرطانِ في البيعِ.
وإذا أَرَدْتَ أنْ يَتَّضِحَ لكَ المعنَى فتَأَمَّلْ نَهْيَهُ عن:
-بَيْعتَيْنِ في بَيْعَةٍ.
-وعن سَلَفٍ وبَيْعٍ.
-وعن شَرْطَيْنِ في بَيْعٍ.
فكِلاَ الأمْرَيْنِ يُتَوَصَّلُ بهِ إلى الرِّبا.
الثالثةُ: ((وَلاَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ)):
فُسِّرَ بعِدَّةِ تَفَاسِيرَ، ولكنَّ أَحْسَنَها هو أنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ المُعَيَّنَةَ المُشْتراةَ قَبْلَ قَبْضِها ويَرْبَحَ فيها، فقَدْ تَقَدَّمَ لنا أنَّ المُشْتَرِيَ لا يَصْلُحُ له أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ المُشْتَرَاةَ إلاَّ بعدَ قَبْضِها؛ لأنَّها لا تَزَالُ في ضَمَانِ البَائِعِ لو تَلِفَتْ، فإذا باعَها قبلَ قَبْضِها فقَدْ رَبِحَ في سِلْعَةٍ لَيْسَ عليهِ ضَمَانُها لو تَلِفَتْ، وهو لا يَجُوزُ، وهذا معنَى قولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ((الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ)) رواهُ أَحْمَدُ ( 23091 ).
الرابعةُ: ((وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)):
يعني في مِلْكِكَ، أو وِلايَتِكَ، يُفَسِّرُ هذهِ الجُملةَ حَدِيثُ حَكِيمِ بنِ حِزَامٍ، وهو ما أَخْرَجَهُ النَّسائِيُّ ( 4534 ) قالَ: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ! يَأْتِينِي الرَّجُلُ فيُرِيدُ مِنِّي البَيْعَ ليسَ عندِي، فأبْتَاعُهُ له من السُّوقِ؟ " فقالَ: ((لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)).
لكنْ قالَ الإمامُ الخَطَّابِيُّ: يُرِيدُ بَيْعَ العَيْنِ دُونَ بَيْعِ الصِّفَةِ، أَلاَ تَرَى أنَّهُ أجَازَ السَّلَمَ، وهو بَيْعُ مَا لَيْسَ عندَ البائعِ.
قالَ مُحَرِّرُهُ: وهذهِ يَغْلَطُ فيها كَثِيرٌ مِن طُلاَّبِ العِلْمِ، يَجْعَلُونَ بَيْعَ الأعْيَانِ كبَيْعِ الموصوفِ في الذِّمَّةِ في الحُكْمِ، وهذا غيرُ صَحِيحٍ، فالمُتَعَلِّقُ يَخْتَلِفُ، فإنَّ مُتَعَلِّقَ المَوصوفِ المُعَيَّنِ عينُ المَبيعِ، وأمَّا مُتَعَلِّقُ المَوصوفِ الذي لَمْ يُعَيَّنْ فهو الذِّمَّةُ.
ولذا قالَ في ( شَرْحِ الإِقْناعِ): ويَصِحُّ البَيْعُ بالصِّفَةِ وهو نَوْعانِ:
أحدُهما: بَيْعُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ: كبَعْتُكَ عَبْدِيَ التُّرْكِيَّ. ويَذْكُرُ صِفَاتِهِ، فهذا يَنْفَسِخُ العَقْدُ عليهِ بتَلَفِهِ قبلَ قَبْضِهِ؛ لزوالِ مَحَلِّ العَقْدِ.
الثاني: بَيْعُ مَوْصوفٍ غيرِ مُعَيَّنٍ ويَصِفُهُ بأنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ عَبْداً تُرْكِيًّا ثُمَّ يَسْتَقْصِي صِفَاتِهِ، فمَتَى سَلَّمَ البائِعُ إليهِ عَبْداً على غَيْرِ مَا وَصَفَهُ له فَرَدَّهُ المُشْتَرِي على البائِعِ، لَمْ يَفْسَدِ العَقْدُ برَدِّهِ؛ لأنَّ العَقْدَ لَمْ يَقَعْ علَى عَيْنِهِ بخِلافِ النوعِ الأوَّلِ.
قالَ الشيخُ عَبْدُ الرحمنِ السَّعْدِيُّ: الذي يَمْنَعُ بَيْعَ المَوْصوفِ في الذِّمَّةِ ويَحْتَجُّ بحديثِ: ((وَلاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)) احتجاجُهُ فيه نَظَرٌ، فالحديثُ يَدُلُّ على مَنْعِ بَيْعِ العَيْنِ التي في مِلْكِ غَيْرِهِ، أمَّا الموصوفُ في الذِّمَّةِ فلا أَرَى دُخولَهُ في هذا الحديثِ، وهو المَذْهَبُ عندَ الأصحابِ كُلِّهم.
قرارُ المَجْمَعِ الفِقْهِيِّ بشَأْنِ القَبْضِ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ.
إنَّ مَجْلِسَ مَجْمَعِ الفِقْهِ الإِسْلامِيِّ المُنْعَقِدَ في دَوْرَةِ مُؤْتَمَرِهِ السَّادِسِ بجُدَّةَ في المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعودِيَّةِ، من 17 إلى 23 شعبانَ 1410هـ الموافقِ 14-20 آذارَ ( مَارِسَ ) 1990م بعدَ اطِّلاعِهِ على البُحوثِ الوَارِدَةِ إلى المَجْمَعِ بخُصوصِ مَوْضُوعِ " القَبْضِ:صُوَرِهِ، وبخَاصَّةٍ المُسْتَجَدَّةِ منها وأحْكَامِها " واسْتِمَاعِهِ للمُناقَشاتِ التي دَارَتْ حَوْلَهُ،
قَرَّرَ:
أوَّلاً: قَبْضُ الأَمْوالِ كما يَكُونُ حِسِّيًّا في حَالَةِ الأَخْذِ باليَدِ، أو الكَيْلِ أو الوَزْنِ في الطَّعَامِ، أو النَّقْلِ والتَّحويلِ إلى حَوْزَةِ القَابِضِ، يَتَحَقَّقُ اعتباراً وحُكْماً بالتَّخْلِيَةِ معَ التَّمْكِينِ من التصَرُّفِ، ولو لَمْ يُوجَدِ القَبْضُ حِسًّا، وتَخْتَلِفُ كَيْفِيَّةُ قَبْضِ الأشياءِ بحَسْبِ حَالِها واختلافِ الأعرافِ فيما يَكُونُ قَبْضاً لها.
ثانياً: أَنَّ مِن صُوَرِ القَبْضِ الحُكْمِيِّ المُعْتَبَرَةِ شَرْعاً وعُرْفاً:
1-القَيْدَ المَصْرِفِيَّ لمَبْلَغٍ مِن المالِ في حِسَابِ العَميلِ في الحَالاتِ التاليةِ:
( أ ) إذا أُودِعَ في حِسَابِ العميلِ مَبْلغٌ مِن المالِ مُباشَرَةً، أو بحِوَالَةٍ مَصْرِفِيَّةٍ.
( ب ) إذا عَقَدَ العميلُ عَقْدَ صَرْفٍ نَاجِزٍ بينَهُ وبينَ المَصْرِفِ في حَالِ شِرَاءِ عُمْلَةٍ بعُمْلَةٍ أُخْرَى لحِسَابِ العَميلِ.
( ج ) إذا اقْتَطَعَ المَصْرِفُ بأمْرِ العَميلِ مَبْلغاً مِن حِسابٍ له إلى حِسَابٍ آخَرَ بعُمْلَةٍ أُخْرَى، في المَصْرِفِ نَفْسِهِ أو غَيْرِهِ، لصَالِحِ العَميلِ أو لمُسْتَفِيدٍ آخَرَ، وعلى المَصَارِفِ مُراعَاةُ قَواعِدِ عَقْدِ الصَّرْفِ في الشَّريعةِ الإسلامِيَّةِ، ويُغْتَفَرُ تَأْخِيرُ القَيْدِ المَصْرِفِيِّ بالصُّورةِ التي يَتَمَكَّنُ المُسْتَفِيدُ بِهَا مِن التسَلُّمِ الفِعْلِيِّ، للمُدَدِ المُتعارَفِ عليها في أسواقِ التعامُلِ، على أنَّهُ لا يَجُوزُ للمُسْتفيدِ أَنْ يَتَصَرَّفَ في العُمْلَةِ خِلالَ المُدَّةِ المُغْتَفَرَةِ إِلاَّ بعدَ أَنْ يَحصُلَ أثَرُ القَيْدِ المَصْرِفِيِّ بإمكانِ التسَلُّمِ الفِعْلِيِّ.
2-تَسَلُّمَ الشِّيكِ إذا كانَ له رَصِيدٌ قَابِلٌ للسَّحْبِ بالعُمْلةِ المَكْتُوبِ بها عندَ استيفائِهِ، وحَجَزَهُ المَصْرِفُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, شروطه

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir