6/458 - وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الأَمْرُ الَّذِي دَاوَمَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلِيفَتَاهُ، وَاسْتَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الصَّلاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ.
وَقَدْ نُقِلَ الإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدَيْنِ، وَمُسْتَنَدُهُ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيدَ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالَ: ((إِنَّا نَخْطُبُ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ))، فَكَانَتْ غَيْرَ وَاجِبَةٍ، فَلَوْ قَدَّمَهَا لَمْ تُشْرَعْ إعَادَتُهَا، وَإِنْ كَانَ فَاعِلاً خِلافَ السُّنَّةِ.
وَقَد اخْتُلِفَ مَنْ أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلاةِ؛ فَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ مَرْوَانُ، وَقِيلَ: سَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ عُثْمَانُ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلاةِ عُثْمَانُ؛ أَيْ: صَلاةِ الْعِيدِ.
وَأَمَّا مَرْوَانُ؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَدَّمَ الْخُطْبَةَ؛ لأَنَّهُ قَالَ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ: إنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاةِ، قِيلَ: إنَّهُمْ كَانُوا يَتَعَمَّدُونَ تَرْكَ سَمَاعِ خُطْبَتهِ لِمَا فِيهَا مِنْ سَبِّ مَنْ لا يَسْتَحِقُّ السَّبَّ، وَالإِفْرَاطِ فِي مَدْحِ بَعْضِ النَّاسِ.
وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَن ابْنِ جُرَيْجٍ عَن الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ الصَّلاةِ فِي الْعِيدِ مُعَاوِيَةُ. وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ؛ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ مُخَالِفٌ لِهَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَد اعْتُذِرَ لِعُثْمَانَ بِأَنَّهُ كَثُرَ النَّاسُ فِي الْمَدِينَةِ وَتَنَاءَتِ الْبُيُوتُ، فَكَانَ يُقَدِّمُ الْخُطْبَةَ؛ لِيُدْرِكَ مَنْ بَعُدَ مَنْزِلُهُ الصَّلاةَ، وَهُوَ رَأْيٌ مُخَالِفٌ لِهَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.