1/610 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ، إلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْماً فَلْيَصُمْهُ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إطْلاقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى شَهْرِ رَمَضَانَ.
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مَرْفُوعاً: ((لا تَقُولُوا: جَاءَ رَمَضَانُ؛ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعالَى, وَلَكِنْ قُولُوا: جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ)) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لا يُقَاوِمُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ.
(بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إلاَّ رَجُلٌ) كَذَا فِي نُسَخِ بُلُوغِ المَرَامِ وَلَفْظُهُ فِي البُخَارِيِّ: ((إلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ)). قَالَ المُصَنِّفُ:"يَكُونَ" تَامَّةٌ, أَيْ: يُوجَدَ رَجُلٌ.
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: ((إلاَّ رَجُلاً)). قُلْتُ: وَهُوَ قِيَاسُ العَرَبِيَّةِ؛ لأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ مِنْ مَذْكُورٍ. (كَانَ يَصُومُ صَوْماً فَلْيَصُمْهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
الحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ قَبْلَ رَمَضَانَ,قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ رِوَايَةِ الحَدِيثِ: وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ, كَرِهُوا أَنْ يَتَعَجَّلَ الرَّجُلُ الصِّيَامَ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ لِمَعْنَى رَمَضَانَ. انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: لِمَعْنَى رَمَضَانَ. تَقْيِيدٌ لِلنَّهْيِ بِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الصَّوْمِ احْتِيَاطاً, لا لَوْ كَانَ صَوْماً مُطْلَقاً كَالنَّفْلِ المُطْلَقِ وَللنَّذْرِ وَنَحْوِهِ.
قُلْتُ: وَلا يَخْفَى أَنَّهُ بَعْدَ هَذَا التَّقْيِيدِ يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِأَيِّ صَوْمٍ كَانَ,وَهُوَ خِلافُ الظَّاهِرِ مِن النَّهْيِ فَإِنَّهُ عَامٌّ لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ إلاَّ صَوْمَ مَن اعْتَادَ صَوْمَ أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ وَوَافَقَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ, وَلَوْ أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّوْمَ المُقَيَّدَ بِمَا ذَكَرَ لَقَالَ: إلاَّ مُتَنَفِّلاً أَوْ نَحْوَ هَذَا اللَّفْظِ.
وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ؛ لأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ عَلَّقَ الدُّخُولَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ هِلالِهِ فَالمُتَقَدِّمُ عَلَيْهِ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ أَمْراً وَنَهْياً.
وَفِيهِ إبْطَالٌ لِمَا يَفْعَلُهُ البَاطِنِيَّةُ مِنْ تَقَدُّمِ الصَّوْمِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ قَبْلَ رُؤْيَةِ هِلالِ رَمَضَانَ, وَزَعْمِهِمْ أَنَّ اللاَّمَ فِي قَوْلِهِ: ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ)). فِي مَعْنَى: مُسْتَقْبِلِينَ لَهَا؛ وَذَلِكَ لأَنَّ الحَدِيثَ يُفِيدُ أَنَّ اللاَّمَ لا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَى هَذَا المَعْنَى وَإِنْ وَرَدَتْ لَهُ فِي مَوَاضِعَ.
وَذَهَبَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إلَى أَنَّ النَّهْيَ عَن الصَّوْمِ مِنْ بَعْدِ النِّصْفِ الأَوَّلِ مِنْ يَوْمِ سَادِسَ عَشَرَ مِنْ شَعْبَانَ؛لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً: ((إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا)) أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَغَيْرُهُمْ.
وَقِيلَ: إنَّهُ يُكْرَهُ بَعْدَ الِانْتِصَافِ وَيَحْرُمُ قَبْلَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. وَقَالَ آخَرُونَ: يَجُوزُ مِنْ بَعْدِ انْتِصَافِهِ وَيَحْرُمُ قَبْلَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. أَمَّا جَوَازُ الأَوَّلِ؛ فَلأَنَّهُ الأَصْلُ,وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ضَعِيفٌ، قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: إنَّهُ مُنْكَرٌ.وَأَمَّا تَحْرِيمُ الثَّانِي؛ فَلِحَدِيثِ الكِتَابِ, وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ.